السابع عشر ( الجزء الثاني)

2.5K 143 32
                                    

ازيكم عاملين ايه
جاهزين ؟؟
يلا نبدأ


وما كان عليه سوى أن يهدأ بعدما جعلته يرتبك حتى يفهم ما حدث معها وعليه تحدث:
_ طب بس اهدي وقوليلي براحة مشكلة إيه دي اللي حصلت معاكي؟ واهدي كله هيبقى تمام اهدي
_ تمام هديت هتيجي امتى؟
_ بصي أنا مش هعرف اجي خالص دلوقتي بس هكلمك بابا أو حد يجيلك حالا

اختضت وصاحت:
_ لا لا، تعالى أنت براحتك الصبح هو انا كويسة وماما وبابا معايا بس الموضوع اللي عايزاك فيه مهم جدا ومش هيستنى فياريت تحاول تيجي بكرة الصبح؛ عايزاك انت مش غيرك

صمت برهة يفكر في ذلك الموضوع الذي تريده هو خصيصًا فيه ورد:
_ تمام، بكرة من الصبح بدري هكون عندك
_ شكرا

أنهى المكالمة وعليه اقتربت منه شاهستا وهتفت:
_ هو في إيه؟

نظر إليها في ضيق ولم يرد، فرفعت له أحد حاجبيها في اعتراض على رد فعله وسكتت الأخرى، وكسر الصمت، صوت هاتفه والذي أخذ يصدح وعلا اسم " بلاء عظيم"، شاشة الهاتف فاستقبل المكالمة هاتفًا:
_ خير؟

فردت عليه منة في شيء من الغضب:
_ انت فين يا وليد، هو كل ده بتوصل أهلك؟!
_ لا، وصلتهم بس حصل مشكلة بس مع بنت عمي وبشوفها

زفرت في ضيق وهتفت:
_ مشكلة إيه دي يا وليد بجد؟! يا وليد أنا عروسة انت ازاي تسبني في يوم زي ده وتمشي كده عادي!

_ منة بقولك معايا مشكلة اعملك إيه يعني؟


كانت شاهستا تستمع إلى المحادثة وهي تعقد ذراعيها أمام صدرها في ضيق.

ردت منة لما ضاق بها الحال:
_ ماشي يا وليد قولي فين انتوا وأنا جيالك
_ لا شكرا احنا كويسين كده وبنحل مشكلتنا مع بعض خليكي انتي في حالك هيبقى أفضل

أنهت المكالمة معه دون أن تلفظ بكلمة واحدة أخرى ثم ألقت الهاتف بعيدًا وقامت بإطفاء الشموع التي أضئتها لأجله وصاحت:
_ عنك ما جيت؛ أنت الخسران أصلا

ثم بدلت ثيابها و ارتمت على سريرها والقت عليها الغطاء فلم يظهر حتى منها شيء..


كان وليد يسير في أرجاء الغرفة في غيظ فهو يكره أن يجبر على شيء، وكان مغتاظًا مما فعلته بملابسه شاهستا، كانت تجلس على الأريكة صامتة كأنها لم تفعل شيء، ولما رأت ما هو فيه، قامت من مكانها في هدوء واقتربت جهة هاتفها ثم قامت بتشغيل أغنية ما وبدأت ترقص في شكل مثير وارتسمت على شفتيها ابتسامة بسيطة جذابة، توقف عن السير وهو يطالعها بشيء من التناقض لا يفهم ماذا تفعل تلك المجنونة، فتجاهلها وجلس على السرير ينظر إلى هاتفه ولم تتوقف هي عن الرقص بل ظلت تحرك جسدها مع إيقاع الموسيقى وهي تقف أمام المرآة تنظر إلى نفسها وتردد مع المؤدي.
ولم يستطع أن يتجاهل كل ذلك لمدة أكثر بل أخذ ينظر إليها من طرف خفي ( أي لا يرفع بصره للنظر رفعًا تامًا) من آن لآخر حتى خانته عيناه وبدأ يتطلع إليها، يمعن النظر في إيماءات خصرها وحركات ساقيها فابتسم معلنًا هزيمته ...
                   ******
ومع إشراق شمس يوم جديد، استيقظ سيد من نومه لأول مرة مبكرًا وخرج من غرفته واضعًا المنشفة على كتفه، فاستغربت علا من ذلك وعليه قالت:
_ إيه ده يا سيد صاحي بدري يعني؟

ابتسم ورد:
_ واحد صاحبي بس بيته بعيد شوية طلب يقابلني علشان أوجب معاه النهاردة فرشه

عبس وجهها وتحدثت في غيظ:
_ قال وأنا اللي افتكرتك نازل شغل!

اقترب منها وجلس جوارها وتحدث:
_ امبارح يا علا كان الجمعة صح؟ يوم زيارتك لأمك مش كده؟!

_ أيوة عايز إيه ؟
_ صاحبي اللي قاعد على القهوة اللي قصاد بينكم ٢٤ ساعة مش بيتحرك؛ قالي إنه كل جمعة بيشوف ست معاها ٣ اطفال داخلة البيت مش بتكمل دقيقة وبتخرج و تلات اربع ساعات كده بتيجي تاخدهم

ابتلعت ريقها وحاولت مرارًا إخفاء ذلك، تابع:
_ قال مرة والتانية بشوفها وبقول عادي، لحد اما امبارح  سألها وقالتله ده بيت ميس علا وأنا بودي ولادي وابن أخو جوزي عندها، ولسه اهو قايلي الكلام ده النهاردة أول ما صحيت؛ صحيت على رسالته
_ هو أنت مخلي صاحبك يراقبني ولا ايه؟
_ خالص صدقيني هو اللي شاف وقالي فيه الخير

ردت في هدوء:
_ اه بدي دروس، ودول تلات عيال بديهم درس عربي وفلوسهم مش كتيرة يعني واهو حاجة تجبلي فلوس اصرف بيها على نفسي أنا والواد

_ من غير ما تقوليلي؟ مش عيب الكلام ده يا علا؟
_ مانت مش عايز تشتغل يا سيد فقلت اشتغل أنا، اعملك إيه يعني؟

