6-الظلام الداخلي.

102 17 53
                                    

كانت الشمس قد توسطت السماء، وكان الجو شديد الحرارة، ومع أن أولكر وفولغ كانا تحت ظل الكهف، الا أنهما لم يسلما من لهيب الشمس.....

بالطبع كان فولغ يشعر بالحر اكثر من أولكر بكثير، ومع ذلك أخذ يتحمل هذه الحرارة متجاهلا اياها ، لأنه قرر أن يبذل كل جهده في سبيل مساعدة هذه المملكة......

'المنقذ، ها؟ لقب جميل... من كان يتصور أن فولغ عديم النفع سيلقب بهذا اللقب يوما ما...! '

قال أولكر: بداية، ماذا تعرف عن الطاقة الروحية؟

فولغ: أظن... أن الطاقة الروحية... هي طاقة الروح؟

كان أولكر متعجبا من اجابة فولغ، قائلا بعقله:أي أحمق هذا!!
ثم قال : اسمعني جيدا، الطاقة الروحية هي طاقة موجودة عند كل الكائنات الحية، ولكنها تتفاوت في القوة علي حسب صاحبها، وقد تكون ضعيفة جدا لدرجة عدم امكانية استخدامها ، وقد تكون قوية ولكن لم يحاول صاحبها استخدامها أو لم يتعلم ذلك!... الآن، أريد منك أن تجلس، وتغمض عينك، وتبحث عن وجود بداخلك، وجود غير مادي، وجود يختلف عن أحشائك وأعضائك وكل جزء مادي من جسدك......

كان فولغ قد بدأ ينفز ما سمعه من أولكر، أكمل أولكر كلامه: في العادة يحتاج الشخص الي شهر ليعثر علي طاقته الروحيه....

الا ان فولغ لم يسمع اكماله لأنه كان قد انغمس في داخله......

أدرك أولكر أن فولغ لم يعد يشعر بما يحدث حوله،فتعجب من ذلك، وجلس أمامه ينظر اليه وهو يفكر: في العادة يحتاج الشخص عشرة أيام من التدريب ليصل الي هذه الحالة!....

***************
ظلام دامس... أي شخص يجد نفسه في هذا الظلام سيبحث يائسا عن أي مخرج كالمجنون، والمخرج في الظلام يعني النور.......

الظلام الدامس يعني أن عينك لا ترا الا السواد... المشكلة أنه لم يكن فاقدا لحاسة البصر فقط، بل كل حواسه لم تكن تستقبل ذرة من مستقبلاتها...

كان الوضع برمته يدعوا الى الجنون... لكنه كان هادئا...

'أين مررت بهذه التجربة من قبل؟ '

بدأ يصرخ: أوووي! يا طاقتي الروحيه! هل أنت هنا؟

أدرك أنه لم يفقد حواسه، فقد سمع نفسه بالطبع، لكنه كان في مكان خالٍ من المحسوسات وحسب..

'هذا صحيح.. في ذلك الوقت... '

واصل فولغ الصراخ قليلا بلا جدوى..

'يبدو أنه لا طائل من هذا الهراء... بحق الجحيم، ماذا علي أن أفعل الآن؟ '

مضى الكثير من الوقت، وفولغ كما هو، وأولكر يشعر بالملل.....

اقتربت الشمس من المغيب، وأحس أولكر بالحاجة الملحة بالعودة الي المملكة، فقام واتجه الي فولغ الذي كان جالسا بنفس الوضعية التي جلس بها ، بدأ يناديه بصوت مرتفع: فولغ!...هيي فولغ!

ولا حياة لمن تنادي! اقترب منه أكثر واستأنف ندائه بينما يهز جسده بيده.... وبعد فترة لا بأس بها ، عاد فولغ الي وعيه أخيرا، قائلا: ها! ما هذا الظلام الذي كنت فيه بحق الباذنجان؟

قال أولكر: لا أعلم كيف حدث هذا بهذه السرعة، ولكن يبدو أنك وصلت الي ظلامك!

فولغ: هاه!؟

أولكر: الظلام الموجود في أي كائن حي دليل علي أنه لم يتصل بطاقته الروحية بعد! وللتوضيح فقط، لا علاقة للظلام بداخل الكائنات الحية بالشر بداخلهم!

استغرق فولغ بعض الوقت لكي يستوعب ما قاله أولكر ويحلله....

أولكر: الوصول الى هذا الظلام صعب جدا، ما دمت وصلت اليه بهذه السرعة، فالباقي لن يستغرق كثيرا أيضا...

أومأ فولغ...

أولكر: فلنعتبر تدريبنا قد انتها اليوم ، علينا العودة الي المملكة بسرعة، قبل أن يحل الظلام.....

خرج فولغ وأولكر من الكهف، وأخذا يسيران عائدان الي المملكة، وأولكر يحث فولغ علي الاسراع....

وأثناء طريقهما، قال أولكر: لقد سمعت أن الذئاب القطبية تمتلك طاقة من أقوي الطاقات، ربما يكون هذا سببا في سرعة وصولك...

قال فولغ بعد القليل من الوقت: من هو الحيوان الذي يمتلك أعظم طاقة بين كل الحيوانات؟

فكر أولكر قليلا.... ثم قال: لا أعلم... ولكني أعلم الكائن الذي يمتلك الطاقة الأعظم بين كل الكائنات.....

فولغ: من هو؟

أولكر: الصقور!.....

عاد أولكر وفولغ الي منطقة الذئاب من نفس الطريق الذي ذهبا منه ، وكان الليل قد حل بالفعل منذ مدة ، حتي أنهما عندما وصلا الي باب منطقة الذئاب وجدا حراسه من الكلاب (وكانوا ثلاثة) علي وشك أن يغلقاه، قال أحدهم: أين كنتما أيها الذئبان؟! لو أنكما تأخرتما أكثر قليلا لبتما خارج منطقتكم!

وقال الثاني ساخرا: كنتما ستبيتان مع القطط! ثم ضحك وضحك صاحباه،

ثم قال ثالثهم: ألا تعلمان بالقانون هنا؟!

كان فولغ غاضبا من هؤلاء الكلاب، وهم ليفعل شيئا ، لولا أن أولكر شعر به وأوقفه، ثم قال: اعذرونا علي التأخير، ولكن لو أنكم أدخلتمونا فور وصولنا بدلا من الحديث معنا!

قال أحد الكلاب: تشي، انقلعوا من هنا!

وأفسح الكلاب لهما الطريق، فدخلا، وأغلق الباب......

***********************************************

ثورة الذئابWhere stories live. Discover now