الفصل 6 (كابوس مظلم)

365 17 6
                                    

كان زين على وشك الخروج من شركته بعد أن أنهى جميع الأعمال التي بوسعه فعلها، ولم يعد يمتلك طاقة للمزيد. ألمه الذي تجدد بعد رؤيته لندى زاد همه، وتسبب بسوء حالته النفسية، وكالعادة يكون العمل هو مهربه الوحيد.

تفاجأ برؤية يزيد يطرق باب مكتبه ويدخل قائلًا: كنت أعلم بأنني سأجدك هنا.

ابتسم زين ونهض ليصافح أخاه وسأله ما الذي أتى به إلى هنا في هذا الوقت، فقال يزيد: أتيت لأرى أخي الذي يعمل حتى في يوم العطلة. ما الذي تفعله بنفسك يا رجل؟!

ابتسم زين بتصنع قائلًا: الشركة جديدة كما تعلم وبحاجة للكثير من الجهد والوقت.

هز يزيد رأسه وقال: عمل أم هروب يا زين؟ يبدو بأن ظهور ندى أمامك جعل الأمور تزداد سوءًا، أليس كذلك؟

أغمض زين عينيه بتعب وقال: ذلك الثرثار!

اتسعت عينا يزيد وقال: ماذا؟ هل ظننت بأنني لن أعلم؟ لقد بدأت أدير الشركة كما تعلم، وعدم علمي بأمر كهذا سيجعلك تقول بأنني أقصر في عملي.

مسح زين وجهه بكفيه، ثم قال: يزيد ... الأمر ليس كذلك ... هي محض ماضٍ وانتهى ... لكن ما أزعجني هو وقاحتها ومحاولتها الحديث معي والإمساك بيدي ... قالت بأنها تريد الحديث معي ... يبدو بأنها تريد الحصول على فرصة جديدة.

رد يزيد بتهكم قائلًا: بالطبع ستحاول فعل ذلك. أنت الآن أعزب وهي كذلك الأمر. ما ورثته عن زوجها ستصرفه في وقت قصير إن بقيت على تبذيرها الذي سمعت عنه. هذا هو سبب استعمالها لعلاقاتها كي تدخل شريكة في هذا المشروع وفوق كل هذا تريد استغلال هذه الشراكة بالعودة إليك. تريد ضرب عصفورين بحجر واحد، يا لها من ماكرة! بدلًا من محاولة الإيقاع برجل جديد سيكون من الأسهل عليها المحاولة مع رجل تعرفه جيدًا.

تنهد زين بتعب وقال: أعلم بأنكما قلقين بشأني وتظنان بأنني قد أسامحها أو أضعف أمامها، ولكن هذا لن يحدث أبدًا. لقد تعلمت درسي مرتين. في كل مرة كان أقسى من سابقتها، ولست مستعدًا لدخول أي علاقة جديدة أو العودة لعلاقة قديمة سامة. لم يعد لدي طاقة ولا حتى مشاعر صدقني.

ابتسم يزيد بإشفاق على حال أخيه، ثم حثه على النهوض قائلًا: هيا تعال معي لنذهب ونتناول العشاء. هناك مباراة كرة قدم أيضًا لنذهب ونشاهدها في المقهى.

حاول زين الرفض فهو بالفعل منهك ولا طاقة لديه إلا أنه استسلم أمام إصرار أخيه. لم يكن زين مهتمًا بأي شيء من حوله. لا شيء يثير حماسه أو رغبته حتى بالتحرك أو الحديث. انتابته حالة من الانطفاء التام، وقبل نهاية المباراة اعتذر من أخيه يزيد قائلًا بأنه يريد المغادرة، ولن ينتظر حتى نهاية المباراة. أراد يزيد أن يعود معه، ولكن زين منعه وطلب منه إكمال المشاهدة. خرج زين يمشي نحو سيارته، فرأى مسجدًا قريبًا. وقف للحظات، ثم قرر أن يدخل ويتوضأ ويصلي العشاء وما استطاع أن يزيد عليه من ركعات، فهذا أفضل من أن يصليه في المنزل على أي حال.

عمرُ روحيWhere stories live. Discover now