الفصل 83 (الأمل في الحب لا ينتهي)

Start from the beginning
                                    

كانت وتين تستمع له وهي تشعر بالألم في صدرها وتحاول ألا تحزن سواء عليه أو منه بسبب كلامه الذي يخبرها بمدى حبه لزوجته.

عقد جواد أصابعه محاولًا التماسك أمامها فمن الصعب عليه الخوض في هذه الذكريات التي كان يهرب منها لسنوات حيث أردف قائلًا: كان أسعد يوم في حياتي عندما أخبرتني بأنها حامل ورغم أنها كانت تبقى وحدها معظم الوقت وتعاني بسبب الحمل، لكن لم يحدث يومًا وأن تذمرت أو استاءت من غيابي أو تأخري بسبب عملي.

لمعت الدموع في عيني وتين وقد شعرت بأنها لن يسعها منافسة زوجته؛ فهو يعشقها ويراها ملاكًا، ويبدو بأنها كانت كذلك بالفعل. لاحظ هو دموعها وتعابير وجهها، فأدرك بأنه استرسل بالحديث عن حبه لزوجته أكثر مما ينبغي أمامها، فحمحم وأردف قائلًا: في أحد الأيام بعد انتهاء إحدى مهماتي أخذت إجازة وأردت أن آخذها لتزور عائلتها في "المنصورة" بما أنها لم ترهم منذ فترة كبيرة. تعرضنا لحادث مدبر حينها وانقلبت بنا السيارة حيث بقيت أنا في غيبوبة وهي ... توفيت على الفور ... وكذلك الجنين.

تساقطت دموع وتين وهي تخفض رأسها رغمًا عنها وقد داهمها شعور بالحزن عليه وعلى زوجته وطفله الذي لم يولد والذي تغلب على شعورها بالحزن على حالها، ولم تعد تدري لمَ يخبرها بكل هذا، فهل سيختم كلامه بأن تنساه بطريقة غير مباشرة أو بأنه لن يفكر بالزواج بعد ما حدث أم ماذا؟!

تنهد جواد بحرقة وهو يرى دموعها، ولكن عليه أن يكمل ما بدأه حيث أكمل قائلًا: أبشع شعور عشته هو تلقي خبر وفاتهما ودفنهما عقب استيقاظي ... دخلت في حالة اكتئاب شديد وانهيار وعزلة، وودت أن أنهي حياتي إلا أن خوفي من الله منعني ... بقيت على هذا الحال لفترة طويلة حتى احتاجت عائلة المصري لي، فخرجت من عزلتي ... لكنني بت شخصًا آخر ... أكثر جمودًا وقسوة وبرودًا ... كرست حياتي لهذه العائلة التي وقفت لجانبنا على مدار سنوات وكانوا أهلاً لي وقد عزمت ألا أدع مكروهًا يصيبهم كي لا يعانوا مثلي ... مضت السنوات وأنا أسير للذكريات وقد توقفت حياتي عند ذلك الحادث وتوقف قلبي عن النبض إلى أن ...

رفع نظره يحدق بها وكذلك فعلت هي عندما توقف عن التحدث لتلتقي عيونهما، ثم أردف جواد بهدوء: إلى أن رأيتك يا وتين ... جعلتِ قلبي ينبض من جديد ... جعلتني أرغب بعيش هذه الحياة مرة أخرى ... بقيت أقاوم نفسي ومشاعري وأستمع لعقلي الذي ينهاني خوفًا من عيش التجربة المؤلمة مرة أخرى ... لكنني أرفع الراية البيضاء أمامك معلنًا هزيمتي ... وتين! ... أنا أحبكِ وأريدك أن تدخلي حياتي المظلمة لتنيريها ...

كانت تسمع كلماته باندهاش جلي وقد اتسعت عيناها وانفرجت شفتاها وهي لا تكاد تصدق بأنه يعترف بحبه لها الآن حتى سمعته يقول بنبرة تحمل الكثير من مشاعر الحب والرجاء والأمل: هل تقبلين الزواج بي؟

عند هذه الجملة أجهشت وتين بالبكاء كطفلة صغيرة وقد غطت وجهها، فارتبك جواد خاصة بعد ملاحظته لنظرات الناس المعاتبة والكارهة من حوله كأنه هو سبب بكائها، فنهض وجلس بجانبها محاولًا تهدئتها وبعد لحظات أبعدت يديها عن وجهها وقد هدأت قليلًا، ثم نظرت له متسائلة: هل حقًا تحبني؟

عمرُ روحيWhere stories live. Discover now