عاشقة في الظلام

Por _ibriz_

20.5M 715K 1M

لم يكن بزعيم مافيا و لم يكن الدون أو الزعيم على الإجرام...بل كان شيئا مختلفا...هو كان قاضي المافيا...كان الرج... Más

هل أنت قاتل ؟
Part 1 : رُويْ (Roy)
Part 2 : بين الظلال
Part 3 : توقيع بإسم الحب
Part 4 :ألم عاشقة
Part 5 دمعة الحب
Part 6 مشكلة قلب
Part 7 هيوغو آندريس
Part 8 قوة الحب
Part 9 ظهور الروي
Part 10 إشتياق
Part 11 خسارة عظمى
Part 12 سِرٌّ مقابل سِرّْ
Part 13 الملكة والشطرنج
Part 14 مخالب أنثى
Part 15 إرمي أوراقك
Part 16 تسديد دين
Part 17 ابتسامة قاتلة
Part 18 معجزتكَ
Part 19 قانون التسعة
Part 20 شبح الماضي
Part 21 تناقضكِ جذاب
Part 22 ميلادها
Part 23 أسطورة العشق الأولى
Part 24 قاضي العالم السفلي
Part 25 تمردات العشائر
Part 26 قلب الوحش
part 27 جريمة حب
Part 29 مَلِكُ الْجَحِيم
Part 30 القفص الذهبي
Part 31 دوق إيطالي
Part 32 خنجر في يد ملك
Part 33 صرخة الموتى
Part 34 جريمة الليل الأولى
Part 35: حب على الصّليب
Part 36: الإرث الأسود
Part 37 :حين يصطاد الملك
Part 38: أميرة وسط الذئاب
Part 39 : الرقص مع الشياطين
Part 4×10 : الرابع من أكتوبر
Part 41: كأس الملك
Part 42 : دم على ثلج
Part 43 : Heikō
Part 44 : فخ منتصف الليل
Part 45 : موعد مع الأميرة
Part 46: الثور في إسبانيا
Part 47 : الأمير و الأميرة
Part 48 : الوريث الحقيقي
Part 49 : النهاية
الخاتمة
فقرة الأجوبة عن الأسئلة

Part 28 أورلوف

495K 15.3K 25.4K
Por _ibriz_

الشمس قُسمت نصفين.....لي و لها...

           النور في وجهها..........و النار في كبدي ......

.............................................................................

" أريد البقاء لوحدي..."

بهذه الكلمات خرج وولف عن صمته مبعدا أنظاره عنها بفك مقتضب ...بينما هي راقبت وضعيته بهدوء خارجي فقط...

كان فكه مقتضبا وتكاد تقسم أنها ترى العروق في رقبته وهي مشتدة...كان جسمه ثابتا وهو جالس بتلك الوضعية ومع ذلك حركة قدمه اليسرى وضغطه على أيديه النازفة كانت دليل أنه على الحافة...

لذا تنهدت بخفة دون أن ينتبه لها....

لقد كانت رؤيته غارقا في هذا الظلام تجعلها معلقة على هاوية الجنون الجحيمي....غيرها يعاني من حمى اللهب وهي من حمى الحب..... ورغم ذلك كانت تحبه مزيدا و مزيدا...

لقد كان ككوكب سيار غارق في بحر من المجرات...وهي تتمنى أن يصدم بنجمها و يريح قلبها... ولتتبعثر هي إن كان هو من سيشفى...

لذا فبخطوات هادئة التفتت لتغادر تاركة إياه هناك....

فزفر هو بقوة وشد خصلات شعره بيده السليمة محاولا تماسك أعصابه....بينما الأفكار في رأسه كانت تتراكض بجنون ...

لقد اعتقد أنه طوى تلك الصفحة....صفحة الماضي.....بل هو تأكد من إحراقها....و الآن بعد كل هذه السنوات يعود الأمر من جديد ؟....أي عاهر هذا الذي يريد الموت على يده ؟...

لكن الغضب لم يكن يوما شيئا استطاع التغلب على تفكير وولف...ولم يسمح له يوما بالتأثير على قراراته....لهذا فقد وضع يده خلف رقبته و أحنى رأسه قليلا بنظرات باردة و هو يضيق أعينه بتفكير محاولا إخماد غضبه ...

بينما مارينا فقد توجهت نحو مقدمة الطائرة بخطوات هادئة حتى وصلت مكان وضع الأقنعة و مظلات الطوارئ و أخرجت علبة الإسعافات الأولية ....

في يوم آخر و ظروف أخرى كانت لتترك له مساحة شخصية...هذه أمور هي لا تتعدى عليها ...لكن هذا الأمر بالذات هو غرق فيه مرة لوحده....وهذه المرة لن يكون لوحده....

هي تعلم أنه لن يؤذيها....حتى في أقصى حالات غضبه لن يتجرء على إيذاءها وهذا أكثر شيئ يدعو للإحترام فيه...كان شخصا متحكما في نفسه و في إنفعالاته...وهي لا تملك حيلة سوى أن تحبه أكثر و أكثر...

وحين أرادت المغادرة حاملة العلبة التي أتت من أجلها..حينها فقط لاحظت أن يدها لم تكن ثابتة....كانت تهتز كما كان قلبها داخل قفصها الصدري...و كمحاولة بائسة منها لوضع حد لذلك فقد وقفت مكانها لثوان وهي تحاول تنظيم أنفاسها أولا و إيقاف الرجفة في جسدها وفي روحها.... كانت تغمض عينيها و هي تتنفس بقوة وبعمق...ومع ذلك لم ينجح الأمر...

الأمر صعب عليها...كالمشي حافية على أوتاد سامة....

أن ترتدي قناع الهدوء أمامه بينما كل ما تريده أن تحتضن روحه بروحها و تمتص كل آلامه و أحزانه....

أن ترتدي قناع الهدوء بينما قلبها الهائج و عقلها المتمرد يصرخان بها كي تريه كيف أنها تحبه كما لم يتم حبه من قبل ...

وكيف أنها تقدس كل نفس يصدره وكل رفعة لرمشه الأسود و أن كل قطرة دم تسيل منه هي أغلى عندها من أن تلامس أرضية تافهة عادية..

لكن كل هذا قناع...قناع لا تعلم إن كانت ستسقطه يوما ....أو ستستطيع ألا تسقطه يوما..

لكن و لأنها لم تنجح في ترويض نفسها المتمردة المتعلقة بشخص وسيم في الداخل ... فقد زفرت بتعب واضعة جبينها على الجدار وهي تغمض عينيها ..

بألم...

الألم رفيقها في كل هذا..

كيف لهم بحق رب السماوات أن يقولوا أن للجسد روحا واحدة ؟...لأن ما تشعر به الآن كان جحيما مستعرا داخلها كما كانت داخله هو....ربما هو روح روحها أو ربما هو كل روحها ...لكن ما تعلمه أن مشاعرها كانت أعلى من الحب...

كان ارتباط روح....ارتباط أقدار...كان غرقا وكان هوسا....و حتى أنه كان لحنا لكل نبضة في قلبها الخائن....

قلبها الذي كان يضرب داخل صدرها الآن كأنه يريد تمزيق كل شيئ و الخروج... فقط من أجله...لعله يهدأه قليلا...

لكنها تعلم أن الآن ليس وقتا لتضعف فيه...لأنه يحتاجها أكثر من كل وقت مضى...لأنه لأول مرة سيسير في الظلام من جديد وستكون هي خلفه في كل خطوة ..

لذا فقد أخذت نفسا طويلا قويا متعبا....ثم أمسكت قلادتها التي تحمل حرف إسمها.....

إسمها و إسمه فحتى في إسمها تواجد إسمه عكسيا وهي تضعه قرب قلبها دوما ...

لهذا ...وبأصابع مشتدة حول القلادة أغمضت عينيها و دعت للرب ككل عادة بكل إيمان فقط من أجله...إيمان بالحب قبل كل شيئ :

" ألمي بدل ألمه....روحي بدل روحه....و دماءي من أجل كله...دوما و أبدا..."

كانت هذه العبارة التي ترددها دوما في كل مرة تقرر الدعاء...لم تكن شخصا مؤمنا بأي دين ولا تنتمي لأي طائفة...

لكنها كانت تؤمن بالرب و الحب و القدر...

لذا في كل مرة تدعو الرب كانت كأنها تتضرع لتضحي بكل شيئ من أجله ...كأنه ديانتها الوحيدة كما كان قدرها الأوحد...

يقال أن من علامات الحب الشديد أن يضمك أحد في دعائه للرب ...أما هي فلم تكن تضمه ....بل كان الدعاء الوحيد لها....طوال حياتها.....متجاوزة بذلك كل افتراضات الحب....كل تخيلاتهم عن المراتب العشقية....

إن لم يكن عشقا ؟ فلا أعلم ما هو....

و بعد أن رتلت دعاءها الوحيد عدة مرات فتحت عسليتاها وابتلعت ريقها بهدوء ثم عدلت خصلات شعرها الناري التي سقطت على وجهها الذي يشع حبا و حزنا...

ثم وبخطوات هادئة اكتسبتها بعد لحظات من الفوضى العارمة داخلها مشت نحوه خطوة بخطوة...ثقة فوق ثقة وحب بقليل من الحياة ...

كان لا يزال على نفس وضعيته الجالسة و يمسك رقبته من الخلف كأنه يمسد المكان ذلك بسبب الثقل الذي حل عليه هناك ....لكنه كان أهدأ....ليس تماما ولكن حل عليه هدوء مفاجئ....ومهما حاولت ألا تندهش إلا أن هذا كان شيئا مثيرا للإعجاب فيه....

الغضب لم يملك سلطانا عليه يوما....كان يغضب نعم...بقوة...أجل...لكن دقائق و يعود لخمود غريب مخيف أكثر...و هذا ليس إلا دليلا على أنه شخص ذكي ...عقله يحكم كل مشاعره...

و الشخص الذي يحكمه عقله هو شخص موثوق...إن قرر شيئا فهو آمن...إن أحب شخصا فهو حقيقة...و إن رفض أمرا فهو الخطر....لهذه الدرجة هو متحكم بذاته....

لكن يظل هناك شيئا وحيد لا تحب رؤيته على أكتافه...

ثقل ماضيه السيئ ..لعنة لا متناهية....

لذا فقد كانت تنظر له بهدوء بينما دماءه الغالية كانت لاتزال تبارك الأرضية قطرة بقطرة جاعلة من تقضيبة خلقت لتكون جميلة بين حاجبيها فقط...

وهذا وحده جعلها تتقدم منه لافتة انتباهه ...و حينها فقط رفع رأسه مرة أخرى بنفس البرود وبنفس الظلام....وكانت ملامحه خاوية لاتعطي دلالة لأي شيئ...

لكنها و رغم ذلك تقدمت حتى لم يبعد بينهما سوى إنشات ثم انحنت على الأرض أمامه و وضعت علبة الإسعافات أرضا و هذا جعله يفهم ما تنوي فعله فأبعد يده بفك مقتضب....

لقد كان يعلم أنه الآن في أسوء حالاته الذهنية....و في هذه الوضعية هو لا يحب أن يكون أحد قربه....حتى هي....

بل خصوصا هي...

وقبل أن يتحدث من جديد ليخبرها أنه يريد أن تتركه لوحده ...سمع الكلمات تنساب من شفتيها بهدوء شديد ...و بثقة أشد :

" أعلم وولف....أعلم أنك الآن جالس مع شياطينك وهي جلسة تكون فردية عادة....لكن ما الفائدة من أن أحمل لقب سييرا إن لم تتمكن شياطينك من الرقص بوجودي....؟.."

لثوان ظهرت تقضيبة على جبين وولف سرعان ما اختفت وهو ينظر لها بأعينه الباردة بطريقة غريبة ....لكن في نظرها كانت جميلة...

تعلم أنها وضعته أمام الأمر الواقع بقولها أنها زوجته ....لكنه أمر ضروري لكي تجبره أن يسمح لها بالبقاء....

و رغم أن الغضب و الجمود لا يزال يحوم حوله إلا أنها لم تخف يوما من ذلك...وهي كانت جادة في ما قالته..لأنك عندما تحب شخصا يجب أن تحتويه بظلامه و بشياطينه ...تماما كحالتهما....

و لأنه ظل صامتا أيضا فقد مدت يدها بكل هدوء و أمسكت يده النازفة التي كان لا يزال يضغط عليها بقوة و رغم كل ذلك هو لم يسحبها من خاصتها فاعتبرت هي هذه كعلامة لتواصل عملها ....

