السادس و الثلاثون

3.3K 137 25
                                    

ازيكم عاملين ايه
جاهزين؟؟؟
يلا نبدأ



_ وصلتي بالدقيقة شاطرة والله
هتف عمر بعدما فتح باب شقته لتلك التي طرقت بابه، رمقته في قرف ودخلت وما إن دخلت حتى امسكته من ياقة قميصه في عنف وصاحت في وجهه:
_ بقى انت يا بتاع انت، تنزلني من شقتي في وقت زي ده بالإجبار والتهديد بالشكل ده؟! ها؟!
_ اوعي بس ايدك كده، القميص يتقرمش يا قلبي
قالها ممسكًا بيديها يبعدها عنه

_ عملت كده ليه يا عمر؟!
_ وحشتيني
_ بطل استفزاز انت عارف إن دمي بيفور بسرعة يا عمر
_ سلامتك وسلامة دمك اللي بيفور بسرعة يا قلب عمر

نظرت إليه في ضيق واتجهت نحو الباب حتى ترحل، اسرع جهتها ممسكًا إياها من ذراعها وهتف:
_ انتي رايحة فين يا قمورة؟!
_ راجعة شقتي
_ بجد والله؟! هو انتي كنتي جاية في إيه وهتمشي في إيه؟!
_ ملكش فيه، جوزي نايم ولازم ارجع قبل ما يصحى

ضحك في صخب ثم اردف:
_ بينام بدري وليد ملوش دعوة بالتفاصيل اللي بتحصل جمبه، بيحب يريح دماغه
_ عمر.. أنا قولتلك هطلق منه اهمد بقى وبطل عمايلك دي

امسكها من كتفيها مقربًا إياها منه بشدة واردف ناظرًا إلى عينيها:
_ امتى؟! بقولك وحشتيني انتي إيه مبتفهميش؟!

_ سيب أيدي يا عمر، اوعى يا عمر ابعد عني يا عمر انت مسكني كده ليه يا عمر اوعى أبعد
تهتف مرارًا وتكرارًا محاولة في كل مرة أن تبعده عنها، صرخ عاليًا:
_ لا مش هبعد انتي حقي انا ملكي أنا، انتي سامعة؟! انتي بتاعتي

اقترب من أذنها وعاد عليها كلمته الأخيرة: بتاعتي تخصيني، ولسه متخلقش اللي هيقدر ياخدك مني تاني، سامعة.. اعتقد سامعة كويسة ده انا حتى بقول في ودنك احسن تكوني ماخدتيش بالك

يظهر على ملامح وجهها الضيق و الامتعاض من طريقته تلك، ولم تتوقف عن دفعه عنها في عصيبة وصياح، وكلما دفعته بعيدًا عنها كلما ازداد جنانه وارتفع صوته:
_ انتي بتبعديني عنك كده ليه؟! انتي كنتي بتتمني إني أقرب منك دلوقتي عماله تزوقيني بعيد؟! انتي نستيني!!! نستيني صح؟!
_ عمر بطل جنان وفوق بقى فوق
تقولها وهي تضربه على صدره
_ ردي، نستيني صح؟! قعدتك معاه أثرت عليكي؟؟؟ اتكلمي يا بت
_ انا مش هرد على مجنون زيك هسيبك كده في جنانك ده

_ هو إيه اللي مش هتردي؟؟؟
تزامن مع قوله تلك الجملة، جذبها إليه في سرعة، وامسكها من خديها في عنف محدقًا إلى عينيها وهتف وهو يضغط على أسنانه في غل:
_ ردي، نستيني صح؟! نسيتي عمر صح؟!
صرخت: اوعى
وتزامن مع تفوها بها، إلقائها ليده في قوة بعدما وصلت إلى نقطة الانهيار.. وتابعت بنفس النبرة:
_ انت بتتعامل معايا كده ليه انت اهبل؟؟ اوعى يا عمر تتجرأ وتمسكني كده تاني
_ هي يعني أول مرة؟! طول عمري بتعامل معاكي كده!!

اطرقت.. ثم تحدثت بعد حين:
_ لقيت اللي يحترمني بجد ويقدرني كبنت ويتعامل معايا برقة وادركت الفرق، ازاي كنت بستحمل كل ده!!!

صاح في صوت عالي: نعم يا روح طنط؟!! لقيت اللي إيه؟! انتي بنت منافقة وانانية وزبالة
_ وعايز إيه من واحدة زبالة زيي؟؟
_ قلبي الزبالة بيحبك للأسف الشديد
_ للأسف الشديد!! طلع قلبك ده من مكانه وادهسه بالجذمة وفكره كويس إن الزبالة دي اتجوزت وبقت تخص راجل غيرك

صرخ في هيسترية فاقدًا أعصابه كلها: بتقولي إيه يا بت انتي، بتقولي إيه!!!!
وتزامن مع صراخه، إمساكه بكتفيها وأخذ يهزها في عنف وقوة
وبينما هو يصرخ في وجهها ويهزها في عنف بتلك الطريقة، ارتعد جسدها وشعرت بالخوف، ودون أن تشعر لفظت في تلقائية باحثة عن الأمان: وليد..

ما إن سمعها تنطق اسمه، حتى رماها على الأرض في قوة، سقطت وهي تصرخ

أخذ يتنفس بصعوبة بعد صراخ مرهق يحمل طيات الغضب والغيرة
قامت من على الأرض في قوة وعِناد أكبر مما كانت عليه واردفت متحدية إياه:
_ مش عاجبك وأنا بقول اسمه ادامك؟! طب وليد وليد
إلى هنا انت ستستمع إلى صوتين متداخلين صوت يحمل في طياته التحدي وآخر يحاول أن يسيطر على غضبه، أي أن كلاهما يتحدث في نفس الآن

" وليد.... اخرسي... وليد وليد... اخرسي اخرسي بقولك اخرسي، مش هخرس... هتخرسي... مش هسكت انت بتتعامل معايا كده، اسكتي بقولك اسكتي بلاش تعملي معايا كده، حرام عليك انا مش فاهمة إيه بيحصلي... متجيش على قلبي يا شاهستا... حرام عليك أنا تعبت.. تعبت،... بلاش قلبي تاني يا شاهستا...

وبينما هما يصرخان في نفس الوقت ويأبى كلًا منهما أن يستمع إلى الآخر، ارتفع صوته هو عليها واردف في جنان اكبر من جنانها مما أجبرها أن تصمت وتستمع إليه:
_ عمر مستعد يكون خدام تحت رجليكي والله...

اطرقت... وهدأت...

اقترب منها واضعًا وجهها بين كفيه وتابع في استعطاف وكانت نبرة صوته أقرب ما تكون إلى البكاء:
_ أنا بقالي سنين بتعذب ارجوكي كفاية علشان خاطري كفاية عقاب.. الدنيا عمالة تعاقب فيا من زمان، الدنيا سحلتني داست عليا كل اللي بحبهم ماتوا والباقي من أهلي كأنهم ميتين بردو، مفيش غيرك معايا، ارجوكي أنا آسف.. أنا آسف إني انفعلت، انتي عارفة السبب أنا غيرت.. انا غيرت عليكي اوي.. أنا عملت كده علشان بحبك، انا لو مش بحبك مكنتش هتجنن كده... ارجوكي كفاية لعب على اعصابي واعصابه...