بدأت نبرة صوته تتعالى حيث رد:
_ والله! يعني كان هيجرالك إيه لو قولتيلي أنا هدي دروس يعني؟! بس انتي مش عايزة تعرفيني علشان ماخدش منك فلوس أو بمعنى أصح أما اشتغل تاخدي مني بردو صح؟


نهضت من جواره وبدأت تتجه نحو المطبخ، فأمسكها من ذراعها وصاح:
_ استني عندك أنا لسه مخلصتش كلامي
_ وعايز إيه يا سيد، يعني قصره؟! خلاص انا بدي دروس ها العمل بقى؟

_ المرتب ده أنا ليا فيه النص
_ اهو تستفزني تستفزني وأما ارد عليك ولا اشتمك تزعل وتقول مش متربية!
تاخد نص مرتبي ليه يا سيد؟ اشتغل يا خويا واعملك مرتب وأنا مش هاخد منه حاجة

_ لا، أنا مادام سمحت لك بالشغل يبقى هو ده شرطي انك تديني النص، غير كده مش هسمح لك تشتغلي

صرخت لما شعرت أنه استفزها للغاية:
_ هو جرا يا سيد، هو أي استغلال وخلاص! حرام عليك تاكل نص تعبي يا شيخ هو انت إيه؟! اتقي الله فيا شوية؛ ده انا حتى شغلي مش جاي على راحتك العيال بيجوا  بيت أبويا، ولا واخدة من وقتك بالعكس مخلية أيام الدرس يوم الجمعة زيارتي لأمي؛ يعني لا جاية عليك في حاجة ولا مأثرة في حقك بتمنعني من الشغل ليه؟

صاح:
_ كده، أنا حر ومش عايز مراتي تشتغل بقى

انهارت من الغيظ وفقدت السيطرة على نفسها:
_ ماشي هسيب الشغل وهترزع في البيت بس أصرف بقى يا عرة الرجالة، يلا خليك زي الرجالة اللي بنشوفها دول وهاتلي لبس وأكل انا والواد بدل ما أنت ما متكل على أمي والفلوس اللي بيبعتها ليا عمامي يا عار على جنس الرجال...

ولم تكد تكمل جملتها الأخيرة حتى رد عليها بصفعة قوية فارتمت على الأرض من شدتها، فارتعب الطفل وألقى اللعبة من يديه وأصيب بالهلع ما إن رأى والدته قد سقطت أرضًا وهي تصرخ، وعليه أخذ يصرخ...
وبعدما ضربها تابع صراخه:
_ جرا إيه يا بنت ال****** عمالة تقلي ادبك وتشتمي ليه يا بت انتي، ده انا افعسك تحت رجلي، سامعة؟؟!


وكالعادة على صراخهما وصراخ الطفل، تجمعت الجيران وأخذوا يطرقون الباب حتى ينقذون الفتاة من يده، ولما سمعت علا بأذنها انهيار طفلها، نهضت وهي تبتسم وفتحت له ذراعيها وتحدثت:
_ بس حبيبي متخافش بس انا كويسة يا حبيبي


ركض نحوها وارتمى داخل حضنها وهو لا يزال يبكي، ضمته إلى صدرها في قوة ولم يتوقف لسانها عن التحسبن على زوجها...
                *****
كانت شاهستا تنام بين احضان زوجها، تضع رأسها على صدره مطمئنة لأنها معه، وأثناء نومهما، دق أحدهم باب الشقة، فاستيقظت هي وبدأت تحك عينيها من أثر النعاس وقررت أن تتجاهل الطارق ولكنه لم يتوقف عن الدق على الباب وإطلاق صوت الجرس، لذلك نهضت في غيظ وصاحت:
_ أيوة خلاص جاية... مين؟

فرد الطارق:
_ أنا أسر

_ طب ثواني يا أسر وليد نايم بس هصحيه
_ ماشي

دخلت الغرفة تارة أخرى وأخذت تهز وليد النائم حتى تيقظه وهي تقول:
_ وليد... وليد... قوم أسر بره قوم

بدأ يستوعب ثم نهض متجهًا نحو الخارج حتى يفتح له وبالفعل فتح ولكنه كان يخفي عن صديقه الجزء السفلي من جسده وذلك لأنه كان يرتدي سروال قصير ( شورت) لا يغطي ركبتيه ، وما إن رآه أسر حتى ابتسم وقال:
_ صباح الخير، معلش أنا أول ما فتحت عيني وقرأت رسالتك؛ قمت لبست والله وطرت جبتلك لبس زي ما طلبت وجيت أهو، معلش امبارح مردتش علشان نمت بدري بس...

ولما أردك أسر أن وليد لا يُظهر له سوى وجهه وكتفه، تحدث في استغراب:
_ إيه يا وليد انت مستقبلني بنصك بس ليه؟ أنت عليك تار؟!

_ لابس شورت، هات البنطلون علشان اعرف ادخلك، البسه بسرعة

ادخل أسر يده في الحقيبة وأخرج له البنطال وهو يقول:
_ خد ب ٢٥٠ ج

شده منه وهو ينظر إليه في ضيق ورد:
_ هدفعهملك على الجذمة
_ كنت دفعت اللي قبلهم يا وليد

ارتدى البنطال وسمح له بالدخول، دخل أسر فتحدث وليد:
_ فطرت ياض؟
_ اه يا اخويا فطرت


أخذ وليد منه القميص ثم ارتداه وقال:
_ أسر عايزك في مهمة مش هينفع غيرك يعملها علشان اعرف أخد الفيديوهات من منة
_ معاك يا اخويا أنت بس قولي عايزني أعمل إيه؟


خرجت شاهستا لهما وذلك بعدما ارتدت فستانها وحجابها وتحدثت في ابتسامة:
_ ازيك يا أسر
_ الحمدلله تمام وانتي إيه اخبارك؟
_ أنا كويسة الحمدلله

وجهت حديثها إلى زوجها فتابعت:
_ اعملكم حاجة تشربوها؟
_ لا مفيش وقت انتي دلوقتي هتيجي معايا اوصلك البيت علشان عندي كام مشوار كده مع أسر

صمتت برهة ثم ردت:
_ منة من ضمن مشوارك طبعا؟
_ شاهستا، أنا قولتلك امبارح إن جومانة عايزاني هخلص مشواري معاها وهجيب الفيديوز وبس كده واعتقد امبارح فضلتي ساعة تغيري في الخطة علشان ترضي تسبيني وتصدقي وتقتنعي إني مش هقعد حتى عندها دقيقة !

