عمرُ روحي

By MayamShahid

30.7K 1K 458

لا تسألني كم عمري ... اسألني كم عمر روحي. لماذا دائمًا ترتبط فرص زواج الفتاة عكسيًا بالعمر؟! ... كلما زاد عمر... More

الشخصيات
الفصل 1 (حديثي مع النجوم)
الفصل 2 (مشاعر هشة)
الفصل 3 (انطفاء الروح)
الفصل 4 (دموع القلب)
الفصل 5 (فرصة أخرى)
الفصل 6 (كابوس مظلم)
الفصل 7 (رماد قلب)
الفصل 8 (هل هي بداية حب؟!)
الفصل 9 (عاصفة سوداء)
الفصل 10 (طريق النهاية)
الفصل 11 (تحت الركام)
الفصل 12 (روح حرة)
الفصل 13 (ملتقى القلوب)
الفصل 14 (روح خلقت لي)
تنويه هام
الفصل 15 (توأم روحي)
الفصل 16 (هل هو الفراق؟!)
الفصل 17 (ليلة وداع)
الفصل 18 (نتيجة اختيار)
الفصل 19 (لقاء الحبيب)
الفصل 20 (فرصة جديدة)
الفصل 21 (على موعد مع الحب)
الفصل 22 (النصيب الجميل)
الفصل 23 (حفل زفاف)
الفصل 24 (مع الشخص المناسب ستزهر)
الفصل 25 (للسعادة مذاق آخر)
الفصل 26 (ظلال من الماضي)
الفصل 27 (لآخر نفس)
الفصل 28 (ارتباك خوف ... أم عشق؟!)
الفصل29 (دقات قلب)
الفصل 30 (ما قبل الطوفان)
الفصل 31 (مزيج غريب)
الفصل 33 (خطوات الشيطان)
الفصل 34 (الكلب الأسود)
الفصل 35 (مكيدة شيطانية)
الفصل 36 (الشر بالمرصاد)
الفصل 37 (كشف المستور)
الفصل 38 (تسوقنا الأقدار)
الفصل 39 (على طريق الحب نلتقي)
الفصل 40 (قريب أم غريب؟)
الفصل 41 (قليل من الوقت بعد)
الفصل 42 (كيد الكائدين)
الفصل 43 (طيف نهاية)
الفصل 44 (الهدوء الذي يسبق العاصفة)
الفصل 45 (روح مهشَّمة)
الفصل 46 (ما بين عشق وظن)
الفصل 47 (دموع خذلان)
اقتباس
الفصل 48 (أزمة ثقة)
الفصل 49 (ما بين أمل وألم)
الفصل 50 (فرحة قلب)
الفصل 51 (دعوة قلب)
الفصل 52 (انهيار)
الفصل 53 (محنة)
الفصل 54 (أمل بالله لا يخيب)
الفصل 55 (رغم الألم)
الفصل 56 (فرصة ... اختيار)
الفصل 57 (معًا ... مهما طال الطريق)
الفصل 58 (أمان القلوب)
الفصل 59 (تقارب القلوب)
الفصل 60 (أمل قلب لا ييأس)
الفصل 61 (سندي وقوتي)
الفصل 62 (الوصال)
الفصل 63 (سحر العناق)
الفصل 64 (لنسرق من العمر ليلة)
الفصل 65 (طريق العودة)
الفصل 66 (قلب عاصف)
الفصل 67 (ملاك وشيطان)
الفصل ٦٨ (فخ محكم)
الفصل 69 (ما بين بداية ونهاية)
الفصل 70 (هدوء .. غضب)
الفصل 71 (الحمل والذئب)
الفصل 72 (نسمات باردة)
الفصل 73 (انتقام شيطاني)
الفصل 74 (جريمة زفاف)
الفصل 75 (ليلة عصيبة)
الفصل 76 (دوامة حيرة)
الفصل 77 (نهاية كابوس)
الفصل 78 (تحطم الجليد)
الفصل 79 (تساقط الأوراق)
الفصل 80 (طريق مسدود)
الفصل 81 (دقات على باب القلب)
الفصل 82 (انتظار وقرار)
الفصل 83 (الأمل في الحب لا ينتهي)
الفصل 84 (صاعقة الموت)
الفصل 85 (أرواح حائرة)
الفصل 86 (فرصة أخرى)
الفصل 87 (ظلال الماضي السوداء)
الفصل 88 (السقوط في وادي الظلام)
الفصل 89 (تلاحم القلوب)
حسابي على تيليجرام
الفصل 90 والأخير (وتستمر الحياة ... بحلوها ومُرّها)
الخاتمة ❤

الفصل 32 (أحتاج إليك)

258 11 3
By MayamShahid

لا تنسوا التصويت والضغط على النجمة للتشجيع

جلست ترتشف مشروبها الساخن وهي تتفحص ما أرسله لها ذلك البغيض بتمهل كي تبدأ بعملها في حين كان الأخوة الثلاثة يناقشون المناقصة الجديدة ومعهم ليان وزينة وآخرين.

انغمس كل منهم في عمله وبالكاد انتبهت حور للوقت ونهضت لتجد لها مكانًا وتصلي الظهر. لا أحد من حولها رمقها بنظرة حتى تشجعها على سؤاله إن كان هناك مكان للصلاة وهي على يقين أنه لا يمكن لزين ألا يخصص مكانًا للصلاة في الشركة. توجهت إلى مكتب وتين، فوجدت زميلها فؤاد وسألته عنها، ليخبرها بأنها خرجت لتجري مكالمة على ما يبدو.

خرجت وقد قررت الذهاب إلى مكتبها المستقبلي ذاك كي تتوضأ وتصلي فيه.

بعد أن فرغت من صلاتها أرسلت له رسالة تسأله إن كان قد صلى ومتى سيتناولان الغداء لأنها بالفعل جائعة. ابتسم ما أن قرأ رسالتها، فأدركت زينة من ابتسامته بأنها رسالة من زوجته. نظر لهم زين قائلًا: لنأخذ استراحة للصلاة وتناول الغداء ومن ثم سنكمل.

