عاشقة في الظلام

By _ibriz_

20.5M 714K 1M

لم يكن بزعيم مافيا و لم يكن الدون أو الزعيم على الإجرام...بل كان شيئا مختلفا...هو كان قاضي المافيا...كان الرج... More

هل أنت قاتل ؟
Part 1 : رُويْ (Roy)
Part 2 : بين الظلال
Part 3 : توقيع بإسم الحب
Part 4 :ألم عاشقة
Part 5 دمعة الحب
Part 6 مشكلة قلب
Part 7 هيوغو آندريس
Part 8 قوة الحب
Part 9 ظهور الروي
Part 10 إشتياق
Part 11 خسارة عظمى
Part 12 سِرٌّ مقابل سِرّْ
Part 13 الملكة والشطرنج
Part 14 مخالب أنثى
Part 15 إرمي أوراقك
Part 16 تسديد دين
Part 17 ابتسامة قاتلة
Part 18 معجزتكَ
Part 19 قانون التسعة
Part 20 شبح الماضي
Part 21 تناقضكِ جذاب
Part 22 ميلادها
Part 24 قاضي العالم السفلي
Part 25 تمردات العشائر
Part 26 قلب الوحش
part 27 جريمة حب
Part 28 أورلوف
Part 29 مَلِكُ الْجَحِيم
Part 30 القفص الذهبي
Part 31 دوق إيطالي
Part 32 خنجر في يد ملك
Part 33 صرخة الموتى
Part 34 جريمة الليل الأولى
Part 35: حب على الصّليب
Part 36: الإرث الأسود
Part 37 :حين يصطاد الملك
Part 38: أميرة وسط الذئاب
Part 39 : الرقص مع الشياطين
Part 4×10 : الرابع من أكتوبر
Part 41: كأس الملك
Part 42 : دم على ثلج
Part 43 : Heikō
Part 44 : فخ منتصف الليل
Part 45 : موعد مع الأميرة
Part 46: الثور في إسبانيا
Part 47 : الأمير و الأميرة
Part 48 : الوريث الحقيقي
Part 49 : النهاية
الخاتمة
فقرة الأجوبة عن الأسئلة

Part 23 أسطورة العشق الأولى

371K 14.9K 15.3K
By _ibriz_


      يسرقني مني وأرى سرقاته

                ولا نبتر يد السارق بل نقبلها ....

..............................................................................

في كل حرب هناك خسائر....بعضها مادية...تلك التي تثير غضب أسيادها....و بعضها بشرية....تُرثى بالدموع والأحزان الهائلة....وهناك النذوب أيضا...التي تخدش جسدك وتختم روحك لتلاحقك للأبد...هكذا هي الحرب....الكفة الموازية للخسارة....

وحرب العشق كذلك  لا تختلف كثيرا ....هناك من يخرج منها منتصرا بنذوب.....و هناك من يخرج منها منهزما بنذوب...النذبة دوما موجودة لان العشق يُرفق بالألم...والألم حارق...يحرق الروح قبل الجسد...

لكن مارينا لم تكن لا من النوع الأول ولا من الذي بعده.....بل كانت نوعا آخر....كانت النوع الذي غيّر معايير العشق والحرب والأحزان....كانت تخرج بعد كل عاصفة بهيئة أخرى....أكثر قوة...أكثر أشراقا وأكثر حبا من ذي قبل....لهذا لم تُهزم يوما....ونصرها الأكبر كان حفاظها على حبها....في زمن الفراق والتخلي والحبيب العاشر بعد الألف....

وحتى الآن ...وهي تشرب قهوتها  في هذا الصباح وتراقبه من النافذة كانت تجدد روحها...وعشقها...ككل مرة وككل يوم...شخص غيرها كان  سيستنشق نسيم الصباح ربما ...ويستقبل أشعة الشمس بأحضان آملة أو خائبة ربما... لكن عاشقة مثلها ...تتنفس روحها برؤيته...ويعود قلبها للنبض برؤيته...ويضيء وجهها برؤيته...

لقد كان يتحدث في الهاتف مرتديا الكحلي فغارت منه ومن جمال انعكاسه على أعينه....خصلات شعره السوداء كانت تتبعثر بفعل الهواء فيتبعثر معها نبضها وتنفسها ...أما حين يضع تلك السيجارة بين شفتيه  ويستنشقها كانت تزفر هي بخفة سامحة لرئتيها بالتنفس...

هي لم تدخن يوما...رغم شربها للكحول إلا أنها لم تدخن...فكما تمتلئ الرئة بدخان السجائر...كانت هي ممتلئة بالحب...وإذا نافست سمية الحب يوما...انسحبت كل السموم أمامها....

لذا وبابتسامة هادئة على شفتيها الملونة بأحمر العشق ...استرقت  أعينها الجميلة نظرات أخيرة لمعذبها  ثم غادرت المكان بروح مفعمة...حياة...عشقا وإدمانا...

بينما في الأسفل وأثناء تحدثه  لاحظ وولف أن  سيارة أورورا دخلت من بوابة القصر وركنتها في مكانها ..وحين ترجلت منها  أغلق هو  هاتفه بعد أن قال الكلمة الأخيرة للمستمع من الطرف الآخر ثم نظر لها بهدوء بأعينه الزرقاء  فلاحظ أنها تقدمت منه بابتسامة خفيفة وقالت :

" مرحبا أخي..."

وهكذا فقط سارعت لتتجاوزه برأس منحني وخصلات شعرها تغطي ملامحها وهذا جعله يقضب جبينه ويمد يده ليمسكها من ذراعه ويمنعها من المغادرة..ثم وبهدوء جذبها لتقف أمامه لكنها من جديد تهربت من عينيه لذا فقد مد أصابعه وأمسكها من ذقنها بلطف مخالف لبرود ملامحه  وحينها فقط لاحظ جفونها المحمرة ورغم أن أعينها كانت خالية من الدموع الا ان احمرار أنفها كذلك جعله يعلم أنها كانت تبكي ...لطالما كانت هكذا  احمرارها المخالف لبياض بشرتها يفضح بكاءها...

لذا وبفك منقبض أجبرها على النظر لأعينه الزرقاء المميتة وقال :

" من العاهر الذي أبكاك؟.."

