ثأر (قيد التعديل)

By amalelshiref

87.1K 9.3K 26.5K

عندما يُسلب منك كل شِئ, وتكتشف أن ماضيك وحاضرك مجرد خدعة مُتقنة, فلن يكون أمامك حينها غير الثأر, وإسترجاع ما... More

مقدمة
-1-
-2-
-3-
-4-
-5-
-6-
-7-
-8-
-9-
-10-
-11-
-12-
-13-
-14-
-15-
-16-
-17-
-19-
-20-
-21-
-22-
-23-
-24-
-25-
-26-
-27-
-29-
-30-
-30- ( لمن لم يظهر لهم هذا الفصل من قبل)
-31-
-32-
-33-
الشخصيات
-34-
-35-
-36-
-37-
-38-
-39-
رواية ثأر
-40-
-41-
-42-
-42- (لمن لم يظهر لهم هذا الفصل من قبل)
-43-
-44-
-45-
-46-
-47-
-48-
-49-
-50-
-51-
-52-
-53-
إستطلاع رأي✅
- 4 النـهاية 5 -
فصل اضافي
فصل اضافي٢
نقد
رينا

-28-

1.4K 159 951
By amalelshiref

متحمسة لردود فعلكم على الفصل دا اكتر من اي فصل تاني في الرواية كلها .

............................................................

"ماذا يحدث هنا ؟"

تساءلت تمارا و هيَ تتفقد تلك الغرفة الغريبة التي قد استيقظت فيها للتو، فتحت الباب و خرجت، لتجد نفسها في كوخ خشبي متوسط الحجم بشكل عصري، و نار المدفئة موقدة، عقدت حاجباها بإستغراب، ثم تذكرت ذلك الطعام و العصير الذي قد احضرته الخادمة لها، لابد و ان نايل قد قام بتخديرها، و اتىَ بها الىَ هذا المكان.

سمعت صوت دندنة تأتي من مكان ما، اقتربت من هذا المكان لتصل الىَ المطبخ، فتجد نايل هناك، يرتدي ملابس قطنية، و يقلب بمعلقة خشبية في قدراً علىَ الموقد.

"اخيراً استيقظتي"

إلتفت إليها بإبتسامة، و وضع ما بيده علىَ الطاولة الصغيرة التي تنتصف المطبخ، بجانب بقية الطعام، أشار لها بعيناه علىَ مقعد بجانبه، و عندما لم تتحرك من مكانها، بدأ هو في تناول الطعام.

"كيف اتيت بي الىَ هُنا ؟ و اين نحن ؟"

سألتهُ بنفاذ صبر و تجاهلت رغبتها بلكمة لتزيل ابتسامته هذه عن وجهه المخادع.

"بما انكِ لستِ مستعدة للتحدث، فرأيت ان نأتي الىَ هنا لتغيير الاجواء، و لا تتعجلي معكِ كل الوقت للتعافي و الاستعداد"

انهىَ كلامه بإبتسامة مستفزة، ليرسل لها رسالة عبر هذه الإبتسامة، انها مهما فعلت لن تستطيع ان تهرب منه، و انهُ يستطيع ايضاً ان ينال كل ما يريد و بأي طريقة ممكنة.

"و هل تعتقد اني سأمكث معك في نفس المكان و لو لدقيقة واحدة ؟"

صاحت بغضب بعد ان فقدت اعصابها، فهيَ لم تعتاد من قبل ان يتحكم بها اي شخص، و لا يُملي عليها ما تفعل، و الأن هو قد تحداها، بحيث قد فعل شئ بعكس ارادتها.

"اعتقد انكِ تُريدين ذلك، و لكنكِ تُكابرين نفسكِ فقط"

اجابها ببروده المعتاد، فهو قد تأكد ان اسلوبه اللين لن يأتي معها بنفع، رمقتهُ بنظرة ساخطة، بينما هو كان يأكل و مُتجاهلاً وجودها و إعتراضها عليه تماماً.