قلب زيد شفتيه وقال بخبث: منذ متى تمنح استراحة غداء قبل أن تنهي العمل؟

ابتسم يزيد وقال بمكر هو الاخر: يبدو بأنه لا يطيق صبرًا على البعد.

ابتسم زين قائلًا: اصمتا ... سأخرج لنحو ساعة أو أقل.

هتف زيد وهو يراه يتوجه نحو الخارج: استمتع بوقتك ... آمل ألا يزداد وزنك فقط بسبب طعامها اللذيذ.

استدار زين ورمقه بحنق مصطنع، فأردف يزيد مدافعًا عن أخيه الصغير: ماذا؟ أليس طعامها لذيذًا؟! أنت محظوظ يا رجل ... ليس مثلي.

قالها يزيد بضجر وتذمر، فضحك زيد وهو يحمل حاسوبه وينهض قائلًا: لنذهب ونتناول الطعام مع أمي.

نهضت زينة وخرجت في حين كانت ليان تجمع أوراقها، فنظر لها زيد قائلًا: لا تخرجي من الشركة ... تناولي طعامكِ هنا وإن أردتِ شيئًا أخبريني لأحضره لكِ في طريقي.

رغم نبرته الجادة الحازمة إلا أنها بدأت تفهم بأنها اهتمام وليست حدة، لذا ابتسمت وشكرته قائلة بأنها ستطلب الطعام، ولن تخرج بما أن لديها الكثير من العمل.

......................................

دخل زين إلى مكتبه وتوجه على الفور نحو الحمام ليدخل تلك الغرفة، وتفاجأت به حور يدخل مكتبها، فشهقت قائلة: كيف دخلت؟

ضحك زين عندما رأى ردة فعلها وقال: وهل هو مصمم للدخول باتجاه واحد يا حور؟ إنه للدخول والخروج.

ارتبكت حور من قربه وهي تراه يطوق خصرها بذراعيه وتساءلت قائلة: هل صليت؟

رمقها بنظرات عابثة وأجاب قائلًا: ليس بعد ... أردت رؤيتكِ أولًا.

اقترب وقبلها بشغف أذاب اعتراضها الواهي حتى اضطر لتفريق تلك القبلة وقال: عودي لمكتبك الآن ووافيني في المرآب بعد عشرة دقائق، اتفقنا حبيبتي؟

ابتسمت وأومأت له موافقة وراقبها بنظراته حتى خرجت، ليعود هو إلى مكتبه كما أتى ويتوضأ ليؤدي صلاته.

عندما همت حور بدخول المكتب سمعت صوت وتين تتحدث بصوت منخفض عبر الهاتف وقد التقطت أذنها صوتها الباكي وتحدثها بحرقة. لم تفهم ما تقوله بالتحديد بسبب صوتها المنخفض وضعف السمع لديها بالطبع، لكن من الواضح بأنها تتشاجر مع أحدهم. أكملت حور طريقها إلى مكتبها كونها تعلم بأنه ليس من اللائق أن يراها أحد تستمع إلى مكالمة وتين في حين أنها تحاول التحدث بشيء من الخصوصية وهي مختبئة في إحدى الزوايا لدرجة أنها لم ترها بل فقط سمعت صوتها.

انتهت مكالمتها بعد لحظات وهرعت إلى الحمام، فرأتها صديقتها أماني وتبعتها لترى ما خطبها. كانت وتين تبكي بعد شجار مع خاطبها والذي ازدادت المشاكل بينهما مؤخرًا.

- ما خطبكِ؟ لمَ تبكين؟

- لقد تعبت ... لا أدري ماذا أصابه ... أشعر بأنه لم يعد يطيق أي تصرف أقوم به ولا أي حرف أتفوه به حتى.

- ماذا حدث مجددًا؟

تنهدت وتين وجففت وجهها الذي غسلته بالماء، وبدأت تروي لها ما حدث بينهما وكيف اشتعل الشجار من أبسط الأمور بسبب اختلاف بسيط في الرأي على تجهيزات حفل الزفاف والذي يفترض أن يقام بعد شهرين.

عقبت أماني قائلة وهي تربت على كتف وتين: سيكون لي حديث مع هذا الأحمق ... لا تقلقي ... سأتكلم معه وأوبخه من أجلك ... كيف له أن يحزن هذا الوجه الجميل؟! ... لا تقلقي بشأن شيء ... اهدئي وعودي لعملك.

...........................................

دخلت حور المصعد، لتجد زينة تسرع وتضع يدها قبل أن ينغلق باب المصعد لتدخل هي الأخرى قائلة: ما الذي تفعلينه في هذا المصعد؟

رمقتها حور باستغراب من أسلوبها الجاف هذا وقالت ببرود: ما يفعله الناس في المصاعد.

زمت زينة شفتيها بغيظ وعقبت قائلة: هذا المصعد مخصص للمدراء فقط ... مصعد الموظفين في الجهة الأخرى.

همهمت حور وقالت ببرود: لم أكن أعلم ... لقد رافقت السيد زين ولم يخبرني بشأن المصعد عند قدومنا ... لكن بما أنه للمدراء فقط ... لماذا تستعملينه أنتِ؟

ردت زينة وهي ترى حور تتكلم بابتسامة أثارت غيظها أكثر: أنا المساعدة الرئيسية لهم.

همهمت حور وقلبت شفتيها ببرود وعادت لتنظر أمامها، ثم خرجت زينة من المصعد عندما وصلت إلى الطابق المنشود في حين أكملت حور حتى وصلت المرآب.

نظرت من حولها تبحث بعينيها عن زين حتى رأته يبتسم ويشير لها، فسارعت الخطى نحوه، ثم فتح لها باب السيارة الجانبي واحتل مكانه خلف المقود. انطلق زين بسيارته وإذا بحور تتساءل بحماس: أين سنذهب؟

ابتسم زين ورد بلطف: هناك مطعم جميل قريب من هنا ... سنذهب لتناول الغداء هناك ... أخبريني ماذا فعلتِ بشأن العمل؟

ابتسمت حور قائلة: لا تقلق، لقد تصرفت معه وبدأت العمل على الموقع.

أمسك زين بوجنتها وقال: أحسنتِ يا قمري.

