غراب | Crow

נכתב על ידי itsowhatdoit

2.5M 263K 350K

تنضم المجنحة جازمين ستيلارد الى أقوى الجيوش في العالم، متبعة بذلك خطى عائلتها المعروفة والمهمة في المجال العس... עוד

تنويه
غراب
اجنحة الدمار.
مدخل | حدث غير مألوف.
٢ | حادثة مقبرة كروفورد.
٣ | نتيجة التقديم.
٤ | الشجاعة.
٥ | التمرين الاول.
٦ | تقاطع الدماء.
٧ | سوار القاتل.
٨ | انذار الغراب.
٩ | قد اكون السلام.
١٠ | برودة.
الخنجر والاربعة.
١١ | چين.
١٢ | ارسولا لاغارد.
١٣ | خيوط العنكبوت.
١٤ | الاجنحة السوداء.
١٥ | دماء ستيلارد.
١٦ | الوشاح الاسود.
١٧ | الاكابرس.
١٨ | ايقاع.
١٩ | بحيرة فلور.
٢٠ | شيطان.
٢١ | سكوربين.
٢٢ | ادوار القديسين والملوك.
٢٣ | ثلاثة غربان وحجر.
٢٤ | الافضل للنهاية.
٢٥ | تهويدة.
٢٦ | جازمين ستيلارد.
٢٧ | قربان للاسوء.
٢٨ | شيطان.
٢٩ | اعصار.
٣٠ | الوشم والقصيدة.
٣١ | اول الضحايا.
٣٢ | رايفن.
٣٣ | كمين ايغيس.
٣٤ | الغربان الجنوبية.
٣٥ | السهم المحارب.
٣٦ | السقوط والنهوض.
٣٧ | ضمادات ورصاص.
٣٨ | رجفة، رجفتان.
٣٩ | استراتيجية الالهاء.
٤٠ | ما وراء الجبال.
٤١ | ارينا.
٤٢ | قاتل ارثر.
٤٣ | ديكارسيس.
٤٤ | الفن المدمر، الفن العنيف، الفن الشرس.
٤٥ | طعم مر.
٤٦ | رفيقة جيدة.
٤٧ | لعنة الهاء.
٤٨ | اصل الشياطين.
٤٩ | المجد.
٥٠ | ماسك نواه الشفرات.
٥١ | وان كانوا الجنود يخافون، فمن سيحمي العالم؟
٥٢ | السقوط الاخير.
٥٣ | فكر مثل العدو.
٥٤ | الاسلحة، الجيش، الادرينالين.
٥٥ | قائد السنة الرابعة.
٥٦ | القسم الرابع لجيش الغربان.
٥٧ | ما هو لون ازرقي؟
٥٩ | ظلال وخيوط زرقاء.
٦٠ | نصل الحرب.
٦١ | اجنحة من دون غراب.
٦٢ | عناق الاجنحة.
٦٣ | الطلب الميت.
٦٤ | انها سخرية القدر، مجددًا.
٦٥ | حديث القبور والعظام..وتخيلات الفتيان والفتيات.
٦٦ | بلاكسان.
٦٧ | اميرة الحرب.
٦٨ | خدوش هازل.
٦٩ | منحدر مأساوي.
٧٠ | المخطط.
٧١ | يرتدي اكثر من وجهين في العلن ويضحك على الجميع.
٧٢ | المعاناة المشتركة.
٧٣ | جناح.
٧٤ | رقصة حفل التخرج.
٧٥ | جسر الغربان.
٧٦ | قوة الحب والصداقة.
٧٧ | في وسط الوحوش نُبنى.
٧٨ | «قطع من الثلج، اشلاء من الثلج.»
٧٩ | مثل الجنوب والكوخ.
٨٠ | الجنوب والجيش والادرينالين.
٨١ | سلبيات وايجابيات.
٨٢ | كلمات جايدن.
٨٣ | خدوش ادريان.
٨٤ | بوابات انتقال عبر المكان.
٨٥ | مخلوقات الليل.
٨٦ | مجرد تغيير..
٨٧ | الابن المكسور.
٨٨ | رسالة من الاجنحة.

٥٨ | جيمي بلايز.

25.1K 2.3K 4.1K
נכתב על ידי itsowhatdoit


جيمي بلايز/ 58

ماحدث سابقًا في غراب: جيمي تعرض للطعن في رقبته، جازمين اكتشفت ان ايغيس هي من ارسلت شخص لقتله، ايغيس تنوي صنع جيش رئيسي تعتمده المملكة، يكون القسم الرابع من اقسام جيش المملكة. ادريان اخبر جازمين ان عليهما ان يكونا اعداء امام الجميع حتى يفكر الكل ان ادريان ما زال يعتقد ان جازمين سيئة ويلتهي بأمر وجودها في القاعدة بدلًا من التركيز على ما يحدث من فوضى في الطبقة السياسية (الفاسدين اللذين يعقدون اتفاقات مع ايغيس حتى يكسرون الحاجز بأستخدام ازيكا، ابن اغسطس، وايدن، شقيق ميكا.) ادريان و جازمين قبلا بعضهما البعض، اجاثا و بيتركس مع عائلة سليندر ومع الجنوب.

القسم الرابع من الجيش 'قسم ايغيس، جيش ايغيس' هو الذي يتجهز لكسر الحاجز، لتدمير الجنوب. هو المسؤول عن كل شيء يحدث في الجنوب. و هو حصل على موافقة معظم المسؤولين في المملكة و اللجنة على ان يكون مسؤول عن كل ذلك. كل السياسيين يستفادون من وجود هذا الجيش لان ان سقط الجنوب هذا يعني ان ايغيس سوف تحول الجنوب الى منطقة تجارب عسكرية ومعامل ومصانع للاسلحة الشاملة المختلفة والمعدات العسكرية التي تستخدم اشعاعات ومواد ممنوعة، مثل الاكابرس الذي دمر معظم الجنوب وشوه سكانه قبل سنوات، وهذا يعني المزيد من الاموال والنجاح والسلطة في المملكة.

جازمين التقت بخالها، وهو قائد ثاني في مجموعة مارس الجنوبية التي قال ادريان انها تكره ارسولا اكثر من فيلكس. جازمين اكتشفت ان ارشون (غراب جنوبي ادريان ادخله الجيش حتى ينقذه من ان يعدم، لان ارشون هو من مجموعة مارس لكنه دخل القاعدة كجاسوس بالسر لقتل جازمين، لانها السبب في قتل جين، الفتاة الجنوبية التي قتلها ادريان. القاعدة قبضت على ارشون قبل ان يؤذي جازمين وحتى لا تعدمه القاعدة ادريان جعله ينضم للجيش ولديكارسيس.)  جازمين اكتشفت ان ارشون يتسلل من القاعدة في الليل وطلبت منه ان يذهب الى مارس ويطلب من القائد الثاني (خالها) ان يلتقي بها وإلا سوف تخبر ادريان ان ارشون يتسلل في الليل، ارشون لم يمتلك سوى خيار الموافقة.

رئيس ايغيس قدم منحة لجازمين، ان تنضم لجيش ايغيس، حيث لو انضمت ستأخذ صفوف اضافية الي جانب صفوفها التدريبية تكون خاصة بأيغيس فقط، رئيس ايغيس ريكان اخبر جازمين انه قدم نفس المنحة الى ارسولا، والدة جازمين، لكن ارسولا رفضتها كلما قدمها لانها لم ترد ان تصبح فقط جندية في الجيش، ارادت ان تكون قائدة في الجيش وهو لم يستطيع ان يعطيها منصب قائد (منصب القائد له درجات) من دون ان يرى مستواها وتقدمها في تدريبات ايغيس الخاصة على مرور السنوات.

قبل ان يتعرض جيمي للطعن ويرقد في المستشفى، جازمين اكتشفت ان جيمي هو من عائلة متخصصة بالسيارات والسباقات والسرعة، لكنه يتخبئ اسفل شخصية الفتى الفكاهي وتحت اسم اخير مزيف. 

تورما تواعد فتى، ميكا وجازمين دار بينهما حديث ودي من دون ان يقتلا بعضهما البعض، اغسطس غاضب لان ريكان كشف شأن القسم الرابع، جيش ايغيس، للجنود والناس وهذا يعني انهم حصلوا على موافقة الجميع (المسؤولين) على هذا الجيش وإلا لن ينطق ريكان بحرف يشأنه. وحصول ريكان على الموافقة يعني انه يستطيع ان يفعل ما يشاء. مملكة الصقور متعاونة مع مملكة الغربان في تدمير الجنوب.

عائلة بلايز، عائلة جيمي، كانت مشهورة جدًا في مجال سيارات السباق والسرعة.

تحذير: يوجد لفظة سيئة في الفصل.

قراءة ممتعة.
_

اللعنة كانت حقيقية.

قفزت اقدامي من فوق البرك المائية الطينية الصغيرة للغابة؛تعبر ايضًا بعض الجذور العتيقة والسميكة البارزة التي كانت ستعرقل طريقي وتجعلني اتعثر. قشعريرة مرت على طول بدني بسبب الهواء البارد الذي أحاط بي رغم انني ارتدي الزي العسكري والسترة الثقيلة فوقه، للمرة الاولى كرهت البرد الذي يتسرب الى عظامي وتركني اتذوقه في اقصى ذروته. 

هذا ليس الوقت المناسب، هذا ليس الوقت المناسب حقًا.

الاشجار حولي تلاشت الى صورة ضبابية غير واضحة وانا اركض، ناقوس الخطر دق في جسدي، دق حقًا بالادرينالين الذي لم يكن يتدفق بحماس فقط هذه المرة انما كان ينفجر في كل عضلة من عضلاتي بهلع، بصوت مسموع وفزع يفور في أذنيّ ويقول؛ 

«نحن ملعونين!» هتف جندي، يعبر عن ما كان يدور في داخلنا كلنا، سحابة من الدخان تسربت من فمه تتلاشى للاعلى في الهواء وهو يهتف، رئتاي تقلصت وتمددت بأنفاس شاهقة مضطربة، مسموعة، صدري ارتفع و انخفض بهلع.

ظلام الليل الباهت والضباب الخفيف ازداد حولنا مع ازدياد الاشجار، ضوء القمر كان خافت ولهذا توهجت عيناي باللون الازرق، اخرج غرابي واقوم بمضاعفة حواسي حتى انجو. 

«لا تتوقفوا! لا تتوقفوا! لا تتوقفوا إلا لو اردتم ان تصبحوا وجبة عشاء!.» هتف جيمس من مكانه بالمقدمة يمسك بالحقيبة العسكرية خاصته بقوة ويركض.

أخذ منعطف حاد جعل جسده يتزحلق للامام في طين الغابة؛ لانه لم يتمكن من التوقف والانعطاف بسبب سرعته و بسبب هشاشة الطين مع الثلج.

لكنه نهض. «من هنا!» هتف يشير لنا بذراعه ان نسرع. «هيا! هيا!»

مررت لساني على شفتي، امسح بيدي ذات القفاز الاسود قطرات المطر التي سقطت على وجهي وبين رموشي تشوش رؤيتي. قد يكون الطقس ممطر ومثلج والرؤية صعبة، قد نكون تناولنا الطين وصفعتنا الاشجار إلا ان الصوت لا يختفي، انه لا يقل حتى.

«لا فائدة! لن نتمكن من التخلص منها! علينا قتلها!» هتفت لا اتوقف عن الركض، عضلاتي اشتعلت وكأن أحدهم اشعلها على النار.

تذوقت خوف بقية الجنود على لساني، الشعور أنتشر في الهواء بشكل كثيف جدًا وغرباننا أحست بذلك بوضوح. «أي نوع من التدريبات اللعينة هذه!» هتف احد الجنود.

«كل حياتي اعتقدت ان هناك نوع واحد من الافاعي!» تذمر ثاني، يمسح وجهه باضطراب.«اعني—اعني—» انعقد لسانه وكل ما صدر منه هو انتحابه وحسب. 

«تدريبات اللعنة ديكا!» زمجر جندي اخر امامي بغضب
ومن ثم نظر من فوق كتفه الى الخلف، الى ما وراءنا.

قد يكون كل تركيزي مصبوب على الوصول لنقطة امان و لامام فقط لكنني رأيت كيف شحب وجهه بلمحة بصر بسبب ما راءه خلفنا. 

وهذا. جعلني. أهلع.

«تفرقوا! تفرقوا! انها وراءنا مباشرة! الى الاشجار! استخدموا الاجنحة!» هتف يعيد بصره للامام برعب وينعطف لليمين بسرعة، يجعل المكان امامي مكشوف تمامًا.

هل يمزح معي!

«ايها الحيوان!» صحت اهلع وابحث بعيناي عن طريق امن.

«الاجنحة ممنوع استخدامها هنا! انها نقطة ضعف كبيرة هنا ايزاك!» هتف شخص ثاني من مجموعتنا التي تحاول النجاة.

