عاشقة في الظلام

By _ibriz_

20.5M 714K 1M

لم يكن بزعيم مافيا و لم يكن الدون أو الزعيم على الإجرام...بل كان شيئا مختلفا...هو كان قاضي المافيا...كان الرج... More

هل أنت قاتل ؟
Part 1 : رُويْ (Roy)
Part 2 : بين الظلال
Part 3 : توقيع بإسم الحب
Part 4 :ألم عاشقة
Part 5 دمعة الحب
Part 6 مشكلة قلب
Part 7 هيوغو آندريس
Part 8 قوة الحب
Part 9 ظهور الروي
Part 11 خسارة عظمى
Part 12 سِرٌّ مقابل سِرّْ
Part 13 الملكة والشطرنج
Part 14 مخالب أنثى
Part 15 إرمي أوراقك
Part 16 تسديد دين
Part 17 ابتسامة قاتلة
Part 18 معجزتكَ
Part 19 قانون التسعة
Part 20 شبح الماضي
Part 21 تناقضكِ جذاب
Part 22 ميلادها
Part 23 أسطورة العشق الأولى
Part 24 قاضي العالم السفلي
Part 25 تمردات العشائر
Part 26 قلب الوحش
part 27 جريمة حب
Part 28 أورلوف
Part 29 مَلِكُ الْجَحِيم
Part 30 القفص الذهبي
Part 31 دوق إيطالي
Part 32 خنجر في يد ملك
Part 33 صرخة الموتى
Part 34 جريمة الليل الأولى
Part 35: حب على الصّليب
Part 36: الإرث الأسود
Part 37 :حين يصطاد الملك
Part 38: أميرة وسط الذئاب
Part 39 : الرقص مع الشياطين
Part 4×10 : الرابع من أكتوبر
Part 41: كأس الملك
Part 42 : دم على ثلج
Part 43 : Heikō
Part 44 : فخ منتصف الليل
Part 45 : موعد مع الأميرة
Part 46: الثور في إسبانيا
Part 47 : الأمير و الأميرة
Part 48 : الوريث الحقيقي
Part 49 : النهاية
الخاتمة
فقرة الأجوبة عن الأسئلة

Part 10 إشتياق

311K 14.3K 8.5K
By _ibriz_

       عندما تريد قتل أحد...إستعمر قلبه ثم أرحل ببطئ.     

       واتركه بين الموت والجنون....هكذا قتلوني........

............................................................................

في إحدى  الفنادق في ألمانيا والمعروف باستقباله لأعضاء المافيا على مر سنين....كانت غرفة  الاجتماع في الطابق السابع حاشدة برجال ونساء المافيا..الذين لديهم اعمال مشتركة مع الروي..... خمسين عضوا رئيسيا بالتحديد....طبعا إذا لم نذكر العصابات المحلية والدولية التي لم تحضر كونها لا تعمل عادة في نطاق أوسع....كاجتماعات الرؤساء لكل مافيا...


كان وولف يجلس مكانه بصمت وعلامات البرود تغطي وجهه تحت نظرات الاحترام والخوف التي كانت مسلطة نحوه...جميع الحاضرين يعلمون هويته....الوحش....الرئيس السابق للعديد من اتحاديات المافيا...طبعا قبل ان يتنازل عنها لسبب غير معروف حتى ان بعض  الحاضرين اليوم هنا كانوا يوما تابعين له....ولازالوا لحد الساعة يخشون منه......

وهناك بعض النساء ورغم صلابة ملامحهم وقوتهم نظرا لعملهم في العالم الاسود إلا ان هذا لم يُخفِ ملامح التعجب و الذهول عند نظرهم لوولف....وسامته لم تكن عادية...تكاد تكون غير حقيقية....لم يسبق لهم ان رأوا مخلوقا بهذا الكمال والجمال من قبل......ورغم ان معظمهم رأوه من قبل إلا انهم لم يستطيعوا التعود أبدا على ملامحه الخاطفة للأنفاس...

مرت حوالي نصف ساعة بين الأحاديث والهمسات بين الحاضرين....جميعهم يتسائلون عن هوية الروي..ولما قرر الظهور الآن بعد كل هاته السنوات.....لقد كان جد حريص على اخفاء نفسه...حتى ان بعضهم لايصدقون انه حقا سيأتي...

فُتحَ الباب فتوقف الجميع عن الحديث دفعة واحدة نظروا للرجل الذي دخل.....

