عمرُ روحي

By MayamShahid

30.5K 1K 458

لا تسألني كم عمري ... اسألني كم عمر روحي. لماذا دائمًا ترتبط فرص زواج الفتاة عكسيًا بالعمر؟! ... كلما زاد عمر... More

الشخصيات
الفصل 1 (حديثي مع النجوم)
الفصل 2 (مشاعر هشة)
الفصل 3 (انطفاء الروح)
الفصل 4 (دموع القلب)
الفصل 5 (فرصة أخرى)
الفصل 6 (كابوس مظلم)
الفصل 7 (رماد قلب)
الفصل 8 (هل هي بداية حب؟!)
الفصل 9 (عاصفة سوداء)
الفصل 10 (طريق النهاية)
الفصل 11 (تحت الركام)
الفصل 12 (روح حرة)
الفصل 13 (ملتقى القلوب)
الفصل 14 (روح خلقت لي)
تنويه هام
الفصل 15 (توأم روحي)
الفصل 16 (هل هو الفراق؟!)
الفصل 17 (ليلة وداع)
الفصل 18 (نتيجة اختيار)
الفصل 19 (لقاء الحبيب)
الفصل 20 (فرصة جديدة)
الفصل 21 (على موعد مع الحب)
الفصل 22 (النصيب الجميل)
الفصل 23 (حفل زفاف)
الفصل 24 (مع الشخص المناسب ستزهر)
الفصل 25 (للسعادة مذاق آخر)
الفصل 26 (ظلال من الماضي)
الفصل 27 (لآخر نفس)
الفصل 28 (ارتباك خوف ... أم عشق؟!)
الفصل29 (دقات قلب)
الفصل 30 (ما قبل الطوفان)
الفصل 31 (مزيج غريب)
الفصل 32 (أحتاج إليك)
الفصل 33 (خطوات الشيطان)
الفصل 34 (الكلب الأسود)
الفصل 35 (مكيدة شيطانية)
الفصل 36 (الشر بالمرصاد)
الفصل 37 (كشف المستور)
الفصل 38 (تسوقنا الأقدار)
الفصل 39 (على طريق الحب نلتقي)
الفصل 40 (قريب أم غريب؟)
الفصل 41 (قليل من الوقت بعد)
الفصل 42 (كيد الكائدين)
الفصل 43 (طيف نهاية)
الفصل 44 (الهدوء الذي يسبق العاصفة)
الفصل 45 (روح مهشَّمة)
الفصل 46 (ما بين عشق وظن)
الفصل 47 (دموع خذلان)
اقتباس
الفصل 48 (أزمة ثقة)
الفصل 49 (ما بين أمل وألم)
الفصل 50 (فرحة قلب)
الفصل 51 (دعوة قلب)
الفصل 52 (انهيار)
الفصل 53 (محنة)
الفصل 54 (أمل بالله لا يخيب)
الفصل 55 (رغم الألم)
الفصل 56 (فرصة ... اختيار)
الفصل 57 (معًا ... مهما طال الطريق)
الفصل 58 (أمان القلوب)
الفصل 59 (تقارب القلوب)
الفصل 61 (سندي وقوتي)
الفصل 62 (الوصال)
الفصل 63 (سحر العناق)
الفصل 64 (لنسرق من العمر ليلة)
الفصل 65 (طريق العودة)
الفصل 66 (قلب عاصف)
الفصل 67 (ملاك وشيطان)
الفصل ٦٨ (فخ محكم)
الفصل 69 (ما بين بداية ونهاية)
الفصل 70 (هدوء .. غضب)
الفصل 71 (الحمل والذئب)
الفصل 72 (نسمات باردة)
الفصل 73 (انتقام شيطاني)
الفصل 74 (جريمة زفاف)
الفصل 75 (ليلة عصيبة)
الفصل 76 (دوامة حيرة)
الفصل 77 (نهاية كابوس)
الفصل 78 (تحطم الجليد)
الفصل 79 (تساقط الأوراق)
الفصل 80 (طريق مسدود)
الفصل 81 (دقات على باب القلب)
الفصل 82 (انتظار وقرار)
الفصل 83 (الأمل في الحب لا ينتهي)
الفصل 84 (صاعقة الموت)
الفصل 85 (أرواح حائرة)
الفصل 86 (فرصة أخرى)
الفصل 87 (ظلال الماضي السوداء)
الفصل 88 (السقوط في وادي الظلام)
الفصل 89 (تلاحم القلوب)
حسابي على تيليجرام
الفصل 90 والأخير (وتستمر الحياة ... بحلوها ومُرّها)
الخاتمة ❤

الفصل 60 (أمل قلب لا ييأس)

213 8 1
By MayamShahid

اتركوا تعليق على الشخصيات والأحداث .... لا تنسوا التصويت 🙏❤


وصل والديها في الصباح وطرقا باب الغرفة وإذا به يستيقظ ويأذن للطارق بالدخول وهو يعتدل بجلسته على السرير. ابتسمت والدتها وتحدث ثلاثتهم بهمس لأنها لا تزال نائمة وعلى ما يبدو بأنه نام بجانبها على السرير.

أمسك زين بحجابها ووقف بقربها مترددًا؛ فهو لا يريد أن يزعجها أثناء نومها وفي الوقت ذاته سيأتي الطبيب بعد قليل ليراها، فابتسمت أمها وأخذته منه قائلة: اذهب واغتسل وبدل ثيابك وأنا سأتولى الأمر.

