عاشقة في الظلام

By _ibriz_

19.8M 695K 977K

لم يكن بزعيم مافيا و لم يكن الدون أو الزعيم على الإجرام...بل كان شيئا مختلفا...هو كان قاضي المافيا...كان الرج... More

هل أنت قاتل ؟
Part 1 : رُويْ (Roy)
Part 2 : بين الظلال
Part 3 : توقيع بإسم الحب
Part 4 :ألم عاشقة
Part 5 دمعة الحب
Part 6 مشكلة قلب
Part 7 هيوغو آندريس
Part 8 قوة الحب
Part 9 ظهور الروي
Part 10 إشتياق
Part 11 خسارة عظمى
Part 12 سِرٌّ مقابل سِرّْ
Part 13 الملكة والشطرنج
Part 14 مخالب أنثى
Part 15 إرمي أوراقك
Part 16 تسديد دين
Part 17 ابتسامة قاتلة
Part 18 معجزتكَ
Part 19 قانون التسعة
Part 21 تناقضكِ جذاب
Part 22 ميلادها
Part 23 أسطورة العشق الأولى
Part 24 قاضي العالم السفلي
Part 25 تمردات العشائر
Part 26 قلب الوحش
part 27 جريمة حب
Part 28 أورلوف
Part 29 مَلِكُ الْجَحِيم
Part 30 القفص الذهبي
Part 31 دوق إيطالي
Part 32 خنجر في يد ملك
Part 33 صرخة الموتى
Part 34 جريمة الليل الأولى
Part 35: حب على الصّليب
Part 36: الإرث الأسود
Part 37 :حين يصطاد الملك
Part 38: أميرة وسط الذئاب
Part 39 : الرقص مع الشياطين
Part 4×10 : الرابع من أكتوبر
Part 41: كأس الملك
Part 42 : دم على ثلج
Part 43 : Heikō
Part 44 : فخ منتصف الليل
Part 45 : موعد مع الأميرة
Part 46: الثور في إسبانيا
Part 47 : الأمير و الأميرة
Part 48 : الوريث الحقيقي
Part 49 : النهاية
الخاتمة
فقرة الأجوبة عن الأسئلة

Part 20 شبح الماضي

327K 14.5K 12.9K
By _ibriz_


لا تكن بلا حب كي لا تشعر بأنك ميّتٌ....

مت في الحب وابقى حيا للأبد.....

........................................................................................

استيقظت مارينا من نومها فجأة وشعرت بنبضات قلبها تتزايد لذا سارعت ووضعت يدها مكان قلبها وظهر الخوف على وجهها....

يا الهي..هذا  يحدث من جديد....بالتأكيد شيء سيئ يحدث مع وولف...ففي كل مرة   يتألم وولف او يواجه خطرا ما  ينقبض قلبها...... حدسها في هذا الموضوع دوما صائب... لسبب غريب ولامنطقي....

يُقال أنك تصل لأعلى درجات الحب عندما تبدأ الشعور بمن تحب اذا أصابه سوء....قد يبدو الأمر خياليا...لا معقولا وضربا من المستحيل....لكننا لا نشك أبدا في الأمومة أليس كذلك ؟!... ذلك الشعور الفطري الذي يخالج الأم حين تشعر بأن أحد أبناءها قد يكون في خطر او في مصيبة....وحتى هذا غير منطقي..لكننا لا نشكك به اطلاقا...وكذلك حبها ...
هي تحبه كانها امه....وتشعر بأنه أمانُها وكأنه والدها....تناقض نوعا ما..لكن ان لم يكن حبا فلا اعلم ما هو ؟!....

أبعدت مارينا الغطاء عنها ونهضت من مكانها وهي تشد خصلات شعرها للخلف... المطر كان يتساقط بغزارة في هذه الليلة الحالكة...وكأن السماء أيضا تعلم بأن قلبها غير مطمئن..وان شيئا  سيئا قادم....الرياح كانت تعصف بقوة كما كان قلبها يضرب بقوة داخل قفصها الصدري...

هي لا تستطيع البقاء هكذا دون ان تتأكد من  سلامته...لذا بحثت بأعينها عن هاتفها حتى وجدته..فسارعت لتتفقده لكنها لم تجد  اي رسائل تخص وولف....لذا دون تردد اتصلت على رقم احد الرجال المكلفين بمراقبة وولف منذ أكثر من عشر سنوات...ورغم ان الوقت كان جد متأخر لكنه أجاب بعد ثواني فقط وبصوت هادئ وجدي قال :

" نعم سيدتي.."

وهنا قالت مارينا مباشرة وبصوت بارد  :

" ما الذي حدث ؟!"

" لم يحدث شيء سيدتي..السيد وولف لم يخرج من القصر بتاتا....فهو منذ عودته مساءا لم يغادر...."

صمتت مارينا لثواني وهي لا تزال تضع يدها على قلبها الذي كان يخفق بسرعة بينما عقلها كان مزدحما بعدة أفكار.....هي متأكدة أن حدسها صحيح و لم يخطأ يوما...لكن إن كان وولف لا يزال في القصر  فهل هذا يعني ان ما أصابه قد أصابه هنا ؟!.... وعند هذه الفكرة سارعت بغلق المكالمة ورمي الهاتف على السرير دون ان تجيب الرجل حتى...ثم حملت وشاحها ووضعته على كتفيها وخرجت من غرفتها عازمة على التوجه نحو غرفة المراقبة والتأكد من  الكاميرات لكن ما أن رأت باب غرفة وولف مفتوحا حتى توقفت أدراجها فجأة وقضبت جبينها....وبكل هدوء وخفة تقدمت لتلقي نظرة دون أن يشعر بها...

وحينها وجدت وولف يجلس على حافة سريره ويمسك رأسه بين يديه بقوة وهو  عاري الصدر رغم برودة الجو قليلا.....لكن ما جعلها تزداد قلقا هو انها ورغم الظلام في الغرفة الا انها لمحت قطرات من العرق تتصبب منه....هل يُعقل أنه رأى كابوسا ؟؟؟...ام هل هو مريض؟!... يا الهي هي حتى لم تعرف ما الذي يجب ان تفعله....لذا اكتفت بمراقبته منتظرة ان يقوم بأي ردة فعل لتعرف ما به...لكنه لم يتحرك...لقد ظلت متصنمة مكانها بقلب خائف وهي تراقبه لأكثر من ساعة...بينما هو لا يزال منحني الرأس وفي حالته الغريبة تلك غارقا  في أفكاره...