ورغم أنه كان يمسكها بلطف إلا أن نظرة عينيه والغضب الذي بدأ يحوم حوله جعلها تخاف وضربات قلبها تتسارع داخل صدرها..وبمحاولة فاشلة للكذب قالت :

" لا أحد أبكاني أخي ...أنت فقط أسأت الف.."

قاطعها وولف هذه المرة قائلا بحدة جعلتها تبتلع ريقها توترا :

" هل مد يده عليك ؟.."

وسأكذب إن قلت أن هذا لم يوقف قلبها لوهلة..لقد علمت من يقصد...هيوغو...يا إلهي لقد حصرها في الزاوية والآن حتى إن كذبت وحاولت أن تنفي علاقة هيوغو ببكاءها فسيعرف...دوما يقرأها من عينيها...تبا لقد وقعت في ورطة..

ولأنه لاحظ صمتها فقد ابتسم ببرود شديد ومد يده مخرجا مسدسه من خلف ظهره وهذا جعل الرعشة تسير على طول عمودها الفقري  خصوصا عندما تابع ببرود وهو ينظر لها :

" لقد حفر قبره إذن..."

ثم وبهدوء وما أن تأكد من خزان رصاصاته حتى أعاده لخلف ظهره وتجاوزها مغادرا...لكنها سارعت وركضت واقفة أمامه وقالت بسرعة :

" صدقني أخي هو لم يمد يده علي...أقسم لك..."

توقف وولف ونظر لها وللخوف في عينيها ببرود ولم يرد عليها بل غادر تاركا إياها هناك تشد شعرها بخوف ...تبا ...تبا...لما دوما يحدث معها هذا....لما بحق خالق الجحيم؟...

                             ❄❄❄❄❄

 بينما وولف فقد كان يقود سيارته بملامح جامدة لكن قبضته على المقود دليل قطعي على غضبه...ولم يستغرق الأمر منه كثيرا ليصل للمكان المقصود....

لذا ركن سيارته أمام مبنى شركة آندريس وترجل من السيارة بكل برود جاذبا كل الأنظار نحوه ...لكن لم يأبه لكل ذلك بل تقدم وعبر من الباب فأصدر جهاز المسح صوت طنين دليلا على حيازته لسلاح فتقدم حارس المدخل منه ليوقفه بسرعة لكن وولف نظر له ببرود وقال :

" تقدم خطوة ...وسأفجر رأسك.."

وهكذا ودون ان ينتظر رده واصل تقدمه بينما الحارس ابتلع  ريقه وهو يتوقف مكانه فهو لا يملك ما يدافع به عن  نفسه ومن ملامح هذا الرجل هو لا يبدو أنه ينوي خيرا لذا لم يخاطر بحياته وصمت...هو أصلا لم يتعرف عليه..لكن واجبه في الحماية جعله  ينتظر مغادرة وولف و يخرج جهاز تواصله ونادى لبقية الحرس ليخبرهم بوجود شخص مسلح في المكان...

أما وولف فهو توجه نحو مكتب هذا الهيوغو والذي كان يقبع هنا في الطابق الأرضي على عكس المدراء الذين عادة ما يتخذون المكاتب في الطوابق العلوية...

لذا وما أن لمح باب المكتب حتى انقبض فكه ومد يده ليفتحه  غير عالم بكل الأنظار المندهشة والمعجبة التي كانت تتبعه...

بينما في الداخل كان هيوغو مركزا و يقرأ في الملفات في يده حتى سمع صوت فتح الباب فاستغرب خصوصا وأن الشخص لم يطرق..لكن ما أن رفع رأسه ورأى وولف يقف أمامه تحول استغرابه لتفاجئ  فترك  ما في يده ونهض من كرسيه متقدما منه وقال :

" سيد وولف...لم أعلم أنك ستزورني هنا ال...."

لم يكمل هيوغو كلامه لأن وولف لكمه بقوة أسقطته أرضا وجعلت بعض الدماء تسيل من أنفه وشفته العليا...

سارع هيوغو بالإمساك بأنفه متأوها  بألم وحاول الوقوف ممسكا بالمكتب ليستند عليه وقال :

" ما الذي يحد...."

ومجددا لم يسمح له وولف بالحديث..عندما أمسكه من ياقته ليوقفه ولكمه من جديد على وجهه تاركا إياها ليسقط مرة أخرى بينما هو يناظره بلامبالاة وببرود... وبعدها انحنى على ركبته وأمسكه من عنقه بقوة وقال ببرود شديد مماثلا لبرود ملامحه :

" هل حقا كنت تعتقد  أنك ستعبث معي؟.."

نظر له هيوغو باستغراب وهو يحاول الإفلات من قبضته لكن وولف لم يسمح له بل تابع بنفس النبرة :

" لقد كنت أدعي أنني لا أعلم لأمنحك فرصة لتتراجع عن غباءك أيها العاهر...لكنك أغبى مما تصورت..."

تحولت ملامح هيوغو للبرود فجأة رغم أنه كان يختنق وهذا جعل إبتسامة باردة مميتة تظهر على شفاه وولف ...جيد الآن فهم العاهر...لذا فقد أفلت عنقه ووقف مكانه تاركا الآخر يستعيد أنفاسه ثم نظر له وقال :

" أنا كنت على علم بهويتك وهدفك قبل أن تخطو بقدمك لباب القصر...أصلا لم أنسى يوما وجهك ...."

 وقف هيوغو مكانه ومسح الدماء من وجهه بباطن كفه و نظر له ببرود مماثلا للطريقة التي كان يرمقها بها وولف والذي أضاف قائلا :

" هذه آخر مرة...وأنا أعنيها...أختي خط أحمر...ان اقتربت منها مجددا...أو لمحت طيفك اللعين حولها...حينها حتى الشياطين ستعجز عن إيجاد أشلائك..."

وهذا جعل إبتسامة تلوح على شفاه هيوغو المدمية والتي بدت لوولف مستفزة خصوصا حين قال بحقد :

" فات الأوان على ذلك وولف سييرا..."