أخذ زين الملابس التي أحضراها من أجله من المنزل ودخل إلى الحمام بينما أيقظتها والدتها بهدوء، فابتسمت حور قائلة: لقد أتيتِ ... صباح الخير.

مشطت أمها شعرها وعقدته، ثم وضعت لها حجابها دون أن تبالغ في عقده كي لا يضايقها. خرج زين من الحمام واقترب منها مبتسمًا حيث قبل جبينها قائلًا: صباح الخير حبيبتي.

ابتسمت حور وقد احمرت وجنتيها وهي ترد عليه، فوجود والديها لا يمنعه من تقبيلها وإظهار حبه لها. دخل الطبيب ملقيًا التحية عليهم، ثم قام بالفحص اليومي الاعتيادي وعقب ذلك قال: اليوم سنرى مدى التقدم الذي حققته بعد العلاج والتمارين ... هل شعرتِ بأنكِ حركتِ أطرافك ولو حركة بسيطة؟

أجابته بالنفي، فابتسم وقال: دعينا نتفقد الأمر معًا.

تأهب الجميع ونظروا بتركيز وترقب والتوتر يسود الأجواء حيث كشف الطبيب عن قدميها وطلب منها تحريك أصابع قدميها. شعرت حور بالتوتر والخوف وحدقت بأصابع قدميها وحاولت دون جدوى إلا أن الطبيب طلب منها أن تهدأ وتحاول مجددًا، فانحنى زين نحوها ووضع يده على وجنتها وقال: حبيبتي! اهدئي ... إنه مجرد فحص بسيط وإن لم يحدث فهذا لا يعني فشل العلاج ... لا أريد خوفًا ولا يأسًا ... اتفقنا؟

حاولت حور من جديد وبالفعل تحركت أصابع قدميها الأمر الذي أدخل السعادة إلى قلوبهم جميعًا، ثم قال الطبيب: والآن دور يديكِ.

وضع زين كفها في راحة يده وابتسم وهو يشجعها حتى نجحت في ذلك، فشرع والديها يحمدان الله بعيون دامعة أما زين فلم يتمالك نفسه وعانقها ليخفي دموعه وهو يحمد الله.

بعد لحظات تمالك زين نفسه وشكر الطبيب الذي قال: لقد قمت بواجبي وحسب وسعيد بأنها أحرزت هذا التقدم في فترة بسيطة ... جسدها يستجيب للعلاج بشكل رائع وعلى هذا النحو سيكون بوسعها الخروج من هنا في غضون أسبوعين ... ويسعكم حينها استكمال العلاج في مصر وأنا سأتواصل مع طبيبها هناك بشكل مستمر لأتابع حالتها.

شكره الجميع وتركهم سعيدون بهذه البشرى التي ملأت قلوبهم أملًا وسعادة؛ فها هي ستعود لحياتها وبيتها، وشيئًا فشيئًا ستعود صحتها كما كانت في السابق.

خرج زين قائلًا بأنه سيتحدث مع الطبيب في مصر ليطلعه على هذه المستجدات حيث كلمه، ثم توجه إلى غرفة الطبيب الألماني ليتحدث معه باستفاضة عن حالتها وكم تحتاج للوقت لتعود وتمشي كالسابق.

- سيد زين، لا أخفيك بأن زوجتك تعاني من مشكلة نفسية رغم أنها تحاول إخفاء الأمر إلا أنها تشعر باليأس وانعدام الثقة بالنفس إلا أنني لاحظت بأن وجودك إلى جانبها هو ما يحفزها ويعطيها الدافع لتصبح أفضل. أرجح بأن الأمر بسبب ندبتها تلك.

- أنت محق ... لقد عانت كثيرًا من التنمر وسوء المعاملة بسبب هذه الندبة، ولكنها في الوقت ذاته ليست ساخطة بسبب الأمر.

- ما رأيك أن تقترح عليها إجراء عملية تجميلية؟

- أنا لا استطيع قول شيء كهذا لها ... أخشى أن تظن بأنني لا أتقبل ندبتها وأنا حاولت كثيرًا لأؤكد لها بأن الأمر لا يهمني.

- حسنًا، على أي حال من المبكر الحديث في هذا الأمر ... لتبدأ جلساتها مع الطبيبة النفسية وتتابع علاجها حتى تقف على قدميها ومن ثم سنرى أمر العملية التجميلية.

- متى سيكون بوسعها الوقوف على قدميها؟

- هذا يعتمد على إرادتها ... نحن تقريبًا تخلصنا من السم في جسدها وهي الآن في طور إعادة التأهيل وها قد رأيت النتيجة اليوم ... خلال الأسبوعين القادمين ستكون قادرة على تحريك أطرافها، ولكن المشي والوقوف ... سيحتاج لوقت أطول ... لذا يجب ألا تهملا جلسات العلاج بعد عودتكم إلى مصر.

سعد زين بالحوار مع الطبيب وخرج من عنده وقرر مهاتفة أمه على الفور ليخبرها بأنهما سيعودان بعد أسبوعين. عاد لغرفة حور وأخبرها بضرورة تحدثها إلى أمه وألا تشعرها بشيء قائلًا بأنه سيتولى زمام الحديث كي لا يحدث أي خطأ. حملها وأجلسها على الأريكة كي لا يظهر بأنها على سرير المستشفى والتزم والديها الهدوء حيث أجرى مكالمة فيديو مع أمه كي تطمئن عليهما، فتهربه من أمر حديثها مع حور لم يعد يجدي نفعًا.