تعلمون ؟؟ في بعض الأحيان يكون الإنسان أعمى.. لا يرى العديد من الأمور حوله...ولا يدرك قيمة العديد من الأمور الأخرى..  لأنه لو فعل لما وُجد الندم.....فأحيانا هناك أشخاص يشعرون بك من نبرة صوتك...من نظرة عينيك...من كلمة كتبتها او قلتها...وحتى من ضحكة فلتت من بين شفاهك.....أولئك ذوي القلوب المميزة لا يجب ان تخسرهم...لكن ومجددا لأن الإنسان لا ينتبه للتفاصيل الصغيرة هذه فهو قد يخسرهم بصورة أو بأخرى...لذا كل ما عليكم فعله هو أن تنظروا...أنظروا جيدا حولكم...انظروا للأمور الصغيرة التي قد تصنع فارقا كبيرا وحينها من يعلم... ربما تتغير حياتكم....

مارينا كانت هكذا....كانت ذلك القلب المميز في حياة وولف المظلمة...لكن ولأنه كان منشغلا  بالسواد حوله....أعينه لم تراها... وفي حالته هذه يجب عليه أن يختار حقا.....ما بين الغرق في ظلماته...او النجاة بين  يديها.....وهذا ليس بالقرار السهل بتاتا؟!

خرجت مارينا من تحديقها فيه عندما أبعد يديه عن وجهه  ونهض من مكانه فجأة ... ملامحه وتعابير وجهه لم تتبين لها....لكن الشيئ الأكيد هو انه كان شاردا وغير منتبه بتاتا وذلك كان واضح من الطريقة التي كان يمشي بها متوجها نحو تلك المنضدة بجانب سريره...لقد كان يبدو تائها وهذا لم يحدث من قبل...فهو مهما كان منشغلا الا ان تركيزه دوما ما يكون في قمته....لكن الآن كان كمن غرق في عالم آخر.. وهذا جعل قلبها ينقبض أكثر.....

وفجأة لا حظت وولف يتوقف ويمد يده ليحمل  إطار صورة ما...ورغم ان أعينها لم ترى لكن قلبها كان متأكدا لمن تعود....

آنجل...كيف لها أن تنسى ؟..... الوحيدة التي ستجعل وولف سييرا ضائعا ومشتتا هكذا هي آنجل....ربما لهذا قلبها أنبأها.....ألم وولف الأكبر مصدره واحد وهذا لم يكن يجب أن تنساه بتاتا.... 

لذا وبلمحة حزن وانكسار بين عينيها شدت خصلات شعرها للخلف وانسحبت من مكانها......بفكرة واحدة في رأسها..وهي ان وولف يتألم مجددا بسبب حبه لآنجل....وها هي  تعود لنقطة الصفر....

لكن تبا كم كانت مخطأة.....

❄❄❄❄❄❄❄❄❄❄❄❄❄❄❄❄❄❄❄❄❄❄

في تلك الأثناء...أعاد وولف الإطار مكانه و شد خصلات شعره الأسود للخلف بغضب...لقد كان يشعر بالغضب من نفسه....لقد كان كمن كان في دوامة والآن فقط خرج منها....

هذه أول مرة يرى آنجل في أحلامه منذ وفاتها....لقد رآها...وهذا هزه بقوة.....كانت جميلة كالعادة وهي ترتدي فستانها الأبيض وخصلات شعرها الأشقر تتطاير بفعل الرياح...لكن ليس هذا ما أخافه....لقد كان وداعها.... كانت تضحك وهي تلوح له مبتعدة كانها آخر مرة ستزوره في منامه....وهذا كان بمثابة إعادة إحياء ليوم  مماتها....عندما كان يراقب جثمانها ينزل تحت الأرض والتراب يُردُّ على تابوتها.....لقد شعر بنفس ذلك الفقدان والخسارة.....الضياع أقرب وصف لحالته.........يبدو أن النسيان متعة لن يحضى بها بتاتا...فهو لا يزال يتذكر كل لحظة من ذلك اليوم الأسود.....

وما أغضبه أنه حقا ولوهلة أوشك أن ينسى....هاته الأيام الأخيرة قضاها بسلاسة غير معتادة...لم يشعر بالفراغ لوهلة..لوهلة فقط.....وكل هذا بسببها...مارينا....

لقد بعثرت عقله...هو الذي كان دوما متماسكا....كيف لها أن تفعل هذا...كيف ؟!....لقد كان يعلم انها صارت خطرا عليه....لكن آنجل أمر سيظل دوما في حياته....لهذا هو غاضب...غاضب من نفسه ومنها....لم يجدر به أن يسمح لنفسه بالانجراف....لم يجدر به ان يسقط حصونه أمامها......فالنتيجة كارثية...لقد أوشك على نسيان آنجل...تبا..

وعند هذه الفكرة توجه وولف نحو  علبة سجائره وأخرج سيجارة.. أشعلها...و سحب منها بقوة لعل بعضا من غضبه يقل....لعل هذا السم يخفف من سوداوية أفكاره....

وأفكاره هذه تتضمن الابتعاد تماما عن شخص معين....

القدر مجددا....أحدهما حزين معتقدا أن الآخر لا يفكر به....بينما الآخر غاضب لتفكيره بمن لا يجدر به ذلك.....

❄❄❄❄❄❄❄❄❄❄❄❄❄❄❄❄❄❄❄❄

كان الصباح في اسبانيا هادئا جدا بعد ليلة ممطرة وعاصفة...الطرقات كانت مبللة وكذلك الأشجار والنباتات مع لفحة هواء باردة و خفيفة....على عكس السماء التي كانت صافية والشمس مشرقة مناقضة تماما لهذا الوقت من السنة...

في تلك  الأثناء كانت مارينا تجلس على حافة سريرها وهي ترتدي كعبها  بفكر شارد وبتقضيبة صغيرة بين حاجبيها...وعندما أنهت حملت حقيبتها ومعطفها الخفيف ثم وضعته على كتفيها...فرغم ان الجو مشمس لكن هناك احتمال تقلب الجو كونهم في بداية الخريف....

وبهدوء تقدمت نحو الباب وفتحته لتجد أن وولف وفي نفس تلك اللحظة كذلك فتح بابه وخرج وما أن وقعت أعينه الزرقاء الباردة عليها حتى توقف مكانه...ولأنها تفهمه كثيرا...فقد علمت من نظرة عينيه أن هناك شيئا قد تغير...شيئا ما داخل زرقاوتيه جعل قلبها يخفق بقوة خوفا هذه المرة....

