عمرُ روحي

By MayamShahid

30.7K 1K 458

لا تسألني كم عمري ... اسألني كم عمر روحي. لماذا دائمًا ترتبط فرص زواج الفتاة عكسيًا بالعمر؟! ... كلما زاد عمر... More

الشخصيات
الفصل 1 (حديثي مع النجوم)
الفصل 2 (مشاعر هشة)
الفصل 3 (انطفاء الروح)
الفصل 4 (دموع القلب)
الفصل 5 (فرصة أخرى)
الفصل 6 (كابوس مظلم)
الفصل 7 (رماد قلب)
الفصل 8 (هل هي بداية حب؟!)
الفصل 9 (عاصفة سوداء)
الفصل 10 (طريق النهاية)
الفصل 11 (تحت الركام)
الفصل 12 (روح حرة)
الفصل 13 (ملتقى القلوب)
الفصل 14 (روح خلقت لي)
تنويه هام
الفصل 15 (توأم روحي)
الفصل 16 (هل هو الفراق؟!)
الفصل 17 (ليلة وداع)
الفصل 18 (نتيجة اختيار)
الفصل 19 (لقاء الحبيب)
الفصل 20 (فرصة جديدة)
الفصل 21 (على موعد مع الحب)
الفصل 22 (النصيب الجميل)
الفصل 24 (مع الشخص المناسب ستزهر)
الفصل 25 (للسعادة مذاق آخر)
الفصل 26 (ظلال من الماضي)
الفصل 27 (لآخر نفس)
الفصل 28 (ارتباك خوف ... أم عشق؟!)
الفصل29 (دقات قلب)
الفصل 30 (ما قبل الطوفان)
الفصل 31 (مزيج غريب)
الفصل 32 (أحتاج إليك)
الفصل 33 (خطوات الشيطان)
الفصل 34 (الكلب الأسود)
الفصل 35 (مكيدة شيطانية)
الفصل 36 (الشر بالمرصاد)
الفصل 37 (كشف المستور)
الفصل 38 (تسوقنا الأقدار)
الفصل 39 (على طريق الحب نلتقي)
الفصل 40 (قريب أم غريب؟)
الفصل 41 (قليل من الوقت بعد)
الفصل 42 (كيد الكائدين)
الفصل 43 (طيف نهاية)
الفصل 44 (الهدوء الذي يسبق العاصفة)
الفصل 45 (روح مهشَّمة)
الفصل 46 (ما بين عشق وظن)
الفصل 47 (دموع خذلان)
اقتباس
الفصل 48 (أزمة ثقة)
الفصل 49 (ما بين أمل وألم)
الفصل 50 (فرحة قلب)
الفصل 51 (دعوة قلب)
الفصل 52 (انهيار)
الفصل 53 (محنة)
الفصل 54 (أمل بالله لا يخيب)
الفصل 55 (رغم الألم)
الفصل 56 (فرصة ... اختيار)
الفصل 57 (معًا ... مهما طال الطريق)
الفصل 58 (أمان القلوب)
الفصل 59 (تقارب القلوب)
الفصل 60 (أمل قلب لا ييأس)
الفصل 61 (سندي وقوتي)
الفصل 62 (الوصال)
الفصل 63 (سحر العناق)
الفصل 64 (لنسرق من العمر ليلة)
الفصل 65 (طريق العودة)
الفصل 66 (قلب عاصف)
الفصل 67 (ملاك وشيطان)
الفصل ٦٨ (فخ محكم)
الفصل 69 (ما بين بداية ونهاية)
الفصل 70 (هدوء .. غضب)
الفصل 71 (الحمل والذئب)
الفصل 72 (نسمات باردة)
الفصل 73 (انتقام شيطاني)
الفصل 74 (جريمة زفاف)
الفصل 75 (ليلة عصيبة)
الفصل 76 (دوامة حيرة)
الفصل 77 (نهاية كابوس)
الفصل 78 (تحطم الجليد)
الفصل 79 (تساقط الأوراق)
الفصل 80 (طريق مسدود)
الفصل 81 (دقات على باب القلب)
الفصل 82 (انتظار وقرار)
الفصل 83 (الأمل في الحب لا ينتهي)
الفصل 84 (صاعقة الموت)
الفصل 85 (أرواح حائرة)
الفصل 86 (فرصة أخرى)
الفصل 87 (ظلال الماضي السوداء)
الفصل 88 (السقوط في وادي الظلام)
الفصل 89 (تلاحم القلوب)
حسابي على تيليجرام
الفصل 90 والأخير (وتستمر الحياة ... بحلوها ومُرّها)
الخاتمة ❤

الفصل 23 (حفل زفاف)

399 10 2
By MayamShahid

يوم جديد ... بلد جديد ... حياة جديدة ومختلفة بانتظارها ... كلما اقتربت من باب الخروج في المطار يزداد تمسكها بيده التي تحتضن يدها ... تنظر من حولها بتيه وقلق دون تركيز فهي مرهقة للغاية ولم تنم جيدًا.

كان الوقت قد تجاوز منتصف الليل وهم خارجين من المطار. لم يعلقوا كثيرًا في الإجراءات نظرًا لعلاقات زين الجيدة كما أن زيد كان بانتظارهم برفقة السائق. خرجوا جميعًا، فسارع السائق لأخذ الحقائب واحدة تلو الأخرى في حين هرع زيد لعناق زين، ثم صافح والد حور وأخيها.

قسموا أنفسهم ليركبوا السيارتين حيث ركبت أم حور وابنها وزوجته وطفلهما في سيارة بينما ركب زين وحور ووالدها مع زيد. كانت حور بالكاد تفتح عينيها، وتحاول أن تشغل نفسها بالنظر إلى الطريق دون جدوى، فلاحظ زين صمتها وإرهاقها بعد أن كان يتبادل الحديث مع زيد بشأن العمل وتحضيرات حفل الزفاف. جذب زين رأسها ووضعه على كتفه قائلًا: نامي قليلًا فلا زال هناك بعض الوقت حتى نصل المنزل. كانا يجلسان في المقعد الخلفي ووالدها في المقعد الأمامي المجاور لزيد وما أن سمعت ما قاله زين لها لم تتردد للحظة بوضع رأسها على كتفه والاقتراب منه، فابتسم وضمها إليه أكثر مقبلًا جبينها.