شعرت لوهلة أن داخلها يحترق، تشعر أن نيران ذلك الصراع قد أكلت قلبها قبلهما، وردت وهي تبكي في ألم:
_ وليد كان شخص كويس معايا من أول لحظة شفته فيها.. أنا مش عايزة ادمره يا عمر، انا بس كل اللي طلباه منك وقت لحد اما أفكر أعمل إيه علشان اسيبه من غير ما اجرحه..

أخرج زفيرًا طويلًا وهتف:
_ الوقت ده أد إيه؟!
أزالت دموعها وهتفت:
_مش عارفه يا عمر مش عارفة، بس كل اللي طلباه منك إنك متتغطش عليا كده وسبني أفكر هعمل ايه وأنا خلاص وعدتك إني هطلق وهرجعلك، بس ارجوك استنى عليا، علشان نطلع من الموضوع ده بأقل الخساير... اوعى جنان النهاردة يتكرر تاني يا عمر، انت متعرفش انت ضغطت عليا اد إيه علشان أعرف اجي

ما إن قالتها حتى شهقت في خضة ناظرة إلى ساعة يدها في سرعة وصاحت: يالهوي وليد قرب يصحى لازم امشي

قالتها ولم تنتظر كثيرًا بل حملت حقيبتها في سرعة وركضت نحو الباب لترحل..
يتبع أثرها وتمتم في توعد:
_ انتي اللي هتخليني أعمل اللي منة قالتلي عليه فعلا... شكلك هتضعفي وهتسبيني أنا وأنا وأقسم بالله ما هسمح...
               *****
_ رد بقى يا زفت انت، إيه قتيل نايم؟؟
هتفت منة في غيظ وهي لا تزال تنتظر رد وليد...

كان الهاتف يصدح جانبه ولكنه لم يكن حاضرًا في هذا العالم..

_ يوه.. دي المرة التالتة أحاول، انت دخلت في غيبوبة ولا ايه يا وليد!!

تقود السيارة في سرعة عالية، سرعة جنونية وهي تنظر إلى ساعة يدها من الآن و الآخر، تتمنى أن تطير قبل أن ينتهي موعد المنوم ويفيق وليد لأي سبب، ومن شدة سرعتها في القيادة كادت أن تفتعل حادث أكثر من مرة، ربما حتى لقطها الرادار...

_ رد بقى يا وليد.. رد
تكررها منة وهي تسير في توتر

يبدو أنه بدأ أن يرجع إلى عالمنا تارة أخرى، حيث أخذ يفتح عيناه في بطء شديد شاعرًا بدوران وصداع يكد يفتك برأسه.. هو يسمع صوت الهاتف جيدًا ولكنه غير قادر على أن يلمسه حتى..

لم يبق أمامها الكثير وتصل قبل أن يكتشف عدم وجودها..

يحاول أن يستوعب ما يحدث، يفتح عيناه في صعوبة يريد فقط أن يجيب على المتصل.. بدأ أن يحرك شفتاه هاتفًا: شاهستا.. شاهستا...
نظر جانبه على المكان الخاص بها فلم يجدها، ذلك الذي أعطاه الطاقة أن يقوم في اندهاش متسائلًا " أين هي؟!"


وصلت المنزل ومن شدة خوفها وتصرفها في سرعة رهيبة مصحوبة بتوتر، سقطت المفاتيح على الأرض، تأففت وامالت جاذبة إياها في غيظ وأخذت تفتح الباب تارة أخرى...

يجلس على السرير، ينظر حوله كالتائه لا يشعر بأعصابه، قد تجمد نعم قد حدث.. دقيقة مرت عليه كساعة ونظر إلى الهاتف، ليجده لا يزال يصدح، يفرك جبينه لربما يهدأ ذلك الصداع الذي بات يأكل خلايا عقله ( حيث لا يمكن تناول حبوب المنوم إلا تحت إشراف الطبيب) لذلك كان يشعر بالإرهاق الشديد

غلقت الباب الرئيسي في هدوء، وأخذت تصعد الدرج بعدما تخلت عن حذائها حتى لا يسمع أحد أصوات خطواتها...

الذي استطاع أن يفعله، هو أن يمسك بالهاتف الذي يصدح مرارًا وتكرارًا وما إن امسكه حتى استقبل المكالمة ( كل ذلك دون أن يكون منتبه بما فيه الكفاية)
ما إن رأت أنه استقبل المكالمة حتى ابتسمت واردفت:
_ إيه كل ده مش سامع؟!
_ انتي مين؟؟
_ يا عم أنا لو برن على ميت كان زمانه صحي
_ مش فاهم؟!


تصعد شاهستا الدرجات الأخيرة من الدرج تكد تصل أخيرًا إلى الشقة

_ مراتك فين يا شيخ وليد؟!

يغمض عيناه ويفتحهما مرات عديدة يحاول أن ينتبه إلى ما يقال ورد:
_ مراتي؟؟ انتي مين انتي؟!
_ أنا منة، وبسألك دلوقتي يا وليد... مراتك فين؟!
نظر حوله فلم يجد

نهض ناسيًا أمر صداع رأسه واردف: فين ازاي يعني؟! تقصدي إيه؟!

يقول ذلك وهو يخطو خطوات تكد تكون سريعة نحو باب الغرفة محاولًا أن يستقيم ليرى إذا كانت في الخارج أم أين!!

_ هو انت مش بترد ليه؟! هي مش جمبك ولا إيه؟!
_ اسكتي بقى شوية ممكن

قالها في ضيق وخضة، وأمسك بمقبض الباب وما إن فتحه حتى وجد شاهستا تجلس على الأريكة مرتدية الفستان ذو اللون البيج الذي ارتدته له

_ انتي شكلك هبلة على نص الليل ومتصلة تقرفيني بقى، اتكلي يلا
قالها وانهى المكالمة، وأخذ يسند على الباب يشعر بالدوار..

قامت من مكانها واتجهت إليه في سرعة واردفت بنبرة صوت مضطربة: إيه يا حبيبي؟! كنت بتكلم مين؟!
رد وهو يفرك جبينه:
_ شاهستا أنا دايخ أوي مش عارف ليه كده!!!
_ من إيه بس يا حبيبي؟! انت فعلا مش عارفه إيه جرالك روحت حطيت الكاس ويدوب دخلت الحمام ورجعت لقيتك نمت مكانك، قولت جايز علشان انت تعبان ومش متعود على السهر نمت، وسبتك على راحتك.. وانا مش جيلي نوم روحت قلت أخرج اقعد بره بدل ما ازعجك
_ آه يا شاهستا دماغي..
_ سلامة دماغك يا قلبي، تعالى معايا تعالى
قالتها وهي تسنده نحو السرير، يهتف وهو يسير بجانبها:
_ أنا مش عارف إيه حصلي، أنا كنت فايق وزي الفل
_ شوية ارهاق بس يا حبيبي الصبح تكون بخير وكويس متقلقش
_ ماشي...

قالها واستلقى على السرير وهتف وهو يشير إلى صدره:
_ تعالي نامي في حضني
_ حاضر...

قالتها واسرعت مستلقية جانبه وضعت رأسها على صدره وشردت غارقة في أفكارها وذلك بعدما سمعت صوت دقات قلبه: " مش قادرة اجرح قلبك... أنا بموت يا وليد بجد انت مش حاسس بيا ولا مقدر.. وليد أنا حاسة إني مش عايزة أطلق منك، حاسة إني لقيت نفسي معاك..
قالتها وأخذت تخفي رأسها في صدره وتابعت وهي تقبله من خده:
_ لقيت عندك الأمان اللي بتدور عليه أي ست والاحترام اللي بيدور عليه أي إنسان..

