الفصل 22 (النصيب الجميل)

324 11 2
                                    

وقفت ليان أمام الثلاجة تتفقد محتوياتها وتفكر بما عليها أن تعده من أجل العشاء. هناك لحم، ودجاج، وخضار والكثير مما قد تستخدمه للطهي، ولكنها مرهقة وتشعر بالكسل، وتريد إعداد شطيرة سريعة لتتناولها.

تنهدت بإحباط قائلة: لا يوجد شيء يصلح للفطور أو حتى عشاء خفيف ... هل حقًا سيقومون بدعوتي لتناول العشاء معهم؟! هذا محرج للغاية.

ارتدت ليان عباءتها وعقدت حجابها وقررت أن تذهب لأقرب بقالة كي تشتري بعض الأشياء. خرجت من الشقة ونظرت نحو باب شقتهم بتردد، ثم قالت: لا ... سأسأل أي شخص من المارة وانتهى الأمر.

خرجت ليان وسألت حارس البناية عن أقرب بقالة، فأرشدها إليها وقد كانت في نهاية الشارع، لذا مشت إلى هناك وهي تنظر من حولها كي تحفظ الطريق. دخلت إلى المتجر وبدأت تتجول فيه، وتأخذ كل ما تحتاجه، ولم توفر شيئًا حتى الوجبات الخفيفة والحلويات التي تعشقها والعصائر وغيرها. انتهت من دفع الحساب وخرجت لتجد بأن الشمس قد غابت وبالكاد هناك خيوط تبعث بعض الضوء. شعرت بالتوتر وأدركت بأنها ستكمل طريقها وقد حل الليل في هذه المدينة الغريبة.

وصلت ليان إلى المبنى وهي تحمل مشترياتها. لم تجد حارس المبنى واقتربت من الباب، فوجدت الظلام دامس في الداخل مما جعلها تشعر ببعض الخوف. استجمعت شجاعتها ودخلت وهي تتلفظ بالبسملة وبعد لحظات من محاولتها التقدم باتجاه المصعد بسرعة كي تتخلص من هذا الظلام سمعت صرخة مدوية رافقها صوت ارتطام، وشعرت بشيء خفيف اصطدم بها، فصرخت بفزع وألقت ما في يدها محاولة التراجع بخطواتها للخلف، فوقعت أرضًا.

كان زيد قد خرج من سيارته ودخل يبحث عن حارس المبنى ليسأله لماذا لم يصلحوا مصابيح الإضاءة حتى الآن، فسمع صوت صراخ ليان وهرع باتجاه الصوت مستعينًا بضوء هاتفه، فوجد فتاة مكتسية بالسواد وحولها بعض المشتريات المتناثرة. جثا بقربها يسألها إن كانت بخير، فرفعت رأسها وقد منعتها الإضاءة المسلطة على وجهها من رؤية وجهه، ودفعتها لرفع يدها أمام وجهها، لتقول ببكاء: سمعت صرخة أحدهم وشيء ارتطم بي.

ضم زيد شفتيه بحنق وقال بهدوء: لا تخافي ... هل أنتِ بخير؟ هل تأذيتِ؟

ردت ليان وهي تنظر للمشتريات من حولها قائلة: بخير ... لكن لا أدري ماذا كان ذلك الصراخ.

وجه زيد إضاءة هاتفه في الأنحاء، فرأى كرة قدم وإذا به يهتف بصوت مرتفع قائلًا: اخرج أيها العفريت قبل أن آتي وأمسك بأذنيك.

ارتعدت أوصال ليان وكررت كلمة عفريت بذعر، فابتسم زيد وهمس لها قائلًا: إنه ابن الجيران هنا ... يفتعل هذه المقالب بين الحين والآخر خاصة في الأيام الماضية عندما تكون الإضاءة معطلة.

هتف زيد مجددًا بحزم طالبًا منه الخروج، فأتى طفل في عمر العاشرة بعد أن نزل الدرج مهرولًا. وقف زيد وأمسك بأذنه قائلًا: كم مرة أخبرتك ألا تفزع الناس بهذه الطريقة؟!

عمرُ روحيWhere stories live. Discover now