[الجزء الثاني ] بارت عشرون (٢٠)

175 15 0
                                    

في عام 2004 ظهرت ماريا في حياتناء صديقة مقربة ل ميرلا.
فشر لي ذلك الوشم الذي زينت/ شوهت به ميرلا ساعدها الحريري:
اليا

فتاة غريبة الأطوار» ماريا. كنت أسمع باسمها من ميرلا منذ مدة
طويلة؛ ولكنني لم أرها قط قبل ذلك. وعندما أصبحت تزورنا في البيت
لم يطمشن لها أحد من العائلة. كانت تزور بيتنا في كثير من الأحيان»
تقضي وقتا طويلا بصحبة ميرلا في غرفتها. ولم تكن ماما آيدا تخفي
مشاعرها تجاه مارياء فقد كانت تستقبلها بوجه عبوس» وهذا ما خلق
الكثير من المشاكل بين ماما آيدا وميرلا. ماما آيدا تحذر ميرلا كل
يوم.. تصارحها بعدم ارتياحها ل ماريا.. شجارات متكررة.. تنفذ ميرلا
ما تريد.. ينتهي اليوم ببكاء ماما آيدا على سريرها قبل النوم.

لم أحمل أي مشاعر عدائية ل ماريا بسبب ما كانت تراه ماما آيدا.
رغم شكلها المريب» والشعيرات النابتة في صدغيها بشكل واضح»
وشعرها القصير» وملابسها الفضفاضة» ومشيتها التي لا تناسب فتاة. فإن
سبب عدم ارتياحي لها هو استيلاؤها على ابنة خالتي الوحيدة.. ميرلاء

انصرفت ميرلا عني؛ ولم يعد يجمعني بها شيء على الإطلاق»
حتى سهراتنا الليلية في غرفتي» ورحلاتنا إلى المناطق البعيدة. شيء
مما كان يميز علاقتي ب ميرلا لم يعد بعدما استولت عليها ماريا. لم
تكتف ميرلا بالأوقات التي تقضيها مع صديقتها المريبة في الخارج أو
في البيت؛ فقد قامت بتوصيل سلك للهاتف إلى غرفتها ليتسنى لهما
الحديث طوال الليل.

رغم التصاقي بماما آيدا ومحبتي لها ورعايتها لي» فإن بيتنا لم
يعد كما كان بعد أن أصبحت ميرلا لا تعود إليه إلا في ساعات الصباح
الأولى.. تتحدث مع ماريا عبر الهاتف.. تنام.. تصحو متأخرا.. تقضي
ما يتبقى لها من اليوم في الخارج بصحبة صديقتها.

أنظر إلى ميرلا كل يوم؛ في حين أعمل مع جدّي» وهي تتجه إلى
الطريق الرملي في نهاية أرض ميندوزاء تقفز فوق الدراجة النارية؛ تحيط
ذراعيها حول خاصرة ماريا. تنطلقان إلى جهة غير معلومة.

في الأحلام.. نلت ميرلا.. وفي الواقع.. ماريا فعلت..

رغم ذلك لم أستطع طرد ميرلا من قلبي.. لم يحل الدين دون
رغبتي في الحصول عليها.. ولم يصرفها ميلها لجنسها عن زيارتي في
أحلامي و.. يقظتي.

*د*«*

استيقظت في أحد أيام تلك السنة في ساعة متأخرة من الليل.
صراخ ماما آيدا تتخلله ضربات عنيفة على أحد الأبواب في الطابق
العلوي. كنت على سريري لا أزال.

- الهدوء.. الهدوء يا عاهرات!

صوت جدّي ميندوزا يصدر من نافذته القريبة. يواصل:

- قم يا ابن العاهرة وانظر ماذا يجري في الأعلى..

"قم أنت وانظر.. ان كنت تجرؤا"» أحدث نفسي.

في الطابق العلوي ماما آيدا تضرب باب غرفة ميرلا بقبضتيها
ا

- ماذا يجري ماما؟!

سألتهاء في حين كنت أبعدها عن الباب.

- ألا تشم الرائحة؟ هذه الفتاة مجنونة!

رائحة السجائر تنبعث من غرفة ميرلا

- ما الجديد ماما؟ أنت تعرفين أن ميرلا تدخن!

تدفعني. تنقض على الباب تضربه بهيستيريا:

- هذه ليست سجائر..

تركل الباب بقدمها:

- افتحي الباب وإلا..!

تلتفت ماما آيدا إليّ:

- ميرلا تدخن الماريجوانا!

القوة التي كانت عليها ماما آيدا في الطابق العلوي استحالت ضعفا
لم أر له مثيلا في صالون المنزل في الأسفل.

الضجيج الصادر من دراجة ماريا النارية يخترق سكون الليل في
الخارج. بكاء ماما آيدا يمزق سكون البيت في الداخل. تمسك بكفيّ
ابنتها.. تقبلهما:

- أرجوك.. أتوسل إليك لا تذهبي..

تشيح ميرلا وجهها بعيدا عن ماما آيداء تتجه إلى الباب المفضي
إلى الخارج» تحمل بيدها حقيبة ملابسها.

- ميرلا أرجوكٍ.. أرجوك لا تفعلي..

توصد ماما آيدا الباب. تسند ظهرها إليه.

- ابتعدي آيدا!

تقول ميرلا محذرة أمها. تواصل:

- توسلاتك هذه لن تجدي نفعا..

جلست ماما آيدا على الأرض بعدما خارت قواهاء وظهرها مستندا
إلى الباب لا يزال.

- ليست هذه الحياة التي أريدها لك ميرلا.. أرجوكٍ..
- أريد لك حياة حقيقية.. بيت.. زوج وأولاد..
- هذا يكفي!
صرخت ميرلا. واصلت:

- تقولين زوج وأولاد؟!

بكيت لبكاء ماما آيداء في حين كانت ميرلا تواصل صراخها:

- بعد كل ما سمعته منكٍ عن الديوك تريدين لي زوجا وأولادا؟!

تلاشت القوة في صوت ميرلا..

- أنظري إليّا.. أين أنا؟ أين أبي؟!

انفجرت باكية. وبصوت يغالب بكاءها:

- أنظري إلى نفسك.. إلى أبيك المخمور في بيته.. أين هو؟ أين
أنت؟

أشارت نحوي. قالت:

- انظري إليه! انظري إلى الجميع هنا!

اندفعت ميرلا إلى قبضة الباب تسحبها بكل قوتهاء

- لا.. لا ميرلا أتوسل إليك..

قالت ماما آيدا بوجه تبلله الدموع والمخاط» في حين كانت تدفع
الباب بظهرها إلى الخلف محاولة أن توصده. ولكن ميرلا» كما هي
دائماء كانت.. الأقوى.

ضجيج الدراجة النارية في الخارج يبتعد.. يبتعد.. يختفي..

ساق البامبوحيث تعيش القصص. اكتشف الآن