[الجزء الخامس] البارت الخامس(5)

122 8 0
                                    

الكويت.. سنة أولى.

كانت فكرة السفر إلى الفلبين لزيارة بيتنا قد بدأت تتقافز داخل
رأسي. رفضت أمي الفكرة رغم اشتياقها لي طلبت مني راجية بقاثي
في الكويت وقتا أطول. لست أدري إن كانت ترجو بقائي من أجلي أم
من أجل العائلة التي أصبحت بحال أفضل لقاء ما أرسله لها من أموال.
انصرفت عن فكرة السفر» ليس رضوخا لرغبة أميء بل ليقيني بأنني إن
فعلت» قبل أن تنبت لي جذور في بلاد أبي» سوف لن أعود أبدا.

وعدني إبراهيم أن يساعدني في الحصول على عمل بعد أن
اعتذرت عن الانضمام إلى نشاطهم الدعوي لجهلي بكثير من التفاصيل»
ولعدم استعدادي لأمور كهذه. كنت قد بدأت للتو أتلمس علاقتي مع
الله. وكم كنت مطمئنا لهذه العلاقة.

إبراهيم شاب طيّب وبسيط جدًا. وجدتٌ فيه صديقا مخلصا.
لم أطلبه شيئا قط إلا وهب لمساعدتي. هو يناديني ب أخي؛ وحين
سألته عن السبب أجاب: "المسلم أخو المسلم". كنت ممتنا لشعوره
تجاهي. لم أقل له أنني لست متأكدا من كوني مسلما بعد؛ فأنا لا أزال
أتلمس طريقي» ولكنه حتماء إن أنا دخلت في الإسلام؛ سوف يكون
هو أحد الأسباب في ذلك. ثلاثة أشياء تعرفت إليها من خلال إبراهيم
حببتني بالإسلام وعرفتني إليه أكثر.. فيلم "الرسالة".. كتاب "الرحيق
المختوم ”(35)والمعاملة الطيبة والاهتمام الذي يبديه إبراهيم تجاهي.

***

(35) أحد أهم وأشهر الكتب المتخصصة في سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم» تأليف
الشيخ صفي الرحمن المباركفوري (المترجم).

رغم ان السيارات من أكثر الأشياء لفتا للانتباه في الكويت» ورغم
مقدرتي على اقتناء واحدة» متوسطة المستوى» فإنني اكتفيت بشراء
دراجة هوائية» بمساعدة إبراهيم. أنتقل بواسطتها داخل المنطقة وفي
المناطق المجاورة. دراجة هوائية سوداء أنيقة. قمت بتثبيت علم الكويت
في مؤخرتها. ذلك العلم رغم رؤيتي له في كل مكان. منذ اليوم الأول
لوصولي حين رأيته منكسا بالقرب من المطار» أو محمولا في أيدي
الناس في احتفالات فبراير الوطنية أو مثبتا في سياراتهم بأحجام مختلفة؛
لم يكن يعني لي شيئا إلى أن شاهدته يغطي رفاة الشاعر الكويتي الشهيد
حين أخبرني غسان أن رفات أبي كانت مغطاة بعلم الكويت بالطريقة
ذاتها. مذ ذلك اليوم أصبح لعلم الكويت خصوصية لدي تحرك شيئا
ساكنا في داخلي.

بعد شرائي لتلك الدراجة كنت قد تخلصت من سيارات الأجرة
وتكاليفها الباهظة. أصبحت أجوب شوارع الكويت بواسطتهاء لا أصدق
أحيانا انتي قطعت كل تلك المسافات التي قطعت ممتطيا دراجتي. كنت
أبذل مجهودا خيالياء ولكن أي جهد أبذله في قيادة الدراجة كان أفضل
من الجلوس إلى مقعد الحافلة» أتفحص الشوارع من زجاج النافذة
أحني ظهري للأمام» واضعا رأسي بين ركبتي كلما لمحت صبية يقفون
على الرصيف» أتحفّز لاستقبال شظايا زجاج النافذة تتناثر على ركاب
الحافلة المذعورين.

ساق البامبوWhere stories live. Discover now