الفصل 5 (فرصة أخرى)

361 14 1
                                    

عاد مصطفى إلى المنزل وتناول العشاء برفقة حور وطفليه. كانت حور قد لاحظت من قبل بأنه يحب طفليه، ويبتسم لهما، ويسألهما عن حالهما ودراستهما، ولكنه في الوقت ذاته بارد تجاههما. تساءلت إن كانت هذه طبيعته، وإن كان هو شخص لا يجيد أو لا يحبذ التعبير عن عواطفه.

هي فتاة ناضجة وتعلم جيدًا بأن تلك الحياة الرومانسية الوردية ليست موجودة إلا في المسلسلات والروايات. لم ترفع سقف توقعاتها بشأن حياتها مع مصطفى، ولكنها في الوقت ذاته لم تتخيل أنها لن تنال الحد الأدنى من المشاعر والاهتمام. كل ما تريده هو الحد الأدنى فقط. ليست متطلبة وليست فتاة حالمة. لا تريد عشاء على ضوء الشموع، ولا قصائد غزل، ولا رحلات خيالية. كل ما تنشده هو بعض الحب وقليلًا من الاهتمام لا أكثر.

أثناء غسلها الأطباق تفاجأت به يخبرها بجمود أن حفل خطبة ابنة عمه الصغرى مساء غد الجمعة، ويريدها بالطبع أن ترافقه هي وطفليه، وطلب منها ارتداء فستان جميل.

نظرت له وسألته قائلة: أين سيقام الحفل؟ في أي قاعة؟

رد ببروده المعتاد: ليس في قاعة ... في حديقة منزل عمي ... سيكون محض حفل عائلي لا أكثر بمناسبة عقد القران.

أدركت حور بأنها سترى ريم فهي أخت العروس بالطبع، وستكون في أبهى حلة، لذا يريدها أن ترتدي فستانًا وتتأنق.

أنهت عملها وتأكدت من نوم الطفلين، ثم توجهت إلى غرفة نومها لتجده يستعد للنوم وهو يوليها ظهره كعادته. بدلت ثيابها ووضعت شيئًا من مستحضرات الترطيب، ثم استلقت بجانبه. ترددت كثيرًا فيما ستقوله، لكن لا بد لها من فعلها فهي لا تريد مواجهة أخرى مع ريم، ولا ترغب برؤيتهما يتبادلان النظرات ويتصافحان أمامها أو يلتقطان الصور معًا من أجل طفليهما كما حدث في مناسبة سابقة. كم شعرت بالخجل والحرج حينها عندما بقيت تقف وحدها وهم يلتقطون الصور كعائلة واحدة. شعرت بأنها هي الدخيلة، وبأنها حقًا في مكان لا تنتمي إليه مطلقًا.

نامت على جنبها تنظر إلى ظهره، ثم نادته قائلة: مصطفى.

همهم معلنًا سماعها لتكمل حديثها، فأردفت قائلة: هل يمكنني الاعتذار عن الذهاب إلى الحفل غدًا؟

عقد مصطفى حاجبيه وقال: بالطبع لا، بماذا سأجيبهم عندما يتساءلون عن سبب عدم حضورك لمناسبة عائلية كهذه؟ الأمر ليس قابلًا للنقاش.

أدركت بأنه لا فائدة، فانسابت دموعها بصمت إلا أنه علم بأنها تبكي. هو يعرف جيدًا ما بها ويتجاهل الأمر. كل ما يسيطر على تفكير هو إثارة غيرة ريم وجعلها تندم على تركها له. نعم يحب ريم، لكنه في الوقت ذاته شخص أناني في الحب لأن كرامته ونزعته الذكورية هي المسيطرة، فكيف عساه يكون مع من لا يحب؟!

استجمعت حور شجاعتها لتتحدث معه ... تريد فرصة ثانية حقيقية معه ... ترغب حقًا بأن يحاولا إنجاح هذا الزواج ليحصل كلاهما على الراحة ... لكن عليها أن تتحدث ويتفقا ... فما قاله لها بشأن النسيان والبدء من جديد ليس كافيًا.

عمرُ روحيWhere stories live. Discover now