هو ايضاً لم يكن يريد المواجهة، شئ بداخله يريده ان يبتعد عنها منذ ان قابلها اول مرة، و كان يحذره من خطرها عليه، و الأن بعد معرفتهُ مَن هيَ حقاً، فأصبح الإبتعاد عنها أصعب شئ قد يُقدم علىَ فعله.

"فلتذهب للجحيم، قبل ان ارسلك انا إليه"

صاحت مجدداً بغضب اكبر، و قد تجهم وجهها اكثر، سارت مُبتعدة عنه، و اتجهت الىَ باب الكوخ.

فتحته و كانت علىَ وشك الخروج و لكنها وجدت ما قد فاجأها، فقد كان الكوخ بوسط جبال منها الصغيرة و الكبيرة متكون عليها الكثير من الثلوج، بينما هذا الأخير فيُحيط بالكوخ من الخارج و الاماكن المجاورة، و لم تظهر معالم للمكان فقد كانت هناك عاصفة ثلجية، يصحبها هواء قوي.

"هُناك عاصفة بالخارج، ستستمر لثلاثة ايام، اليست شاموني رائعة ؟"

سمعت صوته المرح بإستفزاز بجانبها، ضغطت علىَ اسنانها من شدة سخطها عليه، ثم عادت الداخل، ودخلت الغرفة التي قد استيقظت بها و صفعت بابها بقوة.

..

في منتصف الليل استيقظت بسبب صراخ معدتها بالجوع، توجهت للمطبخ و هيَ تنظر هُنا و ُهناك بحثاً عن مكان نايل، و لكنها لم تجده، و كان يحيط المكان سكون غريب.

و عندما وصلت الىَ المطبخ، وجدت عدة اصناف من الطعام موضوعة علىَ الطاولة، يبدوا ان نايل مَن اعدها لها، شاورت نفسها لثوانً، اتأكل ام لا، و لكن اتىَ الجواب من اصوات معدتها التي تأكل بعضها بشراسة.

في هذه الاثناء، كان نايل في غرفته يُحادث ليام و يخبرهُ انهُ و تمارا قد ذهبا الىَ رحلة لبضعة ايام للنقاهة، و اخبرهُ ايضاً انهُ لن يتلقىَ اي اتصالات طوال مدة الرحلة، بحيث انه سيغلق هاتفه كلياً.

انتهت المحادثة بينهما بتمني ليام للإثنان رحلة سعيدة، و قد اسعده امر الرحلة كثيراً، فهكذا سيتقرب نايل من تمارا اكثر، و لم يسأله هو و زين مرة اخرىَ ان يخبرهما ما قد حدث بينه و بين تمارا مؤخراً، فهما ينتظران ان يأتي و يخبرهما هو بنفسه.

..

خرج زين في الصباح الباكر ليمارس رياضة الركض، و قبل خروجه قد وقف خلف البوابة الكبيرة لمنزل نايل ينظر هُنا و هُناك، حتىَ لا تُفاجأهُ روز بظهورها امامه كما تفعل كالعادة.

و عندما تأكد من ان المكان خالي، انطلق راكضاً و وضع سماعات الرأس ليستمع الىَ موسيقىَ البيانو الهادئة، و التي لا يحب غيرها.

بعد نصف ساعة من الركض و بعض الهرولة ايضاً، توقف عند مقعد خشبي بخارج حديقة صغيرة للأطفال.

"صباح الخير"

توسعت عيناه و نظر الىَ مصدر الصوت ليجدها روز بالطبع، جلست بجانبه و نظرت لهُ بإبتسامة كبيرة.

"ألن تتوقفي عن ما تفعلين ؟"

قال زين بحدة بعد محاولاته في ان يضبط نفسه، و لكنه لم يستطع.

"اتوقف عن ماذا ؟"

"تتوقفي عن تصرفاتكِ المختلة هذه، تلحقين بي في كل مكان، تظهرين امامي من العدم ! اخبرتُكِ من قبل اني لا ارغب بكِ، و مع ذلك انتي مستمرة في إلقاء نفسكِ علي، ألا تملكين بعض الكرامة ؟"

صاح زين بغضب ليجد ان إبتسامتها قد إختفت و حل محلها عبوس تام، و ضعف صوتها و هيَ تحاول ان توقفه عن جرحها اكثر من ذلك.