رجل في الأربعينيات بأعين خضراء حادة وندبة فوق حاجبه الأيسر.....جسده كان صلبا وقويا ووقفته متزنة...كان هناك حارس يقف خلفه......نظر هذا الرجل للجميع ثم تقدم قليلا من الطاولة و قال بهدوء بالانجليزية المتقنة :

" سعيد بقدومكم يا سادة وسيدات.....اعلم انكم كنتم تنتظرون هذه اللحظة منذ مدة طويلة...لذا أريد أن أعرفكم بنفسي.........أنا أكون الروي واسمي الحقيقي هو سوليفان تارفر...."

كان الجميع ينظر له باندهاش والبعض بتفاجئ.... هل الروي وأخيرا كان يقف أمامهم ويكشف أوراقه بدءا باسمه الحقيقي....هذا غير متوقع تماما....بعضهم لم يصدق هذا....

قطع الصمت صوت وولف وهو يقول ببرود :

" وأنا عندما أصبح غبيا سأصدق هذا..."

ضحك سوليفان ضحكة مستمتعة ثم توجه وجلس في مقعده
وقال :

" ولما لا ؟!...هل تجد صعوبة في تصديق أنني الروي زعيم سييرا ؟!"

رفع وولف حاجبه وقال ببرود كالصقيع :

" الرجل الذي طبق قانون التسعة مرتين  لاشخاص حاولوا معرفة هويته وقبل يومين تحدى عشيرة سيرجيو بأكملها وفي عقر دارهم لنفس السبب..لا أتوقع ان ياتي اليوم ويجلس بيننا مصرحا عن هويته ببساطة.."

نطقت إمرأة من الحضور وهي مروجة هيرووين أوكرانية بنبرة باردة وبأعين خاوية :

" أنا أؤيد السيد وولف....لقد أوضح الروي وطوال سبع سنوات
أن هويته خط أحمر ولا أحد يحق له بمعرفتها...وانا لا اهتم اصلا مادامت اعمالي معه تسير بالشكل المطلوب...لذا انا لا أجد ما قمتَ به وتصريحكَ بهويتك أمر منطقي ان  كنت انت حقا هو الروي.... "

ارتخى سوليفان في مقعده ثم نظر لهم بهدوء وقال بلامبالاة  بعد ات اسقط قناع الجدية :

" لما تأخذون الأمور بمحمل الجد دوما...أنا كنت أمزح..بالتأكيد أنا لست الروي....كل هذا كان خطة من أجل دفعه للظهور في العلن بعد كل هاته المدة "..

ضرب زعيم مافيا المكسيك يده في الطاولة بغضب وقال :

" مزحة ؟!...هل لفقت هذه اللعنة لتحضرنا من أقاصي دول العالم من اجل خطة تافهة لاستدراج الروي؟!"

رد زعيم آخر بحدة :

" هل تريد تعجيل موتنا ؟!...ثم من تظن نفسك حتى تفعل هذا
نحن لسنا لعبة لعينة بين يديك...بل و من تكون أصلا؟!"

رد سوليفان بهدوء :

" لا داعي لتفريغ غضبكم علي....انا مجرد وسيلة....كان هدفي هو القدوم للاجتماع بصفتي الروي..هذا جزء من خطة ولا دخل لي بكل هاته الفوضى.."

نطق وولف ببرود جاعلا من الهتافات المعارضة تتوقف فورا :

" هذه خطة غبية...وأنت ستموت بسببها "

جاء الرد من صوت غريب قائلا بهدوء :

" وأنا أوافقك الرأي تماما "

التفتت جميع الرؤوس لمصدر الصوت فوجدوا شابا في العشرينات  بأعين زرقاء جميلة وشعر أشقر مصفف بطريقة أنيقة..كان  يرتدي قميصا حريريا أسود وسترة مخملية بنفس اللون.....لقد كان وسيما جدا إن صح القول...

تقدم هذا الشاب منهم وقال برسمية :

" أنا نيكولاي  الذراع الأيمن للروي....وأنا أؤكد لكم أن هذه الإدعاءات التي سمعتموها اليوم بخصوص قدوم الروي هي ادعاءات كاذبة..ولقد اتيت اليوم بأمر من الروي..."

نظر بعض الحاضرين له بسخرية وبغير تصديق لكنه تجاهلهم وواصل بجدية :

" الروي يريد الحديث معكم جميعا "

عند هذه الجملة اعتدل الجميع في جلستهم ونظروا له بترقب...هل للتو قال أن الروي يود التحدث معهم ؟!..الروي ؟!..هل  سيسمعون صوته لأول مرة بعد كل هاته السنين...

