الفصل الخامسون

1.8K 35 6
                                    

رواية فى عشق القاسى { قلوب صعيدية الجزء الثالث}
الفصل الخامسون
بقلمى / هدير خليل

بعد مده ليست بقصيرة، مر خلالها الوقت و العمر سريعاََ ف ليس هناك اسرع من العمر الذى ينقضى و نحن نقف فقط بدور المشاهد الصامت الحزين احياناََ والمستمتع أحيان اخرى، نشاهد حياتنا و هى تمر امامنا كشريط سينمائي، يقدم العرض على احد الشاشات ويشاهده الجماهير قبل ظهور النهاية وإنزال الستائر، بعد انتهاء هذا العرض السينمائي الهزلي ... كان أدهم يقف فى الشرفه ينظر إلى الخارج بشرود وهو يتكأ على سور الشرفة بيديه، شارداََ في ماض تحول إلى كابوس و دمر حاضره، وهدم كل شئ وقلَب الكثير من الموازين، ليغمض عينيه بحزن و الم عندما تذكر معشقوته التي ابعدها عنه و ذكرياته معها، ليأخذ نفساً عميقاََ و يزفره بحزن من جوفه عندما تذكر عجزه قبل سنوات وما مر بهم من أحداث مؤسفة بالاونة الأخيرة، قطع هذا السكون المؤقت صوت طفولي صغير بث في قلب أدهم السعادة وجعل من ابتسامته تشق ثغره بسعاده واتساع حيث دلف أدهم الصغير راكضاََ بخطوات بطيئة صغيرة باتجاه جده وهو يهتف منادياََ بصوت طفولي وهو يلتقط أنفاسه من الركض.
= تدو تدو.
ابتسم أدهم بحب وسعادة عندما وقع نظره على حفيده المشاغب الصغير وهو يجيبه بحنان ومحبه.
= ايوه يا حبيب جدو ... تعال يا حبيبى.
ليهتف أدهم الصغير بصوته الطفولي بحنق وغيظ وهو يلتقط أنفاسه بصعوبه من الركض.
= تدو الواد محمد تد منى فرته.
لينحني أدهم و يحمل الصغير و هو يقهقه بقوة على حديث حفيده الذى به الكثير من اللثغات وهو يهز راسه يميناََ ويساراََ بقلة حيلة ويهتف بيأس من بين ضحكاته وهو ينظر لحفيده بقله حيله وابتسامه متسعه متسائلا بتعجب وهو يقبل وجنتيه المنتفخه بحب.
= انا اول مرة اشوف طفل الدغ فى الحاء و الخاء و الجيم انت طلع لمين ياض دا ابوك لسانه متبرى منه ... قولى يا سيدى ليه عمك خد منك فرحه.
ليقعص أدهم الصغير ملامحه بضيق طفولى وهو ينفخ وجنتيه بغيظ شديد ويعقد حاجبيه بغضب طفولي وهو يجيبه بغيظ.
= بيقول عليا انى بتترش بيها.
أدهم بصدمه و قد جحظت عيناه كادت ان تخرج من محجره وفاغر فاهه، و رفع حاجبيه بذهول شديد وهو يهتف بدهشة مسيطرة على جميع خلايا جسده وهو يحاول ان يستوعب ما تفوه به هذا الصغير.
= نهار ابوك أسود بتتحرش ب بت عمك يا حيوان.
ليجيبه ادهم الصغير سريعاََ ببراءة وهو يحرك يده فى وجه أدهم بالنفى.
= لا مش انا ده معاذ.
نظر له أدهم نظرة يحمل معنى احقاََ ما تقول وهو يرفع حاجبيها بعدم تصديق والدهشة مسيطره على جميع خلاياه من حديث وردود أفعاله التي لا تمت لطفل صغير ابدا ، ليردف أدهم بعدم تصديق وهو ينظر بجانبي عينيه لحفيده الصغير.
= بقى معاذ اللى لسه ما تمش سنه بيتحرش ب فرحه.
ليرمش أدهم الصغير بعيونه الفيروزية الخلابة عده مرات ببرائه عيون فيروزيه جميله فهو يتميز بشعره حرير ووجنتيه البيضاء الممتلئه الذين يلطخهم حمره قانية و يزداد لونهم الأحمر بشدة عندما يمارس إنفعالاتى الطفولية البريئة والتي تشبه حبات الكرز الناضج الشهي وانف صغير وفم ممتلئ الي حد ما، فهو نسخة مصغرة من والديه ، ليهتف ادهم الصغير ببرائه وهو يزم ثغره بطفولية ويطالع جده بعيون القطط ببراءه وهو يجيبه باستنكار.
= انت مش مصدقنى يا تدو.
ليبتسم أدهم بعدم تصديق لما يراه من هذا الصغير وهو يهتف بسخرية وقلة حيلة فهو عكس والده تمام اجتماعى يعرف كيف يصل الى غرضه يتلعب بالكلمات ليحصل على ما يريد فهو ماكر صغير.
