عمرُ روحي

By MayamShahid

30.7K 1K 458

لا تسألني كم عمري ... اسألني كم عمر روحي. لماذا دائمًا ترتبط فرص زواج الفتاة عكسيًا بالعمر؟! ... كلما زاد عمر... More

الشخصيات
الفصل 1 (حديثي مع النجوم)
الفصل 2 (مشاعر هشة)
الفصل 3 (انطفاء الروح)
الفصل 4 (دموع القلب)
الفصل 5 (فرصة أخرى)
الفصل 6 (كابوس مظلم)
الفصل 7 (رماد قلب)
الفصل 8 (هل هي بداية حب؟!)
الفصل 9 (عاصفة سوداء)
الفصل 10 (طريق النهاية)
الفصل 11 (تحت الركام)
الفصل 12 (روح حرة)
الفصل 13 (ملتقى القلوب)
الفصل 14 (روح خلقت لي)
تنويه هام
الفصل 15 (توأم روحي)
الفصل 16 (هل هو الفراق؟!)
الفصل 17 (ليلة وداع)
الفصل 18 (نتيجة اختيار)
الفصل 19 (لقاء الحبيب)
الفصل 20 (فرصة جديدة)
الفصل 21 (على موعد مع الحب)
الفصل 22 (النصيب الجميل)
الفصل 23 (حفل زفاف)
الفصل 24 (مع الشخص المناسب ستزهر)
الفصل 25 (للسعادة مذاق آخر)
الفصل 26 (ظلال من الماضي)
الفصل 27 (لآخر نفس)
الفصل 28 (ارتباك خوف ... أم عشق؟!)
الفصل29 (دقات قلب)
الفصل 30 (ما قبل الطوفان)
الفصل 31 (مزيج غريب)
الفصل 32 (أحتاج إليك)
الفصل 33 (خطوات الشيطان)
الفصل 34 (الكلب الأسود)
الفصل 35 (مكيدة شيطانية)
الفصل 36 (الشر بالمرصاد)
الفصل 37 (كشف المستور)
الفصل 38 (تسوقنا الأقدار)
الفصل 39 (على طريق الحب نلتقي)
الفصل 40 (قريب أم غريب؟)
الفصل 41 (قليل من الوقت بعد)
الفصل 42 (كيد الكائدين)
الفصل 43 (طيف نهاية)
الفصل 44 (الهدوء الذي يسبق العاصفة)
الفصل 45 (روح مهشَّمة)
الفصل 46 (ما بين عشق وظن)
الفصل 47 (دموع خذلان)
اقتباس
الفصل 48 (أزمة ثقة)
الفصل 49 (ما بين أمل وألم)
الفصل 50 (فرحة قلب)
الفصل 51 (دعوة قلب)
الفصل 52 (انهيار)
الفصل 53 (محنة)
الفصل 54 (أمل بالله لا يخيب)
الفصل 56 (فرصة ... اختيار)
الفصل 57 (معًا ... مهما طال الطريق)
الفصل 58 (أمان القلوب)
الفصل 59 (تقارب القلوب)
الفصل 60 (أمل قلب لا ييأس)
الفصل 61 (سندي وقوتي)
الفصل 62 (الوصال)
الفصل 63 (سحر العناق)
الفصل 64 (لنسرق من العمر ليلة)
الفصل 65 (طريق العودة)
الفصل 66 (قلب عاصف)
الفصل 67 (ملاك وشيطان)
الفصل ٦٨ (فخ محكم)
الفصل 69 (ما بين بداية ونهاية)
الفصل 70 (هدوء .. غضب)
الفصل 71 (الحمل والذئب)
الفصل 72 (نسمات باردة)
الفصل 73 (انتقام شيطاني)
الفصل 74 (جريمة زفاف)
الفصل 75 (ليلة عصيبة)
الفصل 76 (دوامة حيرة)
الفصل 77 (نهاية كابوس)
الفصل 78 (تحطم الجليد)
الفصل 79 (تساقط الأوراق)
الفصل 80 (طريق مسدود)
الفصل 81 (دقات على باب القلب)
الفصل 82 (انتظار وقرار)
الفصل 83 (الأمل في الحب لا ينتهي)
الفصل 84 (صاعقة الموت)
الفصل 85 (أرواح حائرة)
الفصل 86 (فرصة أخرى)
الفصل 87 (ظلال الماضي السوداء)
الفصل 88 (السقوط في وادي الظلام)
الفصل 89 (تلاحم القلوب)
حسابي على تيليجرام
الفصل 90 والأخير (وتستمر الحياة ... بحلوها ومُرّها)
الخاتمة ❤

الفصل 55 (رغم الألم)

261 8 4
By MayamShahid

لا تنسوا التصويت وانتظروا أحداث قوية 🔥🔥

صلى الفجر بعد أن بقي طوال الليل يصلي ويتهجد ويقرأ القرآن ويتضرع إلى الله كي يشفيها، ثم ذهب إليها ليراها ويطمئن عليها. وضع كرسيًا بجانب سريرها وجلس؛ فهو لن يكتفي بتلك الدقائق التي يسمحون له بها هذه المرة. أمسك بيدها ورفعها نحو شفتيها يقبلها ويده الأخرى تداعب وجنتها وتمسح على رأسها، ولكن هذه المرة بصمت. بقي يتأملها ويقبل يدها ورأسها حتى هزمته دموعه وقال: أنا هنا بجانبك ... لن أتخلى عنكِ أبدًا يا حبيبتي ... أفيقي أرجوكِ ... لم أعد أحتمل يا حور.

بقي بجانبها حتى غفا وهو ممسك بيدها واضعًا رأسه على طرف السرير قرب ذراعها. لم يشعر بنفسه إلا عندما أتى الطبيب في ساعات الصباح الأولى كي يتفقدها ووجده نائمًا على هذا الحال، فرمق الممرضة بسخط وقد لاذت بالصمت، ولم تجد شيئًا تدافع به عن نفسها فقد نامت هي الأخرى ولم تره عند دخوله.

نادى الطبيب زين ووضع يده على كتفه، فاستيقظ زين بفزع وهو يتساءل عن حور وإن كانت بخير، فقال الطبيب ليطمئنه: إنها بخير ... سأقوم بفحصها الآن ... لكن من فضلك لا تفعل ذلك مجددًا ... بقاؤك هنا معها قد يصيبها بعدوى هي في غنى عنها.