زفرت في ضيق وردت:
_ تمام على الله نخلص ومنغيرش اللي اتفقنا عليه بليل يعني

صمت ونظر في نقطة واحدة شاردًا...
                 ******
فتحت شهد باب شقتها وذلك بعدما سمعت أحدهم يطرقه، وما إن فتحت حتى وجدت جاسر يبتسم ويقدم لها اكياس فواكه طازجة،  تصنعت ابتسامة بسيطة وتكلمت:
_ ادخل بس عمك مش هنا على فكرة

دخل وهو يلتفت حوله راميًا بصره على غرفة هنا خصيصًا وقال:
_ اومال فين عمي؟
_ فطر ونزل المحل
_ ووليد؟
_ نزل بردو، في حاجة؟

_ لا، أنا يعني كنت جاي زيارة لعمي وكده

يتحدث وهو لا يرفع عينه عن باب غرفة الفتاة فلاحظت شهد تلك النظرات وعليه تحدثت:
_ مفيش حد هنا في البيت كله غيري

بدا على وجهه الضيق ورد بعدما حاول أن يسره ضيقه داخل صدره:
_ طيب يا مرات عمي، هنزل أنا بقى اروح لعمي المحل
_ مع السلامة

غلقت خلفه الباب و تمتمت:
_ ياربي انسان تقيل كده مش قادرة ابلعه

وخرجت هنا من الغرفة وذلك بعدما تجهزت حتى تذهب إلى الدرس وسألت والدتها:
_ مشي؟
_ غار
_ طيب هروح أنا الدرس بقى
_ استني حبة يكون مشي خالص لأحسن تلاقيه تحت؛ ده إنسان خبيث وجايز سمعك وانتي بتتكلمي معايا قبل ما يخبط وعارف إنك هنا مش في الدرس

زفرت في ضيق وهتفت:
_ مش فاهمه أنا هخلص من كابوس جاسر ده امتى!
                *****

وقد وصل وليد منزل عمه رمضان في المعادي وأخذ يضغط على الجرس، وردت عليه جومانة:
_ مين؟
_ أنا وليد
_ حاضر ثواني

بدأت دقات قلبها تزداد وانفاسها تتسارع وجسدها يرتجف كل ذلك كان خوفًا من هول المواجهة.
دخلت الغرفة ووضعت الحجاب على رأسها ثم فتحت له، دخل وهو يبتسم وقال:
_ السلام عليكم
_ وعليكم السلام ورحمه الله وبركاته، اتفضل

خطى بضع خطوات نحو الداخل ثم توقف وتحدث في استغراب:
_ هو مفيش حد هنا ولا إيه؟
_ اه، بابا راح الشغل و ماما في النادي
_ انتي ازاي تجبيني البيت يا جومانة في عدم وجود عمي؟ انتي بتهزري!
_ يا وليد اصل الموضوع يعني كنت عايزاه على انفراد
_ لا بردو مش مبرر كان يبقى عمي هنا واحنا نقعد في مكان بعيد عنه شوية مثلا أما كده أنا بستأذن مش هكمل القعدة دي، سلام عليكم

أنهى جملته واتجه نحو الباب حتى يخرج، فخطت خطوات سريعة وعرقلت طريقه هاتفة:
_ ارجوك يا وليد اللي أنا عايزاه صوتنا هيعلى واحنا بنتكلم فيه وانا مش عايزة لا بابا ولا ماما يعرفوا حاجة، فارجوك بس اسمعني؛ الموضوع مش هياخد حتى ٣ دقايق

بدأ يفكر في افكار ليست جيدة بعدما سمع منها ذلك وعليه قال:
_ موضوع إيه؟ قولي علطول متخلنيش اسرح وافكر لوحدي


أجمعت قواها واطلقت زفيرًا طويلًا ثم تحدثت دفعة واحدة:
_ أنا متجوزة عرفي من أمير السيستاني اخو مراتك، والمشكلة اللي عرضتها عليك ماكنتش بتاعت صاحبتي؛ كانت بتاعتي أنا..

صمت برهة يستوعب ما قالته، أما هي فقد أخفت وجهها بيديها، تحدث في شيء من عدم التصديق:
_ انتي ايه اللي انتي لسه قيلاه ده؟ انتي بتهزري صح؟

أبعدت يديها في هدوء عن وجهها وردت:
_ يا وليد هو ضحك عليها قالي هتجوزك رسمي و...

صرخ:
_ شش بس اخرسي انتي عبيطة في دماغك ولا إيه؟؟ الكلام ده هزار انتي بتهزري أصلا...

ثم هدأ قليلًا وتابع:
_ بتهزري صح؟؟

ثم صرخ تارة أخرى:
_ انطقي يا بت انطقي

اجهشت بالبكاء وبدأت أصوات شهقاتها تتعالى وتزداد وتحدثت في نبرة صوت مضطربة:
_ يا وليد والله والله أنا أنا... أنا اضحك عليا هو هو وعدني بالجواز وأنا أنا...