نظر نيكولاي للحاضرين بهدوء ثم قال :

" أعلم أن بعضكم لن يصدقني...لكن هناك من سبق وتحدث معي شخصيا عبر الهاتف بخصوص مشاكل حدثت سابقا من أجل أن أنقلها للروي...لذا من المرجح أن صوتي قد يبدو مألوفا للبعض...."

أومأ القليل من الرجال كونهم المعنيين بما قاله وهذا كان سببا ليصدق الجميع انه حقا  على علاقة بالروي الحقيقي فتابع نيكولاي بدوره عند رؤيته لردة فعلهم الايجابية  :

" إذن...أعتقد ان الوقت حان لتتعرفوا على الروي.."

حل الصمت في القاعة والكل منتظرين سماع صوت الروي وما سيقوله لهم بعد ان كان مخفيا كل هاته السنين....بينما وولف فقد ظل صامتا وهادئا دون أن ينطق بحرف بينما عقله تشغله آلاف الأفكار...

اتصل نيكولاي بالرقم المطلوب وفتح مكبر الصوت وقربه من الميكروفون ليصل لمسامع الجميع بشكل واضح كون القاعة كانت شاسعة جدا....

ثواني قليلة كانت بمثابة دقائق طويلة للحضور وهم يسمعون صوت الرنات أثناء تبادلهم النظرات بين بعضهم...

رفع الروي الخط فتوقف الجميع عن الحركة بالمعنى الحرفي..

" إذن.....حسب ما أرى جميعكم مجتمعون ومتشوقون لرؤيتي....لقد كنت أعتقد أنني وطوال هذه السنوات جعلت الأمر واضحا بأن هويتي موضوع غير قابل للنقاش...لذا أريد أن أفهم سبب هذه الفوضى التي حدثت اليوم.."

رغم ان الصوت لم يكن صوت الروي الحقيقي وهو أنر مؤكد..لكن طريقة تحدثه جعلتهم يدركون خطورته وخطورة ماهو قادر على فعله....

نعم..الصوت ليس صوت مارينا كما تعتقدون بل هو صوت آلي يتم الحصول عليه عن طريق جهاز موصل بالهاتف لجعل النبرة غير محددة وغير قابلة للتعرف عليها...وهذا جعلهم يستغربون كونه استعمل هاته التقنية وأولهم وولف الذي نطق ببرود :

" لما لم تظهر صوتك الحقيقي ؟!"

جاءه الرد من الروي بنبرة باردة مماثلة لخاصته :

" وولف سييرا......تسأل السؤال رغم أنك تعرف جوابه بالفعل.....لكنني سأجيب رغم ذلك ...."

ظل الحضور ينظرون للهاتف الموضوع أمام الميكروفون بجدية وباحترام كما لو أن الروي واقف أمامهم...فتابع هذا الأخير قائلا :

"...أنا لم أستخدم صوتي الحقيقي...لأن 10 ٪ منكم يعرف هويتي الحقيقة وبالتالي صوتي سيكون مألوفا لديكم..لذا أنا أتخذ إحتياطاتي..."

تبادل الجميع نظرات التفاجئ لما قاله وهم غير مصدقين لما وصل لمسامعهم....هل و اللعنة هناك احتمال ان بعضهم سبق ووقف أمام الروي وفي حضرته دون أن يتعرفوا عليه ؟!..كيف و اللعنة حدث هذا ؟!....

تحدث سوليفان بتحدي مبطن بسخرية موجها حديثه للروي :

" ألا تعتقد أن ماقمت به للتو يعد مخاطرة....إظهار مساعدك للجميع كان حركة خاطئة من طرفك زعيم روي....خصوصا وأننا نستطيع احتجازه هنا وسحب المعلومات منه..أو حتى تعقب الإتصال من هاتفه ورقمك الخاص المدون فيه .."

ابتسم نيكولاي باستمتاع بينما نظر الجميع لسوليفان بتفاجئ من جرأته...لكنهم في نفس الوقت كانوا ينتظرون إجابة الروي...أما وولف وضع يده تحت ذقنه وهو يراقب بهدوء... وحينها أتاهم الرد بنبرة باردة :

" هذا ممكن نعم...لكن قبل أن ينهض أي أحد من كرسيه أو حتى يسحب مسدسه نحو نيكولاي ستخترق رصاصة  رأسه...."