«ايها الوغد انت بأكملك نقطة ضعف هنا الان، استخدم الاجنحة و اخرس!» هتف اخر وتدخلت هتافاتهم مرة اخرى حولي ثم تفرقوا. كل واحد انعطف الى اتجاه مختلف يختفون بين الاشجار بينما التفت اصابعي انا حول البندقية أكثر، اردت استخدام اجنحتي مثلهم والانبثاق الى اقرب شجرة لكنني شعرت بها، بالانفاس الحارة تلحف جسدي من الخلف رغم انها تبعد بضعة اقدام عنا — نظرت حولي و كنت الوحيدة الموجودة، الكل تفرق.

لذا عني.

تبعد بضعة اقدام عني وليس عنا.

وهي ضخمة الى تلك الدرجة، التي تجعل انفاسها تحيط بي من كل جهة قبل ان تصل لي حتى. انه وكأنني كنت في داخل اعصار حار—ليس و كأنني كنت في داخل اعصار من قبل واعرف الشعور لكن — ياللهول، انا أهلع. نبضات قلبي ازدادت داخل قفصي الصدري. 

«جازمين! انها خلفك تمامًا! اياكِ واستخدام اجنحتكِ! ستقضمها فورًا!» سمعت هتاف احدهم وأنقلبت معدتي، هذا مطمئن، الرياح الحارة التي كانت بعبارة اخرى انفاسها ازدادت وتضاعفت من حولي.

قرعت نبضات قلبي وصعقت كل عروقي وشراييني، ترن في أذني كما رن هتاف الجميع بالاوامر والارشادات التي يرمونها لي، لم أفهم لعنة واحدة مما يقولونه ولكن كل ما فهمته هو ان هذا حقيقي.

«هذا انتحار!» هتف أحدهم والهسهسة خلفي ارتفعت.

«هناك اخرى في اتجاه التاسعة! اخرى عكس عقارب—سيرينا انعطفي! انها في كل مكان—من ابن الساقطة الذي أغضب عائلة التيباكو هذه!»

هتفوا كلهم بمختلف الاشياء وهم يحاولون الفرار و النجاة بحياتهم.

العرق التصق ببشرتي رغم البرد يفضح شعوري بالخوف الى هذا الكائن الجائع الذي يلاحقني.

عيناي استمرت في المرور حول كل شئ امامي بسرعة قصوى؛ الاشجار، والمزيد من الاشجار والمطر والطين، تبحث عن ثغرة للافلات، لكن التيباكو كانت ورائي تمامًا. أي تغيير مسار او بطء سيجعلها تقضمني انا وليس اجنحتي.

لمحت شجرة ضخمة من بعيد، ليست بعيدة كثيرًا لكنني كنت سأمر منها لو استمررت بالركض، الشجرة مرتفعة ومناسبة للهروب والوقت الذي سأخذه لتسلقها سيجعل ثعبان التباكو الذي يلاحقني يفقد أثري لثواني.

الاجنحة.

علي التقدم بضعة اقدام اخرى حتى اتمكن من استخدام اجنحتي من دون ان يتم اقتلاعها وقضمها.

استدرت الى الوراء ونظرت من فوق كتفي

وهذا

كان

خطأ

فادح.

خطأ لعين ابن ساقطة فادح.

لان الثعبان الابيض الذي كان ضخم، ضخم جدًا واطول مني ارتفاعًا، زمجر بوجهي زمجرة جعلت الشعر على رقبتي يقف.

انه لا يبدو مثل ثعبان حتى، انما دودة ضخمة، وزمجرته لم تكن زمجرة انما زمجرة ممزوجة بصوت هسهسة.

بأسنان رفيعة وحادة، أذناه البيضاء تمددت مثل اجنحة على جانبي راسه وهو يزمجر، تهديد واضح.

جلده الابيض لمع لمعات فضية وبنفسجية على طول جسده عندما سقطت عليه قطرات الماء، مثل طيف  ملون يمر على هيئته. «كيف يمكن لشيء جميل مثلك ان يكون بهذه الوحشية؟» قلت أصك اسناني، استجمع جأش قوتي و ادفعها الى جسدي أستدير به نحو الثعبان بالكامل واضغط زناد البندقية، أطلق الرصاص نحو جسده من دون توقف، صوت الرصاص القوي اصبح متبوع بوميض الالوان البرتقالية التي انفجرت مع انفجار البارود من سلاحي.  

إلا ان جسد هذا الوغد كان عازل للماء ولمعظم الاشياء إلا لو سمح هو لجسده ان ينكشف. عازل للرصاص ايضًا، خلايا جلده صلبة مثل الحجارة لهذا لم يكن هناك فائدة تذكر من الرصاص غير تشتيته.

لكنني لم اكن اريد اختراقه او قتله او تشتيته، اردت جعل اجنحتي تنبثق في مكان أمن وهذا ما حدث. أنبثقت اجنحتي من خلف ظهري بقوة وخفقت ضد بعضها البعض ترفعني فورًا للاعلى بضربات هواء مسموعة. اصبعي لم يترك الزناد المصوب نحو التباكو ولو لثانية واستمر باطلاق الراصاص.

عندما قال بيتركس ان الاختبار الذي وضعه لنا سهل اعتقدت انه سهل حقًا، الان ان كنت اعتقد ان نولان هو جحيم فأن بيتركس هو الشيطان الذي يحكم ذلك الجحيم.

ارتفعت في السماء نحو الشجرة أحط عليها، تمسكت بغصن من اغصانها وانحنيت على ركبتي، التقط انفاسي. كل قائد كان عليه ان يصنع تدريبًا معينًا لقياس قدراتنا، بيتركس هو اول من صنع تدريبًا وظننت انه سيكون شيء سهل لكن رمينا في هذه الغابة الشمالية المهجورة التي كانت محصنة بسحر وتعاويذ وحراس حدود حتى تبقى مخلوقاتها المفترسة داخلها هو شيء حتى ابي اللعين لم يكن ليتوقعه.   

وادريان؟ هذا الرجل فكر حقًا في ان يكون تدريبه هو ان ننام في الطائرات من دون فراش، لو عدت الى القاعدة قطعة واحدة سالمة سأجعله يفكر مرة اخرى في فكرته التافهة تلك.

«اه يا الهي.» رفعت رأسي للسماء اشهق الهواء لرئتاي. انفاسي بخار مرئي تذوقت معها البرودة على لساني، خصري يؤلمني، رئتاي يا اوغاد، رئتاي تؤلمني ايضًا نحن نركض منذ نصف ساعة في محاولة للهروب من هذه المخلوقات وكنا منذ الفجر في هذه الغابة لمهمتنا. 

فحيح وصوت حراشف تتحرك جعلوني ألتفت فورًا ورائي، خفضت عيناي الى الارض حيث كان ثعبان ثاني من التباكو يزحف اسفل الشجرة اتجاهي. «بحق.»

«علينا قتلها، لن ينفع الامر هكذا.» قال واحد من المجموعة، لا ارى الاغلبية لكن استطيع سماعهم.

عقلي راجع المعلومات التي حفظتها عن هذا المخلوق؛ ثعبان التباكو لا يستطيع السماع او الرؤية بشكل جيد لكن يستطيع الاحساس بالموجات والذبذبات من على بعد امتار، بالمشاعر المذعورة والخائفة؟ يتحرك في مجموعات مكونة من خمسة الى عشرة ثعابين؛ نادر جدًا ويكاد ينقرض ولهذا السبب تم نقله في الغابة الشمالية المحرمة والمحمية بتعاويذ، للتكاثر.

من يريد من شيء مفترس مثل هذا ان يتكاثر؟

«بجدية، من يريد من شيء مثل هذا ان يتكاثر؟» رجعت للوراء على جذع الشجرة واغمضت عيناي، امسكت بالغصن اسند جسدي عليه وركزت على انفاسي ووتيرتها، يجب ان اجعل انفاسي تهدأ لو اردت ان أنجو.

اخذت نفس عميق وحبسته، اصابعي حول الغصن تجمدت من الثلج الذي كان يملأ الغابة، وحتى مع الثلج شعرت بنفسي اتعرق اكثر واكثر. اخذت نفس عميق ثاني و حبسته في نهاية بطني، أنتبه على طريقة دخوله ومن ثم نزوله عبر جسدي الى بطني، حيث كانت هناك تسكن مشاعر الهلع، الغثيان، التصلب.

تركت النفس ينسل في زفير خافت، ومعه خرجت ببطء كل مشاعر الهلع. فتحت عيناي وفعلتها مرة اخرى. 

سمعت الثعبان يزحف، يقترب. ومن ثم يزحف مرة اخرى ويلتف حول جذع الشجرة حتى تصلبت بالكامل عندما ألتف حولها كلها حتى صعد الى اين ما انا واقفة. «لا تتحركي ابدًا.» سمعت جايدن من الشجرة التي تقابلني يقول. لا جايدن! سوف ارقص! بالطبع لن اتحرك!

« ولا حركة واحدة، سيأخذ اي حركة تقومين بها كفرصة للهجوم.» اتصلب. اتصلب. علي التصلب كالجماد.

تحرك الثعبان من جانب رأسي الى امام وجهي بحركة ملتوية، شعر رقبتي وقف، جسده الثقيل والعريض أخذ حيزًا واضحًا من الهواء؛ وقف امامي بالضبط، يقابلني تمامًا، مدد اذنيه الطويلة وهذا جعلني اقبض اصابعي حول سلاحي.

نظرت في عيناه السوداء.

اقترب ببطء لسانه الرفيع يخرج و يدخل، مثل الافعى. اقترب من وجهي لدرجة ان العبق الطيب الذي يفرزه جسده وقت الهجوم ملأ انفي— انه يفكر في الهجوم.

انه يفكر.

هذا جيد، هذا جيد.

اقترب من وجهي اكثر واختلجت انفاسي مهما حاولت تنظيمها، وعندما اصبح يبعد انشات مني اغمضت عيناي بقوة أشعر بأنفاسه تضرب بشرتي.

صور متعددة للطريقة التي يتناول بها فرائسه مرت في ذهني.

الرائحة الجيدة التي يفرزها تعني انه يفكر في الهجوم، تعني انه في مزاج عادي لكن لو تحولت هذه الرائحة اللى رائحة سيئة...

هذا يعني انه قرر انني وجبته اللذيذة لعشاء اليوم.

لمس ذقني.

تقريبًا، تحول كل جسدي الى تمثال حجري، ولم اعرف معنى ان يكون المرء حجارة إلا الان. 

كان بارد، بارد جدًا مثل النار الحارقة. اوه يمثل لقبه تمامًا؛ مخلوق الشمال المفترس. فتحت عيناي نحوه.

ولمس ذقني مجدداً، برأسه. ومن ثم فرك رأسه بكتفي يلتف حول الشجرة مرة اخرى حتى نظر لي هذه المرة من جهة اليسار، جف حلقي وتيبس جسدي، تبادلت النظرات مع جايدن.

«اظن..انه يحبك؟» ادار جايدن رأسه وكأنه يحاول ان يرى بوضوح اكثر المنظر، او يفهم ما اللعنة التي تحدث.

جايدن احمق.

تصرف التباكو واضح، واضح جدًا

انه يتفحص ان كنت مناسبة كعشاء له، ان كنت جديرة.

لانه مثل كل شيء اخر في الشمال هو مخلوق مغرور ولا يريد من عشاءه ان يكون شيء مبتذل او اقل من المستوى. هذا هو طبع المخلوقات الشمالية والغربان الشماليين، لديهم كبرياء عالي وغرور.

سيقتلني، انه يتفحص وجبة العشاء اولًا وحسب.

«عندما اعطونا اوراق المخلوقات وقالوا ان علينا حفظها لم اتوقع ولو في كوابيسي انهم سيرمونني معها.» تمتمت انظر له.

«اقتليه، اقتليه» هسهس جندي ينظر بيني وبين المخلوق بقلق. «انه يقرر—» اقحم اصابعه في شعره باضطراب وهلع لامع في عيناه فألتزمت الصمت حتى لا اجعله ينهار اكثر.

عيناي انخفضت من راس المخلوق الشمالي الى رقبته حيث كانت اقرب و اسرع طريقة لقتل اي مخلوق حيّ.

مع هذا المخلوق لن اقول بالضبط ان هذه الطريقة هي الاسرع لكنها الاقرب حاليًا؛ جلده مكون من حراشف بيضاء مملوءة تلمع ببريق بنفسجي، تعطيه منظر أنيق وكأنه ليس الشيطان.

لكن مثلما هذه الحراشف جميلة كانت صلبة اكثر لذا ان طعنته بسهمي لن يكون هناك فائدة، علي ان اضرب السهم من بين الحراشف حتى ينغرس في رقبته في الاماكن المكشوفة، بين الصفائح كما كان مذكور في الاوراق. 

إلا انه يمتلك سرعة بديهية قوية وان اخطأت سيكون عنقي انا المكسور و ليس عنقه.

«جازمين! مالذي تنتظرينه!» هسهس جايدن، يدي انخفضت ببطء الى الحزام حول ركبتي، حيث كان هناك بضعة أسهم سوداء.

كان يفترض بنا ان نصطاد بواسطتها مخلوقات من الغابة ونطبخها للفطور والغداء والعشاء ثم نعود للقاعدة؛ تمرين سهل كما قال بيتركس، هه، سحبت سهم ومررت ابهامي على طرفه المعدني، اتحسس مدى حدته، كان حاد كفاية.