كانت هناك قطع زجاج عالقة.... بعضها عميقة و الأخرى سطحية و بينما تمسك يده بين يدها و قلبها داخل صدرها يتراقص بغير انتظام رفعت أنظارها و نظرت له بهدوء وهي منحنية في تلك الوضعية و خصلات شعرها تحيط بكامل وجهها ...

فوجدته ينظر لها كذلك...

بنفس النظرات الجليدية ..لكنها لثوان لم تبعد أنظارها عنه....بل ظلت مثبتة أنظارها عليه....

كيف له أن يكون بهذه المثالية في عينيها حتى و هو في أضعف حالاته ؟...وكيف لجماله ألا يكف عن بعثرة كلها ؟...كل هذا يفوق فهمها....

كان مختلفا عنها بالفعل و في نفس الوقت يشبه روحها....

فرغم طبعها الهادئ إلا أنها أرادت حبا معاكسا...أرادت حبا يذيبها كما تذيب الحمم البركانية كل ما تلامسه....أرادت حبا يجعل قلبها حيا للأبد.....لم ترد ذاك الحب الذي يطفأها والذي صار يباع في أسواق العاطفية المزعومة والرديئة.....فقلبها و فؤادها لا يليق سوى بحب ملتهب يجعل لكل قطرة دم في جسدها نبض.....

كما تشعر الآن بالضبط....بالحرارة في دمها و بكل نبض لقلبها.....

هذا فقط جعلها تتنفس بهدوء محاولة إدخال بعض الهواء لرئتيها ثم أعادت أنظارها التي كانت مصوبة نحوه... لجرحه ...و بيد واحدة أخرجت ضمادة نظيفة و وضعت بعض المعقم عليها لتمسح الدماء و تستطيع رؤية كل القطع الصغيرة المغروسة في يده ...وأثناء كل ذلك و دون وعي منها كانت هناك تقضيبة بين حاجبيها ..

جعلته يميل برأسه وهو يراقبها ببرود دون أن يشعر بما تفعله في يده....

وبعد مدة قصيرة سمعها تقول بهدوء شديد وهي لا تزال مركزة في يده :

" أنت أشبه بمحارب هل تعلم ؟.....فحتى بعد انتهاء الحرب يظل المحارب ممسكا سيفه و مرتديا درعه ....منتظرا الحرب...الموت...و الدماء....بنفس الثقل وبنفس القوة...."

ما أن أنهت كلامها حتى رفعت رأسها له فوجدته يناظرها....لكنه ظل صامتا ...ظل صامتا لثوان طويلة ببرود شديد حتى اعتقدت أنه لن يجيبها....

كان فقط ينظر لها.....و ينظر لها....تاركا الصمت معلقا بينهما.....

حتى أفرج عنه و قال ببرود و باختصار:

" لماذا ؟...."

تمعنت مارينا في ملامحه و في قصده...هو يريد أن يعرف لما رأت أنه يشبه محاربا .....لهذا فقد وضعت آخر قطعة زجاج أزالتها جانبا ثم نظرت له و أجابت :

" هو اعتقد أنه خلق ليكون محاربا و سيبقى كذلك طوال حياته.....التمسك بالماضي أسوء شيئ قد يرتكبه الشخص بحق نفسه...فإذا انشغلت يدك بإمساكه صارت غير قادرة على إمساك الحياة...."

قضب وولف جبينه هذه المرة كاسرا هالة البرود التي طالت بينما هي فقد تابعت بنفس النبرة :

" الماضي يساهم في بناء شخصيتك لكنه لا يجب أن يدمر مستقبلك...هو فقط أضاف تعريفا و قوة للطريقة التي ستواجه بها القادم.......لذا وولف.....عليك أن تفلته كي تستطيع الإمساك مرة أخرى ...."

هذا ...كل هذا...لم يزد وولف سوى تشويشا....لقد لاحظت هذا في عينيه....لأنه داخله هو متأكد من استحالة معرفتها لماضيه...

لكن ما قصدته هي أنه إن ظل متعلقا بذكريات الآيفا و ما حدث فيها لن يستطيع مواجهة ما يحدث الآن بنفس القوة.....عليه أن يتخلى عن الماضي ليجيد التحكم في حاضره الذي تأثر بالفعل بماضيه....

" أنت لا تعرفين السبب أصلا ؟..."

خرجت كلمات وولف ببرود أقل من السابق لكن بنظرة حادة في عينيه كأنه يتهمها بغير تأكيد أنها من غير المعقول أن تعرف السبب....

لذا فقد ابتسمت له بهدوء و ردت :

" أنا لا أهتم بالسبب وولف....لا يهمني سبب غضبك الآن....بتاتا.....ما رأيته في عينيك هو أمر غرقت فيه أنا من قبل.....الماضي أسوء لعنة قد تصيب أي أحد....."

و ما أن قالت هذا حتى أعادت تركيزها ليده و واصلت مسح الدماء المتبقية....بينما هو فقد عادت نظراته لها طبيعية كأن ما قالته غير شيئا ...

وقد غير بالفعل لأنه وجد نفسه يرخي يده وسط يدها فاستغلت هي ذلك و بدأت تلف ضمادة حوله بكل هدوء .....

قدرتها على فهمه وككل مرة حين يكتشف أنه بطريقة أو بأخرى هو مرتبط بها...كانت تفوق مقدرته على الوصف...

ما هو هذا الشيئ الذي جعلها تبدو جذابة في نظره الآن رغم حالته هذه ؟ وكيف لها أن تكون كذلك رغم حالته هذه ؟...

هل لكونها أول شخص عاد ولم يتركه ينهي غضبه لوحده ؟ أم لأنها تقول الشيئ الصحيح بالكلمات الصحيحة دوما ؟  لأن مجرد وجودها يجبره على التغير دوما ؟  لأنها تفهمه من نظرة ؟ وبنظرة منها تخبره أنه وبكل مساوءه شخص يستحق حبها العظيم ؟....

أو فقط لأن اتجاه قلبه تغير اليوم و صار مصوبا نحوها ؟....

وجد نفسه يتساءل عن كل هذا بدل أن يتمعن في جمال ما قالته ....

و فجأة شعر بها تنهي ربط الضمادة و الشاش الأبيض الملفوف حول يده ثم أمسكت يده بخفة بين أصابعها و قالت له بهدوء :

" اليوم الذي أمسكت فيه هذه اليد من بين كل الأياد....لم يكن لأنها الأنقى بل لأنها الأكثر دموية....ليس لأنها الأرق بل لأنها الأقوى....و لأنك الوحيد الذي ستستطيع شياطيني التوافق معه ليس ملائكتي....كنت أعلم بكل هذا عندما أمسكتها...لكنك لم تكن تعلم.....و لأنك تفعل الآن....فلا تشغل يدك عني بأمر مرهق كالماضي ..."

أنهت كلامها هذا بابتسامة هادئة جميلة بينما هو لوهلة شعر بقلبه اختل...فقط لثوان....

اختل....

لم يؤمن بحياته بتوأم الروح.....أحب...لكن لم يؤمن بوجود الشخص الذي خلق لروحه فقط....

لكن الطريقة التي كانت تخطف بها الثبات من داخله بإجرام لم يعهد له مثيل...كأن روحها ارتبطت بروحه قبل عصور وعندما صافحها لأول مرة تعرف قلبه عليها...

كانت تنظر له كأنها مستعدة لأن تحمل قلبه ...مشاعره..ظلامه وكل عيوبه بين يديها ثم تضم كل ذلك لصدرها وليزهر كل شيئ بعد ذلك...

ورغم أن ملامحه مظلمة كالسماء بعد الغروب ...إلا أن خاصتها كانت مضيئة بالأمل كحلم في فجر مبهر...

و دون وعي منه وجد نفسه يمد يده المضمدة و بأطراف أصابعه لمس وجنتها بكل رقة كأنه يخاف حتى من كسرها مراقبا أثناء ذلك الطريقة التي تصنمت بها فجأة ...ثم قال لها بهدوء شديد جدا :

" كيف لك القدرة على الإبتسام بهذه الطريقة كأنني أهديتك هدية عظيمة بينما كل ما رأيته مني كان ظلامي...؟"

أراد أن يخبرها أيضا أن هذه الإبتسامة الملائكية خلقت فوضى كبيرة و دمرت مدنا داخله ....ترميمها يحتاج لبسمة أخرى....

لكنه لم يفعل.....بل أبقى ذلك لنفسه....

كيف وصل هنا أصلا؟....ألم يكن غاضبا ؟....ألم يكن غارقا قبل قليل؟....

كيف لوجوده أن يتحقق فقط لأنها موجودة هنا؟....

أي جنون هو هذا ؟....

و لأن مارينا بعد ما فعله و قاله شعرت أن قلبها أصابه الدوار و في نفس الوقت تنهد براحة...إلا أنها ابتلعت ريقها ببطئ و قبضت على يدها بقوة دون أن ينتبه لها ثم ابتسمت بخفة و أجابته بصوت خافت جدا قائلة :

" لأن كلانا من الجحيم....نحمل أياد دموية ....نلتحف بالظلام و لا نرتل سوى تراتيل حرب تماثل جراحها على ظهورنا...."

وهذا جعله يمرر أصابعه على وجنتها للمرة الأخيرة ثم يبعدها بخفة وهو ينظر لها بكل الهدوء في العالم محمل بين زرقاويتاه :

" عندما تزوجنا....انت بالفعل كنت تعلمين بهذا لكنني لم أفعل....أليست مخاطرة منك ؟...."

تمعنت مارينا في كلماته بهدوء رغم قلبها الصاخب داخلها لقربه منها...ثم أغلقت علبة الإسعافات الأولية و نهضت من وضعيتها المنحنية و بعدها جلست جانبه بهدوء مبعدة خصلات شعرها عن وجهها و أجابته بعد أن التفتت له :

" لم تكن مخاطرة....كانت ستكون لو كنت جليدا و أنت نار...لكننا نار واحدة وهذا كان مطمئنا ...."

الوقت لم يكن مناسبا....حالته لم تكن لتناسب...لكن لسبب ما ظهر شبح إبتسامة على شفاهه سرعان ما اختفى...

وحدها من أخبرته أنه كان مطمئنا....كيف لشخص مثله أن يكون إطمئنانا لأحد ؟...هو أمر صعب عليه لفهمه...لكنها قالتها....وهذا يهمه...يهمه جدا....

و لأن الكلام لم يعد له مكان بينهما في هذه اللحظة بالذات....سمحا للصمت أن يكون طرفا ثالثا...فقط لدقائق...

كان هو غارق بتفكيره من جديد...وهي غارقة في الإستماع لتنفسه من جديد ....

قبل فترة طويلة كان أقصى ما تحصل عليه هو صور له تتعب قلبها وتضاعف حبها ....و اليوم و الآن ...هي جالسة قربه لدرجة مهلكة تتنفس نفس هواءه و تستشعر نفس حرارة جسده....

و مجددا هو القدر...

أخبرتكم....هي تؤمن بالرب...والحب وبالقدر...

وهي لأنها ذاقت مرارة غيابه صار وجوده مباركا و مقدسا عندها ...

نعم ...لحظات العشق هذه مقدسة...لا يجب أن نمر عليها باعتيادية ... طرقات المشاعر خلقت لتقدس كل زاوية فيها وكل ركن فيها ...لا ثمن لها...لا الذهب ولا الأموال...قيمتها الشجاعة فقط....لهذا نحن نعيش في زمن خال من الحب...لأن مدينة الحب...خلقت للشجعان فقط...في زمن علا فيه الجبن...

" الألم يتخذ العديد من الأشكال...والعديد من الدرجات...الشيئ الوحيد الثابت فيه أنه سيظل دوما جزءا من كل واحدا منا مهما حاولنا اقتلاعه....هو هكذا ..."

خرجت هذه الكلمات من شفاه وولف كاسرة الصمت بينهما وحينها نظرت له كما التفت هو كذلك ناظرا لها ثم تابع بجدية مفاجئة :

" ما أقصده هو أنني لست متمسكا بالماضي مارينا....الماضي هو المتمسك بي....في اللحظة التي أقرر فيها عدم النظر له ...يأتي بكل قوته و ظلامه ليخنقني من جديد....و الحل الوحيد لهذا هو أن أعيد حرق كل الأوراق من جديد....في كل مرة يظهر فيها....لأنها لعبة لا نهائية.....هذا درس تعلمته مبكرا...."

استمعت مارينا له بكل هدوء وهي تفهم ما يقصده ....و هو لأمر مبهر كيف أنه انفتاحه لها كان في تطور....رغم أن كلامه دوما مبهم...دون أي تفاصيل ...الا أنها قادرة دوما على مجاراة ذلك والتكيف معه....يكفيها أنه لا يكبت أمورا سامة داخله...و إن كان قليلا....