لذا اكتفى كل واحد منهما بالوقوف مكانه و التحديق ببعضهما...لا هي نطقت ولا هو فعل....أعينها كانت هادئة مترقبة وأعينه باردة خاوية....لكن داخله كان يعلم انها لاحظت فرقا فيه....فهي ما أن رأته حتى لمعت أعينها بفهم سريع...ورغم ان هذا دوما يدهشه الا انه الآن اغضبه...فهو مجددا يرفض الانسحاب لهاته الدوامة...  وهي لا تكف عن سحبه....

لذا فقد أغلق باب غرفته دون أن يزيح أعينه عنها  ثم و بهدوء انسحب من المكان دون اي كلمة بينما مارينا فقد تنهدت بخفة مع لمحة حزن في عينيها لتجاهله اياها... ولحقت به مبقية على مسافة كبيرة بينهما لكن تكفيها لتحظى بدقائق من مراقبته ولو من الخلف....  عندما وصل وولف للطابق الثاني توجه مباشرة نحو باب مكتب العائلة   بينما هي اخفت أي ملامح  حب من وجهها و واصلت نزولها للأسفل ثم دخلت  قاعة الطعام اين يجتمع الكل.....

لذا القت عليهم تحية الصباح ثم قبلت أديلينا  وأرتورو جاعلة من الأخير يبتسم بخجل....وجلست في مكانها...

وحينها لاحظت أن آرثر وضع الجريدة جانبا رفقة نظاراته ونظر لها وكذلك فعل البقية...وهذا جعلها تنظر لهم باستفهام وغير فهم ...لذا ودون تردد وضع آرثر بعض الجرائد والمجلات أمامها وبهدوء قال :

" أعتقد أنكي يجب ان تري هذا...."

وبالفعل حملت مارينا أول جريدة وقعت عليها يدها لتجد صورة لها مع وولف ممسكا بيدها ويد أرتورو في الأخرى...ولوهلة ارادت الابتسام من جمال ما رأت وتذكرها لما حدث...لكنها انتبهت انها ليست لوحدها لذا ابتلعت ريقها وابعدت اعينها عن الصورة لتقرأ العنوان الذي كُتب بخط واضح وعريض..

سيدة الأعمال الروسية مارينا باربوزا في المسابقة الإقليمية رفقة وولف سييرا وعائلته...هل هذا تلميح لوجود علاقة بينهما يا ترى ؟!..."

ما اللعنة...

وضعت مارينا الجريدة جانبا لتجد الأخريات لا تقل عنها....بعناوين مضخمة للموضوع...لكن كلها تلمح لوجود علاقة بينها و وولف...اكثر من تركيزهم على سبب وجودها في اسبانيا....  لكن ما اثار استغرابها هو ان كل واحدة كانت تحمل نفس الصورة لها مع وولف.. وهي عند دخولهما فقط...مما يعني ان رجاله لم يسمحوا لاي احد بأخذ أي صور بعد ذلك....وهي مشكورة لذلك.....

لذا وبعد ان القت نظرة على الكل ابعدتهم جانبا بتنهيدة ثم حملت فنجان قهوتها الحلوة وشربت قليلا ثم نظرت لهم لتجدهم يراقبونها كانهم منتظرين ردة فعل عنيفة منها لكنها وضعت كأسها جانبا وقالت بهدوء :

" لقد كنت اتوقع حدوث هذا...وانا لم أرد منعه...لانه كان لا بد ان يحدث..."

اومأ الجميع برأسه بهدوء بعد لحظات بينما مِيا قضبت جبينها وقالت :

" وهل وولف موافق على هذا ؟! بل هل هو على علم بذلك؟!"

هزت مارينا رأسها بموافقة وقالت :

" أجل هو يعلم...هو اصلا من اقترح الأمر.."

رفعت مِيا حاجبها بتعجب لكنها لم تضف أي كلمة...بينما أورورا فقد حمحمت بهدوء ثم قالت بقليل من التردد :

" أمم....على ذكر وولف.....أعتقد أنني يجب أن أتحدث مع أخي اليوم فغضبه قد قل على الأغلب....ما رأيكم ؟!"

أرادت مارينا التدخل واخبارها ان الأمر هو العكس تماما لكنها امتنعت عن ذلك وواصلت تناول فطورها بذهن يضج بافكار عديدة.... بينما آرثر  اجاب الاخرى بجدية  :

" أجل هذا الموضوع لا بد أن ينتهي....فقد اطلتما القصة....وانتِ...حاولي بدورك التفكير جيدا في الأمر والاستماع لوجهة نظر وولف أولا....لا تتسرعي كآخر مرة  وترتكبي عملا أخرقا......"

زمت أورورا شفتيها دون ان تتحدث بكلمة لان والدها نادرا ما يتحدث معها بهذه الصرامة...كما انها تعلم بانه محق...هي حقا لا تريد تكرير ما حدث سابقا....لذا بعد ثواني أومأت برأسها بخفة وواصلت شرب شايها....وكذلك فعل البقية....كل بذهن غارق في مكان ما....

حتى رن هاتف مارينا فحملته ونظرت لهوية المتصل لتجد انه نيكولاي..وبما انه يتصل من الصباح الباكر...فيعني ان الامر مهم....لذلك إستأذنت  منهم وخرجت نحو الرواق المقابل للدرج الطويل والذي يتوسطه بساط أحمر لا يقل فخامة عن القصر بأكمله..  ثم ردت على الهاتف  بالروسية وبنبرة هادئة :

" نعم نيكولاي.."

"صباح الخير  زعيمة روي...لقد أردت إخبارك أنني أرسلت لكي كل تقارير الأعمال في روسيا لهذا الشهر..كما انني رتبت طلبات بعض الجماعات في الاقليم الجنوبي وعصابات الساورا وكلها حسب الأولوية..............و أيضا........"

توقف نيكولاي عن الحديث فجأة بتوتر وهذا جعل مارينا تقضب حاجبيها وتضيف :

" ماذا ؟! تحدث نيكولاي..."

ابتلع نيكولاي ريقه وقال :

" لقد بحثت خلف هيوغو آندريس كما طلبتِ....وأعتقد أنني صرت أعلم سبب رفض الزعيم وولف لأي علاقة معه...."

طرقت مارينا أصابعها بترقب منتظرة منه ان يتابع..هي لم  ترد ان تقاطعه لانها تعلم ان الامر جدي وخطير فنيكولاي لا يتوتر من دون سبب...وبالفعل...ثواني حتى سمعته يتنهد ثم يقول بصوت حاول جعله ثابتا قدر الإمكان :

" والد هيوغو آندريس هو رئيس ومؤسس الآيفا..."