نظر له وولف ببرود وفي ثانيتين  أخرج مسدسه وأطلق  رصاصة على يده بالضبط ودون أن يرمش...فصرخ هيوغو ممسكا بيده والدماء بدأت تسيل منها وهذا جعل وولف يتقدم منه متجاهلا صرخاته ثم وببرود ودون أي رحمة أمسك يده موضع الرصاصة وضغط عليها بقوة بفوهة المسدس فصرخ هيوغو بقوة أكبر وانقبض فكه ألما وحاول إبعاد يد وولف...لكن قبضته كانت محكمة..بل أنه مد يده الأخرى ليسد له فمه ويمنع صوته من الخروج دون أن يتوقف للحظة على الضغط على الجرح جاعلا من الدماء تسيل أرضا  ثم قال ببرود :

" هل هذا تهديد أيها العاهر؟..."

وببساطة لم يستطع هيوغو أن يجيب لأن يد وولف تمنعه ولأنه مع كل كلمة كان يضغط على جرح الرصاصة أكثر...كأن هذا يسليه...وبالفعل فوولف عندما راقب الألم يغزو ملامح الوغد ابتسم ببرود شديد ...ولأنه أراد محو تلك النظرة من عينيه فقد أراد وضع بعض الملح على الجرح لذا أردف بنبرة ميتة خاوية :

" هل تتذكر تلك الليلة هيوغو؟...عندما قتلت والدك إبن العاهرة  أمامك...."

ورغم كل الألم ورغم الصيحة المكتومة لهيوغو إلا انه عند عبارة وولف نظر له بكل الحقد الموجود في العالم وهذا جعل وولف يبتسم باستمتاع ويضيف :

" تتذكر أليس كذلك؟...كيف كنت مختبئا أسفل الأريكة وتنظر لي بأعين مليئة بالرعب وأنا أقتلع أحشاءه من مكانها....وصراخه وصل للجحيم السابع....."

حاول هيوغو الإفلات من قبضة وولف بعد أن تصاعد غضبه لكن وولف لم يسمح بل ضغط على الجرح أكثر ليثبته وقد نجح بذلك خصوصا وأن العرق بدأ يتصبب من هيوغو والدماء تسيل بغزارة..لكن لم يبال بل تابع ببرود :

" في كل مرة تفكر بالوقوف في وجهي أيها الغبي أريدك أن تتذكر تلك اللحظة جيدا....عندما اقتلعت قلب والدك ومزقته أمامك....أريدك أن تشعر بنفس الرعب الذي رأيته في عينيك حينها...أريدك أن تتذكر من هو وولف سييرا....لأنه في المرة القادمة التي تريد فيها اللعب ضدي....لن يتوقف الأمر عند اقتلاع أحشاء والدتك  أو حرق قلبها المريض ...بل سأريك الموت في عز النهار...."

وهكذا فقط وبكلماته هذه التي أصابت هيوغو أعمق من الرصاصة في يده وأكثر إيلاما منها ....أفلته بعد أن أبعد مسدسه عن جرحه ومسح فوهته المليئة بالدماء في قميص هيوغو بلامبالاة على عكس الآخر الذي سارع بإمساك يده بألم وبوجه أحمر منقبض وبأعين كارهة لوولف الذي نظر له بجمود وأعاد مسدسه خلف ظهره ثم نظر له للمرة الأخيرة وقال :

" أعتقد أن رسالتي كانت واضحة...وبخصوص عقابك..لنقل أنك فتحت أبواب الجحيم على نفسك....أريدك أن تراقب انهيارك منذ هذه اللحظة...."

ومع كلمته الأخيرة  أغلق أزرار سترته ونظر له للمرة الأخيرة  بسخرية ثم توجه نحو الباب وفتحه لتقابله الكثير من الوجوه المنصدمة  والتي كانت تقف خارجا...لا بد وأنهم سمعوا صوت إطلاق النار...لكنهم لم ينطقوا بحرف ...بينما هو لم يبال...بل وأخرج منديله ومسح الدماء من يده ثم ألقاه أرضا وغادر غير آبه بكل تلك الفوضى ...

هو دمر عشائر مافيا وقتل رجال مافيا كذلك برتبة  ومكانة أهم....و شاب كهيوغو آندريس أشبه بسمكة صغيرة وسط بحر من القروش...القضاء عليه لا يستهلك لا جهدا ولا أي لعنة....

عندما وصل وولف أمام جهاز المسح ومر عليه من جديد أشار ذلك الحارس لبقية رجال الأمن الذين كانوا ينتظرون هناك بأنه هو المقصود لكنهم كانوا متصنمين مكانهم ولم يتحرك أحد لإيقافه....وعندما غادر المكان نهائيا...التفت رئيس الأمن لذلك الحارس وقال له بتفاجئ :

" هل أحضرتنا أيها الأحمق لنلقي القبض على وولف سييرا...؟ هل هذه مزحة لعينة ؟..."

نظر الحارس لهم باستغراب فقال آخر له :

" هو يحكم إسبانيا اللعينة....هل تدرك معنى هذا ؟....لذا ان كنت لا تريد أن تجد نفسك في قارب متجها  لسيريلانكا أين سيبيعون أعضاءك عديمة القيمة من الأفضل أن تدعو ربك ألا تقف في طريق وولف سييرا من جديد...."

نظر ذلك الحارس لموضع اختفاء وولف ثم للحراس من جديد وابتلع ريقه...تبا...هل كان على وشك الموت اليوم....ولما لم يخبره أحد من قبل عن وولف سييرا هذا بحق الرب؟....

.....................................................................................

 في وقت متأخر قبيل غروب الشمس ...كانت أورورا تجلس على سريرها وتحرك قدمها بتوتر بينما تمسك رأسها بين يديها...منذ خروج وولف صباحا لحد الآن وهي بانتظاره وفي نفس الوقت خائفة من عودته من أن تجد أنه قتل هيوغو أو عائلته...

لم تتجرأ حتى أن تخرج من غرفتها أو تتصل به...ولكن فجأة  طرق أحدهم باب غرفتها فانتفضت مكانها لأنها كانت شاردة..ومع ذلك فقد أذنت للطارق بالدخول بعد أن اعتدلت في جلستها...وما أن فتح الباب وأطل منه وولف خفق قلبها بقوة خوفا من أن تسمع أخبارا سيئة...