صاح:
_ وانتي طفلة صح؟؟! في بؤك لسه الببرونة بيضحك عليكي يا عيني يا صغنن


تقدم عليها فأخذت تتراجع إلى الخلف فصرخ في وجهها أثناء تقدمه:
_ انتي ازاي سمحتي لنفسك إنك تعملي كده؟ ازاي قدرتي تخليه يقرب منك، ازاي سمحتيله يلمس شعرة واحدة منك بدون ما يكتالك بالدهب و نقعد نحطط رجل على رجل ونتشرط؟؟ ازاي قدرتي ترخصي نفسك كده يا رخيصة يا سهلة اتكلمي يا بت اتكلمي


التصقت في الحائط وذلك لأنها تراجعت للخلف بما فيه الكفاية ولم يبق هناك أي مسافات أخرى، ومن شدة صراخه في وجهها أخذت ترمش مرات عديدة من خوفها، كان يشعر بنيران تشوي خلايا قلبه أثر الغضب والذي وصل عنده إلى أعلى مرحلة وكل ذلك كان سببه الشعور  بالغيرة على دينه و عرضه وشرفه، فقبض يده ورفعها عليها كي يناولها ضربة تقضي عليها وينتهي من هذا كله، فأخفت سريعًا وجهها بيديها وأخذت تبكي بكاءً غير عاديًا بكاءً هيستريًا، فبدلًا من أن ينزل على وجهها بقبضة يده، ضرب الحائط مرة وهو يصرخ:
_ ليه عملتي فينا كده ليه؟

ثم ضرب الحائط الثانية وصرخ:
_ ليه تصغري ابوكي وليه تقللي من نفسك ومن شأنك ومن العيلة ليه؟؟

كانت تسمع جيدًا الضربات والتي كانت تُضرب على الحائط خلفها فتصرخ في خوف من أن تصيبها اللكمة القادمة وتوسلت إليه عيناها الممتلئتان بالدموع:
_ ارجوك سامحني واعذر جهلي وغبائي وحللي مشكلتي أنا لجأت لك فمتسبنيش لوحدي تايهة يا وليد أرجوك محدش غيرك ممكن يساعدني؛ هو راح اتجوز وسابني وغدر بيا

فصرخ للمرة المليون:
_ بس اخرسي؛ اعمل فيكي إيه أعمل فيكي إيه! اديكي خبطة اموتك فيها واخلص ولا اعمل إيه؟! أنا هقول لعمك محرم هو هيتصرف


ارتمت على قدميه ما إن سمعت أنه سيخبر عمها وصرخت في ألم:
_ ارجوك يا وليد أبوس رجلك أنا أصلا ضميري مموتني ارجوك انا في حالة صعبة لوحدي ارجوك ارجوك بلاش عمي بالله عليك بالله عليك هيموتني والله هيموتني يا وليد حرام والله أنا أنا أنا بس عايزة أحل المشكلة أنا أنا مش عايزة اموت يا وليد مش عايزة، أبوس رجلك بلاش

أبعد قدميه عنها ونظر إليها نظرات مليئة بالاستحقار والاشمئزاز وتحدث في توعد:
_ انتي حقيرة؛ واحدة حقيرة خانت أهلها ونفسها.. واحدة خانت ثقة أبوها اللي سبها تخرج؛ واحدة أغضبت ربها

فصاح تارة أخرى:
_ واحدة ارتكبت إثم كبير في حق دينها ونفسها؛ بدون أي مبرر بدون أي سبب يذكر عملت كده... أنا مش هطول معاكي كلام كتير أنا مش طايقك أصلا يا بت سامعة مش طايقك

و أسّر الباقي داخله وكظم غيظه وغضبه وقرر أن ينصرف الآن من أمامها حتى لا تصبح اليوم قتيلته، لذا أنهى تلك الجملة وفتح الباب ثم غلقه خلفه بشدة ومن شدتها يُذْكر أن الباب كاد أن ينكسر.
رأته قد ذهب فشعرت بدوار شديد توقعت أنه ذهب حتى يخبر أعمامها وقبل أن تتخذ أي إجراءات، سقطت فاقدة الوعي...
                  ********
_ كلميني يا شاهستا عن نفسك شويه

تحدثت سها الجالسة على الأريكة في بهو الڤيلا بجانب شاهستا وأمير، حيث كانوا يتحدثون حول مواضيع مختلفة، فابتسمت شاهستا وردت:
_ عايزة تعرفي عني ايه يا ستي؟
_ كلميني عن جوزك؛ سمعت من أمير إنك بتحبيه أوي

ابتسمت شاهستا فرد أمير وهو يأكل الموزة:
_ بصراحة اه بتموت فيه حتى أنا بدأت اتقبله شوية لأنه مطلعش وحش زي ما كنت متخيل يعني

ردت شاهستا في فرحة:
_ طب كويس أنا فعلا كان نفسي من زمان إن انت ووليد تبقى علاقتكم حلوة مع بعض

ثم وجهت حديثها إلى سها فقالت:
_ انا هقولك صفة حلوة في وليد بحبه بسببها وانتي قوليلي واحدة في أمير
_ حلو ده ابدأي

_ الحاجة اللي خلتني انجذب لوليد هي حنيته؛ حقيقي وليد حنين اوي ومين ميفضلش الحنان ويختاره ديما!!

وقاطع حديثها، دخول ذلك الحنين ذو القلب الطيب ولكن وجهه لا ينوه على الخير أبدًا، وقد تأكدوا من ذلك وبالأخص عندما انقض على أمير ممسكًا به من ياقة قميصه ثم ألقاه على الأرض وجلس فوقه وأخذ يناوله باللكمات في وجهه بقوة.
صرخت شاهستا ما إن رأت زوجها يتعدى على أخيها بالضرب وأخذت تحاول أن تبعده عنه هي وسها تلك التي بدأت تسبه وهي تنادي الأمن في آن واحد...
تدخل الأمن وأخذوا يبعدون وليد عن الشاب الذي تحول لون وجهه إلى الأحمر من شدة وكثرة الضربات، صرخت شاهستا في خوف شديد ما إن رأت أخاها بذلك الشكل، اقتربت سها من زوجها تنظر إلى ملامح وجهه وصاحت موجهة حديثها إلى وليد:
_ منك لله انت عملت في إيه يا حيوان أنت!

فصرخ وليد:
_ انت تعمل كده في بنت عمي يا لا ها؟! فاكر انها ملهاش أهل ولا ايه!! ده أنا اقتلك و امحيك من على وش الدنيا، جاي تعتدي على شرف عيلتنا احنا يا رخيص يا واطي يا دنيء واحنا المفروض نسايبك وأهلك!

كان أمير منشغل في إزالة الدماء عن وجهه، ثم فجأة ركض جهة وليد حتى يرد له الضربات ولكن شاهستا عرقلت طريقه صارخة:
_ بالله عليك، علشان خاطري أنا علشان خاطري أنا؛ انا حامل والله ومش قادرة هقع منكم دلوقتي والله

فصرخ أمير:
_ هو اللي ضربني، انتي كنتي قاعدة!