وعند كلمته الأخيرة فتحت مارينا أعينها بصدمة وهي تحاول استيعاب  هول ما سمعته...مؤسس الآيفا ؟!....تبا...تبا...تبا...الأمر أسوء مما تصورت بمليار مرة...كيف استطاع وولف إخفاء هذا....بل وانه ظل هادئا طوال العشاء عند قدوم هيوغو تلك الليلة.....يا الهي....

شدت مارينا خصلات شعرها الناري وقالت بحدة  غير متعمدة لنيكولاي :

"  كيف؟! كيف لك أن لا تخبرني بهذا مسبقا نيكولاي....لقد مر شهر تقريبا والآن فقط علمت ؟!!"

وحينها اجابها هو بهدوء محاولا امتصاص غضبها الذي بدأ يتصاعد على الأغلب :

" زعيمة انت  تعلمين  ان الأمر دُفن قديما...كانه لم يكن من الاساس و ايجاد طرف خيط تطلب الكثير من العمل...رغم انني لست واثقا كيف ان السيد وولف عرف الأمر في نفس اليوم...."

مجرد ذكر اسم وولف جعلها تتنفس  بعمق محاولة التفكير بعقلانية....رغم أن آلاف الأفكار تدور في رأسها...ولكن أهمها كانت حوله هو نفسه...كيف استطاع تحمل هذا لوحده....التعب والبرود الذي ظهر على وجهه تلك الليلة ليس بسبب شجاره مع أورورا بل بسبب هذا الأمر.....

لذا بعد دقائق قالت بهدوء وهي تمسد المنطقة بين عينيها بتعب :

" تابع وماذا أيضا.."

آنذاك نطق نيكولاي بنبرة هادئة مردفا خصوصا بعد ما تأكد من هدوءها هي :

" ليس هذا فقط بل وقد علمت أنه يملك أخا توأما اسمه روخيليو وهو هنا في اسبانيا الآن..."

ومجددا شدت مارينا خصلات شعرها وهي تود ان تلعن حقا...لان هاته المشاكل أتت في وقت غير ملائم تماما.....

تبا فقط....لكل شيئ ولحظها..

❄❄❄❄❄❄❄❄❄❄❄❄❄❄❄❄❄❄❄❄❄❄❄❄

بينما في الأعلى وفي الطابق الثاني سمع وولف طرقات خفيفة على الباب  بينما هو كان يقف وسط غرفة المكتب العائلي الذي عادة ما يعمل فيه حاملا ملفا أزرق في يده...لذا وبصوت بارد  وبكلمة مختصرة أذِن للطارق بالدخول...وبالفعل فُتح الباب لتظهر  أورورا وما ان رآها وولف حتى استدار معطيا ظهره إياها بتجاهل ومواصلا قراءة الملف وهذا جعل عبوسا طفيفا يرتسم على ملامحها لكنها كانت عازمة على ما ستفعله الليلة لذا تقدمت منه قليلا وقالت بخفة :

" أخي..."

لا رد منه...

" أخي..هل لا زلت غاضبا مني ؟!.."

لا رد مجددا...لذا تنهدت وتقدمت لتقف امامه فنظر لها بحاجب مرفوع وبكل برود فقالت :

" أنا فقط أريد التحدث  معك أخي..."

وهنا وبكل برود رد عليها بعد اكثر شهر من مقاطعتها :

" أعتقد أننا اتفقنا ان لا حق لكي بمناداتي أخي...."

وهنا  انكمشت ملامحها حزنا و ظهر الندم على ملامح وجهها الجميلة وقالت بأسف :

" أنا... أنا حقا آسفة لما قلته...انا لم اقصد صدقني وول....."

قاطعها وولف حينها قائلا ببرود :

" انا لا اهتم باعتذارك.....فهو لن يغير حقيقة ما تفوهت به.."

نظرت له اورورا بحزن وبررت بصدق وبنبرة خافتة :

" لكنني حقا لم اقصد ذلك اخي بتاتا...انا فقط كنت غاضبة.."

اغلق وولف ملفه واجابها آنذاك بجمود في عينيه لكن بنبرة أهدأ هذه المرة :

" لو لم تفكري بذلك من قبل وتعتبري ان حقا وجودي في حياتك ليس له قيمة لما خرجت الكلمات من فمك أصلا.."

صمتت أورورا ولم تجب على ما قاله...لم تنف ولم تؤكد صحة كلامه.. وهذا جعله يبتسم بسخرية ويتوجه ليجلس على الكرسي ويفتح الملف من جديد ويركز به..تاركا اياها تقف هناك مكانها عاجزة....لقد كانت تعلم ان جزءا من كلامه صحيح...هي فكرت بهذا في مرحلة من مراحل حياتها...عندما كان وولف يبالغ في حمايتها ويخنقها بتحكمه...عندها كانت تخبر نفسها انه لا يملك الحق عليها....وتغضب عليه....لكن لاحقا تسامحه....دون ان تفهم حقا الدافع وراء ما كان  يفعله...لغباءها طبعا...لكنها الآن تفعل...وما تفوهت به آخر مرة كان حماقة فقط ...وهي لم تقصد ذلك جديا...هي تحبه ومكانته عندها اغلى بكثير مما يتصور...لكنه لا يعلم...لانها لم تعبر له يوما عن مشاعرها...لم تخبره عن اهميته عندها ابدا..

لذا وبهدوء ودون ان تنظر اليه قالت بصوت خافت جدا  :

"لقد كان عمري أربع سنوات عندما علمت أن لدي أخ  وهو قادم ليعيش معنا........كنت متوترة قليلا لكن حماسي كان اكبر...كنت متشوقة لاعرف شكلك...هل ستلعب معي ؟!... هل ستحبني ؟!... هل ستكون شريرا كما يكون بعض اخوة صديقاتي.....؟! كل هاته الأسئلة ورغم كثرتها الا انها لم تكسر حماسي كما فعلتَ انت..."

رفع وولف نظره بهدوء لينظر لها فوجدها تنظر للفراغ واعينها ممتلئة بدموع رفضت ان تسيل وببسمة خافتة واصلت حديثها دون ان يقاطعها فاردفت :

" عندما  وقفت أمامي بطولك ذاك ونظرت لي بأعينك الباردة التي اخافتني... ذهب كل حماسي... فكرت في نفسي....كيف لك ان تكون اخي...انت تبدو شريرا جدا وباردا...واعينك كانت تقتلني رعبا...حتى انك لم تتحدث معي ابدا وهذا احزنني اكثر.. اعتقدت انك كرهتني لانني كنت قصيرة جدا...هههههه يا لغبائي...."

