Part 34 جريمة الليل الأولى

ابدأ من البداية
                                    

حملت بين يديها النبيذ الذي قدمه لها و حمل هو شرابا لاذعا أكثر و حارقا كما تحرق نظراته نياط القلب و تقبل إبتسامته جمرات ذلك فاحترقت هي محاولة معرفة ما يدور في عقله المثير ذاك و الذي تصدق أنه قيم لدى البعض كما هو لها...

" من أين سنبدأ الليلة سيدة سييرا ؟..."

كان صوته من قطع حدة السكون بينهما كما قطعت خصلات شعره جبينه متسللة لأعينه التي نظرت صوبها بهدوء و نوع من الحزم داخلها يجعلها تؤمن يقينا أنه يود وضع النقاط على الحروف التي رسمت قصتهما من البداية...

في البداية لم تجبه فورا....بل ظلت تنظر له بهدوء مررت يدها الخاوية على خصلات شعرها الناري الطويل و ظلال الليل تنعكس على أجسادهما سويا و على ملامحها التي رآها هو خاطفة للأنفاس حين كانت تجلس هكذا وسط الظلام تضع قدما على قدم و تحمل كأس نبيذ تحركه بين أصابعها...

لسبب ما...جلستها ..نظرتها نحوه..هالتها السوداء الجميلة و اللهب في لون شعرها الذي يكشف نفسه تحت ضوء الليل كله و أكمله كان يعبر عن هويتها الحقيقية و عن كيف كان يراها بهذا القدر من الجمال داخل روحه...

هكذا بالضبط كانت متربعة على عرش قلبه المظلم...عاشقة و في الظلام...ليس لأن حبها له كان مخفيا في الظلام بل لأنه وضعها ملكة على الجانب المظلم من قلبه...الجانب الذي لم يجرؤ أحد على لمسه قبلها و الذي لم يفتح هو بابه لغيرها...

عاشقة في الظلام !..

لطالما تساءل لو ألف أحد عنها رواية بعنوان ناري غامض مثلها كيف ستكون و ماذا سيكون العنوان و ها هو قد وجد الجواب...إحتاجه الأمر أن يمسك يدها و يقودها نحو روحه المظلمة ليدرك أنها خلقت لتكون ملكة هناك...

كان قلبه ينبض داخل قفصه و هو يحدق بها بهدوء مزيف يحاول ألا تتداعى دفاعاته التي يرفعها حين يجلس مقابل العسل الخطير داخل أعينها و يحمي بكلتا أيديه المنكوبة قلبه الذي يحاول التساقط ذرات بذرات و يطير مع نفس الحب نحو قلبها بخيانة غفرت له مسبقا...

لا يعلم بالضبط إن كان يسيء فهم جمال أعينها أم أن استراقها النظر لقلادة القاضي التي تتدلى على صدره بنظرة جميلة كان تخمينا صائبا منه....فهي لطالما كانت تنظر لها كأنها أجمل شيء و أن مكانها وسط صدره كان ملكيا....

جعله هذا يبتسم بخفة إبتسامة تكاد لا ترى في الظلام الذي غطى نصفه و دون أن يزيل أعينه عنها سألها بهدوء شديد :

" لم أرك للآن ترتدين توأمتها...هل لذلك سبب ؟..."

فقط ما قاله جعلها تبعد أناملها المنمقة عن شعرها تضعها على مسند المقعد و بابتسامة مماثلة لخاصته بصوتها الهادئ دوما ردت عليه :

" هي قيمة عندي...سأرتديها جانبك حين تقابل خاصتك أعداءك و ذويك..."

في اليوم الذي يرتدي خاصته ليقابل أعداءه..سترتدي هي خاصتها لتقف بجانبه...

عاشقة في الظلامحيث تعيش القصص. اكتشف الآن