16|خِلاف- جولة في هلسنكي|

1K 122 349
                                    

أقرب وجهة لاجتماعاهم كان مطعمًا قريبًا.

بدا مختصًّا بالمطبخ الهندي، بتصميم يغلب عليه الأسود والذهبي، ولم يهتم أحدهم للأمر أو لاسمه وهم يجتمعون فيه للحديث بعيدًا عن أنظار من في الحرم الجامعي.

يجلس الثلاثة حول طاولة واحدة بعد أن غادروا منفردين.

بهاء يحدق بعزام وابتسامة مستخفة لم تسقط من على وجهه منذ جلس.

لا يعلم لمَ الغضب بدأ يتصاعد بداخله.

الآخر لا يغادر الهدوء ملامحه رغم نظراته الغائمة، أما عمار فظل ينقل نظراته بين الاثنين بترقب وفضول.

إشعار ظهر على حاسوبه الذي يحمله في حظنه جاذبًا تركيزه، وببضعة نقرات كانت تسجيلات باب المطعم تظهر على الشاشة.

لم يكن ليخاطر بظهور ياسين أو أي أحد صدفة وهذان الإثنان مجتمعان وهو بينهما، لذا أخذ احتياطاته مسبقًا.

«من كان يُصدِّق!»

زفرها بهاء بسخرية بعد أن وضعت النادلة أكواب القهوة والماء أمامهم وغادرت، ثم أتبع متهكمًا يشير حوله بدراماتيكية «حريق، وأُناسٌ يلقون حتفهم، وأشخاصٌ ينهارون لظنهم بأنك ميت، وخيبة أمل لغيرهم، وماذا!... صاحب الشأن حيٌ يُرزق!»

أراح كفه مجددًا على ركبته وهو يضع قدمًا فوق الأخرى، ثم أتبع يُحدق به مباشرة، وقد تجلَّى بعض الإزدراء في نبرته «حيٌّ يُرزق ويعيش حياته بكل راحة ولا مبالاة! لقد فِقتَ توقعاتي!»

الحدة تجلت على وجهه بعد حديثه، يشعر بالغضب، وجدًا، وتحدث عزام بهدوء «ما الذي تريد معرفته؟»

«وهل هذا يُهمّ؟ هل تعلم حتى ما أعرفه عنك؟»

تساءل بتهكمٍ حاد مفاجئ، ولعق عزام شفتيه يرمي نظراته حوله للحظات قبل أن يعود يحدق به متسائلًا «أنا أريد أن أعلم إذًا، لمَ ساعدت في إخراجي من الجزيرة؟»

«أنت تقلِّب صفحات قديمة لن تنفعك، كل ما ستجنيه هو الشعور بالامتنان نحوي لعدد المرات التي أنقذتكَ بها دون أن تعلم»

«هذا يعتمد على أسبابك» علق عزام بهدوء، ليرفع بهاء حاجبه مستخفًا، ثم سأله مغيرًا الموضوع «ماذا عنك؟ تنتحل شخصية شقيقك الأصغر منك؟ لمَ؟ ما أدركتُه بالأمس أنكما من عالمين مختلفين، لا يشبه أحدكما الآخر سوى شكلًا»

حديثه استفز عزام وبدا ذلك في عينيه بالرغم من ثبات ملامحه، وظهر زفير عمار وتمتَمتِه وهو يحدق بحاسوبه «يا لمحادثتكما المرهقة للأعصاب»

||خذلان : نسيجُ وهم||Where stories live. Discover now