اسكريبت (٨) "هدير هاشم"

611 32 0
                                    

- يعني خلاص هنعزل يا بابا؟
- ‏معدش لينا مكان هنا يا تاج.
- ‏وحياتنا؟
- ‏انتهت، بس زي ما عودتكم كل نهاية بداية.

دخلت الآوضة وحضنت أختي وأنا بعيط، اشمعنا احنا اللي مش مستقرين؟
لأننا فجأة قررنا نبدأ في مكان جديد، وبعيد، منعرفش فيه حد ولا نعرف حتى المكان.

- هنعرف ناس جديدة يا تاج.
مسكت ايديها بقوة:
- أنا خايفة يا هايدي.

أنا مبعرفش اتعود على أي حاجة بسهولة، فلما حياتي فجأة تتنقل من مكان لمكان تاني المفروض اتأقلم ويبقى عادي!
أنا حتى معرفش المكان الجديد ده فين! محافظة تانية؟ وحياة جديدة.

أنا شخص روتيني لأبعد حد، مبحبش التجديدات، فما بالك والتجديد في كُل حياتي.

وصلنا بعد ساعات سفر محستش بيها وأنا بفكر بتعب، المكان كان مألوف، أو يمكن لأن كل المحافظات متشابهه فمحستش بفرق!

بيت منعزل في مكان بجانب بيوت كتير، شكله قديم، وبرغم كده كان فيه روح، منوَّر، دخلت المكان وبابا سابلنا الحرية كل واحدة تختار المكان اللي تحبه.

كانت أوضة في ركن، مش كبيرة أحس فيها بالغُربة، ولا هي صغيرة أحس فيها بالخنقة، كان ليها شباك صغير على الزرع وبيت بعيد مسافة مش كتير، بدأنا نرتب كل البيت ونعدل كل حاجة مكانها، وفي النهاية كل واحد دخل مكانه بهدوء.

- أرتب معاكي الكُتب؟
بصيت قدامي وحطيت الكتاب من أيدي:
- ‏انتي مبتحبيش الكُتب.
- ‏بس بحبك أنتي.
ضحكت:
- أنا كويسة يا هايدي متخافيش.
- ‏ماما قلقانة عليكي.
اتنهدت:
- علشان ساكتة! متقلقيش يا هايدي أنا بس هاخد فترة على ما اتأقلم على المكان.
بصت قدامها وضحكت:
- أنا بجد محبتش المكان، هادي عن بيتنا القديم، أنا بحب الدوشة.
- ‏يمكن دي الحاجة اللي مريحاني شوية، إني مبحبش الدوشة.
- ‏اختارتي أهدى مكان.
- ‏اختارت مملكة خاصة، اخرجي برا بقا.

فضلنا سوا نهزر ونضحك وفضلت جنبي لحد ما نمنا مكانا، صحينا تاني يوم على صوت ماما وهي بتفتح الشباك وبتبتسم، قومنا وفطرنا وبعدها ودعنا بابا اللي استلم شغله الجديد.

- ملقيتوش مكان ابعد من هنا تشتروا فيه!
ضحكت ماما وهي بترد عليها:
- علشان نبعد عن أصحابك يا هايدي.
دبدبت برجلها في الأرض:
- مانا اصلا مش بنتكم!
ضحكت وبصيت قدامي، ضحكت ماما وقالتلي:
- خلصي علشان هتطلعي معايا نقدم لأختك في المدرسة.
- ‏خدي هايدي طيب.
- ‏لأ هايدي هتفضل هنا مع أختك لحد ما نرجع.
حركت دماغي بالموافقة فقالت هايدي بضحك:
- يبختك هتطلعي.

في الحقيقة مكنتش حابة اخرج، أنا لحد الان مش مستوعبة إن بعد العمر ده كله أبدأ حياة من أول وجديد وكأني لسه ببدأ أتنفس!

المكان كان مريح، والناس هناك كانت لطيفة وابتساماتهم مريحة، لكن أنا كنت حاسة بغُربة، غُربة عن كل حاجة في المكان.

اسكريبتات Wo Geschichten leben. Entdecke jetzt