رد زين قائلًا: أنا لست مريضًا وقد عقمت نفسي جيدًا قبل دخولي.

تنهد الطبيب بتعب من هذا الرجل العنيد، ثم اقترب من حور ليقوم بفحصها وتفقد مؤشراتها الحيوية وزين ينتظر على أحر من الجمر. ابتسم الطبيب ونظر لزين قائلًا: الحمد لله ... وضعها اليوم أفضل ... وسننزع جهاز التنفس فقد باتت تتنفس بشكل طبيعي.

تهلل وجه زين وحمد الله كثيرًا، ثم عقب الطبيب قائلًا: نريدها فقط أن تفتح عينيها في الساعات القادمة وتستعيد وعيها فهذا سيمنحنا أملًا كبيرًا.

هز زين رأسه إيجابًا وقال بثقة وأمل: ستستيقظ ... ستفتح عينيها بإذن الله.

......................................

بدأت تفتح عينيها ليداهمها صداع فظيع، فتحاملت على نفسها ووزعت نظراتها من حولها باستغراب لا تدري أين هي؛ فهي في غرفة كغرف القصور ولا تعلم ما الذي أحضرها إلى هنا. بدأت ذكريات ليلة أمس تتدفق إلى عقلها وتذكرت شربها للخمر وتقبيل خالد لها أثناء رقصهما معًا، وما عقب ذلك كان ضبابيًا ولا تذكر شيئًا منه. اتسعت عيناها بفزع وتفقدت ملابسها، فوجدت نفسها ترتدي منامة حريرية مما جعل دقات قلبها تتسارع خوفًا، وازداد ذعرها من أن يكون قد استغل حالة ثمالتها وفعل شيئًا بها.

حاولت النهوض من السرير، فتفاجأت به يدخل الغرفة وإذا بها تندفع نحوه قائلة بغضب: كيف وصلت إلى هنا؟ ماذا حدث؟ ماذا فعلت بي؟

أجابها بكل برود وهدوء: اهدئي ... لم يحدث شيء ... مطلقًا ... كنتِ ثملة ونمتِ في سيارتي عندما كنت في طريقي لبيتك ... لم يكن بوسعي إيصالكِ وجعل الناس يروكِ بتلك الحالة، لذا أحضرتك لبيتي.

انسابت دموعها وتساءلت بريبة وذعر: وماذا حدث هنا؟ من بدل لي ثيابي؟ قل لي بأنك لم تفعل بي شيئًا أرجوك.

تصنع الحزن والخيبة بسبب اتهامها وجلس على طرف السرير قائلًا: أنا أقدر ما تمرين فيه، ولكن يحزنني أن تظني بأنني رجل منحط لدرجة أن أستغل حالة الثمالة التي كنتِ فيها ... زينة أنا أحبكِ وأقدركِ ... أنتِ غالية جدًا بالنسبة لي ولا يمكن أن أمسكِ بسوء.

بدأت توزع نظراتها المذعورة والمليئة بالحيرة والتساؤل في المكان، فرمقها بمكر للحظات، ثم عاد لتصنع البراءة وأردف قائلًا: لقد حملتك ووضعتكِ هنا والخادمة بدلت لكِ ملابسكِ ... وأنا نمت في غرفتي ... هذا ما حدث ... الآن خذي هذا الدواء فلا بد من أنَّ رأسكِ يؤلمكِ.

اقتربت منه وأخذت حبة الدواء، ثم أمسك بكوب الماء الموضوع على المنضدة الجانبية للسرير وجذبها لتجلس بجانبه، ثم أعطاها الكوب. بقيت تحدق في الكوب الذي بين يديها بصمت بعد أخذها للدواء وهو يراقبها حتى قالت بأسف: أنا آسفة ... لكنني خفت عندما ...

قاطعها بأخذ الكوب من يدها قائلًا بلطف: لا بأس ... أنا أتفهم الأمر ... لا عليكِ.

أمسك بذقنها بين أصابعه وأجبرها على النظر إليه وابتسم قائلًا: إن كنتِ قد خفتِ لأنني قبلتكِ ليلة أمس فأنا أعتذر ... لكنني لم أستطع مقاومة جمالكِ يا زينة ... خاصة بعد أن ثملتِ ... كنتِ تضحكين وبدوتِ لطيفة للغاية.

احمرت وجنتاها وأبعدت يده قائلة بتلعثم: كانت أول مرة أشرب فيها ولا أذكر الكثير ... أنا لم يسبق وأن سمحت لأحد بالاقتراب مني ولولا ... أقصد ... بأنني ... من فضلك لا تكرر ذلك ومن الأفضل بأن ينتهي الأمر عند هذا الحد ... أنا لن أستطيع مبادلتك المشاعر ... ومن المؤسف أن تستمر بانتظاري على أمل تغير هذا.

كانت تتحدث وهي تحدق بيديها المتشابكتين بارتباك وحرج بينما كان هو يصك أسنانه غيظًا ويرغب بأن يمسك بشعرها ويعاقبها على كل حرف تتفوه به وهي ترفض رجلًا مثله فقط بسبب مشاعرها تجاه زين.

طال صمته، فالتفتت نحوه ليسارع برسم ابتسامة على وجهه وهو يتصنع الحزن والأسف قائلًا: كما تشائين ... لا يمكنني أن أعدك بالابتعاد لأن قلبي سيرفض وسأبقى أطمئن عليكِ بين الحين والآخر دون إزعاجكِ ... لكن إن احتجتِ لي يومًا ما ... سأكون سعيدًا بتقديم يد العون لكِ يا زينة.

مد يده يمسح على شعرها ووجنتها وهو يرمقها بحزن مصطنع مما جعلها تشفق عليه وترمقه بأسف جلي. مد يده لجيبه وأخرج علبة مخملية وفتحها أمامها، لتندهش برؤية سوار رقيق مرصع بالألماس حيث قال: هذه هدية يوم ميلادك ... لم أجد فرصة لأقدمها لكِ ليلة أمس ...

هزت زينة رأسها برفض واضح وقاطعته قائلة: لا ... هذا باهظ جدًا ... لا يمكنني قبوله ... أنا آسفة.