"زين..."

"لا تنطقي بإسمي علىَ لسانكِ مرة اخرىَ، و من الأفضل ان لا ارىَ وجهكِ هذا مجدداً"

انتهىَ زين من إفراغ غضبه من افعالها، فقد ظن من قبل انها في يوماً ما ستتوقف عن الإلتصاق به، و لكنها لم تفعل، و رغم انهُ يعلم انه جرحها، و لكنه لم يستطع ان يمنع نفسه في الغضب عليها.

"مختلة ؟ ألم يخطر ببالك اني احبك بحق ؟ و اني فقط احاول ان اتقرب منك، و لكنك لا تُعطيني الفرصة، انا فقط احببتُك، حقاً فعلت، انت اول شخص ينبض لهُ قلبي بعد ان ظننت انه غير قادر علىَ ذلك، لا اعلم كيف حدث كل هذا او متىَ، و لكنه حدث. كنت تُعاملني بقسوة دائماً و تجرحني بكلماتك و ابتسم انا في وجهك، و لكني كنت اتحطم من الداخل، اسفة ان محاولاتي في التقرب منك قد اغضبتك، او حتىَ جعلتك تكرهني، و لكن اعذرني، فأنا ليس لدي خبرة في هذا المجال، لم اقع في الحب يوماً قبلك، اعدك انك لن تراني مجدداً"

قالت كل ذلك بنفس مكسورة، و عينان دامعة، بينما كان يؤلمها ما تقول له، اكثر مما قال هو لها.

و يؤلمها ان حبها الاول و الوحيد قد انتهىَ هكذا، فيهَ دائماً ما كانت منغلقة علىَ نفسها، ليس لديها اصدقاء، و حتىَ عائلتها الوحيدة، والدتها، قد تزوجت مؤخراً، و أصبح زوجها يأخذ كل وقتها.

و عندما قابلت زين، و سمعت كلماته اللطيفة لها، و ابتسامته الهادئة تجاهها، فقد وقعت تحت سحره سريعاً، و بدون ان تدرك ذلك.

توقف زين بقليل من الندم ينظر لمكانها، و قد شعر ببعض الألم عندما رأىَ هذا الاخير بداخل عيناها، و تذكر ما لا يريد ان يتذكره، صوفي ، و التي شعر انها تشبه روز في بعض الأشياء، العفوية، و نقاء القلب، و لكنه لم يستطع ان يجاري روز فيما تريد، كان يتحجج بأنها ثرثارة، و تافهة لهذا لا يريد ان يكون معها، و لكنه يعلم السبب الحقيقي لعدم سماحه لها بالدخول الىَ حياته.

..

خرجت تمارا من غرفتها في الصباح، و توجهت لغرفة نايل عندما بحثت كثيراً و لم تجد إلا خاتمها، فلابد ان نايل قد استعاد خاصته، و بما انها ترىَ انهُ لا يستحقهُ ، فقد قررت ان تأخذه منه.

دخلت الغرفة بدون ان تطرق عليه حتىَ لتجده يتصفح هاتفه، بينما كان مستلقياً علىَ سريره.

"اين خاتم دان ؟"

خرج سؤالها بصوت خشن، نظراً لعدم نومها طوال الليل، و نظراً لحبسها لدموعها، فهيَ لن تسمح ان تريه ضعفها مرة اخرىَ.

نظر لها بطرف عينه، ثم عاد لينظر لهاتفه مجدداً، كما كانت تتجاهله من قبل.

"اجبني"

صاحت ببعض الحدة، زفر الهواء الساخن الذي بداخل رئتيه، ثم القىَ هاتفه علىَ السرير، و وقف امامها، لتلاحظ جزء من السلسال يظهر خارج القميص القطني الذي يرتديه.

