Part 33 صرخة الموتى

414K 12.4K 25K
                                    


ينضج المرء في الحقيقة...

حين يتعلم أنه حتى الشيطان يملك كوابيسا...

............................................................................

أروقة رمادية بجدران بنفس اللون...سقف أبيض و إضاءة ساطعة جدا تعمي البصر...السكون و الصمت كان سيد المكان حتى ظهر في الرواق ما غير ذلك...

هناك سحب رجل طويل بملامح قاسية و ببذلة زرقاء فتى صغير بشعر أسود يبلغ الحادية عشر من عمره...

كان الرجل بأعين سوداوية و بشرة سمراء يمسك بقبضته القوية ذراع الفتى و يجبره على الإسراع في المشي وسط الأروقة الخالية في هذا الوقت المتأخر من الليل...

كان الفتى شاحب الوجه أعينه حملت نوعا من الخوف و هو ينظر للطريق كأنه أدرك أين سيتم أخذه ...التعابير على ملامحه بدت كملامح ضحية يتم أخذها للمذبح كقربان للشيطان...

حاول الفتى بيده الأخرى سحب ذراعه من يد الرجل و كبح أقدامه من التحرك و هو يهز رأسه بفم مفتوح من الرعب و من شدة خوفه لم يستطع حتى النطق...كان فقط يهز رأسه و يحاول الإفلات...

لكن عبثا...أتستطيع يد صغيرة إطفاء هيجان إعصار ؟ أيستطيع وحش صغير الإفلات من يد الجحيم ؟..

في هذا المكان الخالي حتى الصرخة العالية يتم تجاهلها عمدا ..ما بالك بالصرخة المكتومة...و كيف لشيطان صغير أن يفلت من قبضة شيطان كبير....فالرجل بنظرة من سوداويتاه حدق بالفتى بنظرة مميتة كأنه يخرسه و يخرس صرخته التي لم تفلت أصلا...ثم بعدها نظر للدماء على ثياب الفتى البيضاء كثياب مختل في مشفى الأمراض العقلية و هز رأسه بقسوة قائلا بصوت بارد جاف دون أن يتوقف عن السير و دون أن يتوقف عن سحب الفتى :

" حين تتعلم أن الدم على الكفن الأبيض لا يكون سوى دم العدو حينها تخف معاناتك.... إنه قانون الوحوش ...لكنك تنساه...سأذكرك.."

كان قلب الفتى ينبض بقوة و لم يدرك أن خط دموع وحيد نزل و امتزج مع دماء الجروح في وجهه و أنفه النازف...كان ينظر للطريق أمامه من تحت خصلات شعره السوداء التي غطت أعينه المتسعة برعب...كان ينظر للطريق كأنه مقبرة للأحياء...أيديه الصغيرة كانت مغطاة بالدماء و الجروح من القتالات الدموية لليوم ...

كان يبدو وحشيا من بعيد...ثياب ممزقة بيضاء و جروح و نذبات و دم.. لكن حين تنظر لأعينه و كيف كان يبدو كمن ينتظر شخصا لينقذه من سحب الرجل له حينها فقط ستجد نفسك دون وعي منك أبعدت نظرك بألم و ربما بشفقة ...

المكان صامت لا يسمع فيه شيء سوى صوت الأقدام السريعة للرجل و خطوات الفتى الحافية الغير مسموعة و التي مع كل خطوة كانت تترك أثر دماء من الجروح المدمية أسفل قدميه...

قدم صغيرة دموية خلف قدم صغيرة دموية على رواق وحوش أبيض...لم يدرك أحد يوما أن تلك الليلة ستنتهي بولادة شيطان جديد....شيطان دماءه باركت أرض الوحوش و صرخته لم تخرج يوما من قلبه الدامي ...

عاشقة في الظلامWhere stories live. Discover now