نظر زيد لانعكاسهما في المرآة الأمامية وابتسم قائلًا: يبدو بأن سفركم كان مرهقًا فوالدها نائم أيضًا.

تنهد زين بتعب وقال: مرهق للغاية يا زيد ... إجراءات وانتظار وتفتيش ... ربما بالنسبة لي كانت الإجراءات أسهل أما هم فلا ... كنت على وشك فقدان صوابي هناك ... حاولت حور منعهم من تفتيش حقيبة ملابسها وأخبرتهم بأنها ملابس عروس ... لشدة حرجها وتوترها شكوا بأمرها ... تخيل بأنهم اقتادوها لأحد الغرف وجعلوا مجندة لعينة تفتشها تفتيشًا ذاتيًا ... وأنا لم أستطع منع ذلك.

كان يتحدث بغضب مكتوم وبصوت منخفض، فعقب زيد بنفس النبرة كي لا يوقظ حور وأبيها قائلًا: اللعنة عليهم ... لقد استغربت عندما قمت بتأجيل موعد الرحلة ... ولكنني فهمت الآن ... لا بد من أن حور شعرت بالخوف.

ابتسم زين قائلًا باستنكار: من التي شعرت بالخوف؟! لو لم نقم أنا ووالدتها بتهدئتها لضربت المجندة ... عيناها كانتا تطلقان الشرر ... إنها قوية وجريئة أكثر مما كنت أظن.

قال جملته الأخيرة وهو يرمقها بحب واضعًا يده الأخرى على رأسها، ثم قبل جبينها. بقي صامتًا للحظات، ثم قال وهو يحدق من النافذة بشرود: في الوقت ذاته هي طيبة للغاية ... ليس لديها ذلك المكر والدهاء ... بل لا تستوعب لمَ يفعل الناس ذلك ولأي غرض ... لا يمكنك تخيل مدى خوفي عليها ونحن لدينا كل هؤلاء الأعداء ... فهناك من سيكرهها دون أن يعرفها ... أنا خائف عليها يا زيد.

عقب زيد متسائلًا: هل تخشى أن تحاول ندى إيذائها؟

نظر له زين وتنهد بتعب قائلًا: أتظنها لن تفعل؟ ستفعل الكثير، لذا يجب أن نكون حذرين فهي لن تصمت ولن تهدأ قبل أن تنتقم، لكنني لا أريد تحذير حور بشأنها كي لا تخاف فهي بالفعل قلقة ومتوترة بسبب انتقالها وتغير نمط الحياة عليها.

لحظات وفتحت حور عينيها بنعاس، فقال زين: لم نصل بعد حبيبتي ... أكملي نومكِ.

ردت بنعاس طفولي لطيف: أشعر بالعطش.

مدت يدها لحقيبة الظهر الصغيرة التي كانت تحملها لتخرج قارورة المياه البلاستيكية، فوجدت فيها رشفة صغيرة. شربتها ورمقت القارورة بإحباط؛ فهي لم تروي ظمأها، فهتف زين موجهًا حديثه لأخيه: توقف بجانب أقرب متجر لشراء الماء.

لا يعلم إن كانت قد سمعت ما قاله أم لا فقد عادت لوضعيتها السابقة وطوقت جذعه بذراعيها مما جعله يبتسم ويمرر أنامله على وجنتها ويقول بإشفاق: إنها لا تشعر بشيء من شدة التعب.

عقب زيد بمكر: يبدو بأنك قد أرهقتها قبل السفر حتى.

اتسعت عينا زين وقال: يا قليل الأدب ... كن شاكرًا لأنهما نائمين ... لا بأس حسابك عندما نصل.

ضحك زيد بخفوت وقال: لم أقل شيئًا ... ما الذي فهمته من كلامي؟!

رمقه زين بحدة، فاستمر زيد بإغاظته قائلًا: هل ستنامان في شقتكما أم ستبقى مع عائلتها أم ماذا؟

ابتسم زين بمكر وقال: ستعرف عندما نصل أيها الذكي.

توقف زيد عند أول متجر صادفه في الطريق، وخرج من السيارة ليشتري الماء والعصائر والوجبات الخفيفة. عاد بعد دقائق وأعطى البعض لزين، ثم نظر لوالد حور بحيرة وقال: هل أوقظه أم ماذا؟

أشار له زين بالنفي، ثم أيقظ حور برفق طالبًا منها أن تشرب بعد أن قرب الماء من شفتيها. شربت حور حتى ارتوت، ثم مسح القطرات العالقة على شفتيها بأصابعه، فابتسم زيد قائلًا: دلل ... دلل أكثر.

رفع زين قارورة المياه ليضربه بها، لكنه خشي إيقاظهما، فقال: عينك هذه ستلقينا أرضًا.

رمقه زيد بتذمر قائلًا: أنا لا أحسدك يا عم ... أشعر بالغيرة فقط.

زفر زين بتعب وقال: أكمل طريقك ... أكمل.

همست حور بنعاس وهي بالكاد تشق جفنيها: هل وصلنا؟

أجابها زين قائلًا: بقي القليل يا حبيبتي.

.......................................

توقفت السيارتان أمام المبنى السكني وخرجوا من السيارتين مرهقين، وتعاونوا في نقل الحقائب إلى الداخل وزين وزيد يمليان توجيهاتهما للسائق وحارس المبنى. وصلوا إلى شقة أم يزيد، فهتف زيد وهو يقرع الجرس موجهًا حديثه للسائق والرجل الآخر: حقائب الضيوف ضعوها في تلك الشقة.

خرجت أم يزيد مرحبة بهم بينما فتح زيد الشقة الجديدة التي اشتراها مؤخرًا بناء على طلب زين بجانب الشقة التي تقطن فيها ليان بعد أن دفع مبلغًا لا يمكن رفضه لصاحبها فقط كي لا يخرجوا ليان من الشقة.

دخلوا الشقة جميعًا ليساعدوهم على الاستقرار فيها، ووضعوا أمتعتهم في حين هتفت أم يزيد قائلة بأنها ستحضر العشاء لهم إلى هنا فهو جاهز ويحتاج إلى تسخين فقط، لكنهم رفضوا وشكروها معربين عن رغبتهم بالنوم وحسب. وقفت حور تنظر من حولها بضياع فهي لا زالت لا تعرف أين غرفتها، فتساءلت بنعاس وتعب: ماذا عني؟ أين سأنام؟

ابتسمت أم يزيد ونظرت لزين الذي هتف قائلًا: أنتِ ليس لديك مكان هنا يا حور.

