الفصل 67 (ملاك وشيطان)

262 10 11
                                    

لا تنسوا التصويت 🙏💌

وصل أوس إلى الشركة بعد أن أنهى العمل على ناقلة البيانات التي طلبها منه جواد وسلمها لرنا. هم بدخول مكتبه، فوجده مغلقًا والمفتاح الذي بحوزته لا يدخله، فاستغرب الأمر وعاد أدراجه نحو مكتب ليان متسائلًا بحنق: لمَ مكتبي مغلق؟ والمفتاح لا يفتحه ... ما الأمر؟
أجابت ليان ببرود وهي تحدق بشاشة حاسوبها: لم يعد مكتبك ولم يكن كذلك ... كان محض وضع مؤقت كما تعلم ... تم تجهيز مكتب جديد لك في داخل القسم وتم نقل كل ما يخصك إليه وها هو المفتاح الجديد.
عقد أوس حاجبيه باستغراب واستنكار، فأي مكتب هذا الذي تم تجهيزه بين ليلة وضحاها؟! توجه إلى هناك ينظر من حوله ليجد بأنهم وضعوه في زاوية القسم التي تم إغلاقها بجدارين من الزجاج. شعر بالغيظ الشديد ووقف يحدق بهذا المكان وهو يعتصر المفتاح بقبضته حتى أجفله صوت جواد القادم من خلفه وهو يتساءل بمكر: هل أعجبك مكتبك الجديد؟
التفت له أوس وأجاب بصوت منخفض غاضب: هذه فكرتك، أليس كذلك؟
ابتسم جواد ابتسامة جانبية وقال: أجل، يسرني بأنها أعجبتك. طلبت منهم أن ينتهوا منه قبل حلول الصباح.
ابتسم أوس بغضب قائلًا: تعلم بأنني لست مضطرًا للبقاء هنا ... يمكنني المغادرة الآن وترك موظفي هذا القسم في فوضى عارمة.
ابتسم جواد بثقة وقال: أعلم بأنك لست مضطرًا للبقاء ولا شيء يجبرك على ذلك ... لكن عليك أن تعلم بأن لكل خطأ ثمن وأنت أخطأت خطأ جسيمًا ... عدا عن هذا لا يمكن لمجموعة المصري أو أي شركة صغيرة فيها أن تعمها الفوضى لأن خلفها جبال قوية وعقول فذة والأهم من كل هذا ... توفيق الله.
أشار جواد بعينيه للمفتاح الذي بيد أوس قائلًا: الأمر بيدك ... إما أن تدخل وتكمل عملك وتبتعد عن أفعالك المشينة وتحترم مكان عملك ... وإما أن تخرج من هنا وقد خسرت أصحابك وأخزيت والدك أمامهم.
بدا على أوس الحيرة وطأطأ رأسه وإذا بوتين تتقدم منهما وتهتف قائلة: سيد جواد! أنا جاهزة.
التفت لها جواد وبالكاد استطاع إبعاد نظراته عنها فبالرغم من لباسها المحتشم وعدم وضعها للزينة إلا أنها جميلة وابتسامتها أكبر زينة لها. انطلق جواد نحو المصعد وهي تهرول خلفه كي تجاري خطواته الواسعة. وقف أمام المصعد، فوجدها لا زالت تهرول خلفه ويبدو على وجهها الحرج، فأغمض عينيه وتذكر زوجته التي كانت تغضب كلما سبقها في المشي، فيضطر لتخفيف سرعته كي يمشيا سويًا.
في الطريق كان الصمت سيد الموقف حتى قررت وتين أن تكسر هذا الجمود بفتح مجال للحديث بينهما وقد كان هو يتوق لذلك، ولكن كل شيء مسح من عقله وبات كصفحة بيضاء، ولم يجد جملة يبدأ بها حديثه حتى فعلت هي. كان في البداية يجيب باقتضاب كعادته، ولكن الحديث بينهما طال وبات مسترسلًا بالكلام معها، ولم يشعر كلاهما بالوقت حتى وجدا نفسيهما أمام قصر عائلة المصري.
-  ما شاء الله! يا له من قصر جميل وكبير!
-  إنه تصميم زين.
-  أذكر بأن حور أخبرتني بأنهم يعيشون في مبنى بسيط.
-  لقد انتقلوا مؤخرًا كي يبقوا معًا من أجل حور ... لا يسعها البقاء وحدها في شقتها أو الاستمرار بجعلها تتنقل بين شقتها وشقة أم يزيد.
-  أجل، أنت محق.
خرجا من السيارة وأوصلها حتى الباب حيث فتحت الخادمة ووجدت أم يزيد وأم حور تقفان لاستقبالها وكذلك حور التي تقف مستندة على عكازها وتحاول التقدم نحوهن. بعد أن سلموا عليها ودعوها للجلوس هرعت أم يزيد للخارج تنادي جواد، فاقترب منها متسائلًا رغم معرفته بما ستقوله.
-  إلى أين تهرب؟ هيا ادخل لتتناول الطعام معنا.
-  لدي عمل ... يمكنني تناول الطعام لاحقًا في غرفتي.
-  أنا لا أعلم حتى متى ينتهي عملك وتمكث في غرفتك ولا متى تأكل.
-  صدقيني آكل جيدًا ... لا تقلقي بشأني.
هم بالاستدارة ليهرب منها، فهتفت بحزم: جواد! إن لم تدخل الآن سأغضب منك صدقني.
تنهد جواد بتعب ومسح على وجهه، فابتسمت وجذبته من ذراعه ممازحة وهي تدعوه للدخول.
بعد حديث قصير بين وتين وحور بدأت بعض الذكريات تندفع أمامها وهتفت بابتسامة واسعة قائلة: أجل، تذكرت ... تذكرت الشجار أيضًا و ... آه ... أنا آسفة ... كل شيء أراه دفعة واحدة لذا ... لم أقصد.
ابتسمت وتين قائلة: لا عليكِ ... ماضي وانتهى ... سعيدة بأنكِ تذكرتني.
نهضت حور، فاقتربت منها أمها لتسندها، فهتفت بمرح قائلة: اسبقوني سأمشي وحدي على مهلي ... هيا.
توجهوا نحو مائدة الطعام في حين كان جواد يمشي بتمهل بقربها خشية أن تقع، فالتفتت له وابتسمت قائلة: أنا بخير ... البارحة مشيت وحدي ... لبضع خطوات.
ابتسم جواد قائلًا: لن أستغرب ... أنتِ قوية ويسعكِ فعلها.
ابتسمت حور وهي تحدق في الأرض عند موضع خطواتها وقالت: لم أكن أعلم بأنني بهذه القوة ... لا أنكر بأنني كنت خائفة من الذكريات ... أما الآن وبعد كل ما مررت به ولوجود زين بجانبي فلا أظن بأن هناك ما سيهمني أو سيتمكن من هزيمتي ... عندما أتذكر موقفًا معينًا تكون مشاعري قوية للغاية كأنه قد حدث للتو، ولكن عندما أهدأ أسأل نفسي لمَ كنت أحمل الأمر أكثر مما ينبغي؟!

عمرُ روحيحيث تعيش القصص. اكتشف الآن