توقف داخلها عن الحديث برهة، وامسكت بكفه وقبّلت باطنه... لنعود إلى  الاستماع الى ذلك ( الصوت البعيد) " شكلي حبيتك بجد.. وليد وأنا قريبة منك بحس إني كويسة ديما... وليد قولي ازاي هقدر اسيبك؟!

قالتها وضمته إليها في قوة وظلت متشبثة بملابسه كأن شبح ما سيأتي ويسرقه من بين يديها...
             ******
وفي صباح اليوم التالي، كانت عاليا تجلس في بهو منزلها شاردة الذهن في ذلك الموضوع نفسه الذي أرق تفكيرها منذ البارحة، اقتربت منها رضوى أختها بعدما رأتها في تلك الحالة وجلست في هدوء جوارها واضعة يدها على كتفها هاتفة:
_ إيه يا لولو سرحانة في إيه؟!

خرجت عن شرودها على صوتها وردت:
_ ها؟ لا مفيش أنا كويسة
_ عاليا.. انا اختك يا حبيبتي اتكلمي معايا عادي وشاركيني اللي جواكي... ومتخافيش مش هقول لماما أكيد يعني

أطلقت زفيرًا واردفت:
_ يا رضوى أنا مش مرتاحة للعريس اللي أتقدم امبارح ده، حاسة إنه شمام
_ شمام؟!
_ اه والله، شبه المدمنين كده، تحت عينه اسود وبيتكلم زي الناس تجار المخدرات وبعدين هنروح بعيد ليه، ماهو مجايب سيد يعني!!
ضحكت رضوى وردت:
_ حرام عليكي يا شيخة هو آه سيد ليه تصرفات كتير غلط او يمكن هو كله على بعضه غلط بس مش لدرجة شمام يعني..
_ شوف انا بقول إيه وهي ركزت في إيه!!!!
هتفت في ضيق
_ الله جرا إيه يا عاليا!! مش بدافع عن اخونا اللي بهدلتيه!!
_ معلش

اطرقتا الاثنتان وعقب مرور دقائق علقت رضوى:
_ بس يعني أنا شايفة نديله فرصة متاخديش بالشكل، يمكن هو ده شكله عليه غضب ربنا كده بس جواه حلو
_ هو حد شكله بيبقى عليه غضب ربنا ويبقى جواه حلو في نفس الوقت!! انتي بتعكي يا رضوى!!!
_ خلاص يا عاليا الحق عليا، دا انتي الكلام معاكي صعب...

لا أحد يفهم عاليا وما يدور في عقلها وما يشغل قلبها في هذا البيت أبدا.. ربما لأن لا أحد هنا يفهم... ( وجهة نظر عاليا)
                ******
_ الأستاذ واقف كده ليه؟! ده منظر واحد واثق في نفسه بربع جنيه حتى؟! بقولك اقف بشكل مستقيم كده رافع راسك لفوق يا بني أنا تعبت بقالي ساعة بعلمك تقف ازاي بس!!
صاح أمير والذي كان داخل مقر عمله يصور أحد المشاهد الخاصة بفيلمه الجديد
_ سبني أنا هعلمه ده شغلي اومال أنا هنا ليه!!
هتفت سها
ابتسم لها واردف اه ياريت علشان جبت أخري يا سها والله

قالها وذهب تاركًا إياها مع الشاب وجلس أمام الحاسوب الخاص به... مرت ساعة أو أكثر وانتهت سها من عملها وجلست جواره وهتفت:
_ كده كله تمام يا أمير الشاب بقى جاهز وكمان البطلة
_ متحرمش منك يا مزة
_ حبيبي يا ميدو

وفي تلك الأثناء، دخلت جومانة المقر وكانت تمشي على أطراف أصابعها حتى تفاجئ أمير بوجودها، وبينما اقتربت من المكان الذي يجلس فيه، حتى توقفت فجأة تستوعب ما رأته بعينيها، حقًا!! لقد تأكدت ها هو زوجها يقرب خده للفتاة والتي سرعان ما قبّلته في ابتسامة، ما إن رأت هذا المشهد حتى شعرت بنيران تتدفق على قلبها من شدة الغيرة، لذلك سارت في خطوات سريعة جهتهما واستشاط وجهها من الغضب، وما إن اقتربت منه حتى جذبته إلى صدرها في عنف، تفاجأ من تلك الحركة الجنونية والسريعة وهتف وهو يحتضنها:
_ جوجو.. ايه المفاجأة الحلوة دي؟!
_ مفيش، وحشتني وقلت أما اجي أشوفك
_ انتي بطلة الفيلم الجديد؟!
هتف سها متسائلة
تنظر إليها جومانة في اشمئزاز، تعجبت الفتاة من تلك النظرات التي ترميها لها جومانة، ليرد أمير:
_ لا هي بطلة الفيلم اللي بدأنا تصويره في الغردقة من فترة

عقدت جومانة ذراعيها أمام صدرها وهتفت وهي لا تزال ترمقها بتلك النظرات الحادة:
_ انتي مين بقى يا حلوة؟!
_ إيه ده إيه ده، انتي بتكلميني كده ليه؟! انتي متعرفيش أنا مين؟!
_ آه.. شكلك انتي يا حلوة اللي متعرفيش أنا مين..
_ انتي مين؟؟

أشارت جومانة بإصبعها جهة أمير وقبل أن تتحدث لتعرّف نفسها عليها، رد أمير:
_ مانا قولتلك يا سها، دي جومانة بطلة الفيلم اللي بدأنا تصويره في الغردقة!!

تفاجأت جومانة من إجابته تلك التي وقعت على مسمعها كالصدمة وجحظت عيناها واطرقت...
_ اومال مالها محسساني إنها نجمة النجوم ليه، وهو محدش حتى يعرفها..

رمتها سها في وجهها دفعة واحدة وقامت من مكانها وذهبت، وما إن ذهبت حتى نظرت جومانة إلى أمير وهتفت مستدركة:
_ إيه!! هو ده أنا بالنسبالك!! بطلة الفيلم بتاعك بس؟! يعني ميمشيش معاك إني مراتك مثلا!! حبيبتك ممكن!!

زفر في ضيق وهتف:
_ يا جومانة يا حبيبتي، محدش لسه يعرف إننا متجوزين
_ ماشي، كنت قولها حبيبتي، الجيرل فريند بتاعتك
_ هتفرق معاكي كتير؟!
_ انت بتقول ايه يا أمير!!
_ جومانة، فكك ها، فكك

اطرقت... وانتبه هو إلى عمله على الحاسوب، كانت تهز ساقها في غيرة لا تصدق طريقته تلك الباردة معها وعادت إلى الحديث مرة أخرى:
_ هنعلن جوازنا امتى؟!
_ قولتلك مش دلوقتي
_ أيوة مانا عايزة أعرف امتى
_ شوية كده
_ أمير على فكرة انت بتماطل وانا واخدة بالي
_ طب كويس إنك اخدتي بالك.. جومانة اقعدي في حته وبطلي شغل العيال الصغيرة ده، أنا عندي شغل كتير وحقيقي مش فاضي