أمسك بيدها وتعابير وجهه ونبرة صوته تخبرها كم هو حزين كما لو أنها كسرت قلبه برفضها القاطع هذه المرة ليقول: اقبلي هديتي من فضلك ... إنها الأولى والأخيرة ... اعتبريها هدية وداع.

أخرج السوار من العلبة ووضعه حول يدها، ثم اقترب مقبلًا جبينها وبقي قريبًا منها حتى شعرت بأنفاسه الدافئة على وجهها وهو يقول: أتمنى لكِ السعادة مع الرجل الذي اخترته يا زينة ... أتمنى أن يقدر فتاة رائعة مثلكِ ويتمكن من إسعادكِ ... لكن كوني واثقة من أنَّ لا أحد سيحبكِ مثلي.

...........................................

عادت وتين إلى العمل وقد استعادت قوتها وثقتها بنفسها عقب كل ما قالته لها حور وتحفيزها المستمر لها. هي لم تخطئ ولم تذنب كي تخجل وتهرب، بل عليها أن ترفع رأسها وتثبت للجميع بأنها قوية وقادرة على تخطي خيانة أقرب الناس إليها.

كانت تشعر بالحماس لرؤية حور فقد أرسلت لها رسالة وحاولت الاتصال بها لتخبرها بأمر عودتها، لكنها لم تجب. طرقت الباب ودخلت إلا أنها لم تجدها، وزينة لم تصل بعد كي تسألها ولا حتى ليان، فآثرت أن تذهب لمكتبها وتنتظر قدومها كي تفاجئها.

سعد الجميع بعودتها رغم أنهم محض زملاء وربما لم تتحدث مع بعضهم سوى في العمل وحسب إلا أن الموقف الأخير جعلهم يتعاطفون معها ويسخطون على أماني. الأكثر سعادة كان فؤاد الذي هرول نحوها مرحبًا بها وأصر على أن يعد القهوة لها بنفسه في حين أنَّ أماني بقيت خلف مكتبها ورمقتها بنظرات جانبية، ثم تجاهلتها تمامًا.

..................................................

وصل جواد إلى المستشفى ووجد زين يقف أمام غرفة حور فسأله عن حالها وإذا بزين يبتسم مجيبًا: الحمد لله أفضل ... تنفسها بات طبيعيًا وحالتها مستقرة.

ارتسمت ابتسامة صغيرة على شفتي جواد وربت على كتف زين قائلًا: ستصبح أفضل بإذن الله.

التفت له زين وتساءل قائلًا: هل من جديد؟

هز جواد رأسه وفتح الجهاز اللوحي ومنحه لزين لينظر فيه قائلًا: زينة! قابلت المدعو خالد مجددًا وكما ترى دعاها لأمسية شاعرية وفوق هذا نامت ليلتها في منزله.

رفع زين حاجبيه بتعجب عندما رأى صورتهما يتبادلان القبل، فأعاد الجهاز لجواد وابتسم بتهكم قائلًا:

- لا أصدق بأنها وصلت لهذا المستوى ... هل تمكن من إغوائها بهذه البساطة؟!

- وهل تحسبها ساذجة ليفعل ذلك معها؟!

- لو لم تكن كذلك لما وقعت في فخ ندى وخانتني.

- أنت مخطئ يا زين ... هي لم تقع في فخ ندى، بل تعاونت معها على إيذائك وأنت تعلم جيدًا ما السبب ... لا شيء أخطر من امرأة جرح قلبها بسبب رجل.

- وهل أنا من جرح قلبها؟! تتحدث كأنه كان بيننا شيء يا جواد؟! هل يعقل هذا؟

- زين! في نظرها هي عشقتك وأخلصت لك لسنوات على أمل أن تلاحظها، لكنها صدمت بزواجك وجميعنا لاحظنا كيف تغيرت بعدها.

- وماذا عليَّ أن أفعل الآن؟! حياتها الشخصية لا تهمني في شيء.

- يبدو بأنك لم تنم جيدًا وعقلك لا يعمل.

- ماذا تقصد؟!

- أقصد بأنها قد تكون استغلت خالد لتنتقم من حور ...

- ماذا؟! لا يعقل أن تصل بتفكيرها لهذه الدرجة ... هذه زينة وليست ندى.

- هذه امرأة مجروحة تشعر بأن حبيبها قد سرق منها وتراه مع زوجته كل يوم أمام عينيها.

- آه ... لا أدري يا جواد ... لست مقتنعًا ولا يسعني التفكير.

- لمَ احتفلا بهذا التوقيت بالذات إذًا؟! ربما لنجاح خطتهما؟!

أغمض زين عينيه وهو يحاول استيعاب الأمر وربط الخيوط ببعضها البعض، ثم قال: ربما، ولكن ... انظر ... دعنا لا نستبق الأمور وحقق جيدًا في الأمر ... ورأس الخيط هو المدعو سعد ... ابذل ما بوسعك لإيجاده.

أومأ جواد برأسه وقال: نحن والشرطة نبحث عنه ... لا تقلق بشأن شيء ... أمور سفركما جاهزة، ولكن الطبيب قال أن بوسعها السفر عندما تفتح عينيها وتستقر حالتها.

هز زين رأسه بالإيجاب وعقب قائلًا: وأنا متفائل بأنها ستفعل ذلك قريبًا ... إنها قوية وتقاوم بكل قوتها ... ليس لدي شك في هذا فالعناد والمقاومة في دمها كما تعلم.

ابتسم زين ورمق جواد بنظرة جانبية الذي رد على كلامه بابتسامة جانبية قائلًا: بالطبع فهي فلسطينية ... يكفي بأنها خلال أيام قليلة جعلت زين الدين المصري الرافض للزواج يبحث عنها كالمجنون.

ابتسم زين بتعب وقال: أنا راضٍ بكل ما ستقوله عني الآن ... يكفي أن تفتح عينيها وتستعيد وعيها.

ربت جواد على كتف زين وغادر تاركًا هذا العاشق المكلوم يناجي ربه كي يعيد له محبوبته وألا يختبره بفراقها.

..........................................