قوست شفتيها بإحباط وإرهاق واضح في عينيها، فاتسعت ابتسامته وقال: أمي جهزت غرفتي لتنامي فيها وأنا سأنام في غرفة زيد، اتفقنا؟

أومأت برأسها إيجابًا فقد تعمد قول ذلك ليسمع من حوله، ولا يدع أي مجال للتساؤل حتى في عقولهم رغم أن لا أحد سيأتي ويحاسبهما فهي زوجته في النهاية. أمسك زين بيدها وخرجوا من هناك تاركين الحرية لعائلتها كي يرتاحوا. في داخل شقتهم وضع زيد حقائب حور في غرفة زين بينما اقتربت أم يزيد من حور وقالت بحنان: هل أضع لكِ العشاء يا ابنتي؟ هل يعقل أن تنامي دون طعام؟

ابتسمت حور وهي بالكاد تفتح عينيها وشكرتها على لطفها، ثم عقبت قائلة: كنت لأشعر بالذنب لو بقيتِ أنتِ وحنان معنا ... لقد ارتحت كونكما لم تضطرا لانتظارنا كل هذه الساعات.

رمقتها أم يزيد بحزن وقالت: لولا إصرار زين لبقينا، لكن بعد رؤية حالتكم أدركت بأنه كان محقًا. شعرت بالأسف لأننا سبقناكم و ...

هزت حور رأسها نافية وعقبت بسرعة قائلة: لا ... لا تقولي هذا ... لستما مضطرتين لخوض هذه المشقة ... لن تحتملا ذلك ... يكفي بأنكما تكلفتما عناء الحضور وتحمل عناء السفر المقيت هذا.

قاطعهما زين طالبًا من حور أن تتوجه للنوم فهي بالكاد تقف على قدميها. وضع يديه على كتفيه ووجهها نحو غرفته حيث دخلا وأغلق الباب. لم تكن قادرة على النظر من حولها فكل ما تفقدته هو مكان السرير وحسب. شرعت بنزع حجابها في حين أخرج لها زين منامة من حقيبتها، ثم اقترب منها ليساعدها على تبديل ملابسها، فابتسمت بتعب قائلة: أنت ستنام هنا، صحيح؟ لا يعقل بأنك ستنام حقًا في غرفة زيد.

ابتسم زين قائلًا: أنا وأنتِ سنتبادل الأدوار الليلة ... سأتظاهر بالنوم هناك وأنتظر حتى ينام الجميع، ثم آتي إلى هنا خلسة.

ابتسمت حور بتعب وقد باتت أمامه بالقميص الداخلي الذي يكشف ذراعيها والسروال. هم بتخليصها من قميصها، فأمسكت بيديه وابتسمت بخجل قائلة: زين! كفى.

ابتسم زين بمكر قائلًا: لقد رأيت أكثر من هذا ليلة أمس.

يذكرها بليلة أمس عندما ساعدها على خلع فستان الزفاف، ثم اضطرت لإخراجه من الغرفة لشدة خجلها.

- ما رأيك بأخذ حمام دافئ؟ سيريحكِ.

- أود ذلك، لكنني متعبة للغاية ولا أتمكن من الوقوف حتى.

- يمكنني مساعدتك.

قالها بابتسامة ماكرة، فابتسمت قائلة: أهذا ما تريد الوصول إليه؟ لا تحلم ... أين الحمام على أي حال؟

حملها بغتة بين ذراعيه وتوجه نحو زاوية الغرفة، لتجد غرفة زجاجية صغيرة لم تنتبه لها عند دخولها حيث فتح الباب وأنزلها أرضًا قائلًا: أضفت هذا الحمام إلى الغرفة لأنني بقيت أتشاجر كل صباح مع زيد بسبب مكوثه طويلًا في الحمام.

تولى أمر تعديل حرارة الماء من أجلها، ثم أعطاها منشفة نظيفة تخصه قائلًا: لا أدري في أي حقيبة وضعتِ متعلقاتك ... لا بأس لديك باستخدام أشيائي، صحيح؟

أخذت حور المنشفة مبتسمة وقالت: هل يعقل أن أعترض؟

خرج رغم عدم رغبته بذلك، ثم سارع للاستحمام في الحمام الآخر. انتهى من الاستحمام وبحث عن دواء مسكن ليعطيه لحور وعندما دخل وجدها تستعد للنوم بعد أن اغتسلت وبدلت ثيابها. جلس على السرير بجانبها قائلًا: أحضرت لكِ مسكنًا ... تبدين بحاجته.

وضع القرص بين شفتيها وقرب كوب الماء منها، فشربت منه، ثم ساعدها على الاستلقاء واضعًا الغطاء فوقها. تمدد زين بجانبها ومسح على رأسها قائلًا: رؤيتك متعبة بهذا الشكل تؤلمني يا حبيبتي.

ابتسمت حور وهي تغمض عينيها قائلة: سأكون بخير بعد النوم والراحة ... لا تقلق.

قبل جبينها وضمها إلى صدره قائلًا: نامي وارتاحي يا حبيبتي ... فلدينا يوم طويل آخر.

..............................................

أخذت إجازة من عملها وأمضت يومها في غرفتها تبكي بحجة أنها مريضة. تبكي ضياع حلمها وقلبها المكسور الذي كان يعيش على أمل أن يحصل على من اقتحم أحلامها، واستولى على تفكيرها بأكمله. لم يكن بيدها، وليس ذنبه كذلك؛ فهي من نسجت خيوط الوهم، وأقنعت نفسها بأنه سيكون ملكها وفارس أحلامها يومًا ما.

لا زالت زينة تتقلب في فراشها وهي تبكي بصمت. لا تنفك تتخيله مع عروسه التي لا تعرف شيئًا عنها بعد، وتتساءل كيف اختارها، وأين التقى بها، وكيف أغوت تلك الماكرة رجلًا مثله؟!

...........................................

كانت ليان تحاول العودة للنوم فقد نهضت لدخول الحمام وسمعت تلك الجلبة بالشقة المجاورة وعندما اقتربت من الباب سمعت العديد من الأصوات ميزت منها صوت زيد وأمه، وأدركت بأن هناك ضيوف ولا بد من أن العروس وعائلتها قد وصلوا فقد سمعت حديث زيد مع أخيه، وانشغاله بأمر سفره اليوم.

