الفصل 12 (روح حرة)

369 17 6
                                    

أشرقت شمس يوم جديد وفتحت حور عينيها لتجد مصطفى يحدق بها وهو لا يزال يطوقها بذراعيه. احمرار عينيه أنبأها بأنه لم ينم ليلة أمس. مسح على وجهها بيده وقال بحب: صباح الخير يا حور.

ردت حور عليه التحية بجفاء وهي تهم بالابتعاد عنه، فتمسك بها بقوة مما جعلها تلتفت نحوه بغضب، لكنها سيطرت على انفعالها وقالت: ما بك؟ ماذا هناك؟

رد مصطفى بهدوء قائلًا: اهدئي ... أريد فقط التحدث معكِ.

شعرت حور بالخوف خشية أن يكون قد غير رأيه، فقالت بريبة: لا تحاول المماطلة من جديد ... لا تدعنا نعود لنقطة الصفر أرجوك ... لقد تعبت من الحديث في الأمر.

أومأ مصطفى برأسه نافيًا وقال: الأمر ليس كذلك ... اطمئني.

لم يكن كلامه يطمئنها فقد خشيت أن يكون يماطلها بطريقة جديدة ويريد تأخيرها وحسب، فبدأت تلتفت حولها حتى أمسكت بالهاتف وهي تسأل كم الساعة وعندما رأت بأنها التاسعة صباحًا اطمأنت، فعقب قائلًا: لا زال الوقت مبكرًا ... لا تقلقي.

همت بالنهوض من جديد، فأمسك بيدها. أرادت أن تصرخ به، لكنها تمالكت نفسها سريعًا وقالت: سأذهب إلى الحمام ... دعني.

ترك يدها، فخرجت متوجهة إلى الحمام وعادت بعد دقائق تجفف وجهها بالمنشفة وهو لا يزال جالسًا على السرير، فقالت: هلا خرجت قليلًا ريثما أبدل ملابسي؟

رفعت حور شعرها ولم تبالي هذه المرة برؤيته لمكان التشوه، ووقفت أمام المرآة تعقد شعرها استعدادًا لتبديل ثيابها، فتفاجأت به يقترب منها حتى طوق خصرها من الخلف وشرع بطبع قبلات على مكان التشوه، فحاولت الابتعاد والالتفات نحوه متسائلة: ما الذي تفعله؟

رد مصطفى بشجن وألم وهو لا يزال متمسكًا بها: ما كان يجب عليَّ فعله منذ أول يوم، ولكن غبائي منعني.

أبعدت حور يديه عنها بقوة والتفتت نحوه قائلة: لقد انتهى وقت الندم ولم يعد منه فائدة ... ما فعلته لا ينفع معه الندم ... ولا تستحق عليه فرصة أخرى ... لا تحاول استخدام شيء من حيلك الماكرة لتأجيل ما اتفقنا عليه ... دعنا ننهي الأمر بالمعروف حتى لا أريك وجهي الآخر مصطفى ... لقد صمت وصبرت وتحملت طوال فترة زواجي بك فقط كي لا أسمع كلمة واحدة تتهمني بالتقصير ... كي لا أكون آثمة ... كي أتجنب أي شبهة في حال تمنعت عنك أو عاندتك وخالفت ما تطلبه مني ... أما بعد كل ما حدث فالحق معي، ومن يجرؤ على التفوه بحرف يمسني سأقطع لسانه.

هز مصطفى رأسه مؤيدًا لكلامها وقال بألم وندم: نعم ... وأشهد بأنكِ كنت خير زوجة ... كنتِ أفضل مما أستحق ... لكنني لا زلت أطمع بفرصة أخرى تجمعنا يومًا ما ... لا زلت أطمع بحياة نعيشها معًا بعيدًا عن الماضي بأكمله ... أن نفتح صفحة جديدة يا حور.

دمعت عينا حور وقالت: لقد فات الأوان لذلك مصطفى ... كان عليك أن تفكر بحياتنا معًا من البداية ... منذ أن وقعت عقد زواجك بي ... كان عليك أن تفكر في كل مرة اتفقنا فيها على النسيان والبدء من جديد ... كان عليك أن تفكر بحياتنا معًا قبل أن تقوم بخيانتي في اليوم ذاته الذي اتفقنا فيه على بدء حياة جديدة معًا ... كان عليك أن تفكر بي وأنا جالسة أنتظرك في الخارج وأنت في الداخل تزني بها بكل وقاحة، ثم تأتي وتخبرني بأنك كنت تجري مكالمة عمل ... كان عليك أن تفكر بي وأنا بين ذراعيك بعد أن لمستها وكانت هي بين ذراعيك قبلي ... لو كان الأمر معكوسًا مصطفى وأخبرتك بأنني أخطأت كما فعلت أنت معي، وطلبت منك فرصة أخرى ماذا كنت ستفعل؟! ... هل أخبرك؟ ... لم أكن لأكون على قيد الحياة لأطلب فرصة أخرى ... كنت ستقتلني على الفور ... هل فهمت الآن مشاعري تجاهك مصطفى؟

عمرُ روحيWhere stories live. Discover now