ابتسمت حور وتساءلت قائلة: هل هذا المطعم لديه قائمة طعام جيدة أم سأتناول البطاطس والسلطة؟

ضحك زين وقال: هل يعقل أن يفوتني أمر كهذا؟! لقد تحدثت مع صاحب المطعم شخصيًا ليهتم بقائمة الطعام وحجزت مكانًا لنا.

ضحكت حور قائلة: مع صاحب المطعم شخصيًا؟!

ابتسم زين قائلًا: إنه صديقي، لذا لن يمانع بتلبية طلبات أميرتي.

ابتسمت حور بخجل، ثم تذكرت أمر زينة وتساءلت قائلة: زين! تلك المساعدة الأخرى ... زميلة ليان.

حمحم زين وقال: تقصدين زينة؟ ما بها؟

ضيقت حور ما بين حاجبيها وتساءلت باستغراب: لمَ تتحدث معي بهذه النبرة؟ ليس معي وحسب فقد لاحظت نبرتها مع ليان وحتى معك ... هل هذه نبرة صوتها الطبيعية أم ماذا؟ أنا فقط لا أريد أن أسيء فهمها فنبرتها حادة وتحمل شيئًا من الهجوم.

ازدرد زين ريقه فآخر ما يريده هو أن يتحدثا بشأن زينة وغضبها الناجم عن حبها له؛ فهو لا يريد أن يكون ذلك سببًا للتوتر بينهما. يدرك بأنه إن علمت حور بشأن مشاعرها ستطلب منه نقلها أو ربما طردها خاصة أن زينة ترفض موضوع النقل هذا.

رد زين قائلًا: لم تكن هكذا ... كانت لطيفة ومرحة وما إلى ذلك ... لكنها في الفترة الأخيرة تغيرت كثيرًا ... يبدو بأنها مرت بظروف شخصية صعبة ... لا تأبهي لها فأنتِ لن تتعاملي معها على أي حال.

قلبت حور شفتيها وعادت بنظرها إلى الطريق في حين مد هو يده نحو يدها، وخلل أصابعه بين خاصتها، فالتفتت له ورمقته بحب وابتسامة عذبة تتأمل تلك الملامح التي خطفت قلبها، وجعلتها تجرب مشاعر العشق التي سمعت عنها لأول مرة.

.....................................................

خرجت زينة من الشركة ومشت قليلًا لتركب سيارة كانت بانتظارها والتي لم تكن سوى سيارة ندى.

- لماذا تأخرتِ؟

- كان لدي عمل ... أنهيته وخرجت.

- متى سينهي أوراق المناقصة؟

- ربما خلال يومين أو ثلاثة ... كنا في اجتماع منذ قليل من أجلها وسنكمل عقب استراحة الغداء.

- ألم يقم بإنهاء الاجتماع؟ هذا غريب.

- كل تصرفاته باتت غريبة ... نهض وخرج مهرولًا فور أن تلقى رسالة منها ... سيذهب لتناول الغداء مع سيدة الحسن والجمال.

- ألم تقابليها بعد؟

- لا ... ولا أعلم ماذا سأفعل إن رأيتها.

- ابقي حذرة ... أريد أوراق المناقصة خاصته فور انتهائه منها.

- وماذا سنستفيد إن خسرها؟! ما زلت لا أفهمك ... السيد زين لن يأبه لذلك فهو يؤمن بأن الرزق بيد الله.

- الأمر هذه المرة مختلف ... هذه المناقصة ضخمة للغاية وأكبر شركات المقاولات تريدها ... ستكون أول وأكبر خسارة له عقب زواجه بتلك الغبية وسيتبعها الكثير.

انقبض قلب زينة وأشاحت بوجهها بعيدًا وهي تشعر بالسوء من نفسها؛ فهي لم تكن تتمنى له الأذى يومًا ولا تدري كيف وافقت ندى على الانتقام منه بعد أن حرضتها ضده بكل خبث ومكر. رفعت ندى زاوية شفتيها بتهكم وقالت:

- هل أنتِ نادمة؟ لم نبدأ بانتقامنا بعد.

- لم يحدث وأن تمنيت له الأذى ... لا يمكنني أن أتخيل بأنني سأتسبب بإيذائه بهذا الشكل.

- ألا يكفي بأنه كسر قلبكِ؟!

- لكنه لا يعلم بمشاعري تجاهه.

- لماذا يريد نقلكِ إذًا؟! بمَ تفسرين هذا؟ أليس لأنه يريد إبعادكِ عنه بعد زواجه؟

- لا أعلم.

- بل تعلمين، لكنك تحاولين اختلاق الأعذار له. زين ذكي للغاية وليس ساذجًا كي لا يلاحظ نظرات الحب والاهتمام في عينيك رغم أنني لاحظتها في اللقاءات المعدودة بيننا. هو ببساطة لم يهتم لأمرك، ولا يفكر بكِ كامرأة وتناسى كل ما بذلته من أجل الشركة. إنه لا يستحق حبكِ وإخلاصكِ وتفانيكِ في العمل. انتقمي من أجل نفسك وكرامتك. لقد استغل حبك وتفانيك بالعمل من أجل مصلحته حتى الرمق الأخير، ثم استبدلكِ بفتاة أخرى لتأخذ مكانكِ وفوق ذلك تزوج والآن يريد إبعادكِ من طريقه. لا تكوني غبية يا زينة.

انسابت دموعها وعادت نظرات الحقد والغضب إلى عينيها وهي تقول: الملف سيكون معكِ قبل موعد التسليم.

خرجت زينة مسرعة في حين ابتسمت ندى وقالت ساخرة: يا لها من غبية! سيكرهها الجميع وأولهم زين، وستندم كونها فكرت بسرقته مني. سأضرب عصفورين بحجر واحد.

........................................................

مرت الساعات وانتهى الدوام وبدأ الموظفون بالمغادرة فأرسلت حور له رسالة تسأله إن كان قد انتهى من عمله فرد بأخرى يطلب منها أن تمهله عشرة دقائق. كم هو ممتن لتفهمها ظروف عمله وانشغاله الذي بدأ يزداد نظرًا لضغط العمل.