وضعت رأسها على الوسادة وهي تقول بنعاس: آمل أن تأتي زينة للعمل غدًا فالعمل من دونها مرهق ... هل هي مريضة لدرجة ألا ترد على رسائلي؟! أتمنى لها الشفاء.

.........................................

مضت ساعات وفتح زين عينيه عند سماعه لصوت أذان الفجر. ابتعد عنها ونهض ليتسلل خارج الغرفة، فوجد زيد قد استيقظ وتوضأ، فطلب منه زين انتظاره كي يصليا معًا. توضأ زين وعاد سريعًا وبعد أداء الصلاة قال زيد بسخرية: ستنامين في غرفتي وأنا سأنام في غرفة زيد.

ابتسم زين وقال: وهل صدقت ذلك؟ سأتركها تنام وحدها وأنام معك أنت؟!

ابتسم زيد وهز رأسه بعدم تصديق فهو لم يرَ هذا الجانب المشاكس منذ فترة طويلة وسعيد بعودته. هم زين بالعودة إلى غرفته، فقال زيد:

- هل ستأتي إلى الشركة اليوم؟

- قد أمر لبعض الوقت فهناك أوراق بحاجة للتوقيع، لماذا؟

- في الحقيقة ... زينة أخذت إجازة مرضية.

- لا أدري ماذا ستفعل ... لا يمكنني التوقع ... هل ستقدم استقالتها أم ماذا؟

- أنا أيضًا لا أعرف ... في كل الأحوال سنقوم بنقلها حتى لو قررت البقاء ... ليان أبلت جيدًا في غيابها رغم ارتباكها وخوفها من ارتكاب الأخطاء ... إلا أنها ماهرة وتتعلم بسرعة.

- هذا مطمئن ... ما أن تعتاد على تولي كل شيء وتعتمد على نفسها سنقوم بنقل زينة ... تحدث معها إن لزم الأمر لتدرك بأن عليها ألا تعتمد على زينة مطلقًا.

- سأفعل، لا تقلق.

دخل زين الغرفة بهدوء واتكأ بجانب حور ولم تشعر به رغم أن نومها خفيف في العادة مما جعله يدرك مدى تعبها. شعر بالتردد بشأن إيقاظها، لكنه يعلم بأنها ستشعر بالسوء إن تأخرت على صلاة الفجر. بدأ يمسح على شعرها ويناديها برفق وهي تهمهم بنعاس وتعب حتى قال بأن عليها النهوض لتصلي الفجر عندئذ بدأت تفتح عينيها رغمًا عنها. اتكأت على مرفقيها محاولة النهوض، فشعرت بآلام جسدها المرهق مما جعله يمسك بها ويساعدها على النهوض. توضأت وهو يتابعها وينتظرها خطوة بخطوة، ويرمقها بإشفاق واضح فما بها ليس عناء السفر وحسب، بل عناء أيام مضت في تحضيرات حفل الزفاف، وسهر كان هو سببه، وحفل زفافهما الأول الذي لم تنل الراحة بعده بسبب تحضيرات السفر.

انتهت من أداء صلاة الفجر وعادت إلى الفراش، فسارع بوضع الغطاء عليها قائلًا: نامي يا حبيبتي ... هل أحضر لكِ قرصًا مسكنًا آخر؟

ابتسمت حور قائلة: لا داعي لذلك ... ابقَ بجانبي وحسب.

............................................

مضت بضع ساعات وانتهت الدادة فاطمة من إعداد الفطور فقد أتت مبكرًا خصيصًا لتعد فطورًا يليق بالضيوف. خرج زيد من غرفته متأنقًا كعادته وعندما رأى المائدة ابتسم مبتهجًا وقال: ما هذا الفطور الجميل؟!

مد يده ليأكل، فضربته أمه على يده قائلة: تهذب ... سنقوم بدعوة ضيوفنا.

رد زيد: لا يمكنني الانتظار ... عليَّ الخروج يا أمي ... لدي اجتماع.

لم يفلح بإقناع أمه وطلبت منه انتظار قدوم أهل حور ليتناول الطعام معهم، فتذمر قائلًا: لا أريد ... لن آكل.

أخذ حقيبته وتوجه للخروج من الشقة بينما تبعته أمه وهي تهتف: تعال يا ولد ... سأصنع لك بعض الشطائر ... لا تخرج دون طعام.

لا يدري إن كان يعاقبها أم يعاقب نفسه، ولكن بالفعل ليس لديه وقت كي ينتظر. توجه نحو المصعد ليتزامن ذلك مع خروج ليان من شقتها، وسمعت كلام أم يزيد التي قطعت كلامها ما أن رأت ليان وتبادلتا تحية الصباح، ثم هتفت لها قائلة: اطلبي له شيئًا ليفطر بعد وصولكما يا ابنتي.

أومأت لها ليان بسرعة وهي تتوجه نحو المصعد عقب أن هتف زيد بحنق: هل أغلق المصعد أم ماذا؟

ركضت ليان ودخلت المصعد قائلة: آسفة لكن ... آه ... صباح الخير.

وجوده يصيبها بالارتباك ولا تدري لماذا رغم أنها لم تشعر بهذا أمام أخيه يزيد فقد شعرت بأن التعامل معه أيسر وأكثر سلاسة.

رد عليها تحية الصباح باقتضاب، ثم تساءلت بحرج إن كانت زينة ستأتي اليوم إلى العمل، فقال: لا أدري ... لكن عليكِ الاعتماد على نفسك ففي النهاية أنتِ من سيستلم كل شيء.

ارتبكت ليان وقالت: أعلم هذا، لكن ما زال هناك أشياء لا أعرفها، ووجود زينة يساعدني لأعرف وأتعلم أكثر.

التفت لها زيد وقال ببساطة: اسأليني ... أخبرتكِ من قبل اسأليني ... هل هذا صعب؟

طأطأت ليان رأسها وشابكت أصابعها وهي تقول بحرج: أتردد في سؤالك لأنك مشغول طوال الوقت، وتبدو غاضبًا، فأخاف أن يغضبك سؤالي أكثر ... أو تصرخ بوجهي ... وأنا ...

كانت تود القول بأنها لن تحتمل أن يصرخ أحدهم في وجهها، لكنها رأت بأنه لا داعي لقول المزيد بينما حدق هو بها بصمت وقد لاحظ ارتباكها وتوترها الجلي، ثم قال: أهذه هي الفكرة التي وصلتكِ عني؟ ربما كنت متوترًا ومضغوطًا في الأيام الماضية بسبب سفر زين، لكن هذا لا يعني بأن أغضب وأصرخ بوجه أحد خاصة إن كان موظف جديد بحاجة للمساعدة.