اطرقت تارة أخرى مصدومة من ردوده وغيّرت الموضوع حتى لا يحترق داخلها أكثر:
_ مين البنت دي يا أمير؟!
قالتها وهي تشير بعينيها جهة سها التي كانت تقف بعيدًا مع طاقم العمل، رد:
_ دي سها النقيب، والملقبة بسها حديد
_ سها حديد؟!
_ آه هي عارضة أزياء مشهورة جدا من أم إنجليزية واب مصري، عاشت معظم حياتها في انجلترا ورجعت مصر من فترة قصيرة
_ أيوة والأستاذة بتعمل إيه هنا؟!
_ انا كنت محتاج عارضة أزياء في فيلمي الجديد وجبتها، او بالمعنى الأصح المنتج هو اللي رشحها كده كده هو اللي هيدفع لها..
نظرت إليه وسكتت، ثم نظرت إلى سها تلك الفتاة الجميلة الشقراء والتي كان لديها جسد فاتن قادر على أن يجذب الجميع نحوها من شدة جمال تناسقه..
             ******
_ تعالى يا فايز اتفضل
هتف مصطفى وهو يشير نحو غرفة الاستقبال، دخل فايز وجلس على الأريكة الأمامية واردف:
_ أخبار حضرتك إيه يا اونكل مصطفى؟!
_ أنا الحمدلله يا حبيبي، وانت إيه اخبارك؟!
_ كويس... جيلك علشان أقولك نتيجة الفترة اللي قعدت فيها مع منة في فرنسا
_ سامعك يا فايز
_ ارجو إن حضرتك متضللنيش، عايز من حضرتك تجاوبني على أسئلتي بمنتهى الوضوح
_ أكيد، قول
_ عايز أعرف بالظبط علاقة منة بوالدتها كانت عاملة ازاي؟
_ اشمعنى؟!
_ علشان العلاقة دي أثرت عليها بشدة وده اللي أنا استنتجته

صمت مصطفى لفترة، يستجمع جمله وكلماته.. ثم هتف:
_ صفا والدة منة كانت ست قوية شوية بالإضافة إلى إنها كانت ست عاملة
_ إيه المشكلة؟!
_ يعني كان رقم واحد عندها هو الشغل بتاعها وإنها توصل فيه لأعلى وأعلى.. مكانتش بتهتم بتربية منة ولا كانت بتسمعها ولا كانت مصحباها رغم إنها بنتها الوحيدة.. اللي ربى منة يا فايز هي المربية بتاعتها.. حتى ساعات منة كانت بتتلغبط وبتقولها يا مامي من كتر تواجدها معاها أكتر من مامتها. صفا كانت شايفة إن واجبها تجاه منة إنها تشتغل وتشتغل علشان تخليها عايشة في مستوى عالي، كانت فكرة إن واجبها تجاه منة إنها توفرلها فلوس بس
_ آسف إني قطعت حضرتك، بس كان إيه واحبك انت تجاه منة؟ يعني انت ماكنتش بتشتغل علشان كده مدام صفا تكفلت بالعمل؟!
_ لا طبعا ازاي! كنت بشتغل أكيد بس هي كانت زي البحر بتحب الزيادة كانت عايزة تعلى وتعلى، أقولها مثلا معانا فلوس كفاية السنادي تقولي وماله خليها تكفي السنادي وبزيادة ليه تبقى على القد... كان عندها وجهة نظر غريبة بتقول إن " الحياة سيئة ومش مضمونة" وعلشان كده هي كانت بتعمل لبكرة، صفا كانت حد نشيط بتحب عملها أوي، كانت بتشتغل وظيفتين مع بعض واحدة اونلاين وواحدة اوف لاين، غير المنظمات اللي كانت مشتركة فيها زي منظمة حقوق الطفل

قاطعه فايز معلقًا في سخرية
_ مشتركة في منظمة حقوق الطفل وهي أساسا هاملة طفلتها!!
_ وعلشان كده طول عمري مآمن إن المنظمات دي آخرها الكلام وبس.. منة أما كانت بدور على صفا ماكنتش بتلاقيها كتير وده اللي حسسها إنها من غير أم
_ وبالنسبة لمامة شاهستا؟
_ لا على النقيض تماما، مامة شاهستا كانت امرأة عاملة اه ولكن كانت واخدة بالها من بنتها وعيالها هي قدرت تواظب بين الحاجتين
_ فهمت، يعني كده كل دي تعبتر تراكمات داخل منة ناحية شاهستا.. الغيرة من شاهستا مكانتش بس في الشكل ولا من الرجالة بل كمان من فقدنها لاهتمام وحنان الام على عكس ما بتشوف أم صاحبتها
_ بالظبط، هي كتير كانت بتقعد تقولها انتي فين يا مامي وبالأخص في فترة بلوغها ومراهقتها كانت محتاجة أمها اكتر من أي حد تاني ولكن للأسف صفا كانت مسافرة الفترة دي بتخلص ابحاث ودراسات
_ اعذرني في السؤال اللي هطرحه بس... أما صفا كانت مشغولة عن منة، اكيد كانت بردو مشغولة عنك.. ف.. يعني.. هل ده أثر على علاقتكم انتوا كزوحين؟!
_ طبعا، طبعا.. احنا مكناش بنبطل خناق لأن هي كانت قايمة بدوري ومش مدياني حقي، كنا بنقف نصرخ قصاد بعض بأعلى الصوت، لكن أما في مرة لقيت البنت قاعدة على السلم ضامة رجليها على صدرها وحاطة أيديها على ودانها وعماله تكلم نفسها وتقول " بس ..بس ... دلوقتي هيبطلوا زعيق.. اهدي متخافيش.."

كان فايز يسمعه في انتباه، وبملاح متأثرة متعاطفة مع كل ما رأته الفتاة في طفولتها، تابع مصطفى:
_ من ساعة ما شفت بنتي كده قاعدة بالشكل ده عمالة تطبطب على نفسها وتطمنها، شلتها وفضلت أبوس فيها واحضنها ومن ساعتها بقيت اتجنب الخناق مع أمها قصادها أو في وجودها
_ امممم... ليه منة معندهاش أخوات، آسف على السؤال
_ اختيار صفا وقرارها، قالتلي كفاية بنت واحدة علشان إحنا معندناش وقت لطفل تاني، وأنا اقتنعت فعلا محدش فينا كان لاقي وقت منة وبالأخص صفا، فأكيد مش هنجيب عيل تاني نظلمه معانا.. وكمان أنا عندي مشكلة في الخلفة وده اكتشفته بعدين.. قدرنا نجيب منة بالعافية وبتدخلات طبية
_ مدام صفا ماتت ازاي؟!
_ في حادثة عربية
_ وايه كانت ردة فعل منة؟ وكان عندها كام سنة؟!
_ كانت في آخر سنة من اعدادي تقريبا.. رد فعلها، هي ماعيطتش خالص على ما اتذكر، كلنا قلنا إنها في صدمة، بس بعد كده صدمتنا كلنا أما قالت" على الأقل هبطل أعيش في وهم إني عندي أم..."