بعد أن ودعها أمام منزله وانطلقت بالسيارة مع سائقه ليوصلها إلى الشركة توجه إلى الغرفة التي نامت فيها وأخرج الكاميرا التي وضعها هناك. جلس أمام حاسوبه يشاهد المقاطع التي سجلتها وعينيه تشع مكرًا وخبثًا.

ليلة أمس حملها بين ذراعيه ووضعها على الفراش في تلك الغرفة وقد كانت مغمضة العينين تهمهم وتتحرك، ولكنها ليست واعية. جلس بجانبها وهو يمرر يده على جسدها بوقاحة تامة ويقول: لم أرغب بفتاة لهذه الدرجة في حياتي ... ولم يكن صعبًا عليَّ الحصول على أي امرأة ... لكن أن ترفضينني من أجل ذلك الوغد المدعو زين فهذا ما لا أحتمله مطلقًا ... سترين كيف سأجعلك تأتين لي راكعة يا زينة ... ستكونين لي ... وستبقين أسفل قدمي حتى أمل منكِ.

انحنى نحوها يقبلها بشراهة تامة وبدأت يداه تجردها من ثيابها، ثم خلع قميصه واعتلاها ليستبيح جسدها، وازداد جنونه بسماع همهماتها التي تدل على استمتاعها بما يفعله بها، ولكنه رغم كل شيء أوقف نفسه كي لا يدمر خطته التي بدأ بها لتوه. أخرج لها المنامة من الخزانة وألبسها إياها، ثم قال: من حسن حظكِ بأنني لا أحب أن تكون المرأة غير واعية وهي معي ... لكنني أعدكِ بأنكِ ستكونين لي وبملء إرادتك.

وضع الغطاء عليها وخرج، ولكنه لم ينسَ مذاق قبلتها ولم يعد يطيق صبرًا كي ينال منها.

أمسك بهاتفه وقال: هل سلمت الظرف؟ ... جيد.

.....................................

وصل جواد الشركة وكان متوجهًا نحو المصعد، فأسرع نحوه موظف الاستقبال قائلًا: سيد جواد.

التفت جواد نحوه بجمود متسائلًا: ماذا هناك؟

أجاب الرجل: أتى رجل ما ووضع هذا الظرف هنا وأصر على أن أسلمه للسيد زين، ولكنه سافر، هل أسلمه للسيد زيد أم يزيد؟

ضيق جواد عينيه وتساءل قائلًا: أي رجل؟ ألم يخبرك ما محتواه أو يخص أي موضوع؟

هز الموظف رأسه نافيًا وقال: لا ... كان في عجلة من أمره ولم يجبني عن أي شيء.

هز جواد رأسه وأخذ الظرف من يد الموظف قائلًا: لا تنسَ شكل الرجل الذي سلمك إياه فربما نحتاج إليك للتعرف عليه في تسجيلات كاميرات المراقبة.

أكمل جواد طريقه حتى وصل إلى مكتب ليان وألقى التحية بوجه جامد كعادته والتي لا يلقيها إلا على من يعتبرهم مقربين منه.

- هل هناك أحد مع زيد في المكتب؟

- لا، إنه يراجع بعض الملفات وحسب.

- ألم تأتِ هذه؟ (أشار بعينيه نحو مكتب زينة)

- ليس بعد ... هل تحتاج إلى شيء؟

أومأ برأسه نافيًا ودخل إلى مكتب زيد، فوجده منكبًا على الملفات التي أمامه ويبدو عليه الضيق والتوتر. جلس جواد على المقعد الذي أمام مكتبه وقال: هل كل شيء على ما يرام؟

نفخ زيد الهواء وقال بتذمر وتعب: كيف سيكون بخير وقد أصبحت مسؤولًا عن كل شيء فجأة؟! أخشى أن أرتكب خطأ ما وأتسبب بكارثة ... لا يسعني سؤال زين عن شيء وهو في هذه الظروف ويزيد لا يعرف في أمور المشاريع هذه عدا عن أنه مشغول بالقضية الآن ... لا أدري ماذا أفعل.

عقب جواد بهدوء: لا داعي للقلق والتوتر ... أنت على قدر المسؤولية يا زيد ... زين يثق بك ويعلم بأنك ستبلي حسنًا.

تنهد زيد ونظر لجواد متسائلًا: كيف حال حور؟ هل من جديد بشأن حالتها وبشأن من فعل بها ذلك؟

أخذ جواد نفسًا عميقًا وأجاب قائلًا: حالتها باتت أفضل والحمد لله، وننتظر استيقاظها كي يسافرا على الفور ... أما بخصوص المجرم ... ليس بعد ... ما زلنا نبحث عنه.

أغمض زيد عينيه وعاد للخلف حتى ألقى بثقل رأسه على الكرسي، فقال جواد وهو يضع الظرف أمامه: افتح هذا ودعنا نرى إن كان هناك مصيبة جديدة.

فتح زيد عينيه وتأهب بجلسته ورمق جواد بتساؤل وقلق قائلًا: ما هذا؟

أخبره جواد بأمر الظرف، ففتحه زيد وأخرج منه صور زينة في لقاءات مختلفة مع خالد حتى آخر لقاء جمعهما ليلة أمس في المطعم بالإضافة إلى نسخة من ملفات المناقصة خاصتهم التي سرقتها وتم تقديمها باسم شركة خالد. ابتسم زيد بعدم تصديق ووضع ما في يده أمام جواد وقال متسائلًا: من هذا الذي يحبنا لدرجة أن يكشفها أمامنا بهذه البساطة؟

صمت جواد وهو يقلب بالصور للحظات، ثم قال بجمود وهو يحدق بالصور: زينة باتت ليلتها هذه في بيته.

اتسعت عينا زيد وقال بعدم تصديق: زينة؟! التي كانت تعشق زين وكنا قلقين بشأن مشاعرها عندما يتزوج؟! لم أعد أستغرب شيئًا ... حسنًا ... ماذا سنفعل الآن؟ هل أطردها أم ماذا؟

ترك جواد الصور وعاد بظهره للخلف على مقعده قائلًا: من أرسل هذا الملف يريدنا أن نطردها، ولن نحقق غايته قبل أن نعلم من يكون وما هدفه لأنه بالتأكيد لا يهمه مصلحتنا.

