الفصل 21 (على موعد مع الحب)

348 10 2
                                    

وصلت ليان برفقة السيدة فاتن - زوجة مديرها - والخادمة والسائق لمساعدتها في أخذ أمتعتها. لم تكن السيدة فاتن بغريبة عنها فقد التقتها عدة مرات خلال حياتها، وآزرتها هي ووالدتها عند وفاة أبيها ولاحقًا عند وفاة أمها. هي سيدة في الخمسينيات من عمرها أنيقة وراقية ولم ترى منها سوى الطيبة واللطف.

حزمت ليان أمتعتها بمساعدة الخادمة بأسرع وقت ممكن، وحرصت على أخذ صورة لوالديها وألبوم الصور الخاص بعائلتها، ثم توجهوا نحو الخارج وقبل أن تخرج من الشقة نظرت من حولها وقد انهمرت دموعها رغمًا عنها فها هي تودع البيت الذي ولدت وترعرعت فيه والذي يحمل ذكرياتها مع والديها. لم تتخيل بأنها ستغادر بيتها وتهجره بهذا الشكل، ولكنها مضطرة لذلك لتنجو بنفسها من بطش القريب قبل الغريب.

أغلقت الباب، ثم نظرت للسيدة فاتن وقالت بألم: لا أدري إن كان عليَّ الذهاب لأودع زوجة عمي أم لا ... ستصر على معرفة مكان ذهابي ... وإن كان ابنها هناك ستحدث مشكلة ولن يدعني أخرج.

ربتت فاتن على كتفها قائلة: لا داعي لهذا الوداع ... لنغادر مباشرة ويمكنك الاتصال بها لاحقًا وإبلاغها بمغادرتك ومن ثم قومي بإغلاق هاتفك وغيري رقمك.

أومأت ليان بالإيجاب وهي تمسح دموعها بيدها وتبعا السائق والخادمة الذين يحملان الحقائب استعدادًا للخروج من البناية. أثناء توجهها برفقة السيدة فاتن إلى السيارة تبعها حارس البناية يناديها متسائلًا عن وجهتها بعد أن رآها تغادر بهذا الشكل، فرمقته السيدة فاتن بحنق من تدخله في حين أجبرت ليان شفتيها على رسم ابتسامة لطيفة قائلة: سأنتقل من هنا ... أحتاج لأبتعد لفترة بسبب الظروف التي مررت بها يا عم درويش.

ذلك الرجل الكهل الذي اعتادت أن تعامله بطيبة كما كان يفعل والديها كان طيبًا، لكنه فضولي أيضًا، وبات الآن يريد معرفة أين ستسكن ومع من؛ فهي في النهاية فتاة وحيدة ولا يمكنها أن تسكن وحدها، فارتبكت ليان لأنها بالفعل ستذهب لتعيش وحدها، وإن علم سواء ابن عمها أو الجيران فلن يدعوها وشأنها وحينئذ ستبدأ الشائعات.

تقدمت السيدة فاتن لتعفيها من الإجابة وقالت بحزم وهي ترمق درويش بشيء من الحدة قائلة: ستسكن معي ... ليان بمثابة ابنتي فقد كنت مقربة من أمها.

ازداد فضول درويش فهو لا يعلم من هذه المرأة التي يصرخ كل شيء فيها بالثراء، فمن أين ستعرف والدة ليان؟! لا ينكر بأنه رآها من قبل، ولكنه لا يذكر من تكون، وإن كان من الصواب أن تسكن ليان معها. هل لديها أبناء ذكور؟ ما هي أخلاقهم، وهل ستكون ليان معهم في أمان أم لا؟!

أدركت السيدة فاتن بفطنتها ما يدور في ذهنه لتجيبه قبل أن يسأل: لدي ابنة في عمرها وستستمتعان بقضاء الوقت معًا.

أتبعت جملتها تلك بالنظر إلى ليان طالبة منها ركوب السيارة بسرعة، فألقت ليان تحية الوداع بسرعة، واستغلت طلب السيدة فاتن كي تهرب من العم درويش وفضوله لأن ما قد يعرفه سيشكل خطرًا عليها، وسيجعل مروان يصل إليها وهذا ما لا تريده أبدًا، لذا كلما قل ما يعرفه فهذا أكثر أمانًا.

عمرُ روحيWhere stories live. Discover now