العشر دقائق باتت عشرون وقد انشغلت هي الأخرى بعملها كي لا تشعر بالملل وإذا به يفاجئها بقدومه معتذرًا فابتسمت قائلة:

- لا عليك، أنا كذلك انشغلت لأنهي بعض الأمور.

- جيد فقد خشيت أن تكوني غاضبة الآن.

- لمَ قد أغضب؟! لقد منشغلًا بالعمل وليس اللعب وأنا أقدر ذلك لأنني في كثير من الأحيان أنسى الوقت عندما أركز في عملي.

كانت قد نهضت وبدأت تجمع متعلقاتها وتضعها في حقيبتها ثم نظرت له قائلة: ألن تسبقني؟ هل سنخرج معًا؟

ابتسم زين قائلًا: لقد غادر الجميع ولم يبقَ أحد يا حبيبتي، هيا بنا.

اقتربت منه حور لتمشي برفقته وإذا به يطوق خصرها ويجذبها إليه فشهقت قائلة: زين! هناك كاميرات.

ضحك زين وقال: لا تقلقي، نظام هذا الطابق منفصل عن بقية الشركة. فقط أنا ويزيد وزيد من بوسعهم الدخول إليه ونفعل ذلك عند الحاجة فقط.

ما أن أنهى جملته حتى انقض على شفتيها وعصف بمشاعرها للحظات. السحر الذي تحمله ويجذبه إليها يجعله لا يأبه لمكان أو زمان فكل ما يريده هي وحسب. أراد أن ينهل المزيد من شفتيها فأبعدت رأسها للخلف وابتسمت قائلة: كفى ... لنعد إلى البيت من فضلك.

..............................................

مضت بضعة أيام وكلاهما منهمك في عمله وبالكاد يجدان الوقت ليسترقا بعض اللحظات الوردية. شعرت ببعده حتى في البيت، فانشغاله بتلك المناقصة وغيرها من أمور العمل جعلته بالكاد يجد الوقت ليتحدث معها.

كان يجلس على الأريكة وأمامه حاسوبه يتابع عمله بهدوء، فأتت حور وجلست بقربه ومسحت على شعره قائلة: هل تريد شرب شيء ما يا روحي؟

أمسك بيدها وقبلها ورمقها بأسف واضح، ثم طلب منها فنجانًا من القهوة. لبت طلبه بابتسامة عذبة وعادت لتجلس بجواره، وتحاول أن تضيع الوقت بتصفح هاتفها ومحادثة أمها ولم يعد بوسعها إخفاء شعورها بالملل. لم تجد أمامها سوى التلفاز لتشاهد فيلمًا ما ريثما يحين موعد النوم فهي مرهقة ولا يسعها التركيز في قراءة شيء الآن. اختارت فيلمًا، ثم نظرت له قائلة:

- لا تقلق، سأبقي الصوت منخفضًا.

- لا عليكِ حبيبتي، لن أنزعج من الصوت.

- زين! هل يمكنني وضع رأسي على ساقك؟

ترك ما في يده وضمها إلى صدره وقد استشعر احتياجها إليه حيث قال: سامحيني يا حور ... أعلم بأن انشغالي عنكِ يجعلكِ تشعرين بالملل وربما البعد والإحباط، لكن الأمر ليس بيدي. هذا العمل لا يمكن أن يقوم به سواي؛ فزيد لا زال يحتاج إلى مزيد من الوقت كي يأخذ الخبرة اللازمة ويزيد لا يعرف الكثير.

عادت الطمأنينة والراحة تتسلل إلى روحها وهي بين ذراعيه حيث عقبت قائلة: أعلم كل هذا ... وأقدر انشغالك ... لكن رغمًا عني أشعر بالملل والضجر بسبب بعدك ... لقد كنت تحيطني بحبك واهتمامك طوال الوقت وغياب كل هذا فجأة ...

تنهدت ولم تكمل، ليعقب هو قائلًا: سأعوضكِ ... أعدكِ بذلك.

ابتعدت عنه وطبعت قبلة على شفتيه، ثم ابتسمت قائلة: أكمل عملك كي لا تتأخر في السهر.

عدلت وضعيتها وتوسدت ساقه في حين بقي هو يمسح على شعرها وكتفها بين الحين والآخر حتى انتهى من عمله ونظر لها فوجدها نائمة. شعر بالأسف ففي اليومين الماضيين نامت وهي بانتظاره كونه كان يعمل وهو جالس على السرير، ليتفاجأ بها تغفو بقربه عندما ينتهي. لا يمكنها النوم إن لم يكن بجانبها، فماذا عساها تفعل؟!

فتحت عينيها عندما شعرت به يحملها بين ذراعيه متوجهًا إلى الغرفة، فطلبت منه أن ينزلها أرضًا إلا أنه رفض. وضعها على السرير برفق، ثم استلقى بجانبها وضمها إلى صدره بقوة وهو يهمس لها قائلًا: عندما ننتهي من هذه المناقصة ونربحها بإذن الله سآخذ إجازة لبضعة أيام ونذهب إلى مكان ما.

ابتسمت وهمست بصوت غلب عليه النعاس: ستأخذني لأرى الأهرامات وأركب الجمل؟

ضحك بخفوت، ثم أجاب قائلًا: أجل، وأكثر من ذلك. فلتكن مفاجأة، اتفقنا؟

همهمت بنعاس وهي تبتسم حتى أغلقت عينيها وهي تقول: أحبك.

قبل رأسها ورد قائلًا: وأنا أحبك يا حوري.

هي طفلة وجدها داخل تلك المرأة التي أعاد لها الشعور بأنوثتها ... تحتاج للحب والاهتمام والقرب ... تفرح بكل ما يفعله من أجلها مهما كان بسيطًا ... تستشعر الأمان معه وبقربه فهي من دونه وحيدة بائسة مهما كثر الناس من حولها.

......................................................

في اجتماع اليوم التالي منح زين ليان ناقلة بيانات وطلب منها أن تطبع الملف وتضعه في مغلف وتسلمه لزيد مع تشديده على سرية هذا الملف الذي يخص المناقصة.