سمعا صوت طرقات على الباب، فأذن زيد للطارق بالدخول وإذا بها ليان التي تقدمت من مكتبه قائلة: يزيد سيذهب إلى المستشفى وأريد مرافقته لرؤية حور. زينة أتت ويمكنها تولي أمر العمل ريثما أعود.

نهض زيد من مكانه ووقف أمامها، ثم أمسك بيدها قائلًا: حسنًا، اذهبي معه، ولكن لا تذهبي لأي مكان وحدكِ ... لا تبتعدي عن الحراسة لأي سبب ... ولا ...

قاطعته ليان قائلة: حسنًا، لا تقلق. سأطمئن عليها وأعود. لن أتأخر صدقني.

بقي ممسكًا بيدها كأنه لا يريدها أن تغادر وود لو بوسعه الذهاب معها، ولكن تلك المهام العالقة لن يقوم بها سواه. التفت نحو جواد الذي وقف يستعد للمغادر وقال: جواد! لن أوصيك بها ... لا تدعهم يبعدون أعينهم عنها.

أومأ له جواد موافقًا وقال: سأعيدها إلى هنا بنفسي ... لدي لقاء مع المحقق بشأن القضية وعندما أنتهي سأذهب وآخذها.

عاد زيد بنظره لها وقال: يزيد لن يطيل البقاء هناك وسيكون لديه عمل، لذا انتظري جواد ولا تخرجي مع أحد سواه، اتفقنا؟!

أومأ له بالإيجاب، فتفاجأت به يجذب رأسها ويقبل جبينها قائلًا: انتبهي لنفسك.

رأت خوفًا حقيقيًا في عينيه عليها مما جعلها تحدق في عسليتيه وقد لامس قلبها شعورًا غريبًا برؤية هذا الاهتمام والخوف والحب الذي لم تره سوى في عيون والديها.

........................................

مضى الوقت وكل من زين وليان يجلسان بالقرب من غرفة حور يقرآن القرآن، ثم التفت لها قائلًا: سأذهب لأصلي الظهر ... لا تذهبي لأي مكان حتى عودتي وإن احتجتِ لشيء أخبري أحد الرجال.

أومأت له بالإيجاب، ثم نهض وتحدث مع أحدهم ليوصيه بها، وتوجه إلى غرفته ليصلي في حين بقيت هي مكانها تتلو القرآن. خرجت الممرضة مسرعة وعادت بعد لحظات ومعها الطبيب يهرولان إلى الغرفة. شعرت ليان بالقلق ونهضت لتقترب من الزجاج ورأت الطبيب يقوم بفحص حور، ولكنها لم تفهم ما يحدث فقد أغلقت الممرضة الستارة. عاد زين ورأى القلق على وجه ليان من بعيد، فهرول نحوها متسائلًا ماذا هناك، فالتفتت نحوه وأخبرته بما حدث مما جعله يخشى أن يكون قلبها قد توقف من جديد. تقدم نحو الباب وصرخ بهم ليفتحوا له وبعد لحظات، فتحت له الممرضة وهي تطالبه بالهدوء إلا أنه تجاهلها واقتحم الغرفة متسائلًا عن حور، فسارع الطبيب لإيقافه قائلًا: إنها بخير ... ارتدِ الزي أولًا وعقم نفسك لتراها ... من فضلك ... من أجل سلامتها.

رغم قلقه وخوفه عليها إلا أن كلام الطبيب يعني أنها بخير، فاضطر حينها لتنفيذ طلبه بسرعة. دخل ووجدها قد فتحت عينيها، ولكنها تحدق بسقف الغرفة، فابتسم باندهاش قائلًا: لقد استيقظت.

اندفع نحوها وهو يردد اسمها وطبع قبلات عديدة على رأسها ووجهها، فاستغرب جمودها والتفت نحو الطبيب الذي قال: فتحت عينيها، ولكنها لم تستجب بعد ...

قاطع زين الطبيب وهو ينظر لوجه حور قائلًا: ستتحسن ... حور ستكون بخير ... حبيبتي ... انظري لي يا روحي ... أنا هنا بجانبك ولن أتخلى عنكِ أبدًا ... هل تسمعينني يا حور؟

حركت حور عينيها ونظرت له، فتهلل وجه الطبيب قائلًا: الحمد لله ... هذه بداية مبشرة ... يبدو بأنها استجابت لك ... سيدة حور هل تسمعينني؟ انظري لهذا القلم من فضلك.

وضع القلم أمام عينيها وبدأ يحركه بعد أن فشلت محاولته السابقة قبل قدوم زين وفاجأته هذه المرة باستجابتها، فهتف قائلًا: رائع ... والآن سنقوم بفحص سريع وأريدك أن تجيبي على أسئلتي ... اطرفي بعينيك لمرة إن كانت الإجابة نعم ومرتين إن كانت الإجابة لا ... اتفقنا؟

كان زين ينظر لها بسعادة ورجاء وامتنان ويده على رأسها في حين بدأ الطبيب بفحص استجابتها وقدرتها على الحركة وشعورها بالألم، ليجد في النهاية بأنها تشعر بلمساته وبالوخز والألم، ولكنها لا تستطيع الحركة ولا حتى الحديث.

طمأن الطبيب حور، ثم أشار بعينيه لزين كي يتحدثا في الخارج، فانحنى زين نحوها وقبل جبينها قائلًا: حبيبتي ... حمدًا لله على سلامتك ... سأعود بعد لحظات ... لن أتأخر ... سأكون هنا بقربك ... سأطمئنهم عليكِ وأعود على الفور.

كانت تحدق به بنظرات مرهقة فارغة جعلت قلبه يتمزق على حالها، ولكنه رغم كل شيء سعيد ومتفائل باستيقاظها. طمأن زين ليان بأنها استيقظت، ثم وقف كلاهما يستمع لكلام الطبيب الذي قال: يجب أن تسافر في أسرع وقت ممكن ... يبدو بأن السم أصابها بشلل في العضلات ... والذي أرجو أن يكون مؤقت ... كلما سارعتم بالذهاب وبدء العلاج ستكون فرصة شفائها أكبر.

رد زين مؤكدًا: لا يوجد مشكلة ... يمكننا السفر اليوم.

عقب الطبيب: جيد! سأبدأ بالإجراءات إذًا.