«ما الذي تنتظرينه!» هتف احدهم بغضب او اضطراب، لا اعرف، واردت رمي سهمي عليه بغضب.

ركزت على طريقة تحسس المخلوق لبشرتي وحسب، انه مثل قطة تتفقد طعامها.

«انا بأنتظار الرائحة السيئة.» قلت بشرارة من الحماس تتولد في داخلي ولمحت اتساع اعين جايدن من مكانها.

«هل انتِ جادة!» اجل.

اريد ان اعرف ان كان يراني التباكو المتغطرس وجبة جيدة ام وجبة اقل من مستواه.

«هيا ايها الجميل، هل أنا بمستواك؟» تنفست بصوت مسموع، ارطب شفتاي. ابتسامة تتكون على طرف شفتي، اصابعي التي تمسك بالسهم التفت حوله بقوة.

إلا ان التباكو أخذ خطوة للوراء، تراجع برأسه ونظر لي، عقدت حاجبي وافترقت شفتي، هل— توسعت عيناي عندما انفجرت منه زمجرة وحشية فجأة تزامنًا مع انقلاب تعابيره الى تعابير همجية، و مصحوبًا بذلك كان انفجار رائحة سيئة للغاية في كل مكان حولي.

اوه نعم.

ابتسامتي اتسعت ورفعت يدي فورًا للأعلى احركها نحو عنقه تماماً، ما بين الحراشف، و لكن يدي وصلت منتصف الطريق حتى احسست بأقدامي تلتصق ببعضها البعض وشيء قوي يلتف حولهم و يعتصرهم، ومن ثم في لمحة بصر صفعني الهواء وتطاير شعري في كل مكان و انقلب العالم حولي. 

اللعنة.

صرخة خافتة خرجت من فمي لان التباكو سحبني بشراسة من الاسفل وقلبني راسًا على عقب، في الهواء، تدلى جسدي مقلوبًا والجاذبية سحبت الدماء وجمعتها كلها في راسي. رائع. 

قبضت اصابعي حول السهم واخرجت مخالبي، لن انكر واقول ان هناك شرارة اتقدت في داخلي على فكرة استخدام مخالبي في مهمة بهذه الطريقة؛ يقولون ان مخالب الغراب تقطع عبر كل شيء وسأختبر هذه النظرية الان.

ولكنني لن انكر ايضًا الخوف الذي ألتف بأحكام حول قلبي يفجره.

اخرجت سهم ثاني في يدي الاخرى ومن ثم غرست الاثنين مرة واحدة في نفس الوقت ما بين الحراشف ليصرخ الثعبان صرخة وحشية— ذيله ارتخى وانفك بسرعة وكنت سأسقط لكنني تمسكت بنهاية ذيله الذي حركه في الهواء بألم مما جعلني اترنح معه في الهواء لليمين واليسار.

وهذا اعطاني فرصة لتسلق جسده الى رقبته.

لففت اقدامي حول جسده من الجانبين و عقدتهما من الخلف اتسلق، سحبت سهم ثاني وامسكته بكلتا يداي ارفعه في الهواء ثم ادسه بضربة قوية في منتصف عنق التباكو، عبر الخراشيف الصلبة مثل الصدف، ليخترق قصبته الهوائية ويخرج من الجانب الثاني.

الدماء انفجرت في وجهي بزخة من الهواء والصفير والزمجرات التي هزت الغابة.

حرك راسه يمين ويسار يحاول التخلص من الالم ومني لكن هذا جعل السهم ينغرس في داخل رقبته اكثر واكثر، ينزف الكثير من الدماء حتى انخفضت الزمجرات الوحشية الى زمجرات متألمة انتهت بأرتطام جسده بالارض بأنين متألم سكن بعد وهلة.

جسدي سقط معه وتدحرجت على الارض ثم زحفت عبر الطين بسرعة للابتعاد عنه، سمعت من حولي بقية الجنود يبدأون الهجوم المشترك على بقية الثعابين.

وهنا، في هذه اللحظة بالضبط، تصلب جسدي وسط الطين والثلج، الفكرة رنت في عقلي مثل جرس الانذار ومعدتي انقلبت بأستيعاب.

الجنود يقتلون مخلوق الشمال النادر.

النادر.

المخلوق الذي وضعوه في غابة محصنة حتى يتكاثر ولا ينقرض.

من هو الغبي الذي يضع مخلوق يوشك على الانقراض في مهمة تدريبية للجنود؟

انه أثمن من ان نقتله..انه نادر، انهم يحاولون المحافظة على وجوده اساسًا لماذا قد يجازفون؟ مما يعني..التفت الى جثة الثعبان الضخم الذي قتلته..مما يعني ان هذه الثعابين هي محاكاة.

نظرت بصدمة للمخلوق. كل شيء بدى حقيقي وواقعي، ألم جسدي وتعليقي في الهواء والضربات التي حصلت عليها، حتى الدماء. انا متأكدة من ان كدمات بشعة ستكون هناك في جسدي وكنت اعرف ان تكنولوجيا المملكة والقاعدة متطورة لكن لم اتخيل انها عظيمة الى هذا الحد.

«سيدي.» لمست السماعة اللاسلكية في اذني، مازلت مأخوذة بالأستيعاب الذي استوعبته.

«نعم ايتها الجندية جازمين.» رد علي صوت ادريان.

الوغد.

حاولنا التواصل مع قادتنا عبر السماعات منذ ساعات ولم يرد احد او يعبرنا حتى والان يردون!

«هذه المخلوقات محاكاة، صحيح؟» سألت اخفض رأسي، اتنفس، استند على مرفقيّ وانا مستلقية على الطين الذي لطخني بالكامل.

قابلني الصمت لثواني.

ثم جاء الرد على شكل تكة خفيفة صدرت من السوار المعدني الطبي الذي ربطوه بجسدنا حتى يعرفوا مؤشراتنا الحيوية.

او حتى يعرفوا ان كنا اموات او لا في حالة تم بلعنا، كما قال نولان.

السوار كان معدني واسود، توهجت اطرافه باللون الازرق، خط ازرق رفيع جدًا تكون حوله. «تهاني جازمين ستيلارد، انتِ اول جندي ينجح في هذه المهمة، التزمي الصمت و اسمحي لرفقائك بالتفكير في الامر.» توسعت حدقتاي، هل— نهضت فورًا بصعوبة بسبب ثقل الطين و تعثرت حتى لكنني وقفت على اقدامي بعدم تصديق، هناك فوز وخسارة في هذه المهمة؟

اخبرونا ان علينا اصطياد عشاءنا وطبخه والنجاة في الطقس البارد فقط!

لم أحب صوت ادريان من قبل مثلما احببته الان.

«هذه المهمة تقيم الذكاء ايضًا؟» سألت.

«تدرب على الذكاء وليس تقيم، انتم غربان، عقولكم يجب ان تربط بشكل تلقائي كل ما تعرفه، لا يجب ان تركزوا على النجاة او القتل او الهروب فقط انما كل شيء حولكم، هذا ما يميزكم عن بقية الجيوش ونحن ندربكم عليه، ننمي ذكاءكم.» ياللهول، افترقت شفتاي.

نولان، كلام نولان عندما رمى الاوراق في وجوهنا، استمر بأخبارنا ان علينا ان نربط كل شيء حولنا مع المعلومات التي في الاوراق.

و ما هو حولي..مجموعة جنود يحاولون قتل مخلوق نادر للغاية المملكة تحاول الحفاظ عليه بشدة وبكل الطرق حتى لا ينقرض.

«شكرًا سيدي.» همست، اشعر بأبتسامتي تتسع.

ادريان لم يرد، على الاغلب لان بقية القادة ومسؤولي القاعدة كانوا موجودين معه يشاهدوننا ويتحكمون بالمحاكاة، وهذا يفسر كلامه الرسمي معي.

لا اصدق انني اكتشفت الامر بهذه السهولة، ارتفع الدم الى وجنتاي— او انخفض بعد ان جعله التباكو يتجمع في رأسي، حمحمت انظف حنجرتي؛ هذا غريب، لو رأني احد أقف هنا بجانب جثة الثعبان ووجهي ساخن و محمر سيشكك في رزانتي العقلية.

لكنه ليس خجل انما فخر.

ألتفت الى التباكو من ثم الى بقية الجنود، بعضهم اتبعوا طريقي وقتلوه لتسقط جثث الثعابين في ارتطامات وزمجرات قوية لكن لم يكتشف احد منهم الامر بعد.

عدا جيسيكا، تجعلني اعبس.

«انها محاكاة!» هتفت وهي تركل وجه التباكو الذي كان يحاصرها ضد غصن شجرة.

«أعتقدت في البداية انهم يريدون منا الهروب منه وتركه حيّ لأنه مهم لكن هذا سيكون بلا جدوى، التباكو لا يترك فريسته، وهم لا يريدوننا أموات ولا يريدون التباكو اموات ايضًا لذا أنها محاكاة!» هتفت تحذر البقية اللذين مازالوا يحاولون النجاة.

رائع.

«هل هو سيء انني انزعجت سيدي؟» سألت بخفوت انظر الى جيسيكا، يدي التي تمسك بالبندقية انخفضت للاسفل.

«لا اعرف. ما الذي تقولينه انتِ؟ هل هو حس المنافسة في التدريبات أم هل كنتي ستنزعجين لو حدث شيء مثل هذا في الميدان وكنتم في خطر—» تمت مقاطعة ادريان و هسهست من الصوت الصاخب الذي تقريبًا صرخ في اذني. «مالذي تعتقدينه يا ذكية؟ نعم انه سيء لا ندربك حتى تكوني انانية!» تنهدت. «نعم ايها القائد نولان.» تمتمت بأنزعاج. ظننت ان ادريان هو الوحيد الذي بامكانه اجابتي.

نظرت الى جيسيكا الغاضبة وهي تركل رأس الثعبان بقدمها بوحشية.

«انت تدربنا حتى نموت—»

«كلمة واحدة متذمرة وسأسحب منكِ جائزتك ايتها الجندية جازمين ستيلارد.» انتصب ظهري، هناك جائزة.

«لم اكن اقصد ذلك قائدي.» نظفت حنجرتي اقرر التزام الصمت هذه المرة.

و لكنني استطعت سماع ابتسامة ادريان خلف السماعة.

هو يعرف انني لم يكن لدي علم بجائزة او ان هناك فوز وخسارة، وهو على الاغلب يعرف بردة فعلي هذه الان.

«عمل جيد.» سمعته يقول بخفوت وبرسمية وابتسامتي كبرت قليلًا لو فقط استطيع التحدث معه الان من دون ان يسمع الاخرون، نظرت لمخلوق التباكو مرة اخرى ولم استطيع كتم الحماس.

«أجل!» صككت من بين اسناني اسحب قبضتي في الهواء بسعادة.

و ان رميتني بين الافاعي
سأخرج و انا الاقوى سمًا
ليس لانني مسمومة
بل لان سمي من نوع خاص
لا يتولد في عروقي
او لساني او دمائي
ليس سم خبيث

انما في عقلي
عليك الحذر من سم ذكائي
انه السم الوحيد الذي عليك
الحذر منه

الذكاء

— غراب.


«لا أكترث حتى وان تناولتم الطين الذي هو بين خدود مؤخراتكم الان.» رد بيتركس بقسوة على الجندي الذي سقط على الارض يستفرغ عند اقدامه، بعد ان نزلنا من الطائرات في ساحة القاعدة.

تقريبًا بعد ان استوعب الجميع ان المخلوقات الشمالية محاكاة قتلناها كلها بسرعة ولكن تم اصدار أمر اننا لن نعود حتى نسلخ ونطبخ ونأكل ما اصطدناه، والثعبان الشمالي قد يكون محاكاة لكن بقية المخلوقات في الغابة لم تكن لهذا أكلنا بسرعة— حشرنا في حلوقنا بالاصح- الاكل، جاك فقط حشر الاكل في حلقه قبل ان يكتمل نضوجه على النار.

نظرت بصدمة الى بيتركس، لم أراه يوبخ جنود من قبل، لكن على ما يبدو ان كل القادة شياطين بدون استثناء. انزلت ذراعي التي تحمل البندقية بتعب الى الارض. «المرة القادمة، المهمة التالية، لن اصدق ان المخلوقات حقيقية.» همس جندي وهو يمر، بغيض، يرمق القائد بيتركس والثلاثة خلفه.

طبعًا، نولان مد ذراعه وسحبه من ياقة قميصه من الخلف من دون ان يلتفت له حتى، جره مثل القطة المشردة حتى وضعه امامه. «ما كانت هذه النظرة؟» رمش جاك نحوه بقلق، ووجهه الذي كان محمر اساسًا من الجهد ظهر السخط والقلق في تعابيره.

ضغطت شفتاي، هذه اهانة له، نولان يهينه امام الجميع.

«قلت ما كانت هذه النظرة!» هتف في وجهه بغضب وجفلت اجسامنا من قوة وحدة صوته، اقترب حاجبه الداكنين من بعضهما البعض،«الا يعجبك الامر يا حيوان؟» أعين نولان البنية لمعت بشراسة تمسك خاصة جاك، طرف شفته مكشر مثل المفترسات واسنانه مكشوفة. «لا سيدي، يعجبني.» خفض جاك عيناه الى الارض. يقبض فكه بقوة. من الواضح انه غاضب لكنه يمسك نفسه لانه يعرف ان هذا افضل شيء له.