اشتعلت زينة غيظًا وهي تراه يأتمن ليان على أمر بهذه الأهمية، فنظرت لليان وقالت بتهكم: أرجو أنكِ تدركين مدى أهمية هذا الملف ... هناك ملايين على المحك وليس محض ملف عادي.

استنكر زيد كلامها وقال: ليان لديها خبرة طويلة في هذا المجال وكانت تعمل في فرع الاسكندرية، وليست أول مرة تتعامل بها مع شيء كهذا.

ردت ليان بابتسامة مقتضبة وهي تنهض تستأذن منهم الخروج، ثم تبعتها زينة وهي تفكر كيف ستأخذ نسخة من ذلك الملف.

نظر زيد لأخيه وقال بغيظ: إنها تتمادى أكثر وأكثر يا زين ... كنت أحاول تفهم ما تمر به، ولكن بعد الآن ... لا ... لمَ علينا احتمالها حتى هذه اللحظة؟!

تنهد زين وهو يمرر أنامله على جبهته: أريد رؤية خط النهاية ... إلى أين ستصل بما تفعله هذا؟

تنهد زيد وقال: أنا لن أحتملها أكثر من ذلك ... موقف آخر وسأنفجر في وجهها.

ابتسم زين وحاول ممازحته ليهدأ قائلًا: لماذا اشتعلت غضبًا رغم أن صاحبة الشأن لم تأبه بما قالته زينة؟!

حمحم زيد وقال بارتباك يحاول إخفاءه: لأنني لا أسمح لأحد بأن يهين موظف يخصني أو أي إنسان بشكل عام.

همهم زين وهو يهز رأسه، ثم أردف قائلًا: أجل، أنت محق. خاصة لو كانت ليان التي تعتني بها وتهتم لأمرها كما لو كانت ... ابنتك أو أختك.

كان زين قد توقف قبل أن ينطق بآخر كلمتين، ليجد نظرات الارتباك في عيني زيد في حين أنه كان يقاوم تلك الابتسامة التي على وشك الظهور على شفتيه. قرر أن يغيظه أكثر وقال: إنها فتاة رائعة ... فقط لو يتوقف جواد عن عناده بشأن الزواج ... فرق العمر بينهما ليس كبيرًا جدًا.

اتسعت عينا زيد وقال مستنكرًا: جواد! إنه في عمر يزيد والفارق حوالي خمسة عشر عامًا في حال نسيت الحساب.

قلب زين شفتيه بعدم اكتراث وقال: وماذا في ذلك؟ إنه فرق مناسب للغاية ستساعده على احتوائها والاهتمام بها وتفهمها، هل أتحدث معه برأيك؟

أحكم زيد قبضته ونهض قائلًا بتهكم: قبل أن تحاول أن تحل مشكلة جواد حاول أن تجد حلًا لأمر ابنة عمتك تلك التي ستأتي اليوم لتعيش معنا. أعلم بأن ليان قبلت بأن تشاركها الشقة، ولكن علينا أن نجد حلًا.

نفخ زين الهواء بتعب وقال: كان الله في عون ليان ... إنها لا تطاق.

عقب زيد وهو يحمل حاسوبه وينهض: ما زلت لا أفهم كيف قبل عمي بقدومها وحدها.

خرج زيد وبقي يزيد الذي كان مشغولًا بالرد على حنان وهو يشعر بالغيظ، فابتسم زين عندما رآه يغلق الهاتف بحنق وتساءل قائلًا: ما خطبك؟

تأفف يزيد وقال متذمرًا: كالعادة ... إحدى قريباتها اشترت شيئًا وتريد أفضل منه وليس مثله وحسب ... بدأت باختيار هداياها للمناسبات القادمة التي لا أذكرها حتى ... كل مناسبة تطلب هدية حتى في يوم ميلادي أنا والطفلين يجب أن تحصل على هدية.

ضحك زين وقال: إنها تحب الهدايا، فماذا عساك تفعل؟ هل ستبخل عليها؟

تنهد يزيد قائلًا: أبخل؟! ليتني كنت بخيلًا يا أخي، ولكنني أخطأت عندما جعلتها تعتاد على تلبية كل طلباتها. يبدأ الأمر بدافع الحب، ولكن لاحقًا تفقد السيطرة. أقسم لك بأن هناك مجوهرات لم تقم بارتدائها سوى مرة واحدة، وملابس لم تقم بارتدائها مطلقًا.

هم زين بالرد وإذا بجواد يطرق الباب ويدخل وملامح وجهه الجادة جعلت زين يدرك بأن هناك خطب ما. لم ينتبه يزيد للأمر، فرد التحية على جواد وغادر متوجهًا إلى مكتبه. نهض زين وتساءل بقلق:

- ماذا هناك؟

- أتيت لأخبرك بأمرٍ ما ... لست واثقًا مما يحدث ... لكن الحذر واجب.

- تكلم.

.............................................................

- وتين! ... وتين!

خرجت من شرودها ونظرت له قائلة:

- نعم فؤاد.

- عدلي هذا التصميم من فضلك ... هناك خطأ في النص وحتى القياسات ليست دقيقة ... هذه التصاميم من أجل الموقع الذي تعمل عليه حور.

- أجل، أعلم ... لم أنتبه ... سأعدله على الفور.

تنهد فؤاد بتعب فحالها يزداد سوءًا والملام الوحيد هو زوجها المستقبلي. لا يسعه مناقشة شؤونها الخاصة؛ فهي تبقي مجال الحديث بينهما رسميًا إلى حد ما ولا تحبذ الخوض في الأمور الخاصة على عكس أماني التي لا تتحرج من سؤال أي شخص عن ماضيه بأكمله ومعرفة كل أسرار حياته. لا تعلم كيف يسعها فعل ذلك، وتتفاجأ في كل مرة بأنها تحدثها عن رجل تجهله تمامًا، وبتفاصيل ربما لا يعرفها عنه سوى عائلته وعندما تسألها كيف علمت يكون جوابها جاهزًا بأنه هو من أخبرها وهم يناقشون العمل. لا تعلم كيف يتطور حديث العمل خاصتها ليصل إلى خصوصية رجال غرباء وفي النهاية تتساءل كيف تخبرها بزهو بأن هناك رجل معجب بها، ولكنها ليست كذلك لأن ظروفه لا تناسبها. لمَ عساها تتحدث معهم بهذا العمق وتثير إعجابهم بها لينتهي الأمر برفضها لهم. لطالما تساءلت عن نيتها من فعل ذلك أم أنها حقًا لا تدرك بأن تلك الأحاديث والمراسلات ستعجل الطرف الآخر يتوقع أمورًا ويبني عليها في حين أنها فقط تشبع فضولها بشأن حياة الآخرين. فضول، نعم، هذا ما كانت تفسر به تصرفات أماني وربما شعورها بالنقص أو حتى الحسد نظرًا لظروفها العائلية المليئة بالمشاكل.