مضى الطبيب في طريقه، فسارعت ليان بالاقتراب من زين متسائلة بقلق: حور ستكون بخير، أليس كذلك؟

هز زين رأسه وقال بتفاؤل: ستكون بخير بإذن الله ... لقد فتحت عينيها واستجابت لكلامنا وهذا شيء مبشر للغاية ... وأنا سعيد للغاية بهذه البداية ... الحمد لله.

ابتسمت ليان بأمل وحمدت الله هي الأخرى، ثم هاتفت زيد الذي أجاب بلهفة وقلق متسائلًا وإذا بها تخبره بأمر استيقاظ حور وهي سعيدة، ليبتسم هو الآخر ويطلب منها أن تعطي الهاتف لزين ليتحدث معه.

......................................

بعد بضع ساعات كانت حور في طائرة خاصة مجهزة طبيًا من أجلها، وقبل دخول زين إلى الطائرة تحدث مع جواد قائلًا: أعلم بأنني سأضع الكثير على كاهلكم، ولكنني أريد معرفة من تجرأ على فعل هذا بنا يا جواد.

ربت جواد على ذراع زين وقال بقوة وثقة: اطمئن ... سأجعله يندم على اليوم الذي ولد فيه ... لا تفكر سوى بزوجتك وعلاجها.

ابتسم له زين بامتنان وصعد إلى الطائرة، وجلس بجانب حور الممددة على السرير الطبي ممسكًا بيدها ويده الأخرى على رأسها وابتسم قائلًا: سنقلع بعد قليل ... لا داعي للتوتر والقلق يا حبيبتي.

حقنتها الممرضة بمنوم لترتاح ريثما يصلون وما هي إلا لحظات حتى أغمضت عينيها، فعقب الطبيب قائلًا: من الأفضل لها أن ترتاح فضغط دمها ليس مستقرًا بعد.

أومأ له زين بتفهم، ثم تساءل بقلق: ألا يوجد أمل للجنين؟

ضم الطبيب شفتيه وأومأ له نافيًا، ثم عقب قائلًا: أول ما سيفعلونه لها هناك هو إجهاض الجنين للأسف. أرجو أن تتفهم بأن هذا من أجل صحتها وكي تخرج بأقل خسائر ممكنة.

أومأ زين قائلًا: بالطبع ... صحتها هي الأهم بالنسبة لي.

بعد ساعات هبطت الطائرة في العاصمة الألمانية "برلين" وتم إدخال حور لذلك المستشفى حيث شرعوا بإجراء الفحوصات الشاملة لها لبدء مرحلة العلاج المناسبة لحالتها.

كان زين ينتظر بقلق وتوتر ويلاحقهم أينما أخذوها، وعقب انتهائهم نقلوها إلى غرفة خاصة وقد خلدت للنوم إثر الأدوية. جلس زين مع الطبيب المصري وصديقه الألماني الذي بدأ يشرح له عن السم وما فعله بالحالات التي نجت منه ليقاطعه زين بفراغ صبر: من فضلك ... ما يهمني هو حالة زوجتي وحسب ... أعلم بأنه سم قاتل وما إلى ذلك، لكنني أريد معرفة حالة زوجتي وما بوسعكم فعله لعلاجها.

ابتسم الطبيب عندما رأى قلقه عليها، ثم قال مطمئنًا: إنها محظوظة لاكتشاف السم في جسدها بمراحله الأولى قبل أن يدمر أعضاء جسدها ... هذا الشلل مؤقت وستتحسن تدريجيًا مع تخلص جسدها من السم ... الأمر ليس سهلًا وسيستغرق وقتًا، ونحتاج أن تكون قوية وألا تستسلم لوضعها الراهن ... سنبدأ بالمرحلة الأولى من خطة العلاج وستلاحظ بنفسك التحسن التدريجي ... المهم أن تكون الداعم الأول لها وألا تتخلى عنها فالدعم النفسي مهم للغاية لها في هذه الفترة.

رد زيد مؤكدًا: بالطبع لن أفعل ... سأبقى معها حتى تقف على قدميها من جديد.

..........................................

دخلت ليان إلى مكتب زيد بعد مغادرة الجميع فقد حل المساء وهو لا زال منغمسًا في عمله عقب انتهائه من الاجتماعات العاجلة. لم يشعر بدخولها إلا عندما وقفت بقربه وهتفت باسمه متسائلة: زيد! هل انتهيت؟

رفع رأسه نحوها متسائلًا عن الساعة، فأجابت بأنها نحو السابعة مساءً. تنهد بتعب وقال: لم أشعر بالوقت ...

أمسك بيدها وجذبها نحوه بغتة حيث طوق خصرها بذراعيه واضعًا رأسه على بطنها وقال بصوت متعب وهو يغمض عينيه: أنا متعب للغاية ... دعينا نبقى هكذا للحظات فقط ... أحتاج إلى إعادة شحن.

كانت ليان قد تجمدت مكانها إثر قربه هذا والتصاقه بها، ولم تجرؤ على لمسه بيديها عدا عن قلبها الذي كان ينبض بجنون بسببه. مضت لحظات وهي تعلق يديها في الهواء تخشى لمسه وقد اندفعت الدماء لوجهها وإذا به يقول بنفس النبرة المتعبة: ضعي يدكِ على رأسي ... لن أعضكِ.

ابتسمت رغمًا عنها وقربت يدها بتردد من رأسه حتى لمست شعره، وكانت المرة الأولى التي تسمح فيها لأناملها بمداعبة شعره والتنعم بملمسه الناعم ورغم لمساتها الخجولة إلا أنه ابتسم بسعادة وهو لا يزال يغمض عينيه حتى هتفت باسمه من جديد، فهمهم مشيرًا بأنه يسمعها كي تكمل كلامها وإذا بها تسأل بتردد: ماذا أعني بالنسبة لك؟ هل أنا محض احتياج مؤقت بسبب هذه الظروف أم ماذا؟! أنا لم أعد أفهمك ولم أعد أفهم ماذا تريد مني ... أنت تثير حيرتي وارتباكي يا زيد لدرجة أنني تعبت من هذا الحال.