= لا مصدقك يا قلب جدو ... تعال نشوف اهلك اللى مش فاضين يربوك دول.
قام أدهم بحمل حفيده على يديه وهو يبتسم له ويشاكسه أثناء سيره به، ثم هبط به الدرج إلى الأسفل، و وجد الجميع متواجدين هم و احفاده الاخرون ،فكان مجتمعين بغرفة المعيشة يتحدثون ويتسامرون، وكانوا يجلسون بالترتيب أوس و مهره الذين قد رزقهم الله ب درة و زينه ، أما حمزه و ياسمين معهم فرحه لم يجلبوا غيرها ، اما ليث و فيروز معهم أدهم الصغير هم أيضا لم يجلبوا غيره ، و محمد و جورى لقد رزقهم الله ب معاذ الصغير الذى لم يتم سنته الأولى بعد.
وقف أدهم بمكانه طويلا يطالعهم بهدوء وهو ينقل انظاره فيما بينهم، لقد مر وقت ليس بقليل، فقد فات اكثر من خمس سنوات منذ ذلك اليوم المشئوم والحزين الذى اصيب به بجلطه و لم يستطيع الحرك لقد اختلفت وتبدلت حياة الجميع طول هذه الخمس سنوات هناك من تفرق و هناك من جمعهم القدر من جديد وهناك من عاش حياته في سعادة، وهناك من أصابها الشيب والكبر بسبب تعشش الحزن بفؤاده وهناك من خذل وهناك من رفع راية الاستسلام للقدر وترك شراع حياته يسيره القدر كما يريد ، أفاق إدهم من شروده المؤقت في بحر ذكرياته ، وظل يرمش بعينيه عده مرات قبل أن يسير بخطوات هادئة متمهله متجهاََ لهم لكى يجلس على كرسيه المعتاد وهو يستند على ظهره بأستقراطيه، وعندما رأوه احفاده ركضوا اليه بسعاده وحب والابتسامة الطفولية تعلو ثغرهَم، حتى معاذ الصغير الذى بدأ يبكى بشدة كنوعاََ من أنواع التعبير الطفولي عن رأيه بالذهاب لاحضان جده، ليهبط من احضان والدته بلهفة وسعاده و يحبوا إلى جده فى سعاده بخطوات طفولية صغيرة، فالتقطه أدهم بفرح وهو يحمله ويبتسم له بحب وحنان ويقبله بوجنتيه المكنتزه البيضاء بلهفه وحب ... جلس أدهم بسعادة وابتسامه متسعه حنونه تملئ ثغره، و احفاده بين احضانه .. أدهم الصغير و معاذ و درة و زينه و فرحه يتهافتون على أحضانه والجلوس باحضانه بلهفه وسعاده وطفولية وهم يبتسمون ببراءة .
ليرفع أدهم حاجبه الأيمن وهو يهتف بعتاب وغيظ وهو يبعد عينه عن احفاده وينظر الى ابنائه.
= منورين يا بشوات .. لازم يعنى ابعت ليكم علشان تتعطفوا عليا و تاجوا تزورونى.
ليحمحم حمزه بحرج وهو يهتف بتوتر و احراج.
= لا يا عمى مش كده انت عارف بس انه من يوم ما اتنقلنا انا و ليث القاهرة و بقى صعب ننزل كل شويه.
ابتسم له أدهم بسخريه لاذعه بينما لازال يحدق بداخل عينيه بقوة ولم يزيح بصره ولم يرمش وهو يهتف بتهكم وغيظ.
= اه ما انا عارف يا عينى انت و الباشا طلعه عينك فى القضايه دا حتى حريمكم سيبنهم هنا و بتاجوا تشوفوهم كل ثلاث اربع شهور .
ثم اكمل سخريته وهو يقعص ملامحه بضيق وامتعاض عندما وجه نظره الى محمد الذي يجلس على يمينه ببرود المعتاد في بعض الأحيان منذ أن أصبح بهذا العمل ، ليهتف أدهم بسخرية و هو يعقد حاجبيها بعدم رضاء.
= ولا معال السفير من يوم ما اتخرج مشفتهوش ولا هو ولا مراته ولا حتى حفيدى.
نظر ادهم الى أوس بحنق وهو يعقد حاجبيه بأستنكار طفيف و على وجهه علامات الامتعاض ليلاحظ أوس نظرات والده له ليهتف له بمرح وهو يبتسم ببلاهه ويقول.
= ايه يا كبير بتبص لى كده ليه .. دا انا مبلط هنا يا اما عندك يا اما عند امى.
أبتسم أدهم بسخريه وهو يهز رأسه يجاريه بالكلام وهو يحدثه بأستنكار وملامح ممتعضه ويهتف باعتراض وحنق على حديث اوس الذى أصبح لا يفارق زوجته منذ أن هجرته الا قليلاََ ، ليطالعه أدهم بحنق وهو يرد عليه.