لقد كان هادئا لسنوات....هي تعلم هذا....وولف سييرا الحقيقي....لم يظهر للعالم منذ سنوات....منذ اعتزاله لرئاسة الاتحاديات صار بركانا خامدا...لكن هذا لا يغير من حقيقة أن البركان و الحمم تبقى بركانا و حمما ...بنفس الخطورة....

لذا فقد عزمت أمرها و بعد أن نظرت له بصمت محدقة بجماله الرباني نطقت فجأة بكلمات قوية مقارنة مع نبرتها الخافتة :

" أرهم إذن....أرهم لما سميت بالوحش..."

و بعد كلماتها هذه صار الصمت أكثر صمتا....و أعطى لكلماتها وقعا مغايرا .....و صدى أقوى...

فنظر هو لها بنظرات غريبة....قابلته نظراتها الهادئة التي لم تهتز و لو لثانية.....

يريهم الوحش ؟.....هذا أمر خطير جدا............

هو بنفسه يخشى أن يوقظ وحشه ... و أنا أعنيها....إذا فقد السيطرة ستكون كارثة...

لكن سبب مريض مجنون...هو شعر بالرضى عندما قالتها.....أن تطلب منه إظهار حقيقته بقوة و دون ذرة خوف هو أمر أرضاه كرجل....فوحدها إمرأة عظيمة تخرج قوة الرجل الحقيقية....

جانب كبير مريض نفسي منه يتوق لإظهار حقيقته التي أطفأها لسنوات.....يتوق للدماء التي سفكها....يتوق لرؤية الرعب في أعين الناس من جديد....الرعب الحقيقي....رعبهم من حقيقته...و ليس وولف الذي حاول إظهاره هذه السنين الماضية......

نايت كان وحشه...المرة الأولى التي طلب أحدهم منه إخراجه انتهت ببركة من الدماء...و الآن بعد ما حدث اليوم....سينتهي بإغراق العالم بالدماء....

" هذه النظرة العطشة في عينيك..."

قالت مارينا بابتسامة وهي تراقبه يفكر و أعينه مصوبة عليها ....ثم تابعت :

" هذه النظرة تجعلك مختلفا عن الجميع.....هل تعلم لماذا ؟..."

أمال وولف رأسه باستفهام و دون وعي منه جاعلا من ابتسامتها الهادئة تتسع و هي تردف :

" مختلف...لأن الفرق بينك وبين البقية أنك اخترت أن تكون وحشا....ولم تُصنع..."

وهذا بجدية كان أصدق ما قيل له يوما....و مجددا كانت هي قادرة على فهمه أكثر من أي شخص....

لطالما اعتقد الجميع أنه صار وحشا لأنه أجبر على ذلك....لأنهم صنعوه.....سخرية....كل هذا هو دراما فقط....

الحقيقة....أنهم عندما أرادوا وحشا...هو من اختار حمل اللقب...ثم وضع تعريفا جديدا لهم.....أراد محاربتهم بنفس سلاحهم....

الآيفا....صانعي الوحوش....

عندما أراهم حقيقته كان آخر يوم لهم جميعا.....و هو لا يمانع من إظهار حقيقته من جديد....

الحقيقة الثانية هي...

سبب غضبه قبل قليل....ليس لأن الآيفا فتحت من جديد....و لا لأنه خائف من الماضي....بل لأنه تأكد أنه سيحرق العالم الآن و خاف أن تلمسها شعلات من النار....

مارينا....

خائف مما شعره نحوها...و خائف من كيف أنها غزت تفكيره لدرجة أنها كانت أول من فكر به بعد هذه الأخبار...فكر في كيف سيحميها بعد ما سيرتكبه....

قبل أيام كان يستمع لصوتها و ينظر لعينيها بثبات....كيف وصل اليوم لهذه الحالة؟.....وبهذا القدر من التفاني....؟

الطريقة التي صار يشعر بها معها ....تلك الطريقة التي تشابه تذكرنا لشيئ مألوف لنا و ليس تعرفنا عليه....لأنه صار واثقا و متأكدا الآن من كلمات أندريه....

هو كان طوال حياته في انتظار شخص مثلها....و الآن فقط رأى ذلك بوضوح....

لذا فقد ابتسم لها هذه المرة إبتسامة أربكت قلبها....و قال بهدوء :

" هل تعلمين أنك تطلبين شيئا خطيرا ؟....لأن حقيقتي هي أمر يجدر بك أن تخافي منه...."

كان يعلم...بل و قد أكدت له أنها لا تخاف ...خصوصا منه....لكنه أراد سماعها من جديد منها....وحينها رآها تبتسم وهي تبعد أعينها الجميلة عنه و تعبث بخصلاتها قائلة :

" اعتقدت أنني عندما وقعت على عقد الزواج وقعت أيضا على عقد لحمل جانبك المظلم..."

ثم نظرت له و تابعت :

" تماما كما تقبلت أنت جانبي السيئ...."

وهو فهم ما تقصده...حين أخبرها ألا تخجل من حقيقتها...فهي لا تغير احترامه لها....وهذا جعله يبتسم بخفة بعد أن حصل على جوابه منها...كما توقع.....لا تخاف...و لا تتردد....وهذا جذاب و مثير كاللعنة....الطريقة التي تنظر لها به...

كيف أنها تخبره بحبها و في نفس الوقت مستعدة لتتحداه ...

لم يعلم يوما أن أمرا كهذا سيجذبه...لكنها فعلت....

لذا فقد نظر بعيدا عن نقاط ضعفه الجديدة...

عينيها....

محدقا بالأرض بشرود و حينها نطقت هي بصوت خافت دون ان تنظر له قائلة :

" هل تمنيت أن تمحي الماضي يوما وولف ؟ ..."

رفع رأسه حينها و نظر لها بنظرات متفحصة ثم أعاد أنظاره للأرضية و قال :

" لا....ليس لمرة واحدة....أمنيات كهذه لم تخلق لشخص مثلي ....ليس لأنني لا أستحقها....بل لأن ماضي كان مهما....سيئ وقذر..نعم... لكنه كان ضروريا....ليس ليجعلني قويا بل لأثبت أنني خلقت قويا بالفعل....و القوة ثمنها غال...و من العار أن أفكر بمقايضة الماضي بالقوة...."

جواب قوي مختلف و صحيح...مثله بالضبط....شخص آخر كان سيقول نعم...شخص آخر كان سيرى أنه لا يستحق....شخص آخر كان سيعتبره ضعفا....أما وولف فهو يمثل جوابه بالضبط...

وهي أول مرة يذكر ماضيه و يصفه....ولكنها ليست أول مرة يبهرها بتفكيره.....

ولأن لا كلام سيقال بعد تصريحه الأخير فقد صمت كلاهما فاحترمت هي ذلك و جارته ....لكن الأمر لم يدم ثوان حتى نطق وولف بجدية وهو يحدق بيديه بشرود  هذه المرة و فجأة:

" الفترة القادمة هذه.....سأرتكب أمورا شنيعة....أمورا قد تضع حياة الجميع في خطر ....و من ضمنهم أنت ..."

خصوصا بعد أن علم الجميع الآن أنها زوجته سينتشر الخبر كالنار في التبن....و سيجعلها هذا مستهدفة...

لكن مارينا قضبت جبينها و فتحت فمها لتتحدث فقاطعها من جديد قائلا بنفس الجدية :

" لا ....أنا أرفض.....أعلم من تكونين و ستحمين نفسك....لكن الأمر جاد...و لن أرتاح إن لم يكن رجالي هم من حولك....و آخر ما أريده أن أفقد تركيزي لأن زوجتي تمردت و تهربت من الحماية...كالعادة "

زوجتي....كلمتها المفضلة بعد إسمه و كله...

لم يعلم أنها نقطة ضعف و سلاح ضدها...قد تذهب معه لقعر الهاوية عندما ينطق هذه الكلمة....

ولأنها تعلم أنه جاد و أن الموضوع  صار خطيرا و حساسا فقد تفهمته و لم ترد جعله يقلق بتفاديها لحراسته و تفضيلها لرجالها....لذا فقد ابتسمت له بخفة و قالت :

" حسنا ....أعدك سألتزم هذه المرة..."

حدق وولف بابتسامتها لثوان ثم أومأ برأسه لما قالته ....فهي في كل مرة يضع لها رجالا ليحرسوها كانت تتفاداهم و تضيعهم....لكن هذه المرة سيضع فريقا من رجاله الخاصين ...حتى يطمأن أكثر....

بينما هي فكانت نوعا ما مطمأنة...أجل....أمر غريب رغم ما سيرتكبه هو...لكن مجرد تفكيرها أنه بالفعل وضع خطة في هذه الدقائق القليلة و سيبدأ العمل عليها...هو أمر ذكي جدا ويدعو للراحة....

صحيح أنه غضب لكن هذا لم يمنعه من الإسراع في وضع احتمالات و خطط.....فقوله أنه سيرتكب أمورا تعني أنه بالفعل حدد ما هي هذه الأمور.....

لطالما كان ذكيا.....ولم يخيب ظنها يوما....

استقام وولف من مكانه فجأة جاذبا انتباهها ثم قال لها بهدوء

" يمكنك أن ترتاحي هنا....أنا سأستحم و أجري اتصالات مهمة...."

نظرت له مارينا لثوان ثم أومأت برأسها بخفة وهي تراقب اختفاءه داخل الحمام الملحق بهذه الغرفة و من وشومه السوداء التي تغطي ظهره و صدره و كل جزءه العلوي... كان المرء ليعتقد أنها وشوم زادت من جماله أضعافا...وهي كذلك....لكن في نظرها هي ترى ما خلف ذلك...

نذبات السياط...الرصاص ...آثار الماضي و الجروح التي تركت بصمة في جسمه في وقت لم يكن يجدر بذلك أن يحدث لمن هم في سنه....

أما وولف فقد دخل للحمام مغلقا الباب خلفه ثم وقف أمام المرآة بهدوء ....

بهدوء....كان غاضبا و الآن هو هادئ أكثر داخليا....قدرتها على فعل هذا مدهشة لكنه لم يعد يتفاجئ...بل سيتعود....لأنها كانت شخصا يصعب وصفه سوى أنها بارعة في ترويض وحش وغد مثله....وهو لأنه تجاوز مرحلة الإنكار صار التعايش مع هذا سهل.....التعايش مع شخص قادر على فهم شخص صعب فهم مثله......كانت كالمعجزة....

لذا فقد ابتسم بخفة ممررا أصابعه على ذقنه لثوان فقط ثم فجأة صارت نظراته جدية وهو يتذكر الاتصال...

الآيفا يريدون اللعب إذن....

سيلعب معهم......لطالما كان لاعبا بارعا......و لعبة الموت هي لعبته المفضلة.....إما هو لوحده....أم هم جميعا....

و الفوز للأخطر...

❄❄❄❄❄❄❄❄❄❄❄❄❄❄❄❄❄❄❄❄❄

مرت الأيام سريعا و تحولت لأسابيع....و الأسابيع لأكثر من شهرين....

ورغم سرعة الوقت إلا أن لا كثير تغير.....كان هناك هدوء كبير في أيامهم....هدوء مريب...

فبعد عودتهم من تركيا ....انغمس وولف في حالة غريبة من العمل كما أخبرها ...و لدرجة أنهم لا يرونه كثيرا....وقد مرت سنوات منذ شهدوا وولف في حالة كهذه....المرة الأولى و الوحيدة كانت قبل سنوات طويلة حين كان يعمل على فرض سيطرته على إسبانيا.....

وهذه المرة الأمر كان أقسى...فحتى أرتورو و أديلينا كانوا يشتاقون لرؤيته كثيرا....كان يأتي لزيارتهم  وسط النهار ليتفقد أمور القصر ثم يعود للعمل ....

لا أحد يعلم ما هو بفاعل....كل شيئ كان سريا....و نصفه كان سريا أيضا لمارينا....لكن هذه المرة لم تقلق كالمرة السابقة و لم تحاول النبش في الموضوع....لأنه أخبرها....اخبرها أنه سيرتكب أمورا شنيعة ولا بد أن لذلك علاقة بخططه بخصوص الآيفا.....

" ستعود الليلة إذن ؟...."

قالتها مارينا بنبرة هادئة لوولف وهي تتكأ بجانبها على الجدار و تنظر عبر النافذة للأسفل....

" أجل...قد أعود في وقت متأخر....لذا لا تنتظريني  كالمرة الماضية في هذا الجو البارد...."

ظهرت إبتسامة على شفتيها بعد ما قاله بكل هدوء ليس و كأن كلامه دوما يخلف فوضى داخلها...ثم و بمكر مازح أجابته منكرة :

" أخبرتك أنني كنت أعمل و غفوت فقط..."

