مُقابلة مسمومة

130 15 7
                                    

هناك قوة خارقة تُسمى "اليقين بالله"... بها نتخطى أزماتنا ، ونتحمل وندعو ونستمر في الدعاء ، حتى لو كانت كل الأبواب مغلقة ، والظروف ليست ميسرة ، وكل الأسباب توحي بعكس ما نتمنى ، لكننا على يقين أن الله سيُصلح كل شيء في الوقت المناسب ، ولأننا نؤمن بالله وبحكمته وتدبيره، فاللهم اجعلنا ممَّن يؤمنون بقدرتك ، ويسلّمون لحكمتك ، ويطمئنون بجوارك.

                                    ~~~~

" الجمعة" بعد الصلاة اجتمع سعد مع فتون التي تُلاعب روفان  ابنة ساهر علها تنسي قليلًا تلك الزوبعات القلقة التي تتدور برأسها وداليدا التي تحاول لفت نظر شهرزاد الغير عابئه لها وهي ترسُم، وساهر الذي يتناقش مع سعد ببعض الأوراق.
أردفت مي في محاولة مِنها لتشتيت فتون عن تفكيرها:«في مول ملابس فاتح جديد وعامل خصومات لأن انهاردة بليل أول يوم افتتاح أي رأيك نروح يافتون؟»
انتبه سعد وساهر لفتون التي لا تجيب حتي  صاحت مي بها انتبهت لهم ناظرين لها تتطلعت ببلاهه قائلة:« ها!! كُنتِ بتقولي حاجة يامي!؟»
اجابت:«بغني جمبك من بدري ولا معبراني بقولك في افتتاح لمول ملابس جديد تعالي نتفرج»
قالت فتون بضيق، وشرود:« يووه يامي إحنا في ايه ولا في ايه مول ايه بس دلوقت»
قال سعد:« متروحي غيري جو، انتِ لسا قلقانة؟»
لم تجب حتي تسألت مي ايضًا:«يبنتي ما هو ساهر طمنا إن سابهم كويسين هناك»
قالت بعصبية:«وانا أيه يضمنلي إن بعد ممشي محصلش حاجة او أنهم بخير دلوقت اعمل ايه في القلق الـ حاسة بيه دا!»
ثم تطلعت لهم وقالت بحزم:« انا هروح اطمن عليهم او حتي اجبهم ها.»
ابتسم ساهر بسخرية، وقال مُخاطبًا الجميع:«قولتلكم انها هتبوظ الخطة محدش صدقني»
رمقته فتون بغضب وعبوث ولم تجيب، واستكفت بتربيع يداها وهي تزفر بضيق

علي طاولة قذرة بداخل المنزل الذي يقبع به أنس وفارس الأن كان يجلس كُلًا منهم بعدما صاحت سوزان أنه موعد الطعام كما جلس الثلاثة أولاد الذين معهم يضربون الطاولة بالمعالق ويفعلون حركات غريبة سخيفة، دعوني أخبركم بالحقيقة وهي أن هؤلاء الأطفال مِن أكثر المُشاغبين بالملجأ وقد أحضرتهم سوزان بالأتفاق مع ساهر بالطبع لكي يجعلون البيت يملؤه الضوضاء والصخب ومضايقة الأخان وهذا كما هو جزأ من الخطة برأس ساهر.
جائت سوزان ووضعت خمس أطباق مِن حساء العدس الأصفر أمام كل، واحد أخذ الأطفال الثلاثة يأكلون بصوتًا مُزعج كما كان الطعام مِن كثرته بفمهم يتساقط علي ملابسهم شعر فارس بالقرف وتذمر قائًلا:«أيه دا عدس أنا بكرهه مفيش غيره انا جعان» وبعدين العيال دي بتاكل كدا ليه أيه القرف دا»
لم يتحدث أنس الذي كان مُشمئزًا أيضًا ليس من الطعام بل من القرف! هؤلاء الأطفال، ثم طاولة الطعام المُغبرة بالأتربة أخذ لقمة من الخبز، وغمسه بالعدس، ولكن وجهه إنكمش من طعم العدس العادب، والذي لم يكن به سوا بعض الملح الضئيل.
كما بتلك الأثناء أجابت سوزان علي حديث فارس بتهجم:« ماله العدس الله يرحم كان عندك عمك ساهر دا مثلًا كان يشرب الشوربة بالخرطوم.»
لا ننكر أن سوزان تمادت من أول وهلة فِأن سمعها ساهر الذي أخبرها أن تتعامل معهم بلؤم كعادتها بأطفال الملجأ ولكن لو سمعها تقول هذا سيقتلها حقًا لأحراجه.
صمت الولادن، توقف أنس عن الأكل بينما كان فارس يضع لقمه بفمه ولكنه أدار وجهه وشعر أنه سيتقيأ فلاحظت سوزان هذا وقالت بسرعة:«لو رجعت ع الأرض هتنضفها.»
تركهم أنس، وذهب للحجرة التي أرشدتهم سوزان لها
كما نظر فارس ببغض لسوزان وصاح:«مستحيل أنا همشي للبيت حالًا.»
شهقت سوزان بسخرية:«وانت مفكرني هسيبك تمشي تؤتؤ دانتا أبن الغالين وأمانة عندي يلا بقا الساعة ٨ وقت النوم تعالي أما أوريك الأوضة الهتنام فيها. »
ذهب ورأها بضجر وبطنه تُصدر أصوات من الجوع وقفت سوزان، ووقف هو بعدما لمح أنس علي السرير ممسك بكتاب  كعادته  نظرا الأثنان لبعض ثم لسوزان، وصاحا:« أحنا هنام في أوضة واحدة!»
خاض فارس، وأنس نقاشًا حادًا مع سوزان بسبب أنهم لا يبغون المبيت معًا ولكنها تركتهم ببرود وسارت بخطي بطيئة ضعيفة للخارج واغلقت الباب بالمفتاح وصاحت بستفزاز من الخارج انا قفلت الباب ياحابيبي ومتقلقوش عندكم حمام في الأوضة تصبحو علي خير.
صرخ فارس من الداخل:«كمان قفلتي الباب طب ليييه؟»
لم تجب، وأتضح أنها رحلت.
ذهب فارس ليأخذ هاتفه ليهاتف، والده ويخبره أن يرحلا من هنا ومعاملة تلك العجوز الشمطاء الذي يبدو أنهم واثقا بها، ولكنه كاد ينفجر وهو يرفع الهاتف لفوق لعل الشبكة تأتي
صاح مُحدثًا نفسه:«ايه بيت الرعب الجيبنا فيه دا حتي الشبكة مفيش»

رُفقاء الملجأ " الرابطة "Tempat cerita menjadi hidup. Temukan sekarang