ولما رأى أنها تبكي في صوت عالي صرخ:
_ ماشي هرحمه علشانك انتي بس

ثم صرخ تارة أخرى ولكن هذه المرة لوليد:
_ وانت، والله العظيم ما هسيبك يا معفن انت، أنا هوريك ازاي تعمل فيا كده، انا هخلي أمك تلبس عليك الأسود قريب

فرد الآخر صارخًا
_مش هتلحق علشان هتكون امك لبسته الأول يا أمير يا سيستاني

ولما سمعت شاهستا منهما ذلك الكلام صرخت في بكاء:
_ بس بس انتوا بتقولوا إيه بس حرام عليكم

_ أطلع بره بيتي يا حيوان أنت
صاح أمير، فرد عليه الآخر:
_ طالع،  ده بيت نجس ساكنه انجاس ميشرفنيش إني أقعد فيه أصلا، وانت هتصلح غلطتك وهتتجوز بنت عمي رسمي قصاد الملأ وإلا مراتك اللي جمبك دي هتمشي في جنازتك قريب

صرخت شاهستا:
_ بس يا وليد كفاية مش كده بس

رد أمير:
_ مش هيحصل يا ابن شعبان ولا هكتب رسمي ولا هطلق حتى وأعلى ما في خيلك اركبه
_ خليك فاكر بقى الكلام ده يا أمير علشان والله اللي ما بحلف بيه كدب لهتعمل كده وإلا الحداد بتاعك قرب معايا

_ امشي يا وليد كفاية كده امشي
صاحت زوجته

_ همشي مانا لسه قايل لاخوكي إني همشي وإني مش هقعد في بيت زبالة زي ده..

فأمسكها من ذراعها و أخذ يجرها خلفه متجهًا بها نحو الخروج، فصاحت:
_ انت بتعمل ايه، ماسك دراعي كده ليه؟
_ مش هسيبك في البيت ده خلاص انسي إنك تشوفي الناس دي تاني

ركض أمير جهتهما حتى يخلص أخته من يده، ولكنها صاحت:
_ بس يا أمير بس أنا هعرف اتعامل

فتراجع إلى الخلف خطوة وتحدث في غضب:
_ عايزة تروحي مع اللي ضرب اخوكي و أهان عيلتك؟ لسه بتمنعيني اضربه أو اوقفه؟

لم يتوقف وليد بل ظل كما هو يجر زوجته ويخرج في خطوات سريعة، خطى أمير الآخر خطوات سريعة حتى يمنعه من أخذ أخته، ولكن سها قد منعته مبررة:
_ سبها أما نشوف هي هتعمل إيه وهتختار مين، اختك لو فضلت عليك جوزها يبقى اعتبرها مش اختك من وقتها واوعى تقف معاها تاني حتى...


أثناء سيره بها في حديقة الڤيلا، توقفت فجأة وصاحت:
_ امشي لوحدك؛ أنا مش جاية معاك، انت اتعديت على أهلي، واحد بالضرب والباقي بالسب؛ اه انا بحبك بس مش هسمح لك تتعدى حدودك أوي كده معانا


أمسكها من ذراعها ولم يهتم بما تقول وأخذ يجرها كما هو ، كانت تتكلم وهي تسير معه في بكاء:
_ سبني يا وليد بقى سبني حرام عليك
_ حرام عليا أنا؟؟ من اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم، اخوكي اعتدى علينا الأول يا ظالمة يا عامية انتي؛ شكلك بقيتي عامية القلب والبصر زيه

فتح باب السيارة ثم أدخلها، ودخل هو الآخر بعدما أدخلها وأمسك بعجلة القيادة وانطلق في غيظ شديد، كانت تصيح:
_ أنا مش عايزة اروح معاك أنا، انا عايزة أفضل في بيتي بقولك
_ مش بمزاجك يا حلوة مش بمزاجك

ثم صاح:
_ عيلة الحسيني مش لعبة في ايدكم يا عيلة السيستاني! انتي تلعبي عليا وتخدعيني وتخططي وتكتكي بدون ما اعملك حاجة، واخوكي يروح يخدع بنت عمي و يتجوزها عرفي وفي الآخر يقولها انتي مين ويسبها ويتجوز ويعيش حياته! لا احترم إنها بنت عمي ولا احترم إني جوز أخته ولا أي حاجة خالص

تحدثت في خوف:
_ تمام ركز في السواقة

ثم صرخ في صوت أعلى:
_ انا هربيكم، أنا هعلمكم مين احنا وازاي يتعمل فينا كده يا بت انتي سامعة!!


صرخت خافية وجهها بيديها:
_ حاسب!

فالتفت فجأة فوجد سيارة كبيرة مقبلة عليهما حتى تطيح بهما وبالسيارة، فتفادها بأعجوبة ولولا ستر الله لكانا لفظا انفاسهما الأخيرة توًا.
أبعدت الفتاة يدها عن وجهها تنظر في بطء ترى هل مازالت على قيد الحياة ام ماذا؟! ثم ازدادت بالبكاء، أوقف السيارة في أحد الأركان وبدأ يهدأ شيئًا فشيئًا وهو يتمتم:
_ استغفر الله العظيم يارب استغفر الله العظيم من كل ذنب عظيم، أعوذ بالله من الشيطان الرجيم؛ أعوذ بالله من الشيطان الرجيم

ولما سكت عنه الغضب، جذبها إلى صدره وأخذ يربت على ظهرها وهو يقول:
_ بس بس خلاص اهدي متخافيش اهدي؛ حصل خير ربنا ستر وجت سليمة الحمدلله

أخذت تبكي داخل حضنه وجسدها يرتجف كلما تذكرت الحادث الذي كاد أن يقع منذ قليل وكلما تذكرت ما دار بينه وبين أخيها، أخذ يهدئ من روعها وهو يضمها إليه أكثر فأكثر مواسيًا لها...
               ******