لكنه تقدم منها وبكل هدوء ثم جلس بجانبها على حافة سريرها وبكل هدوء دون أن ينظر لها وبقي صامتا....

لذا فقد إستدارت له بجسدها وظلت تنظر له دون أن ترمش منتظرة منه أن يتحدث ...أن يجيبها....

وفعلا....ثواني حتى نطق وولف وبكل هدوء وهو ينظر للفراغ بشرود :

" أنا آسف..."

وضعت أورورا يدها على فمها من الصدمة واغرورقت أعينها بالدموع معتقدة أنه يعتذر لأنه قتله...لكن وولف التفت لها ونظر لأعينها الزرقاء الواسعة واسترسل بهدوء :

" أنا لم أقتله...."

أبعدت أورورا يدها عن فمها ونظرت له بغير تصديق بأعينها التي تحمل دموعا مكبوتة عاجزة عن إخراج أي حرف لكنه أومأ برأسه مؤكدا فزفرت بارتياح...جعله يحدق بها لمدة بملامحه الهادئة ثم أضاف :

" أنا آسف لأنك تدفعين ثمن كونك أختي..."

زمت أورورا  شفتيها بعبوس و دون وعي منها سقطت دمعة يتيمة من عينيها فسارعت بمسحها بينما وولف أبعد أنظاره عنها وقال بهدوء لكن بتقضيبة بين حاجبيه :

" لقد حاولت دوما أن أبعد الأذى عنك...لكن اليوم انكسر قلبك فقط لأنك أختي..."

ورغم أنه لم يعترف بهذا قبلا لكنه يعلم داخله أنه صحيح...لطالما كان خائفا أن يستغل أحد حقيقة أنها أخته ويؤذوه بها....منذ صغرها أبعد عنها كل الشبان الذي أحبوها لمالها ..كل من له ماض سيئ وقد يؤثر عليها سلبا أخرجه من حياتها...كل من أبكاها...أبكاه دما ....لقد كانت أخته الصغيرة...الأخت التي لم يتصور يوما أن يحظى بها....لم يظهر حبه لها يوما لكنها في نظره ستظل تلك الفتاة الجميلة الصغيرة التي كانت تهرب خوفا منه وعندما تقع في الخطر تحتمي به...

واليوم لم يستطع أن يحمي أهم شيئ...قلبها...لقد كسره ذلك الوغد...وهو لا يحتاج أن يخبره أحد ليعرف بما حدث معهما...

أخرجه من أفكاره صوت أورورا وهي تقول بهدوء ولكن الحزن جلي على ملامحها :

" لقد حميتني دوما حتى منه هو حذرتني...أنا من لم أسمع كلامك...لذا أنا من يجب أن أعتذر ...."

نظر لها وولف بصمت وهذا جعلها تنظر له وتقول :

" لقد كنت تعلم أليس كذلك؟..كنت تعلم أنه يستغلني ليصل إليك لهذا اعترضت على زواجنا...؟..."

انقبض فك وولف رغم حفاظه على هدوء ملامحه ثم أومأ برأسه مؤكدا كلامها وحينها ابتسمت هي بحزن و نظرت له وقالت :

" ما الذي يجمع بينكما وولف ؟ ..."

نظر لها هو بأعينه الزرقاء المميتة ولم يجب عن سؤالها لكنها أمسكت بيده بين كفيها كأنها ترجوه بطريقة غير مباشرة أن يخبرها وهذا جعله ينظر لها ويقول بجدية :

" مشكلتي مع عائلة آندريس كبيرة أورورا...وهذا ما يجب عليك معرفته..."

قضبت أورورا جبينها باستغراب لما قاله...مشكلته ليست مع هيوغو بل مع العائلة بأكملها؟ ...

وحينها لم يخطر على بالها سوى سبب واحد وفجأة لذا وبتردد نظرت لوولف خائفة  من قول الكلمات التالية ...لكنها لم تعي سوى على نفسها وهي تردف:

" هل يمكن أن لهم علاقة بمسألة اختطافك قديما؟...."

تجمد وولف مكانه بسبب ما قالته وتحولت ملامحه للبرود..حتى أنها لاحظت أنه قبض على يده بقوة وهذا جعلها تبتلع ريقها توترا ليس خوفا منه بل خوفا من أن تكون فتحت جرحا لم يرد هو تذكره لذا استجمعت شجاعتها ومدت يدها ووضعتها على فكه لتحثه على النظر لوجهها وحين فعل ولاحظت البرود الذي غلف عينيه علمت أنها محقة....هم حقا السبب في ما حدث له قبل سنوات...يا إله السموات...ما الذي يجري؟...

ودون وعي منها سقطت دموعها على وجنتيها ومن ثم تحولت لشهقات خافتة بينما هي تنظر له وسط دموعها كأنها تعتذر له...لأنها ذكرته ولأنها شكلت نقطة ضعف لديه استغلها أعداءه...وهذا جعل وولف يتنهد ثم يمسح على وجهه بعنف وينظر لها ولملامحها المنكسرة وللدموع   التي كانت تتسابق على وجنتها بصمت ...لذا و بخفة مد يده ومسح دموعها فنظرت له حينها بأنف محمر ودموع مغرورقة  ثم اقتربت منه وألقت برأسها على حضنه الواسع والذي جعلها تبدو صغيرة أمام ضخامة جسده...

ولأن وولف لم يعرف كيف يواسيها بالكلمات فقد وضع يده على رأسها بخفة وتركها تبكي على صدره بصمت....وتمنى لو كان بإمكانه أن يوقف ألم الخذلان والكسر الذي تشعر به...لكنه يعلم...أنه لا توجد طريقة لذلك....تبا...

❄❄❄❄❄❄❄❄❄❄❄❄❄❄❄❄❄❄❄❄❄❄

في الأسفل ورغم أن وقت العمل إنتهى ألا أن مارينا كانت تجلس في طاولة جانبية في غرفة الجلوس بجانب النافذة حيث تسللت بضع من آخر أشعة الشمس عبرها...بينما هي كانت مركزة تماما على ما تكتبه على  الحاسوب  وعلى الأوراق المبعثرة أمامها ومن حين لآخر كانت ترتشف بعضا من القهوة المستقرة على يمينها...فقط لتدفأ قليلا فالجو بارد نوعا ما ....