رفع وولف حاجبه من الطرف الآخر و رد :

" أجل ...و أنا أخبرتك أنني صدقتك..."

فلتت ضحكة خفيفة من شفاه مارينا....فحتى هي لم تصدق كذبتها...لكن هي تنكر وهو يعلم.....و لأن وولف كان يستمع لصدى ضحكتها عبر السماعة وهو ملق رأسه على الكرسي و يدخن فقد وجد إبتسامة لا واعية تتسلل لشفتيه وهو يزفر الدخان ثم قال بهدوء بعد أن تذكر أمرا يخصها شغله قبل قليل في الإجتماع :

" لقد سمعت بما حدث اليوم في روسيا...هل أنت متأكدة من أن هذا قرارك الرسمي الأخير...فالأمور ستأخذ منعطفا جديا...."

زمت مارينا شفتيها بعزم ثم هزت رأسها بخفة و أجابته :

" لقد خططت لهذا طوال أشهر...وحان الوقت ليتولى الزعماء الجدد رئاسة العشائر خصوصا بعد خمود التمردات و سيطرتنا عليها....مع الوقت ستعود الأمور لمجراها الصحيح..."

تمعن وولف فيما قالته و هو يدخن ثم بعد لحظات صمت قال بجدية :

" أنت تعلمين أنني أملك رجالا داخل كل العشائر في روسيا ومع ذلك لم تتخلصي منهم...لما ذلك...؟..."

ابتسمت مارينا بخفة وهي  تعبث بخصلات شعرها بشرود ثم أجابت :

" لقد علمت منذ أن دخل أول واحد منهم وسط العشائر ...مكاري ميدفيديف لآخر واحد ....و كان بوغدان كوزنيتسوف.....أحد أولاد العشيرة تلك بالضبط....لكنني كنت أعلم سبب فعلك لذلك.....كنت حينها رئيس الاتحاديات و واجبك وضع أعين في المناطق الجاذبة لمشاكل أكبر....و مع ذلك لم تتدخل يوما في تلك المشاكل....لما ذلك ..؟.."

أجابته ثم سألته بنفس الطريقة التي سأل بها وهذا جعل شبح إبتسامة يظهر على شفاهه بعد أن أطفأ سيجارته جانبا ثم أجابها بعد أن عدل الهاتف على أذنه :

" لأنني أضع عيونا هناك فقط للاحتياط مارينا... و لا أدخل يداي....وبسبب حكمك لروسيا....ولأنها أيضا الدولة الوحيدة التي لم ترفع يوما قضاياها للاتحاديات....كلهم كانوا يلجؤون للروي ...."

ابتسمت مارينا على اجاباته و اعترافه ثم قالت له بهدوء :

" إيرا فاديتا و أندريه كابوني أيضا يملكون رجالا في روسيا و هم الوحيدين بعدك من سمحت لهم....لسبب واحد...وهو دافعهم من الدرجة الأولى....سيطرتهم على المافيا العالمية تجبرهم على بسط نطاق احتياطي أوسع من أجل المعلومات .....قد يعتقد الجميع أنها ربما كانت لتكون ذريعة لأعلن الحرب عليهم بحكم تدخلهم في منطقتي ....و هم ضدي أنا...حاكم مجهول غير قادرين على أذيته مباشرة....حرب كانت لتكون لامتناهية ....لكن أي من ذلك لم يحدث...."

انهت كلامها بهدوء لكن ما فهمه وولف أنه في الأخير كان تساؤلا له...كأنها تريد معرفة تخمينه عن السبب الذي جعلها تدعي عدم معرفتها لكل هذا ومنع قيام حرب كانت ستكون عالمية في عالمهم الأسود....وهو يعرف الجواب....

لو لم يعرف هوية الروي و ظلت مجهولة لما خمن الأمر....لكنه صار يعرف مارينا.....رغم كل شيئ ...و رغم حقيقة كونها قاتلة ..وحاكمة في عالم المافيا...إلا أنها   ذكية جدا و هادئة جدا..و هو أمر بدوره ينعكس على أعمالها....و وحده من يعرفها بهويتيها سيعرف أهدافها...

لذا وبنبرة هادئة رد عليها :

" الأمن و السلام...هذا كان دافعك الحقيقي و هدفك على المدى الطويل...."

ظهرت إبتسامة صادقة على ملامحها الجميلة بعد سماعها لجوابه بينما هو تابع بنفس النبرة :

" أردت أن تجعلي روسيا دولة ليست فقط تحت رئاستك.....بل أردت جعلها منطقة أمان للإجرام  الروسي.....ملاذا لكل روسي داخل حدود روسيا فقط....لهذا لا تتدخلين في أعمال حاملي الدماء النبيلة....ولهذا أيضا تتجنبين الحروب....."

وبنفس البسمة الخلابة أردفت مارينا :

" بالضبط...لهذا جوابي لك سيد سييرا ...هو نعم...أنا واثقة من قراري حول العشائر.... لأنهم خاضوا مشاكل ونزاعات كثيرة معي بسبب زعمائهم السابقين....و الآن بعد الترتيب الجديد هم على وشك خوض مرحلة جديدة...مرحلة أمن حقيقي.....وسيدركون مع الوقت أن حاميهم و حاكمهم الوحيد هو الروي...وملاذهم هو روسيا فقط...ليس الخونة الخارجيين ....."

هز وولف رأسه بابتسامة لما قالته ....كانت تقول هذا بكل جدية وبنفس الوقت بهدوء شديد.....كانت تدرك مكانتها و لم تبذل يوما جهدا لإثبات ذلك أو لإنكار ذلك....واثقة....

لهذا فقد قال لها بهدوء :

" وهذا بالفعل سيأخذ وقتا....من الجيد أنك لست شخصا يفقد أعصابه بسهولة....و إلا لافتقدت روسيا ..."

فلتت حينها ضحكة خفيفة منها للمرة الثانية مغيرة جو الجدية السابق...و لأن تلميحه كان مديحا و اعترافا...فقد وجدت نفسها تستمتع به....مديح لشخصيتها و اعترافه بأنه يحب روسيا....وهي لأنها تحبه و تحب كل شيئ يحبه ويرتبط به.....شعرت بسعادة....غريب لكن معقول....

" صرت تعرفني جيدا سيد سييرا...."

قالتها مارينا بابتسامة وهي تميل برأسها على الجدار و تواصل النظر عبر النافذة ...

وحينها وصلها جوابه الهادئ :

" بالفعل سيدة سييرا..."

توسعت ابتسامتها حينها وقلبها لم يكن بخير...كالعادة...ولسبب غريب كما كانت تستمتع حين يناديها بباربوزا صار لقب سيدة سييرا منه و الذي كان يناديها به مؤخرا أمر غير قابل للمقايضة عندها....جميل...يوقف القلب...ويزيدها حياة....

وقبل أن يضيف أحدهما أي كلمة دخل رجل على غرفة وولف و قد كان أحد رجاله الخاصين ....فتقدم منه باحترام وقال :

" زعيم....لقد وصلوا....وهم الآن في انتظارك..."

حينها نظر له وولف ببرود وهز رأسه بإيماءة مشيرا له بالخروج...

ولأنها كانت تستمع لما حدث فقد قالت له :

" ستعود للعمل على ما يبدو...دعني لا اعرقلك....الأمور جدية من الواضح...."

وقف وولف من مكانه معدلا خصلات شعره السوداء التي طالت كثيرا ثم أجابها بهدوء :

" أجل....الأمور ستأخذ وقتا هنا....لكن أن احتجت شيئا أو حدث أمر طارئ اتصلي...."

" حسنا...لا مشكلة.....أراك لاحقا...."

" لا تعملي لدرجة أن تنامي على الأريكة ....أنا جاد..."

قالها وولف بنبرة هادئة لكنها كانت تدرك قصده مما قاله ....في انتظاره يقصد .....وهذا لوحده جعلها تبتسم و تقول :

" سأحاول ألا أفعل...."

هز وولف رأسه وشبح ابتسامة يلوح على شفاهه ....ثم أغلق كلاهما المكالمة.....

هو بجدية....لأن الحارس فتح الباب من جديد...من الواضح ليخبره بشيئ مهم...وهذا جعل ملامحه تعود للبرود و هو يفتح أزرار قميصه العلوي ....معيدا الهاتف لجيبه....مستعدا بذلك ليخوض في الاجتماع الخامس لهذا اليوم.....كأن كل إسبانيا حاضرة هذه الفترة....وهذا جذب أنظار الحكومة...

لكن هل تجرؤوا؟...بالطبع لا...حتى ملك إسبانيا كان يعلم من هو وولف سييرا....

على كل شيئ أن يكون جاهزا هو مدرك لهذا ...لا يريد أي خطأ في ما سيقوم به لاحقا......

أما مارينا...فقد وضعت الهاتف على الطاولة بجانبها بابتسامة و هي تراقب الأمطار الغزيرة تتساقط.....و من الواضح أن الشتاء هذه المرة سيكون باردا جدا....فمن بداية الخريف حتى الآن و الأجواء باردة....

لقد عادت من الشركة قبل ساعات و الآن لم يتبق سوى ساعتين حتى يحل موعد العشاء.....عليها أن تحاول انهاء أكبر قدر ممكن من الأعمال.....

لذا وبعد تأملها الذي دام لدقائق تنهدت بخفة و هي تلتفت عائدة لتجلس أمام المكتب حاملة هاتفها من جديد...وبعد ضغطها على رقم معين...وضعت الهاتف على أذنها ولم تكن سوى رنتين حتى سمعت نيكولاي يقول :

" نعم زعيمة...أوامرك..."

مررت مارينا ابهامها على جبينها بهدوء ثم قالت :

" أريدك أن ترسل لي ملفات الصفقات الجديدة الخاصة بالشمال...فقد أنهيت الدفعات الثلاث الأولى لمناطق الجنوب...سأرسلهم لك بعد قليل....و حاول ألا تتأخر في ذلك...أريدهم بعد ساعة....و التعليمات الجديدة  التي ارسلتها الخاصة بهذا الأسبوع أريد من الرجال البدأ فيها غدا صباحا.....و انت أشرف على مراقبة ذلك نيكولاي..."

" أمرك زعيمة سأباشر فورا...و بخصوص آخر التطورات هناك...."

أومأت مارينا برأسها و قالت :

" حسنا ...أطلعني بذلك..."

قالت ذلك وهي تجلس على أقرب أريكة بكل هدوء...و بكامل تركيزها...هذا مهم جدا....

❄❄❄❄❄❄❄❄❄❄❄❄❄❄❄❄❄❄❄❄❄❄

في نفس ذلك الوقت....كانت أورورا تقف في غرفتها و هي تغلق حقيبتها بهدوء...و ما أن أنهت ذلك حتى وضعتها جانبا ثم نظرت للخادمة الشابة خلفها و قالت لها بابتسامة :

" حسنا...أنهينا....يمكنك الذهاب الآن أوليف...شكرا على المساعدة..."

أحنت الخادمة رأسها بقليل من الاحترام ثم قالت بابتسامة لطيفة :

" هذا واجبي آنستي.......أستمحيك عذرا لأغادر الآن..."

أومأت لها أورورا بابتسامة خفيفة جميلة وهي تراقب انسحابها من الغرفة مغلقة الباب خلفها....وحينها التفتت أورورا و راقبت حقائبها بابتسامة متحمسة.....

لقد تبقى يوم و تغادر لألمانيا.....صفحة جديدة ...حياة جديدة....وكما تأمل ..علاقات جديدة....

الموسم الدراسي بدأ بالفعل وهي متأخرة شهرين عن ذلك....بسبب أن وولف أخبرها أنها هذه المرة يجب أن تستمع له و تنتظر الوقت الملائم...

الملائم لأي شيئ ؟...لما كل هذا ؟...هي لا تعلم...ما تعلمه أنه حين نظر لها و أخبرها بذلك...بأعينه المميتة...اقسمت أن تلك أكثر مرة كان جديا فيها....نظرة لا مزاح لعين فيها....تعني أن الأمر جدي و خطير...

و لأن وولف هو وولف...لا يخبرهم بشيئ كعادته....إلا أن حالته هذه الأشهر وغيابه المخيف يعني أن هناك أمورا سيئة تحدث في أعماله...

وبأعماله تقصد المافيا....

من الجيد أنه حدد هو لها اليوم الملائم والذي يكون بعد غد.....ربما هو أكثر أمانا لها....هي لا تعلم....المهم أنها و أخيرا ستسافر بعد طول انتظار ...