"لماذا تريدينه ؟"

"لأنك لا تستحقه"

"و لكنه ملكي، و لا اعتقد انه من حق اي احد اخر ان يحدد اذا كنت استحقه ام لا"

"هراء، اسمع يا انت، هذا الخاتم خاص بدان، الطفل النقي، و ليس مجرم اعتاد علىَ البشاعة و قد اتخذها شعار لحياته"

إبتلع إهانتها بصعوبة حتىَ لا يغضب، رغم انها قد جرحته بكلامها، و لم يسبق لأحدهم من قبل ان فعل به ذلك، ان تمكن من مشاعره بهذه الطريقة و إغتالها مع كل كلمة تقولها.

"إنسي الأمر تمارا، لن أعطيكِ اي شئ، من الأفضل ان تعودي لغرفتكِ الأن"

و رغم هدوءه، الا ان تمارا لم ترىَ في حديثه الا شئ واحد، اسلوب الأمر الذي يتحدث به، مدت يدها الحرة بعينان ملتهبة الىَ رقبته لتنتزع منه السلسال، و لكنه امسك يدها و ضغط عليها قليلاً.

"لا تتعدي حدودكِ"

استعاد نايل قسوته، و التي ظهرت سريعاً بعد ان استفزه ما كانت ستفعل. و نفضت هيَ يدها من يده بقوة.

"انا لن اسمح لك بلإحتفاظ به، فهذا هو الشئ الوحيد الذي قد تبقىَ لي من نقاء دان، قبل ان تلوثهُ انت و تدفن براءته في قعر الجحيم، لذا ان اردت ام لا، فأنا من سيحتفظ بلخاتمان"

انفعلت بشدة، بينما كانت تتحدث بمشاعر ملتهبة، كإلتهاب صدرها و قلبها، و قد طغىَ نوع من الحزن و القهر الذي كان يصاحبها منذ زمن علىَ ملامح وجهها.ذ

لم يرىَ نايل امام تصريحها و الذي لم يأخذه كإهانة، و بعد ان وجد معاناة سنوات تظهر في نظراتها، الا الاستسلام لما تريد، و قد خلع عنه السلسال المعلق به الخاتم و اعطاه لها لتتفاجئ بتصرفه هذا.

و ايضاً تصرفه هذا نتج عن رؤيته لها بهذا الضعف و الإنكسار، فهو لم يعتاد منها إلا علىَ القوة و التمرد. و هذا فقط ما يريد ان يراه بها.

و رغم كل ذلك فقد تفاجئ هو ايضاً من تصرفه معها، و تفاحئ من اهتمامه بها هكذا، و قد القىَ اللوم علىَ قلبه، فقد جعله مؤخراً شخص غريب عن نفسه، و لا يتعرف عليه عندما يكون بجانبها.

"فقط.. لا تبكي، فهذا لا يليق بكِ"

مد يدهُ لا ارادياً و مسح الدموع التي خانتها و جرت علىَ وجنتاها، و عكس هو بفعلته هذه ارادة قلبه.

"يجب ان اذهب"

و غادرت، و كانت تُأنب نفسها علىَ ظهور ضعفها امامه مرة اخرىَ، فلدموع ليست إلا ضعف، و من المفترض ان نظهرها فقط لمن نثق به، حتىَ لا يستغل هذا الضعف ضدنا في وقت لاحق.

و فسرت هيَ ما فعل انه قد شعر بلشفقة تجاهها، عدوها قد اشفق عليها، و قد جعلها ذلك تشعر بالخزي.

لكمت الجدار عدة لكمات من شدة غضبها، فهيَ في موقف لا تحسد عليه، فهيَ قد وجدت دان و لم تجده في نفس الوقت، لذا هيَ تائهة. و تشعر بالضياع، و كل ما امامها الأن، هو ان تصب جام غضبها عليه. و لن تغفر لهُ ما فعل، ما قد تحول إليه.

..

اشخاص تركض في كل الإتجاهات، اصوات صياح و طلقات نارية، تتفجر الرؤوس، و تُصاب القلوب، و تقع الأجساد ارضاً بلا حراك.

و وسط كل هذا، كان هناك مراهق يحمل بيده سلاح و يتلفتُ هُنا و هُناك، و كان يبحث عن اصدقاءه بلهفة و خوف شديد عليهم.