انفتح باب المصعد معلنًا الوصول، فخرج متقدمًا نحو الخارج وعندما وصل سيارته التفت لها قائلًا: دعيني أوصلكِ اليوم ... لنناقش الاجتماع في الطريق ... كي تدوني الملاحظات.

قال عباراته تلك عندما لمح ترددها، ولا يدري هل هو حقًا يريدها أن تدون الملاحظات الآن التي كان بوسعها فعلها قبل الاجتماع بقليل أم أنه يرغب بأن يوصلها وحسب؟! لا يدري وليس لديه الوقت ليفكر ففي الوقت الحالي يريدها أن ترافقه لتدون الملاحظات ... فقط.

..............................................

اتكأ بجانبها يتأملها باستمتاع تام وهو يداعب خصلات شعرها الحريري برفق. تبدو كالأميرة النائمة فهي هادئة للغاية أثناء نومها وحتى تقلبها هادئ أيضًا. لا يصدق بأنه سيستيقظ كل يوم ويراها بجانبه فها هي معه وستكون في بيته ولا يفصلهما عن ذلك سوى ليلة فقط.

خرج زين من الغرفة متسللًا، فرأته أمه التي رمقته بريبة وأرادت أن تمازحه قائلة: صباحية مباركة يا عريس.

رمقها زين بعتاب وقال مستنكرًا: أي صباحية هذه يا أمي؟! لقد أخذت مسكنًا كي تتمكن من النوم ولا تشعر بشيء من حولها. لا أدري كيف ستحتمل تعب اليوم أيضًا!

ربتت أمه على كتفه قائلة: لا بأس، يوم وسيمر. بقاؤنا في الفندق وقدوم أخصائية التجميل إلى هناك سيوفر علينا الوقت والجهد. ستبقى في غرفتها هناك مرتاحة حتى يحين موعد الحفل.

أومأ زين برأسه إيجابًا، ثم عقب قائلًا: يجب أن أتحدث مع إدارة الفندق وكذلك مسؤولي الأمن كي لا يدخل أحد دون بطاقة الدعوة. لا أريد دخول أحد غير مرحب به.

قطبت أمه حاجبيها فهي لا زالت تجهل أمر ندى، وقبل أن تسأله من يقصد بكلامه سارع بالحديث عن تجهيزات الحفل ومنع الصحافيين من التطفل عليهم والدخول؛ فهو لا ينوي الكشف عن هوية حور من أجل سلامتها.

ذهب زين إلى الشقة المجاورة ليتفقد أهل حور ويدعوهم لتناول الفطور، فوجدهم مستيقظين بالفعل. عاد إلى أمه وأخبرها بأنهم سيأتون بعد لحظات، ثم دخل إلى غرفته ليحاول إيقاظ حور. اتكأ بجانب أميرته النائمة وهو يشعر بالشفقة عليها ولا يرغب بإيقاظها، لكن عليه فعل ذلك فيجب أن تستعد كي تذهب إلى الفندق. بدأ يخلل أصابعه في شعرها ويداعب وجنتيها وهو يناديها، فهمهمت بنعاس، ثم بدأت تفتح عينيها بتعب وما أن رأت وجهه ابتسمت قائلة: صباح الخير.

ابتسم زين قائلًا: صباح الخير يا حبيبتي ... بماذا تشعرين؟ هل أصبحتِ أفضل حالًا؟

أومأت له بالإيجاب وقالت: الحمد لله.

قبل جبينها مكررًا عبارة الحمد، ثم طلب منها أن تنهض وتبدل ثيابها كي تتناول الفطور مع البقية لأنهم بعدها سيتوجهون إلى الفندق. رفعت يدها تداعب وجنته وخاصة مكان غمازتيه متسائلة: هل ستبقى برفقتي في الفندق؟

ضم شفتيه بأسف وقال: سأبقى قليلًا لأطمئن على التجهيزات، ثم سأذهب إلى الشركة، لكنني سأعود في موعد جلسة التصوير بالطبع.

اتكأت على مرفقيها لترفع نصفها العلوي، وقوست شفتيها بإحباط قائلة: ستذهب إلى العمل يوم زفافك؟

هي محقة وهو يدرك ذلك، لكن ظروف العمل لا ترحم فهناك الكثير من الأوراق الهامة تحتاج إلى توقيعه، ولم يعد بوسعه تأجيل الأمر أكثر. صمتت حور لوهلة، ثم هتفت قائلة: إن كان الأمر محض توقيع فيمكن لأي أحد أن يحضر لك الأوراق إلى الفندق وتوقعها، أليس هذا أفضل؟

صمت زين لوهلة، ثم قال بأسف: هذا غير ممكن ... إنها أوراق هامة وسرية وعقود ... لا يمكن أن أسمح بخروجها من المكتب حتى ... خاصة في ظروف كهذه ... هناك الكثير من الأعداء ينتظرون فرصة كهذه يا حبيبتي.

طوقت عنقه بذراعيها عندما استشعرت جدية الأمر حتى أن الخوف راود قلبها عقب كلامه هذا، وعقبت قائلة: حسنًا، فهمت. يمكنك الذهاب، لكن من فضلك أبلغني عند ذهابك وعند عودتك لأنني سأكون قلقة في غيابك. زين! لا تتأخر في يوم كهذا وتتركني وحدي.

قالت جملتها الأخيرة وهي تحدق في عينيه برجاء، فابتسم ومسح على شعرها بحب قائلًا: هل يعقل أن أتأخر يا حبيبتي؟ سأنهي عملي وأعود على الفور، لا تقلقي.

ابتسمت وطبعت قبلة على وجنته، فابتسم وقال ممازحًا: ما هذا؟ هل تقبلين ابن أخيك أم ماذا؟

ضحكت حور، لكنه لم يمهلها المزيد من الوقت فقد انقض على شفتيها اللتين تذهبان عقله. ابتعد بعد لحظات تاركًا لها المجال لتلتقط أنفاسها، ثم قال: سيكون من الخطر بقائي هنا أكثر من هذا.