ضحك سوليفان بسخرية غير عالم بنتائج وقاحته :

" يؤسفني أن أخبرك أن جميع الحاضرين لايحملون أسلحة...وأن زجاج النوافذ مضاد للرصاص ولا يمكن ل......."

لم يكمل سوليفان حديثه حتى اخترقت رصاصة زجاج النافذة
واتجهت نحوه ممزقة له أذنه...فتعالى صراخه في المكان وتسايلت دماءه...تت الأنظار المصدومة....

وحينها تابع الروي ببرود :

" لا زجاج يمنع رصاصتي من الوصول لهدفها...وأنا دوما أنفذ تهديداتي...سيد تارفر..."

حل الصمت في القاعة ولم يجرؤ أحد على الحديث....فكما يبدو... الروي لا يمزح...كلمة خاطئة تقابلها رصاصة جميلة وسط الجمجمة...

لكن طبعا هناك شخص لا يخاف...ولا احد يهدده...لذا نطق ببرود :

" ما السبب الذي سيجعلنا نوافق على مواصلة العمل مع شخص يرفض ان يرينا هويته الحقيقية.."

رد الروي بهدوء وجدية :

" سيد سييرا....طوال هاته السنوات لم يواجه أحد مشكلة في العمل معي...خصوصا من جهتي في الاتفاق...لذا لا ارى ان معرفة هويتي سيحدث أي فرق في سير العمل....ومن لم يعجبه الأمر يستطيع الانسحاب....ليس لدي أي مشكلة..."

رفع وولف حاجبه وقال ببرود  :

" هل تعتقد أنني لا أعلم ما الذي يجري...جميع الحاضرين هنا....40٪ من أعمالهم أو أكثر متركزة في روسيا....لذا هم لا يستطيعون الانسحاب....أي  أنك تقيدهم بالعمل معك بشكل غير مباشر...."

ضحك الروي بخفة تحت استغراب البعض  ثم قال بهدوء :

" للأسف..هذا صحيح.....سيد وولف......."

نطق رجل آخر يعمل في تجارة الأسلحة من ألمانيا قائلا :

" لكن ما السبب لفعلك هذا...أعني أنت تسيطر على روسيا بشكل كامل...وتضع قوانين جد صعبة....لما كل هذا التعقيد ؟؛"

تحولت نبرة الروي للبرود  من جديد وقال :

" كل هذا لسبب بسيط...وهو أن روسيا ملكي...  وتلك القوانين التي تراها معقدة وصعبة سيد سيباستيان بالاك...هي نفسها القوانين التي تحميكم وتنظم أعمالكم داخل روسيا....هل تعتقدون أنني أعمل فقط مع الحاضرين هنا في هذه القاعة ؟!...أنا أشرف على مئات العصابات في كل أقاليم روسيا وأسير أعمالكم بدقة كي لا يحدث أي خطأ.....لذا دعوا هذه الشكاوي عندكم أنا لا أحتاجها...من يريد العمل في روسيا...مرحبا به...ومن لا يريد.....الجحيم تنتظره...."

سكت الجميع وشرد كل واحد بأفكاره وفيما قاله الروي توا...لو كانت  لديهم ذرة شك سابقا في انه الروي الحقيقي..فقد تبخرت الآن....لأن فقط شخصا بمثل قوة ومكانة الروي يتحدث بهذه الطريقة والقوة...ثم ان كل كلمة قالها هي دليل بحد ذاته...من أعماله...تهديداته..معرفته لهوية من يتحدث معه دون ان يراه....الثقة بين أحرفه...
المجنون فقط من يتجرأ ويشك في هويته..

قطع أفكارهم والصوت المطبق على المكان الروي بنبرة باردة :

" المسؤول خلف تلفيق هذا الاجتماع وهذه الخطة التافهة لاستدراجي ستسمعون خبر وفاته الليلة.....أما سوليفان تارفر فاعتقد ان رصاصة واحدة بين عينيك كافية.....إلى لقاء آخر...آمل أن تكونوا أحياء حتى ذلك الحين..."

أنهى الروي الاتصال فابتلع الجميع ريقهم من كلماته الأخيرة بينما سوليفان فقد انتفض مكانه وهتف بصراخ وهو لايزال يمسك أذنه بالم واضح والدماء تسيل على ثيابه :

" لما و اللعنة يريد قتلي ؟!...انا لا دخل لي في الموضوع...لقد تم الدفع  لي لاداء عملي.. هذا ليس عادلا.."