و وجه مألوف يركض ناحيته بملامح مذعورة، و قبل ان يصل إليه، تأتي رصاصة من الخلف و تصيبه.

..

هرولت تمارا الىَ غرفة نايل، بعد ان سمعتهُ يصرخ بقوة، و قد إمتلئ المكان بصوته، اقتحمت الغرفة لتجده يتلوىَ في فراشه، و يصرخ بصوت مبحوح. و قد اصر ضميرها عليها ان تساعده، فهو انسان في نهاية الأمر.

لذا بعد تردد، جلست بحانبه، و هزت كتفه عدة مرات ليستيقظ، و لكنها لم تنجح في إيقاظه، لذا جمعت قوة مناسبة في كف يدها، و اعطته صفعة قوية سحبته من ذلك الكابوس الذي كان يغرق به.

اعتدل جالساً بعد ان شهق بصوت عالً، و عيناه كانت مفتوحة علىَ مصراعيها، و استغربت هيَ من حالته، فلابد انه كان يحلم بشئ يألمه بشدة.

"إهدأ، أنت في مكان أمن، حاول ان تتنفس ببطئ"

ألقت تعليماتها بحزم، و لكن بصوت هادئ، و اطاعها نايل و بدأ بفعل ما قالت.

و اخيراً و بعد دقائق استطاع ان يستعيد روحه التي قد سلبها ذلك الكابوس، و بدأ ايضاً في إستيعاب ما حوله، فوقفت تمارا و اشارت لهُ ان يتبعها.

بعد دقائق من خروجها، خرج هو و بحث عنها ليجدها في المطبخ، كانت تجلس علىَ الطاولة، و امامها كوب كبير من عصير الليمون.

"اشرب هذا ليهدأ اضطراب جسدك"

امرته لينظر لها بإستغراب، ثم للكوب بشك، و جلس امامها و لكنه لم يمد يده ليأخذ الكوب.

"لا تقلق، لم اضع لك السم، الجُبناء فقط مع يُهاجمون سراً، و انا اهاجم جهراً"

سخرت من شكه بها، و لكنه لم يرد عليها، فتأثير هذا الحلم السئ مازال مسيطراً عليه، فجعله في حالة صمت.

"من الواضح انك لا تثق بأحد"

"و لا اثقُ بكِ انتِ بشكل خاص"

اخيراً استطاع ان ينطق بذلك، لتقلب عيناها، و يتساءل هو مع نفسه عن تغيرها المفاجئ معه.

"ألهذه الدرجة كان الكابوس سيئاً ؟"

"هل لي ان اسأل لماذا هذا الإهتمام المفاجئ ؟!"

"حسناً، ان لم تكن تريد ان تتحدث فلا بأس"

وقفت، و همت بالذهاب الىَ غرفتها، و ان كانت معاملتها معه لينة قليلاٌ فهذا بسبب انها قد اشفقت عليه، فمنظره و هو يصرخ كان يدل علىَ انه كان في صراع بداخل هذا الكابوس.

"ذكرىَ سيئة من الماضي، تداهمني كثيراً"

تحدث نايل ليوفقها، فهو رأىَ ان يستغل هذه الهدنة الصغيرة بينهما، فربما يقوده ذلك الىَ ما يريد، فعادت و جلست امامه مجدداً.

"هل فكرت بزيارة طبيب نفسي ؟"

ابتسم بجانبية علىَ سؤالها الذي اعتبره نوع من الغباء، فكيف لشخص لا يثق بأحد، ان يثق بطبيب، بل و يخبره كل شئ عنه ايضاً !.

"انا اقول ذلك فقط، لأني رأيت تأثير هذا الكابوس عليك، و اعلم انها لو ذكرىَ من الماضي كما تقول، فهيَ تؤلمك، و بقوة"

فسرت ليرفع حاجباً، فهو لا يفهمها فعلاً، لا يفهم لماذا تفعل معه كل ذلك.