رفع رأسه ونظر إليها ليتفاجأ بالدموع تترقرق في عينيها، فهب من مكانه واقفًا وهو يتساءل بقلق: لمَ هذه الدموع؟

انسابت دموعها وقالت بحرقة: تعبت ... لم أعد أفهم شيئًا ... لمَ تهتم لأمري؟ لمَ تتقرب مني؟! لمَ تقول بأنك تحتاجني؟! ماذا أكون بالنسبة لك؟! هل أنا زوجتك التي اخترتها باقتناع أم أنك مجبر على هذا الزواج؟! هل بوسعي الثقة بكلامك أم ستجرح قلبي من جديد؟! كثير من الأسئلة لا تتوقف عن ضرب عقلي ولا إجابة لدي على شيء منها ... أخبرني ماذا أفعل.

ضمها إلى صدره بقوة، فأجهشت بالبكاء مما جعله يربت عليها بحنان وهو يقول: اهدئي يا ليان ... أنا آسف على كل شيء ... آسف على كل دمعة ذرفتها بسببي ... وعلى كل ألم شعرتِ به بسبب حماقتي ... تلك الحماقة لن تتكرر صدقيني ... ليتك تعلمين ما يفعله قربك بي ... لا يسعني وصف ما أشعر به نحوكِ صدقيني ... مهما كانت حالتي صعبة ومؤلمة ومهما كنتُ مرهقًا ومحبطًا ويائسًا تكونين أنتِ الدواء لي ... قربكِ مني يصلح كل شيء في داخلي ... هل تفهمين ما أقوله يا ليان؟

رفعت رأسها لتقابل عينيه، فوضع يده على وجنتها يمسح دموعها بأنامله بينما كانت تحاول كتم شهقاتها، ثم تساءلت بحزن: هل تحبني؟

ابتسم زيد وحدق في عينيها الجميلتين للحظات، ثم أجاب قائلًا: أعلم بأنني لست رجلًا بارعًا في الغزل وقول كلمات الحب والعشق وربما لن تسمعيها مني كثيرًا، لكن كوني واثقة من أنكِ سترينها في أفعالي ... ليان! أنا أحبكِ ولم يحدث وأن وقعت في الحب من قبل ... ولا أظن بأنني سأحب سواكِ فالوقوع في الحب أمر شبه مستحيل بالنسبة لي ... لكن معكِ كل شيء يغدو بسيطًا وجميلًا وعذبًا ... بالنسبة لي هناك مشاعر أهم من كلام الحب والغزل ... هناك الشعور بالأمان ... بالطمأنينة ... الراحة ... السعادة ... الاستمتاع بأبسط الأمور عندما نكون معًا ...

كانت تستمع له وهي تبتسم بعدم تصديق وهو يعترف بحبه لها حتى قاطعته وقد تحولت ابتسامتها السعيدة لأخرى حزينة وتساءلت: والثقة؟!

أجاب زيد بثقة: أعلم بأن لدي مشاكل في الثقة، ولكنني تجاوزت هذه المرحلة معكِ لأنني تعلمت درسي وعرفتكِ جيدًا يا ليان ... صدقيني لن أشك بك مجددًا ... مهما حدث.

رمقته بحسرة وألم وتساءلت بشك وعدم تصديق: مهما حدث؟!

شعر بألمها وجرحها، فهز رأسه إيجابًا وقال مؤكدًا: أجل، مهما حدث ... يا حبيبتي.

ضمها إلى صدره من جديد وقبل أعلى رأسها، فقالت بحرقة: أود أن أصدقك ... أنا حقًا أريد ... لكنني خائفة ... ما زال كلامك الذي قلته في ليلة زفافنا يتردد في أذني.

ضم شفتيه بألم وندم، ثم عقب قائلًا: أعلم بأن الأمر ليس سهلًا، وبأنكِ تحتاجين وقتًا كي تنسي وتتجاوزي، لكن كوني واثقة بحبي لكِ يا ليان.

.............................................

مضت ساعات وتأخر الوقت وهو لم يرد على اتصالاتها أو رسائلها بعد. استشاطت غضبًا أكثر من السابق فقد لاحظت تجاهله لها مؤخرًا، وباتت تدرك بأنه بدأ يشعر بالملل منها بعد أن وجد امرأة أخرى تعجبه؛ فهذه هي عادته التي تعرفها جيدًا، ولكن كان شرطها للقبول بهذا الزواج السري هو ألا يخونها وألا يلمس سواها في فترة زواجهما حتى يشعر كل منهما بالملل من الآخر وينفصلا.

قررت الذهاب لمنزله الذي يذهب إليه عادة عندما يكون بصحبة امرأة والذي كانا يتقابلان فيه من وقت لآخر. وصلت إلى المنزل وفتحت الباب بالمفتاح الذي بحوزتها، ولاحظت السكون الذي يعم المكان إلا أنها كانت تسمع أصواتًا قادمة من غرفة النوم، فمشت بهدوء تام حتى فتحت باب الغرفة بغتة ووجدته في السرير مع فتاة عشرينية. ابتعد هو عن الفتاة وحدق بها بكل برود وجمود في حين أن الفتاة انتفضت وانكمشت على نفسها وهي تجذب الغطاء عليها.

اندفعت ندى إلى داخل الغرفة وهي تصرخ بحدة: أنا أحاول الاتصال بك منذ يومين وأنت تتجاهلني من أجل هذه القذرة؟! كيف تجرؤ على خيانتي أيها الوغد النذل؟! وأنتِ أيتها اللعينة ... هيا غادري قبل أن أقتلكِ وأمزق لحمك بأسناني.

كان يرمقها بنظرات مليئة بالمكر والتسلية ويستمتع برؤيتها تستشيط غضبًا فقد وضع ذراعيه خلف رأسه وهو يراقبها تجذب الفتاة من شعرها بعد أن جمعت ملابسها عن الأرض وألقتها خارج الغرفة، وصفعت الباب خلفها بكل ما أوتيت من قوة. رمقته بنظرات نارية كأنها على وشك قتله، فابتسم لها ببرود ليزيد غضبها وإذا بها تتقدم نحوه بخطوات سريعة وتأخذ الماء الموضوع بقربه على المنضدة الجانبية وتسكبه على رأسه إلا أنه لم يحرك ساكنًا، بل اتسعت ابتسامته مما جعلها تصرخ بغيظ: هل أنت عديم الإحساس لهذه الدرجة؟! أمسكت بك تخونني والآن تبتسم بكل برود؟!

