الفصل 7 (رماد قلب)

Start from the beginning
                                    

تنهد مصطفى متذمرًا وقال: كلا الأمرين لا يعجبانك؟ حسنًا، سأنهض وأذهب طالما أنكِ لا تريدين بقائي في المنزل.

هم بالنهوض، فجذبته ومنعته من النهوض وضحكت وهي تضع ثقل نصفها العلوي فوقه قائلة: متى قلت ذلك؟ لماذا تغضب بسرعة هكذا؟ لقد تساءلت فقط لأنني قلقت بشأنك فهذا ليس من عادتك.

صمت مصطفى قليلًا، ثم قال: أشعر بالتعب وأريد أن أرتاح اليوم، هل هذا ممنوع؟

ابتسمت حور قائلة: كلا، هذا يعجبني. أنا بحاجة لأمضي معك المزيد من الوقت كي نتحدث، لذا أرجوك ضع الهاتف والحاسوب جانبًا اليوم. فليكن يومًا خاصًا بنا وحسب.

حدق مصطفى في عينيها وابتسامتها المشرقة وتساءل في نفسه لماذا كان يظلمها بتلك البشاعة دون وجه حق، وهي تبذل ما بوسعها لتسعده، وتتقرب منه، وتنفذ له كل ما يطلبه مهما كان صعبًا عليها. بدأ يقارن بينها وبين ريم، لكن هذه المرة دون أن يكون همه أمر تشوهها وندوبها.

سأل نفسه لماذا يحب ريم كل هذا الحب، وما الأمر الغير اعتيادي الذي فعلته من أجله ولم تفعله حور. لم يجد إجابة، بل كانت الكفة الراجحة في صالح حور. قارن بين تصرفات وأفعال كل منهما فريم هي التي كانت تتشاجر معه باستمرار وتسعى بكل قوتها ليحقق لها مطالبها، وهو ليس بغافل عن مكرها واتباعها لعدة أساليب لإقناعه بما تريد، فتارة تعتمد على حبه وضعفه أمامها، وتارة تقوم بإغرائه بطريقة أنثوية تتبعها معظم النساء، وأحيانًا أخرى تدخل له من طريق غضبه، وأنانيته، وحبه للسيطرة فهي تحفظه جيدًا ولديها كل مفاتيح شخصيته.

شعور بالذنب اجتاح قلبه برؤيته لابتسامة حور البريئة المشرقة التي تبذل كل ما بوسعها لينجح هذا الزواج، والتي تجهل الكارثة التي فعلها ليلة أمس. هو يعلم في قرارة نفسه بأن فعلته تلك ستدمر أي فرصة متبقية له معها في حال اكتشفت الأمر، لذا سيحرص على ألا يتم اكتشاف تلك المصيبة.

وضع يده على شعرها وقال ببروده المعتاد: هل تريدين أن نخرج اليوم؟

ابتسمت بحماس قائلة: حقًا؟ إلى أين؟ مهلًا ... لا تقل زيارة عائلة أرجوك فقد سئمت من هذه الزيارات.

بالكاد شقت الابتسامة طريقها إلى شفتيه عندما رأى عبوسها الطفولي، فعقب قائلًا: كلا، سنخرج للتنزه. إلى أين تريدين الذهاب؟

دمعت عيناها وهي لا تكاد تصدق ما تسمعه منه فهو يقترح أن يخرجا للتنزه معًا، وفوق كل هذا يأخذ رأيها لتختار المكان الذي تريده. بقيت تحدق به بصمت واندهاش، فكرر سؤاله وإذا بدموعها تنساب رغمًا عنها. قطب حاجبيه وسألها ما بها، فابتسمت بألم قائلة: هذه أول مرة تدعوني لنخرج وحدنا، وأول مرة تسألني عن رأيي في المكان الذي سنذهب إليه.

ضمها مصطفى إلى صدره وقال: لا أدري كيف لم ألاحظ كم كنت قاسيًا معكِ ودون مبرر يذكر .. سأصلح كل هذا .. أعدكِ.

عمرُ روحيWhere stories live. Discover now