57|فارغ- مختلٌ آخر|

923 104 275
                                    

«كيف يصف الإنسان خيبة أمله في الأشياء كلها دون أن يبكي.»

اقتباس

_ _ _

26 أكتوبر - السبت - السادسة وعشر دقائق مساءً

قيل دائمًا، بأن أغرب ما بالإنسان أنه يحترق رغم أنه مخلوقٌ من ماء وطين.

يحترق حتى يخمد، وما يتبقى منه يظل قاسيًا لا يؤثر عليه شيء سوى إن كُسِر.

يصيبه التبلد والجمود.

برؤيته لنفسه.. شعر بأنه حقًّا وصل لتلك المرحلة.

هو حقًّا لم يستطع توصيف شعوره لحظتها، شعر بأنه فارغ، خاو، لو انهار العالم أمامه فلن تهزه شعره.

جهل نفسه تلك اللحظة.

بعد غضبه العارم قبل دقائق هو هدأ فجأة شاعرًا ببرود اكتسح قلبه.

غاص في أفكاره بمحاولة لتحديد مشاعره، وتخطته الثوان والدقائق دون شعورٍ منه، ولم يعِ حتى امتدت كفٌ مرتجفة بيضاء ونحيلة تقطع أفكاره وتحديق عينيه بالسقف الأبيض ليرمش ثم يحدق بها للحظات.

 «لا داع للذعر، قومي بما ترينه صحيحًا»
تحدث بهدوء يجعل الطبيبة تجفل للحظة، قبل أن تسحب كفيها اللتين تحملين خيط وإبرة الجراحة، ثم تزفر نفسًا مرتجفًا تحاول استجماع شتاتها قبل أن تتحدث تحاول جعل نبرتها ثابتة «سيكون هذا مؤلمًا»

حرك صفراوتيه نحوها ببطء ولم يفته انتفاض عينيها السوداوتين لوهلة وهي تلتقي بعينيه قبل أن يتحدث مكررًا «أخبرتكِ، لا بأس»

كانت الطبيبة كلارك في آواخر الثلاثين، طبيبة والده الخاصة التي ترافقه مع طاقم طبي خاص أينما يذهب.

ترافقها الممرضة نيلسون، أو ميلا، الفتاة ذات الشعر الأحمر الناعم القصير المنسدل حول وجهها والعنيين الخضراوتين الحادتين، وعلامة الجمال التي تزين أسفل طرف اليسرى.

والتي تقف بقرب الطبيبة كلارك ويبدو على كلاهما التوتر والارتباك، فلم يصادفا أمرًا كهذا منذ بداية عملهما مع السيد.

ليس أن يضطرا لخياطة جرح في وجه ابن السيد الأكبر، أو حتى في كفه.

ابن السيد الذي نقعت ملابسه ووجهه بالدم، والذي انتشر أمر عصبيته وحدته بين الجميع كانتشار النار في الهشيم. 

وهذا ما أربك ميلا أكثر، فهو بدا هادئًا جدًّا بل ويتحدث بمراعاة لم تتوقع أن تلتمسها منه بعدما سمعت ثرثرة الموظفات في الأسفل.

||خذلان : نسيجُ وهم||Where stories live. Discover now