سقطت بضع دمعات على وجنتي أورورا فمسحتها بسرعة وقالت بابتسامة دون ان تنظر لوولف كذلك :

" لقد كانت أيامي تمر بحزن أكثر كلما ارى انك لم تتحدث معي ولو بحرف..فقط تكتفي بمراقبتي باعينك.....لهذا اعتقدت انه ما نفع ان يكون لي اخ أكبر ان كان مثلك....لقد اردت ان ابغضك...حتى انني قررت ذلك وانا اتناول الكعك في الحديقة بغضب.....حتى تلك اللحظة.... هل تتذكرها ؟! حين رأيت احد كلاب الحراسة يقترب مني مكشرا عن اسنانه...حينها جف الدم بعروقي....لقد كان اكبر مني حجما بحق خالق  السماء..وانت تعلم انني تخاف الكلاب كثيرا......  هل تتذكر ماذا حصل بعدها ؟!..."

رفعت أورورا نظرها له لاول مرة منذ بداية حديثها فوجدته يُطالعها بهدوء دون ان يجيبها...لكنها لم تكن تنتظر اجابته لذا تقدمت منه بهدوء حتى  صارت مقابلة له وقالت بهدوء دون ان تزيح اعينها عن اعينه :

" حينها شعرت بشخص يحملني ويضمني  مخفيا وجهي بخفة وسار بي بعيدا عن الوحش في نظري.......كنتَ أنت..... حملتني بعيدا وأعدتني للداخل..وضعتني في مكان آمن دون ان تتحدث معي ثم غادرت....فقط...دون اي كلمة......و هكذا ببساطة مماثلة أحببتك أخي... ربما لقد كان تصرفا عاديا بالنسبة لك....لكن في نظر تلك الصغيرة ذات الاريع سنوات لقد صرت بطلها......لقد حميتني وصرتَ أماني....الاخ الذي كنت اريده تماما ظهر في تلك اللحظة ....حتى بعدها لم تتوقف يوما عن حمايتي....ضرب و اخفاء الفتى الذي كان يدعي انه معجب بي في مرحلة الاعدادي.....لقد غضبت منك حقا.. لكن لاحقا علمت انه كان متورطا في المخدرات....منعي من مصادقة تلك الغبية نتالي....الحرص على دراستي....الحراس الذين تكلفهم لحراستي سرا....اعينك التي كانت تتفقدني في اي مكان كنت العب فيه....حتى نظراتك الغاضبة التي ترمقتي بها عندما اجرح نفسي...لقد كنت اعتقد انك تغضب مني لانني لا انتبه..لكن في الحقيقة كنت تغضب من نفسك لانك غفلت للحظات عن حمايتي....لقد صرت أعلم  بكل هذا اخي.....كل ما كنت تقوم به لأجلي.....رغم ادعائك اللامبالاة وتجاهلي الا انك كنت تهتم....لم يهتم احد كما اهتممت انت.....كنت اغضب منك في بعض الاحيان...لانني كنت اعتقد انك تتحكم بي كثيرا...انه لا حق لك في التقرير عني....لكنك تعلم انني حمقاء وولف ودوما ارتكب اخطاء اندم عليها تماما مثل خطأي نحوك... "

ظل وولف ينظر لها بهدوء لكنها كانت تعلم انه يستمع لحديثها بتركيز لذا تقدمت منه أكثر وانحنت امامه واضعة يديها على ركبتيه بتردد ولحسن حظها لم يبعدها لذا اتخذتها كإشارة لتتابع فقالت هذه المرة بهدوء ولكن بلمعة حزن في عينيها :

" لقد كنت أغضب منك كثيرا...في كل مرة تصدر قرارا يمنعني من القيام بشيء أحبه كنت أغضب منك لدرجة غير معقولة....وأكثر ما كان يزعجني انك لم تبرر لي يوما سبب ما تقوم به....فشعرت للحظات أن حياتي لا تهمك بحيث تتحكم بي هكذا وعلى هواك.....لكنني كنت أرى الخوف والاهتمام خلف ما تفعله فيزول غضبي... نعم انا بلهاء...لكنني بلهاء تحب أخاها...."

ظهر شبح ابتسامة خفيفة على شفاه وولف فضحكت أورورا بخفة ثم حدقت باعينه الزرقاء التي كانت توقع كل فتاة في شباكها.....أخوها الوسيم محطم القلوب....يا الهي لقد عانت من وسامته أكثر منه.. الفتيات في المدرسة اللواتي دفعنها للجنون عندما علموا انه  اخوها... تلك مرحلة لن تعود لها ولو بأي ثمن...

لكنها لا تزال تريد اخباره بالعديد من الامور لذا نظرت له من جديد وببعض الجدية  قالت :

" هل تعلم أنني لم أخف يوما ؟! لم أخف من أي أحد ولا من أي شيء.....لسبب واحد وهو أنني أختك.....أخت وولف سييرا. ....لانني كنت اعلم انك دوما موجود لحمايتي....لقد كنت أماني وقوتي..كنت اول شخص افكر فيه عندما اواجه اي صعوبة....اخي الاكبر والذي سيقف معي في كل خطوة هنا موجود...لذا لا اخاف... انا اعلم انك تتحمل مسؤوليات كبيرة...تتحمل مسؤولية الجميع......لهذا أنت فخري...قدوتي وسندي في هذا العالم......و اياك ان تصدق غير ذلك....مهما حدث انت ستظل دوما افضل شيء حدث لي في حياتي...فقط تذكر هذا.....اياك ان تنسى..."

انهت اورورا كلامها وهي ترفع اصبعها في وجهه بتحذير مزيف لكن اعينها كانت ممتلئة بالدموع وهذا جعل وولف يبعد اصبعها بهدوء وينظر لها لثواني جعلتها ترتجف خوفا من انه لن يسامحها لكنه فاجأهة عندما بعثر شعرها قائلا :

" لقد كنت أعلم...منذ أن رأيتك أول مرة تحملين ذلك الدب الغبي وتنظرين لي برعب...انك فتاة حمقاء وستجلبين المتاعب لي...."

قهقهت أورورا بخفة ومسحت دموعها بكف يدها بينما وولف اكتفى بمراقبتها بابتسامة خفيفة ثم قال لها بهدوء :

" لقد سامحتكِ....رغم أن اعتذارك كان طويلا جدا يا بلهاء..."

