عودة |رسالة|

1.9K 154 439
                                    

كل ما أندم عليه هو أنني ولدت، لقد بدا لي دائمًا أن الموت يستغرق زمنًا طويلًا جدًا، وأنهُ متعبٌ جدًا.

اقتباس

لديّ صديق، وكان ذلك عُذريَ الدائم.
_

يا كُلِّي وبَعضي

___________

ضربَ برأسه بخفة على حافة ظهر الكرسي.

لا صوتٌ سوى صوت تكرار ارتطام مؤخرة رأسه، ولو كان لأفكاره صدى لملأ الضجيج غرفته المعتمة.

تنهد بعد برهة، اعتدل برأسه ثم مدَّ كفه مشعلًا الإضاءة الخافتة على حافة مكتبه، وعاد برأسه للخلف متكئًا على حافة كرسيه مجددًا.

ظل يحدق بالسقف الذي تحول لون طلاؤه الأبيض إلى رمادي في ظل الإضاءة الخافتة، ثم اعتدل فجأة.

مدَّ كفه لآخر درج على يمينه، ثم سحب مقبضه برفق لتظهر بداخله ورقة وحيدة لا يرافقها شيء.

سحبها ولم يكلف نفسه إقفال الدرج وهو يعتدل بجلوسه وعينيه تستقران على الكلمات المخطوطة بخط يميزه بين آلاف الخطوط.

رنَّ هاتفه فجأة يسحبه من بين أفكاره، فمدَّ يده ليأخذه من على الطاولة ثم فتح المكالمة ليأتيه الصوت مباشرة.

«لقد تفحَّصتُ الورقتين، طابقتُ الخطَّين بدقة...»

«ماذا وجدت؟» قاطعه بهدوء يبتر المقدمة التي بدت له طويلة، وجاءه الرد من الآخر مباشرة «إنهما متطابقان، عدا بعض الحروف التي تتغير كتابتها وفقًا لحالة الشخص النفسيَّة، لكنهما يعتبران متطابقان»

لم يأته رد من الذي ظلَّ يحدق بالورقة بصمت، فتابع «ربما لو تعطيني نصًّا أطول لكانت النتيجة أفضل، الرحمة يا ياسين! لقد أعطيتني بضعة كلمات فقط!»

«إنها كافية» قاطعه الآخر يحسم الأمر، لتقابله تنهيدة طويلة من الطرف الآخر تنمُّ عن يأس صاحبها، قبل أن يسأل «إذن أخبرني كيف حصلتَ على مستند ورقيّ بخط يده! الفتى محمِيّ من جميع الجهات!»

«اللعنة عليه فقط!» شتم ياسين بصوت منخفض.

 يكاد يُجنّ، بل قد شارف على الجنون بعد تطابق الخطَّين، كل شيء يدل إلى صحة شكوكه وعدم صحتها في آن.

«لا تشتم، لسانك يصبح بذيئًا حين تغضب، هل أخبرك أحدٌ بذلك من قبل!»

صوت رفيقه الآمر أعاده من تفكيره، ولم يكن تعليقه الأخير سوى الشرارة التي كادت تفجر غضبه، ليسارع بإنهاء المكالمة دون إعطاء رد، أتبعه بدفع هاتفه على الطاولة بغضب، وتحرير الورقة لتستقر على الحافة.

||خذلان : نسيجُ وهم||Where stories live. Discover now