..............................................

- وتين! أنا أتحدث معكِ ... إلى متى ستستمرين بتجاهلي؟

- دعني وشأني ... لقد سئمت من مضايقاتك لي.

- مضايقات؟! أنا أحبكِ وأريد التقدم لخطبتكِ اليوم قبل الغد ... أنا جاد معكِ.

- وأنا رفضت ... أخبرتك بأنني لست مستعدة للارتباط ... فلماذا تستمر بالضغط علي؟!

- أهذا قرارك النهائي؟

- أجل، ولن أغيره، لذا توقف عن المحاولة.

رمقها فؤاد بغيظ ومكر شديد وهو يقول نفسه: أنا سأحطم عنادكِ هذا ... أنتِ وتيني ... حتى اسمينا يكملان بعضهما البعض يا وتين فؤادي ... ستقبلين بي عاجلًا أم آجلًا ... حتى لو اضطررت لإجبارك.

دخل أوس ولاحظ نظرات فؤاد الماكرة لوتين التي تركز في عملها غافلة عن نظراته تلك، فقال: آنسة وتين ... أريد التحدث معكِ في مكتبي من فضلك وأحضري حاسوبك المحمول.

نهضت وتين وأمسكت بحاسوبها المحمول وخرجت خلف أوس حتى دخلت مكتبه وجلست على المقعد المقابل لمكتبه. نظر لها أوس وابتسم متسائلًا: ماذا تشربين؟

ابتسمت وتين بلطف قائلة: لا داعي ... شكرًا لك.

رد أوس: لن ينفع ... حديثنا سيطول.

طلب أوس فنجانين من القهوة، ثم قال بجدية: أعلم بأنني هنا منذ أيام قليلة، ولكنني بت أعلم الموظف المجتهد من غيره وأنتِ من الموظفين الأكفاء يا وتين ... لذا أريد مساعدتك في مشروع جديد أريد إطلاقه عما قريب ... إنه موقع وتطبيق خاص بالهواتف ... يساعد الأهل على تعقبهم لأطفالهم ومراقبتهم ومعرفة مكان وجودهم، وحتى حالتهم الصحية لأنه يرصد دقات القلب وغيرها من الأمور ... لا أريد التحدث بالتفاصيل، ولكن يمكنك القول بأنه لمساعدة الأهل في مراقبة أطفالهم من جهة ووسيلة مساعدة للأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة والأمراض المزمنة من جهة أخرى.

ابتسمت وتين وقد لاقت الفكرة إعجابها وطلبت منه التحدث عنه أكثر وبالفعل شرع في ذلك وقد رأت حماسه في الحديث، واهتمامه بهذه الفئة من الأطفال، وحرصه على أن يكون التطبيق صلة وصل بينهم وبين أهلهم في حال كانوا مضطرين لتركهم في البيت أو مكان خاص لرعايتهم، وكيف بوسعهم إرسال إنذار في وقت الخطر، وتحديد درجة الخطر سواء لوالديهم أو للإسعاف إن لزم الأمر.

ازداد إعجاب وتين بالأمر وقالت متسائلة: وكيف بوسعي مساعدتك؟

ابتسم أوس قائلًا: أريد التصاميم للموقع والتطبيق ... لكنها ستكون على أكثر من مستوى ... تصاميم تراعي من يعانون من عمى الألوان، وتصاميم مبهجة وملفتة للأطفال وتسهل عليهم التعامل مع التطبيق حتى لو كان من يستعمل التطبيق طفل ذو أربع سنوات ... هل فهمتِ قصدي؟

ابتسمت وتين قائلة: أجل.

ابتسم أوس وأرسل لها بعض المعلومات على بريدها الإلكتروني، ثم نهض وطلب منها الجلوس على الأريكة ووضع الحاسوب أمامها حيث جلس بجانبها وطلب منها تسجيل الدخول بالمعلومات التي أرسلها لها قائلًا: بات بوسعك الدخول للموقع لتقومي برفع التصاميم وتغييرها كما ترينها مناسبة وإن كان لديكِ أي اقتراحات سأكون سعيدًا بذلك.

طال الحديث بينهما عن الموقع وهو يريها أقسامه واستخداماته وما إلى ذلك في حين كان فؤاد يغلي غضبًا من فكرة وجودها مع أوس في مكتبه وحدهما كل هذا الوقت وهو الذي يرى نظرات الإعجاب في عينيه لها دائمًا.

قاطعهما طرقات على باب مكتبه وإذا بها أماني التي رفعت حاجبها عندما رأت وتين تجلس مع أوس. استغرب أوس نظراتها لوتين بينما كانت وتين تنظر في حاسوبها وقد تجاهلت أماني تمامًا.

- ماذا هناك؟ هل تريدين شيئًا آنسة أماني؟

- آه ... أجل ... أتيت لأطلب إذنًا بالمغادرة ...

ثم حدقت بوتين بنظرات ماكرة وأردفت قائلة: سأخرج مع خاطبي لنحضر مستلزمات حفل الزفاف فأنا سأتزوج بعد شهرين ولدينا ...