و بابتسامة معتادة على شفتيها و التي دوما ما زادتها جمالا التفتت متوجهة نحو الباب لتخرج ناوية الذهاب لغرفة الصغار...

لماذا ؟..

لأن مدللة ما أخبرتها أن تأتي لمناداتها عندما يقترب موعد العشاء من أجل أن ترتب لها شعرها...لأن اناقتها و احترامها لجمالها لا يسمح لها بالجلوس معهم للعشاء بشعر منكوش بسبب القيلولة التي أخذتها...

طبعا كالعادة ...و طبعا أنتم خمنتم هويتها...

لا توجد سوى فتاة صغيرة واحدة في العالم بأكمله مغترة و واثقة  من نفسها وجمالها و دماءها الأرستقراطية سوى أديلينا سييرا...

لذا نعم....توضحت الأمور....

و بعد دقائق من سيرها على طول الأروقة المضاءة بإنارة خافتة  مسائية اقتربت أخيرا من غرفة الصغار والتي من ملاحظتها للإضاءة المنبعثة منها و المنعكسة على الأرضية اللامعة ...علمت أن بابهم مفتوح....

وهذا جعلها تبتسم وهي تتقدم أكثر وقبل أن تمد يدها و تفتح الباب أكثر وصل لمسامعها صوت أديلينا و هي تقول بحزن ظاهر :

" ذلك لأن  إيلار اليوم سألتني عن سبب اختفاء أمي..."

ظهر التفاجئ على ملامح أرتورو بينما هي عبست وقالت بصوت يدل أنها توشك على البكاء :

" أنا أعلم أن أمي في السماء بجانب الرب و الأشخاص الجيدين لتراقبنا و تحمينا كالنجوم....لكنني اشتقت لها كثيرا....هل هذا يعني أنه لن تكون لنا أم كباقي صديقاتي..."

عبس أرتورو على ما قالته خصوصا و هو يلاحظ دموعها التي بدأت تسيل على وجنتيها المنتفختين...و هو لا يحب رؤية أخته حزينة لهذا و من توتره و لأنه لم يعرف ما الذي يجدر به فعله ....تقدم منها أكثر وهم جالسين و حضنها بجسده الصغير و قال بصوت خافت :

" أأ....أنا لا أعلم....لكن أمي في مكان جيد ....و إذا...إذا علمت أننا نبكي ستحزن...."

و هذا جعل بضع عبرات تسيل من عينيه كذلك وهو يريد إخبارها أنه أيضا يشتاق لها أكثر مما تتصور لكنه بدل ذلك سارع بمسح دموعه في قميصها دون أن تراه...سامحا لها بالبكاء.. وهو يلف اذرعه  حول اخته و التي بالكاد تتسع...

كانت أديلينا تشهق ببكاء خافت على كتف أخيها وهي تردد أنها تريد أمها...وأنها اشتاقت لها....

كأورورا التي راقبت ذلك بأعين التمعت كذلك بدموع مكبوتة.....رؤيتهما هكذا تمزق قلبها ....صغار سييرا....مهما اعتقدوا أنهم نسوا و تعودوا إلا أن ألما كهذا صعب على الكبار حتى فما بالك هم...اختبروا مرارة الفقد في هذه السن الصغيرة....

آنجل...

كانت وفاتها طعنة عظيمة في قلوبهم جميعا ....حتى هي بنفسها لم تستطع تجاوز أمر وفاتها و إن بدت أنها قد فعلت....

آنجل لم تكن مجرد زوجة لوولف بل كانت أختها التي لم تحظ بها يوما....فحين تزوجها وولف كانت هي حينها لا تزال في الثانوية...مراهقة صغيرة في أمس الحاجة لمن تشاركه همومه...

وكانت آنجل ملاكهم جميعا هي ذلك لها....

Flashback (5 Years ago )

كانت أورورا تجلس على كرسي في الحديقة وهي تضم يديها لصدرها بملامح غاضبة وهي ترتدي ثياب المدرسة الخاصة والتي تحمل شعارا ذهبيا على سترتها المطرزة البنية ....

كانت تود ركل شيئ ما بسبب الغضب الشديد الذي تشعر به....لأن وولف في كل مرة يرفض لها أمرا تحبه دون أي سبب جاعلا منها تود الهروب من هذا القصر الذي يخنقها.....

مدرستهم ستقوم برحلة تخييم لمدة يومين....أمر تحمست هي له...كل صديقاتها سيذهبن وهذه أول مرة لها للاستمتاع لوحدها خارجا مع من هم في مثل سنها....  و هي ما أن فاتحت وولف بالموضوع رفض مباشرة...هكذا فقط....حتى أنه أخبرها إن عارضته سيلغي الرحلة من المدرسة بأكملها.....

يا له من وغد قاس....متوحش...غير مراع للمشاعر الإنسانية و لا يبالي بإحساس أخته....ذو الرأس العنيد و الوجه الوسيم و الروح الجامدة الذي كل ما تستمتع به هو امتصاص متعة الآخرين...وولف سييرا صاحب النظ.......

قطع سلسلة شتائمها الذهنية يد تبعثر خصلات شعرها الطويل من الخلف فالتفتت لتجد أنها آنجل  التي تقدمت منها بابتسامة و سحبت كرسيا وحينها سارعت هي بالقول بعبوس و تذمر :

" آنجل...هل سمعت ما فعله وولف بي عديم الرحمة ذلك...كيف يحرمني من شيئ كهذا ليس و كأنني طلبت  رحلة للقمر... انها مجرد رحلة تخييم داخل إسبانيا بحق الرب.....لا أصدق أنه أخي...أو أنني ابنتهم...لا بد أنهم قاموا بتبني بسبب جمالي...و إلا فلا دليل على حبهم لراحتي و استمتاعي بشبابي.....انها أول سنة لي في الثانوية وهو مصر على جعلها ه....."

قاطع كلامها صوت ضحكة جميلة من شفاه آنجل وهي تضع يدها على رقبتها مستندة عليها وتنظر لها بلطف وهذا جعل أورورا تزم شفتيها و تقول :

" لما تضحكين ؟....انا لا أمزح.....و مايصدمني أكثر هو كيف لشخص مثله أن تزوج ملاكا لطيفا مثلك.... هو لايستحقك....لابد أن العيش معه صعب و خانق.....هو وسيم...لكن أود تشويه وجهه بأظافري...."

كتمت آنجل ضحكتها وهي تسمح لها بتفريغ غضبها....لأنها تميل دوما لشتم وولف كل مرة يرفض لها شيئا...

" حسنا....بالغت...ليس و كأنني سأتجرأ على الوقوف أمامه وفعل ذلك....لكن في ذهني لقد فعلتها ألف مرة لذا نعم....أشفي غليلي فقط...."

ظهر الانزعاج على ملامح أورورا و هي تدرك أنها مهما حاولت كرهه لا تستطيع...تغضب منه لكن لا تكرهه وهذا يغضبها أكثر...ان كان في ذلك مزيد من المنطق....

" لقد تحدثت معه وقد وافق على ذهابك...."

قالتها آنجل بابتسامة هادئة جاعلة من أعين أورورا تتسع على آخرها ...وبعدها سارعت بالاعتدال في جلستها و تمسك يدها قائلة بحماس مفاجئ و قليل من الأمل :

" أخبريني أنك لا تمزحين......هو حقا وافق؟....سيسمح لي بالذهاب للرحلة ؟...كيف حدث هذا ؟ هو لن يغير رأيه لاحقا أليس كذلك ؟..."

هزت آنجل رأسها بالنفي وقالت لها بابتسامة:

" هو وافق حقا؟....لقد ظللت أزعجه حتى وافق ....لكنه وضع شروطا ..."

قلبت أورورا عينيها و قالت :

" طبعا ...لن يكون وولف إن لم يضع شروطا....لكنني لا أهتم المهم هو أنني سأذهب.......يا الهي كم أنني أحب أخي...إنه أفضل أخ في العالم....وسامة و جمال...يحبني....وسيسمح لي بالذهاب....أنت محظوظة لأنك تزوجت بشخص مثله...."

التناقض...جولة تصفيق رجاءا ...

هزت آنجل رأسها بقلة حيلة من حماقتها...كأن هذه الصفات الوحيدة التي تميز وولف...وليس و كأنها كانت تشتمه قبل قليل....لذا فقد مدت يدها و أمسكتها من أذنها بمزاح و قالت :

" توقفي عن حماقتك و أخبريني الحقيقة ....لما أنت مصرة على الذهاب لهذه الرحلة ؟ ....هل بسبب ولد انت معجبة به كالمرة الماضية و في الأخير يتضح  أنه بائع مخدرات؟...لأن وولف سيعلقه أمام باب القصر...."

تأوهت أورورا و هي تمسك يد آنجل و هي تحاول إبعادها...وبعد بثوان نجحت في ذلك و قالت بتذمر:

" يا إلهي...يدك أصبحت قاسية....تمهلي قليلا..."

رفعت آنجل حاجبها بابتسامة مستمتعة بينما أورورا تابعت :

" أليس من المفترض أنك طبيبة و تسعين لتخفيف آلام المرضى ....؟...زواجك من وولف جعلك قاسية ..."

آنجل تعلم أنها تتعامل مع مراهقة  لذا هي تعلمت أن  تجاريها و تجاري تفكيرها و ازعاجها  لذا ردت عليها بابتسامة :

" من المفترض أنك سعيدة لأنك ستذهبين لما المبالغة؟...ثم عليك أن تعلمي أنني لن أتركك قبل أن تخبريني السبب الحقيقي خلف إصرارك المفاجئ...لذا هيا باشري  بالحديث...."

أبعدت أورورا يدها عن أذنها و تنهدت بخفة ناظرة ليديها بشرود ...هي تثق بآنجل  و تعلم أنها الوحيدة التي ستتفهمها لذا فقد  وجدت نفسها تقول بصدق :

" الأمر غير متعلق بأي شخص آنجل...إنه...إنه فقط متعلق بي...."

وضعت آنجل يدها تحت ذقنها بهدوء كإشارة  لكونها تستمع لها فتابعت الأخرى بنفس النبرة :

" أشعر أن وولف صار يضيق الخناق علي كثيرا....الحرس الشخصيين و كل معايير الحماية صارت كثيرة و هو أمر جعلني أشعر و كأنني مقيدة...سواء في تكوين صداقات أو في فعل ما أحبه....وهذه الرحلة كانت فرصة لأغير الجو قليلا مع رفقائي بعيدا عن كل هذا....فقط مع نفسي و من هم في سني..."

نظرت لها آنجل بهدوء لثوان ثم ابتسمت و هي تمسك كلتا  قبضتيها بين يديها جاذبة انتباهها ثم قالت لها بابتسامة ملائكية مطمأنة:

" أتفهمك يا صغيرة.....أنت في سن حيث تريدين اكتشاف كل الأمور...و خوض كل التجارب الممكنة......و أن تجدي نفسك تعيشين حياة مختلفة عمن هم حولك لهو أمر صعب ..."

ابتسمت أورورا بلطف فبادلتها آنجل بلطف ثم تابعت :

" لكن عليك دوما أن تتذكري شيئا مهما جدا...."

ركزت أورورا على كلام آنجل مولية لها كل انتباهها و التي بدورها أضافت :

" وولف يا أورورا ليس شخصا عاديا.....هو شخص يأتي محملا  بمخاطر عديدة حوله و حول من يقربه......و أنا لا أمانع تمردك عليه أحيانا....هو تمرد سيجعلك تحصلين على حقوقك ....لكن لا تخطأي بينه وبين تمردك على ذاتك...فذلك سيصبح تهورا  و سيؤذيك في المقابل.... لا بأس برفض أوامر وولف....لكن ارفضيها معه ...في وجهه...  وقاتلي من أجل أمر جيد تريدينه.....إياك فقط أن تفعلي ذلك من خلف ظهره وتؤذي نفسك....أنت مثل أختي الصغيرة....و لا أحب رؤيتك تتألمين  بأي شكل كان...."

سمحت أورورا لكلمات آنجل بالدخول لفهمها..متمعنة بكل جزء منها....و كردة  فعل وجدت نفسها تومئ برأسها بموافقة وهذا جعل آنجل تبتسم لها بلطف وتمسح  على شعرها بعد أن أفلتت يديها....

وحينها عبثت  أورورا بقميصها بقليل من التردد وهي تخفض أبصارها عنها ...ثم رفعت رأسها ونظرت لآنجل التي التفتت محدقة بجمال الحديقة بابتسامة على شفتيها ....وحينها تشجعت هي و قالت :

 " لطالما أردت أن أسألك سؤالا....لكن ترددت في ذلك..."