صُدم فايز من تلك الجملة وبالأخص عندما علم أنها كانت بمثابة رد فعل للفتاة إزاء وفاة والدتها.. هل كانت تتوهم أنها لديها أم؟!.. هذا ما هو واضح لقد ذكرت عند وفاتها أنها تستخلص أخيرا من ذلك الوهم بحجة أن والدتها قد فارقت الحياة.. فضّل فايز أن يتوقف عن طرح المزيد من الأسئلة، ويكتفي بتحليل ما عرفه اليوم، وأخرج أوراقه وقلمه حتى يدوّن قبل أن ينسى ما قد قيل، وما من ضمن ما دونه أن تأثير الأم العاملة على الأطفال يمكن أن يشمل:
1. **قلة الوقت الشخصي:** قد يؤدي انشغال الأم بالعمل إلى تقليل الوقت المخصص للتفاعل الشخصي مع الأطفال.
2. **تأثير عاطفي:** قد يشعر الأطفال بنقص في الدعم العاطفي نتيجة لغياب الأم في بعض الأوقات الحساسة.
3. **ضغط الوقت:** قد يواجه الأطفال ضغوطًا زيادة نتيجة لضيق الوقت، خاصة فيما يتعلق بالواجبات المدرسية أو الأنشطة الاجتماعية.
4. **تأثير على التربية:** يمكن أن يؤدي انشغال الأم بالعمل إلى تحديات في تقديم التوجيه والرعاية الأمومية.
5. **استمرار الجندريات:** قد يتأثر الأطفال بتشكيل آراء حول الأدوار الجنسية والتوازن بين العمل والأسرة.
مع ذلك، يمكن التغلب على العديد من هذه الآثار بوجود دعم اجتماعي قوي وتوازن جيد بين العمل والحياة الشخصية، مثلما فعلت والدة شاهستا.. معظم هذه السلبيات قد ظهرت جليّا على الفتاة مما أثر على نفسيتها، يؤكد فايز أن البيئة الأسرية تلعب دورًا أساسيًا في نشأة الطفل لذلك على الآباء أن ينتبهوا...
            ******
تشعر بالهزيمة للمرة الألف، تجلس على سريرها تتذكر ما قد حدث وداخلها يحترق... لم تظل في تلك الحالة كثيرًا، قامت من مكانها رافضة أن تترك نفسها للآلام والأحزان.. وذلك عندما جال في خاطرها تلك الأفكار الشيطانية، وسرعان ما أشعلت الأغاني في صوت عالي وأخذت ترقص وتردد مع المغني وكانت من ضمن ما تردده وهي تتوعد لشاهستا * عايم في بحر الغدر شط الندالة مليان
بقلوب ماليها الشر والبر ما له أمان
نجي الخسيس منه أما الأصيل غرقان
والقوي في قوته بس علي الغلبان
شيطان ضحك ع الكل والذل كان عنوان
نشر الفجور والظلم ما بين بني الإنسان
ولما قبضوا التمن الكل باع وخان
واللي عامل حبيبي على حقيقته بان...
صاحت بصوت أعلى متأثرة بكل جوارحها مع كلمات الأغنية لأنها تشعر أنها تمسها مرددة في تأثر وحماس:
شايف الوشوش ألوان بلياتشو وبهلوان
بيمثلوا الضحكة وبيصنعوا الاوهام...
وبينما هي في تلك الحالة، انتبهت إلى صوت هاتفها الذي كان يصدح منذ كثير... اخفضت صوت الأغاني وامسكت بالهاتف مجيبة:
_ ايه يا داد؟؟
_ فينك يا منة كده؟!
_ في اوضتي، في حاجة؟!
_ اه تعالي عايز اتكلم معاكي أنا في اوضتي أنا كمان
_ اوكيه جايه، باي...
               ******
كان وليد يجلس على كرسي مكتبه واضعًا كتبه أمامه يذاكر قبل امتحانات الشهر، وبينما هو يذاكر، يجد يداها التفت حول عنقه وتقبله من خده وهي تهتف:
_ بتذاكر ليه؟! ده انت عيل دحيح، لسه يدوب الترم بادئ، انت لحقت؟!
_ يا بنتي الترم التاني قصير أوي و امتحانات الميد ترم قربت خالص وكلها بتكون في رمضان ببقى مشغول بالعبادة و بالصلاة بالناس فبذاكر دلوقتي علشان كده يا دلوعة
_ طب الدلوعة عايزة تقعد على حجرك

قالتها وافسحت المجال وجلست على فخذيه واسندت رأسها إلى صدره تستمع إلى دقات قلبه، نظر إليها ثم إلى الاوراق الموضوعة أمامه واردف:
_ هذاكر ازاي أنا كده؟!
_ مليش دعوه اتصرف
ردت في رقة وهي تلمس أزرار قميصه بأطرافها. تركها تفعل ما تريد وأمسك بيده الأخرى المذكرة يقرأ ما بها في انتباه، وما إن رأته انتبه لشيء آخر غيرها حتى غارت واحتضنته ضامة يده التي كانت تمسك المذكرة إليها، نظر إلى ما تفعل في ابتسامة واردف:
_ غيرانة من المذاكرة يا دلوعة؟!
_ ومن أي حاجة ممكن تاخدك مني أو عني..

ما إن قالتها، حتى بدأ الصراع الداخلي يراودها ويذكرها أن ما تقوله عكس ما تخطط له!!! في الحقيقة هي لا تعرف ماذا تفعل؟! ولماذا تقول له ذلك الكلام في حين أنها ستطلب الطلاق!! كيف ستطلبه وهي تشعر أن انسحابها عنه، يعني انسحاب روحها عنها!!! هل حقًا ما تشعر به صحيح؟! أم أنها تعلقت بالوقت والأيام التي قضتها مع وليد ولكن ليس لأجل وليد نفسه؟! وماذا عن عمر، فهي قد حاربت كل تلك المدة حتى تعود إليه مرة أخرى... صراعها الداخلي يكد يقتلها ذات مرة. تخلصت من كل تلك الفكر عندما هتف:
_ إيه يا دلوعة روحتي فين؟!
_ معاك يا حبيبي.. هسيبك تذاكر مش هعطلك أكتر
_ ماشي يا حبيبي، أنا بس هخلص الجزء ده وهاجي ادلعك آخر دلع
_ ربنا معاك...
             *******
_ أيوة أدخلوا أنتوا هنا، وانتوا اطلعوا معايا
هتفت منة وهي تحدث بعض من الرجال الذين جلبتهم من أجل تزيين غرفتها قبل شهر رمضان، وما إن قالتها حتى صعدت الدرج والرجل خلفها يحمل الأنوار والمصابيح والزينة. دخلت غرفتها واتجهت نحو البلكون وهتفت موجهة حديثها إليه:
_ هاتلي السلم ده علشان هطلع اعلق الزينة في سقف البلكونة وعلى أطرافها
_ معقولة بنفسك؟؟ أنا هعلقها عنك انتي يا هانم خالص
_ لا لا أنا اللي هعلقها أنا حابه أعمل كده بنفسي عارفة إنها أول مرة أعمل كده بس اهو بجرب شيء جديد
_ تحت أمرك

قالها وجلب لها السلم الخشبي، صعدت على أولى درجاته ومدت يدها له حتى يعطيها الزينة المراد تعليقها، أعطاها الرجل وأخذ يشير عليها كيفية وضع الزينة بالطريقة التي يجب أن تفعلها حتى تزين البلكون بشكل جميل، اخذت تفعل ما قاله لها في سرور ورضا...
               ******
_ أنا خلصت الجزء اللي كان عليا يا حبيبي أو بالمعنى الأصح كروته وجتلك يا جميل

قالها وليد وهو يقوم من على الكرسي تاركًا المذاكرة ومتجهًا نحو السرير حيث تجلس شاهستا
_ شطور يا ليدو، انت اشطر كتكوت
_ اشطر كتكوت؟!
_ أيوه
_ للدرجادي شيفاني كتكوت؟! لا بقولك إيه أنا اشطر أسد
_ بس يا حبيبي
_ اتريقي اتريقي، مصيرك توقعي تحت أيدي وتتأكدي
_ انت شبح
_ بقولك إيه كفاية كلام انا رجل أفعال
ضحكت وردت: وليد
_ قلبه
_ هو... هو....
_ اهو رجعت تهنج تاني
هتف في سخرية
_ هو انت بتحبني أوي؟!
_ ده سؤال يا دلوعة؟! بذمتك.. يا بت دا انتي روح الفؤاد.. يا بنتي يقولون أن العاشق تفضحه عيناه، فتسألت متعجبًا " فمالِ بقية أعضاء جسدي في هذا؟!! بحبك بكل جواري وربي، كل عضو في جسمي بيحبك ومبسوط إنك نصيبي من الدنيا