................................................

أعلن هاتفها عن وصول رسالة منها يطلب منها القدوم إلى مكتبها المستقبلي، فابتسمت وتوجهت إلى هناك مباشرة. ابتسم فور رؤيته لها تدخل من الباب وفتح ذراعيه، فابتسمت هي الأخرى وهرولت نحوه لتستمتع بدفء أحضانه. بقيا على هذا الحال للحظات، ثم همس لها قائلًا: دعينا نصلي ونتناول طعام الغداء.

نظرت إلى الطاولة وتساءلت قائلة: هل سنأكل هنا اليوم أيضًا؟ ألم تقل بأنك انتهيت من أمر المناقصة؟

ضم شفتيه، ثم قال بحرج وهو يمد يديه ليمسك بكفيها: في الحقيقة ... ظهرت مشكلة وعلي تعديل بعض الأمور فيها ويجب أن أنهيها اليوم ... أردت أن نتناول الغداء معًا لأنني سأتأخر اليوم ... ستعودين مع زيد وليان إلى البيت.

رمقته بإحباط وعقبت قائلة بتساؤل: لماذا يجب أن تبقى هنا وحدك؟ ألا يمكنك العمل في المنزل؟ لن أزعجك مطلقًا، أعدك بذلك.

ضمها زين إلى صدره من جديد وقال: ومن قال بأنكِ تزعجينني يا حور؟! لا شيء من هذا القبيل يا حبيبتي.

رفعت رأسها إليه وقالت برجاء: أكمل عملك في المنزل إذًا، أرجوك. لا أريد البقاء وحدي.

داعب وجنتها بأنامله قائلًا: يمكنك البقاء مع ليان حتى عودتي وستكون هناك ابنة عمتي أيضًا.

قطبت حاجبيها وقالت: تقصد آمال ... ستأتي اليوم، أليس كذلك؟

رمقها بمكر وقد لمح الغيرة في عينيها وتساءل ببراءة مصطنعة: لمَ يبدو عليك الضيق من قدومها؟ أنتِ لم تريها سوى يوم حفل زفافنا.

ابتعدت عنه حور وقالت: لمَ عساي أنزعج؟! ... لا شأن لي بها ... سأذهب لأتوضأ.

تركته ودخلت إلى الحمام، فابتسم وهز رأسه باستنكار وهمس قائلًا: إنها تعلم ... لذا تشعر بالغيرة.

...........................................................

فعلت ليان ما طلبه زين وطبعت الملف وبات المغلف بين يديها. وضعت ناقلة البيانات في حقيبتها، ثم وضعتها في خزانة مكتبها وذهبت لتسلم الملف لزيد.

ما أن تأكدت زينة من ذهابها أسرعت لتخرج ناقلة البيانات بارتباك تام وقلبها يقرع طبول الحرب من شدة التوتر. نسخت الملف على حاسوبها وأعادتها مكانها كأن شيئًا لم يكن.

............................................

خرجت حور من الحمام ووجدت زين ينظر إلى هاتفه، فقالت: لقد انتهيت، هيا بنا لنصلي.

تنهد زين بتعب ونهض، فلاحظت اختلاف تعابير وجهه واقتربت منه متسائلة: ماذا هناك؟ هل أنت بخير؟

ابتسم زين قائلًا: بخير حبيبتي ... لا يوجد شيء.

............................................

سلمته الملف وهي الآن توشك على الخروج، لكنه بحاجة لخلق حديث معها كي تبقى أمامه لمدة أطول. يكره اختفاءها من أمامه بسرعة وجعل مجال الحديث بينهما مقتصر على العمل وحسب. هتف باسمها، فالتفتت نحوه من جديد قائلة بصوتها العذب: نعم.

نهض من خلف مكتبه واقترب منها قائلًا: كنت أود إخبارك بشأن آمال ...

نظرت له بانتظار أن يكمل كلامه وأومأت له برأسها ليتابع، لكنه ضاع في سحر عينيها وبات تجميع الكلمات صعب عليه. استغربت صمته وتحديقه بها، فقالت: ما بها آمال سيد زيد؟

خرج من شروده وحمحم قائلًا: آه ... لا تقلقي بشأن مكوثها معكِ فهو وضع مؤقت ريثما يعود زين وحور إلى شقتهما.

ابتسمت ليان وردت بلطف: لا مشكلة لدي بمشاركتها الشقة فهي شقتكم في النهاية ولكم حرية التصرف.

هتف زيد: لا، لقد اتفقنا من البداية على حصولك على سكن مستقل ولا يحق لنا إجبارك على العيش معها.

عقبت ليان بابتسامتها العذبة: لا يوجد إجبار أو شيء من هذا القبيل ... سأعتبر نفسي في سكن ولكل منا غرفتها وخصوصيتها.

ابتسم زيد وقال: شكرًا على تفهمك.

همت بالخروج من جديد بعد أن استأذنته، لكنه أوقفها مجددًا وقال وهو يضع يده خلف رأسه بارتباك: ما رأيكِ بالذهاب لتناول البوظة؟

رأى علامات التردد على وجهها، فأردف بسرعة قائلًا: حور ستكون معنا ... أخبرني زين بأنه سيتأخر اليوم في الشركة وستعود حور معنا إلى البيت ... ما رأيكِ؟

ابتسمت ليان بحماس وقالت: إن وافقت حور فلا مشكلة ... لنذهب.