قاطعها أوس بملل قائلًا: لستِ بحاجة للشرح ... يمكنكِ المغادرة، ولكن لا أريد أي تأخير في تسليم المشاريع التي تعملين عليها ... أنا لا أتساهل مطلقًا في الإهمال.

تحدثت أماني معه بابتهاج ووعدته بتسليم عملها في موعده، فأشار لها لتخرج بملل والتفت نحو وتين قائلًا: أين كنا؟

شعرت أماني بالغيظ وخرجت وهي تقول: بدأتِ تحومين حول المدير الجديد؟ تحسبين بأن شخصًا في مكانته سينظر لفتاة مثلك؟!

لاحظ أوس انزعاج وتين واختلاف تعابير وجهها بشكل تام عقب دخول أماني بعد أن كانت مندمجة بحديثها معه وتناقشه فيما يخص العمل مما جعله يتساءل قائلًا: هل أنتِ بخير؟ تبدين منزعجة.

أجبرت شفتيها على رسم ابتسامة بسيطة وقالت: لا ... أنا بخير.

همهم أوس بعدم اقتناع، ثم قال: حسنًا، أظن بأن الأمور باتت واضحة بالنسبة لكِ. سأنتظر رؤية تصاميمك الأولية ومن ثم سنتحدث من جديد.

أومأت له بالموافقة ونهضت وهي تحمل حاسوبها وإذا به يقول: أريد توظيف مصممة جرافيك جديدة لتخفيف ضغط العمل عنكِ أنتِ وفؤاد. إن كنتِ تعرفين أحدهم سواء شاب أو فتاة وبنفس المهارة والكفاءة فأخبريني لنحدد موعد المقابلة.

ابتسمت وتين برسمية وقالت: حسنًا، أمهلني يومين فقط ريثما أسأل وأخبرك.

أومأ لها بالموافقة وخرجت وتين وتركته يشعر بالفضول تجاه هذه الحرب الباردة بينها وبين أماني وهو ليس برجل يستطيع مقاومة فضوله خاصة عندما يتعلق الأمر بالنساء. نهض من مكانه متوجهًا لمكتب ليان فلم يجدها، فسأل زينة وأخبرته بأنها في مكتب زيد.

طرق أوس باب مكتب زيد ووجدهما يجلسان على الأريكة، فهتف بمزاح: أظن بأنه مكان عمل.

رد زيد بتهكم: نحن نعمل بالفعل ... ألا ترى كومة الأوراق هذه؟! ... ما الذي أتى بك؟

جلس أوس أمامهما وقال: ما قصة وتين وأماني؟! أريد معرفة كل شيء لأنني رأيت حربًا باردة منذ قليل.

رمقه زيد بخبث متسائلًا: لمَ يهمك الأمر؟ أيًا كانت القصة بينهما فما يهمك هو عمل كل منهما.

رمقه أوس بغيظ، فأردف زيد بخبث: هل أنت مهتم بوتين؟ لا تعبث مع الفتاة ... دعها وشأنها ... عدا عن هذا هي صديقة حور وإن جرحتها حور ستقوم بقتلك.

ابتسم أوس بسخرية: هل تلاحظ بأنك تهددني بامرأة؟! لو قلت زين لتفهمت الأمر.

ابتسم زيد بتهكم وابتسمت ليان هي الأخرى، ثم قالت: لأنك لا تعرف حور ولم تجرب قبضتها.

رفع أوس حاجبه وقال باندهاش: قبضتها؟! تقصدين صفعتها غالبًا، أليس كذلك؟

هزت ليان رأسها نافية وقالت مؤكدة: قبضتها ... لكمتها ... ركلتها أيضًا إن شئت.

حمحم أوس وقال: لا أريد ... ولم أفعل شيئًا يستدعي ذلك ... أريد فقط معرفة ما يجري بين الموظفين، ألست مديرهم؟!

بدأت ليان تروي له قصة ليان وأماني فالأمر بات معروفًا لجميع الموظفين وليس شيئًا سريًا.

......................................

في المساء اجتمعت العائلة لتناول العشاء وقد قاموا بدعوة أوس وفي أثناء حديثهم قالت أم يزيد بشوق وحزن: ليت زين وحور كانا معنا الآن ... اشتقت إليهما كثيرًا ... لم يحدث وأن غاب زين كل هذا الوقت بسبب العمل.

نظر زيد ويزيد لبعضهما البعض ليخبرا أمهما بأمر حور دون إثارة ذعرها وتخفيف وطأة الأمر عليها قدر المستطاع حيث حمحم يزيد وقال: يا أمي! غيابهما لم يكن بسبب العمل ... أنتِ تحدثتِ معهما اليوم وبتِّ تعلمين أنهما بخير والحمد لله، أليس كذلك؟

انتفض قلب أم يزيد وبدا القلق على وجهها في حين نظرت حنان لزوجها بفضول وقلق في الوقت ذاته؛ فهي تعرفه جيدًا وتدرك من مدى ارتباكه بأن هناك أمر سيء سيقوله لا محالة.

هتفت أم يزيد بقلق: ماذا هناك؟ تكلم يا بني فقلبي بدأ يغلي.

رد زيد بسرعة وهو يمسك بيدها: اهدئي يا أمي ... كل شيء بخير ... نحن فقط نريد إخبارك بالحقيقة قبل عودتهما كما طلب منا زين كي لا تتفاجئي.