اقتربت منه في سرعة وجذبته إلى صدرها وأخذت تضمه إليها في قوة وشفقة عليه من تفكيرها تجاهه دون أن يقدم لها سوى الخير.. احتضنها هو الآخر بنفس الشكل والشغف، دقائق مرت بينهما دون كلام، حتى نظرت إلى عينيه واردفت:
_ وليد أنا..
قالتها ونظرت إلى الأرض، كان سيتكلم ليستفسر عن ماذا تود أن تقول ولكن صدح صوت هاتفه، اتجه نحو الهاتف ورد:
_ ألو.... طب انت فين دلوقتي؟!.... تمام أنا جاي

قالها وانهى المكالمة، هتفت في استغراب:
_ كنت بتكلم مين؟!

رد وهو يفتح الخزانة ليخرج معطفًا يرتديه:
_ ده حد كده، مش هتأخر خمس دقايق بالظبط وراجعلك
قالها وذهب.. تتبع أثره في قلق، وجلبت الحجاب واضعة إياه على رأسها وركضت نحو البلكون لتتبعه وترى إلى أين سيذهب، وبينما هي تتبعه، صدح صوت هاتفها، سارت مضطرة إلى الداخل، وزفرت في ملل عندما رأت أن المتصل والدتها، ولكنها استقبلت المكالمة على أي حال هاتفة:
_ إيه يا مامي خير؟!
_ هو احنا مش هنبطل لعب بقى ولا إيه؟! يلا استنينا كتير اطلقي من الزفت اللي معاكي ده علشان تتجوزي عمر، الشاب اللي يشبهك ويشبهنا ويناسبك ويناسبنا
_ مامي علشان خاطري بطلوا تتغطوا عليا، أرجوكم
_ شاهستا قربك من وليد ده حتى الآن ووجودك معاه، هيأثر عليه ده اولا أما تسيبه لأنه كل أما تفضلي معاه اكتر وتعشميه أكتر كل ما هتجرحيه اكتر وكمان ده هيأثر على علاقتك بعمر، المسلسل خلص وكل حاجة اتكشفت حتى المشاهدين بقوا عارفين النهاية، فمفيش داعي للعلب على أعصاب وليد اكتر، ارحميه
_ مامي... مامي أنا... أنا حاسة إني مش عايزة أطلق..

ما إن سمعت منها ريناد جملة كهذه حتى صرخت في وجهها:
_ انتي اتجننتي ولا إيه يا بنت!! شاهستا أنا مش عايزة عبط، اطلبي الطلاق وانجزي وإلا والله اجي أنا أقول للبني آدم اللي مش بيحس ده مش هستنى عمر يقول...
صدمتها بتلك الكلمات و أنهت المكالمة سريعًا..
سقط الهاتف من يدها، وارتمت هي الأخرى بجانبه متألمة بسبب كل ما يحدث حولها، شعور قاتل، وقد قتلت نفسها بنفسها، فإن بعض القرارات يعصب تعديلها أو الرجوع فيها أو حتى الهروب منها.. قرار واحد قد اتخذته في الماضي لاهية حول حياتها إلى جحيم أضحت تحرقها هي أولًا، عاد الصراع الداخلي مرة أخرى بين هل تقول لوليد؟! كيف؟! كيف؟! كيف ستجيب على أسئلته؟! كيف ستتحمل نظراته إليها وهو يسألها ماذا فعلت لكِ؟! كيف ستتحمل صدمته وشعوره بالخذلان الذي ذاقته هي  على يد عمر عندما تركها دون أي سبب يذكر... حسنًا هي لم تنتقم سوى من وليد ذلك الذي لم يفعل أي شيء سوى أنه احتواها ووثق بها وعاملها كمعاملة الرسول لزوجاته، وبين أهلها الذين يرفضون وليد بشدة وعمر ذلك الذي حاربت الدنيا لأجله... كان الصراع يمزق قلبها وعقلها شعرت أنها مشلولة عاجزة لا تستطيع أن تفعل أي شيء... الاختيار صعب بل أصعب من الصعب ذاته، الجميع ينتظر منها رد وفي الحقيقة هي لا تمتلك أي ردود ولم تنجح أبدًا في إيجاد حل لمحاربة ذاتها اولًا وفهمها جيدًا، هي لا تعرف حتى ماذا تريد، وما هو الأنسب...
كانت تضرب بيديها رأسها، تصرخ صرخات صامتة داخلية لا يسمعها ولا يشعر بها سوى قلبها المتضرر، محاولة أن تُخْرِس صوتها الداخلي الذي يقتلها ببطء
والجدير بالذكر أن الصراع النفسي يتجلى كمواجهة داخلية مع مشاعر متناقضة، حيث يتصارع الفرد مع آراءه ورغباته الشخصية. هو شعور معقد ينبثق من تضارب المشاعر والتفكير، مما يولد حيرة وتردد. يعكس الصراع النفسي صورته داخل شاهستا، الصراع  بين ما كانت تتوقعه ( تظل مع عمر الخ..) وبين ما آلت إليه الظروف الحالية، لتتساوى قيمتهما ويتولد الصراع..
ما كانت تشعر به أصعب مما ذُكر وذلك لأن المشاعر والأحاسيس لا توصف في بضعة أسطر مهما حدث...
             ******
_ يعني هو هيهرب مني كتير يا محرم؟! والله أبدا، انت عارف ومتأكد إني هجيبه يعني هجيبه مهما حصل
تحدث شعبان مع أخيه عبر الهاتف بتلك الطريقة، ليرد محرم:
_ هو علشان عيل زبالة ومترباش يا شعبان وعارف إن الغلط راكبه من ساسه لراسه هرب حتى والله ما رجع الشرقية، اوعدك أول ما يجي هبهدلهولك
_ لا انا اللي هبهدله بنفسي قصاد مراتي اللي قلل منها بالشكل الهمجي ده، وسلام بقى يا محرم علشان أنا على أخري من ابنك
قالها وانهى المكالمة، اقتربت منه شهد وهي تحمل طبق به العديد من أنواع الفواكه ووضعتها أمام زوجها على الطاولة واردفت محاولة أن تقلل من غضبه وسخطه:
_ خلاص بقى يا حاج متزعلش نفسك ياخويا، مانت روحت لحد عنده الشقة اللي مرزوع فيها وملقتهوش هتعمل ايه يعني؟! سيبك منه ومصيره يقع تحت إيدك وتقطع من جسمه حتت الواد قليل الأدب ده
_ استغفر الله العظيم، عقلي هيتجنن مش عارف الواد ده بيعمل كده ليه، كرهني في عيشتي، عيل قليل الأدب صح
_ فكك وروق يا شعبان
قالتها وهي تقشعر له الموزة وأعطتها إياه وهتفت:
_ رمضان كريم يا حاج وكل سنة وانت طيب ومعايا وجمبي علطول يا رجلي وسندي
_ وانتي طيبة يا عيون شعبان وقبله من جوا، وعقبال ما تفضلي منورة حياتي وعمري كده ديما يا شهد يا روح قلبي
_ الله يا حاج لسه بتقول كلام حلو؟!
هتفت في دلال وابتسامة صغيرة تعني خجلها
_ وماله، طول ما فيا الروح هفضل ادلع فيكي كده يا شهد حياتي انتي، اسمك مسمى والله شهد وشربات وعسل كمان يا عسل انت
ما إن يتغزل بها ويقترب منها، حتى رأتهما هنا فتنحنحت، اختفت ابتسامة شعبان وتراجع إلى الخلف متصنع الجدية..
_ أنا آسفة يا حاج شعبان جيت في وقت مش مناسب
_ بنت احترمي نفسك، وقت مش مناسب ايه، أنا كنت بعين خشبة من شعرها
_ خشبة من شعرها!!
_ اه
_ ويا ترى جتلها منين؟ هي ماما بتشتغل نجار مسلح؟!
_ ملكيش دعوة انتي
ضحكت هنا وهتفت:
_ ماشي يا حاج، كنت عايزة فلوس علشان هنزل أشتري زينة علشان نعلقها في الشقة وفانوس علشان احطه في اوضتي
_ ماشي، هننزل أنا وانتي واخوكي ومراته وأمك نجيب تحضيرات رمضان كلها أو الباقي منها من ياميش و تمر هندي و غيره وبالمرة نتمشى في الحي والاحياء اللي جمبه علشان نتفرج على الأجواء الرمضانية والتجهيزات الجميلة..
_ الله يا بابا يا جميل، يلا بينا بسرعة، هروح البس وهرن على وليد اقوله
قالتها وانطلقت نحو غرفتها..
_ ربنا يخليك لينا يا حاج ويبارك في عمرك وصحتك قادر يا كريم
هتفت شهد رافعة يدها داعية لزوجها...
             ******
أزالت دموعها وقامت من على الأرض بعدما استجمعت قواها وقررت أن تتخلص من ذلك الصراع الذي يراودها، ليرتاح قلبها، كانت تتنفس مرارًا وتكرارًا في خوف وتوتر تارة وفي استعداد لما ستقوله للشاب عندما يأتي، واقترب الوعد المحتوم، وسمعت صوت الباب يغلق، فعلمت أنه قد جاء..
ستتراجع؟! لا هي قررت أن تقول وترحل لربما ترتاح.. حسنًا، دخل الشاب وما إن دخل، حتى ازدادت دقات قلبها ولكن ما يحدث داخلها لا ينعكس على ملامح وجهها، فما بدى عليها أنها قوية وعادية ومستعدة أن تقول وتهرب..
_ مالك يا شاهستا واقفة كده؟!
_ وليد.. كنت عايزة اقولك حاجة
_ وأنا كمان كنت عايز أقولك حاجة