كانت شهد تعد الغداء في المطبخ وذلك بعدما ذهبت ابنتها إلى مراكز التعليم؛ وأثناء مراقبة الطعام، صدح صوت جرس الباب في الإرجاء مرارًا وتكرارًا فتركت ما في يدها وخطت خطوات سريعة نحو الباب وهي تتحدث في صوت عالي:
_ أيوة أيوة حاضر جاية

وفتحت الباب فوجدت علا، والتي لم تنتظر حتى دخلت وهي تحمل ابنها وتبكي عيناها.
شهقت شهد وضربت على صدرها في خضة وتحدثت:
_ مالك يا علا، حصل إيه يا بنتي تاني؟

ردت الفتاة في نبرة صوت متحشرج:
_ أنا مليش عيش تاني مع سيد؛ أنا هطلق يعني هطلق واللي هيقولي ارجع له هنتحر وهموت نفسي بقى علشان ارتاح خالص


اتجهت نحوها شهد في سرعة وضمتها إلى صدرها وأخذت تمسح على رأسها وهي تتحدث في نبرة صوت تحمل المواساة:
_ بس حبيبتي بس اهدي طيب...
                 ******
ولما وصل جاسر محل عمه، كان عمه في سفر تابع لشغله؛ وها قد جاء توًا، لذلك نهض جاسر حتى يرحب به وعليه تحدث في ابتسامة عريضة:
_ عمي شعبان يعني احسن تاجر في اسواق مصر كلها والبلاد المجاورة؛ العربية منها والأجنبية

ابتسم شعبان واقترب من مكتبه ثم جلس على الكرسي وتحدث:
_ أقعد ياض يا جاسر

جلس الفتى ورد:
_ قعدت يا معلم المعلمين؛ قولي بقى يا عمي كله تمام والشغل حلو؟
_ الحمدلله كله تمام، وانت ياض إيه اخبارك
_ أنا كويس؛ يعني تبقى انت عمي وأنا ابقى مش كويس معقولة!

ابتسم شعبان ثم تحدث:
_ طمني على أبوك
_ ابويا الحمدلله كويس بردو؛ بيسلم عليك
_ تشرب ايه؟
_ لا، أنا شربت أما أنت ماكنتش هنا يا عمي
_ حلو ...

صمت شعبان وبدأ يقلب بين ملفاته و ادوات عمله، ينظر إليه جاسر في صمت أيضًا وعقب مرور دقائق تحدث في ثقة:
_ عمي، أنا بجدد طلبي للجواز تاني من هنا بنتك

ترك الرجل ما في يده من أعمال ورفع إليه بصره وتحدث:
_ وبعدين يا جاسر، مش قلنا هي مش موافقة بالجواز عامة حاليا وخاصة منك انت؟!
_ ليه بس يا عمي هو أنا إيه يعبني؟
_ ولا حاجة يا جاسر مفيش فيك أي عيب، بس الجواز مش بالعافية وهي رفضت كذا مرة وأنا مقدرش اجبرها

يستمع إليه وهو يعقد حاجبيه في ضيق شديد وبدأت علامات الغضب تشكل ملامح وجهه، يتابع شعبان:
_ ثم إن أبوك كان عندنا من كام يوم كده؛ وقالي إنه هيجوزك رضوى بنت عمتك وإنه كمان خد معاد من تهاني عمتك علشان هيطلب لك رضوى في أقرب وقت

نهض الفتى وتحدث في اعتراض:
_ اسف يا عمي بس انتوا مش عارفين ولا قادرين تجبروا البت على الجواز؛ هتقدروا تجبروني أنا الراجل؟ مش هتجوز من رضوى مش عايزها ومش بحبها ومش هحبها حتى

_ أنا مليش دعوة بالتفاصيل دي يا جاسر؛ أنا بس بقولك والدك قال إيه مش اكتر
_ يعني ده آخر كلام عندك يا عمي انت وابويا مش كده؟
_ اه يا جاسر؛ ده آخر كلام، مفيش جواز من هنا بدون رضاها هيحصل

رمقه الشاب بنظرات تحمل الشر ولا تنوه إلى الخير ورد بشيء من التوعد:
_ ماشي يا عمي ماشي، على راحتك بردو

ثم خرج من المحل كله وهو يخطو خطوات سريعة يشوبها غضب، يتبع أثره شعبان وتمتم:
_ لا حول ولا قوة إلا بالله؛ ربنا يهديك...
                ******


ولما هدأت قليلًا قاد السيارة حتى ينهي ما يخطط له وينتهي من كل ذلك الكابوس؛ وأثناء السير بالسيارة، تحدثت هي:
_ هو انت موديني على فين؟
_ على شقتي اللي في الحي
_ لا، مش هدخل شقة أهلك طردوني منها قبل كده وأهانوا مامتي فيها

أوقف السيارة في أحد الأركان وتحدث:
_ اومال عايزة تروحي فين؟ ماشي هأجرلك شقة يوم على الأقل لحد أما أخلص المهمة بتاعتي؛ حلو كده؟

_ لا مش حلو؛ أنا مش عايزة أقعد في مكان معرفهوش وغريب عني
_ اومال انتي عايزة إيه يا شاهستا ؟
_ ارجع بيت أهلي
_ انسي

اطرقت... ثم ردت عقب حين:
_ أنت بقى خلاص منعتني عن أهلي طول العمر ولا إيه؟
_ لو هتروحي عند أهلك وبالأخص الفترة دي؛ وأنا في أشد حالات غضبي بسبب اللي حصل من اخوكي واللي انا حاسه عادي بالنسبالك، مع اني متأكد إن لو كان ده حصل معاكي انتي ماكنتيش هتسكتي ولا اخوكي ده كان سكت، يبقى هتفضلي عندهم علطول.
اول مرة تعملي عملتك فيا وأعرف إن اهلك كانوا عارفين عادي وتاني مرة أمك تهزقني كل أما تشوفني وتطردني وتالت مرة تخرجي من غير استأذان ورابع مرة أمك تدخل عليكي عمر اوضة نومك و تاخد معاد من واحد يتقدملك وده ياريته مرة لا؛ دي عملت كده مرتين واهو أخيرا اكتشف اللي اخوكي عمله في بنت عمي ومش راضي من زمن يصلح غلطته وسايبها مفحومة وكل ده ولسه بتقوليلي أهلي؟؟ أهلك بيأذوني سامعة بيأذوني وبدون سبب! على الاقل لو أهلي بيتعاملوا معاكي وحش فده بسبب وانتي عرفاه كويس على عكسي تماما؛ ده انا ديما ببرهم وبتعامل معاهم حلو واخوكي أما عزمني على فرحه روحت رغم إني عارف إنه هيكون مسخرة بس قلت أهو أظهر وخلاص علشان الواجب وعلشان ميزعلش ده أخو مراتك يا ابني روح و متقطعش صلة الرحم بيهم،  بس في الآخر إيه ها في الآخر خدت من كل الود والتقدير ده إيه؟!
فعلشان كده يا شاهستا لو هتروحي مش هترجعي تاني

