[الجزء الرابع] البارت السادس (٦)

154 13 0
                                    

- هل أنت مستعد للقاء جدّتك في الغد؟

سألني غسان مساء اليوم الذي اصطحبني فيه إلى حيث الاحتفالات
الوطنية. ترددت في الإجابة. قلت:

- لست أدري.. فقد كانت تكرهني..

صمت قليلا أراقب وجه غسانء أنتظر منه تشجيعاء ولكنه ظل
صامتا. أردفت:

- أتراها لا تزال تحمل الشعور ذاته؟

- لا تصور لدي يا عيسى.. ولكن..

تردد قبل أن يضيف:

- لا تحسب ان الأمر سهلا..

في صباح اليوم التالي؛ بعد الحادية عشرة والنصف بقليل. مرتعش
الجسد كنت» والعرق يتصبب من جسدي. في محبوبة غسان أجلس إلى
جانبه. نظر إليّ ما إن أوقف السيّارة أمام بيت جدّتي:

- عيسى!.. ما بك؟

- عد بي إلى الجابرية أرجوك!

سحب منديلا ورقيا من علبة المناديل أمامه. ناولني إياها:

- عيسى.. على مهلك.. لا تكن..

كرهت نفسي حين عجزت عن ردعها من أن تبدو بهذا الضعف.
بكيت كما طفل يوشك أن يُلقى في حفرة مظلمة. ارتبك غسان. أخذ
يربت على كتفي:
- هون عليك.. هون عليك..

فتح باب السيارة قائلا:

- ابقّ أنت هنا.. سأقابل الخالة غنيمة لوحدي..

أطبق باب السيارة» ثم أسند مرفقيه حاشرا رأسه وكتفيه في النافذة.
قال:

- سأتحدث إليها بشأنك.. وسوف آتي لأدعوك للدخول..

ابتسم ابتسامة واسعة. أتم:

- كُن قوياء.

مسحت دموعي بالمنديل وأخذت أراقبه وهو يدق جرس الباب.
تحدث إلى خادمة تبدو هندية. تركته قليلا ثم عادت لتأذن له بالدخول.
اختفى غسان داخل البيت في حين بقي الباب مفتوحا.

"من أي باب سوف يخرج يا ترى؟.. من باب المرآب حاملا
خيبته كما حملني أبي قبل سنوات.. أم..؟". أخذت أراقب البيت
الكبير وأتخيل أمي في داخله. كيف كانت تتدبر شؤون منزل كبير كهذا
لوحدها؟

"الله أكبر.. الله أكبر"... صوت انذاء الصلاة انظلق من سجذ
صغير يبعد حوالي خمسين مترا عن بيت جذدّتيء تبعته نداءات أخرى
بعضها قريب والآخر بعيد. "الله أكبر.. الله أكبر".. لأول مرة أستمع إلى
هذا النداء بهذا القرب والوضوح. شعور غريب لامس روحي في تلك
الأثناء. شيء بث الطمأنينة في نفسي. تبدو كلمات النداء مألوفة لدي
رغم عدم فهمي للغتها. شيء ساكن بداخلي أخذ يتحرك. هو النداء ذاته
الذي همس به أبي في أذني اليمنى فور ولادتي.. هو الصوت الأول..
أتراه لامس همسات أبي الساكنة في داخلي؟ صوت حنَّزْ فضولي
لدخول المسجد القريب من منزل جدّتي» ذلك الفضول الذي لم أشعر
به قط إذا ما مررت بجانب المسجد الذهبي أو المسجد الأخضر في
كويابو في الفلبين.
صورة غريبة مبهمة تلك التي أحملها في داخلي للإسلام. والإسلام»
بالنسبة لي كأي دين» يرتبط برمز أو رموز عدة» كأي حضازة أو حكاية
أو فكرة. إن صَلّْح الرمز كان خير ممثل لرسالته» وإن فسد أفسدها في
عيون الآخرين.
كنت أرى الإسلام» عندما كنت صغيراء بشيء من دهشة يخالطها

ساق البامبوWhere stories live. Discover now