= لا يا روح ابوك انت مش مبلط لى انت مبلط لمراتك .. انت من يوم ما رجعت مراتك و انت لازق لها و مش بتفرقها دا انت بتروح المستشفى ساعتين و تاجى تجرى على البيت كإن ليك سنة غيب.
انفجر اوس ضاحكاََ بمرح و انفجر الجميع ضاحكين على هذين الاثنين اللذين لا يكفان عن الردود الساخرة والمرحة على بعضهم بأسلوبهم المضحك ، ليقهقه أوس بخفه وتوتر وهو يهتف بشقاوة ومرح.
= يعنى كنت مطفشها مكنش عجب الازق لها مش عجب .. طيب قولى انت اعمل ايه بس علشان ارضيك يا ابو الأداهيم.
أدهم بسخريه لازعه وهو يأخذ نفساً عميق للغايه ثم زفر به بنفاذ صبر وقلة حيلة من أبنائه وحماقاتهم وبرودهم الذى ستصبيه بجلطه ثانية مره اخرى و يجيبه بأستفزاز وهو يرفع حاجبه بأستنكار قبل أن يكمل حديثه بهدوء وهو يوجه بصره لزوجات أولاده.
= تحط جزمه فى خشمك ... أنا هخد العيال افسحهم على ما تعملوا الاكل.
نظر أدهم الى فيروز و مهره و ياسمين و جورى وتقابل عينيه مع عينيهم في سخريه وتحدي منه وتوتر من كل منهما وهو يبتسم بسخرية واستهزاء وهو يردف متسائلاََ وهو يلوي ثغره بسخرية واستهزاء.
= هتعرفوا ولا اجيب اكل لى من بره.
ليحمحم محمد بمرح وهو يردف بشقاوة وابتسامة متسعه.
= احم ياريت تعمل حسابى معاك يا حج حتى لو فى طبق كشرى.
ألتفت ادهم وكاد ان يمشي ولكنه توقف عندما وصل لمسمعه حديث أصغر ابنائه و رمقه بغيظ واستنكار ثم اخرج تنهيدة حارة من جوفه قبل أن يترك لهم المكان ذاهباََ بنزهته أخذاََ احفاده معه ، ليهتف أدهم الصغير بطفولية وهو يتبع خطوات جده.
= تدو ما تتيب درة و زينه اشيلهم.
ليرفع ادهم حاجبيه بذهول شديد من طلبه قبل ان يهتف بحنق وتحذير.
= امشى يا أدهم انت عارف تشيل نفسك و احترم نفسك بدل ما اعلقك.
ليتأفاف أدهم الصغير وهو بنفخ وجنتيه ويجيب بحنق طفولي.
= اووووف طيب.
لينظر له أدهم بطرف عينه وهو يردف بتحذير.
= أدددهم.
رفع أدهم الصغير عينه الى جده ببراءه وهو يزم شفتيه وهو يقول.
= نعم ... انا مقولتش غير طيب أنت تبيبى يا تدو.
ابتسم أدهم الى ذلك الصغير الماكر وهو يرد عليه.
= و أنت كمان حبيبى.
بعد ان غادروا نهض ليث من مكانه و هو يهتف بهدوء وببرود بينما لازال مكملا طريقه ذاهباََ بأتجاه الدرج ليصعد الى جناحه.
= و انا كمان هروح اخد دش على ما الاكل يجهز.
صعد ليث الى غرفته و بعد دقائق قليلة كانت فيروز تتبعه ، لتقف بمكانها تتابعه بهدوء عندما رأته و هو يخرج ثيابه من الخزانة لكى يتجه إلى المرحاض ليأخذ حماما ساخناََ ويزيح به تعبه ، لتحمحم فيروز بتوتر وهى تهتف بسخط و غيظ.
= انت هتفضل على الحال ده لغايه امتى ادهم ابنك بيقى يقول ل جده يا بابا .. هو تقريبا ميعرفكش.
ليطالعها ليث بسخط و بـ إشمئزاز قبل أن يقطع هذا السكون المؤقت صوته الرخيم وهو ينطق و على وجهه علامات نفور وإمتعاض و نظرات تحمل لها الاحتقار ليغمغم ببرود.
= بلاش النغمه دى معايا ايه مزهقتيش خمس سنين صدعتينى بيها .. ان كنتى فاكر بالطربقة دى هتخلينى اقعد تبقى غبيه و تانى مرة متدخليش اوضتى من غير ما تخبطى يا... يا اختى.
ازاحها ليث من طريقة و اتجه إلى الحمام و قام بفتح المياه بعد ان القى ملابسه ل تغمره المياه لعلها تطفئ نيران قلبه المشتعل ، شرد يتذكر من حدث من قبل جعله يترك البيت و تعد مرات قدومه طول الخمس سنوات تعد على اصابع اليد ، فهى السبب الأساسى لتحول حياتهم الى جحيم بتلك الطريقة.
انتظروا الفصل القادم اشوفكم بكره باى 👋
يتبع
☆☆☆☆☆

رواية فى عشق القاسى { قلوب صعيديه الجزء الثالث } مكتملةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن