[الجزء الثالث] البارت الثامن (٨)

144 11 0
                                    

في كنيسة حيّنا الصغيرة»؛ حيث تم تعميدي قبل سنوات طويلة؛
استقبلت عائلتي المعزين بوفاة جدّي. أناس كثر» جاؤوا من أماكن
مختلفة»؛ بعضها قريب» وبعضها الآخر بعيد. جاؤوا يواسوننا ويودعون
ميندوزا بعد رحيله. أي وداع هذا بعد الرحيل؟!

على أحد مقاعد الكنيسة جلست؛ إلى جانب ماما آيدا التي
حضرت على مضض. بعد إلحاح أمي وخالي بيدرو. أخبرتني بكيفية
معرفتها بموت أبيها: "شيء مرعب.. مرعب يا هوزيه!". نظرث باتجاه
التابوت الذي يحمل جثمان ميندوزاء ثم واصلت:

"كنت في غرفتي» أدخحن» في وقت متأخر من الليل. شرع الكلب
العجوز» وايتي» بالنباح. لم يلبث طويلا حتى استحال نباحه عواء يشبه
النحيب. كان الخدر ينتشر في رأسي. وشيء يشبه دبيب النمل يتصاعد
إلى صدغيّ. هززت رأسي كمن يحاول أن يستفيق من حلم مزعج؛
وبدلا من أن يختفي عواء وايتي» شرع أحد الديوك في الصياح. هل لك
أن تتخيل عواء كلب يصاحبه صياح ديك» في الوقت نفسه؟! لم تجرؤ
الديوك على الصياح قط إذا ما نبح وايتي» ولكنهاء في ذلك الوقت كانت
تصيح بشكل متواصل» يستريح أحدها ليواصل الآخر ما بدأه الأول»
وعواء وايتي يستمر بشكل مرعب".

مسحت ماما آيدا ذراعيها بكفيهاء كأنها تعيد شعيرات جسدها
المنتصبة إلى وضعها الطبيعي. واصلت حديثها:

"نزلت السُلِّم جرياء بثياب النوم» من دون نعلين خرجت من البيت

رسمت ماما ايدا شارة الصليب امام وجهها. واصلت:

"كان وايتي مقعيا عند باب أبي» رافعا رأسه يعوي. من الذي فك
طوقه المثبّت إلى بيته الصغير؟.. الديوك كانت تواصل صياحها. وما أثار
الهلع في نفسي» وأقشعر له بدني يا هوزيه»؛ هو منظر إينانغ تشولينغ»
تقف؛ مقوسة الظهرء خلف نافذة بيتها في الظلام. عارية الصدر» ضامّة
ذراعيها أسفل ثديبها الضامرين» كأنها تحمل شيئاء تنظر إليه".

انحنت بجذعها إلى الأمام. أسندت مرفقيها إلى ركبتيهاء وغطّت
وجهها بكفيها. قالت:

"لم أجرؤ على الاقتراب من منزل أبي وأنا لم أدخله منذ سنوات
طويلة. أخذت أجري إلى منزل بيدرو من دون أن أنظر إلى منزل إينانغ
تشولينغ. طرقت الباب بكلتا يدي. سألني بيدرو عما دهاني. "مات أبوك
بيدرو.. مات أبوك على سريره"» قلت له. سألني» وهو على يقين بأنني
لم أدخل بيت أبي: "من أخبرك بذلك آيدا؟". أشرت نحو الساحة أمام
فج أبي؛ "وايتي والديوك!"

جلس خالي بيدرو إلى جانبي. أصبحت بينه وبين ماما آيدا التي
تركت المكان فور وصول أخيها: "سأعود إلى البيت.. هذا يكفي.. لا
أحتمل البقاء هنا مدة أطول". لم يلتفت خالي إليها. واصل ما انتهت
به أخته:

"جريت إلى منزل أبي» بعد أن أخبرتني آيدا. فتحتٌ الباب.
سبقني وايتي إلى الداخل. رائحة الشموع تشي بانطفائها قبل وقت
قصير من دخولنا. ضغطت مكبس الضوء.. لم يعمل. أشعلت قذدّاحتي..
وجدت أبي يستلقي على أحد جانبيه عارياء ضامًا ركبتيه إلى صدره
بوضعية جنين» يحجب وجهه بكفيه كمن يهرب من مواجهة منظر

ساق البامبوWhere stories live. Discover now