رغم أنها كانت ترتدي قميصا صوفيا رماديا ببضع ألوان أخرى متداخلة مع تنورة من نفس اللون كذلك بربطة  جانبية أنيقة وشعرها الناري كان منسدلا على ظهرها باستقامة  تامة دون أي تموجات وقد منحها هذا منظرا هادئا جميلا على عكس الكحل الأسود الذي زين أعينها وأضاف كذلك حدة للون العسل في عينيها مع أحمر شفاهها القاتم ذاك ...

وأثناء ذلك سمعت صوت اقتراب خطوات من غرفة الجلوس فرفعت رأسها لتجد أنه وولف الذي كانت هناك تقضيبة بين حاجبيه وهو يضع يده داخل جيب سرواله واليد الأخرى يمررها على فكه وعلى ما يبدو كان شاردا مما يعني أنه حظى بحديث جدي مع أورورا...وأثناء مراقبتها له انتبه هو أخيرا لوجودها هناك فاختفت التقضيبة من ملامحه وأمال رأسه للجانب عندما رآها تجلس هناك وتعمل لذا وبخطوات هادئة  تقدم منها حتى كان مقابلا لها ونظر للأوراق حولها ثم لها و قال بهدوء وأعينه صوب خاصتها:

" لم ينته عملك على ما يبدو..."

ابتسمت مارينا بخفة وقالت :

" لا ..تبقى القليل فقط.."

وهذا جعله يهز رأسه بإيماءة خفيفة بينما هي نظرت لقبضته حيث كانت هناك جروح طفيفة هناك تدل على لكمه لشخص ما ورغم أنها أرادت أن تعبس بسبب ذلك إلا أنها حافظت على هدوء ملامحها وحينها انتبه هو لموضع نظرها فرفع حاجبه وقال بجدية :

" عمل مهم ..."

ابتسمت مارينا بخفة وقالت :

" وهل العمل المهم يتضمن ضربه لهذه الدرجة..."

ظهر شبح إبتسامة على شفاه وولف كونها علمت من ضربه لذا فقد رد عليها بنبرة هادئة:

" لقد تحكمت في نفسي جديا..."

وهذا جعل إبتسامة أخرى تلوح على ملامحها الجميلة وهي تقول له بهدوء :

" أعلم...وهذا أمر جيد لأورورا فهي في وضع حساس.."

وهذا مجددا جعله ينظر لها بهدوء بأعينه الجميلة كونها علمت بالضبط سبب فعله لذلك...فهي محقة..هو أراد قتل هيوغو لكنه يعلم أن صدمة أخته اليوم لا تحتاج صدمة أخرى...

لذا فقد قال لها بهدوء :

" كيف تعلمين بهذا ...أنا لم أخبر أحدا.."

أغلقت مارينا الحاسوب ثم وضعت يدها تحت ذقنها ونظرت له بهدوء وقالت :

" ليس من الصعب تخمين ذلك وولف...لقد رأيت حالة أورورا وحالتك اليوم...لذا لا بد أنه هو السبب..."

أبعد وولف خصلات شعره التي سقطت على عينيه ثم نظر من النافذة لثواني كأنه يريد قول شيئ ما ولكن في نفس الوقت لا يريد قوله ومع ذلك فبعد مدة  من صمته وتحديقه خارجا وتحديقها هي به ...قال فجأة و بجدية لكن بنبرة هادئة  :

" أورورا هي أختي الوحيدة...لقد فعلت كل شيئ و طوال حياتي لحمايتها ليأتي أحمق كهذا و يكسرها .....لقد أردت قتله بعد أن أكسر كل عظمة لعينة في جسمه..."

كانت مارينا تستمع لكلماته الهادئة بلمعة في عينيها لأنها تحب عندما يشاركها أفكاره ولأنها دوما منبهرة  منه...فهو شخص يبدو أجوفا من الخارج لكنه في الحقيقة ممتلئ بأمور كثيرة يصعب على البقية رؤيتها...كاهتمامه بعائلته..كيف أنه يصبح كالوحش حقا إن أذاهم شخص ما...وكيف أنه ورغم قساوته إلا أنه عندما يرى دموع أخته أو صغاره يلين رغم أنه لم يظهر ذلك يوما..إلا أن أفعاله تترجم كل ذلك...فمع وولف يحتاج المرء أن ينظر  بعمق وبتركيز  ليعرفه...وهل هناك أصدق من عيون القلب ؟....قلبها هي...

ولأن وولف لاحظ صمتها فقد نظر لها ولملامحها الهادئة و لأعينها التي زادت جمالا بالكحل الأسود وقبل أن يتحدث أردفت هي بنبرة هادئة ولكن واثقة :

" أنت محق....لو كنت مكانك كنت سأفعل المثل وربما أسوء..."

ورغم أنه اعتقد  انها ستقول عكس ذلك...إلا أنها فاجئته لوهلة بتصريحها وهذا جعله يتذكر أنها ليست مارينا باربوزا فقط..بل هي الروي أيضا...وهي ليست شخصا معروفا بسماحه للتجاوزات لذا فقد ابتسم بخفة وقال :

" أجل أعلم ...تقطعين الرؤوس أنت...."

ابتسمت مارينا ابتسامة جميلة وقالت :

" أنت تعلم حقيقتي فهذا الوجه ليس كل شيئ ..."

هز وولف رأسه بموافقة وشبح ابتسامة يلوح على شفتيه وقال :

"  تقصدين الجزء المظلم خلف هذا الوجه الجميل..."

ورغم أن قلبها كان يخفق سعادة لابتسامته ولأنه وصفها بالجميلة  إلا أنها لم تعلق على ذلك بل قالت :

" ألست أنت من أخبرني أن هذا التناقض جذاب ....هل تغير رأيك الآن ؟..."

وبنفس الإبتسامة على وجهه قال :

" لا ...لا زلت على رأيي..."

وهذا جعلها تميل برأسها بابتسامة سعيدة على ملامحها جعلتها تبدو أجمل بكثير وهو يراقب اللمعة في أعينها العسلية ...

