||خذلان : نسيجُ وهم||

50|مدمرٌ نفسيًّا - مساعدة|

دبل آبديت غير مخطط له 💛

___

5 أكتوبر - الثلاثاء - الثامنة وعشرين دقيقة صباحًا

وصل لمحاضرته الأولى متأخرًا على غير عادته، لم يجد وقتًا ليتحدث مع ياسين الذي يجلس بقربه، بل ربما لم ينبس بحرف منذ بداية المحاضرة أساسًا مما لفت انتباه الجميع.

خصوصًا وأن المحاضرة كان يملأها النقاش والنظريات الفلسفية التي دائمًا ما يدلي برأيه القاطع فيها.

كان يناقش آرائه.. دومًا، اليوم هو صامت، بالكاد يستجمع شتاته وتركيزه، الصداع يلتهم رأسه لكنه يشعر بفتور غريب وثقل في جسده، كأنه يطفو في الوهم، الوهم الذي يحاول ابتلاعه وهو يقاومه بأقصى ما يملك.

آخر شيء يتخيله أن ينهار في الجامعة وتسيطر عليه هلوساته، من السهل بعدها أن تعرضه الجامعة لفحص طبي ويكتشفوا أثر المهلوسات في دمه وإن كانت ضئيلة، يتخيل ردة فعل الجميع، أصدقائه سيصدقونه إن شرح لهم ما حدث، عمار وياسين وأريج، لكن يستحيل أن يفعل البقية ذلك، وسيغرق من حوله بأساه وخوفهم عليه حتى النخاع.

سيدمرهم.. وستتدمر نفسيته تمامًا، فكر للحظة.. ربما هذا عقابه من والده لتدخله، ربما هو يريد حقًّا أن يدمره نفسيًّا بشكلٍ تام.

ضاقت عليه القاعة الواسعة، شعر بمخاوفه تلتهم خلايا عقله وإن بقت ملامحه مسترخية وهادئة كما هي، ولم يصدق أن الساعتين انتهتا حتى نهض يحمل حقيبته التي بقت مغلقة منذ دخوله ثم استدار يصعد المدرج نحو الباب، يترك رفيقه الذي أعطاه نظرة سريعة قلقة وهو يجمع أشيائه يضعها في حقيبته بإهمال، قبل أن يتبعه.

«ماذا حدث؟»
جاءه السؤال منه حالما أصبح جواره ليلتفت له منتبهًا للحظة، ثم يركز في طريقه ويهز رأسه نافيًا أن لا شيء، قبل أن ينتبه للآخر الذي أمسكه من ساعده وجره برفق نحو إحدى الزوايا ليقفا هناك يجلبان انتباه الجميع وإن لم يُظهِروا ذلك.

لقد كان صيت مناقشاتهما المشحونة منتشرًا لأكثر من شهر ونصف، حتى أن اجتماعهما كان أحيانًا ما يوتر البعض ويثير الإنزعاج وعدم الراحة بداخلهم، ثم فجأة، أصبحا لا يفترقان بل ويتحدثان بطريقة ودية ومزاحهما يملأ المكان.

وكان من المحتم أن هذا التغير سيجلب الأنظار عليهما والأحاديث الصغيرة الخافتة والسرية.

خصوصًا التي رُبطت بعلاقة وريث الباشا بوريثة عائلة تايور.. أريج.

وبين كل هذا كان يظهر عليهما أنهما لا يعطيان للأمر أي أهمية، أو يضعان أي تبرير للانقلاب المفاجئ في علاقتهما حتى لأفراد المجموعات التي يشتركان بها ضمن البحوثات والمشاريع.