الفصل 15 (توأم روحي)

415 11 7
                                    

وقفت تنظر لانعكاسها في المرآة وهي تشعر بقلبها يتضخم بين ضلوعها لسرعة دقاته. كأن الأيام الماضية كانت محض حلم وضرب من الخيال. ها هي تستعد بفستانها الأبيض الطويل المرصع بأحجار الياقوت الزرقاء، وحجابها ناصع البياض الذي زادها جمالًا فوق جمال.

قاطع تأملاتها دخول أمها إلى غرفتها التي أبلغتها مبتهجة بوصول المأذون. شابكت يديها بتوتر واضح وقد تسارعت دقات قلبها أكثر وأكثر، ثم أومأت لأمها بالإيجاب. تقدمت بهدوء وتبعت أمها حتى دخلتا إلى غرفة الضيوف حيث كان الجميع بانتظارها، ولكنها لم تنظر لأحد فلم يكن بوسعها التفكير أو التركيز لأن كل ما يدور في خلدها هو ذلك الوسيم الذي تعلقت نظراته بها فور دخولها وقد تهلل وجهه مبديًا ابتهاجه وحماسه. لم تكن نظراته وابتسامته تساعدها على الهدوء، بل زادتها توترًا وخجلًا.

أجلسوها بجانبه على الأريكة وقد التصقت عيناها بالأرض عند موضع قدميها في حين كان هو يرمقها بنظرات عاشقة بين الحين والآخر، وينتظر انتهاء عقد القران كي تصبح زوجته. بدأ المأذون بحديثه وكلاهما شرع يردد كلمات القبول، وما أن وقَّع كلاهما وانتهى الأمر تعالى صوت الزغاريد.

اقتربت منها أمه، فنهضت من مكانها وعانقتها، ثم اقتربت من ابنها وعانقته بدموع الفرح التي تلمع في مقلتيها. توالت بعدها التهاني من الأهل والأقارب المتواجدين وإذا به يقترب ويهمس لها قائلًا: متى يحين دوري؟ أنا أيضًا أريد عناقًا.

التفتت نحوه وقد اتسعت عيناها والابتسامة تشق شفتيها الجميلتين. كلا والدتيهما سعيدتين للغاية برؤية هذه السعادة في عينيهما، فكم كانت تخشى كل منهما على فلذة كبدها من الوحدة في هذه الحياة!.

اقتربت والدة زين ومعها علبة المجوهرات طالبة منه أن يلبسها لحور. نظر زين لأمه وقال ممازحًا: هي لم تسلم عليَّ حتى الآن .. لا زلت أنتظر دوري يا أمي.

ضحك الجميع، فنظرت أم حور لابنتها وحثتها لتسلم عليه. مدت حور يدها باستحياء لتصافحه، فابتسم زين وأمسك بيدها ورفعها نحو شفتيه يقبلها تحت نظراتها المندهشة، ولم يكتفِ بهذا، بل جذبها إليه وعانقها بقوة. اجتاحتها الدهشة وبقيت ساكنة بين ذراعيه، وانتابها شعور غريب للغاية لم تشعر به من قبل، ولكنه كان مزيجًا عجيبًا من الأمان والسكينة والطمأنينة. راقها ذلك الشعور بشدة وتمنت لو يدوم هذا العناق لأطول وقت ممكن إلا أن ضحكات من حولهم ونظراتهم لهما أشعرتها بالخجل، لذا همست له قائلة:

- زين!

- نعم يا روح زين.

ابتسمت حور قائلة: إنهم ينظرون لنا.

ابتعد قليلًا حتى تقابلت عيناهما، لكنه أبقى خصرها حبيس ذراعيه، ثم قال: وإن يكن .. فلينظروا.

طأطأت رأسها بخجل وهي تهتف باسمه، فضحك بخفوت، ثم همس لها قائلًا: حسنًا، سأبتعد مؤقتًا فقط.

عمرُ روحيWhere stories live. Discover now