"دعيني أسألُكِ سؤالا.. منذ ساعات، كنتِ ترين اني لا استحق الخاتم، و ربما لا استحق الحياة ايضاً، فلماذا كل هذا الإهتمام الذي ظهر منكِ فجأة ؟"

صمتت و لم ترد، ليس لأنها تتجاهله، بل لأنها لا تعرف بماذا ستجيب، و بما انه لا مهرب من المواجهة وهذا ما كانت تفكر به طوال الليل بعد مواساته لها، فقررت ان تخبره بكل ما بداخلها، فربما سيريحها ذلك و لو قليلاً.

"لا اعلم، انا لا اعلم اي شئ منذ ان رأيت خاتم دان في درج منضدتك، لدرجة اني اجلس و اتحدث معك الأن بكل هدوء، هناك صوتان بداخلي، صوت يقول ان اتمسك ببعض الأمل، و ابحث عن دان الصغير بداخلك، و صوت اخر يهاجم الصوت الأول بكل شراسة، و لا يقبل بأي مسامحة من تجاهك، و ايضاً اشعر بالتشوش، فكيف لصديقي ان يتحول الىَ مجرم مثل مَن اختطفوه، و اضطر انا في النهاية للقبض عليه و ايداعه في السجن، ربما لطوال حياته"

تفهم نايل موقفها جيداً، و شعر بما تشعر ايضاً، فعندما تقهرك الحياة، و تضيقُ بك من كل الجوانب، و تصنع انت لنفسك ضوء صغير تتمنىَ ان يصبح يوماً حقيقة، فيخذلك هذا الضوء في منتصف الطريق و يحبط كل ما كنت تخطط له، فحينها ستفقد ثقتك في كل شئ، و تتمنىَ انك لم تصنع هذا الضوء من البداية.

"ألم تسألي نفسكِ و لو للحظة ماذا قد حدث لدان بعد خطفه ؟"

سألها بنظرة ذابلة، و كأن الحياة قد هاجرت عيناه، فاجأها سؤاله، لأنها بالفعل، من بين كل تلك الأسئلة، لم تسأل نفسها هذا السؤال، رغم انه الأهم بينهم.

"تُريدين الاستماع لقصة ؟"

..

الماضي

طريق شبه مظلم، منطقة لا توحي إلا بفقر ساكنيها، شارع ضيق و فارغ من المارة، كان يمشي فيه ذلك الطفل الصغير، ذو السبع سنوات.

كان يحمل في يده كيساً من البلاستيك يحتوي علىَ ادوية لوالدته المريضة، و التي لم تغادر سرير مرضها منذ فترة طويلة، و اصبح مُعيلها الوحيد هو ذلك الطفل الصغير.

طفل كهذا قد تحمل المسؤلية في سن صغير، لم يكن يذهب الىَ المدرسة كل صباح كبقية الأطفال، بل كان يذهب الىَ عمله المتواضع ، كحداد، بعد ان ترجىَ صاحب العمل كثيراً ليقبله، و حتىَ يستطيع ان يجلب لوالدته فُتات من الخبز كطعام، و الذي يُبقيها بالكاد مستيقظة لتدعوا له في هذه اللحظات ان يحفظه الله لها، و ان يعوضه خيراً من هذه المعيشة.

فهيَ تعلم مدىَ العبئ الذي يتحمله طفلها علىَ عاتقه، بعد هروب والده، فعندما وجد ان مسؤلية الزوجة و الإبن كبيرة عليه، فقرر ان يهرب، حتىَ يستطيع ان يصرف المال الذي يتقاضاه من عمله علىَ المخدرات.

و بعد هروبه منذ سنتان استطاعت ان تعمل هيَ كخياطة علىَ ماكينة صغيرة في المنزل، و لكن لم يتركها المرض في حالها، و انما اخذ ينهش في جسدها حتىَ وقعت و لم تستطع ان تقف مرة اخرىَ كما كانت.

و بما ان طفلها قد كبر قبل اوانه، فقط واجه كل هذا مواجهة الشجعان، و قرر ان يعمل، فوالدته اهم شئ في حياته، بعد تخلي والده و مصدر امانه عنهما.

و قد بدا هذا الطفل في العمل منذ ستة اشهر، لم يكل او يمل، و لم يشتكي لوالدته يوما، رغم ألامه الجسدية، إلا انه كان يبتسم بقوة عندما يراها، ليرسل لها شعاع من القوة، و الطمأنينة.