اطرقت... وعقدت ذراعيها أمام صدرها في غيظ يشوبه خوف ثم تحدثت في صوت عالي:
_ وديني شقة بابي؛ انا برتاح هناك وهو ده المكان اللي أعرفه

أمسك بعجلة القيادة وتحدث:
_ ماشي هروح اوديكي هناك بس جديًا لو رجعت ملاقتكيش في الشقة هزعل جامد اوي اوي يعني

لم ترد عليه بل اخذت تتطلع من نافذة السيارة على المارة والأشياء....


اوصلها الشقة المشار إليها ثم اتصل بأسر كي يستعد وانطلق هو بالسيارة نحو الشقة التي ترك بها منة...

كانت تجلس في الشقة وحيدة شريدة ترى جيدًا كيف اهملها في أول يوم لهما حتى ذلك الوقت، حيث اقترب آذان المغرب وهو حتى الآن لم يظهر ولم يتصل حتى.
كان في وسعها أن تفعل الكثير ولكنها فضلت السكوت وكتم ذلك داخل قلبها...
فتح باب الشقة ودخل، ما إن رأته يدخل حتى نهضت في ضيق وصاحت:
_ لسه فاكر؟ لسه فاكر إن عندك زوجة من امبارح تقريبا وانت سايبها لوحدها؟!
_ مش قولتلك يا منة إننا ملناش عيش مع بعض اصلا!

عقدت حاجبيها في استغراب وردت:
_ هو إيه ده مش فاهمة؟!

ابتسم ورد:
_ يعني أنا عرفت مكان الفيديوهات خلاص؛ وفي الحقيقة كنت جاي علشان أقولك إننا هنطلق مش هنتجوز
_ عرفتها؟ عرفتها ازاي يعني؟؟ انت كداب، انت متعرفش انت بتكدب
_ براحتك، هتصدقي تقريبا أما توصلك ورقة الطلاق

تنظر إليه في شيء من عدم التصديق ثم صاحت:
_ انت كداب سامع انت كداب كداب كداب

ابتسم في برود ثم اتجه نحو الباب كي يخرج؛ صرخت في غيظ:
_ تعالى هنا، انت رايح فين انت اوقف بقولك

أفلت ذراعه عنها وصرخ:
_ اوعي ايدك عني؛ خلاص يا حلوة كل حاجة انتهت، انتي وكابوس الفيديوهات خلص يا منة خلاص، أنا حر دلوقتي يا منة أنا حر

تنظر إليه لا تصدق كم الجدية التي يتحدث بها، تجاهل نظراتها وأكمل طريقه ففتح الباب ثم غلقه خلفه.
ظلت كما هي تقف مكانها لا تصدق ما حدث قبل قليل وعليه فقدت السيطرة على نفسها فخرجت هي الأخرى وأخذت تلتفت يمينًا ويسارًا تبحث عنه وصرخت في وجه رجالها:
_ وليد فين انطقوا؟؟

فرد أحدهم:
_ مشي بالعربية الناحية دي، متقلقيش يا مدام احنا مراقبينه

تركت الجميع وركبت سيارتها وانطلقت  تقود في جنون. وعقب مرور وقت، وصلت إلى إحدى الشقق فأخذت تطرق الباب، ففتح أحدهم الباب، وما إن فتح حتى التقطته أسر صورة بهاتفه حيث كان يراقبها واتصل في الحال على وليد بعدما أرسل إليه الصورة، فرد وليد على المكالمة وهتف:
_ ها؟
_ راحت عند الراجل اللي بعتلك صورته على الواتس شوفه وقولي تعرفه؟

فتح وليد الصورة وأخذ يمعن النظر في ملامح الرجل ورد على صاحبه:
_ أيوة اعرفه ده ضياء
_ مين ده؟
_ واحد من رجالتها المقربين جدا ياما فتّشني ده؛ عمتا أنا في طريقي ليكم دقيقتين كده وأبقى عندكم هاخدها وانت عارف الباقي
_ فل يا صاحبي

صرخت منة في وجه ضياء بعدما امسكته من ياقة قميصه:
_ أنت قلت لوليد مكان الفيديوهات؟ أنت بعتني ليه؟؟

اختض الشاب وتحدث في خوف:
_ ابدا والله يا هانم محصلش ، سرك في بير ووليد باشا أصلا ميعرفش إني معايا نسخة ولا يعرف إن تعاملك معايا أنا

شددت المسكة عليه وصاحت تارة أخرى:
_ بقى أنا أعرفك مكان الحاجة علشان لو جرالي حاجة ولا خطفني ولا كده ولا كده تتكلم انت، تروح تبعني يا ضياء؟
_ والله يا هانم ما حصل والله ما حصل

وأثناء المشاجرة، سمعا صوت الباب يُطرق، ألقته بعيدًا واتجهت نحو الباب حتى تفتح فوجدت وليد، ذلك الذي صرخ في وجهها:
_ مرات وليد شعبان قاعدة في شقة مع واحد غريب لوحدهم؟ شفتي بقى أقل حاجة وقعتك إزاي؟ بقى أقولك عرفت مكان الفيديوهات بحطك في اختبار بسيط علشان اشوف التغير اللي طرأ عليكي فعلا؛ الاقيكي لسه على عوايدك وبتروحي لرجالة؟ عرفتي فعلا إننا ماننفعش لبعض؟! اتأكدتي؟!

