56|تتبع- عدوُّ الماضي|

902 99 515
                                    

«لكنني لا أشبه الشخص الذي كنت أخطط أن أكونه،
ولا أعرف كيف ومتى خرج مني الشخص الذي أنا عليه..
هذا أمر موحش، أن لا تتعرّف على نفسك.»

اقتباس


___

26 أكتوبر - السبت - الخامسة وعشر دقائق مساءً

عيناه المرتجفتان بعصبية شديدة تحرقانه، كانتا حمراوتان تمامًا، ومقلتيه الصفراوتين ترتجفان لهول الاضطراب الذي يشعر به.

ألم عارم.. يسحق صدره، والصرير استولى على أسنانه جراء ضغطه على فكه المرتجف.. بل جسده بأكمله يرتجف.

«اللعنة عليه، اللعنة عليه، اللعنة عليه!»

كررها بغضبٍ عارم يضرب بكفه مقود السيارة بجنون ليصدح صوت بوقها بالرغم من أن الطريق فارغ.

واجهه منعطف فأدار المقود لتنعطف السيارة بحدة ويعلو صوت احتكاك الإطارات.

الجنون يتملكه.. لم يشهد نفسه في حالة من فقد الأعصاب لهذه الدرجة طوال حياته.

ربما كان ينهار، كان يجثو، كان الحزن يتربع في قلبه بصفاقة، لكنه لم يكن عصبيًا لهذه الدرجة من قبل إطلاقًا.. لدرجة أنه يتخيل والده يموت أمامه ويسعد.

توقفت سيارته بالتفافٍ حاد أمام مبنى الشركة الفرعية لشركة والده في عاصمة فنلندا، الحراس تحركوا نحوه يريدون إبعاد السيارة المجهولة من أمام الشركة، لكن رئيسهم أوقفهم بسرعة وهو يرى عزام ينزل منها بسرعة وملامح مشدودة، ثم سرعان ما انحنى له يتحدث برسمية واحترام والآخر يصعد الدرجات القليلة بسرعة «مرحبًا بك يا سيدي»

«قدني لوالدي»

تحدث عزام باقتضاب يعبر من خلفه على الرغم من أنه لم يره مسبقًا، وتابعه الآخر باضطراب وتفاجؤ وهما يعبران الباب الزجاجي الدوار للردهة حيث انتشر الموظفين ثم تحدث «لكن.. السيد لديه اجتماع هام..»

«ألم تسمعني!»
صرخ به عزام فجأة يلتفت له واقفًا فيبهت الآخر يحدق به، وتظهر هيئته العصبية بوضوح له.

صوته المرتفع والغاضب جعل الارتباك يعم بين الموظفين في المكان للموقف الغريب بين المرافق الشخصي للسيد وبين من بدا ابنه.

ابنه الذي يرونه لأول مرة في شركة والده وجهًا لوجه.

بل المرة الوحيدة التي رأوه بها كانت على نشرات الأخبار قبل أكثر من شهر.

||خذلان : نسيجُ وهم||Where stories live. Discover now