قلب وولف اعينه بملل ونهض ليستعد للخروج بينما نيكولاي فقد رد على سوليفان ببرود :

" خطأك أنك قبلت هذا العمل..وانت ستدفع ثمن ادعائك انك الروي....هاته هي الأوامر...."

فتح سوليفان فمه ليعترض لكن نيكولاي تجاهله ببرود وسحب مسدسه من خلف ظهره وبدقة أطلق رصاصة واحدة في منتصف جبهته دون ان يرمش حتى....

سقط رأس سوليفان على الطاولة وهو جالسا وسالت دماءه تحت انظار الجميع...بينما نيكولاي فقد نظر للبقية برسمية وهدوء...وقال :

" سررت بلقائكم..يا سادة ويا سيدات....أعذروني سأنصرف الآن.....إلى لقاء آخر...."

ومع آخر كلمة خرج نيكولاي بهدوء في نفس الوقت الذي خرج فيه وولف....وعندما صادفه نيكولاي أومأ برأسه له باحترام..لانه يعلم ان وولف سييرا أعلى شأنا من كل الحاضرين في القاعة..ولسببين..أولهما أنه الوحش...والثاني انه زوج الزعيمة روي....

بينما في تلك اللحظة وما أن فتح وولف هاتفه حتى وجد  رسالة من أندريه يخبره انه لن يسمح له بمغادرة ألمانيا  وسيفجر له طائرته ان لم ياتي للقصر في زيارة خفيفة قبل ذهابه....وهذا جعل وولف يقلب عينيه بملل على تهديدات أندريه....من يرى تعامله مع الناس لن يصدق أن هذا هو أندريه كابوني نفسه......

في مكان آخر في إسبانيا :

دخل هيوغو قصره بعد أن فتح الخدم البوابة له وتوجه مباشرة للطابق العلوي...مشى في  ذلك الرواق الطويل....وفتح الباب لآخر غرفة على اليسار......دخل بهدوء وأغلق الباب خلفه .....فوجد والدته تجلس على ذلك الكرسي أمام النافذة وهي تحمل كتابا في يدها...فتقدم ثم انحنى أمامها فانتبهت له ووضعت الكتاب جانبا....وابتسمت له بحب....وقالت :

" صغيري...كيف حالك....لقد تأخرت اليوم في العودة..هل انت بخير ؟!"

قبل هيوغو يدها ثم قال بهدوء :

" كل شيئ بخير أمي.....اخبريني هل تناولت دوائك ؟!"

أومأت والدته بابتسامة ثم قالت وهي  تبعثر خصلات شعره الاشقر :

" توقف عن القلق علي..انا بخير.."

أبعد هيوغو يد والدته عن شعره وقال بانزعاج مصطنع :

" أمي توقفي عن هذا..انا لست صغيرا...."

ابتسمت أمه بمكر و مدت يدها لتعيد بعثرة شعره من جديد لكنه امسك يدها ورفع حاجبه قائلا :

" خدعة قديمة سيدة آندريس..."

ضحكت والدته على كلامه...وتذكرت عندما كانت دائما تخدعه بإعادة فعل الحركة مرتين متتاليتين....فينزعج ويعبس كما يفعل  الآن....على عكس أخيه.....

وعند هذه الفكرة تحولت ملامح وجهها الجدية وقالت له بهدوء :

" هل اتصل أخوك أم لا ؟!"

نهض هيوغو من وضعية الإنحناء ثم وقف واتكأ بجسده على الجدار مقابلا لوالدته وقال بهدوء :

" لقد اتصلت به أمس وتحدثنا قليلا....أنت تعلمين طباعه..هو يرفض ان يخبرني بأي شيئ...دائما نفس الحديث المعتاد....."

تنهدت أمه بحزن ثم قالت بهدوء وهي تنظر عبر زجاج النافذة:

" أنا لا أعلم إلى متى سنستمر بإخفاء حقيقة وجوده....أنا أخاف عليه كثيرا...كونه يعيش هناك لوحده...هذا ليس ذنبه بتاتا.....ومع ذلك هو من يدفع الثمن...."

