Part 6

5.7K 361 62
                                    

لم يخلو الغداء من تحديقه المستمرّ لي؛ هو مشتاق لي كما يقول.

تقديمي لوالدته كان بسيطًا، لا أرتاح لها كي أكون صادقًا فهي تستمر بالتحديق فيّ بطريقةٍ غريبة! وكأني سرقت ابنًا لها!

أوه

سرقت قلب ابنها.. صحيح

هذه هي المرة الأولى التي أتجول فيها بقصرهم ، بعدها علمت أن هاري أحضر عاملين وشيد منزلًا يحيط به سور القصر نفسه أي أنه يعيش معهم وليس معهم..

دخلنا منزله

أمسك بمعصمي يوجهني لغرفة الجلوس وسألني إن كنت أود شرب الشاي أو القهوة

"قهوة سوداء بلا سكر إذا سمحت"

"كما توقعت" ابتسامة انتصار تعتلي وجهه

بدأت أتجول بالغرفة فإذا بصور معلقةٍ على الحائط كلها لهاري .

'كم هو لطيف! كل صوره تظهر كمية البراءة التي يمتلكها في عينيه، وفي هذه الابتسامة التي تجعلني أحدق بشفتيه مطولاً'

يقطع تأملي ذراعين تحتضنان خصري ورأسٌ يتكئ على كتفي

'هواء! أحتاج هواء'

"أمسكتك"

"لقد كنت أشاهد صورك فقط.. كنت لطيفًا جدًا" أقول وأنا متوترٌ من قربه المفاجئ

"ما زلت لطيفًا لوي لا تنكر ذلك" قالها بضحكة واكمل"لكني بالطبع لست ألطف من صغيري" انهى جملته وجعلني التف جهته وعينيّ تقابل عينيه

'لا أستطيع التحكم بتنفسي، الهواء ينقطع وقلبي يقرع طبولاً تؤلم صدري'

"تنفس باعتدال لو" قالها بهدوء وهو يبتعد ببطء

'الحمدلله'

"لتتناول قهوتك قبل أن تبرد" يقولها بخفوت

'وكأنه شعر بأن قربه كان ضيقًا لي! هل أخبره بالعكس؟ أعني هو بالطبع لا يضايقني! لكن لن أخبره'

انتهي من القهوة وانا لا زلت أتجول بعيني في أرجاء الغرفة وأشعر بعينيه علي

"لوي هل تقبل حبي لك؟"

ابتلع لعابي الذي بدأ يتجمع بكثرة في فمي من التوتر، قلبي لا يتحمل هذا الهيجان المفاجئ في نبضاته

"لكني لا أعرفك بعد! أعرفك ولكن ليس بالقدر الذي يجعلني أقبل حبك بهذه السرعة! أنا آسف" قلتها مُرغمًا أقسم

"انت تعرفني أكثر من أي شخصٍ لو" انكسار صوته يصل لقلبي ويكسره

"أنا آسف. أعلم أني أرغمت نفسي على نسيانك وأظن أن مشاعري تجاهك دُفنت أيضًا؛ فأنا لا أذكرها!" صوتي رقيق على غير العادة

"لا بأس. لن أطلب منك ما هو فوق طاقتك" الخيبة في صوته تعود

"إذًا أخبرني ما كيف هي علاقتك بأختك؟ لم أرها منذ فترة"

"إنها تعمل بشركتي الآن وتأخذ مكاني في حالة غيابي"

"اوه" كان كل ذلك ما صدر مني وبدأنا في رحلة السكون من جديد.

كل تلك المشاعر التي أخبرني بها كاذبة. كل ذلك كان محاولةً ناجحةً للإيقاع بي في بئر حبه؛ البئر الذي لم ينزل فيه دلوٌ يُنقذ الواقع به لست سنوات..

لم أستطع تكذيب حبه! كيف لي أن أكذب تلك الشفتين التي لا تنطق إلا قولًا عدلًا!

مشاعري لم تتزحزح ولو لخطوة، لم أتردّد بعد تلك المحادثة في قبول حبه، كيف بحق الإله قد أستطيع تكذيب تلك الكسرة التي تسكن عينيه؟ والخيبة التي تستقر في صوته؟

وقعت لفتى ٢٨ عامًا ولا أزال.

كانت عيناه محطة بدايتنا وكانت عيناه النهاية
لم يخطر ببالي يومٌ أن قول جدتي سيُطبق عليّ

"يا ولدي إن الحب بقدر ما يُعطي يأخذ، وإن أخذ فإنه لن يترك فيك شيئًا"

أترين جدتي؟ أتشاهدين ما صنعت يدا حفيدك؟ أتستمعين لبكاء طفلك كل ليلة؟ أتراقبينني من الأعلى وتهزين رأسك يائسة، باكيةً، راجيةً من الإله أن يحفظ صغيرك؟

جدتي أتمنى لو أنك هنا الآن، أو على الأقل ألحق بك أنا واختصر مشوارك.

جدتي قلبي يؤلمني وحبيبي لا يشعر بي

خذيني إليك فلقد هلكت..

Not Now - Larry Stylinson.Where stories live. Discover now