ضحكت أورورا بسعادة ثم ارتمت عليه لتحضنه وهو لا يزال جالسا فهز رأسه بقلة حيلة ثم بادلها الحضن بخفة وابتسم دون ان تراه.....يا الهي اخته الغبية هذه لم تتغير منذ الطفولة...هي وتصرفاتها الخرقاء.....

بعد لحظات ابتعدت عن حظنه ونظرت له بسعادة بادية على وجهها وظلت تنظر له هكذا فقلب أعينه وقال :

" ماذا  الآن ؟!"

ابتسمت أورورا بمكر كانها ليست هي من كانت تبكي الآن وهي تعبر عن مشاعرها ثم قالت :

" هل تعلم أنك وسيم جدا و اي  فتاة قد تفقد وعيها عند رؤيتك...؟!"

رفع وولف حاجبه وهذا جعل ابتسامتها تتسع أكثر  فوقفت وضمت يديها لصدرها ثم اردفت  وهي تحرك حاجبيها:

" ماذا ؟! انا لا أكذب...لو لم تكن أخي لما كنت فلتت من بين يدي بتاتا... "

هز وولف رأسه بقلة حيلة وتمتم بانزعاج :

" ما خطب الجميع هاته الأيام ؟!..تبا..."

كانت أورورا تمسك ضحكتها بصعوبة عند رؤية انزعاجه...هي حقا تحب اللعب على اعصابه....ثم هي سعيدة اليوم لانها حلت خلافها معه...لذا لا بأس بذلك....

لكن عندما رن هاتف وولف علمت انها يجب  ان تغادر الآن وتتركه لاعماله لذا وبمكر ابتسمت له ثم غادرت تحت نظرات الشك التي كان يرمقها بها.....

وبعد لحظات من مغادرتها حمل وولف الهاتف ورد ليجد انه أحد رجاله فاجابت وببرود قال :

" هل فعلت كل ما اخبرتك به ؟!"

" نعم زعيم....لقد تم التأكد من ابعاد كل الصحفيين....ولن يتأكد الخبر الا بأمر منك او بلقاء صحفي من السيدة مارينا...تماما كما اردت...كما انه لن يزعجها احد في الشركة...لقد حللنا الأمر...."

" جيد...."

وهكذا فقط اغلق الهاتف منهيا المكالمة ثم فتح الملف امامه ليطلع عليه...لكن من جديد رن هاتفه فتنهد ثم حمله  ليجد انه رقم غريب ومع ذلك فقد أجاب مستمعا للمكالمة ومع كل ثانية كان ينقبض فكه رغم ثبات ملامحه.....تبا...هل يمكن للأمر أن يزداد سوءا ؟!.....بالتأكيد يمكن....

❄❄❄❄❄❄❄❄❄❄❄❄❄❄❄❄❄❄
❄❄❄❄❄❄❄❄❄❄❄❄❄❄❄❄❄❄❄❄❄❄❄❄❄❄❄❄❄❄❄❄❄❄❄❄

تعلمون.... يُقال أن أسوء مراحل الحب هي مرحلة الخوف من الفقد....فحين نحب نقلق على أشياء كثيرة وتنتابنا العديد من الاوهام احيانا... وتكثر تساؤلات ال " ماذا لو ؟!!"....مما يجعلنا نعيش في خوف مستمر ...

انها حقا لقمة الوجع أن تشعر بانها عاجزة...مارينا باربوزا ولأول مرة كانت عاجزة.....لم يسبق له ان استغرق كل هاته المدة من قبل.....فهي تعودت ان تعلم بكل شيئ يخصه حتى وان لم تكن موجودة لكن الآن ولانها لم تستطع القيام بذلك شعرت بالاختناق وبالخوف....

لقد مرت  84 ساعة و27 دقيقة بالضبط منذ اختفاءه وهي تكاد تفقد أعصابها..حرفيا....وعندما أقول اختفاء فانا أعنيها....لانه فلت حتى من بين يدي رجالها الذين كانوا يراقبونه منذ سنين...... ....لقد اختفى من قبل ثلاث مرات ولم تتجاوز المدة ساعات...كانه كان يعلم ان هناك من يراقبه دوما.. لذا الامور شديدة الخطورة يقوم بها سرا.....

لكن هذه المرة الأمر زاد عن حده....قد تعتقد عائلته والجميع انه في رحلة عمل لكن هي تعلم الحقيقة...حقيقة اختفاءه عن سطح الأرض...هي لم تجده وذلك لانه لم يترك اي اثر خلفه....اختفى كانه لم يكن.....

وطوال هاته الثلاث أيام لم تنم هي سوى عدة ساعات وذلك لتواجد أديلينا وأرتورو معها....اللذان كانا بوجودهما يخففان عنها الكثير دون أن يعلما......جسدها مرهق...عقلها متوتر...وقلبها يتألم.....لم تستطع التركيز على العمل بتاتا.....حتى الجو كان كئيبا...السحب الرمادية ملئت المكان....والأمطار تتساقط بغزارة بينما هي تقف في الحديقة الخلفية لوحدها تحت الأمطار وتتكأ بيديها على الطاولة الخشبية هناك بذهن شارد وملامح وجه باردة...غير آبهة ببرودة الجو......ولا لصحتها...

وفجأة قطع عليها افكارها صوت هاتفها فسارعت بإخراجه من جيبها وقال مباشرة :

" أين هو ؟!.."

" سيدتي هو قادم للقصر...لقد رصدناه على الكاميرات.   حوالي نصف ساعة ويصل....لكننا لم نستطع تحديد المكان الذي كان فيه...."

أغلقت مارينا الهاتف مباشرة دون ان تسمع المزيد...لانها لا تهتم سوى بانه قادم وهو بخير....

لذا وبتعب مسحت وجهها المبلل بيديها وتمتمت بهمس يحمل في طياته ألما :

" لما تفعل بي هذا وولف....لماذا ؟!"

هي حتى لا تستطيع لومه...لانه لا يعلم.....لا يعلم ان هناك من يعاني  في كل مرة يغيب فيها...ان هناك من يغرق في الظلام اذا لم يغرق في زرقة عينيه.....هي فقط تريده آمنا بحق خالق السماء..