استأذنت مجددًا وخرجت، فعاد إلى مكتبه وهو يبتسم بسعادة قائلًا بأمل: لنرى إلى أين سنصل يا ليان ... هل حقًا سيدق قلبي لكِ؟ لن أقدم على أي خطوة قبل أن أتأكد ... لا يمكنني إيذاؤها والتسبب بمشاكل في العمل ...

تنهد وأغمض عينيه قائلًا: لن أخضع لضغوط أمي وتلميحاتها ... سأفعل ما أراه صحيحًا وحسب.

...........................................

انتهى الدوام ودخلت إلى مكتبه بعد انصراف زينة التي خرجت على عجلة من أمرها فور انتهاء الدوام. وجدته منكبًا على مكتبه وقد فك ربطة عنقه ورفع أكمام قميصه ورغم إرهاقه الواضح إلى أنه وجدته جذابًا للغاية.

ابتسمت ووضعت فنجانًا من القهوة بقربه، فنظر لها بامتنان قائلًا: شكرًا لكِ حبيبتي.

ابتسمت هي الأخرى ومررت يدها على شعره ووجنته بحب، فأمسك بيدها وقبلها وجذبها لتجلس على ساقيه وطوق كل منهما الآخر بقوة كأنه يستمد القوة منه.

- أين زيد وليان؟

- استقلا المصعد قبل دخولي ... سأوافيهما بعد قليل.

- لا تدعيهما ينتظران كثيرًا ... زيد يكره انتظار أحد.

- فلينتظر قليلًا ريثما أمنحك بعض الطاقة لتكمل عملك.

- وكيف ستمنحينني الطاقة؟ ستقومين بشحني بالكهرباء؟

ضحكت حور، ثم قالت: لا، بالقبلات.

بعد أن فرقا قبلتهما الأخيرة على مضض نظر لها قائلًا: لماذا لم ترتدي شيئًا جديدًا ليلة أمس؟ هل انتهى عرض الأزياء اليومي؟

ضحكت حور وقالت: لا، هناك المزيد لا تقلق، ولكن لم أتوقع أن تلاحظ بسبب انشغالك. إن عدت مبكرًا ولم تكن مرهقًا سأفكر بارتداء شيء مميز.

ضم شفتيه وهمهم قائلًا: سأكون كاذبًا إن وعدتكِ بشيء الآن ... لا أدري كم سأستغرق من الوقت.

قوست شفتيها بإحباط وقالت: زين! لا تتأخر ... لا يمكنني النوم إن لم تكن في المنزل.

أخذ زين نفسًا عميقًا وهو يمرر أنامله على وجنتها: سأخبركِ إن كنت سأبقى لوقت متأخر ... اذهبي حينها لتنامي مع أمي أو مع ليان ...

تغيرت نظراتها فهي لا يسعها النوم مع شخص لا تعرفه، وليس معتادًا على رؤية ندبتها تلك، فأغمض عينيه بندم على ما تفوه به وأردف بسرعة قائلًا: الأفضل أن تنامي في غرفتي وعندما أعود سأنام بجانبك ... فأنا أيضًا لا يسعني النوم من دونك يا حوري.

أطبق على شفتيها بقبلة لطيفة، فابتسمت، ثم وجدها تمسك بأزرار قميصه وتغلقها وهي تقول: كن شاكرًا لأنه لا يوجد نساء هنا غيري وإلا ...

ضحك زين حتى ظهرت غمازتيه، فابتسمت وقبلت وجنته، ثم نهضت قائلة: سأذهب ... اشرب قهوتك وأنهِ عملك بسرعة ... سأنتظرك.

أرسلت له قبلة طائرة ولوحت له بيدها، ثم خرجت مسرعة وهو لا زال يحدق في أثرها ويبتسم بحب وامتنان لوجودها في حياته.

.......................................

وافقت حور التي جلست بجوار زيد في السيارة على الذهاب في نزهة برفقتهما. أخذهما إلى أحد المطاعم الفاخرة وطلبوا العصائر والكعك واستمتع ثلاثتهم بها، ثم استأذنت ليان لتذهب إلى الحمام، فرافقتها حور أيضًا.

بعد دقائق خرجت ليان من المرحاض لتغسل يديها، فوجدت ثلاثة نساء يحدقن بها وكل منهن تتظاهر بفعل شيء. تجاهلت الأمر رغم انقباض قلبها من مظهرهن المريب وبدأت بغسل يديها، فقالت إحداهن: هل أنت عمياء؟ لمَ ترشقين الماء؟ لقد بللتِ ملابسي.

ارتجفت ليان ونظرت لها قائلة: آسفة ... لم أقصد.

هي واثقة من أنها لم تصبها قطرة واحدة، ولكنها فضلت الاعتذار لتختصر. تدخلت الاثنتان وبدأن بإشعال الحوار وليان عقد لسانها وهي ترى هجومهن بالحديث عليها، ولا تكاد تستوعب لمَ يحدث هذا، ليبدأ الأمر بالتطاول بالأيدي، فصرخت ليان مذعورة وهي تنكمش على نفسها تحاول حماية نفسها من ضرباتهن. لحظات وسمعت صوت حور التي هتفت وهي تضربهن وتبعدهن عنها. وقفت حور أمام ليان تحميها وتصد ضرباتها وتسدد لهن الركلات واللكمات مما جعلهن يلذن بالفرار.

نظرت حور لليان بنظرة سريعة لتتأكد من أنها بخير، ثم خرجت خلفهن ونادت زيد بأعلى صوتها وأشارت له نحو النساء الثلاثة طالبة منه اللحاق بهن. أشار زيد لمن معه من الرجال باللحاق بهن بعد أن لاحظ أن هناك خطب ما خاصة بعد رؤية حور بمظهر أشعث.

عادت حور إلى ليان ووجدتها تنكمش على نفسها في زاوية الحمام تبكي، فأسرعت نحوها وعانقتها قائلة: اهدئي ... لقد انتهى الأمر ... كل شيء بخير الآن.

رفعت ليان رأسها وقالت ببكاء: لمَ فعلن بي ذلك؟ لم أخطئ بحقهن ... افتعلن شجارًا بلا سبب ... والله لم أفعل شيئًا يا حور.

ضمتها حور إلى صدرها بقوة وقالت: أعلم ... لقد سمعت كل شيء ... لا أدري ما غرضهن، ولكن ثقي بأنه سيتم معاقبتهن ....

