الفصل 6 (كابوس مظلم)

Start from the beginning
                                    

دخل وانتهى من صلاته وفي ركعته الأخيرة أطال السجود، وبدأ يدعو الله أن يخفف عنه همومه ويداوي قلبه. دعا برجاء حتى أنه أجهش بالبكاء لدرجة أن الإمام تأثر عندما رآه بهذا الحال.

عاد زين إلى بيته ليجد والدته بانتظاره وتسأله إن كان قد تناول عشاءه، فابتسم وقبل يدها وأخبرها بأنه تناوله مع يزيد. أرادت أن تتحدث معه في أمر الفتاة التي وجدتها من أجله، ولكنها انتظرت حتى استحم وبدل ملابسه، ثم دخلت إلى غرفته معلنة بأنها تود التحدث معها. خمن على الفور ماهية الموضوع وقال برجاء: أمي ... من فضلك ... لا أريد العودة للحديث عن الزواج.

ردت الأم برجاء: اسمعني فقط يا زين ... حاول أن تراها ... إنها مختلفة ... فتاة لطيفة ومهذبة وملتزمة ومن عائلة محترمة ... ليست مثل ندى الجشعة، وليست مستهترة وأنانية مثل كارمن ... صدقني هذه الفتاة تناسبك تمامًا.

رد زين بتعب وهو يبذل ما بوسعه كي لا يرفع صوته وينفعل؛ فهي لا ذنب لها في نهاية المطاف، ولا تريد سوى رؤيته سعيدًا مع امرأة يحبها وتحبه وتهتم لأمره، ليقول: أمي ... أرجوكِ ... لقد تناقشنا كثيرًا في الأمر من قبل ... لقد صرفت نظري عن الزواج برمته.

احتدت نظرات أمه وردت بحدة قائلة: لمَ كل هذا العناد؟ هل تريد البقاء دون زواج بسبب عقربتين دخلتا حياتك وأفسدتاها؟! لن أسمح لهن بكسرك وتدميرك بهذه الطريقة، هل فهمت؟ لقد دعوت الفتاة وأمها لتناول طعام الغداء هنا في بيتنا غدًا. لن أدعك تخرج من البيت غدًا يا زين، وإياك أن تحاول الهرب. ستقابل الفتاة رغمًا عنك وإن وجدت فيها عيبًا واحدًا أخبرني به.

ابتسم زين بتهكم وقال: تريدين أن أجد عيوبها في محض لقاء؟ لقد عرفت ندى لسنوات وفي النهاية اكتشفت بأنني لم أعرفها قط. تزوجت كارمن لسنوات وكانت تخدعني وتكذب عليَّ وأنا كالمغفل. أي عيوب هذه التي تريدين مني إيجادها في لقاء؟!

دمعت عينا أمه وهي تراه يتحدث بانفعال وألم وانكسار، فاقتربت منه ووضعت يديها على وجنتيه قائلة: هذه آخر مرة ... أعدك بذلك ... إنها فتاة رائعة صدقني يا بني.

عانقها زين قبل أن تفضحه دموعه أمامها التي سرعان ما مسحها قبل أن يفرق هذا العناق، ثم قال: هذه آخر مرة يا أمي ... أرجوكِ.

أومأت له موافقة وتمنت له ليلة سعيدة قبل أن تخرج من غرفته. ألقى بنفسه على سريره بتعب لتعود الدموع وتجتمع في عينيه، وذكرياته تهاجمه من جديد كوحش مفترس يرفض التخلي عن مطاردة فريسته.

..............................................................

كانت الأغاني تصدح في تلك الحديقة وراما أخت ريم تتراقص على أنغام الأغاني مع خاطبها في حين كانت ريم تتألق بفستان أسود اللون، اللون المفضل لدى مصطفى، أبرز مفاتنها بشكل مبالغ به والذي لم تكن لترتديه من قبل بسبب عدم سماح مصطفى لها. ربما يكون قد تهاون معها في أمر الحجاب كون فتيات عائلته بأكملها أخذن الحرية في هذا الأمر، ولكن يبقى للباسهن حدود لا يتجاوزنها وهي اليوم قد تجاوزت الخطوط الحمراء بهذا الفستان. ما أثار غيظه أكثر هو حديث ابن عمه الأكبر المستمر معها والذي يعلم الجميع بأنه يبحث عن عروس منذ فترة بعد وفاة زوجته إثر مرض عضال.

عمرُ روحيWhere stories live. Discover now