ملامح نولان تبددت الى واحدة باردة. «انزلو على الارض.» قال.

ارتفعت اعين جاك له بتساؤل وخوف. «قلت انزلوا على الارض.» هتف بقوة يستدير نحونا وبشكل تلقائي انخفضت اجسادنا للارض.

«تمرين ضغط ثلاثون مرة. كلكم، الان.» توسعت عيناي.

الان؟!

«لكن —»

«اربعون مرة ولو نطق احدكم حرف ستصبح خمسون.» اغمضت عيناي، ارمي البندقية جانبًا واضع يداي على الارض بأنزعاج، ابدأ تمارين الضغط.

اقسم انهم مثل الاطفال المتذمرين، هل يريدون من نولان قتلنا؟

الكل نزل الى الارض بتعب واضح على وجوههم لكن ليس اجسادهم. لم يسمحوا لاجسادهم بأن تكسل، و أدوا تمارين الضغط بأحترافية. نولان سار من بيننا، ذراعيه خلف ظهره، حتى توقف حذاءه عند جنود فرقته، نظر لهم لدقيقة، عيناه تبدو و كأنها تسرح فيهم.

«انتم عار.»

لم اتوقع غير هذا منه.

«انتم عار علي.» وجوه جنوده امتعضت بخجل وذنب وقهر.

«ولا واحد منكم، ولا واحد منكم اكتشف ان المهمة محاكاة. عندما أعطوا البذور السيئة الى القائد ادريان لم اتوقع ان يكونوا هم الاكثر نجاحًا في معظم المهام، وانتم، نافعون فقط في تحريك ألسنتكم. لماذا هم افضل منكم؟»

«الا تظن ان عليك سؤال نفسك هذا السؤال؟» رد احد الجنود وشفتاي افترقت، تجمدت وتوقفت عن التمرن انظر الى المتحدث مثل بقية الجنود الذين اختنقوا بالهواء.

كان الجندي جاك.

اعدت بصري الى نولان الذي بدى و كأن احدهم صلبه في مكانه و حوله الى تمثال، طرقه مثل مسمار في الارض يثبته.

«لماذا هم افضل؟ ربما لان تدريباتهم افضل؟ انا دخلت حتى اتعلم وانا ابذل كل ما في جهدي ومع ذلك جنود القائد اغسطس وادريان يفوزون دائمًا!» نهض بغضب يترك الارض، يضرب يداه ببعضها البعض يمسح الطين، صدره ارتفع وانخفض في موجة انفاس مضطربة وساخنة.

هل فقد عقله؟

ادريان واغسطس بدو متفاجئين من ردة فعل الجندي اما بيتركس لم يبدو وكأنه يهتم، فقط اكتفى بالتحديق، عقدة خفيفة بين حاجبيه. 

اما نولان..

بقى ينظر له فقط.

تبادلت النظرات مع بقية الجنود بقلق، ويبدو ان جاك استوعب ما تفوه به لسانه فضغط فكه بقوة يزيح بصره للجانب. عضلة في فكه تتحرك أثر الحركة.

«هل شككت للتو في قدراتي؟» خرج صوت نولان هادئ كهسهسة افعى.

أستطيع ان اترجم سؤال نولان على حقيقته.

'هل تسعى الى حتفك؟'

ادار جاك وجهه للجانب، نظرت بدهشة له، هو لم ينكر حتى.

«انه غاضب من خسارته، كان يريد رفع نقاطه.» همس احد الجنود خلفي. 

«غضبك. ضعه. في. مؤخرتك.» نولان صك من بين اسنانه، يسمعنا، اقترب من جاك ببطء. «ايها القائد ادريان.» تبدل صوته فجأة وادار رأسه الى ادريان. «هل تمانع لو بادلت جازمين وجاك؟» ادريان اخرج نفس ساخر، عقد ذراعيه على صدره ونفى بذقنه.

«جازمين جائزتي، لن تأخذها مني.» قال بخفوت، بصوته العميق.

انتصب عمودي الفقري.

عيناي سريعًا وجدت عيناه الداكنة بسبب خفوت الليل. «لقد عملت على صنع هؤلاء الجنود لمدة سبعة شهور، لن ارميهم.» اعاد بصره الى نولان.

«ولم اعطي جيسكا ايضًا، انا لا اصدق ان واحد منهم نجح.» قال اغسطس، بنبرة منزعجة و مرهقة؛ نظرت له وكان يبدو مازال غاضبًا، ومرهقًا.

«حسنًا..هل تستطيع ضم جندي اخر الى مجموعتك؟» سأله نولان، شيء في عقلي رن وحبس انفاسي.

«خذ جاك.» قال نولان، يقترب من جاك حتى اصبح يفصل بينهما انشات، نظراته لم تكن غاضبة انما اسوء، هادئة مشتعلة.

«ان نجح جاك في رفع نقاطه، هو لك. وان رسب..--»

اجابة نولان، تلك الاجابة التي نطقها وهو يحدق في عيون جاك، في روحه، جعلت قلبي يهبط وانا التي كنت الفائزة اليوم، جعلت قلوبنا كلنا تهبط.

«وان بقي على نفس المستوى او رسب، سيعود للمنزل، لن يبقى ثانية واحدة في هذه القاعدة.» نولان سحب انفاس جاك من رئتاه و شفط اللون من وجهه حتى تحول ابيض، بالكامل، شفتاه ازرقت وهو يحدق في قائده بأعين مفجوعة.
«سيد—» تلعثم لسانه وتعثر، تفاحة ادم خاصته تحركت لانه بلع ريقه الذي جف، الغضب الذي كان في بريق عيناه والقهر انكسرا فورًا الى شيء مكسور وخائف وذعر. «وان تحديتني مرة اخرى يا جاك، لن تعود للمنزل فقط، انما ستعود وانت تحاول جمع عظامك المبعثرة على قارعة الطريق.»

جائزتي.

خفضت نظري للارض، الكلمة مثل اللكمة في البطن، اعدمت الهواء من رئتاي.

قبضت اصابعي، اعيد عيناي له؛ كان يقف و كأنه لم يقل ما قاله للتو، ينظر الى الحديث المشتعل بين نولان وجاك. نظرت للبقية حوله وحولي وهم ايضًا لم يبدوا متأثرين بما قاله.

الا انه لم يقصد ذلك مثلما فهم الجميع، اعرف ذلك جيدًا.

ادخلت نفس وتنهدت، ادريان يرمي التلميحات الغير مباشرة من دون تردد، وهو محترف في ذلك بشدة.

«اكملوا التمارين واذهبوا للاستحمام ثم تجمعوا في قاعة الطعام، سوف أريكم جوائز الاوائل واتحدث معكم بخصوص أمر مهم.» تحدث ادريان ينهي النظرات الحادة من نولان نحو جاك الذي لصق عيناه بالارض بغضب وقهر واضح.

جوائز، هذه خاصتي.

«شكرًا لك جاك، شكرًا لك كثيرًا.» نبس جيمس بغضب ينخفض للارض ويكمل التمرين.

رفعت جسدي عن الارض ومن ثم نزلت اكمل تمرين الضغط. و لكنني وانا افعل ذلك رفعت رأسي الى القادة ورأيت ادريان ينظر لي، قبل ان يلتفت ويدخل القاعدة.

العائلة لا تكمن في صلة الدم
العائلة تكمن احيانًا في حفنة من الاوراق
مجموعة من السطور
رعشة من التعب
فوضى من الرصاص
كومة من الجنود
فأن لم تمتلك عائلة
لا تقلق، مازال يوجد امل
من اجل الانتماء الى ثانية

— غراب.

استحممت بالماء الساخن بسرعة وارخيت اعصابي، غيرت ملابسي الى ملابس قطنية مريحة وجلست اجفف شعري في قاعة الطعام مع بقية الجنود الذين اما كانوا يتحدثون بصوت مرتفع اما يتناولون طعامهم بتعب، و جنود السنوات الاخرى بالقاعدة كانوا يغيظون اولئك الذين كانوا في مهمة ولم يعرفوا ان المخلوق محاكاة. «التلميحات التي يضعونها سهلة للغاية، في سنتنا معظم دفعتنا عرفت انه محاكاة قبل ان تمر خمس دقائق حتى، كيف لم تلاحظوا ذلك؟»

اما انا...

«هناك ابتسامة على وجهك منذ ان دخلتِ القاعة، هل تفكرين في الجائزة؟» سألت ميكا وهي تسحب مقعد وتجلس في الطاولة امامي، ابتسامتي انخفضت قليلاً، هذا صحيح.

لم ارد عليها، جمعت شعري على كتف واحد واستمررت بتجفيفه ما هي الجائزة يا ترى؟ وسم معين؟ مهمة؟ غرض؟ مدح؟ نقاط اضافية؟

«ميكا.» رفعت رأسي الى احد الموظفين العسكريين في القاعدة الذي أتى بأتجاهنا. «لديكِ اتصال، اذهبي الى الهاتف العام.» كان يضع قبعة سوداء على رأسه مكتوب عليها 'موظف' و هو ما يرتديه معظم الموظفين هنا الذين لم يكونوا جنود انما مختصين في التكنولوجيا العسكرية او الحراسة او الطعام ومن هذا.

عقد جيمس حاجبيه نحو ميكا بأستهزاء. «انتِ لديكِ اتصال؟ ألست يتيمة و من دون أهل او اقارب؟» توسعت أعين جايدن بجانبه وفورًا ضربه على رأسه يجعل الثاني يمسك رأسه بألم وتذمر.

نظرت هي ايضاً بأستغراب الى الموظف وكأنها مشوشة. «لا داعي لذلك جايدن، انا قادمة.» رمقت جيمس بحدة. «نسيت ان تقول انني لقيطة ايضًا.» سحبت المنشفة من بين اصابعي ورمتها بعنف في وجهه—نظرت لها وللمنشفة التي التصقت في وجه جيمس. انا في كل مرة انسى انهم مقربين من بعضهم البعض الى هذه الدرجة.

«يع! انها مبللة.» نزعها عن وجهه بملامح متفرقة لكن ملامحه تلك أنخفضت قليلًا وقرب المنشفة من أنفه يستنشقها. «لكن رائحتها زكية مثل الزهور –» سحبتها منه بأشمئزاز لانه اغلق عيناه وكأنه دخل الى عالم الاحلام.

«انت مقرف.» قلت وهز راسه بخفة، شعره الاشقر الذي حلقه قبل فترة طولت خصلاته قليلًا. لماذا غسول الشعر في حمام الفتيات رائحته جيدة وفي حمامنا لا يوجد غسول شعر حتى؟» سأل يلتفت الى جايدن الذي رجع في مقعده وعقد ذراعيه فوق صدره، عضلات ذراعيه وصدره تمددت وقفزت تبرز مع هذه الحركة، ابتسم لجيمس يضحك عليه. «يوجد غسولات كثيرة في حماماتنا بالعسل و النعناع لكنك فقط لا تنظر حولك وتستخدم الصابون لغسل رأسك ومؤخرتك.» جعدت انفي بأشمئزاز اكثر اشعر بأنقلاب بطني على الصورة الشنيعة التي تكونت في ذهني.

جيمس سرح لثانية و افترقت شفتاه. «حقًا يوجد؟» ضحكة جايدن تحولت الى قهقهة. جيمس عقد حاجبه ومن ثم تنهد يفرك رأسه. «حسنًا لقد عشت في منزل فقير ووالدي بالسجن لم انتبه لمثل هذه الامور من قبل. ولا اغسل مؤخرتي و شعري بنفس الصابونه! كنا نستخدم صابونتين، واحدة للجزء العلوي والاخرى للسفلي—» رميت المنشفة عليه اشعر بالرعب. «الكثير من المعلومات جيمس! لا احد يريد سماع هذه التفاصيل!» قلت ليبعد المنشفة ويقلب عيناه.

«بالاضافة ألم يكن والدك مهندس حاسبات او ما شابه؟ ألا يفترض به ان يمتلك راتب من المملكة يقدم لكم حتى بعد ان سُجن؟» سأله جايدن بفضول ينظر له، تقطيبة بين حاجبيه.

جيمس تنهد. «لا، امي تنازلت عن كل حقوقها وحقوقي التي عليه عندما دخل السجن، لم ترد شيء يربطنا بمجرم.» قال بخفوت، لم يكن متأثر لكن نبرته هادئة.

«مجرم؟ هل قتل أحدهم؟» سألته بشيء من الفضول.

جبمس طوى شفته السفلية وحرك كتفه، يرجع في مقعده ايضًا ويلعب بسكين طعام بلاستيكية على الطاولة. لا اعرف، قالوا انه طعن احدهم حتى الموت وانه متهم بجرائم سرقة وتحرش في مكان عمله وهناك الكثير من التهم التي لا اريد المعرفة بشأنها حتى، كان رجل قذر ووغد.» قال يفر السكين ويتركها، نظرت له لثانية، لم يتفادى النظر الي او الى جايدن او اي احد انما كان طبيعي مما يعني انه لا يشعر بالخجل، وحقيقة ان اكتافه لم تكن متصلبة وجسده ليس متشنج انما يجلس بشكل طبيعي مثل كل مرة اخبرتني انه حقًا لا يهتم ولا يكترث، يحزنه الامر قليلًا الا انه يرميه في سلة القمامة ولا يفكر به كثيرًا.

