Part 23 أسطورة العشق الأولى

358K 14.5K 14.8K
                                    


      يسرقني مني وأرى سرقاته

                ولا نبتر يد السارق بل نقبلها ....

..............................................................................

في كل حرب هناك خسائر....بعضها مادية...تلك التي تثير غضب أسيادها....و بعضها بشرية....تُرثى بالدموع والأحزان الهائلة....وهناك النذوب أيضا...التي تخدش جسدك وتختم روحك لتلاحقك للأبد...هكذا هي الحرب....الكفة الموازية للخسارة....

وحرب العشق كذلك  لا تختلف كثيرا ....هناك من يخرج منها منتصرا بنذوب.....و هناك من يخرج منها منهزما بنذوب...النذبة دوما موجودة لان العشق يُرفق بالألم...والألم حارق...يحرق الروح قبل الجسد...

لكن مارينا لم تكن لا من النوع الأول ولا من الذي بعده.....بل كانت نوعا آخر....كانت النوع الذي غيّر معايير العشق والحرب والأحزان....كانت تخرج بعد كل عاصفة بهيئة أخرى....أكثر قوة...أكثر أشراقا وأكثر حبا من ذي قبل....لهذا لم تُهزم يوما....ونصرها الأكبر كان حفاظها على حبها....في زمن الفراق والتخلي والحبيب العاشر بعد الألف....

وحتى الآن ...وهي تشرب قهوتها  في هذا الصباح وتراقبه من النافذة كانت تجدد روحها...وعشقها...ككل مرة وككل يوم...شخص غيرها كان  سيستنشق نسيم الصباح ربما ...ويستقبل أشعة الشمس بأحضان آملة أو خائبة ربما... لكن عاشقة مثلها ...تتنفس روحها برؤيته...ويعود قلبها للنبض برؤيته...ويضيء وجهها برؤيته...

لقد كان يتحدث في الهاتف مرتديا الكحلي فغارت منه ومن جمال انعكاسه على أعينه....خصلات شعره السوداء كانت تتبعثر بفعل الهواء فيتبعثر معها نبضها وتنفسها ...أما حين يضع تلك السيجارة بين شفتيه  ويستنشقها كانت تزفر هي بخفة سامحة لرئتيها بالتنفس...

هي لم تدخن يوما...رغم شربها للكحول إلا أنها لم تدخن...فكما تمتلئ الرئة بدخان السجائر...كانت هي ممتلئة بالحب...وإذا نافست سمية الحب يوما...انسحبت كل السموم أمامها....

لذا وبابتسامة هادئة على شفتيها الملونة بأحمر العشق ...استرقت  أعينها الجميلة نظرات أخيرة لمعذبها  ثم غادرت المكان بروح مفعمة...حياة...عشقا وإدمانا...

بينما في الأسفل وأثناء تحدثه  لاحظ وولف أن  سيارة أورورا دخلت من بوابة القصر وركنتها في مكانها ..وحين ترجلت منها  أغلق هو  هاتفه بعد أن قال الكلمة الأخيرة للمستمع من الطرف الآخر ثم نظر لها بهدوء بأعينه الزرقاء  فلاحظ أنها تقدمت منه بابتسامة خفيفة وقالت :

" مرحبا أخي..."

وهكذا فقط سارعت لتتجاوزه برأس منحني وخصلات شعرها تغطي ملامحها وهذا جعله يقضب جبينه ويمد يده ليمسكها من ذراعه ويمنعها من المغادرة..ثم وبهدوء جذبها لتقف أمامه لكنها من جديد تهربت من عينيه لذا فقد مد أصابعه وأمسكها من ذقنها بلطف مخالف لبرود ملامحه  وحينها فقط لاحظ جفونها المحمرة ورغم أن أعينها كانت خالية من الدموع الا ان احمرار أنفها كذلك جعله يعلم أنها كانت تبكي ...لطالما كانت هكذا  احمرارها المخالف لبياض بشرتها يفضح بكاءها...

عاشقة في الظلامWhere stories live. Discover now