إستدارت آنجل لها بنفس  البسمة اللطيفة و الأعين الخضراء الجميلة قائلة :

" كوني مرتاحة يا صغيرة....لا حواجز بيننا..."

بعد ثوان من التردد قالت أورورا بهدوء :

" هل حقا....اعني هل لا تمانعين من حقيقة عمل وولف؟....كونه قاتل وتلك الأمور..."

تعلم أنها دوما تمزح معها بخصوص أنه لا يستحقها و أنه مجرم...لكن هذا هنا سؤال جدي....تريد أن تعرف حقا رأيها وهل وجودها معهم أمر صعب عليها  باعتبار ارتباطهم جميعا بالمافيا مجبرين بسبب وولف....

وفعلا لاحظت أن ابتسامتها قلت لكن لم تختف كليا ثم وبهدوء وببطئ  قالت:

" أن أمانع أو لا أمانع هو أمر لا يغير من شيئ أورورا ....أنا لا أعلم إن كنت تتفهمين هذا الشعور ....لكن الحب هو أمر جميل جدا...لكن في نفس الوقت أعمى.....تجدين نفسك تختارين ذلك الشخص رغم رؤيتك لمساوءه....و أنا لم أندم....بل السيئ في الأمر برمته أنني لم أندم ومستعدة أن أسير معه  في هذا الطريق مهما تطلبه الأمر..."

ابتسمت أورورا على ما قالته وهذا جعل آنجل تضيف بشرود فجأة :

" لكنني.....رغم كل هذا...لا أنكر شعور الذنب الذي يراودني كل ليلة و أنا أعلم أنني سأستيقظ صباحا لأذهب للمشفى محاولة مساعدة قلوب المرضى و إيجاد علاج لهم...بينما زوجي يقتلع  القلوب و الأرواح..."

حكت أورورا رأسها بتقضيبة بين حاجبيها ....ثم قالت :

" لا بد أنه من السيئ الوقوع في حب شخص سيئ..."

وهذا جذب انتباه آنجل لها فأجابتها مباشرة :

" السيئ هو أن تقعي في حب شخص غير مستعد للموت من أجلك...و الشكر للرب أن هذه ليست حالتي....لهذا أنا مستعدة للمخاطرة  بكل شيئ من أجل وولف....."

اتسعت التقضيبة على جبين أورورا و قالت :

" لقد شوشتني آنجل لم أفهم ما تريدينه ..."

هزت آنجل رأسها بابتسامة و قالت بمزاح:

" أريد أن تقعي في حب شخص مستعد للتضحية بنفسه في سبيلك..."

ظهرت ملامح الفزع على ملامح أورورا و قالت :

" لما هذا ؟....لما سيضحي شخص بحياته من أجلي؟...ولنفرض أنني أحببته هل سأقبل أن يموت و يتركني...."

وقفت آنجل من مكانها بقلة حيلة و قالت :

" ما قصدته هو حب حقيقي...لكنك حمقاء لا تفهمين..."

أنهت آنجل كلامها و التفتت لتغادر واضعة يدها على بطنها متحسسة جنينها و قالت :

" إن كنت فتاة حبيبتي فلا تكوني حمقاء كعمتك..."

ولأن أورورا سمعتها فقد وقفت ركضا  لتلحق بها وهي تقول بغرور مزيف :

" ما أدراك أنها فتاة؟ ثم من سترفض أن تكون مثلي....هل رأيت جمالي ؟..."

ابتسمت آنجل و أعادت وضع يدها على بطنها متجاهلة أورورا :

" أخبرتك هي حمقاء....لا تكوني مغرورة مثلها أيضا..."

قلبت أورورا عينيها وبدأت تتذمر  بينما آنجل سبقتها للداخل وضحكاتها ملأت القصر......

جاعلة من إبتسامة تملأ محيا كل شخص من الخدم داخلا...جميعهم يحبونها...وهذه حقيقة...

End of Flashback

لحد الآن لا تزال تتذكر كل لحظاتهم سويا....كل ضحكة لها كسرت بها جو  المنزل الأسود....كل لمعة سعيدة في أعينها الخضراء...

و لكن كيف اختفت فجأة من حياتهم ...كطير حلق بعيدا و صار من الصعب الإمساك به...

ورغم كل هذا أكثر ما كان يؤذيهم هو طريقة موتها...كيف لشخص مثلها تشرق الشمس عندما تبتسم و تزهر ورودا في كل خطوة تقدم...أن تموت هكذا...

غدرا...وحيدة...وبوحشية ...

ماتت بعيدة عنهم في بلد احبته هي يوما ولم تدرك أن دماءها ستفرش  أراضيه يوما....

وكأن العالم بأسره اتحد ليجعل من ذلك المكان ملاذا لكل ما هو سيئ في حياة وولف.....مصر هذا العالم على تذكيره أن المكان الذي طعنه ألف مرة ...هو المكان الذي سيضع ملحا  على كل جرح له ألف مرة بعده....

" توقفي عن البكاء....أنا...أنا أعدك إن فعلت سأحضر معك ورشة الرسم ...."

أخرجها من أفكارها صوت أرتورو و هو يقول بصوت خافت لأديلينا فنظرت لهما من جديد و كيف أنه كان يمسح دموعها بكم قميصه بينما هي توقفت عن البكاء فجأة بشفاه مرتجفة و نظرت له بأعينها الزرقاء اللامعة بالدموع ورموش سوداء مبللة ثم أردفت :

" هل حقا....هل حقا  ستقوم بذلك من أجلي؟...أنت لاتحب البقاء كثيرا هناك..."

عبث أرتورو بأصابعه بقليل من التوتر وهو يتذكر التجمعات الكثيرة في ورشات الرسم ...لكنه عندما رفع نظره لأخته التي تحدق به بأعينها الواسعة بقليل من الأمل...زم شفتيه لثوان ثم هز رأسه بخفة بموافقة وهمس لها :

" إن وعدتني أن تبقي معي..."

قال هذا بصوت يكاد يكون غير مسموع كأنه لا يريد الاعتراف بذلك لشخص غيرها...وهذا جعلها تسارع لتمسح مزيدا من الدموع التي بللت وجنتيها الطريتين ثم ابتسمت قليلا وهي تمسح أنفها و قالت :

" أعدك....سأطرد ميلينا حتى تستطيع أنت  الجلوس معي..."

ابتسم لها أرتورو ابتسامة طفولية فبادلته بواحدة أخرى ثم شبكا إصبعهما الخنصر سويا  ليؤكدا اتفاقهما وبعدها قبلته هي من وجنته كشكر فتوسعت ابتسامته الصادقة البريئة  بينما هي اقتربت منه من جديد وقالت بهمس فجأة وبقليل من التوتر :

" لا تخبر أبي أنني اشتقت لأمي...أبي سيحزن...و أنا لا أحب ذلك...اتفقنا...؟..."

نظر لها أخوها بصمت لثوان ثم أومأ برأسه لها بقوة و أشار لها بيده أن سيغلق شفاهه....وسيظل سرا بينهما....وهذا جعلها تنهض من السرير بابتسامة مفاجئة  وهي تعدل فستاتها الشتوي الأسود اللطيف الذي كان بياقة من الحرير الأبيض ثم ذهبت نحو طاولتها بجانب السرير و حملت منديلا حريريا صغيرا من نفس اللون وعادت لأرتورو قائلة :

" هيا...ساعدني على طويه حتى نستطيع الذهاب لتناول العشاء..."

نظر أرتورو للمنديل الأنثوي بعبوس و قال :

" أنا...أنا فتى...و أنت تجبرينني على القيام بأمور فتيات دوما من أجلك..."

تقدمت أديلينا منه أكثر و قالت بتذمر طفولي مخالف لحالتها  السابقة:

" أنا فقط طلبت منك مساعدتي في ارتداء ثيابي....و أن تضع لي القليل من طلاء الأظافر....و تجهز لي أدوات شعري التي عل شكل فراشة...و الآن هذا منديل فقط أريد وضعه في جيبي لأبدو مرتبة في العشاء...لما تحاول جعلي سيئة ؟..."

قالت كلامها دفعة واحدة جاعلة من الصغير يقضب جبينه وحينها لاحظ أنها عبست و قالت :

" هل....هل توقفت عن حبي فجأة؟...لن تعتبرني أختك؟..."

لاحظ تكور شفتيها كأنها على وشك البكاء وهذا جعل أعينه تتسع صدمة و سارع بأخذ المنديل من يدها قائلا بتوتر و بسرعة :

"لا.....أ...أنا....لا....لم أقصد ذلك....سأقوم...بهذا....أأعدك...."

وهكذا فقط وبمكر  عادت ابتسامتها فجأة بسرعة أدهشته لوهلة وهي تقول :

" حسنا إذن....هل يمكنك أن تسرع أريد تناول الطعام..."

ظهر هذه المرة عبوس على ملامحه و هو يدرك أنها تخدعه مجددا ومع ذلك فقد وضع المنديل على السرير و بدأ بطيه ومع كل خطوة يشرح لها كيف تقوم بذلك لعلها تتذكرها....بينما هي كانت تميل برأسها و تنظر لكل ذلك بغير فهم و عندما أنهى سألها :

" هل فهمت الآن؟..."

أومأت أديلينا برأسها وقالت :

" أجل...فهمت أنك ستقوم بهذا من أجلي في السنوات القادمة ...فهذه أمور يصعب على صغيرة مثلي تعلمها..."

تنهد أرتورو الصغير حينها تنهيدة لا تليق بالصغار جاعلا من إبتسامة مستمتعة تظهر على شفاه أديلينا وهي تدرك أنها فازت عليه....

مجددا.....

مرحى !!...

كل هذا و أورورا تراقب بأعين مبتسمة باستلطاف كبير كأنها تريد قضمهما سويا....لكنها سرعان ما مدت يدها ومسحت تلك الدمعة التي سالت قبلا على وجنتها...

يا إلهي كم ستشتاق لهم....صغار سييرا...

ولأنها تعلم أنها إن ظلت تفكر بالأمر ستتأثر و تتحول لكرة هراء عاطفي في الرواق ...

لذا فقد سحبت نفسا طويلا و ابتسمت ثم طرقت على بابهم  ودفعته داخلة بابتسامة متحمسة و قالت :

" صغار...هيا لقد حان وقت العشاء..."

توقف أرتورو و أديلينا مكانهما كمن تم القبض عليهما في جرم....و كأنهما تفاجآ ولم يتوقعا مجيئها...

و لأن أديلينا كانت أكثر حماقة وسيئة في الكذب...خافت أن تسألها عن شيئ و تفضح نفسها لذا قالت بسرعة :

" سأذهب للحمام أنا..."

وبسرعة فائقة ركضت نحو الحمام بطولها القصير....و شعرها الأسود الناعم يتحرك معها جاعلة من أورورا تكبت إبتسامة وهي تضغظ على شفتها....

لكنها ادعت أنها لا تعلم ولم تلاحظ....فهي تعلم أنهما و إن كانا صغارا...إلا أنهما يملكان لحظات خاصة أخوية بينهما....وحتى أرتورو  يكون في أقصى مراحل راحته مع أخته ....وحدها ترى الجانب الحقيقي منه...

وهي لا تريد التدخل في ذلك لذا فقد توجهت و جلست على حافة السرير أين يتواجد أرتورو حارصة على جعل مسافة بينهما...ثم قالت له بابتسامة لطيفة :

" سننتظر أديلينا أن تخرج و نتوجه للأسفل...أمي حضرت لكما أطباقكما المفضلة....."

أومأ أرتورو برأسه بخجل طفيف...فابتسمت لذلك مبعدة أنظارها عنه و هي تتفقد غرفتهما بأعينهما...فقط كي لا تضغط عليه....

أمور أرتورو دوما مرتبة على عكس أديلينا الفوضوية...عندما تنظر للغرفة تشعر أنها مقسمة لجانبين من شدة الفرق...كون العفريتة تبعثر كل شيئ بينما هو يحرص على إبقاء الأماكن حوله نظيفة و مرتبة جيدا...

رسومات أديلينا كانت مبعثرة على الأرضية بينما أقراص أرتورو المضغوطة العلمية مرتبة لونا بلون في مكانها على جانب المنضدة....

ألعاب أديلينا مبعثرة حول الغرفة بينما مكعبات الروبيك الخاصة بأرتورو و التي أنهاها جميعا كانت مصطفة على الطاولة بنظام كأنها تنتظر أن يلعبها من جديد....

حتى كأس الحليب على الطاولة...خاصته فارغ تماما و موضوع بشكل محترم...بينما خاصتها لم تنهيه  وسكبت القليل منه على الطاولة...

لهذه الدرجة كانا مختلفين....حرفيا في كل شيئ...