«أنتم الضحايا.» نطق جايدن فجأة يخرجني من افكاري، عقدت حاجبي انظر له. «ماذا؟» اشار بعيناه الى السكين. «الطرف توقف بينكِ وبين جيمس. أنتم الضحايا، تحدي أم حقيقة؟ بسرعة.» فرك يداه ضد بعضهما البعض يعتدل في جلسته بحماس، سقطت تعابيري.

«تحدي. الرجال يختارون التحدي.» قال جيمس يرفع ذراعيه و يكشف عن عضلاته. جايدن هز رأسه. «أشتاق الى جيمي، هو افضل منك ومن هراء الرجال خاصتك. جازمين؟» نظرت الى السكين، ما الذي سأخسره؟  

«تحدي.»

«اووه هذا سيكون ممتع.» قال بحماس وشر، رفعت حاجبي.

«اتحداكم ان تذهبوا وتسرقوا شيء من غرفة القائد نولان.» جيمس اطلق نفس ساخر. «بكلمات اخرى اخبرنا ان نذهب ونموت فقط.» هززت رأسي. «او نقتل مستقبلنا.» أضفت الى كلام جيمس.

«أنتم جبناء.»

«او اذكياء، نحافظ على مستقبلنا.» نفى جايدن برأسه. «حسنًا من غرفة القائد ادريان؟» نظر بيننا.

اعني هذا كان سهل ولكنني لا يجب ان اظهر ذلك.

هززت رأسي. «لا تراهن بمستقبلنا.» قلت بخفوت.

«هيا جازمين القائد ادريان لن يؤذيك ابدًا، انه سهل وسلس معكِ.»

«ما الذي يفترض بذلك ان يعني جايدن؟» حرك كتفه. «انتِ الاولى، لا بد من ان هناك بعض التساهلات معكِ. انه جيد في تصرفاته معكِ.» ما الذي يتفوه به هذا الاحمق؟

«اتمنى.» قلت بأستهزاء.

«حول الى الحقيقة؛ هكذا اللعبة صحيح؟ ان لم تقم بالتحدي انت مجبور على لعب الحقيقة؟» جايدن تنهد. «أنتما مملان.»

«ولكنني سأسأل جازمين اولًا ولا تنزعجي.» فتح ذراعيه في الهواء. 

«من هو الرجل رقم واحد في مجموعتنا؟» اه تعبت من تفكير الرجال.

«القائد ادريان.» ألتفت عنقي الى القائل بتفاجؤ؛ ميلاني جاءت مع كأس عصير كبير، تقف عند الطاولة مع فتاة اخرى شبكت ذراعها مع خاصة ميلاني.

«القائد ادريان هو الرجل رقم واحد في مجموعتنا.» سقطت تعابير جايدن و جيمس. «ان كنت تسأل من هو الرجل الذي تنظر له الفتيات عندما يتدرب.» انتصب عنقي.

«لا—لا تستطيعين قول شيء مثل هذا ميلاني. اولًا مقرف وثانيًا القائد ادريان كبير وثالثًا انه قائدنا يا غريبة.» توسعت اعين ميلاني.

«اقسم انني لست منحرفة! انها الحقيقة كلنا نراه هكذا وهو ليس رجل كبير! انه في منتصف العشرينات، وايضًا ألم ترى حجم أجنحته من قبل؟ او الطريقة التي تحمر بها رقبته بسبب سخونة جسده وهو يتدرب؟» نظرت لها بصدمة.

لماذا تركز على تفاصيله هكذا ؟

نظفت حنجرتي. «ذلك مقرف.» قلت فنقلت عيناها ألي وعقدت حاجبها.«هو قائدكِ. لا تستطيعين الاعجاب به ايضًا.» أحسست بسخونة ترتفع عند اطراف أظافري عندما نطقت هي بتلك الكلمات فحركت اصابعي على الطاولة.

انها مخالبي.

«لكنه حقًا رجل مثير.» قالت صديقتها بأنتحاب وضغطت اسناني اغلق عيناي، بشيء من الصدمة وشيء من الانزعاج الشديد.

«جدًا، بالاخص عندما يرتدي قميصه الرمادي ويشاركنا في تدريباته، هو والقائد نولان رغم ان القائد نولان بائس قليلًا ويزعجني.» قالت ونبرتها تبدلت الى نبرة متحمسة، قطبت جبيني. نظرت لها ورأيت شرارة الاعجاب في عيناها؛ تلك الشرارة جعلت عقلي يغير من افكاره ومنطقه، عقلي بشكل تلقائي فكر، كيف تفكر يا ترى؟ انه وكأنني أصبحت بداخل افكارها، حاولت ان أفكر كما قد تفكر هي.

وما. حصل. عليه. لم. يعجبني. ابدًا.

«صدره وأكتافه، انهما بعرض..» الفتاة سرحت ولم تكمل كلامها. «هل تكونت من قبل علاقة بين قائد وجندية؟» سعل جيمس يختنق، ما الذي تفكر به حتى تتفوه بمثل هذا الكلام!

«اوه اوه ووشوم ذراعه، استطيع ان اضع ملح عليها و—» رميت المنشفة بقوة الى الاثنين، بزمجرة كبحتها من ان تخرج. «أنتما مثيرات للاشمئزاز.» قلت، جايدن وجيمس بدوا مرعوبان لدرجة انهما لم ينطقا بكلمة.

ضرب احدهم قبضته فجأة على الطاولة بقوة، جسدي جفل لانني لم اكن منتبهه ولكن غضبي ازداد، جمعت حاجبي بأنزعاج نحو ارشون. «ما الخطب معك؟» قلت.

«لنتحدث.» قال بحدة، بلا مقدمات.

رطبت شفتاي، اغمض عيناي واقبض فكي.

عرفت ما الذي يريدنا ان نتحدث بشأنه، تبدد انزعاجي بأستيعاب، نظرت في عيناه، لقد حصل على جواب من مجموعة مارس.

دفعت مقعدي للوراء بصوت مسموع.

«ما الذي ستتحدثون بشأنه؟» سألت ميلاني تنظر لنا بتساؤل.

«ليس من شأنك ايتها المنحرفة الغريبة.» قلت من دون ان التفت لها، اتركهم واسير الى مكان ثاني.

تلك التفاصيل الخاصة بفارس الجنوب
يجب ان تكون في ذهني فقط.

«اذًا؟» استدرت له عندما وصلت الى طابور الجنود الذين يقفون من اجل اخذ طعامهم. «هل وافق على رؤيتي؟» اخذت صينية طعام فضية وملعقة بلاستيكية مغلفة.

اومأ بذقنه. «نعم لقد وافق، سنذهب ليلة الغد بعد ان تنام القاعدة، جهزي نفسك.»  همس الجملة الاخيرة يقترب مني حتى لا يسمع أحد.

اعتقدت انني توترت قليلًا عندما قال ذلك لكنه لم يكن متوتر، انا فقط سرحت في احتمالية نوع الاحاديث التي يمكن ان تدور بيني وبين..قائد مارس.

«اين سنلتقي؟»

«في مستودع المجموعة.» توسعت عيناي.

«مجموعة مارس؟» عقد ذراعيه واومأ.

«لماذا تريدين الذهاب الى هناك على اي حال؟»

«كيف سنذهب؟ هل حقًا سيجعلني اعرف موقع المستودع؟» قرع قلبي، هل سأدخل المتسودع الخاص بمارس؟ اصدر ارشون نفس ساخر.

«لا، هو ليس بمستوى جنون القائد ادريان، سيكون هناك شخص منهم سيأخذنا الى المستودع وانتِ معصوبة العينين.» تبدلت تعابيري و اصبحت جامدة. «ما الذي تقصده بجنون ادريان؟»

قلب عيناه. «ادريان ادخلك الى ديكارسيس من دون عصابة عيون لانه لديه خيارات اخرى في حالة اخباركِ احد بشأن المستودع. تلك مجازفة كبيرة، مجموعة مارس لن تجازف هكذا.»

«خيارات اخرى؟» 

«لا اعرف، مثل قتلك؟ ليس وكأنه صعب، يستطيع ان يعطيني الامر وسوف افعله فورًا.»

«لماذا تبدو كأنك متشوق لقتلي؟»

«ربما لانني متشوق لقتلك؟»

«هل القتل بالنسبة لك سهل هكذا حقًا؟» نظر لي ببرود.«حتى بعد ان عرفت ان لا شأن لي بأفعال ابي؟» امتعض اكثر وازاح عيناه الى القاعة بأنزعاج.

«وايضًا لعلمك وحسب، ادريان بكل تأكيد لديه خطط لك ايضًا. فقط في حالة ظهرت كجاسوس لمارس. بما انك مازلت مثل فأر تتسلل لهم وتتحدث معهم.» ضغط شفتاه وهسهس اتجاهي. يفك ذراعيه، عيناه اصبحت داكنة.

«انا لا اتحدث معهم ولا اراهم، تحدثت معهم بسببكِ انتِ فقط وهم لن يتقبلوني مرة اخرى بكل الاحوال.»

الشخص المتمرد الذي انضم لمجموعة اعداءه.

«هكذا هو الامر اذا. انت منبوذ، مارس تعتبرك خائن.» سقطت ملامحه على وصفي.

«وانتِ ابنة قاتل.»

«وانت يتيم.»

«وانتِ كذلك.»

بقينا ننظر لبعضنا البعض بتحدي وشيء طفيف جدًا من شبح الغضب المكبوت لثواني.

«اجلبي معكِ اسلحة، انتِ مكروهة هناك ولن يكون المكان أمان، مجموعة مارس ليست مثل مجموعة ديكارسيس. وهل انتِ متاكدة من انكِ تريدين رؤية قائد مارس الثاني؟ هناك اشاعات تدور حوله يقشعر لها البدن.»

«مثل؟»

«مثل انه من شدة هوسه بالانتقام، وشم حروف ستيلارد على وجهه، حتى تكون تذكير مستمر ووعد ان عليه الانتقام.» هذا جعل عيناي تطرف، تكسر التواصل والتحدي بيننا.

«هل رأيت انت الوشم؟» تحرك الطابور وسرت بضعة خطوات.

«لم يرى احد الوشوم من قبل، هو دائماً يضع وشاح حول نصف وجهه، لكن هناك بعض الناس الذين يقسمون انهم رأوه، يقولون ان الانتقام مكتوب في تقاسيم وجهه مثل وعد أبدي.»

ما سوء الامر؟ ما الذي يجعل المرء ينقلب ضد عائلته؟ يجب ان اعرف، لا بد ان اعرف، دخول مجموعة مارس خطر كبير لانهم همج متعطشين للانتقام لكن..يجب ان احصل على اجابة. انا هنا واقفة على ارض وهمية.

أومأت له. «انت احتار بنفسك، لا تقلق بشأني.»

«احتار بنفسي؟»

«ألست الخائن الذي سيدخل المجموعة معي؟ عليك أخذ احتياطك ايضًا.» قلت ارفع طرف شفتي بأستهزاء، عيناه أظلمت اكثر وتحركت عضلة في فكه.

«اسمعوا! اظنني عرفت ما هي جائزة الفائزين ولن تصدقوا ابدًا!» ألتفت الى صوت الهتاف ورأيت جندي يركض للقاعة، يقفز فوق طاولة بالمنتصف ويقف يجذب انتباه الجميع.

«لقد سمعت من جنود السنة الرابعة ان مهام المخلوقات الشمالية جائزتها هي...» تحدث بطريقة درامية، ينظر في عيون الجنود بأعين متحمسة ومتقدة بحماس نجح في ان يصل ألي فتركت ارشون والصينية وتحركت اقترب منه.

عيناه مرت على الجميع حتى توقفت عندي عندما مرت علي.

«تحدث.» قلت بفضول.

«قلادة تعريفية سوداء.» عم الصمت لثانية.

ثم انكسر الصمت بضحكة سخيفة وساخرة من احد الجنود.

«هذا سخيف. لن يعطوا قلادة تعريفية سوداء الى مستجد، هل تعرف معنى الصحيفة السوداء حتى ايها الاحمق؟»

اغمض الاخر عيناه بأنزعاج ثم كشر شفته. «بالطبع اعرف، لم اولد الامس ولم أتي من جامعة للموسيقى او الكتابة لكنك الاحمق هنا لانني لا اقصد تلك القلادة السوداء، انما نسخة مصغرة منها للجنود المتدربين.» قطبت حاجبي.

القلادة التعريفية السوداء للجندي تعني في مملكتنا شيء كبير، ولا يتم اعطاءها للجنود في اول ست سنوات انما بعد ان ينهي دراسته وتدريباته وهذا ان نجح في مسيرته المهنية بعد سنوات من التخرج وممارستها. هي تعني ان مستوى الجندي هو ممتاز في كل الاسطولات الثلاثة، انه مصرح له قانونيًا بالمشاركة في كل المهام الجوية والبرية والبحرية. تعني انه يمتلك المؤهلات التي تسمح له بان يذهب مع أي نوع من اقسام الجيش لانه قادر.