و رغم البؤس الذي يظهر علىَ ملامحه، و رغم أثار البكاء التي حُفِرت علىَ وجنتها، الا انه مازال صامداً، مازال مصدر امل حتىَ لجيرانه الذين يشفقون علىَ ما يحدث له، و لكن ليس بيدهم شئ، فحاله من حالهم.

و بينما كان ذلك الطفل يسير في طريقه الىَ المنزل بدواء والدته، فكان هناك من يتربص له خلف الظلام، رجلان يختبئان كلجبناء، منتظران اللحظة المناسبة التي سيحظيا بصيدهما فيها.

و ما ان مر الطفل في مكان مظلم تماماً، حتىَ خرج الرجلان، فحمله أحدهم بعد ان وضع يده العملاقة علىَ فمه، حتىَ لا يصدر اي صوت و يفضحهما.

اتجه الاخر الىَ شاحنة كانت واقفة في مكان متواري عن الانظار، و استقلها مكان السائق، ليستقل حامل الطفل ايضاً تلك الشاحنة، و قد تناثر محتوىَ الكيس الذي كان بيد الطفل، كما تناثرت احلامه بإنقاذ والدته بهذا الدواء.

..

الحاضر

"من يكون هذا الطفل ؟"

سألت تمارا، فقد شعرت برجفة تمر بداخلها من قسوة ما قد قَصهُ عليها.

"شخص، كنت علىَ معرفة به"

اجاب نايل بعينان معبأة بالحزن و الألم، ثم عاد ليكمل قصته.

..

الماضي

يبكي الطفل ذو العينان البائسة في ركن بعيد عن بقية الأطفال، يبكي بحرقة، و كل ما يشغل باله هو والدته، كيف حالها الان، و كيف ستعيش بدونه و بدون دوائها.

فقد احضراه الرجلان الىَ مستودع كبير جداً، يضم الكثير من الأطفال مثله.

لمحه طفل اخر كان يجلس في تلك الحلقة التي شكلها جميع الاطفال حول الطعام، اخذ شطيرة من نصيبه، و اتجه بها الىَ ذلك الطفل، و جلس امامه، مد يده بالشطيرة، و لكن ذو العينان البائسة رفض، و لم يتوقف عن البكاء.

"هل خطفك الوحوش ايضاً ؟"

سأله الطفل الذي يحمل الشطيرة ببراءة، فهذا ما قد رأه في الرجلان اللذان اختطفاه، مجرد وحوش علىَ شكل بشر.

لم يجيب الطفل الاخر و اخذ يبكي بقوة اكبر، و يصرخ بإسم والدته.

مرت ثلاثة ايام منذ ذلك اليوم، و مازال الطفل البائس يرفض الطعام كلما يحضر له الطفل الأخر بالبعض.

و في اليوم الرابع، قد قبل منه الطعام، بعد ان صارعت معدته بعضها من شدة الجوع.

إلتهم الشطيرة بنهم لينهيها سريعاً، فقدم له الطفل الأخر نصيبه، بحجة انه ليس جائعاً، و في منتصف إلتهامه لتلك الشطيرة قد تذكر والدته و انها لابد و ان تكون جائعة الأن، لذا انزل الشطيرة من علىَ فمه، و لمعت عيناه منذرة بدمع علىَ وشك النزول.

"امي"

قالها بحرقة و بدأ في البكاء، لينظر له الطفل الأخر بشفتان مقوستان، و عينان مليئة بالدموع، فهو في النهاية طفل، بقلب رقيق، لن يتحمل ان يرىَ دموع احد، و لا يواسيه و يبكي معه.

اقترب منهما طفلان اخران كانا يراقباهما منذ وقت، و جلسا بجانبهما.

و كان يبدوا علىَ احدهما انهُ اكبر سناً من ثلاثتهم.

"لماذا تبكي ؟ لا تبكي، فنحن سنهرب من هنا"

همس الطفل الأكبر، فتوقف الاول عن البكاء، و انتبه له الثلاثة.