انقبض فك هيوغو وقال :

" انت تعلمين أمي ان هذا لمصلحة الجميع....عليه ان يظل مخفيا...على الاقل لمدة أكثر بعد....ليس ونحن على بعد خطوة من تحقيق خطتنا.... "

التفتت له والدته بجدية وقالت :

" ألا زلت لم تغير رأيك بعد ؟!....هدفنا وولف سييرا...لذا دع أخته خارج الموضوع......"

نظر لها هيوغو ببرود وقال :

" إن أردنا إيذاء وولف علينا أن نلوي يده التي توجعه أولا...وهي أخته أورورا  بكل تأكيد...."

نهضت السيدة آندريس من مكانها ووقفت أمام ابنها الذي كان يحمل اعينا مشابهة لخاصة والده ثم قالت بهدوء :

" بني...أنا لا أريدك أن تندم لاحقا...هي لادخل لها بالموضوع.."

اعتدل هيوغو في وقفته وقال ببرود :

" لقد فكرت جيدا بالامر واتخذت قراري...ولا تقلقي انا لن اندم بتاتا...."

مع جملته الاخيرة غادر جناح والدته وتوجه لجناحه ليرتاح بينما والدته ابتسمت بسخرية وقالت بهمس  :

" أوه..ستندم حقا يا بني..."

...............   .............  ...............   ..............  ................  ...............   .............  ................  ...............   ............

كانت مارينا تمشي في الرواق في وقت متأخر من الليل بعد ان انهت عملها وأثناء ذلك مرت على غرفة الأولاد....فلاحظت ان الباب مفتوح لذا دخلت بهدوء واول ما وقعت عليه أعينها هو أديلينا التي كانت نائمة على سريرها بشكل مبعثر وغياب أرتورو عن الوجود...لذا توجهت نحو الفتاة الصغيرة وأرادت تعديل وضعيتها لكنها سرعان ما لاحظت الدموع الجافة على وجنتيها وأنها تمسك بصورة ما نحو صدرها.....لذا وبهدوء سحبت الإطار من بين يديها بخفة
وقلبته لترى الصورة...وحينها انقبض قلبها....

لقد كانت صورة انجل وهي تحضن أديلينا و ارتورو بقوة لصدرها وثلاثتهم يبتسمون للكاميرا...حتى أرتورو الذي كان يبدو جد مرتاح مع أمه.....وهذا فقط جعلها تشعر بالحزن عليهما...

إن  مارينا  لم تحظى بأم في حياتها....ولذلك هي تتفهم مايمرون به في هاته السن الصغيرة....هي لا تعلم ما الذي يجدر بها فعله...فهي مهما فعلت اقصى ماتستطيع تحقيقه هو اسعادهم وليس تعويض مكانة امهم....ذلك امر مستحيل...

عدلت مارينا وضعية أديلينا ثم غطتها واعادت الاطار لمكانه بجانب السرير.....وخرجت لتبحث عن ارتورو.....

لقد توجهت للاسفل....فلم تجده في قاعة الجلوس...ولا في الحديقة...فاعتقدت انه ربما يكون في المطبخ...لكنها لم تجده هناك كذلك....لذا ذهبت للمكتبة ونفس الشيئ وجدتها خاوية...حتى غرف النوم كانت مظلمة مما يعني ان اورورا والسيد والسيدة سييرا  نائمين هذا يعني أنه ليس مع أحدهم...وفجأة خطرت على بالها فكرة فصعدت للطابق العلوي من جديد وتوجهت لغرفة اللعب أين يتواجد البيانو...

عندما وصلت فتحت الباب بهدوء وتقدمت...وكما توقعت لقد وجدته هناك.....جالسا على كرسي البيانو ورأسه منحني للأسفل...لقد كانت هناك إضاءة خفيفة في المكان....ومع ذلك لم تستطع رؤية ملامحه جيدا.....

لذا تقدمت منه بهدوء بعد ان اغلقت الباب وعندما وصلت عنده انحنت قليلا وقالت بهدوء :

" أرتورو.."

انتفض الصغير مكانه ورفع رأسه بسرعة و عندما وجدها مارينا توتر قليلا فسارع في الابتعاد للجهة الاخرى من كرسي البيانو الطويل...لكن مع ذلك مارينا لاحظت الدموع المتكورة في عينيه....وهذا جعلها تحاول معه من جديد فقالت :

" هل انت بخير يا صغير...؟!"