أحيانا كانت تتساءل كيف لهما أن يتوافقا وهما ه......

" هل...هل ستسافرين غدا عمتي ؟...."

قطع عليها أفكارها صوت أرتورو الذي فاجأها  أنه تحدث معها فنظرت له لتجده يعبث بقميصه بتوتر وقليل من الاحمرار غزى وجنتيه...

وهذا جعلها تبتسم بصدق و تقول :

" لا ...سأسافر بعد غد صغيري...."

أومأ أرتورو برأسه بلطف...و توقعت هي أن المحادثة ستنتهي هنا  لكنه فاجأها عندما قال بصوت خافت:

" أأنا.....أقصد...نحن....سنشتاق لك..."

وستكذب إن قالت أن هذا ليس من أجمل ما سمعته...حتى أعينها صرخت بذلك وهي  تلمع بسعادة...لأنها أول مرة يخبرها بشيئ كهذا.....دوما كانت تعتني به و بأديلينا....وهي تعلم وضعه ...وتعلم أنه تحسن عن سابقته...لكنه لم يسبق أن عبر عن مشاعره لها و إن كانت بهذه الطريقة البسيطة...فاشتياقه لها حتما يعني شيئا....وهذا لوحده أسعدها ...

لذا وجدت نفسها تمد يدها مقتربة  منه و تلمس وجنته بلطف و هو لم يبتعد مخالفا توقعاتها من جديد وحينها ولأنها لم تستطع إمساك نفسها من لطافته انحنت بسرعة وقبلته من وجنته بلطف بالغ جاعلة من أعينه تتسع بتفاجئ واحمرار يطغى على ملامحه..

" لطالما أردت تقبيل وجنتك..."

قالتها هي بابتسامة و بلطف حقيقي...بينما هو أبعد أنظاره عنها خجلا لكن كانت هناك إبتسامة خافتة على شفتيه...

فنظرت له باستلطاف وبصدق أردفت فجأة :

" ستكون أخا  جيدا و شخصا جيدا عندما تكبر أرتورو ..."

كلماتها لوحدها كانت كفيلة بجعله يرفع أنظاره لها وهو يحاول استيعاب كلماتها التي أسعدت جزءا كبيرا منه.....فهو حقا يريد أن يكون أخا جيدا لأديلينا ويستطيع الوقوف معها في كل خطوة...كما شكلت  له هي دعما بحماقاتها و عفويتها معه وان لم تدرك هي ذلك ....

وقبل أن يضيف أحدهما أي كلمة أو تعليق فتح باب الحمام و خرجت من أديلينا بابتسامة وهي وتمسك فستانها بكلتا يديها كالأميرات ومن ابتسامتها الواسعة الماكرة من الواضح ستقول شيئا غريبا كعادتها...

وهذا جعل أرتورو و أورورا يبتسمان...كأنهما يتوقعان هذا دوما و كل يوم.....

انها أديلينا سييرا بعد كل شيئ...

فقاعة من الحيوية...

❄❄❄❄❄❄❄❄❄❄❄❄❄❄❄❄❄❄❄❄❄❄❄

في وقت متأخر ليلا تجاوز الوقت فيه منتصف الليل بكثير...دخل وولف من الباب الخلفي للقصر مارا بكل حراسه الليليين  الذين سارعوا بإبعاد أنظارهم عنه ومن منظره الدموي...

لقد كان حرفيا غارقا بالدماء وهذه ليست أول مرة ...لكنه أمر غريب ليتعود عليه أي إنسان...

كانت هناك دماء على وجهه ...يديه...ملابسه و كل شيئ....حتى رائحته كانت رائحة موت....

وكل مرة يحدث هذا كان الرجال يلاحظون أنه يدخل من الباب الخلفي....

وهذا صحيح...

فوولف  لا يحب أن يصادف أحدا بهذا المنظر...والدته اعتادت أن تفزع عندما تراه هكذا....وبفزعها هو يعني...بكاء...وقلق...ويطير النوم من عينيها...إضافة إلى أنها ستتحدث في الموضوع دون توقف....

لذا هو يوفر عليه العناء و المشقة....

استغرق الأمر منه بعض الوقت ليصل للطابق العلوي و يدخل لغرفته  نازعا السترة أثناء ذلك....فالوقت متأخر ...ومن هدوء القصر و الأضواء كان يعلم أن الجميع نيام...ورغم أنه كان يريد البقاء لكنه مضطر للخروج الآن مرة أخرى...فهناك أعمال لا تقبل التأجيل...

لذا فقد فتح باب الحمام و دخل ليستحم مزيلا عنه كل هذه الدماء...اللعنة تستغرق وقتا....ليس من السهل إزالة دماء لعينة....

وبعد أن أنهى ذلك والذي استغرق فترة معينة ....و دون أي تأخير أو مماطلة ...بدأ بارتداء بذلته السوداء كليا.....وقام بإغلاق أزرار قميصه الأسود الناعم و هو يقف أمام المرآة دون أن يغفل أن شعره طال كثيرا....لقد صار يلامس أسفل رقبته ....

لذا و بكلتا يديه رفع كل شعره للأعلى ثم حمل سترته و خرج من غرفة الثياب....متوجها نحو السرير....حاملا معه مسدسه و علبة سجائره ثم للخارج مباشرة....

كان يمشي في الرواق وهو يرتدي سترته بهدوء و بخطوات  تكاد تكون غير مسموعة....وحتى نزوله الدرج كان غير مسموع.....رغم أن الوقت ليل و السكون في أشده داخل القصر.....

وصل للأسفل حيث هناك إنارة خفيفة مارا بغرفة الجلوس ناويا التوجه    للخارج لكنه فجأة توقف أدراجه و عاد للخلف قليلا ولاحظ جميلة ما نائمة على الأريكة و شعرها الناري يعرف عنها دوما....

ودون وعي منه...تسللت إبتسامة خفيفة لشفاهه و وجد نفسه يتقدم أكثر منها....

كانت تضع رأسها على حافة الأريكة الحمراء المخملية ....نائمة بكل هدوء....وشعرها الطويل مستلق خلفها...عدا بضع خصلات كانت ملتصقة بوجنتها....

ولأن ضوء شاشة التفاز كان مسلطا عليها استطاع رؤيتها بكل وضوح....لذا انحنى على ركبتيه مقابلا لها تماما و نظر لها بهدوء لثوان وبقليل من الحب لثوان أخرى ....

كان ببساطة ينظر لها كما تتمنى كل إمرأة أن ينظر لها رجل تحبه....ينظر لها كأنها مستعر أعظم...نادرة و جميلة....دون أن يرمش لثانية كأن العالم لا يهمه وان اهتز الآن بين يديه....

كانت قوية جدا....ومع ذلك حساسة جدا...لكن ليس كزجاج ناعم....بل كلغم أرضي مستعد ليفجر الكثير للمسة خاطئة...و هو يدرك...هذا و يعجبه....

أول مرة يصادف إمرأة قادرة على أن تنظر له بكل هذا الحب في عينيها و في نفس الوقت مستعدة عند أول فرصة أن تتحداه  إن كان في ذلك أمر خاطئ....

و لأنه أثناء تفحصها بأعينه الزرقاء وقع بصره على يدها التي استكانت تحت رأسها فتذكر....

أخبرته أن لا يشغل يده عنها...أنها أمسكت يده وهي تتقبل كل ظلامه....هل تعلم أنها بقولها لذلك أحكمت بقبضتها على قلبه ؟...و هل تعلم أنها تغللت داخله بشكل سيجعل التفكير بشيئ سواها أمر صعب بحد ذاته....لهذه الدرجة تم استهلاكه....

وكأنه لم يستطع التحكم في نفسه وجد نفسه يمد أصابعه بخفة و يبعد خصلات شعرها عن وجهها قائلا بهمس خافت :

" Se solo sapessi che ora avrei fatto a pezzi il mondo a mani nude per te ... e questo è così pericoloso per te bella ..."

( لو فقط تعلمين أنني الآن مستعد لأمزق العالم بيدي العاريتين من أجلك...وهذا خطير عليك يا جميلة...)

بكلماته هذه كسر سكون الليل المخيف...و كسر كل القواعد و المبادئ.....معترفا بالحقيقة....

و للمرة الألف يكسر مبدأ من مبادئه من أجلها....

 كان يكره الإيطالية و كل ما هو متعلق بها....لكن إن استخدمها يوما فستكون كالآن....فقط من أجلها......

و لأنه لم يستطع أن يبعد أنظاره عنها وعن كل ما هو مرتبط بها ظل ممسكا بخصلات شعرها بين يديه محدقا بهم بكل هدوء كأنه يملك وقت  العالم بين يديه....

كانت مزيجا غريبا....لم يعرف يوما إن كان شعرها برتقالي....أم ناري....في كل الأحوال كان أحمرا في نظره...و هي لا تعلم حتى كم أن ذلك مغري ....كأن كل شيئ أحبه يوما تجسد فيها فقط....

مجددا نظر لها بابتسامة خافتة و همس :

" Moglie di una bestia ... solo tu indossavi meglio il titolo ..."

( زوجة الوحش....وحدك من ارتديت اللقب بشكل أفضل..)

و مع كلمته الأخيرة ابتسم مفلتا خصلاتها من بين أصابعه الموشومة ثم استقام من مكانه و بهدوء وضع يدا خلف ركبتيها و الأخرى خلف ظهرها و حملها بخفة و ببطئ ثم ضمها لصدره...فلفحته رائحتها الناعمة التي لم تكن بثقيلة....بل هادئة و حلوة....

وحينها فقط كأنها شعرت به رغم نومها العميق...ففتحت عينيها العسلية ببطئ رافعة رموشها الكثيفة التي كانت بلون شعرها كذلك...جميلة أيضا... ثم و باستغراب قالت بصوت خافت ناعس :

" Wolf ... ты здесь ? "

( وولف...أنت هنا ؟..)

و لأنها كانت شبه مستيقظة فهي تحدثت بالروسية.... لغتها الأم ناسية تماما وضعها وهذا جعله يبتسم بخفة و هو يسير بها متوجها للدرج و أجابها :

" спящая принцесса "

( نامي يا أميرة...)

وفقط هكذا.... كأنها تنتظر أوامره ...معيدة إغلاق عينيها بنفس الهدوء لتغط في نوم أعمق وهي تضع رأسها على المنطقة بين كتفه و رقبته...وهي لم تستوعب ما يحصل....

و هذا جعله ينظر لها لثوان ثم يواصل صعود الدرج بشبح ابتسامة على شفاهه...

أخبرها ألا تنتظره...لكنها في كل مرة تفعل هذا متحججة بالعمل....أحيانا يجدها لا تزال مستيقظة غارقة في العمل...و أحيانا تنام متعبة....

و هو يعلم أن غيابه الكثير هذه الفترة جعل الجميع يقلق بالأخص هي....فالآن مثلا ...أول مرة له يعود للقصر  بعد يومين كاملين من الغياب....

وهو لم يعلم أنه اشتاق لها سوى الآن وهو ينظر لها نائمة بيديه براحة....لا يعلم كيف لشخص أن ينام مرتاحا بين يديه...لكنها تفعل وبكل هدوء ....

كان قد قرر أن يغيب ليوم آخر غدا ليواصل سلسلة الاجتماعات السرية التي بدأها....لكن الآن قرر أن يلغي الفكرة....غدا سيبقى هنا....مخاطرة كبيرة منه ...لكنها تستحق....على الأقل يوم آخر معها قبل أن يغرق في عمله من جديد....

وعند آخر فكرة وجد نفسه واقفا أمام باب غرفته و كان سيفتح الباب لكنه توقف....و نظر لها بهدوء...

هي لا تستحق...لا تستحق أن تنام في سرير إمرأة أخرى...مهما كان جزء كبير منه يريد أن تبقى رائحتها في غرفته....

هذه قلة احترام...و وولف سييرا لا يسيئ لإمرأة أحبها....

لذا فقد التفت و تقدم لباب غرفتها بجانب خاصته و فتحه حارصا على ألا يوقظها من نومها....وبخطوات هادئة تقدم أكثر نحو الداخل في الظلام نحو سريرها و ببطئ وضعها في جانبها الأيسر الذي تفضله....

و بعدها عدل خصلات شعرها عن وجهها بكل هدوء و قام برفع الغطاء عليها ...حارصا أن يدفأها جيدا ...

كل هذا و هي نائمة لم تتحرك...و هذه ليست من عاداتها...هي دوما تكون فطنة لما يحدث حولها...مما جعله يدرك أن التعب حقا نال منها....لا بد أنها لم تنم جيدا منذ فترة...و هذا جعله عازما أكثر على قرار بقاءه غدا...

