Part 22 ميلادها

345K 15.4K 6.7K
                                    


كنت أحادثها عندما يصعب علي التنفس

كان الحديث معها أشبه برئة ثالثة....

..............................................................................................................................................

نوتة بعد نوتة مخترقة هدوء الصباح وقلب وولف...هذا ما فعلته أصابع مارينا....كانت كلما تعزف يرى انعكاسها في اللحن كأنها وضعت جزءا منها بين مفاتيح البيانو...يُقال أن لا شيء سوى الموسيقى يخترق العزلة الموهلة لأرواحنا ،وهكذا كانت هي...عندما تعزف تنغمس في عالم الموسيقى كانها في تلك الثواني قد تملصت من العالم بأسره مستسلمة لأحاسيسها بأكملها....

عزفها هادئ كهدوءها تماما ومن يراها سيعتقد انها إنسانة تصالحت مع كل شيء و أي شيئ....رغم أنها ليست كذلك...بل أن الفوضى والضجيج داخلها وداخل حياتها أكبر من ذلك بكثير.....

ورغم أنه لم ينتبه يوما...إلا أن وولف وبمجرد جلوسه معها كانت أعصابه ترتاح و نيرانه تخمد....مهما كان يومه صعبا....الا ان وجودها كان يريحه...لهذا وجد نفسه دوما يتوق للبقاء معها وان لم يعترف عقله وقلبه بذلك...

لقد احتاج فعلا الهدوء الذي توفره هي.....فحياته مظلمة...مظلمة جدا...ليست كخاصتها وان تشابها....فهي وكما أخبرها خلقت توازنها...بينما هو لا يملك ما ينقذه من الغرق....قد يخاف الناس من اسم الروي عند سماعه لكن هو بمجرد أن يراه الناس الأمر كان مختلفا...ما يراه في اعينهم نحوه لم يكن مزحة بتاتا..لقد كان مزيجا من الخوف والكره وحتى أن بعضهم كانوا يغيرون الطريق او يفرون حرفيا........لقد أحدث فوضى كبيرة وجرائم أضخم في سنوات حياته بحيث لم يعد التراجع خيارا منذ سنين مضت....ليس وكأنه يريد التراجع يوما...فهذا ليس من شيم وولف سييرا.....الأمر وبما فيه هو انه اراد بعض الهدوء في حياته فقط..حياته التي ومهما بدت تحت السيطرة والاستقرار الا انه حقيقة يتعب يوميا فقط من أجل ألا تتعكر وتظل كذلك ....و هذا الهدوء منحته اياه مارينا وان لم تدرك هي ذلك....تماما كما منحته فرصة حياة قبل سنوات مضت عندما أنقذته....

خرج وولف من شروده ورفع رأسه ليجد مارينا قد أنهت العزف ومما يبدو منذ مدة كذلك.. وكانت تنظر له بهدوء وبتلك اللمعة في اعينها وعندما وقع نظرها على أعينه ابتسمت له وقالت بخفة :

" لقد شردتَ لمدة وولف....هل أفهم أن المقطوعة ساعدتك على الاسترخاء ؟!"

أمال وولف رأسه بغير فهم فأجابته مارينا بهدوء وهي تعيد الغطاء على لوحة المفاتيح :

" لقد بدوت منزعجا قليلا قبل قليل....ونظرا لانشغالك بالعمل اعتقد انها مشاكل في العمل لذا رأيت انك بحاجة لشيئ من الهدوء .."

مجددا ها هي تعبث بعقله....قدرتها على فهمه دوما وتصرفها وفقا لذلك.....صدقوني انا لا أمزح عندما أقول لا أحد كان قادرا يوما على فهمه او قراءة لغة جسده...بينما هي نظرة واحدة لأعينه فيجدها قد فهمت ما يريده بالضبط وما يعانيه....

عاشقة في الظلامWhere stories live. Discover now