Part 1

17.6K 555 95
                                    

تتردد الموسيقى بأذناي وكل حواسي مشغولةٌ بربط كل كلمةٍ فيها بجزء منك، بجزء مما فعلته لي، وما عذبتني به.
وحتى بعد هذه الست سنوات أنا لا أزال عالقًا بك،
وكأنك طوق النجاة الوحيد بهذا العالم، وكأني الغريق الوحيد ببحر هذه المشاعر اللا متناهية.
كل ما كان يجول خاطري في ست سنواتٍ هو أنت لا أحد غيرك. حتى أن أختي المُقعدة لم يستولي على اهتمامي مثلما فعلت.
قد تظنّ مشاعري كذبًا، أو لأكون صادقًا أنت متأكد تمامًا أن مشاعري هذه كذب، حتى أنك لا تعطيها المجال لا تخرج! ولا تلقي بالًا لأي حدّ قد تؤلم هذه المشاعر بكلماتك.

كنت وما زلت واقعًا لك، أتمنى لو أن بيدي عكس أدوار هذه القصة وتأخذ دوري فيها وأخذ دورك، لتشعر بحجم ما أشعر ولا تعاتبني على هذه المشاعر "الكاذبة" كما تقول.

"هل تقبل الزواج بي سندريلا خاصتي؟"
"ما خطبك؟"
"أكمل المسرحية وادعي أنك تقبل بي زوجًا لك." رسالة من حبي الأول تقول.
'ما كان الأمر إلا مجرد مسرحية أمام والدته كي يقنعها بأنه واقعٌ بالحب ويخطط بالزواج لدرجة أنه تقدم لحبه كما يزعم على الهاتف!'
'أضحكني أكثر حبيبي وقل أن ليلة أخذك لعذريتي ستكون على مكالمةً ڤيديو بما أن الأمر يحتاج بثًا حيًا!' وكل هذا حديث نفسٍ أتمنى لو يومًا نطقت به.
"أين أنت؟"
"معك على الخط ولكن تعلم لصدمتي بالأمر."
"انتظر ردك حبيبي!"
عن أي حبيبٍ يتكلم! "بالطبع موافق وكيف لي أن أرفض حبي الأول؟" وأذرف الدموع تأثرًا بهذه المشاعر الكاذبة في صوته. أتمنى لو أني أصرخ بالحقيقة فتعلم والدته ما يصنع. ويتزوج إحدى تلك العاهرات اللاتي يكتظ منزله بهنّ حين تأتين صديقات والدته.
فيشعر ولو بجزءٍ بسيط مما أشعر.
الأمر يزداد صعوبةً يومًا بعد يومًا، دقيقةً تليها أخرى، لو أن لدي آلة الزمن؛ أعود وأرفضه، كان من الممكن أن أنساه. لا أقابل عينيه الفاتنة في كل صباح بعذر أن زواجًا عن حبّ زائف يجمع بيننا. لا أحتاج لأن أنسى ابتسامته ليلًا وأعود لأغرم بها صباحًا. ويعتاد أنفي على السرير بلا رائحته فيخطر بباله أن ينام معي بالليلة نفسها، بالطبع هو لن يخطر بباله أن والدته ستبيت لدينا بحجة أنها تود أن تعتني بصنع وجبات ابنها وحبيب قلبها؛ فهي على الأحرى لا تثق بما تصنع يداي، خاصةً وبعد ما حدث بشأن جلب طباخةٍ تهتم بالوجبات وخادمات تهتممن بشؤون المنزل الذي لا زلت أضيع في أنحاءه في طريقي للذهاب للمكتبة الخاصة بمنزله.

انشغالي بدراستي يريحني جزئيًا من عناء التفكير به كل يوم. ماذا يأكل، وماذا يشرب، مع من يتحدث، وكم ساعةً نامها ليلة أمس.
يتصورني طبيبًا يُشفى مرضه على يدي، ومن أجل ذلك أنا أسهر ليلي، وأُهلك جسدي رغبةً في تحقيق ما يحلمه بي. لم أحصِ كم سنةً درست ولن أحصي الباقيات، أشعر أني بمجرد اقترابي من الأرقام؛ فأنا أحصي لياليه الباقيات على رحيله الأبدي.
"ورمٌ خبيث" كابوسٌ لازمني لست سنين كاملة، لا مجال للفرار، ولا تغير بالأحداث، ولا حتى اختلاف بملامح من شاركوني هذا الكابوس. ست سنوات وما زلت أعيش على أمل أن يأتي يومٌ أصحو فيه بقبلةٍ رقيقة تستقر على شفتاي تنسيني ست سنوات لم أصحو في لياليها إلا باكيًا أبحث عن حبيبي واتأكده من كونه على قيد الحياة ولم يتركني خلفه كما يقول في كل ليلةٍ اسأله فيها البقاء بجانبي "وان لم أرحل هذه الليلة فأنا سأرحل في أخرى، لا أحد يبقى لأحد، كلنا راحلون."
أبكي أكثر عند سماعي لكلماته وكأنها المرة الأولى التي أسمعها، وكأنه لا يعيد نفس الاسطوانة في كل ليلة.
أبكي وكأنما لم أبكي قبلًا، وكأني لن أبكي بعدها أبدًا.
في كلّ ليلة.

Not Now - Larry Stylinson.Where stories live. Discover now