لم يجبها أرتورو  بل أخفض رأسه بتوتر واضح خصوصا من تعرق يديه واحمرار وجنتيه....لذا ابتعدت عنه قليلا....وقالت بهدوء كعادتها نفس الجملة التي قالتها له في السيارة ذلك اليوم..:

" عندما يصبح التحمل صعبا.....وعندما تخاف من أي شيئ ...فقط تنفس بقوة ثم اغمض عينيك واخبر نفسك انك قوي وتستطيع فعلها...حينها كل شيئ سيصبح أسهل مما كان عليه.."

لم يقم أرتورو بأي حركة لعدة دقائق..ولم يتحدث بحرف...لكن مارينا لم تنسحب...معركتها مع هذا الصغير صعبة و لا تراجع فيها....لذلك ظلت واقفة هناك تنظر له دون ان تتحرك ودون ان تفقد الامل...

وهو لم يخيبها بالفعل...فبعد مدة لاحظت انه أغمض عينيه وهو يتنفس بهدوء...ولاحظت اختفاء الارتجافة الصغيرة في جسده مع كل نفس يأخذه....وعندما انهى فتح أعينه الزرقاء الجميلة ونظر لها بحزن عميق جعلها تتفاجئ...مشاعر مظلمة وكئيية بهذه كيف لها ان تستوطن أعين  ملاك صغير في هذا العمر..؟!.

سقطت دمعة من عين الصغير وقال تلك الكلمة الوحيدة التي شرحت كل شيئ :

" أ..أمي..."

عضت مارينا على شفتها وهي تحاول إيجاد طريقة لمواساته....كيف بحق خالق السماء ستستطيع فعل هذا ؟!..هي تريد ان تحضنه... ان تربت على ظهره بخفة عندما يبكي.... ان تمسح دموعه....لكنها لا تستطيع.. لانه سيخاف منها ويبتعد..وهذا ما لا  تريده....التعامل معه صعب ويجب ان يكون ناجما عن تفكير...لايمكنك ان تتعامل مع طفل يعاني رهابا اجتماعيا كما تتعامل مع طفل عادي....وهنا تكمن المشكلة...

لذا تقدمت بحذر وجلست جانبه فلاحظت انه لم يبتعد كالمرة الاولى لذا قالت بهدوء و بصوت ناعم وخفيف يكاد يكون همسا :

" أنا أعلم أنك اشتقت لها كثيرا...حتى انا اشتاق لامي كذلك.....لكن والدتك لن تكون سعيدة برؤيتك حزينا هكذا.....فانا متاكدة انها في مكان افضل......"

نظر ارتورو لمارينا باستغراب حل محل حزنه..خصوصا عند نطقها الجملة الاخيرة فقالت له بنفس النبرة :

" والدتك ملاك.....والملائكة مكانها في السماء...."

أومأ أرتورو بتفهم والقليل من العبوس و توجه بنظره نحو السماء الحالكة السواد التي تظهر من الجدار الزجاجي والبدر المكتمل الذي كان يتوسطها....كانه ينظر لوالدته تماما...بحب وباشتياق... وهنا خطرت فكرة على بال مارينا لذا نطقت بهدوء :

" ما رأيك أن نهديها أغنية هادئة وجميلة في كل مرة يكون البدر فيها مكتملا....لنجعله طقسا خاصا...؟!"

نظر لها أرتورو ببعض التوتر والخجل وقبض على ياقة قميصه
بين اصابته الصغيرة ثم أومأ بهدوء.....

وهذا كان  إشارة لمارينا التي سارعت برفع الغطاء عن مفاتيح البيانو ولمسها بخفة...ثم حاولت ايجاد اغنية هادئة باللغة الاسبانية كون أرتورو صغير ولايتقن لغات أخرى عدا لغته الأم
وعندما وجدت ماتبحث عنه...مدت أصابعها لمفاتيح البيانو  وانجرفت بعيدا كما تفعل في كل مرة....


(Karol G..... ..Ocean.)

عندما انهت مارينا الغناء عند آخر نوتة من النوتات....لم تعرف هل كانت هذه الاغنية هدية من ارتورو لامه...ام ان مشاعرها من كانت تتحدث عما في قلبها كالعادة....ومن غيره وولف يستوطن قلبها....

لقد كانت  الكلمات من اجل  الصغير ومن اجل حبها.... وكلاهما معركة في  حياتها...الاول الطريق إليه صعب وطويل والآخر الطريق إليه شبه مستحيل......

خرجت من شرودها عند الشعور بارتورو يسقط على جانبها نائما بخفة ودمعة تزين كل وجنة من وجنتيه.....