اما القلادة التعريفية الزرقاء هي للقادة الذين تمكنوا من كل الاسطولات، ابي امتلك الاثنين لكنهما ليس هنا، تم حفظهما في المعرض العسكري البحري للمملكة كتراث.

لم اسمع من قبل بقلادة سوداء للمتدربين.

«ما الذي تعنيه اذًا؟» نهضت جيسيكا من طاولتها بفضول.

«انها تعني...» استدار ببطء على الطاولة، ينظر للجنود حتى أعطاني ظهره بقميصه الاسود، بدأ يزعجني بوقفاته الدرامية.

عندما عاد و جهه امامي تحدث. «اخبروني انها تعني ان الذي يفوز بها سيتمكن من الانضمام الى أي مهمة تعجبه من دون أي اعتراض من أي شخص، ولا حتى القادة انفسهم.»

مستحيل.

«من اين سمعت هذا؟»

«من جنود بقية السنوات.»

«كيف تعرف انهم لا يعبثون معنا؟» بقى صامتًا. وبدى وكأنه أخذ يفكر في هذا. «لن نستفاد شيء يا حمقى، ما يقوله صحيح.» التفتنا الى الجندي من السنوات الاخرى الذي تحدث من مكانه. «نحن لا نمزح معكم، حصل هذا في سنة من السنوات.» قال صديقي— الفتى الذي تشاجرت معه من قبل فترة، يعقد ذراعيه في مقعده بأبتسامة متجبرة وكأنه ملك فوق رؤوسنا نحن طلاب السنة الاولى، مع اصدقاءه الملوك الآخرين.

«هذا ليس عدل، كان يفترض بهم اخبارنا انه ستكون هناك جائزة» تذمر البعض.

يال للهول والعجب.

استطيع الانضمام الى أي مهمة تعجبني؟ من دون اعتراض أحد؟

«في الحقيقة، تستطيعون اخذ مهام اصدقاءكم لو تم اختيارهم بمفردهم للمهمة.» توسعت عيناي. هل هو جاد؟ افترقت شفتاي بده اما بقية الجنود في قلق ورعب واضح. 

«على ما يبدو ان الخبر وصلكم.» جاء صوت ادريان من مدخل القاعة مع ابتسامة على وجهه والجندي قفز من الطاولة فورًا.

ادريان كان مازال يرتدي البنطال العسكري الاسود، مع قميص أبيض فوقه ستره عسكرية سوداء مفتوحة، خصلات شعره مصففة للوراء بأتقان، ولا شعرة خارجة عن مكانها، تعطيه منظر القائد الحاد.

و تكشف عن رقبته التي تحمر بسرعة.

نقلت بصري الى ميلاني وعيناها وجدت خاصتي بأبتسامة، وكأنها تفكر في ما افكر، وابتسامتها كانت وكأنها تقول 'أترين؟' ادرت وجهي عنها.

«وهو خبر صحيح بالمناسبة، الفائز الاول سيحصل على قلادة تعريفية سوداء وهي معي الان.» رفع اصابعه في الهواء وكل الاعين اتجهت نحوها. تدلت من بين اصابعه سلسلىة فضية بصفحة سوداء، جعلتني اثبت قدماي بقوة بالارض حتى لا اتجه نحوه واسحبها من يده. 

الفائز الاول، هذا انا.

«لحظة، ماذا عني؟ انا فزت ايضًا.» سمعت جيسيكا تعترض ولكنني حجبتها عن عقلي، القلادة بدت جميلة جدًا بين اصابعه وهي على الاغلب تحمل اسمي.

رقبتي انتصبت عندما فجأة عيناه التقت بخاصتي وابتسامته تلاشت قليلاً، رمشت بأستعاب انه يمثل؛ تلاشت ابتسامته بشكل غير سريع او شخصي لكن واضح جدًا ان مزاجه تبدل عندما رأى وجهي. هذا تمثيل.

بلع ريقه ووضع ابتسامة تكاد تكون هناك، حاول قدر الامكان ان يجعلها سعيدة من اجلي وطبيعية لكن الغيض منسوج في كل تفاصيل وجهه، وكأنه لا يريد رؤيتي او وكأن رؤيتي تؤلم وجوده، ثم هو قطع الخطوات اتجاهي.

يا له من وغد محترف متقن للدور.

«ستحصلين على جائزتك بعد ان يحصل الفائز الاول على جائزته.» اخبر جيسكا و اعاد بصره ألي، حتى وقف امامي، الجنود حولنا تجمعوا ينظرون. رفع اصابعه في الهواء وسقطت القلادة من بين اصابعه، الصحيفة المعدنية تدلت امام وجهي، عيناي تتبعتها مثل المغناطيس.

«مبروك جازمين، انتِ الفائزة الاول.» استطيع ان اقبل نفسي الان.

اعدت بصري له واحسست بشيء يتجمع في حنجرتي، يرتفع الى وجهي نظفت حلقي. «شكراً لك سيدي.'» زرقاوتيه لمعت اتجاهي.

«الان، هل تريدين استلام الجائزة غدًا في احتفال خاص او الان –» سحبت منه القلادة قبل ان يكمل حتى لينظر لي بتفاجؤ. «الان.اريدها الان.» حاولت ان اسيطر على نبرتي وتصرفاتي المندفعة والجائعة لكنني لم استطيع فسعلت قليلاً. «اسفة، اقصد الان.» قلت بخفة، احاول ان امحي ما حصل للتو.

«ا..الا تريدين من البقية ان يرونكِ وانتِ تستلمين القلادة؟» سألني بعد ان خرج من صدمته، عقد ذراعيه على صدره بفضول ونظر ألي. «القاعدة ستعرف بعد خمس ثواني من خروجك من القاعة بالامر، الاخبار تنتشر مثل النار هنا.» حركت كتفي.

«حسناً، كما تريدين.» رجع خطوة للوراء و اخرج نفس.«جازمين ستيلارد هي الفائزة بالقلادة التعريفية السوداء لمهمة الشمال الثانية!» هتف بصوت عالي رج المكان وتردد في كل زاوية من زوايا القاعة، رن في اذان الجميع وشعرت بعظمة نبرته المرتفعة في عظامي، تبدل لون رقبته قليلاً وبرز عرق من عروقها وهو يهتف. فور انتهاء صفق الجميع لي.

«القلادة السوداء هي بمثابة تذكرة لا حدود لها، تستطيع جازمين الان ان تشارك في أي مهمة من مهام السنة الاولى التي تعجبها متى ما تريد. لن يعترض اي قائد او اي مسؤول على ذلك ولها كامل الحق لو ارادت ان تأخذ دور احد منكم لو تم اختياركم لمهمة فردية، مثلاً لو تم اختيار ايلايجا للمشاركة في مهمة خارج الغرب جازمين تستطيع ان تأخذها لها وتبعد ايلايجا.» اظن انني سمعت صوت اختناق من ورائي قد يكون يعود لايلايجا او لبقية الجنود اللذين انهاروا، الاحاديث المعترضة اندلعت لكنني قضمت باطن وجنتي، اكتم ابتسامة خفيفة من الخروج، ابلع كومة الادرينالين والحماس الذي في حلقي.

هذا هو النعيم.

التفت ادريان الى جيسيكا وبلعت حماسي. «اما جائزتكِ جيسيكا بما انكِ الثانية هي..» نظرنا بفضول له. «اختاري اي طائرة تريدينها من اسطول الطائرات الذي يعجبك، القائد اغسطس سيقدم جائزتك لكِ وهي طائرة عسكرية حسب رغبتكِ الخاصة بتصريح رسمي.» افترقت شفتاي بصدمة ودهشة ونظرت الى جيسكا التي تجمدت.

ماذا؟

حتى هي بقت متجمدة، رمشت نحوه بعدم فهم.

جيسكا قادمة من عائلة عسكرية ايضًا لذا لابد من ان عائلتها تمتلك طائرات ومراكب خاصة بهم ولكن هذا يعني ايضًا انها تعرف ثمن الطائرة الواحدة يساوي كلية او قلب ولهذا السبب نظرت له بتفاجؤ، الصمت عم المكان وكأن الجنود ماتوا. 

الكل نظر بينها وبين ادريان بصدمة تحولت الى ذهول.

«ش—شكرًا لك.» تحدثت بعجلة تستوعب انها ما زالت لم ترد عليه،  بدت ما زالت مصدومة وغارقة في عقلها الذي يحاول ان يجعلها تستوعب ولهذا تبعثر الكلام من لسانها، مر طيف بريق عبر عيناها  التي لمعت متقدة. «شكرًا لك كثيرًا.»  كبحت  ابتسامتها التي اتسعت وبشرتها توهجت فجأة بأشراق.

اه نعم، لو قدموا لي طائرة عسكرية كهدية ستتوهج بشرتي انا ايضًا بأشراق، الطائرات العسكرية لبشرة افضل وانصع.

ولكنني خفضت عيناي الى قلادة بين يداي وابتسامتي اتسعت تلقائيًا، شعرت بالفراغ الذي في جزء من قلبي يمتلىء.

قد يظن البعض ان اولئك الذين يركضون خلف الانجازات هم فارغين من الداخل ولكنهم لا يعرفون شعور اثبات القوة لانفسهم، هذه الاشياء هي الحب الذي أقدمه لنفسي، هي التي تجعلني اشعر بالحب.

اه وجنتاي احترقت من شدة الحب.

«والان، اريد من اعضاء فرقتي واصدقاء جيمي ان يتجهزوا، سوف نذهب لزيارته، لقد أجلنا الامر بما فيه الكفاية.»

«ومبروك لفتياتنا، يا اولاد تعلموا منهن قليلًا.» هذا كان ما فجر اللون في وجهي. 

لانه قال ذلك وهو يمسك بصري ياخذ خطوات للوراء، عيناه تلمع بفخر وابتسامة خفيفة.

رئتاي مملوءتان بالماء
وطعم الماء اصبح مختلف
ثقيل على الروح
ثقيل على القلب
وسط ظلام دامس و بارد
ولكنه ماء بحر وهمي يحتويني ويغرقني
وأنا على اليابسة
فأصبح انا البحر
وانت كنت مرساة نجاتي الواقعية
وسط ذلك البحر

وسط حزني الذي اغرقني
و هذا جعل مرارة ظلام الحزن
ألذ قليلًا.

— غراب.

-

كانت هناك ضمادة بيضاء ببضع قطرات حمراء حول رقبته، وجهه شاحب وشفتاه زرقاء قليلًا لكنه في وضع مستقر.

وقفت استند على الباب، اعقد ذراعاي وانظر الى المجموعة تضحك وتتحدث وهي واقفة حول سرير جيمي، يضربون كتفه ويخبرونه انهم يفتقدونه كثيرًا في القاعدة ليصفع ايديهم بأنزعاج بالمقابل. جيمي بدى بخير، ما زال هناك ضمادة كبيرة حول رقبته ومازال صوته مبحوح، لا يتحدث الا الهمسات المتكسرة والمبحوحة لكنه بدى بحالة مستقرة.

جايدن فرك شعر جيمي الاسود وبعثره مع ابتسامة، الاخر عقد حاجبيه من الحركة. «سمعت ان القائد نولان يعذبكم.» قال يبعد اليد.

«الجميع يعذبنا، القائد نولان، القائد ادريان، طلاب السنوات الاخرى.»  تنهدت ميلاني تجلس على السرير حيث خصر جيمي.

«لا تذكروني بالطلاب، انهم اوغاد. جعلوني اتناول اشياء–لا اريد التفكير فيها حتى ولم يعطوني الملاحظات.» قال جيمس بغضب وديكو الى جانبه ابتسم بضحكة خفيفة. «حقاً؟مثل ماذا؟» سألت ميكا.

«مثل اصابع دجاج مسلوقة.» رد وانكمشت ملامحه الى جانب البقية بأشمئزاز، انقبضت تعابيري انا ايضًا من مكاني عند الباب.

«بكل الاحوال يا جيمي، لقد اشتقنا لك حقًا، تحسن سريعًا وعد ألينا.» جايدن اخبره مع ابتسامة دافئة، جيمي رفع طرف شفته بالاجبار نحوه، وكأنه لا يريد الابتسام.«سأحاول.» الكلمة خرجت مثل غيرها، مبحوحة ومهسهسة وكأن حنجرته صدئه.

«علينا التوقيع على اوراق زيارتك والرحيل جيمي، اعتني بنفسك، نراك قريبًا.» عانقوه جميعًا بعد ان كانوا في الغرفة لمدة ربع ساعة، بعد ان تناولوا عشاءه وتغطوا بغطاء سريره وميكا دفعته عن السرير حتى. جيمي كان منزعجًا منهم معظم الوقت ولم يصنع مزحة واحدة، فقط رد بأنفاس ساخرة.

«وداعًا.» لوحوا له يمرون من جانبي ويخرجون. «ألن تأتي؟» توقفت ميكا وسألتني قبل ان تخرج. «دقائق وحسب.» أجبت لتومىء لي.

«سأقوم بتأخيرهم قليلًا.»

