Part 2 : بين الظلال

411K 16.7K 11.9K
                                    

أحبكَ أكثرَ مني وأعلمُ أنكَ شيئٌ مستحيلٌ
كصِدقِ اليهود وعدل الطّغاة


............................................................... ........

لطالما ارتبط الحب بالجنون....

انتحاري كان أما العاشق فغير عاقل .... لكنها كانت مُقامرة...راهنت بكل ما تملكه من أجل الحب...تماما كما يعشق المذنب خطيئته...سرا...في الظلام...و داخل طيات قلبه الوحيد...

لذا و ما أن حطت أقدامها على أرض إسبانيا استنشقت الهواء بقوة سامحة لبعض من هواء أرضه أن يسقي بعضا من جفاف قلبها لعلها تمتلأ به يوما....

إسبانيا..بلد غادرتها هي في لحظة هزيمتها الوحيدة..لكن يسوقنا القدر دوما لأرض معاركنا مرة ثانية..إما ليذكرنا بدرس الخسارة أو ليدفعنا نحو فتح جديد..

 كانت من نافذة السيارة المتحركة تراقب الشوارع المدريدية و الإسبان في الطرقات يعيشون حياتهم باعتيادية غير عالمين بأن هذا اليوم سيغير الكثير...الخامس و العشرين من أغسطس كان التاريخ الجديد لعهد جديد ...و هي ستلتقي به اليوم بعد ستة عشر سنة..أربعة اشهر..يومين و سبع ساعات...و الجنون كان أنها تعد الوقت كسجينة تنقش على قضبان زنزانتها موعد إطلاق سراحها..

من الخارج كانت هادئة..أميرة مثالية جميلة تطرق بأناملها على المقعد قربها كأنها في سفر اعتيادي...لا يُخمن المرء بتاتا أن قلبها يطرق على قفصها الصدري بعنف تكاد تشعر به مؤلما متمردا داخلها..

دقائق إضافية حتى رأت الحارس يتوقف أمام البوابة المغلقة و التي تخفي عن الجميع منظر قصر سييرا الفخم....كان الحراس منتشرين في كل مكان حتى على طول الطريق الذي يحيط بالقصر...كانت حماية عالية تجعل المكان يبدو كحصن متين....يخفي بداخله أسرار عميقة....

بعد ثوان من استوقاف الحراس لهم و تحدثه مع رئيس حرسها الشخصي رأت واحدا منهم يضع يده على السماعة في أذنه تماما كمن يتلقى تعليمات ...و ما هي سوى فترة حتى أومأ برأسه و أشار لبقية الرجال حتى يفتحوا البوابة و يسمحوا لهم بالدخول....

فانصاعوا له و ضغطوا على رمز سري يليه زر سمح للبوابة العالية تلك بأن تنفتح تدريجيا لهم و تبدأ السيارات حينها بالتقدم واحدة تلو الأخرى....

من زجاج نافذتها لاحظت مارينا عائلته و هم ينتظرونها أمام الباب....والديه و أخته..خلفهم بعض الخادمات المبتسمات كذلك....

عائلته....تعرفهم حق المعرفة كمن يحفظ إسمه عن ظهر غيب.... أمه التي ورث عنها زرقة أعينه تلك كانت مميزة لها....المرأة التي ولدت قلبها....لا بد و أنها إمرأة عظيمة...

ما أن توقفت السيارة حتى سارع الحارس بالنزول و فتح لها الباب فتماسكت لآخر مرة ثم ابتسمت ابتسامتها الهادئة التي اعتادت أن تخفي كل الكوارث الداخلية ثم أنزلت قدمها الأولى و تبعتها بالأخرى حتى كانت تقف أمامهم و هي تراقب ابتساماتهم الصادقة ناحيتها و التي جعلتها تبادلهم بأخرى مماثلة....

عاشقة في الظلامWhere stories live. Discover now