وقبل أن يتحدث أحدهما بالمزيد لاحظ وولف من النافذة أحد رجاله قد أحضر له سيارته كما أمره قبل أن ينزل وهذا جعله يتذكر أنه كان سيغادر ...

" هل ستخرج...؟.."

جاءه صوت مارينا الهادئ وهي تنظر له بابتسامة خفيفة بعد أن لاحظت أنه كان ينظر للخارج لذا فقد أجابها بهدوء :

" أجل كنت سأخرج لأقوم بجولة فقط."

وهذا جعلها تومأ برأسها بخفة بينما هو اعتدل في وقفته وأغلق زر سترته وأوشك  أن يغادر لكنه توقف لوهلة واستدار لها من جديد ثم قال بجدية :

" هل تودين القدوم معي ؟.."

نظرت له مارينا بابتسامة هادئة وقالت :

" لا أريد أن أتدخل في وقتك الخاص..."

وهي تعلم أن وولف أحيانا يحتاج ليبقى لوحده ويصفي ذهنه..لقد كان يفعل هذا من حين لآخر...أحيانا يختلي بنفسه...وأحيانا جولات صباحية أو مسائية كهذه...و أحيانا بالتدريب ...ورغم أنها تريد مشاركته في أموره الخاصة....إلا أنه من واجبها منحه مساحة شخصية خاصة...كل شخص يحتاج لمساحة خاصة دون أي تدخل...وهي لا تريد التعدي على ذلك....

لكن وولف كان له رأي مخالف فقد قال جاذبا انتباهها وبنبرة هادئة لا تخلو من الجدية :

" وجودك لن يكون تدخلا...لذا هيا يا باربوزا شاركيني جولتي الليلة..."

ودون وعي منها ابتسمت له إبتسامة صادقة وصلت لعينيها وقلبها الهائج داخل صدرها ...لقد قالها بهدوء كأنه يطلب أمرا ولكن بطريقة أسعدت قلبها العاشق ...

والآن الحمقاء فقط من ترفض طلبا كهذا ومارينا باربوزا بعيدة كل البعد عن الحماقة....

لذا فقد نهضت  من مكانها و مدت يدها لخلف الكرسي وحملت معطفها الأسود الأنيق الذي يتجاوز طوله طول التنورة بإنشات ثم تقدمت منه ليغادرا سويا....

..................................................................................
...............................................................................

بعد فترة ليست طويلة من القيادة وتبادلهما للأحاديث أثناء ذلك أوقف وولف سيارته في رصيف ما وأطفأ المحرك ثم نزل كلاهما من السيارة ونظرا لما يقابلهما وحينها نظرت مارينا لوولف بابتسامة وقالت :

" لم أعتقد أبدا أنك تزور مكانا كهذا ..."

هي كانت  تعلم أنه متعود على القدوم هنا لكنها لم تسمع يوما رأيه حول هذا لذا قالت ما قالته...

هذا المكان هو معبد ديبود وهو موقع أثري يعد من أشهر المواقع في مدريد مليء بالسياح نهارا وخال ليلا...هو في الحقيقة معبد مصري قديم تم إهداءه لإسبانيا قبل عدة عقود من الزمن ....ولا بد أن وولف يحب القدوم هنا كي يبقى لوحده فالمكان خال كما قلت كما أنه جميل جدا....

وفعلا فقد أجابها وولف مؤكدا تخميناتها قائلا :

" بالتأكيد أنا لا آتي هنا لأنه مكان عبادة بل لأنه خال ويمكنني تناول بعض الشراب دون أن يزعجني أحد...."

فلتت قهقهة خفيفة منها وهي تنظر للمكان الجميل حولهما... أجل وولف يشرب بعضا من الكحول في وسط معبد....وتتساءلون لما يلقب بالوحش...

بينما هو فقد ابتسم بخفة ثم لاحظ أن الرصيف الذي يؤدي للمعبد غير مستقيم الأرضية وهي ترتدي كعبا لذا وبهدوء  مد يده لها لتمسك بها..ومجددا نظرت ليده بقلب يخفق داخلها لكنها أمسكتها  دون أي تردد وسمحت له بأن يقود الطريق ممسكا بها...تبا لو أخبرها أن تمسك يده نحو الجحيم ستفعلها لكنه يمسكها متوجها نحو معبد ورغم غرابة هذا إلا أنها أحبت الأمر...

لذا فيدا بيد كانا يسيران على طول الرصيف مارين بالبوابات الحجرية التي قادتهم لذلك الفناء المفتوح ثم ذلك الدرج الذي يقود للمعبد أين توقفا هناك وجلس كلاهما على تلك الدرجات الكبيرة محدقين بالبوابات أمامهما وبالمياه التي تحيط بالمعبد من كل مكان وانعكاس السماء عليها....

وحينها قال وولف بهدوء وهو يخرج علبة سجائره من الجيب الداخلي لمعطفه:

" هل تعرفين قصة هذا المكان ؟.."

أومأت مارينا بابتسامة وقالت :

" أجل...أسطورة الحب الأولى في تاريخ البشرية.."

وهذا جعله ينظر لها لوجهها الذي انعكست عليه إضاءة المكان بجمال وقال :

" وهل تؤمنين بها.؟"

إلتفتت مارينا له وقالت بهدوء :

" لا أؤمن بالأسطورة لكن العشق فيها ...أؤمن به..."

وهي كانت محقة....هذا المكان هو في الحقيقة معبد إيزيس ويتلو بين جدرانه قصة عشقها هي و زوجها أوزوريس...حيث أنه كان إله البعث ورئيس محكمة الموتى وفقا للأساطير المصرية ...وحين تم قتله ...قاموا بتقطيع جثته ل42 قطعة ونشروها  في أنحاء مصر حتى لا تجدها إيزيس..لكنها لم تستسلم بل ظلت وفية له و بحثت عنهم جميعا حتى وجدتهم وأعادته للحياة مرة أخرى ...