تركت نفس ساخر .«اصبحتِ لطيفة الان معي؟» قلبت عيناها وهزت رأسها ترحل.

بعد ان عم الهدوء في المكان رفعت بصري الى جيمي الذي ادار راسه من السقف ألي، كان يسنده على الوسادة. «مرحبا.» لوح بأصابعه في الهواء بحركة كسولة وساخرة.

«صوتك يبدو مثل صوت عجوز او ساحرة.» اخبرته افتح عقدة يداي وادخل الغرفة.

«بالطبع سيكون هكذا، الاطباء قالوا ان احبالي الصوتية تأذت كثيرًا، انها معجزة انني على قيد الحياة.» قال الكلمات وكأنها اطياف اشباح، الحروف غير مضغوطة وخفيفة للغاية.

«والفضل يعود لكِ.» رفع عيناه الى خاصتي، يعدل وضعية رأسه في الوسادة. «لانكِ عرقلتِ هدف الشخص الذي هاجمني، شوشتي مهمته وجعلته يخطىء التصويب.»

«شكرًا لي؟» رفعت حاجبي اسحب مقعد واجره الى جانبه، عيناه تتبعني.

«شكرًا لكِ.» قال بخفوت واهن، ثم عقد حاجبيه، لانني جلست واعطيته تلك النظرة الصامتة.

«لماذا حاولوا قتلك؟» سألت وراقبت ردة فعله. «لأنني جندي؟» قال وكأنه اكثر شيء بديهي.

فصححت سؤالي.

لا اعرف ما علاقة جيمي بأيغيس، لكنه يعرف انهم وراءه.

«لماذا حاولت ايغيس قتلك؟»

انفتحت عيناه قليلاً لثانية ثم ارتخت، ارجع راسه للوراء بتنهيدة، ينظر للسقف. «صوب الموضوع فورًا؟»

تنهدت وعقدت ذراعي ارجع للوراء بالمقعد، ابقي بصري عليه. «جيمي..لقد رايتك ذلك اليوم تعرف؟ بعد السباق تتحدث عبر الهاتف مع جدتك، لقد سمعت حديثكما ايضًا. من يلاحقك؟ لماذا تلاحقك ايغيس؟» اختلجت عضلة في فكه، واحتدت نظراته نحو السقف لكنه بقى ساكنًا.

«كم سمعتي بالضبط؟»

«كل شيء.» اغلق عيناه. ثم بلع ريقه بمرارة.

عندما اعاد فتحها ونظر لي، كان لونهما داكنًا.

«مبروك؟» استخف، صوته المستهزء كان عكس ملامحه القاسية.

هنا، انا رأيته من زاوية اخرى.

فكه كان مقبوض وحاد، عيناه داكنة بلهب ليس لامع انما منطفىء، شفتاه مضغوطة، اعرف هذا النوع من اللمعات وهذا النوع من اللهب، كان كبت شديد اكثر من الغضب، كبت للغضب، للغيض، لاشياء.

رايت جيمي من زاوية اخرى، ولم يكن مثل ما اعرفه ابدًا. بالاخص نبرته الساخرة الان اصبحت حقيرة بعد ان كانت بريئة القلب سابقًا. وكأنني انظر الى شخص ثاني مختلف.

«لماذا يريدون قتلك؟ ما الذي فعلته لهم؟ او ما الذي تمتلكه؟»

«لماذا يريدون قتلكِ انتِ؟» سأل بتحدي يمسك بصري، رمشت اتفاجىء قليلًا من رده ومعرفته هذه المعلومة.

لكنه لم يبدو مثل سؤال، كان تحدي، وكأنه يخبرني انه يعرف انهم يريدون قتلي، انه يعرف شيء عني مثل ما اعرف شيء عنه.

لكن برده هذا هو فقط اخبرني انه يعرف بشأن معظم الامور. أحتاج ان اعرف كم؟ كم يعرف من الاشياء؟

«لانني خطر عليهم.» اجبت.

«انا ايضًا.» رد.

«كيف؟» اقتربت منه.

«جيمي كيف؟» يدي ارتفعت الى السرير. هل من المعقول انه..مثلي؟ نظرت له بترقب.

«هل تعرضت للاشعة؟» نظر في عيناي لثواني وبدى غاضبًا، منزعجًا بشدة، وكأنه سأم.

«لا جازمين...» رطب شفتاه. «لا لم اتعرض للاشعة.» هو يعرف بشأن ذلك اذا لانه لم يبدو مصدومًا او مستغربًا من كلامي. «اذا؟ ما الذي يريدونه منك؟» أمسك عيناي لثانية.

ثم رمش وازاح بصره الى نقطة من الغرفة، تفاحة ادم خاصته تحركت وشفتاه انضغطت بكراهية. «اخبرني.»

«ما الذي تريدين معرفته؟»

«لماذا انت خطر؟» انا لا اعرف لماذا انا خطر لهم للان، هل من المعقول ان السبب هو نفسه سبب جيمي؟

«لانهم يعتقدون انني دليل.» قربت حاجبيّ بتشويش. «دليل؟» تنهد وارجع رأسه للوراء. «دليل على وثائق امتلكها والداي.»

«أي وثائق؟» بدلت بصري بين عيناه، عقلي يتحرك ويربط الخيوط لكن كلها خيوط ذات نهايات وهمية لا ترتبط ببعضها البعض ولا تصلني شيء.

«وثائق توقيع الرئيس ريكان وموافقته الرسمية على مشروع فيلكس ستيلارد رغم علمه الشديد بالاضرار الجانبية للمشروع. الاضرار مكتوبة في الوثيقة وهو وقعها بكل الاحوال.»  انتصب عمودي الفقري وتصلبت اكتافي. صوته خرج منخفض لكنه كان مغلف بالغضب الهادىء، ذلك الذي يحيط به في موجات. 

«كيف تكون دليل الى تلك الوثائق؟» ادار راسه ألي. «عائلتي.»

«عائلة بلايز؟» ما شأن عائلة بلايز؟

«عائلة بلايز معروفة في مجال صناعة السيارات، السباقات والسرعة..لا افهم.» قلت بتشويش. «ما علاقة هذا بأيغيس وتلك الوثائق؟»

«هكذا بالضبط، السرعة، السيارات، المحركات. والداي كانا الافضل في تحويل أي محرك الى محرك خيالي من ناحية السرعة.» انفكت عقدة حاجبي بأستيعاب وضربتني الصدمة.

المحركات...

اساس مشروع ابي.

صنع محرك واحد بطاقة الاكابرس حتى يناسب جميع مركبات الاساطيل الثلاثة، محرك يعمل في الجو والبر والبحر. 

ولا يوجد افضل من عائلة بلايز للعمل على هذا الجزء من مشروع، على سرعته.

«عائلتك تعاقدت مع ايغيس؟» اومأ بذقنه.

«ما الذي حدث؟» انخفضت اكتافي.

«عندما عرفت عائلتي الحقيقة، سرقت تلك الوثائق لاخراجها للناس، الوثائق تثبت ان ريكان كان يعرف بشأن ان الاشعة تتفاعل ولا تصلح للصنع في مكان مثل الجنوب...انها لو حدث أي تفاعل خاطىء ستقتل وتشوه نصف الجنوبيين، وهو وقع وباشر بالمشروع بكل الاحوال. عائلة بلايز سرقت الوثائق التي تدل على ان ريكان كان بالأساس يخطط لهدم الجنوب بواسطة الاشعة.»

«كان يعرف كل شيء، الانفجار الاول في الجنوب لم يكن صدفة، كل شيء حدث هو جزء من خطته الكبيرة لتحويل الجنوب الى منطقة عسكرية.» سقطت يدي الى جانبي بصدمة، انكمشت بطني.

تلك الوثائق..انها دليل ان ريكان كان ينوي هدم الجنوب وتشويهه من البداية، لهذا وافق، لانه اراد الجنوب ان يتدمر.

«وهو قتلهم...» همست ادرك جريمة موتهما، لم يكن حادث سير، كانت جريمة مدبرة.

ادار جيمي رأسه الى باب الغرفة الذي تم اغلاقه قبل دقائق من قبل الحراس الجنود الذي وضعهم ادريان من اجل امان جيمي، طوال الوقت الى ان يخرج من المستشفى، تفقده ثم اعاد بصره ألي.

«لقد قتلوا عائلتك؟» جف حلقي والعقدة الصامتة في عيناه اكدت لي كلامي. «ليس عائلتك فقط، انت ايضًا لكنك نجوت وجدتك اخفتك عنهم بتزييف هويتك..يا للهول.» رفعت يدي الى فمي بأدراك.

«لكن..ان كان والدك قتلا وهما متورطان مع ايغيس فأن والداي..» جيمي اطلق نفس. «لا، لا تذهبي الى هناك، و الديكِ ليسوا ابرياء.»

«هل تعرفين لماذا؟» رفع عيناه ألي والهيب عاد. «هل تعرفين لماذا قتل والداي حقًا؟»

«لماذا؟» ترقبت بخوف.

«بعد انفجار الاول حاولوا اقناع والديكِ بالتخلي عن المشروع لكن عندما رفضوا حاول والداي سرقة الوثائق، ذلك النقاش حدث في الاسطول البحري.» رفعت المقعد و نهضت، اشعر بالالم بغوص في صدري، المقعد سقط خلفي بصوت مسموع.

«لان عائلة بلايز قتلت فيلكس وارسولا ستيلارد اثناء سرقتهم الوثائق منهم. ريكان لاحق عائلة بلايز حتى انهى وجودهم، وكما اعتقد هو، مع الوثائق.» شرح انشق في منتصف صدري.

لا.

«هذا غير ممكن.» قلت بشبه ضحكة مرتعشة. «ابي كان سيتصرف لو امتلك تلك الوثائق.» لكن صوتي تلاشى مرة اخرى وقلبي خفق. كان سيتصرف، صحيح؟

كان سيأخذها للقانون، يريها للشعب، يريها للاعلام، لاي احد قادر على التصرف، مثل ادريان الذي نشر التسجيلات. ابي لن يسكت، لن يصمت.

أليس كذلك؟

«لماذا تخبرني بكل هذه المعلومات؟» اعدت نظري له. «هذا ليس منطقي..» تحركت واستندت على منضدة طبية اغلق عيناي، استمع الى انفاسي.

عائلة بلايز قتلت عائلتي؟

هل القتل هو شيء بهذه السهولة حقًا؟

«لانني ليس لدي شيء لاخسره بعد الان، ولانني لا اكترث حتى لو احترق العالم.» أجاب جيمي بنبرة ليس لديها اي خسارة، بحقد شديد.

اخذت نفس وبلعت الغصة وفتحت عيناي، اسيطر على نفسي واقبض اصابعي بقوة. شعرت بصداع وطنين في رأسي، لان تلك الخيوط ارتبطت اخيرًا. الامر يبدو منطقي الان.

ابي عرض المشروع على جاسبر، جاسبر رفض مع اللجنة العامة وايغيس تظاهرت ان ابي صاحب المشروع بالكامل وان لا دخل لها، ثم اقنعت السلطات وكل شخص لديه يد ومسؤول حتى تم التخلص من جاسبر واخذ اللجنة العامة الى صفه. وقعوا على الاوراق. حدث الانفجار الاول. عائلة بلايز عرفت. حاولت اقناع والداي بالتوقف و— المرارة ارتفعت الى حنجرتي.

لقد تأذيت وانا جنين بسبب الانفجار الاول.. هل استمر ابي وامي بالمشروع  رغم ذلك حقًا؟ سمعت تهشم قلبي.

«اين تلك الوثائق الان؟» استدرت له، ابلع مشاعري واتجاهل صراخ افكاري وخدوش المخالب في عقلي، تلك الوثائق من الممكن ان توقف انفصال الحاجز، من الممكن ان تنقذ الجنوب كله لو خرجت للشعب.

«ريكان اعتقد انها غير مهمة طالما عائلة بلايز ماتت واندثرت صحيح؟ لكنك ظهرت للعالم وحاول قتلك فورًا، هذا يعني انه يعتقد انها بحوزتك صحيح؟ او انك خيط يربط العالم بها؟ لذا اين هي الان؟ ما علاقتك بالوثائق بالضبط؟» نظر لي وحسب.

«جيمي.» صككت من بين اسناني. «انه ليس الوقت المناسب لاختبار صبري.» كورت اصابعي.

«لن تفعل الوثائق شيء سوى قتلكِ.» قبضت يدي بقوة، احاول السيطرة على اعصابي الا ان السخونة حرقت رقبتي وظهري، ترتفع الى رأسي وعقلي مثل الشيطان الذي يوسوس.

«جيمي.» ضغطت مرة اخرى من بين اسناني واندفعت نحوه، اجره من ياقة ثوبه. «اخبرني اين هي تلك الوثائق الان!» هتفت بصوت رج الغرفة.

«لماذا قد تريدين انقاذ هذه المملكة البائسة؟ دعيها تحترق وحسب!» صرخ في وجهي يفجر نحوي موجة من الغضب الساخن، صوته المرتفع ارتعش سخطًا وكسر هواء الغرفة مثل سكين مشتعلة. انفجرت عروقه في كل جزء من جسده تحول وجهه للون غاضب من الاحمر.

