47|مليءٌ بالكذب- اغتيالات|

916 83 272
                                    

روسيا - موسكو
2 أكتوبر- السبت- الثامنة مساءً

خطوات مبللة صدحت على الأرضية النظيفة.

الشموع توزعت في الجناح وأُطفِئت المصابيح الكهربائية تعطيه طابعًا دافئًا وغامضًا بالتناقض، وجلست هي مقابل مرآة طاولة الزينة، تتكئ بذقنها على أسفل راحة كفها اليمنى وتريح الأخرى على الطاولة، تحدق بوجهها بصمت بعد أن انتهت من حمامها الليلي المعتاد.

شعرها الكستنائي المبلل انسدل مختفيًا أسفل ثوب الحمام ذو اللون الأبيض، ونظراتها بدت ناعسة وشاردة لا تتزحزح عن وجهها.

لدقائق طالت وتعدت النصف ساعة، قبل أن تعتدل تشعر بخدرٍ في معصم كفها فتمسده بعدم اهتمام وهي تنهض ناحية باب خزانتها الذهبية المحاذ للجدار.

سحبت الباب للجانب وظهرت ثيابها المتمثل أغلبها بالجينز الممزق وقمصان الدانتيل العارية، الضيقة والقصيرة، حركت كفها بينها، ثم توقفت لبرهة تغرق بين أفكارها، قبل أن تسحب الباب أكثر تفتحه لآخر الرفوف على الجانب، ثم تسحب منامة زرقاء ثقيلة وتعود تغلقه.

تحركت تخرج من جناحها بعد أن ارتدت منامتها الصوفية وجففت شعرها، ثم عقدته للخلف ببساطة، كفيها في جيبي الكنزة وعينيها هادئتين على غير المعتاد.

كانت تصادف بعض الخدم بين الحين والآخر، والذين ينحنون لها حال رؤيتها فيم لم تكلف نفسها عناء النظر لهم وهي تعبر الممرات التي تحفظها عن ظهر قلب، حتى وصلت للردهة المميزة.

برائحة زهور الأقحوان التي تفوح في الأرجاء في كل لحظة، وبالمزهريات الطويلة والنحيفة التي تزين الزوايا والتي يتم تغيير زهورها بشكلٍ منتظم منذ أتت لهذا القصر.

تحركت نحو الباب الكبير الأبيض الذي يتوسط الردهة، توقعته مواربًا وجاء توقعها في محله وهي ترى تلك الفرجة الضيقة فيه لتمد يدها تمسك مقبضه وتدفعه بهدوء.

صوت الخشب المحترق في المدفئة داعب أذنها، في حين ظهرت سيدة الغرفة تجلس أمام طاولة عشاءها في نطاق بصرها.

تتناول آخر ما بطبقها ببطء وهدوء وخادمتين تقفان على مقربة منها، والتي سرعان ما تحركت إحداهما ناحية الطاولة ترفع الطبقين الفارغين وأدوات الطعام، والأخرى تتقدم من السيدة شقراء الملامح تقف خلفها فقط وهي تقف من مكانها.

ترتدي منامة حريرة بيضاء على شكل ثوبٍ مطرز ومزين بالدانتيل كعادتها، ووشاحها الأزرق الطويل يلتف حولها يعطيها الدفء.

لم تتحرك الواقفة أمام الباب مطلقًا أو تصدر أي صوت يدل على تواجدها، وهي تراقب السيدة تتحرك نحو حمامها تتبعها الخادمة، وفور ما سمعت صوت باب دورة المياه يُقفل حتى تقدمت للداخل بخطوات هادئة لم يظهر صوتها بفعل السجاد الأصفر الممزوج بخطوط من اللون البنفسجي الباهت، والذي يغطي أغلب الأرضية الخشبية.

||خذلان : نسيجُ وهم||Where stories live. Discover now