8-كابوس؟

78 16 29
                                    

كان الليل في أحلك أوقاته من الفجر، وكان فولغ مازال يغط في نومه، من يراه وهو نائم، يحسب أنه ينام بسلام، ولكن هل كان هكذا حقا؟!........

بينما فولغ ينام بسلام من الخارج، فهو من الداخل يواجه كابوسا مخيفا!.. ولم يكن هذا الكابوس سوي شيء حدث له من قبل في الواقع لكنه لم يعلم بأمره حتى!...

أجل.... كان يري نفسه(أو ذئبه لأنه بشري في الأصل) والضباع قد تكأكؤوا عليه، وكادوا يفتكون به، ثم يراهم يبتعدون عنه وهو ملقي علي الأرض غارق في دمائه!.....

يري هذا المشهد المهيب لذئب أحمر به بقع بيضاء تحوطه هالة زرقاء، يرى مخالبه تستطيل وأنيابه تبرز، يراه يقوم بمجزرة في الضباع، يقتّل فيهم بلا شفقة، وبكل وحشية! بينما زمجرته الوحشية ترج الأرجاء! ومع دمائهم المتناثرة عليه، ودمائه الذي زادت مع انفتاح جراحه، استحال الي ذئب أحمر بالكامل!.....

أي وحش هذا؟ لن يكون مسرورا بالتأكيد ان قابل هذا الوحش في الطريق!

لكنه ليس وحشا... لقد علم أن من يراه ليس إلا هو بعينه، علم ولم يرد أن يعلم...

عندما ارتكب هذه المجزرة كان غائبا عن وعيه تماما... لكنه الآن يرى... يرى الأشلاء تتطاير، والأحشاء تتساقط، والدماء تتفجر أنهارا!

يبدو أن الإله أبى إلا أن يريه فعلته، أو أن حواسه كانت تنتظر الوقت المناسب لترسل هذه الإشارات العصبيه إلى دماغه..

وانتهى كل شيء في أقل من دقيقة!........

كان هول المنظر كافيا لجعل تفكيره يتجه إلى شق واحد، وهو كم كان مرعبا! لكنه سيفكر بعد أن يهدأ في الشق الآخر، كم كان قويا!

قام فولغ فزعا من نومه! من هول الكابوس المرعب الذي رآه! ولحظاته تتكرر في عقله أمام عينيه، بلا أي فائدة من محاولاته في إبعادها عن تفكيره.....

وقف فولغ واتجه إلى باب منزله فزعا!... خرج منه ، وأخذ يهيم علي وجهه في أرجاء منطقة الذئاب.....

ظهر نور الصباح في الأفق، مع أن الظلام كان موجودا..... ولاحظ فولغ أن الحياة قد بدأت تدب في الأرجاء، مما جعله يتعجب من بكور أهلها في الاستيقاظ.....

استمر فولغ في المشي في أرجاء المنطقة، دون أن يعلم له وجهه، إلى أن طلعت الشمس، وانقشع الظلام، وعم النور كل مكان......

حينها فكر بمنطقية أخيرا: مالذي أفعله؟!... إلي أين أنا ذاهب؟!....

ثم قرر أن يعود الي بيته لأن هذا هو الخيار الأمثل، وقد كان عليه أن يمكث فيه من البداية.....

وبالفعل، استدار فولغ عائدا،سار وسار... لكن دون جدوى!... لقد كان يعلم منذ ان استدار عائدا، بل قبل ذلك حتي، بأنه تاه في أرجاء هذه المنطقة!.....

لم يجد حلا إلا أن يسئل أحد الذئاب المارين من حوله، وهو خيار غير محبب الى قلبه، وعندما أوشك أن يسأل أحدهم، أتاه صوت من الخلف يقول: آرى!... ألست أنت المنقذ؟ مالذي تفعله هنا؟

ارتبك فولغ من كلمة المنقذ بينما التفت إلى خلفه ليرى محدثه، ثم قال: أجل .... أنا هو!.... ولكن في الحقيقة، أنا تائه الآن!

قال الذئب الذي كلمه: ألم يوصلك أولكر الي منزلك الجديد؟ لماذا غادرته؟

فولغ: لا يهم لماذا غادرته ، المهم أني غادرته وأنا تائه الآن!

الذئب: حسنا اتبعني، سأوصلك إلي منزلك!......

سار الذئب ومن خلفه فولغ، الى أن وصلا الي المنزل، فشكر فولغ الذئب الذي أوصله، فقال الذئب له: إياك أن تغادر مرة أخري! خاصة وأنك لا تعرف الطرق هنا!

كاد فولغ أن يقول: حسنا، أنا آسف ، لن أغادر مرة أخري!

إلا أن صوتا أتي من بعيد قبل أن يقول ذلك، يقول: ماذا!؟ سيول!؟ ماذا تفعل هنا؟!

لم يكن صاحب الصوت الا أولكر، أجابه سيول(وهو الذئب الذي أوصل فولغ بالطبع): لقد كان أحدهم تائها فقمت بإيصاله.....

نظر أولكر إلي فولغ قائلا: ماذا!... هل غادرت المنزل يا فولغ!؟... لماذا؟!

أجاب فولغ: في الحقيقة... هناك.... أريد أن أقابل الملك!

أولكر: الملك!... لماذا؟!

فولغ: لقد رأيت رؤيا و.... علي كل ، يجب أن أقابل الملك، أظن أن الأمر مهم!

صمت أولكر قليلا متعجبا، ثم قال: حسنا، لا خيار آخر، ولكن إن لم يكن الأمر مهما، فسأبرحك ضربا!....

اتجه أولكر وسيول وفولغ إلى بيت الملك، قال أولكر: لماذا تأتي معنا يا سيول؟!

سيول: حسنا بما أنني هنا فقلت لآتي معكم... في الأصل لا يوجد شيء لأفعله.... كما أنني لم أقابل الملك منذ مدة، فقلت لأسلم عليه.....

حدق أولكر بسيول قليلا بنظرات باردة، ثم تركه ومضى....

بعد فترة لا بأس بها، وصل الثلاثة إلي بيت الملك، وكالمعتاد طرق أولكر الباب وسمح له الملك بالدخول، وبعد أن دلف الثلاثة وأغلقوا الباب من خلفهم، قال أولكر: هذا الفتي يريد أن يقابلك، أيها....احم....

ثم أشار إلي فولغ الذي كان واقفا خلفه كي يتقدم ويتكلم.....

تقدم فولغ، بينما قال الملك الذي كان جالسا أمامهم: تفضلوا بالجلوس، لا يصح أن تظلوا واقفين في كل مرة تزورونني فيها.....
****************************************************

ثورة الذئابWhere stories live. Discover now