الفصل 13 (ملتقى القلوب)

437 15 4
                                    

انتهت شهور العدة وعادت حور إلى رأس عملها بنشاط وحيوية. ربما لم تستعد بريق سعادتها السابق، ولكنها لا زالت تحاول. الهمسات هنا وهناك تزعجها، وتشعر بأن أي حديث خفي بين زميلاتها ينتهي عند اقترابها يكون عنها. ربما يكون صحيحًا، وربما تكون مخطئة وهذا ما كانت تقنع نفسها به بأنها باتت حساسة أكثر مما ينبغي.

بعد أيام من بداية دوامها تفاجأت أثناء خروجها من الشركة بوجود مصطفى الذي كان بانتظارها في سيارته، فارتبكت وحاولت الابتعاد عنه بسرعة إلا أنه لحق بها ووقف في طريقها يرجوها كي تستمع له. كانت تنظر من حولها وزميلاتها يحدقن بها أثناء خروجهن، فنظرت له وقالت بحنق: ما الذي تفعله هنا؟ بأي صفة أتيت لتتحدث معي؟

رد مصطفى بتلقائية: اشتقت إليك يا حور ... لم أركِ منذ ثلاثة أشهر ... علمت بأنكِ عدت إلى الشركة عندما اتصلت بأمك لأطمئن عليكِ.

هزت حور رأسها بتوعد قائلة: سأحاسبها على ذلك عند عودتي.

رد مصطفى برجاء: دعينا نذهب لتناول الغداء في مكان ما أو لشرب القهوة حتى ... من فضلك ... أريد التحدث معكِ.

اقترب منها خطوة، فابتعدت خطوتين قائلة: لا تقترب ... لا يوجد بيننا حديث ولا لقاء ... تعلم جيدًا حساسية الأمر بيننا ... قدومك إلى هنا سيثير النميمة بين الناس بشأني ... هل تذكر ما فعلته في المطعم عندما أحرجتني بتصرفك أمام الناس هناك؟ لقد غادرت المكان يا مصطفى ... إن حدث وشعرت بالحرج مع زملائي بسببك ستتسبب بتركي لوظيفتي ... أهذا ما تريده؟

أومأ مصطفى برأسه نافيًا وقال: كلا يا حور ... لا أريد سوى راحتك وسعادتك صدقيني ... كل ما أريده أن نجلس ونتحدث معًا بين الحين والآخر ... لا أكثر من ذلك.

انسابت دموعها بألم وقهر قائلة: لا يمكنني ... ألا تفهم؟! ... رؤيتك تؤلمني ... تجعل قلبي يعتصر قهرًا وحسرة ... دعني وشأني من فضلك ... بالكاد بدأت أتعافى مما أنا فيه ... ليس لي متنفس سوى عملي فلا تسلبني إياه ... أرجوك.

حاول مصطفى تخفيف حدة اعتراضها قائلًا: أعلم بأنكِ لا زلت بحاجة لمزيد من الوقت ... كل ما أريده أن نلتقي بين الحين والآخر ونتحدث ... أريد رؤيتك وحسب يا حور.

ردت حور بشراسة: وأنا لا أريد رؤيتك ... مطلقًا ... لأنني كلما رأيتك أتذكر كل ما فعلته بي.

مرت من جانبها إحدى زميلاتها، فأشاحت حور بوجهها خشية أن ترى الدموع التي في عينيها؛ فقد لاحظت بأن الجميع يراقبهما من بعيد أثناء خروجهم بفضول تام، ففي النهاية زميلتهم المطلقة التي انتهت عدتها منذ أيام تقف مع رجل غريب وتتبادل معه الحديث.

خرج مديرها من الشركة ولاحظ تحدثها بانزعاج مع مصطفى، ولم يكن يدرك هويته؛ فهي لم تشارك أي صورة له على وسائل التواصل الاجتماعي مما دفعه للاقتراب متسائلًا: حور! هل هناك مشكلة؟

عمرُ روحيWhere stories live. Discover now