ابتسمت حور بخجل وهي تهرب بنظراتها منه بينما ابتسم وقبل رأسها، ثم خرج من الغرفة. ألقت حور بنفسها على السرير ودفنت برأسها بالغطاء لشدة سعادتها وحماسها وكذلك توترها.

مضى بعض الوقت وباتت حور في غرفتها في الفندق. أتت خبيرة التجميل، ووصل فستان الزفاف الذي اختارته من بين مجموعة فساتين اختارها لها زين. كانت سعيدة بأنها ستبقى مرتدية حجابها، ولن يلمح أحدهم ذلك التشوه فهي بالعادة في المناسبات تذهب إلى مركز التجميل ذاته كون صاحبته توليها معاملة خاصة وعلى دراية بوضعها، وتوفر لها الخصوصية اللازمة كي تشعر بالراحة.

بقيت معها أمها وحنان أما أم يزيد فقد كانت تأتي بين الحين والآخر فقد كان عليها استقبال ضيوفها أما زوجة أخيها فلم تأبه بأمر البقاء، بل بقيت تتجول في المكان بعد أن أبقت طفلها مع أبيه.

أتى زين ليخبرها بأمر ذهابه إلى الشركة وقد كانت لا تزال تستعد لوضع اللمسات الأولى من زينتها. أمسكت بيده قبل أن يهم بالخروج وتساءلت بصوت منخفض: هل يمكنك أن تساعدني باختيار التاج قبل ذهابك؟ أشعر بالحيرة.

كانت ترمقه بابتسامة عذبة وتعابير وجهها مليئة بالحماس والتوتر والرجاء، فابتسم ولم يكن أمامه سوى القبول، فكيف عساه يرفض لها طلبًا؟! بدأت إحداهن بوضع الواحد تلو الآخر على رأسها ليراه عليها حتى اختار أحد تلك التيجان، فابتسمت حور وضمت شفتيها مما جعله يهتف قائلًا: ماذا هناك؟ إن لم يعجبكِ اختياري فاختاري ما شئتِ ... أنا لا أعرف الكثير في هذه الأمور.

ابتسمت حنان وقالت: الأمر ليس كذلك يا زين ... أنت اخترت نفس التاج الذي أعجبها ... كنت أحاول إقناعها بواحد آخر، لكنها كانت مترددة ... لكن يبدو بأنها قد حسمت رأيها الآن.

رمقتهما حنان بنظرة ماكرة، فاقترب زين من حور حتى بات وجهيهما متقابلين وقال: ماذا لو اخترت شيئًا مختلفًا، ماذا كنتِ ستفعلين حينها؟

رفعت حور نظرها نحوه ولا زالت الابتسامة تعلو وجهها حيث قالت: سأختاره لأنه سيعجبني، فذوقنا متشابه.

ابتسم زين وهو يحدق بشفتيها، ثم اقترب وهمس لها بصوت لم يسمعه سواها: سنرى إن كان ذوقنا سيتشابه بشأن قميص النوم الليلة. لا يمكنكِ إخفاؤهم عني بعد اليوم.

طأطأت حور رأسها بخجل وقد اندفعت الدماء لوجهها حتى اكتست وجنتيها باللون الأحمر. لم ينتظر تعقيبها فهو يعرف كيف سيبدو وجهها دون أن ينظر لها وقد كان ظنه في محله فقد ابتعد قليلًا وابتسم قائلًا بصوت مسموع: سأذهب الآن ... ما أن تنتهي سأكون قد عدت بإذن الله.

اقترب من حنان قائلًا: حنان! اهتمي بهم من فضلك، ودعي أحدهم يحضر لكم ما تريدونه من طعام وشراب.

ابتسمت حنان وطمأنته قائلة بأنها ستتولى الأمر، وليس عليه القلق بشأن شيء. مشى نحو الباب وهو يسترق النظر لحور فقلبه لا يطيعه كي يتركها ويغادر، ولكنه مجبر على ذلك.

مضت بضع ساعات وقد باتت حور جاهزة بأجمل إطلالة وسط مديح أم يزيد وحنان، وابتسامة عذبة من أمها التي ترمقها بحب وسعادة.

تأخر زين وحور تجلس بقلق وتوتر ولا تريد مهاتفته خشية أن يكون مشغول أو يقود سيارته إلا أن أمه فعلت، وهتفت به قائلة: زين! أين أنت يا بني؟ ... حسنًا، لا بأس ... قد بروية يا بني ولا تتعجل.

كانت عينا حور متعلقتان بأم يزيد بانتظار انتهاء المكالمة كي تعرف أين زين، لتقول أمه في النهاية: إنه في الطريق، ولكن هناك ازدحام شديد ... سيصل قريبًا إن شاء الله.

تنفست حور الصعداء في حين هتفت حنان لتمازحها قائلة: هل خفتِ أن يهرب يا حور؟ لا تقلقي فهو يحبك وسيذهب لآخر العالم من أجلك ... كما أنه رجل يحفظ كلمته ... لن يهرب.

وصل زين الفندق وهرول إلى الداخل، ويرافقه يزيد أما زيد فقد بقي في الشركة لينهي بعض الأمور. دخل زين الغرفة بعد أن استأذن، وأجبرت حنان حور على أن تولي ظهرها له التي ما أن سمعت صوته وقفت بانتظار دخوله.

وقف زين خلف حور وهتف قائلًا: لا داعي لهذه العادة فقد رأيتها بفستان الزفاف أول أمس وبكامل زينتها ... إنها جميلة في كل الأحوال.

استدارت حور لتقابله وهي تبتسم إثر كلامه في حين كانت حنان تهتف بمزاح معتاد معلقة على حبهما الواضح حتى في نظراتهما. لقد كانت الإطلالة مختلفة حقًا فحجابها أضفى عليها رونقًا خاصًا. تقدم نحوها وعانقها بقوة بينما رفعت هي ذراعيها تربت على ظهره.

قاطع عناقهما وتأثرهما هذا دخول عمته وزوجة عمه اللتين أتيتا بصحبة عمه وآخرين من أفراد العائلة. تولت أم يزيد أمر التعريف بهما إلى حور وأمها وبعد لحظات دخلت ابنة عمته التي صافحت زين وباركت له الأمر الذي لم يرق لحور، ولكنها أسرته في نفسها.