بدأت الدموع تجتمع في عينيها وأدركت بأن الأمر جسيم، ولكنها تماسكت قائلة: حسنًا، تحدثا ... ما سبب تأخير أخيكما وزوجته؟

أخذ يزيد نفسًا عميقًا وقال: حور تعرضت لحادث ... سير خلال رحلتهما، ولكنها بخير وأنتِ تحدثتِ معها.

وضعت يدها على فمها وكذلك حنان التي تفاجأت بالأمر وقبل أن تتساءل حنان تساءلت أم يزيد بقلق: والجنين؟

طأطأ زيد رأسه بحزن في حين قال يزيد بأسف: سيعوضهما الله بغيره يا أمي ... لا تتوقفي عن الدعاء لهما.

انهمرت دموع أم يزيد وهي تقول: يا وجع قلبي عليك يا بني ... كان ينتظر هذه اللحظة بفارغ الصبر والآن ضاع كل شيء ... كم كان يتمنى أن يصبح أبًا، ولكن تلك اللعينة كارمن كذبت عليه وطعنته في ظهره والآن عندما ظن بأن الدنيا ابتسمت له ...

قاطعها زيد بسرعة قائلًا: لا تقولي هذا يا أمي ... قولي الحمد لله على كل شيء وصدقيني سيعوضهما الله بالعديد من الأطفال.

نهضت ليان بسرعة ووقفت قرب أم يزيد ووضعت يديها على كتفيها قائلة: اعتدت رؤيتك قوية ومفعمة بالإيمان ... لنحمد الله على كل حال ولنكن واثقين بكرمه.

بدأت أم يزيد تتمالك نفسها وربتت بيديها على يد ليان ويد زيد، ثم قالت: الحمد لله ... يا رب عوضهم وارزقهم وأبعد عنهم كل سوء وكل حزن.

احتار يزيد كيف يكمل حديثه، فلاحظت حنان ارتباكه وقالت: ماذا هناك؟ هل تريد قول شيء آخر يا يزيد؟

نظرت أمه له وتساءلت بقلق: أما زلت تخفي شيئًا عني؟ هل حور بخير؟

هتف يزيد: بخير يا أمي، ولكن ... ما زالت تتعالج وعندما تعود ستكمل علاجها وحالتها تتحسن بشكل جيد للغاية وستعود كما كانت عما قريب.

ضيقت أم يزيد عينيها وتساءلت بريبة: ما بها حور؟ ماذا أصابها؟ كيف هي حالتها تحدث يا بني ولا تتعبني.

أجاب يزيد بتردد: تعاني من مشاكل في الحركة، ولكنها مع العلاج ستعود كما كانت قريبًا كما أنها فقدت ذاكرتها ولا تذكر زواجها من زين ولا تذكر أحدًا منا.

اتسعت عينا أم يزيد وقالت بدهشة واستنكار: كل هذا؟! ألا يكفي فقدان جنينها؟! أصبحت عاجزة أيضًا؟! يا حسرتاه!

عقب زيد بهدوء: يا أمي لا تقولي هذا ... إنها تتحسن وستعود كالسابق خلال فترة قصيرة والطبيب أكد لهما ذلك ... خلال شهر أو اثنين ستعود كالسابق.

بدا عليها الغضب وأمسكت بهاتفها قائلة: لن أهدأ قبل أن أتحدث مع زين.

نهضت من مكانها وهي تحاول الاتصال به، فنهض زيد وقال باستنكار: وهل زين سيخبرك بشيء مختلف؟ لقد قلنا لكِ كل ما نعرفه يا أمي ونقلنا لكِ حتى كلام الطبيب.

هتفت أمهم بغضب: سأكلم الطبيب إذًا إن اضطررت لأطمئن على صحتها وأتأكد من كلامكما فقد بت أعلم بأنكم ماهرون بالكذب.

نظروا لبعضهم البعض بقلة حيلة وتركوها تفعل ما تريده وبالفعل رد زين على هاتفه بمرح: حبيبتي ... اشتقت إليكِ.

ضيقت حور عينيها وتساءلت في نفسها من هذه التي يخاطبها بحبيبتي، فلاحظ نظراتها وهمس لها قائلًا: إنها أمي.

ما أن عرفت هويتها ابتسمت وطلبت منه أن يسلم عليها، فقال: حور تسلم عليكِ يا أمي ...

لم تدعه أمه يكمل جملته وقاطعته بغضب قائلة: دعك من السلام الآن وأخبرني كيف أخفيت شيئًا كهذا عني؟ لقد فقدت طفلك وزوجتك باتت عاجزة وطوال هذا الوقت تعاني وحدك في الغربة دون أن يكون أحد معك ... كان يجب أن أكون معكما في وقت كهذا يا بني.

أجبز زين شفتيه على رسم ابتسامة أمام حور وأشار لها بأنه سيتحدث في الخارج وقدرت هي الأمر نظرًا لوجود والديها في الغرفة وربما لا يرغب بالحديث مع أمه أمامهما.

- يا أمي نحن بخير ... حور تحسنت كثيرًا والطبيب سمح لنا بالعودة لاستكمال العلاج في مصر.

- كيف لك ألا تخبرني بكل ما أنت فيه؟! وفوق كل هذا فقدت ذاكرتها يا زين؟!