لهذا وبتنهيدة راحة بسبب الإطمئنان عليه توجهت نحو الباب الخلفي الذي دوما ما يستخدمه وولف عندما تكون هيئته غير لائقة.. فجسدها..شعرها و كل ثيابها  مبللة من المطر..لكن لحسن حظها لا أحد  رآها في الخارج..لذلك صعدت نحو الجناح في الطابق العلوي وتوجهت نحو غرفتها دون ان يراها احد.......وبسرعة غيرت ثيابها إلى سروال أسود ضيق...كنزة قطنية بيضاء فضفاضة وحذاء رياضي مماثل اللون ثم جففت شعرها وتركته منسدلا على كتفيها بتموجاته الخفيفة لينعكس على بياض كنزتها....و رغم انها بدأت تشعر  بالنيران في جسدها المنهك...مع صداع وتعب كبير الا انها تجاهلت هذا و تابعت ما تقوم به لتسرع بالنزول للاسفل.......لكن. تبا..يبدو انها ستصاب بالبرد بسبب وقوفها في المطر في هذا الوقت المتأخر من الليل مع اهمالها لصحتها في هاته الايام التي غاب فيها...هي لا تعتقد انها ستصمد كثيرا....جديا...

بعد مدة خرجت من غرفتها بتعب جسدي لا يماثل لهفتها الداخلية  لرؤيته.....فجسدها خانها حقا...لكنها تحملت ولم تُظهر ذلك بل نزلت للأسفل و في نفس لحظة وصولها لقاعة الجلوس اين يجتمع الكل  دخل وولف بخطوات ثابتة هادئة ببذلته الرمادية التي زادته بهاءا جاعلا من قلبها يخفق كالعادة....وبيده الأخرى كان يحمل معطفه الأسود....ولثاني مرة يشتركان لحظة الصمت هاته بينهما حيث توقف كل واحد مكانه يحدقان ببعض.....لكن هاته المرة كانت مختلفة.....نعم هذا ما كانت تفكر به...

فأعينه لم تكن تحمل البرود كالمرة الماضية...بل كانت تحمل نظرات غريبة تجاهها...نظرات رغم كل شيء جعلت دفئا غير معتاد يتسلل لثنايا قلبها.......وهذا جعلها تتجمد مكانها أكثر...فلولا وولف الذي تحرك قليلا وتقدم لما خرجت من شرودها وافكارها...

لكنها استعادت نفسها ولم ترد التسرع بالتفكير...فهي لم تعرف لما اختفى......وما سبب ما حدث من البداية...تغيره الفجائي....وتغيره من جديد الآن....تبا ما الذي حدث في غيابه......وأين كان يا ترى ؟!

اخرجهما من صمتهما صوت آرثر قائلا بابتسامة :

" لقد عدت بني....أخبرني كيف كانت رحلة العمل ؟!"

وقبل ان يتحدث نطقت مِيا قائلة بعتاب بعد ان وقفت وتقدمت من وولف :

" لما لم تتصل ولو لمرة؟!....الا تعلم كم قلقت عليك وانا لا اعلم اين  انت؟!"

وقبل ان يجيب مجددا نطقت أورورا :

" دعيه يرتاح أولا أمي ثم ابدأي تحقيقك معه.."

هز وولف رأسه بقلة حيلة منهم وتوجه ليجلس مكانه والذي كان مقابلا لمارينا التي كانت هادئة جدا حتى انها لم تتحدث معه...هو يعلم انها محقة فآخر مرة تجاهلها من دون سبب...

لكنه فجأة لاحظ تورد وجنتيها والتعب البادي عليها كانها مريضة.....لذا ظل يحدق بها بهدوء يريد التأكد من سلامتها حتى رفعت أعينها له لكنه لم يرمش بل وبكل جرأة واصل التحديق بها .....لتفعل هي المثل لكنه فاجأها حقا عندما نطق فجأة وبهدوء :

" هل أنتِ بخير ؟!"

رمشت مارينا بتفاجئ وخفق قلبها بقوة لاهتمامه الذي أظهره الآن امام الجميع والذين التفتوا لها عند تصريحه لذا اعتدلت في جلستها وحمحمت بهدوء ثم قالت بصوت رغم انها جاهدت لاخراجه ثابتا لكن التعب بدى واضحا حدا :

" أنا بخير مجرد تعب خفيف..."

نهضت مِيا من مكانها وتوجهت نحو مارينا تحت استغراب الأخيرة ثم لمست جبينها ووجنتيها وقالت بهلع طفيف :

" يا الهي..حرارتكٍ مرتفعة.....لما لم تخبريني ؟! كان يجب ان احضر لك شاي الأعشاب او بعض الحساء..حتى انك لم تتناولي طعامك...كيف لكي ان تكوني مهملة لصحتك هكذا...وفوق كل هذا قضيت كل اليوم خارجا..لا بد ان نزلة برد أصابتك..."

ابتسمت مارينا بلطف على اهتمامها ثم قالت بهدوء وبخفة :

" صدقيني الأمر لا يحتاج كل هذا...انا اقاوم المرض بسرعة...لذا ساتناول حبة دواء وانام  وكل شيء سيصبح بخير بحلول الصباح....لا تقلقي.."

قضبت مِيا جبينها بغير رضى وقالت :

" يستحيل ان أسمح لكي بذلك...لن تنامي حتى تتناولي الطعام وتشربي شاي زنجبيل ساخن  وبعدها الدواء...."

حاولت مارينا ان تتماسك لكن عند ذكر اسم الزنجبيل انكمشت ملامحها تقززا وهذا جعل ابتسامة خافتة تظهر على شفاه وولف دون ان يراه أحد....

بينما مِيا سحبت مارينا من يدها بخفة تحت اعتراض الأخيرة ورفضها لكل هذا وهذا جعل أورورا و آرثر يضحكان عليها لان ميا تصبح متسلطة في هذه الأمور ومارينا لن تنجو منها....

❄❄❄❄❄❄❄❄❄❄❄❄❄❄❄❄❄❄❄❄❄❄❄❄❄

بعد حوالي ساعتين دخلت مارينا لغرفتها بتعب..فهي حقا بذلت جهدها لتتماسك لكن طاقتها نفذت...رغم ان ما جعلتها ميا تتناوله ساعدها قليلا...لكن لا شيئ سيعوض النوم الذي تحتاجه سوى النوم...

لذا وبكل كسل غيرت ثيابها وارتدت ثياب النوم وتركت شعرها منسدلا ثم تناولت الدواء ليخفض من درجة حرارتها وينومها في نفس الوقت....وبعدها أطفأت الانارة واستلقت على سريرها بارهاق..لكن قبل ان تنجرف للنوم  وكالعادة يكون وولف آخر أفكارها...ومهما حدث هذا دوما يجعلها تبتسم....

واحيانا يحالفها الحظ فتراه في احلامها وتلك تكون افضل ليالي بالنسبة لها....

.........................        ...........................     ...................

