Part 28 أورلوف

ابدأ من البداية
                                    

الأمر صعب عليها...كالمشي حافية على أوتاد سامة....

أن ترتدي قناع الهدوء أمامه بينما كل ما تريده أن تحتضن روحه بروحها و تمتص كل آلامه و أحزانه....

أن ترتدي قناع الهدوء بينما قلبها الهائج و عقلها المتمرد يصرخان بها كي تريه كيف أنها تحبه كما لم يتم حبه من قبل ...

وكيف أنها تقدس كل نفس يصدره وكل رفعة لرمشه الأسود و أن كل قطرة دم تسيل منه هي أغلى عندها من أن تلامس أرضية تافهة عادية..

لكن كل هذا قناع...قناع لا تعلم إن كانت ستسقطه يوما ....أو ستستطيع ألا تسقطه يوما..

لكن و لأنها لم تنجح في ترويض نفسها المتمردة المتعلقة بشخص وسيم في الداخل ... فقد زفرت بتعب واضعة جبينها على الجدار وهي تغمض عينيها ..

بألم...

الألم رفيقها في كل هذا..

كيف لهم بحق رب السماوات أن يقولوا أن للجسد روحا واحدة ؟...لأن ما تشعر به الآن كان جحيما مستعرا داخلها كما كانت داخله هو....ربما هو روح روحها أو ربما هو كل روحها ...لكن ما تعلمه أن مشاعرها كانت أعلى من الحب...

كان ارتباط روح....ارتباط أقدار...كان غرقا وكان هوسا....و حتى أنه كان لحنا لكل نبضة في قلبها الخائن....

قلبها الذي كان يضرب داخل صدرها الآن كأنه يريد تمزيق كل شيئ و الخروج... فقط من أجله...لعله يهدأه قليلا...

لكنها تعلم أن الآن ليس وقتا لتضعف فيه...لأنه يحتاجها أكثر من كل وقت مضى...لأنه لأول مرة سيسير في الظلام من جديد وستكون هي خلفه في كل خطوة ..

لذا فقد أخذت نفسا طويلا قويا متعبا....ثم أمسكت قلادتها التي تحمل حرف إسمها.....

إسمها و إسمه فحتى في إسمها تواجد إسمه عكسيا وهي تضعه قرب قلبها دوما ...

لهذا ...وبأصابع مشتدة حول القلادة أغمضت عينيها و دعت للرب ككل عادة بكل إيمان فقط من أجله...إيمان بالحب قبل كل شيئ :

" ألمي بدل ألمه....روحي بدل روحه....و دماءي من أجل كله...دوما و أبدا..."

كانت هذه العبارة التي ترددها دوما في كل مرة تقرر الدعاء...لم تكن شخصا مؤمنا بأي دين ولا تنتمي لأي طائفة...

لكنها كانت تؤمن بالرب و الحب و القدر...

لذا في كل مرة تدعو الرب كانت كأنها تتضرع لتضحي بكل شيئ من أجله ...كأنه ديانتها الوحيدة كما كان قدرها الأوحد...

يقال أن من علامات الحب الشديد أن يضمك أحد في دعائه للرب ...أما هي فلم تكن تضمه ....بل كان الدعاء الوحيد لها....طوال حياتها.....متجاوزة بذلك كل افتراضات الحب....كل تخيلاتهم عن المراتب العشقية....

إن لم يكن عشقا ؟ فلا أعلم ما هو....

و بعد أن رتلت دعاءها الوحيد عدة مرات فتحت عسليتاها وابتلعت ريقها بهدوء ثم عدلت خصلات شعرها الناري التي سقطت على وجهها الذي يشع حبا و حزنا...

عاشقة في الظلامحيث تعيش القصص. اكتشف الآن