- أنا ممتن لأنها نسيت يا أمي؛ فهي لم تكن لتحتمل أمر فقدان الجنين.

- يا بني! أنا أشفق عليك ... حملك ثقيل ... وأنت وحدك هناك.

- لست وحدي يا أمي ... حور معي وإن كانت نسيت ذكرياتنا فسنصنع غيرها، وليس من الصعب أن أجعلها تقع في حبي من جديد، أم أنكِ لا تثقين بقدراتي؟!

- هل تمزح الآن يا زين؟!

- يا أمي لا تحملي الوضع أكثر مما يستحق ... صدقيني كل شيء بخير وسنعود قريبًا ... حور بخير وستصبح أفضل بإذن الله ونحن متفائلين بذلك.

- والجنين ... لقد كنت تنتظر خبر حملها و ...

- سيعوضنا الله يا أمي ... هذا نصيبنا وعلينا أن نرضى بقضاء الله وقدره ... وإن كان هذا الجنين ليس من نصيبنا فسيرزقنا الله بغيره.

- سأجعلهم يحجزون لي على أول رحلة لآتي إليكما.

- لا تتعبي نفسكِ يا أمي ... سنعود بعد أسبوعين كما أن والدي حور هنا.

- والديها يعلمان وأنا لا يا زين؟!

- يا أمي لقد استيقظت وطلبت أمها فقد نسيت من أكون وحينها اضطررت لإخبارهم.

- حسنًا يا زين ... لن أقول شيئًا الآن لأنني أقدر ظروفك، ولكن حسابك معي عندما تعود على كل هذا الكذب.

- يا أمي ...

- اذهب لزوجتك الآن فلدي آخرين يجب أن أحاسبهم على كذبهم.

أنهت الاتصال ونظرت لولديها بغضب، فازدرد زيد ريقه وقال ممازحًا وهو يتظاهر بالخوف: ماذا؟ هل ستتحولين يا نبع الحنان؟! اهدئي بالله عليكِ ... لقد كبرنا على الضرب ... والله كبرنا.

رمقتهم بنظرات نارية وهي تخلع حذائها من رجلها وقالت بنبرة وعيد: من منكم كان يعرف بالأمر ويخفي عني؟! إياكم والكذب.

هبت حنان واقفة: لم أكن أعلم ... والله تفاجأت مثلكِ تمامًا ... تعلمين بأنني لا أخفي شيئًا عنكِ.

هزت أم يزيد رأسها بتفهم فهي تعلم بأن حنان لا تستطيع إخفاء أي سر على أي حال، ثم قالت: خذي طفليك واصعدي للأعلى.

أمسك يزيد بيدها وقال بخوف مصطنع: ستتركينني يا حنان؟!

ردت حنان قائلة: عليك أن تضحي لتنقذني فيجب أن يبقى أحدنا ليربي الطفلين.

هربت حنان، ثم نظرت أم يزيد لليان فسارعت ليان للاحتماء بزيد ووقفت خلفه، فابتسم قائلًا: لن تهربي يا ليان ... ستضربنا نحن الاثنين.

كل هذا يحدث أمام أوس الذي يراقب كل شيء باستمتاع وابتسامة لا تفارق شفتيه، ليقرر إنهاء الأمر قبل أن يطاله غضبها، فنهض من مكانه واقترب من أم يزيد وهو يهتف بغضب مصطنع بالثلاثة الخائفين: يا لكم من جاحدين! كيف لكم أن تخفوا شيئًا كهذا عن أمكم؟! أليس من حقها أن تعرف كل ما يحدث مع أبنائها؟! تتذرعون بأنكم خائفون على صحتها رغم أنها لا زالت صغيرة في السن ومن يراها يظن بأنها أختكم وليست أمكم ...

اقترب منها أوس أكثر وقد رأى بأنها بدأت تهدأ بسبب كلماته حيث أمسك بالحذاء الذي تمسكه بيدها وأكمل بنبرة صوته ونظراته التي لا يمكن لأنثى مقاومتها خاصة وهو يلقي على مسامعها كلماته المعسولة: دعكِ من هؤلاء الأوغاد ولا تزعجي نفسكِ ... ألم تطمئني على صحة زوجة ابنكِ؟! كل شيء سيكون بخير مع الوقت فلا تغضبي نفسكِ ... هل يعقل لهذه اليد الجميلة أن تمسك حذاءً بهذا الشكل؟! ووجهكِ الجميل هذا لا يليق به الغضب صدقيني.

حمحمت أم يزيد وقالت: ألا ترى كيف جعلوني كالمغفلة؟! أنا أظنهما في رحلة عمل منذ نحو ثلاثة أسابيع وفي النهاية ...

قاطعها أوس بهدوء: لكنهما بخير وسيعودان عما قريب ... اهدئي ... لا شيء يستحق غضبكِ هذا.

ثم التفت للبقية وقال بغضب مصطنع: ألا ترون بأنها غاضبة منكم ... هيا فليذهب كل منكم لغرفته؟

هتف زيد بغيرة واضحة واستنكار: نعم! وهل سأتركك هنا لتغازل أمي؟! هل ضاقت بك الأرض لتغازل أمي أيها الوغد؟!