تبادلوا الحديث لدقائق كانت كافية لتلاحظ حور تجهم وجه ابنة عمته، وابتسامتها المزيفة، والنظرات الغريبة التي ترمقها بها. نظراتها وابتسامتها ذكرتها بأخرى تمقت حتى تذكر اسمها ألا وهي ريم زوجة مصطفى. طوق زين كتفي حور بذراعه، ولم يتوقف عن مدحها أمام أقاربه الذين تفاجأوا بخبر زواجه وعلموا به منذ أيام فقط. حاول احتواء عتابهم بذكاء؛ فهم لم يتوقفوا عن توجيه اللوم له ولأمه حتى أنه لاحظ انزعاج حور والذي لم يلاحظه سواه.

هتف زين باسم حنان قائلًا: من فضلك اصحبي حور إلى مكان جلسة التصوير ... سألحق بكم بعد عشرة دقائق ريثما أبدل ملابسي.

طوق زين خصر حور بذراعه وأردف قائلًا: التقطي بعض الصور ريثما آتي، اتفقنا حبيبتي؟

ابتسمت وأومأت له بالإيجاب، فرد عليها بابتسامة أخرى وقبل وجنتها، ثم وقع نظر حور على ابنة عمته لتجدها ترمقهما بنظرات غاضبة والدموع تلتمع في عينيها، ولم تلبث حتى خرجت من الغرفة. انقبض قلب حور، ثم خرجت مع زين الذي توجه إلى غرفته بينما توجهت هي برفقة أمها وحنان إلى المصعد.

كانت حور شاردة الذهن وازداد توترها بسبب المصور، ولم تستطع أخذ وضعيات مناسبة للتصوير رغم محاولات حنان معها حتى همست لها حور قائلة بأنها تشعر بالخجل من المصور، ولم يحدث وأن التقط لها رجل الصور من قبل في مناسبات كهذه. ابتسمت حنان وطلبت منها الجلوس لترتاح ريثما يأتي زين بينما كانت أمها تتحدث مع زوجة ابنها، وتحاول التحكم بغضبها وهي تسألها عن مكانها وتريدها أن تلحق بهم.

جلست حنان بجانب حور بعد انتهاء مكالمتها مع يزيد، فلاحظت حنان شرود حور وانزعاجها وقالت: أنتِ منزعجة من أقارب زين وما قالوه، أليس كذلك؟

نظرت لها حور وقالت بأسف:

- في الحقيقة ... أجل ... لقد بالغوا في كلامهم ... ليس من اللائق أن يقولوا كل هذا أمامي وأمام أمي كأنهم يتعمدون ذلك.

- لا تأبهي لكلامهم ... لأن لا أحد يفعل ... هم دائمًا ينتظرون الفرصة التي تسمح لهم بتوجيه الكلام لنا ... حتى على أتفه الأمور ... مع الوقت ستعرفين وستفهمين كل شيء بشأنهم.

- ابنة عمة زين ... هل هي متزوجة؟

- تقصدين آمال؟ لم تعد كذلك ... تزوجت وتطلقت منذ نحو سنة ... لم يدم زواجها طويلًا بسبب كثرة المشاكل بينها وبين زوجها ... لماذا تسألين يا حور؟

- لا شيء.

رمقتها حنان بابتسامة خبيثة وقالت بنبرة ذات مغزى: حور! تكلمي فأنا لن أتركك قبل أن تتحدثي ... ماذا هناك؟ ماذا لاحظتِ؟

ابتسمت حور وقد أدركت بأنها لن تتركها وشأنها، فشابكت أصابعها وأخبرتها بما رأته منها، فهمهمت حنان وقالت: هي تحب زين وهذا ما لاحظته منذ فترة، ويبدو بأنها كانت تأمل بالزواج منه بعد أن علمت بأن حماتي تبحث له عن عروس، ولكن اطمئني ... هي لم تفكر بها مطلقًا لزين ولا حتى هو ... تعلمين بأنه كان رافضًا لفكرة الزواج بأكملها حتى رآكِ ووقع في حبكِ أيتها المحظوظة ... فليكن في علمك بأنها ليست الوحيدة، وسيكون هناك الكثير من النساء ذوات القلوب المحطمة في الحفل وخارجه ... لكن إياكِ أن تدعي ذلك يؤثر على علاقتكما ... المهم هو من يحب وليس من يحبه ... زين لا يرى سواكِ، وليس في قلبه غيركِ، لذا تدعي شيئًا يغير هذه الحقيقة لديكِ، اتفقنا؟

ابتسمت حور وأومأت لها بالإيجاب وقد اطمأنت بأنها قد وجدت أختًا كبرى لتنصحها وتخفف عنها.

أتى زين مهرولًا مرتديًا بذلته السوداء الأنيقة، وتوجه مباشرة نحو حور بعد أن ألقى التحية على الجميع. نهضت حنان لتفسح له مكانًا بجانب حور وقالت بحنق مصطنع: ما هذه الفتاة التي تزوجتها يا زين! لم تلتقط أي صورة بحجة أنها تشعر بالخجل من المصور ... هل هناك فتاة تخجل لهذه الدرجة؟

رمقها زين بعشق وأجاب قائلًا وهو يمسك بيدها ويرفعها نحو شفتيه: حبيبتي وزوجتي فقط.

ساعد زين حور لتهدأ وتنسى أمر المصور كي يتمكنا من التقاط الصور، وبالفعل بدأت توترها وخجلها يقل تدريجيًا حتى طلب المصور من زين أن يقبلها، فانفرجت شفتا حور وانتقلت بنظرها من المصور إلى زين وقالت: ما هذا المزاح؟

ضحك زين وقال: ليس مزاحًا ... سيلتقط صورة لنا وأنا أقبلكِ.

شهقت حور وهتفت قائلة: عيب.

انفجر الجميع ضاحكين على ردة فعلها اللطيفة وحتى زين الذي قال: ليست أول مرة أقبلكِ فيها يا حور.

شهقت حور من جديد ووكزته في كتفه وهو لا يزال يضحك، ثم التفت للمصورين والبقية من حوله قائلة: لقد عقدنا قراننا منذ شهر ... كي لا تسيئوا الفهم.

حاول زين معها مجددًا بعد إلحاح المصور كي ينتهيا من هذه اللقطة، فنظرت حور لأمها التي ابتسمت بحرج هي الأخرى وقالت بأنها ستذهب لتلاقي زوجة ابنها وتحضرها إلى هنا كي تعفي حور من هذا الإحراج.