سقطت خصلات من شعره الاسود على وجهه بسبب ارتعاشه جسده بينما انفاسه المسموعة ضربت وجهي. «لماذا قد تريدين انقاذ الشعب البائس الذي لم يكترث للجنوب حتى؟ ولماذا تريدين انقاذ الجنوب الذي يفعل المثل مع المملكة، يهدمها؟ الا ترين؟ كلهم حثالة وقذارة.» قال وشعرت بارتعاشة جسده غضبًا تحت يداي.

«انهم كومة من البائسين الذين لا يستحقون ان ينقذهم احد او يضحي من أجلهم. دعيهم يحترقون.» نظرت له بعدم تصديق، هل هذا هو جيمي نفسه الذي اعرفه؟

«دعيهم يحترقون في نارهم جازمين.» عقدت حاجبيّ. ما الخطب معه؟

لكنني رأيت ما الخطب معه.

انه غاضب، انه غاضب بشدة على المملكة من انها حرمته حياته.

«اين هي تلك الوثائق؟» سألت مرة اخرى

«لا تضحي من اجلهم. انهم يكرهونك اساسًا وكل من يلمس تلك الوثائق يموت. انتِ لا تستحقين الموت.» لففت اصابعي حول قماش ياقته اكثر. «ريكان لم يموت.» قلت انظر في عيناه. «انت لست ميت، جدتك ليست ميتة.»

«ليس بعد.» بصق الكلمتين.

و رأيت كم كان مكسور.

لهذا تركت يدي ياقته، ارجعتها للوراء وجمعت اصابعي في قبضة ثم لكمته بقوة جعلته يهتف متألمًا

«عد الى وعيك ايها الوغد، احشر غضبك في مكان ثاني وركز على الهراء الذي تتفوه به—» تجمدت مكاني و بتر كلامي، انخفضت عيناي الى كتفه العاري الذي انكشف بسبب جري الثوب و لكمه، الثوب الازرق الخفيف انشق تقريباً والضمادة تحركت من على رقبته تنفتح بسبب حركته العنيفة ولكمتي؛ يكشفان عن جزء من جسده ورقبته حيث كان الحبر يغطيه بالكامل لدرجة ان الجلد يكاد يكون مرئي.

من رقبته نزولًا الى اكتافه وذراعيه ثم صدره وواضح انه تحت الثوب ايضاً، كان مملوء بالوشوم تماماً.

نظرت له بصدمة وارتفعت عيناي الى خاصته، لقد كان يخفي كل هذا بصبغ الوشوم، حتى يدعم شخصية جيمي الفكاهي، الطيب، المهرج.

وليس متسابق عاشق السرعة والاثارة التي تأتي مع الخطر.

عيناي مرت على الوشوم لكنها تثبتت على الخط الاحمر عند جانب رقبته، خط الجلد المحمر اسفل الحبر والذي كان يحمل غرز سوداء كثيرة قبضتي ارتخت بهول وهو دفع يدي عن ياقته بقوة يسعل قليلًا، شفتاه تلطخت ببعض قطرات الدماء بسبب سعاله، تعثرت للوراء.

«عليك اخبار القائد ادريان.»  قلت بخفوت، شبه همس، ما زلت انظر الى رقبته. المنطقة التي طعنوه فيها..حيث الشريان الرئيسي للحياة تماماً، لو لم اتدخل لكانت السكين قد قطعت الشريان وقتلته في دقائق.

«سيتمكن من مساعدتك، جدتك..هي على الاغلب الان في خطر.» ترك نفس ساخر. «لا تقلقي، حزمت اغرضها ورحلت. هي كانت تستعد لهذا اليوم دائمًا، بحقيبة مجهزة بالاغراض الضرورية لي و لها اسفل السرير.»

«جيمي.» نبرتي اصبحت واهنة. «انت تستطيع ان تنقذ الالاف الجنوبيين لو..-»

«لا اعرف.» قاطعني.

«ماذا؟»

«لا اعرف اين هي تلك الوثائق، جدتي اخفتها عني تمامًا، لم تسمح لي برؤيتها حتى، قالت انها ستدمر ايًا من يضع يديه عليها ووالداي مثال، قالت انه لن  يستطيع احد انقاذ الجنوبيين، سيموت كل من يحاول.» شعرت بغصة في حنجرتي بسبب جملته الاخيرة، صورة ادريان تمر عبر ذهني.

كشرت طرف شفتي. «وهل انت جبان و مهزوز لدرجة انك تستمع الى جدتك وخوفها؟ واضح انها خائفة بسبب ما حدث لوالداك.» قلب عيناه ينزع الثوب بلا اكتراث واضح، يكشف عن صدره العاري.

«لا، لست جبان او مهزوز، انا فقط لا اكترث. لقد حاولت اقناعي بالهرب معها، صرخت علي، وبختني وانهارت، هذه المرة لم اهرب معها لانني لا اكترث حقاً سواء احترقت انا او احترقت هذه المملكة او هذا الشعب.»

«انت عار على الجنود.»

«هل من المفترض بهذا ان يجرحني؟» ضحك ضحكة مريضة اخافتني. من هذا الفتى الذي امامي؟

«لا، لكنه يفترض ان يجعلك تشعر بالخجل.» قلت اقترب من وجهه، اتحدث من بين اسناني بحرقة.«يا ابن بلايز، ولد العائلة التي ماتت وهي تحاول انقاذ الجنوبيين.»

«تتصرفين بشجاعة جازمين، يا ابنة ستيلارد، العائلة التي هي سبب دمار الجنوب الان، أترين؟ ربما لسنا مثل اباءنا الاغبياء.» لسعني وتلك اللسعة مرت عبر روحي تجرحني لكنني دفعتها. بلعتها. هذا ليس وقت هراء المشاعر.

تركته واستدرت اغادر لكنه اوقفني عند الباب. «جدتي لن تسمح لاحد بالحصول على تلك الوثائق مهما فعلتي، هي واثقة ان لا احد يستطيع انقاذ الجنوبيين، لقد حاول والداي وماتوا، وحاول قبلهم الكثير وبعدهم.»

«جدتك جبانة.» زفر نفس ساخر.«وانتِ شجاعة؟»

استدرت نحوه.«الجنوبيين يكرهونكِ، ستموتين جازمين.»

«لماذا تهتم انت؟» ضغط فكه على سؤالي،
ومن ثم اشاح ببصره عني.

«لماذا تهتم جيمي؟» اقتربت منه مرة اخرى، استطيع ان ارى لمحات من جيمي القديم. انه هناك.

«لانك ما زلتِ تمتلكين عائلة ولانكِ لا تستحقين الدخول في هذه القذارة المميتة من اجلهم.»  تركت نفس ساخر أهز راسي ثم سقطت ملامحي. «نحن جنود ايها الغبي، نحن جنود!» صرخت انفجر بكل اعصابي. «هل تعرف معنى ذلك حتى؟ ألم تأخذ قسم وقت القبول! نحن نرمي انفسنا في القذارة المميتة والدرك الاسفل من الجحيم حتى ننقذ اولئك اللذين لا يستطيع احد انقاذهم!» عروقي سخنت وكأن احدهم سكب نار ملتهبة فيها، برزت وارتعشت انفاسي.

«واياك—» قاطعته عندما فتح فمه، صككت من بين اسناني. «اياك ان تتجرأ وتخبرني انه لم يفكر احد منهم في انقاذك او جدتك اللعينة، هي كانت هناك من أجلك كما هو واضح و نحن يا جيمي–» اقتربت منه اجره هذه المرة من عنقه، اصابعي تحط فوق الفرز السوداء، ملمسها خشن مثل الجلد الذي خيطته، بشرة جيمي حارة. «نحن جنود، نحن لا نبكي ونتذمر لو دمرونا، نحن فقط نمسك سلاحنا وندمرهم.» دفعته للوراء ليدير وجهه للجانب يقبض فكه.

اغمضت عيناي اهدأ انفاسي.

«ما الذي تنوين فعله؟» سال بخفوت بعد فترة من الصمت.

«سترى.» فتحت عيناي، وفقط عندما ألتفت له مرة اخرى لمحت كومة اوراق على المنضدة الطبية، اوراق بسطور مألوفة حقًا، سرت لها وامسكت برزمة اعقد حاجبي. «هل هذه ملاحظات كتاب اختبار الاسطول الجوي؟» الخط كان مألوف ايضًا، سقطت تعابيري.

«هل اعطاك القائد ادريان ملاحظاته؟» رفع اصابعه الى جسر انفه.

«نعم، انا ادرس عليها حتى اخضع للاختبار في الميعاد.» الوغد..

رطبت شفتاي اسحب نفس وضحكة ساخرة خرجت مني، لا اصدق.

«استمع الي جيدًا.» استدرت الى جيمي ورميت الاوراق عليه بقوة لتتبعثر في الغرفة وحوله تضربه.

«انت ستخبر القائد ادريان بكل ما اخبرتني اياه للتو، وهو سوف يساعدك، ألست خائف على جدتك من ان تقتل؟ هي تمتلك الوثائق.»

«لا تخافي علينا لقد جعلتنا ننجو لسنوات–»

«باخفائكم عن الجميع لكن الان الكل يعرفك وما هي؛ الا مسألة وقت حتى يعرفون بوجود جدتك، ما الذي سيحدث لو عثروا عليها؟ لو عثر ريكان عليها. هل تظن سيرحمها؟ مهما كانت ذكية هم اذكى.» رأيت الخوف يتكون في عيناه مع كل كلمة نطقتها، كلماتي كانت مثل السم الذي انغرس في عقله حتى نظر لي بقلق واضطراب و خوف.

بالضبط كما اردت.

و بالضبط كما اعتقدت، قد يكون لا يكترث للمملكة لكنه يهتم لجدته.

«بالضبط.» قلت.

«سأخرج الان وانادي القائد ادريان، وانت ستخبره بكل شيء.»

«لماذا القائد ادريان؟» سألني ونظرت له من دون ان ارمش.«ستعرف عن قريب.»

خرجت من الغرفة وفعلت كما اخبرت جيمي، ناديت ادريان وذهب الى جيمي بفضول، تركته وحده بداخل الغرفة ورأيت من النافذة جيمي يتحدث معه.

رأيت كيف تبدلت ملامح ادريان.

ثم رأيت تبدلها مرة اخرى.

لكن هذه المرة لم تكن ملامح القائد ادريان.

كانت ملامح قائد ديكارسيس الذي بدأ يمسك الخيوط، ويخيطها ببعضها البعض.

نظرت الى الحراس الذي وضعهم ادريان على الباب من أجل جيمي وعقلي سرح الى ميلاني ومساعدته لها، الى ارشون والغربان الجنوبية.

لان هؤلاء ليسوا بمفردهم.

لان قائد ديكارسيس معهم.


السلام عليكم عيني وين هاي الغيبة اشتاقينا 

قررت ابدأ الفصل بمهمة ترجعكم لاجواء الجيش و تذكركم بهوس جازمين و المملكة والتدريبات بعد اختفاء شكد دام؟ ثلاثة شهور؟

فهسه رجعت الاجواء وعودة العلاقات؟
صحيح نص التسريبات ماكو بالفصل بس..الفصل بي اشياء انكشفت مهمةةة

نجي لحظة صمت ووقوف لذكاء جازمين في المهام والله انها فخر الاذكياء

مخلوق التباكو؟

جازمين و هي تتاكد اذا سيئة كوجبة عشاء او جيدة؟

جازمين خلايا عقلها احترقت بسبب كل الي مرت بيه و رجعت تجددت بالاتجاهات الغلط واي هي النتائج مثل ما أنتو شايفين

بس والله نتائج

كبرياء حتى مخلوقات الشمال؟
تريدون رواية طويلة في الشمال؟

جيسكا؟ بكل فاتحة لطامة

نولان و المناقشة مع جاك؟

نظرات ادريان؟

القلادة التعريفية السودء؟

جيمي؟ الاشياء الي قالها؟

تتوقعون يقول الحقيقة ؟ ولا لا؟

نسيت شلون اكتب نوت والله

مشهدكم المفضل؟

המשך קריאה

You'll Also Like

2.7K 583 15
[مُـكتمِلة] في أَرضِ الثلجِ والنّـار، تنسَى أنّك مازِلت في أورُوبا. " ستَكونِين ٱيسلَـندا لِي! " " وستُعانقُني كالأَطلسي " " سأَفعل، من الجِـهات ال...
747K 76.2K 39
الثانوية، سخافة المراهقين، الحياة الاجتماعيّة المنخفضة والجلوس في الحجز لساعات. هذا ما تدور حوله الحياة، أو على الأقل حياتها هي. آليس هود فتاة الثان...
1.3K 128 10
تتحدث القصة عن رجل أسمه هنري قرر الا نتقال إلى شقة في 4 من يناير ولكن بعد مدة تحدث أشياء مع هنري بعد ان حدثت هذا أشياء قرر هنري كتابها في أحد المذكرات
335 102 5
نورسين تلك الفتاة المليئة بالنشاط والحيوية في سنتها الأخيرة من الثانوية تقرر التخلي عن شخصيتها الرزينة وتظهر جانبها المحب للعبث. ~مفيدة لمن يعانون ض...