هي لا تؤمن بالأسطورة لكنها تؤمن بالحب فيها...كيف أن عاشقة كإيزيس لم ترضى أن يكون الموت ختام قصة حبهما وكيف أنها لم تيأس وظلت تركض من مكان لآخر بحثا عن أشلائه...هكذا هو العشق..ولهذا كانت قصتهما أول أسطورة حب... قبل قيس وليلى ..قبل روميو و جولييت....قبل باريس وهيلين وحتى قبل كليوباترا وأنطونيو...

" إذا فكرنا بالأمر يا باربوزا...أنت تشبهينها..."

أخرجها من أفكارها صوت وولف فنظرت له  بابتسامة وقلبها يخفق بقوة وقالت :

" حقا؟ .."

نفث وولف الدخان في الجهة المعاكسة لمارينا ثم نظر لها وقال :

" التضحية من أجل الحب هو ما تشتركان به..."

ظلت مارينا تنظر له بأعين لامعة وبنفس تلك البسمة ولكن لأنها لم ترد أن تفضحها ملامحها فقد نظرت وبعيدا وقالت :

" ربما....لكن أعتقد أنها كانت أفضل مني..."

نظر لها وولف باستغراب طفيف وحينها قالت هي بنبرة هادئة وهي تنظر للمياه :

" هي  استطاعت إحياءه وأنا لم أستطع..."

توقف وولف عن التدخين فجأة وهو يستمع لكلامها...

ولأن مارينا إلتفتت لجهته ولاحظت أنه ينظر لها بأعينه الزرقاء بغرابة بعد أن أبعد سيجارته فقد ابتسمت بخفة إبتسامة لم تصل لعينيها وقالت :

" أشكال الموت تختلف...وفي حالتي لم أستطع منع قلبه من الخسارة..."

عندما استوعب وولف ما قالته  ظهرت نظرة غريبة في ملامحه و سارع بوضع السيجارة في فمه مبعدا عينيه عن عسليتاها  محاولا أن يستمد بعض الثبات من سم السيجارة فما قالته توا عبث بلعنته جديا خصوصا وأنه يعلم قصدها...

بحق الرب هو لم يفهم يوما كيف لقلبها أن يضم كل هذا ...أن يضم التضحية والوفاء والألم وحتى الفن والظلام...والأهم من ذلك كيف له أن يحتوي كل هذا الحب نحوه....

قلبه خسر فعلا...ولكن  النظرة في عينيها توا أشعرته أنها خسرت مكانه ...وأن موته الداخلي لم يتلو طقوسه لوحده بل شاركته تلك الطقوس حتى وإن لم تكن موجودة جسدا......

ولأن مارينا لاحظت صمته فقد ابتسمت بخفة وقالت :

" لم تبد رأيك هذه المرة..."

فلأنه كان دوما يملك رأيا تجاه كل ما تقوله بخصوص هذا..قد استغربت امتناعه هذه المرة ..غير عالمة أن ما قالته حرك شيئا داخله لوهلة جعلته يتوقف كشخص يحاول إستعادة أنفاسه ....

ومع ذلك فعندما صرحت بهذا ...نظر لها هو بعينيه بهدوء لعدة ثواني أربكتها داخليا ثم قال بروية كأنه يملك كل الوقت في العالم  :

" لطالما حاولت أن أفهم يا باربوزا...كيف لك أن تبتسمي وذلك البؤس والحزن مخفي داخلك...أراه ينعكس فقط في موسيقاك...."

ابتلعت مارينا ريقها بسبب ما قاله ...لأنه لمس الوتر الحساس والصحيح بالضبط لهذا دوما كانت تتهرب من عينيه عندما تصل لذروة مشاعرها...لأنه شخص يجيد قراءة الأشخاص وروح عاشقة مثلها ...العشق مرسوم على كل إنش من ملامحها ...لذا فبهدوء مدت أصابعها الطويلة الناعمة و أبعدت خصلات شعرها الناري الذي تلاعبت به الرياح تحت أنظاره المتفحصة لها ثم قالت بهدوء شديد :

" الأمر ليس بذلك السوء....في البداية يكون صعبا...لكنك تتعود عليه ....مع مرور الوقت ومع كثرة الجراح ..."

أطفأ وولف سيجارته وهو يتمعن في كلماتها ثم نظر لها وقال :

" لكنك لم تكوني مجبرة على ذلك...لما لم تكوني أنانية لمرة واحدة من أجل قلبك..."

أجل رغم أنه يعلم إلا أنه حقا تمنى لو كانت أنانية...لو فكرت في سعادتها يوما وتوقفت عن التضحية...أن تأخذ ما يفرحها ولو كان بين براثن الجحيم....

وهذا جعل مارينا تبتسم بخفة وتنظر له قائلة :

" كل شخص في هذا العالم يختلف مفهومه للحب وولف...البعض يراه وقوعا....البعض يراه جنونا....و البعض يراه حياة...أما الأنانية والكبرياء فهما يشنقان الحب ويسلبانه قيمته...."

نظر لها وولف بأعينه الزرقاء الجميلة بتفحص لثواني ثم ظهر شبح إبتسامة على شفاهه  وقال :

" وما هو مفهومك أنت ؟..."

ومباشرة أجابته بهدوء وبتلقائية لكن بنبرة واثقة :

" هو إحترام ...تضحية....ألم...والكثير من الحياة..."

مرر وولف يده على فكه بنفس الإبتسامة الخافتة على شفاهه والتي دون وعي منها جعلتها تبتسم كذلك وتضيف :

" لهذا أنا في هذه الحالة سيد سييرا...لأنني احترمت رغبته وحافظت على احترامي...ولأنني ضحيت من أجل سعادته لأحافظ على حياتي....أما الألم فهو رفيق كل هذا..."

ورغم جمال ما قالته إلا أنه  جعل الإبتسامة تختفي من ملامحه....لأنه يعلم أنه المقصود ....وسماعه لها تقولها هكذا يختلف عن سماعها تقولها تحت جهله.....الآن هو قد فهم كل شيئ لم يستطع فهمه قبلا.....هي احترمت حبه لآنجل ولم تدخل لحياته كي لا تخسر احترامها كونه لن يبادلها....ضحت من أجل سعادته مقابل أن يعيش هو بسعادة ...لهذا أخبرته أنها لم تستطع حماية قلبه....بسبب وفاة آنجل....