صمتت وأكلها الفضول حول ماذا سيقول لها؟! واردفت:
_ قول انت الأول طيب
_ لا قولي انتي الاول
_ لا معلش قول انت الأول بقى انت اللي جاي من برا واكيد معاك خبر
_ ماشي...
قالها واخرج شيء مُغَلّف من جيبه، نظرت إلى ما في يده وهتفت في استغراب:
_ إيه اللي في إيدك ده؟!
_ غمضي عينك

أغمضت عيناها مترقبة ما سيقدمه لها..
_ فتحي
ما إن فتحت حتى وجدت في يده زيت للشعر، صاحت غير ما مصدقة عيناها واردفت في فرحة يشوبها عدم تصديق:
_ انت بجد جبته؟! وليد أنا مش مصدقة نفسي بجد بجد
_ ايوه جبته، سمعتك وانتي بتكلمي اختك ندى من فترة وبتقوللها إنك مش لاقية الزيت ده في اي حتة وإنه شاحح في السوق جدا، حتى لو تفتكري سألتك على اسمه ساعتها، وفي مرة نزلت مع أسر ودورت عليه كتير وفعلا مالقتهوش، كلمت واحد صاحبي عايش بره وقولتله اسمه وبعته النهارده اهو.. عرفتي بقى يا ستي أنا كنت فين؟!

ردت وهي تشمئز من نفسها:
_ انت بجد مهتم لأدق التفاصيل بتاعتي؟! انت مهتم بنفسيتي ووو.. انت اهتميت بأكبر حاجة عندي وهي نفسيتي لأصغر حاجة عندي وهو زيت شعري اللي مش بستخدم غيره..
_ يا شاهستا مالك مستغربة ليه؟! أنا شريكك لازم أكون عارف تفضيلاتك واهتم بتفاصيلك، زيت شعر اه هو حاجة بسيطة وفي غيره ألف نوع ولكن انتي عايزة ده، انتي حابة ده، خلاص يبقى اجبهولك من تحت الأرض ولا يهمك..

تنظر إليه تحاول أن توازن بين ما يقدمه لها وما تريد هي أن تقدمه له..
_ إلا قوليلي بقى يا حبيبي، انتي عايزة إيه؟؟

اطرقت...
_ يا بنتي؟!
اقتربت منه وردت:
_ عايزة أقولك إنك أعظم راجل شفته في حياتي.. عايزة أقولك إنك كل يوم بتفاجئني بكرمك وحبك ليا ومعاملتك الحلوة اللي متأكدة إني عمري ما هتعاملها غير معاك، عايزة أقولك إني كل يوم بتمسك بيك اكتر من اليوم اللي قبله..
             ******
مر القليل من الأيام في سلام ودون حدوث أي شيء يذكر.. حتى هل هلاله شهر رمضان، والذي يعتبر شهرًا للتأمل والتقرب إلى الله. يتسم بالعبادة المكثفة والصدقة، ويعتبر فرصة لتحسين النفس وتعزيز التضامن والرحمة في المجتمع. كانت أسرة الحاج شعبان تسير داخل الحي في مساء وقفة رمضان، حتى يشترون ما ينقصهم ويبتهجون مع الأجواء الرمضانية الجميلة والتي كانت تملأ قلوب كل أبناء الأمة الإسلامية، كانت تلك المرة الأولى لشاهستا التي تسير فيها داخل الحي، تسير بجانب زوجها ممسكة بيده تنظر في ذهول إلى كل شيء حولها، بالطبع رمضان في حي الجمالية وتلك الاحياء الشعبية المجاورة يختلف كثيرًا عن رمضان في التجمع، ولم تترك فرصة واحدة حتى إذا صادفها شيء لا تعرفه، تسأل عليه وليد في الحال..
الاولاد يلعبون في سرور وفرحة والاغاني الرمضانية تملأ سماء الحي، والازدحام شديد للغاية تشعر أن جميع الأسر خارج منازلها تلك الليلة..
وقفت شهد أمام بائع الكنافة اردفت: هاتلي كنافة وقطايف وخلي في ايدك البركة وانت بتوزن رمضان كريم
_ حاضر يا ست الكل من عنيا