رمقه أوس بغيظ وأشار له بالذهاب كي تهدأ في حين هتفت أم يزيد بغيظ: لا ... يبدو بأنك اشتقت للضرب حقًا.

رد زيد بحزن طفولي جعل ليان تضحك رغمًا عنها وهو يقول: وأهون عليكِ أن تضربي حبيبك المدلل زيد أمام زوجته؟! أتريدين أن تضيع هيبتي أمامها يا أمي؟!

التفت لها زيد بغيظ وقال باستنكار: تضحكين! ألا تلاحظين بأن حسابك معي بات ثقيلًا وأنا لم أحسابكِ منذ فترة.

غمزها بمغزى فهمته هي وضمت شفتيها بسرعة وقد احمرت وجنتيها، فابتسم وقال بوعيد: سأحاسبك الليلة على كل ما مضى.

هتف أوس: هيا ... اذهبوا.

هرول يزيد متوجهًا إلى جناحه في حين أن زيد اقترب من أوس وهمس في أذنه لن أصعد قبل أن تغادر ... سأعد حتى خمسة وإن لم تغادر ...

بينما كان الاثنين يتهامسان اقتربت ليان من أم يزيد بحزن وعانقتها قائلة: لا تحزني ولا تغضبي منا أرجوكِ ... نحن جميعًا نحبكِ ولم نفعل ذلك إلا خوفًا على صحتكِ.

ابتسمت أم يزيد وربتت على ظهرها قائلة: أعلم يا حبيبتي، ولكنني أكره أن أكون آخر من يعلم ... ولدي وزوجته يعانيان في الغربة وحدهما وحلت عليهما كل هذه المصائب وأنا لا أعرف شيئًا عنهما.

استأذن أوس وغادر المنزل بعد أن تحدث مع أم يزيد بلطف زاد من غيظ زيد خاصة عندما ضحكت أمه وقالت: ألن تغير عادتك هذه أيها الماكر؟! أتغازل أي امرأة حتى لو كانت في عمر أمك؟!

رد أوس ببراءة مصطنعة: ماذا أفعل إن كنتِ جميلة أكثر مما ينبغي ولا تكبرين؟! أخبريني ما السر؟

هنا فقد زيد أعصابه وأمسك بأوس من قميصه وجذبه نحو الباب وهو يقول بغيظ: أنا سأخبرك ما السر في الخارج.

ضحكت أم يزيد وكذلك أوس الذي أراد أن يغيظ زيد أكثر وغمز لأم يزيد قائلًا: سأستمر بزيارتك يا قمر.

أتبع أوس جملته الأخيرة بقبلة طائرة، فهتف زيد بحنق: ليلتك سوداء يا أوس الوغد.

تركه زيد عند الباب في الخارج وقال: اذهب من هنا قبل أن أقتلك ... ولا تزرنا مجددًا.

ضحك أوس ونزل الدرج متوجهًا نحو سيارته وهو يقول: آه ... لا يمكنني ... طعام حبيبتي لذيذ وسآتي كثيرًا ... لا تعلم كم اشتقت لطعامها.

هم زيد بالركض خلفه إلا أنه ركب سيارته وانطلق مسرعًا في حين عاد زيد للداخل وهو يشتمه بصوت منخفض بينما كانت أمه وليان تضحكان عليه فلطالما كان أوس يتعمد إغاظته ويغازل أم يزيد أمام أبنائها، والجميع يعلم بأنه مزاح لا أكثر، ولكن لم يحتمل زيد يومًا مزاح أوس بشأن مغازلته لأمه.

بينما بدأت الخادمتان بجمع أطباق الطعام عن السفرة جلست أم يزيد على الأريكة وأسندت رأسها على يدها بحزن واضح. لم يستطع زيد تركها، فاقترب منها وجلس على ركبتيه أمامها وأمسك بيدها قائلًا: هل أنتِ بخير؟ هل يؤلمكِ شيء؟

رأت القلق المرسوم على وجهه، فابتسمت قائلة: لا يا حبيبي ... أنا بخير ... أشعر فقط بالقلق على أخيك وزوجته ... ترى كيف حالهما الآن بعد كل ما أصابهما؟!

ابتسم زيد وقال: كلاهما مؤمنين وقويين يا أمي ... يعلمان بأن الله سيعوضهما عن كل ما مرا به ويثقان بكرمه ... حور ستكون بخير وحالتها تتحسن صدقيني ... أنا أهاتف زين كل يوم لأطمئن عليها ... لقد أحرزت في هذه المدة القصيرة تطورًا كبيرًا أدهش الطبيب ذاته.

ابتسمت أمه بأمل وقالت: ستمشي من جديد، أليس كذلك؟

رد عليها زيد بابتسامة أخرى وأكد لها الأمر، ثم تساءلت بقلق: والحمل؟ لن يكون لديها مشاكل في الحمل، صحيح؟

أجاب زيد بهدوء: الطبيب قال بأن وضعها طبيعي ويمكنها أن تحمل من جديد في غضون أشهر ... قولي لابنك أن يجتهد.

ضحكت أم يزيد، ثم قالت بمكر وهي تمسك بأذنه: اجتهد أنت أولًا ... أريد حفيدًا عما قريب.

نظر لليان التي تقف على مقربة وقد احمر وجهها خجلًا، ثم هتف قائلًا: هل سمعتِ؟ وأنا أحب أن أطيع أمي.