قلب شفتيه وقال بهدوء: فتاة جميلة وصغيرة ... لم أستطع مقاومتها ... تعلمين بأن قلبي ضعيف أمام الجميلات.

أحكمت قبضتيها محاولة التحكم بأعصابها كي لا تقتل هذا المجنون وهي تقول من بين أسنانها: لقد اتفقنا بألا تلمس غيري طالما نحن متزوجين.

زفر الهواء بملل قائلًا: العقد معكِ ... مزقيه ودعينا ننتهي من الأمر.

ابتسمت باستنكار من رده قائلة: هذا يعني بأنك بتَّ تشعر بالملل مني.

ضيق عينيه وأومأ لها بالموافقة وقد عقب قائلًا: أجل، مللت منكِ ومن موضوع الانتقام خاصتكِ، ومن حبيبك زين ورغبتك باستعادته ... مللت من كل شيء يخصكِ ... هل ارتحتِ الآن؟

كان يقول كلامه هذا وقد اعتدل بجلسته وأشعل سيجارة وبدأ ينفث دخانها في حين هتفت هي باستنكار وعدم تصديق قائلة: ألم تكن موافقًا على مساعدتي بخطة الانتقام هذه مقابل حصولك على مشاريع زين ومعرفة أسرار عمله.

رد بتهكم وغيظ: أجل، وقد فشلت الخطة وتكبدت خسارة مروعة، ولست مستعدًا لتكرار التجربة لأن السيد زين يمكنه محوي من السوق بأكمله إن تكرر الأمر.

عقبت ندى بثقة: زين لا يؤذِ أحدًا وخاصة في رزقه ... لو كان قد علم بأمرك لكان قد حذرك أو على الأقل لطرد زينة من عملها.

ابتسم خالد بتهكم وقال: إما أنكِ ساذجة وغبية وإما أنكِ لا تقدرين زين الدين المصري حق تقديره ... هل حقًا تظنين بأنه لا يعلم بأمر سرقة أوراق المناقصة؟! لو لم يكن كذلك لما غيرها في آخر لحظة وسط تعتيم شديد ... وإن كنتِ تظنين بأن جهله بالأمر هو سبب بقاء زينة فأنتِ مخطئة لأن هناك احتمالين وحسب ... إما أنه لا يملك دليلًا كافيًا لإدانتها وإما أنه يريد استغلالها لصالحه ... لكن ما لا يعلمه هو بأنها تخلت عنا وعادت لتكون مخلصة له.

ضمت ندى شفتيها بغيظ وقد عادت الغيرة لتأكل قلبها فتلك الفتاة وجدت طريقة لتبقى بقرب الرجل الذي تعشقه في حين أنها محظور عليها حتى رؤيته من بعيد. لاحظ خالد شرودها وتعابير وجهها الغاضبة مما جعله يتساءل قائلًا: لمَ كنتِ تتصلين بي؟ ماذا تريدين؟

رمقته باحتقار وازدراء قائلة: لا عليك ... ظننتك رجلًا يمكنني التحدث معه والاعتماد عليه ... لكنك محض كلب يلهث خلف أي أنثى ... ألقِ عليَّ يمين الطلاق كي أمزق العقد فقد سئمت منك أيضًا ... أنتَ لستَ رجلًا يستحق أن يكون مع امرأة مثلي ... فأمثالك لا يناسبهم سوى فتيات الليل كي يحصلوا على ما استعمله عشرات الكلاب قبلهم ... هذا هو مستواك الذي يليق بك.

كانت عيناه تنذر بغضب عارم بسبب إهانتها هذه مما جعله ينهض عن السرير قائلًا: وهل السيد زين خاصتكِ هو الرجل الحقيقي والمثالي؟! لقد تزوج امرأتين من بعدك ولا زلتِ تعشقينه كالغبية.

ابتسمت ندى واقتربت منه قائلة: أجل أحبه وأعشقه بجنون ... هو رجل بكل ما للكلمة من معنى ... ولو تزوج مئة امرأة سأبقى أحبه ... ليت لديك مثقال ذرة من رجولته.

كانت هذه الجملة هي القشة التي قصمت ظهر البعير حيث أمسك بشعرها بقبضته وابتسم بشر قائلًا: تشككين برجولتي؟! أنا تنعتينني بالكلب أيتها اللعينة؟! حسابكِ معي سيكون عسيرًا للغاية.

توالت الصفعات على وجهها قبل أن يهدأ الألم الذي سببته قبضته على شعرها حتى ألقاها على السرير وهي تصرخ من الألم والذعر. شرع بتمزيق ثيابها وضربها، ثم أخذ حزامه الجلدي الذي كان على الأرض مع ملابسه وبدأ ينهال عليها بالضرب الذي على ما يبدو لن يتوقف رغم صراخها ورجائها.

.......................................................................

بانتظار تعليقاتكم وتوقعاتكم للأحداث القادمة 🔥🔥

لا تنسوا التصويت فضلًا 🙏✨❤

Continue Reading

You'll Also Like

443K 11.5K 64
جميلة عشقت الوحش 🤍🖤 بقلم حورية الإبداع/ حنين عماد💜✨ قاسي, متملك, قلبه مظلم .. أسهل شئ في حياته القتل .. رغم ثروته التي لا تُعد والقصور والسيارات ا...
2.9M 41.4K 61
مطلق لقب حول حياتي للجحيم الابدي وكأنه ذنب لايغتفر مطلق كنت اظن ان هذا اللقب اللعين خاص بالسيدات فقط وان الرجال لايطلقون عليهم بذلك اللقب ولكن الم...
562K 3.5K 5
أحبته، بل عشقته ، كان الرجل الأول والأخير بحياتها،تمنته منذ كانت بضفائر ، دعت ربها حتى استجاب وأصبح زوجها بل وصار عشيقها عندما اكتشفت أنه يبادلها حبه...
14.1K 468 18
عندما تهان كرامتك.. حتى لو بدون قصد.. عندما يمن عليك الآخرون بما فعلوه لأجلك.. حينها فقط لن تستطيع الصمود.. و البقاء فى حياتهم.. قررت الإبتعاد و الخر...