فكر وولف بهذا و هو يقف ناظرا لها للمرة الأخيرة بكل هدوء ...وكيف أنها تنام بسلام....ثم وبنفس السكون الذي دخل به....خرج كذلك وسط الظلام...مرتديا الأسود بالكامل...كأنه خلق له...

❄❄❄❄❄❄❄❄❄❄❄❄❄❄❄❄❄❄❄❄❄❄

الواحدة والنصف بعد منتصف الليل :

 ركن نيكولاي سيارته أمام منزله و نزل منها بكل هدوء ضاغطا على زر مرفق مع مفاتيحه فأغلقت البوابات  الإلكترونية خلفه ....ثم رفع رأسه و تفقد الست كاميرات الأمامية المثبتة ليتأكد من أنها تعمل....

وبعد أن رأى الضوء الأحمر فيها دليل على عملها أمال رأسه ليتفقد جهاز الإنذار كذلك ....

كل شيئ تمام.....جيد إذن...

هذه كانت مجرد إجراءات تعود أن يقوم بها دوما دون وعي منه...كأنه مدرب على التأكد من هذا قبل دخول المنزل....

لذا بعد تأكده....أخرج هاتفه ليقرأ آخر رسالة من أحد رجالهم في روسيا.....الحراسة و العمل كان مكثفا الآن خصوصا بعد التمردات التي حصلت...هم يحرصون الا تقوم من جديد...

لكن كل الخطط التي وضعتها الزعيمة كانت متقنة ....أخذت وقتا لتحدث مفعولا ...نعم....لكنه كان واثقا من نجاحها.....فبعد سنوات من العمل معها ...صار يفهم بالضبط كيف تتصرف....وهو يرجح حسب توقعاته أنه بعد أيام ستعود الأمور لنصابها في روسيا.....و هو يعمل ليلا نهارا لتنفيذ أوامرها.....

عند أفكاره هذه و تزامنا مع وصوله للباب مد يده ليدخل الرقم السري في الشاشة أمام مقبض الباب لكنه توقف مكانه فجأة....

الباب كان مفتوحا....ما اللعنة...

كان يمكن أن يندهش...أن تظهر الصدمة عليه ربما....لكن ما حدث أنه مد يده لخلف ظهره بهدوء شديد على ملامحه الوسيمة ساحبا مسدسه من خلف ظهره....ثم أخرج كاتم الصوت من جيب سترته الداخلي و قام بتركيبه ....

ببطئ و بهدوء تام.....

عندما أنهى....سحب هاتفه و دخل لتسجيلات الكاميرات....ومع مشاهدته لكل ثانية كانت هناك تقضيبة تزداد بين حاجبيه....

من اقتحم منزله لم يظهر في كل التسجيلات ؟...كيف هذا ؟.....  لم يظهر سوى قليل من ظهره لثوان قليلة حين وقف ليكتب الرقم السري لبابه......

فكر نيكولاي لثوان بشكل سريع و كل ما توصل له هو التالي...

أولا....من اقتحم منزله شخص يعرف النقاط العمياء لكل الكاميرات ...

ثانيا....هو يعرف الرقم السري للباب الاوتوماتيكي الداخلي....

و أخيرا.....هو شخص استطاع الدخول دون أن يشتغل جهاز الإنذار...وهذا صادم....لأن جهاز الإنذار هذا....عالي التقنية و حساس جدا......نيكولاي ركبه و برمجه بنفسه.....

كل هذا قاده لفكرة واحدة....

من دخل توا...شخص خطير ....مدرب.....و قدومه ليس بشارة خير....

لذا بهدوء أعاد نيكولاي هاتفه لجيبه ثم سحب زناد مسدسه و دفع الباب بخفة داخلا المكان.....

الصمت و الظلام هو كل ما استقبله......الشيئ الوحيد الذي كان ظاهرا هو لمعان الأحجار المتدلية من الثريا وسط قاعة الإستقبال....

لذا بخطوات تكاد لا تسمع تقدم نيكولاي و هو يصوب مسدسه في كل مكان محاولا التقاط صوت ما في هذا السكون التام....و أنا أعنيها....حتى نيكولاي لم يكن يسمع صوت خطوات قدميه....نعم لهذه الدرجة كان بارعا.....

ثوان من تعود أعينه على الظلام حتى وصلت لأنفه رائحة سجائر قوية ملأت المكان جاعلة منه يرفع حاجبه في الظلام دون أن يصدر أي حركة...

وحينها...حينها فقط سمع صوتا يقول ببرود :

" ضع مسدسك جانبا و دعنا نتحدث...."

و لأول مرة هذه الليلة يظهر التفاجئ على ملامح نيكولاي خصوصا بعد تعرفه على الصوت....

وكل ما تبادر لذهنه هو .....

ما الذي يفعله وولف سييرا في منزله بحق الرب ؟....

بل كيف تمكن من اختراق منزله و الحماية العالية فيه ؟... لما فعل هذا ؟....أعني هو و وولف سييرا لم يتحدثا سويا...بل لم يلتقيا منذ الليلة في تركيا....وذلك كان قبل أكثر من شهرين.....لما الآن و بهذه الطريقة ؟...

كلها أسئلة مرت بشكل سريع على عقل نيكولاي تزامنا مع خفضه لمسدسه  و عودته للخلف قليلا موضع زر الإنارة...و الذي ما أن ضغط عليه حتى أنير المكان بأكمله بضوء أبيض قوي انعكس على الجدران البيضاء و الأثاث الأبيض جاعلا من المكان أكثر نصاعة....

على عكس الهالة السوداء التي تحيط بالزعيم....

مرتديا الأسود كليا....وشومه السوداء....و حتى شعره الأسود الذي طال....حاملا سيجارة في يده و هو يحدق بها ببرود....

لذا فقد أعاد نيكولاي مسدسه لمكانه ثم قال بهدوء و باحترام :

" زعيم سييرا....لم أكن أعلم أنك ستزورني هنا و الليلة.....رغم أن تمكنك من عبور الحماية هو أمر مربك قليلا...مع كامل احتراماتي...."

 مع كلمته الأخيرة رفع وولف نظره له لأول مرة و نظر له بكل برود لعدة ثوان....كان ينظر له بنفس الطريقة التي قد تربك أي شخص و تجعله يتراجع....و نيكولاي لم يكن إستثناءا....

فدون وعي منه وجد نفسه يبعد أنظاره عن وولف حارصا ألا يكون في ذلك أية إهانة و معلنا في الوقت نفسه أنه لا ينوي سوءا و أنه يعرف رتبته....

وهذا جعل وولف يعيد السيجارة لشفتيه مستنشقا منها أكبر قدر ممكن .....ثم زفر الدخان ببرود و قال و هو يبعد زرقاويتاه الجامدة عن مرأى نيكولاي :

" هل نسيت أننا تعلمنا على يد نفس الشخص يا نيكولاي أورلوف  ؟..."

لم يشعر نيكولاي في حياته بانقباض قلبه خوفا كما فعل الآن....وهذه حقيقة.....لأن ما سمعه أخافه حقا....

هل هذا يعني أن وولف علم بحقيقته؟...كيف بحق الرب ؟....

وقبل أن يمنحه مزيدا من الوقت لينصدم أضاف وولف بنفس النبرة :

" أم هل تفضل أن أناديك بالرقم (207) ؟...."

تبا...تبا....تبا....

هو حقا يعلم.....كيف و لماذا و متى لا يهم الآن...بل السؤال الحقيقي هو هل سيبقى حيا أم لا...بعد هذا.....

خصوصا و أنه اكتشف أنه و نيكولاي كانا معا داخل الآيفا....

كابوس حياتهما سويا....

اللعنة على الآيفا...

🎬🎬🎬🎬🎬🎬🎬🎬🎬🎬🎬🎬🎬🎬🎬🎬🎬🎬🎬🎬🎬🎬🎬🎬

😊😊😊😊😊😊 مرحبا يا مافيوزا و مافيوزو ❤❤

عائلتي الجميلة 😊

اشتقت لكم...من اشتاق لي 😅

الفصل طوييل جدا يعوض الغياب😇😇 تجاوز ال 10000 كلمة بكثير...

طبعا أنزلته اليوم في مناسبة جميلة☺

آمل أن يكون قد أعجبكم 🤗

ما رأيكم بالأغلفة الجديدة ؟....😶

بالمناسبة....

بعد حوالي فصلين ستنقلب القصة كونوا مستعدين😏

الفصل القادم أيضا من عاشقة في الظلام و الذي بعده صراع المافيا...هذه كانت نتائج التصويت ....فصلين من عاشقة في الظلام...بفصل من صراع المافيا ❤

أعلم مر شهر على تنزيل فصل من القصة...لكن ليس شهر على غيابي...أنا نزلت في صراع المافيا 🤗

المهم نعود للفصل 😁

أورلوف عنوان الفصل...لا بد أنه شوشكم عندما قرأتهموه😶

وولف و مارينا 😊 تعزيتي لكل شخص توقع أن وولف  سيقلب الطائرة و يطلق مارينا و تلك  الأمور...خيالاتكم ↗️↗️↗️↗️.....يعني بعد كل هذه الفصول كان يجب أن تتوقعوا أنه شخص لا يتحكم الغضب به😔

ما المعلومة الإضافية التي علمتموها عن الآيفا ؟😏

وما المعلومة الإضافية التي علمتموها عن وولف😏

من منكم مستعد لظهور نايت؟...انا مستعدة🙂 يا أخي وولف كان لطيفا كل هذه السنوات ...يجب أن تمنحوا القليل  من الحب لنايت الآن  🙂...

الآيفا ...ستعرفون كل شيئ عنها قريبا جدا😏 و الكثير من أمور المافيا ستظهر أيضا و قريبا جدا😏...

الروي حاكم الروسي الذي يسعى لنشر الأمان😌 و انتم تعتقدون تساهلها مع إيرا و أندريه بسبب مكانتهما...يا أخي لو قامت حرب ستكون لا نهائية...لأنهم لا يعرفون الروي..خمنوا جيدا❤❤ هي وفرت العناء على الكثير 🤷‍♀️

و أخيرا صغار سييرا😔😔

أعلم أعلم 😔

آنجل تسجل ثاني دخول لها في الرواية...وأخبرنا عن رأيها في وولف....❤

اولا لا داعي لقول أنها لا تستحقه لأنكم تحبون مارينا....هي فقط مختلفة عنها....واحدة عاشت حياة عادية بل و أنها جراحة...و الأخرى قاتلة 😇

أورورا المراهقة...حمقاء كعادتها😌

أديلينا و استغلالها 🤷‍♀️🤷‍♀️

" زوجة الوحش....وحدك من ارتديت اللقب بشكل أفضل "

كلمة جميلة لوولف الجميل 😌

أنا لم أعد أعرفه صراحة...و انتم لن تعرفوه من الآن و صاعدا🙂🙂

ولكل من يحب الدراما و الأكشن الهندي....أبلغك بكامل للأسف أن هذا ليس مكانه....😏

و أخيرا نيكولاي أورلوف 😌😊

رقم 207🤭🤭🤭

طبعا لكل شيئ دلالة و القادم صادم من كل النواحي 🤭

لكنكم تعودتم لا بأس 🤷‍♀️

المهم ....

آمل أن الفصل نال على إعجابكم 🤭🤗

أحبكم يا أحلى و أخطر عائلة في الواتباد 🤗😍

إلى اللقاء في الفصل القادم بحول الله ❤❤

Seguir leyendo

También te gustarán

58.1K 3.6K 45
بقلم noor💚 (مكتملة) كان علي العيش كفتى وذلك بناءاً على طلب والدي لكن ملامحي الأنثوية تمكنت مني ، فلم يكن لدى والدي حل غير التوجه نحو أخي الذي يكره و...
609K 20.3K 35
فتيـات جميلات وليالــي حمـراء وموسيقـى صاخبة يتبعهـا آثار في الجسـد والـروح واجسـاد متهالكـة في النهـار! عـن رجـال تركوا خلفهم مبادئهم وكراماتهم وأنس...
3.8M 57.6K 66
تتشابك أقدارنا ... سواء قبلنا بها أم رفضناها .. فهي حق وعلينا التسليم ‏هل أسلمك حصوني وقلاعي وأنت من فرضت عليا الخضوع والإذلال فلتكن حر...
493K 23.6K 35
احبك مو محبه ناس للناس ❤ ولا عشگي مثل باقي اليعشگون✋ احبك من ضمير وگلب واحساس👈💞 واليوم الما اشوفك تعمه العيون👀 وحق من كفل زينب ذاك عباس ✌ اخذ روحي...