انه الآن يشعر بالكثير من التشوش...العديد من الأفكار تدور داخله...الكثير من المشاعر تحتاج أن يفسرها...والكثير من الأمور يريد أن يقولها لها الآن لكن لسبب غريب لم يفعل...حبها كان عظيما جدا ....وقلبه كان قاسيا جدا...ومع ذلك لم يستطع ألا يهتز لما قالته....

هو يعلم أن الحب من طرف واحد يسبب الخسارة لأحد الأطراف دوما...ولعله مهما حاول أن يفهم لأي درجة لن يستطيع يوما...فما عاشه هو كان حبا متبادلا وحتى ذلك كسره....فماذا عنها هي ....

أخرجه من أفكاره صوت مارينا التي تقول بهدوء وهي تحمل علبة سجائره الموضوعة وسطهما:

" أصعب أنواع الحب هو الحب المتبادل لأنه لا يرضى سوى بالموت المشترك..."

وهذا ورغم تفاجئه لم يظهر ذلك على ملامحه...لقد توقف عن التفاجئ من قدراتها على قول ما لا يستطيع قوله لذا اكتفى بالنظر لها بينما هي مدت علبة السجائر له وقالت :

" ما رأيك أن تدخن سيجارة مكاني...."

أخذ وولف السيجارة منها وأشعلها وهو ينظر لها بحاجب مرفوع فابتسمت وقالت :

" هناك آلام إذا أخرجها المرء من داخله عليه أن يملأ مكانها بنوع من السموم كي لا يعود هناك أمل لاحتلالها لنا ..."

ورغم غرابة هذا إلا أن وولف ابتسم ونفس الدخان ثم قال :

" وهل نجحت الطريقة معك..."

نظرت له مارينا بهدوء وقالت :

" لا...لكنني أحب الإيمان بأنها ستنجح يوما ما..."

وهذا جعل ابتسامته تتوسع  وهو ينظر لملامحها الهادئة الجميلة...بينما هي سعادتها من كانت تتوسع وهي تنظر له ....

لقد قضي عليها حقا في حرب العشق هذه....

حربها معه كانت خاسرة لأن كل  جنودها ارتدوا.......صفوفها الأمامية كانت قلبها وذاك انحنى دون خجل عند تلاقي أعينهما ....وسلاحها الأقوى كان برودها وحتى ذاك انصهر عندما لفحتها حرارة الحب....

الجريح كانت روحها...و الفقيد كان قلبها أما التعب فكان من نصيب أعصابها التي انعقدت بسبب حبها وأحزانها....أخبروه أن يهدأها أرجوكم....ألم يحن لهذه العاشقة وقت لتزهر فيه؟!

لكن الموت والخسارة  كانا دوما الوجه الآخر  للعشق ....فكيف نلوم هذا العدو اللذيذ الذي كان يقف أمامها إذن....فهو يشبه الخطيئة التي تجذبك إليها ألف مرة ومرة....

🎬🎬🎬🎬🎬🎬🎬🎬🎬🎬🎬🎬🎬🎬🎬🎬🎬🎬🎬🎬

مرحبا يا مافيوزا 😊🚬

الفصل طويل وظريف كما وعدتكم في موعده بالضبط😁

أولا قبل أن نبدأ أعلم أن هناك قراء لم يقرأوا سوى عاشقة في الظلام من أعمالي وسيعتقدون أنني كنت غائبة لمدة...حسنا يا رفاق أنا كنت متواجدة هنا☺...كنت فقط أنزل في الروايات الأخرى 😁😁..

وإذا كنتم تتساءلون عن معنى مافيوزا فهو اللقب الجديد الذي أطلقناه على كل عضو منظم لعائلتنا...وبعائلتنا أعني المافيا خاصتنا🤗

الفصل إهداء للجميلة التي فازت في الانستغرام باعتبارها أول من أجابت الجواب الصحيح😌( عندما ترسلين إسم حسابك سأكتبه 🤭)

الفصل القادم هذا الأسبوع أيضا بإذن الله 😌

نعود للفصل😁 أعلم أنه بدون تعديل 🤦‍♀️

لا علينا.......طبعا أنتم تتساءلون ما الذي حدث بحق خالق السماء؟  لما أورورا كانت تبكي وما الذي حدث؟😶😶

هذا سيتوضح في الفصل القادم 😎

علاقة هيوغو بماضي وولف😌

هيوغو هل نبدأ بحساب عده التنازلي😏

وولف اللطيف وتدخله الألطف 😊

وطبعا مارينا☺ عاشقتنا الجميلة....أوصلت وولف لدرجة أن يأخذها لمعبد 🚶‍♀️🚶‍♀️

ما رأيكم في أسطورة العشق الأولى🖤

الفصل بصفة عامة🤗

المهم آمل أن يكون الفصل قد أعجبكم يا مافيوزا😁

نلتقي في الفصل القادم بإذن الله 😚

أحبكم يا أحلى و أخطر  عائلة في العالم 😘

              ⚔ملكة الظلام⚔

Continue Reading

You'll Also Like

3.8M 57.3K 66
تتشابك أقدارنا ... سواء قبلنا بها أم رفضناها .. فهي حق وعلينا التسليم ‏هل أسلمك حصوني وقلاعي وأنت من فرضت عليا الخضوع والإذلال فلتكن حر...
13.8K 1.9K 15
مع كل خطأ نرتكبه نتعلم درسا يقِينا من تكرار ذات الخطأ طوال حياتنا، فالأخطاء تبنينا، تعلمنا، تجعلنا نبكي أحيانا للننهض بعدها بقوة أكبر نمسح تلك العبرا...
805 190 13
لكلِّ كتابٍ أو روايةٍ أو حتَّى أقصوصةٍ جوانبٌ تختلفُ من شخصٍ إلى آخر، بحسبِ وجهةِ كلِ واحدٍ، فتعال معنا نأخذكَ إلى وجهةٍ لم تكن تراها في كتابٍ قرأتَه...
1.2M 21.8K 61
نتحدث هنا يا سادة عن ملحمة أمبراطورية المغازي تلك العائلة العريقة" الذي يدير اعمالها الحفيد الأكبر «جبران المغازي» المعروف بقساوة القلب وصلابة العقل...