بينما شهد تشتري، استأذن وليد الجميع وذهب  مع  والده إلى الجامع ليؤديا صلاة العشاء ثم التراويح.. كانت شاهستا لا تزال تقف في ذهول تنظر إلى ذلك العالم الذي كانت تجهله، واقتربت من هنا التي كانت تأكل من البندق الذي اشتروه، خلسة دون أن تراها والدتها حتى لا توبخها واردفت:
_ هنا
_ نعم
_ هما الأولاد دي عمالة تولع إيه؟! مش غلط كده؟!
_ ده بمب وصورايخ، لا متخافيش يا ختي عليهم مش هيجرالهم حاجة دول قرود، أومال لسه أما تشوفي السلك المولع نار وبيجروا بيه ورى بعض هتعملي ايه؟!
            ******
وفي المساء، جلست الأسرة على السفرة -وهذه المرة شاركهم وليد وزوجته- حتى يتناولون السحور ليستعدوا لصيام الغد، نظرت شاهستا إلى الأكل الموضوع على السفرة واردفت في استفسار وهي تشير إلى أحد الأطباق:
_ هو إيه ده؟!
نظر وليد إلى ما تشير واردف:
_ ده اسمه فول
ضحكت هنا من طريقة أخيها، لتشير شاهستا إلى طبق آخر:
_ وده؟!
_ ده فول بردو بس عليه بيض
_ طب كده مش عك؟!
_ لا لا خالص ده طعمه جميل أوي دوقي كده حتى
_ ما تاكلي يا شاهستا من ساعة ما حطينا الاكل وأنتي نازلة أسئلة على اسمائهم! كلي يا حبيبتي الفجر هيأذن عليكي وانتي قاعدة بتتعرفي على طبق الفول
هتفت شهد في سخرية
نظرت إليها شاهستا وصمتت.. مرت دقائق والجميع صامت، حتى عادت شهد مرة أخرى هاتفة:
_ إلا صحيح يا وليد انت وشاهستا مفيش نونو في الطريق بقى؟!
ما إن قالتها حتى بسقت من فمها بعض المياه من التي كانت تشربها وأخذت تكح، نهض وليد من مكانه في سرعة وأخذ يضربها بخفة على ظهرها، مطت شهد شفتيها للأمام في ضيق وأخذت تردد في سخرية:
_ اسم الله عليكي يا ختي اسم الله، شرقتي من إيه؟! مش تاخدي بالك؟!

أمال شبعان من زوجته واردف في صوت خفيض:
_ هي مابتخلقش ولا إيه؟!
_ مش عارفه، دي تبقى ليلة سودا يا حاج والله، يعني يبقى أول عيل لينا مراته مش بتخلف؟! يارب لا يارب يارب ما تكتبها علينا..
             ******
ومع صباح أول يوم من أيام ذلك الشهر الفضيل، الناس صيام.. استيقظت منة و استعدت حتى تذهب إلى أهم مكان كانت تنوي الذهاب إليه في ذلك الشهر الكريم ولأول مرة نلاحظ أنها تخرج من الڤيلا بدون ميك اب وقد لمت شعرها حول أحد الأربطة ولم تتركه حر يرتص على ظهرها كالعادة، حتى أن ملابسها قد تطرأ عليها التغيير هي الأخرى فقد كانت ترتدي سروال واسع وبلوزة ليست ضيقة للغاية كعادة ملابسها، بعدما انتهت من تجهيز نفسها، أخذت تنزل الدرج في لطف وابتسامة.. توسطت بهو الڤيلا واردفت موجهة حديثها إلى والدها الذي كان يقرأ الجريدة:
_ كل سنة وانت طيب يا داد
_ وانتي طيبة يا عيون داد، رايحة فين من بدري كده؟!
_ مشوار صغير كده وراجعة مش هتأخر
_ ماشي يا حبيبي ربنا معاكي
_ تسلم، باي

قالتها وذهبت، كانت تسير في حديقة فيلتها وهي تلف مفاتيح السيارة حول اصبعها وتدندن، ركبت سيارتها وانطلقت... دقائق عديدة وتوقفت السيارة أمام منزل أحدهم، للتو ظهر فايز وهو يغلق باب منزله و أسرع جهة سيارتها وفتح الباب وتزامن مع جلوسه قوله:
_ صباح الخير يا منة، كل سنة وانتي طيبة رمضان كريم
_ وانت طيب يا فايز

قالتها وانطلقت، وبينما السيارة تسير هتف فايز:
_ جهزتي كل حاجة ؟!
_ اه من امبارح، اشتريت كل الطلبات امبارح وهما في شنطة العربية دلوقتي
_ طب كويس..

لم تمر نصف ساعة على الأقل، وقد توقفت سيارة منة أمام أحد الملاجئ، وصفّت سيارتها، وأخرجت الهدايا واللعب التي كانت تحملها في السيارة، وحملت بعضهم، وحمل فايز البعض الآخر، ودخلا الملجأ، وما إن دخلا، حتى ركض الاطفال جهتهما في فرحة والتفوا حولهم، جست على ركبتيها وأخذت تحتضنهم، ينظر إليها فايز ويتابع تصرفاتها عن كثب، الفتاة داخلها جانب مشرق ولكن الحياة اطفأته..
_ ماما منة جت يا ولاد
هتفت جليسة الأطفال والمسؤولة عن الاهتمام بهم
_ بنحبك يا ماما منة
هتف الأولاد في صوت عالي
_ وماما منة بتحبكم أوي كمان، بصوا بصوا جبتلكم إيه؟! العاب جميلة خالص

صاح الاطفال محدثين فوضى وأخذوا الالعاب منها وهم ينهالون عليها بالقُبلات...
             ******
كان أذان العصر قد اقترب، وقد ذهب وليد للتو لتأدية الصلاة وحرص على أن يذهب مبكرًا، حتى يؤم هو بالناس، وكانت شاهستا تجلس في غرفة نومها شاردة الذهن عادت إلى التفكير مرة أخرى في صراعها، وبينما هي شاردة الذهن، صدح صوت هاتفها، تحركت نحو الهاتف لترى من، فوجدته عمر، زفرت في ضيق ولم تعرف ماذا ستقول إذا ردت؟! لذلك فضلت ألا تجيب.. مرت دقائق وهو لا يتوقف عن المحاولة حتى ترد، وإذا توقف لبضع دقائق يعود بعدها فترة طالبًا إياها مرة أخرى، نفذ صبرها وردت في ضيق:
_ نعم؟! خير؟؟
_ اولا في حاجة اسمها كل سنة وانت طيب احنا أول يوم من أيام الشهر الكريم ولا انتي كافرة؟!
_ كل سنة وانت طيب يا عمر
ردت ساخرة منه
_ وانتي طيبة يا قلب عمر، ها عملتي ايه؟! هتتطلقي امتى؟! ولا على العيد علشان تجبيله جلطة؟!
_ اوف، بعد الشر عليه
_ معلش، انجزي بقى عملتي إيه؟!

قبل أن ترد، سمعت صوت باب الشقة يفتح، ثم يغلق في غضب، ويليه صوت وليد وهو ينادي عليها بصوت عالي:
_ شاهستا... شاهستا

فزعت، وانهت المكالمة في سرعة ملقية الهاتف على الكرسي، وتزامن مع ذلك دخوله، نظرت إلى ملامح وجهه لتجده قابضًا إياها في غضب، دق قلبها في خوف وتوتر واردفت وهي ترتجف:
_ نعم

أطلق زفيرًا طويلًا وصاح:
_ كل حاجة وضحت خلاص، أنا عرفت انتي كنتي منعاني عنك ليه... انتي كدبتي عليا...
               *****
سامحوني بس الفترة دي بمتحن وعلشان كده المواعيد مش متظبطة، فلحد بس ما فترة الامتحانات دي تخلص، هيفضل مفيش مواعيد ثابتة للرواية، تابعوا معايا على الفيس ولو فيه بارت أو جديد هقولكم زي ما عملت..
دمتم بخير
سلمى خالد احمد

      







الجعة يشوبها الأخلاق Where stories live. Discover now