في وقت جد متأخر من الليل  وبعد ان انطفأت كل الانوار في القصر وفي الظلام كان يقف وولف امام زجاج النافذة الواسعة التي تغطي الجدار بأكمله في الرواق الرئيسي للقصر...وبيده سيجارة ..كان يدخن الواحدة تلو الاخرى و هو شارد في أفكاره....يفكر بكل ما حدث...منذ تلك الليلة واتخاذه لقرار الابتعاد عن مارينا.....الى غاية ذلك الاتصال وما حدث في هذه الايام .....كل شيء اتى دفعة واحدة...وكان عليه ان يتصرف بسرعة دون تضييع مزيد من الوقت.......

وعند هذه الفكرة تنهد وولف وأطفأ سيجارته ثم طوى أكمام قميصه والتفت متوجها للاعلى  لجناحه في هذا الظلام و بكل هدوء ....دون ان يكلف نفسه عناء فتح الاضاءة حتى...

وما ان وصل أمام غرفته ومد يده لمقبض الباب حتى توقف مكانه....ثم وبهدوء تراجع وتوجه لغرفة مارينا بدلا عن ذلك..

وقف امامها ثم فتح الباب بخفة دون ان يصدر أي صوت فلفحته رائحتها الانثوية الجميلة....ولمحها مستلقية على سريرها فتقدم منها بخطوات هادئة وهو يضع يديه في جيبه...وما ان توضحت له ملامحها قليلا...حتى توقف هناك مكانه وراقبها...هكذا...فقط...

ظل يراقب نومها وكيف كانت تنام بهدوء وملامح وجهها الجميل مسترخية جدا.....لقد كانت جميلة جدا  كالعادة.....خصلات شعرها الناري مبعثرة حول وسادتها وبعضها حجبت نصف وجهها وهذا لسبب غريب ازعجه...لهذا تقدم أكثر وانحنى امامها ثم وبخفة أبعد تلك الخصلات المتمردة عن وجهها....وبخفة كذلك لمس جبينها ليتأكد من ان حرارتها انخفضت.....وحين أراد الوقوف ليغادر خوفا من استيقاظها...لمح يدها التي كانت تحتوي وشما...ورأى تلك النذبة التي كانت تتوسط باطن كفها بأكمله
والتي حرصت دوما على  اخفاءها....

وفجأة ظهرت بسمة خفيفة على شفاهه و مرر انامله على النذبة تلك وهمس بخفة :

" الى متى ستستمرين بإخفاء الأمر يا صغيرة..."

ولانه يعلم انها نائمة ولن تجيبه طبعا ... نظر لها بنظرة تحمل اهتماما كبيرا ثم نهض من مكانه والتفت ليغادر بنفس الهدوء الذي دخل به...مغلقا خلفه باب غرفتها....

🎬🎬🎬🎬🎬🎬🎬🎬🎬🎬🎬🎬🎬🎬🎬🎬🎬🎬🎬🎬🎬🎬

ستوووووووب 😊😊

مرحبا يا حلويين من اشتاق لي ؟😬

الفصل طويل جدا كما وعدتكم 5271 كلمة 😚

اولا وقبل كل شيء اتمنى من كل قلبي ان ينصر الله اخوتنا في غزة ويرحم كل شهدائهم يا رب....🙏🙏

ثانيا لقد كنت اريد جعلكم تكرهون وولف كثيرا في هذا الفصل لكنني تراجعت... فانا  احبه ولا استطيع التفريط به 😖😖

ثالثا اعلم انك تفاجئتم من تغير الاحداث وعلى الارجح لم تفهموا شيئ....ومهما كانت توقعاتكم للقادم وما سيحدث فسأبشركم انكم مخطؤون من الآن....صدقوني 😁

والآن نعود للفصل....

مارينا تشعر بوولف دوما ؟ حب عظيم..🙄

وولف رآى آنجل في منامه...🙄

بداية صراعه مع نفسه...ما الذي سيحدث ؟!😕

تجاهله لها فجأة....😣😣

انتشار خبر علاقتهم...طبعا كلكم توقعتم ...الامر كان واضحا 😚😚

ما هي الآيفا ؟!

بداية توضح دور هيوغو في القصة😬😬

ماذا ستفعل مارينا بالمعلومات التي قدمها لها نيكولاي حبيب القلب ؟🤔🤔

اختفاء وولف كل هذه المدة وعجز مارينا عن ايجاده ؟!

ما السبب وما الذي حدث ؟! وما سر تلك المكالمة ؟!

أورورا وطفولتها مع وولف ؟!

اعتذارها الطويل🙄🙄

سيتوضح المزيد لاحقا عن ظروف ونشأة وولف 🙂

مرض مارينا المسكينة..الحب اتعبها😣😣

تغير وولف من جديد وبشكل فجائي 😑😑

مِيا وقلقها الزائد 🤗🤗

المشهد الاخير صدمكم اليس كذلك ؟😌😌

اراهن ان جميعكم تريدون الدخول لعقل وولف الآن😏😏

عليكم ان تنتظروا اذن فوولف مشغول قليلا....

ملاحظة سريعة...الفصل بدون مراجعة..اي اخطاء لا تلوموني...😚

التنزيل سيتغير....فلا أعتقد أنني سانزل كل اثنين...لانه لن يلائمني...قد انزل كل نهاية اسبوع..ولكن اصبروا معي فالامر صعب قليلا.....لذا عند تاخري تفهموا موقفي....

وأخيرا آمل ان تكونوا قد استمتعتم🤗🤗

الى اللقاء في الفصل القادم ❤❤

احبكم يا احلى قراء في العالم 😍😍

Continue Reading

You'll Also Like

693K 20.5K 38
لقد كان بينهما إتفاق ، مجرد زواج على ورق و لهما حرية فعل ما يريدان ، و هو ما لم يتوانى في تنفيذه ، عاهرات متى أراد .. حفلات صاخبة ... سمعة سيئة و قلة...
54.4K 251 1
هل خلقنا سعداء ؟ أم خلقنا للبحث عن السعادة ؟ ....... و ما خرج الانسان من الجنة سوى ليبحث عن السعادة الكاذبة ، تخلى عن السعادة الأبدية ليبحث عن أخرى ز...
950K 76.2K 75
‏لَا السَّيفُ يَفعَلُ بِي مَا أَنتِ فَاعِلَةٌ وَلَا لِقَاءُ عَدُوِّيَ مِثلَ لُقيَاكِ لَو بَاتَ سَهمٌ مِنَ الأَعدَاءِ فِي كَبِدِي مَا نَالَ مِنَّيَ م...