غلقت الباب حريصة على ألا تجعل وليد يرى وجه الشاب؛ وتحدث معه وهما أمام شقة الرجل:
_ لا لا انت فهمت غلط والله ده ده.. ده ابن عمي وكان مريض وهو عايش وحيد في الشقة واتصل بيا اجبله دوا مش اكتر، اديته العلاج وكنت ماشية، حقك عليا أنا عارفة إني غلطانة بجد

تركها وانصرف في ضيق، ركضت خلفه وهي تكرر اسمه حتى يتوقف، وكان أسر يتبع اثرهما عن بُعد، وتمتم معلقًا بصره على باب شقة ضياء:
_ أهلا ضيوأه ...


ووصل كلًا من منة ووليد الشقة، كما هو يدخل في ثورته العارمة وهي تتبعه دون أن تتوقف عن التبرير لما حدث وأنها لن تكرر ذلك الخطأ مرة أخرى، لم يقف ولم يستمع لها، بل دخل إحدى الغرف وغلق الباب من الداخل حتى لا تستطيع أن تدخل له، ما إن رأته غلق على نفسه حتى اخذت تدق على باب في غضب شديد وهي تصيح:
_ وليد والله كان غصبن عني يا وليد أنا آسفة يا وليد افتح بقى علشان خاطري افتح بالله عليك؛ طب انا وضحت لك كل حاجة، طب اراضيك ازاي

أخرج من جيبه قطرات المخدر التي كان يحملها معه ووضع قطرة والأخرى على المنديل الورقي ثم وضعه خلف ظهره وفتح الباب بيده الأخرى، ما إن رأته قد فتح حتى ارتمت داخل حضنه وهي لا تتوقف عن الاعتذار والتبرير. فنادى عليها، لذا رفعت إليه رأسها والندم ظاهرًا داخل عينيها ودون مقدمات لصق المنديل على انفها وفمها، فانكتمت أنفاسها، اخذت تحاول أن تفلت نفسها من بين يديه مرات عديدة ولكنها فشلت في كل مرة وفقدت الوعي بين يديه، حملها ووضعها على السرير في الداخل، ثم اتجه نحو حقيبتها وأخرج الهاتف الخاص بها وأمسك بسبابتها وفتحه، دخل على قائمة جهات الاتصال وكتب في البحث " ضياء" فظهر رقمه.
ضغط على المراسلة عبر واتساب فدخل على غرفة الدردشة الخاصة به فوجدها فارغة فعلم أنها قد مسحت كل ما كان بينهما من محادثة، فكر قليلًا ثم كتب :
" ضياء"
قرأ الشاب الرسالة ورد:
" نعم يا هانم"
فكتب له وليد:
_ زي ما قولتلك بقى، أوعى وليد يعرف أي حاجة عن الفيديوهات أو مكانها زي ما انت عارف
_ متقلقيش يا هانم محدش هيعرف مكانها خالص غيري أنا وانتي
_ حافظ يا ضياء اللي كل شوية بنعيد فيه صح؟
_ حافظ يا هانم
_ الفيديوهات فين؟
_ في الصندوق بتاعك في اوضتك يا هانم


سكت وليد برهة شاعرًا باقتراب الفرج وتابع كتابة:
_ غبي، ده اللي احنا نعرفه أما لو حد سألك هتقول ايه؟
_ هقول معرفش طبعا
_ ماشي أصر عليك مثلا إنك تقول، او لقيت نفسك تحت تهديد، هتعمل إيه؟
_ زي ما حضرتك ما مفهماني هقول إنهم عشر نسخ من تلاته بس وبالنسبة للأماكن مش عارف بقى هما فين
_ قالك لا انت عارف هتعمل إيه؟

توقف ضياء عن الكتابة برهة ثم رد:
_ مش عارف، في الحالة دي عايزاني اعمل إيه؟

ارسل له وليد بعض من الأشكال التي تعبر عن الغضب الخاصة بتطبيق واتساب وثم ارسل له:
_ بطل غباء، احنا معانا كام نسخة؟
_ تلاته
_ وفين اماكنهم؟
_ واحدة معايا واتنين عندك

توقف عن الكتابة برهة وأخذ زفيرًا طويلًا وهو يبتسم ثم رد:
_ حلو، أما تتسأل بقى تقول معانا عشرة خمسة مع عمر وواحدة مع والدها وأربعة معاها وأنا مش معايا حاجة خالص بس كده يبقى انت جاوبت على المكان و قلت عدد النسخ بس توهته وخليته يلف حوالين نفسه

_ حاضر يا هانم هقول كده؛ رغم إنك في الأول ماكنتيش قايلالي اقول هما مع مين
_ بدلنا الخطة علشان وليد يثق فيا اكتر
_ اللي تؤمري بيه طبعا
_ حلو، امسح بقى كل الرسايل يلا علشان لو تليفونك وقع في ايد حد
_ حاضر...

رأى رسالته الأخيرة ولم يرد... وأخذ لقطة شاشة للمحادثة ثم ارسلها إلى أسر وقد كتب له تحت الصورة
" الواد ده معاه نسخة يلا دورك بقى تجبها منه"

ثم مسح المحادثة ونظر إليها وهي فاقدة الوعي وتحدث:
_ خلاص يا منة باقي تكة والكابوس ده يخلص


وعقب مرور دقائق أرسل له أسر، وعليه ارسل وليد إلى ضياء:
" افتح الباب يا ضياء بسرعة أنا بره قصاد الباب"

اسرع الشاب وفتح الباب، فوجد رجل طويل البنية يقف أمامه مغطي الوجه لا يظهر منه سوى عيناه، وما إن فتح له الباب حتى وكزه أسر في قوة فسقط على الأرض وتحدث أسر في سخرية:
" ازيك يا ضياء أنا منة"
ثم ضحك وتابع:
_ هو أي حد يقولك أنا منة تصدقه كده يا اخ ضياؤه؟!
                *****
بس كده متنساش تقول رايك وتوقعاتك واتفاعل وشارك برأيك
لقاؤنا يوم التلات
دمتم بخير
سلمى خالد احمد

        

       



الجعة يشوبها الأخلاق Where stories live. Discover now