ازداد خجل ليان وصعدت الدرج بسرعة، فضحك كلاهما، ثم تساءلت أم يزيد بجدية: لاحظت بأنكما أصبحتما أفضل ... هل تطورت الأمور بينكما؟

قلب زيد شفتيه وقال: تطورت قليلًا وأنا سعيد بذلك ... لكن ليس لدرجة أن تتوقعي حفيدًا.

لوت شفتيها وضربته بقبضتها على كتفه قائلة: تعلم من أوس قليلًا وغازل زوجتك أيها الأحمق ... إن تركتها على راحتها بخجلها هذا ....

تنهدت ولم تكمل حديثها، فامتعض وجه زيد لأنها ذكرت أوس أمامه وقال: هيا لآخذك إلى غرفتك وأعطيكِ أدويتك.

دخل الجناح بعد مدة قصيرة وهو ينادي عليها، فوجدها نائمة على السرير وتشد عليها الغطاء، فابتسم وأدرك بأنها تمثل. لم يزعجها، بل ذهب وبدل ثيابه، ثم عاد وتمدد بجانبها ومد ذراعه يضمها إليه وهمس لها قائلًا: هل تكرهين عقابي لكِ لهذه الدرجة؟ لقد أجلت الأمر كثيرًا ولم يعد بوسعي تأجيل العقاب أكثر من ذلك.

ابتلعت ريقها وظهر التوتر على ملامحها رغم تظاهرها بالنوم، فقبل وجنتها قائلًا: لن أفعل شيئًا رغمًا عنكِ أو لستِ مستعدة له صدقيني ... ليان أنا أحبكِ.

فتحت عينيها عند هذه الكلمة واستدارت نحوه حتى باتت بين ذراعيه وتعلقت عيون كل منهما بالآخر، ثم انزلقت نظراته نحو شفتيها، فلاحظت ذلك وتساءلت بخجل: أخبرني على ماذا ستعاقبني أولًا لأنني نسيت.

ابتسم زيد وهو يقرب وجهه من وجهها ويقول: شتمتني وقلتِ بأنني قليل الأدب ... تجعلينني أشعر بالغيرة طوال الوقت ... وابتسمت لأوس كثيرًا ... لذا سأمطرك بالعديد من القبلات لأن حسابك ثقيل.

شرع يقبلها برقة ولطف وكلاهما يختبر هذه المشاعر الجديدة بشكل أقوى من المرة السابقة، ولم تشعر بنفسها وهي تطوق عنقه بذراعيها وقد تركت العنان لمشاعرها. شعر زيد باستجابتها وقبولها، فتضاعفت مشاعره الجياشة وبدأ يتمادى؛ فهي زوجته التي يحبها ويتوق لقربها إلا أن ناقوس الخطر دق في عقل ليان وخشيت أن تحدث مشكلة أخرى بينهما ويشك بها من جديد، فأوقفته وبالكاد استطاع السيطرة على نفسه، ثم قال: أنا ... آسف ... لم أشعر بنفسي.

جذبت الغطاء عليها وامتلأت عيناها بالدموع، فاقترب منها وتساءل بقلق: أنا آسف يا ليان ... لا تحزني ... لم أقصد صدقيني.

هزت رأسها نافية وقالت: لا تعتذر ... أنت لم تخطئ ... أنا فقط خائفة.

ضمها زيد إلى صدره، فبكت مما جعله يربت على رأسها ويتساءل: ما الذي يخيفك يا حبيبتي؟ من المستحيل أن أؤذيكِ.

أجابت ليان ببكاء: خائفة من حدوث مشكلة جديدة بيننا ... أمثال ندى ومروان كثر ... ماذا لو صدقت كذبة أخرى عني وجرحتني مجددًا؟!

شدد من ضمه لها وقبل رأسها قائلًا: لن يحدث ... صدقيني لن يحدث أبدًا ... لقد بت أعرفكِ جيدًا وأثق بكِ يا ليان ... اهدئي ... اهدئي يا حبيبتي.

بقيت دموعها تنساب على صدره بصمت وهو يحترق في داخله على كل هذا الخوف والشك الذي زرعه في قلبها تجاهه ولا يدري متى وكيف سيزول. انتظمت أنفاسها وأدرك بأنها قد نامت، فاستسلم للنوم هو كذلك بعد أن دعا الله بأن يرزقهما السكينة والراحة لقلبيهما.


........................................................................

لا تنسوا التصويت فضلًا 🙏💓



Continue Reading

You'll Also Like

17.3K 1.1K 23
أصعب شئ أن تتعرض للخيانة من الشخص الذى تحبه ومن المقربين وقتها تفقد التوازن وتفقد أيضا الثقة بكل الناس والأكثر تفقد الثقة فى الحب فهل يمكن ان تستعيد...
261K 991 7
لكل انسان شيطان منهم من يتغلب عليه ومنهم من يغلبه الشيطان فيسقط في براثن الخطيئة وكان لاصحاب السوء اليد العليا لأستسلام بطلنا الي اغواء شيطانه ليخ...
302K 9.5K 96
رومانسيه هل ينشأ الحب بقلبها مره أخري... ولكن بمن تقع في الحب.. ب زعيم عصابات..
4.2K 249 29
انا التائهة و الضائعه بين الماضي والحاضر واقفه في المنتصف ولا اعلم ما يكون لي في المستقبل