طوق زين خصر حور بذراعيه وقربها منه، وهمس لها بنبرة مطمئنة: اهدئي حبيبتي ... الأمر أبسط مما تتخيلين ... انسي وجود الجميع وتخيلي بأننا وحدنا وحسب ... أغمضي عينيكِ فقط وأنا سأهتم بالباقي.

أومأت له بالإيجاب وأخذت نفسًا عميقًا، ثم أغمضت عينيها، فاقترب زين حتى لامس شفتيها بخاصته ولم يبالغ مطلقًا كي لا تتوتر إلا أن المصور هتف قائلًا بأنها متوترة والأمر واضح في الصورة، وعليهم أن يعيدوا اللقطة. زفرت حور بإحباط، ثم وقع نظرها على ابنة عمة زين "آمال" التي لاحظت وجودها، ورأت بأنها تراقبهما من بعيد. لم تستطع منع نفسها من الإحساس بالغيرة فهي في النهاية أنثى، وستدافع عن حقها بالرجل الذي اختارته واختارها. تقبلت هذه المرة توجيهات المصور وأخذت نفسًا عميقًا تلو الآخر لتهدأ، ثم طوقت عنق زين وهي تقول: نحن وحدنا ... لن أفكر بأحد.

ابتسم زين وقال: أنتِ زوجتي يا حور ... لا داعي لكل هذا التوتر فهي محض قبلة صغيرة يا حبيبتي من أجل الصورة ... استرخي.

أومأت له بالإيجاب، فاقترب أكثر حتى لامس أنفها بخاصته وابتسم قائلًا: دعينا ننتهي من أمر التصوير والقبلة وحفل الزفاف ... هناك أمور أهم لنفعلها الليلة.

ابتسمت حور بخجل، فسارع زين بالتقاط شفتيها ونجح في فصلها للحظات عن التفكير بالمحيطين بهما وقد كانت كافية ليلتقط المصور عدة صور. فرق زين قبلتهما وهتف المصور بأن الصور رائعة هذه المرة، فخبأت حور وجهها في صدر زين وقد اشتعل بالحمرة خجلًا مما حدث بينما ضحكت حنان وكذلك زين الذي ضمها إلى صدره.

مضت دقائق حاولت فيها حور أن تهدأ وتعود لطبيعتها عندما اقتربت حنان قائلة: زين! يزيد أخبرني بأن الراقصة في الطريق وستصل بعد قليل.

التفتت حور لها وقالت باستفهام: راقصة؟

عادت بنظرها لزين الذي أكد لها ما سمعته، فاتسعت عيناها وقالت: أنت تمزح صحيح؟ لا يعقل أن تحضر راقصة عارية وتدعنا نحمل إثم كل من ينظر لها يا زين؟! لا يعقل أن نبدأ حياتنا معًا بهذا الشكل.

اقتربت حنان وقالت: لا تبالغي يا حور ... هذا طبيعي هنا.

هزت حور رأسها بنفي قاطع وقالت: طبيعي بالنسبة لكم أما نحن فلا ... لن أقبل بوجود راقصة تتمايل عارية أمام الحضور والذين من ضمنهم أبي وأخي ... لن أحمل وزر كل من ينظر لها ... لا طاقة لي بذلك ... من فضلك يا زين.

كانت تتحدث بانفعال ونبرة لا تقبل النقاش، فقال زين: حسنًا، اهدئي. سألغي الأمر على الفور.

أمسك بهاتفه وتحدث مع يزيد طالبًا منه إلغاء أمر الراقصة على الفور دون أن يقدم له أي تبرير مكتفيًا بقول أنه سيدفع لها المبلغ المتفق عليه، ولكنه لا يريد حضورها. عاد زين بنظره إلى حور بعد انتهاء المكالمة وكانت لا تزال تعقد حاجبيها باستياء، فابتسم قائلًا: انتهى الأمر ... ابتسمي ... لن يحدث شيء لا تريدينه أو لا توافقين عليه يا حبيبتي.

قوست حور شفتيها باستياء قائلة: لن أجدها تدخل علينا متمايلة بثياب الرقص التي لا تستر جسدها تلك؟

ضحك زين وقال: لا، ستعود أدراجها على الفور وهي غاضبة وتقوم بشتمي الآن.

ردت حور بحنق: فلتجرؤ على شتمك لأعلقها من لسانها.

ضحك زين وضمها إلى صدره، ثم همس لها قائلًا: طالما يمنع وجود الراقصات سترقصين لي ... لا تقولي بأنك لا تجيدين الرقص.

ابتسمت حور وهمست له قائلة: لا تقلق، أجيده، لكن ليس لدي ثياب الرقص. بحثت ولم أجد شيئًا جميلًا.

ابتسم وتابع بنفس النبرة: سأحضر لك الكثير ... بكل الألوان.

ضحكت حور بخفوت وقد اعتلت الحمرة وجنتيها من جديد، ثم عادا لالتقاط بعض الصور قبل أن يتوجها إلى القاعة التي سيقام فيها حفل الزفاف.

.........................................................................

رأيكم في الأحداث وتوقعاتكم للأحداث القادمة؟
ندى ... آمال ... كارمن وزينة وغيرها؟! 🔥🔥

لا تنسوا التصويت فضلًا❤


زيد وليان ❤

Continue Reading

You'll Also Like

349K 30K 13
في عالمٍ يملأهُ الزيف غيمةً صحراويةً حُبلى تلدُ رويدًا رويدًا و على قلقٍ تحتَ قمرٍ دمويْ ، ذئبا بشريًا ضخم قيلَ أنهُ سَيُحيى ملعونًا يفترسُ كلُ منْ ح...
621K 14.1K 31
..أحبت بصدق لتكتشف بعدها أن ما تعيشه لم يكن سوى خدعه و وهم مثل الفقاعه بمجرد لمسها سقطت لتصطدم بالواقع المرير لتكون النتيجه.. ..كل ما يخص القلب لم يك...
14.1K 468 18
عندما تهان كرامتك.. حتى لو بدون قصد.. عندما يمن عليك الآخرون بما فعلوه لأجلك.. حينها فقط لن تستطيع الصمود.. و البقاء فى حياتهم.. قررت الإبتعاد و الخر...
516K 24.2K 35
احبك مو محبه ناس للناس ❤ ولا عشگي مثل باقي اليعشگون✋ احبك من ضمير وگلب واحساس👈💞 واليوم الما اشوفك تعمه العيون👀 وحق من كفل زينب ذاك عباس ✌ اخذ روحي...