وهذا جعلها تبتسم رغم شعورها بالحزن من أجله......من غير العادل ان يعاني أولاد  في هذا السن من الم الفقدان....و لان حالة ارتورو حالة خاصة فهذا يجعل من الصعب عليه مشاركة مشاعره ومشاكله مع الغير......

اغلقت مارينا  الغطاء على مفاتيح البيانو من جديد ثم حملت ارتورو بخفة ودون وعي منه دفن راسه في عنقها وتشبث برقبتها....وهو لايزال نائما....لا بد انه متعب حقا...خصوصا وان الوقت جد  متأخر وان بكاءه جعله ينام بسرعة اكبر....

عندما وصلت مارينا أمام سريره   وضعته في مكانه بخفة كي لاتوقظه ثم عدلت وضعيته قليلا ورفعت الغطاء عليه...  وعندما أنهت أمسكت يديه الاثنتان وقبلتهما والتفت لتغادر لكنها فجأة شعرت به يمسك ابهامها بكفة يده الصغيرة وهو لايزال يغط في نوم عميق....وهذا حرك داخلها مشاعر عديدة..

ان رؤيته يمسك اصبعها بهذه الوضعية جعلتها تتذكر ان هاته اليد الصغيرة هي نفسها اليد التي جعلتها تقسم قبل سنين ألا تتركها ابدا....وهي لحد الساعة لاتزال محافظة على وعدها...و ستظل محافظة على وعدها لاخر نفس لها.....

🎬🎬🎬🎬🎬🎬🎬🎬🎬🎬🎬🎬🎬🎬🎬🎬🎬🎬🎬🎬🎬🎬🎬🎬🎬🎬🎬🎬

مرحبا يا حلويين 🤗🤗

الفصل طويل نوعا ما من 3365 كلمة 😎

لقد كنت اريد جعله أطول أكثر لكن لم أرد ان اتاخر عليكم 😊

ما رأيكم بالفصل بصفة عامة ؟!

سوليفان تارفر  😁😁

هل توقعتم ان ادعاءه كان خطة لاستدراج الروي ؟

من خلف هذه الخطة ؟!

طريقة تدخل مارينا ؟!☺

هل اعجبكم نيكولاي ؟! 😍

استخدام الروي للصوت الآلي ؟!

اندريه من جديد ؟! ظهوره شبه خفيف 😁😁

حقيقة هيوغو ؟!😅😅

ما سر أخيه المخفي ؟!

حزن الاولاد وتذكرهم لوالدتهم من جديد ؟!

غناء مارينا لارتورو  ؟!😬😬

اتمنى ان يكون الفصل قد أعجبكم قليلا...😩

وبالمناسبة لمن يتساءل عن الروايتين الاخريتين..سأوضح الامر هنا يا رفاق...الفصل القادم من صراع المافيا يحتوي على عدة تعقيدات لا يحب علي ان اخطا فيها...ويحتاج تركيزا ووقتا وانا لم انهه بعد...اما فصل الدونة فقد كتبت فيه  حوالي 2000 كلمة ولكنني انور جعله طويلا عن المعتاد لذا اصبروا معي قليلا يا حلوين 🙃🙃

إلى اللقاء في الفصل القادم يوم الاثنين بحول الله 😜

أحبكم يا أحلى قراء 😍😍😍😍

Continue Reading

You'll Also Like

333K 26.9K 55
من رحم الطفوله والصراعات خرجت امراءة غامضة هل سيوقفها الماضي الذي جعلها بهذة الشخصيه ام ستختار المستقبل المجهول؟ معا لنرى ماذا ينتضرنا في رواية...
1.2M 22.2K 61
نتحدث هنا يا سادة عن ملحمة أمبراطورية المغازي تلك العائلة العريقة" الذي يدير اعمالها الحفيد الأكبر «جبران المغازي» المعروف بقساوة القلب وصلابة العقل...
128K 13.7K 123
{كتاب تعليمي للمبتدئين}. تقرأ الكثير من الروايات وتتمنى أن تصل الى هذا المستوى لكن البداية صعبة. تحتاج لمن يشذبك لتسير في الطريق. هذا الكتاب سيساعدك...
3.8M 57.3K 66
تتشابك أقدارنا ... سواء قبلنا بها أم رفضناها .. فهي حق وعلينا التسليم ‏هل أسلمك حصوني وقلاعي وأنت من فرضت عليا الخضوع والإذلال فلتكن حر...