كان زيد يقف عند باب الحماموينادي عليهما بقلق وخوف، فهتفت حور: نحن قادمتان ... أمهلنا لحظات فقط.

جذبت حور ليان من يديها لتنهض وساعدتها على غسل وجهها ومسح الدماء التي انسابت من شفتها، ثم لاحظت فستانها الذي تمزق وظهر منه كتفها، فقالت حور: انتظري ... لا تخرجي.

ذهبت حور إلى زيد الذي سارع بسؤالها عما حدث، فقالت: لاحقًا يا زيد ... دع الرجال يمسكوا بهن ... أريد سترتك بسرعة.

خلع زيد سترته على الفور وأعطاها لها على الفور ولم تمهله ليسأل من جديد، بل عادت إلى الداخل وجعلت ليان ترتديها، ثم هذبت مظهرها هي الأخرى وقالت: لا تبكي ... دعينا نخرج من هنا أولًا .. اتفقنا؟

أومأت ليان برأسها إيجابًا وهي تجاهد لكبت دموعها. خرجت كلتاهما وحور تطوق كتفي ليان بذراعها وسارعت لتقاطع زيد قبل أن يطرح سؤاله: لنغادر ومن ثم سنتحدث.

ابتلع زيد سؤاله على مضض، ولكنه يعلم بأن المكان والتوقيت ليس مناسبًا للتحقيق معهما الآن.

ركبت حور بجانب ليان في المقعد الخلفي، ثم انفجرت ليان بالبكاء في حضن حور وزيد -الجالس مكانه خلف المقود- يرمقهما بقلق متزايد حتى هتف بضيق: ماذا حدث؟ ألن تقولا شيئًا؟

بدأت حور تروي له ما حدث بحنق شديد، ثم عقبت قائلة: لقد تعمدن افتعال مشكلة من أجل الشجار ولا أدري لماذا؟ يجب أن تمسكوا بهن يا زيد ... سأنتف شعر رؤوسهن فور رؤيتي لهن.

كانت حور تتحدث بغضب بلهجتها ولم يعد بوسع زيد أو ليان فهم ما تقوله بسرعة وغضب. توقفت حور عن الشتم والوعيد ما أن انتبهت لتحديق ليان بها، فرمقتها حور باستفهام، لتعقب ليان قائلة: لم أفهم ما قلته، لكن يبدو بأنهن يستحققن ذلك.

ابتسمت حور وقالت: لا تقلقي ... سيندمن على ما فعلنه بكِ.

ابتسمت ليان وقد شددت من عناقها لحور قائلة: أنتِ بطلتي.

عند هذه الجملة بتلك التعابير الطفولية اللطيفة ضحكت حور وهزت رأسها بعدم تصديق، فهتف زيد بضيق وهو يحدق بهما: لقد توقف عقلي عن العمل بسببكما ... لم أعد أفهم شيئًا ... من ضرب من وبكاء ومن ثم ضحك و... هل ضربوكن على رؤوسكن أم ماذا؟

ابتعدت ليان عن حضن حور وقالت: حور ضربتهن ودافعت عني كواحدة من بطلات أفلام الحركة ... تحولت إلى جاكي شان.

ضحكت حور من جديد وقالت: ليس لهذه الدرجة.

رن هاتف زيد، فأجاب بسرعة وقال بجدية: ماذا حدث معكم؟ حسنًا، جيد. أريد معرفة من دفعهن لفعل هذا.

أنهى المكالمة، فقالت حور متسائلة: هل أمسكوا بهن؟

أجاب زيد: أمسكوا بواحدة منهن.

عقبت حور بسرعة: لنذهب إذًا ... أين هي؟ ... يجب أن نعلم لمَ فعلن ذلك.

رد زيد بهدوء يحاول الاحتفاظ به: سيأخذها الرجال ليحققوا معها ومن ثم سيتم تسليمها للشرطة.

همت حور بالاعتراض، فقال زيد بحزم: حور! زين لن يقبل بتدخلكِ بأمر كهذا ... ألا يكفي بأنه سيثور غضبًا علينا لتمكنهن من فعل هذا بكما ونحن معكما؟!

ردت حور باستنكار: ماذا فعلن بنا؟! انظر لهن أولًا ... هن اللواتي هربن منا ... نحن بخير، أليس كذلك ليان؟

هز زيد رأسه باستنكار وقال بتذمر: لن أواصل النقاش معكما ... سنعود إلى البيت ... وأرجو ألا يصل الخبر لزين الآن.

انطلق زيد بالسيارة متوجهًا إلى المنزل وكل واحد منهم غارق في تفكيره. حور تفكر إن كان هذا من تدبير ندى لتحاول إيذاءها في حين كان تفكير ليان وزيد متشابهًا والذي يقودهما لاتهام مروان.


............................................................................

مين وراء التهجم على ليان وحور برأيكم؟ 🤔

لا تنسوا التصويت والضغط على النجمة للتشجيع ❤😍💌

Continue Reading

You'll Also Like

28.7K 926 37
المقدمه.🖤 عنيده و قويه لا تهوي الرجال تعشق الحريه ول تحب التحكمات قوي قاسي غاضب دائما متملك لا يقدر يقف أحد امامه ابدا ي تري كيف هيجمعهم القدر و...
14.8K 656 12
فتاه تحب شخص و هو لا بعتني بها و تكتشف بعد فتره انه لا يحبها و كان يخدعها و يتقدم لها احد رجال الاعمال المعروفين و ترفض بشده لحبها لشخص ما و في النها...
18K 691 29
ممنوع النقل أو الاقتباس ..الرواية حقوق النشر محفوظة ✋✋ .. الحب الحقيقي والصادق لن يؤثر عليه الفراق ..بل يزداد الحب أكثر بفضل الاشتياق ويبقى في القلب...
31.6K 1.9K 51
هي :تعرضت لحادثة مؤلمة قلبت حياتها وغيرت شخصيتها. هو :تعرض لطفولة قاسية ، جعلته قاسي القلب بارد المشاعر . جمعهما القدر في الماضي لتتولد مشاعر الحب...