"حقاً ؟"

اومأ الطفل الذي اقترح امر الهروب بإبتسامة صغيرة، فشعر الطفل البائس و الطفل الأخر ببعض الأمل.

"أنا اسمي ليام، و هذا زين، و انتما ؟"

تحدث ليام و الذي يكون الأكبر منهم، و اشار علىَ الطفل الأخر الذي اتىَ معه ليتضح انه زين.

"انا اسمي دان"

تحدث الطفل الذي تشع عيناه من البراءة، فإبتسم الطفل ذو العينان البائسة، و مسح دموعه.

"و انا اسمي نايل"

ليجتمع الأربعة اصدقاء في الأيام التالية و يخططون للهروب معاً.

.............
شاموني : بلدة في شرق فرنسا.

.............................

بوم بوم بوم 💣💣💣

ايه رأيكوا في المفاجأة دي ؟؟ 😈😈

الفصل صافي ٣١١٥ كلمة 😢😢😢

اديني نزلت بارت بدري اهو، كان المفروض ينزل الاسبوع اللي جاي، بس اعتبروه هدية علشان تفاعلكم معايا الفترة اللي فاتت🎀🎁. شكرا بجد.

تستحقوا تعبي في البارت دا 😍😍

هدخل في الأسئلة علىَ طول.

الأسئلة
.........

رأيكم في بداية الفصل ؟

المكان الذي قد اخذ نايل تمارا به ؟

ماذا كان يدور بداخل رأسها عندما رأت العاصفة ؟

تحضير نايل الطعام لها ؟

تفهم ليام و زين من تجاه موقف نايل، ان لا يضغطا عليه لإخبارهما شيئاً ؟

خوف زين من روز ؟

مقابلة روز المفاجأة لزين ؟

رد زين على روز ؟

هل هو رد قاسي ام طبيعي ؟

تفسير روز لما تفعل مع زين ؟

هل حقاً لن تريه وجهها مرة اخرىَ ؟

من تتوقعون ان تكون صوفي هذه ؟

رغبة تمارا في استرجاع خاتم دان ؟

ظهور ضعفها امام نايل مرة اخرى ؟

تصرف نايل بإعطاءها الخاتم ؟

مواساته لها ؟

هل حقاً اشفق عليها ؟

بما تفسرون كابوس نايل ؟

ايقاظ تمارا لنايل ؟

هل اهتمامها المفاجئ بعد الكابوس، اهتمام ام شفقة ؟

لماذا لا يثق بها نايل ؟

مصارحة تمارا لنايل بما بداخلها ؟

القصة التي قد سردها نايل ؟

تعرف الاربعة اصدقاء على بعضهم ؟

اوصفوا لي بشكل حرفي ردود فعلكم على نهاية الفصل ؟

توقعات ؟

.................

مقتطفات من الفصل القادم -٢٩-

"القدر لا يجبرك علىَ شئ، بل يضع امامك طريقان، النور و الظلام، و انت عليك الإختيار"
.
.
.............

و تصبحوا على خير.

Continue Reading

You'll Also Like

383K 26.9K 46
لطالما أراد كيم تايهيونغ أن يكون لديه أطفال في سن الـ 29 وبعد سنوات من العلاقات الفاشلة قرر أنه لن ينتظر الشخص المناسب بعد الآن، لذلك أنجب طفلاً من...
73.1K 4.1K 10
{ Sexuel contact} جنيرالٌ مخدرمٌ أنتَ أوقعتنِي بينَ سلاسلِ عشقكَ الأبدية و أنا مجردُ أنثى عذراء سقيتُ بعسلِ علاقتناَ الآثمة و بللت إطار علاقتنا بدمو...
24.7K 1.2K 17
كل شيء رائع و مثالي في حياة أزميرالدا الهادئة،من إستيقاضها في الصباح حتى قضاء الليل مع اصدقائها في النادي الليلي.تنقلب حياة أزميرالدا بعد مشاهدتها لج...
24.5K 1.6K 22
اذ كانت عيناي هيه سبب حبك لي اذن اتمنا ان يصابا ب العمى