السادس و العشرون

3.5K 136 17
                                    


ازيكم عاملين ايه
جاهزين؟؟
يلا نبدأ


_ هحكيلك كل حاجة بالتفصيل يا شاهستا
هتف وليد..


( فلاش باك)

_ إيه اللي انت بتقوله ده يا وليد؟؟ انا هعمل كده يا أخي أنا ؟؟
هتف أسر في عدم استيعاب وتصديق
_ أنا شايفك بعيني دول وانت بتتكلم معاها يا أسر قصاد ڤيلتها
اطرق...
_ إيه مش بترد ليه يا أسر ؟؟
_ سايبك لحد أما تخلص ظن وشك فيا على الآخر
_ أنا واجهتك عشان عايز اسمعك اتكلم يا أسر انطق

تنهد واردف في هدوء يصاحبه ثوران داخلي: شفت منة نازلة من عندك آخر مرة وهي مولعة وعمالة تقول أنا هربيكم كلكم، جريت وراها مانا عارف إنها متخلفة وخفت تعمل مصيبة من مصايبها، وناديت عليها وقولتلها في إيه مالك، قالتلي ملكش دعوه كعادتها يعني وبعد كده ركبت العربية بتاعتها روحت راكب معاها وطول ماهي بتسوق عمالة تقول أنا هربيكي وهعلمك ازاي تمسكيني من شعري كده ولما سألتها تقصدي مين صرخت وقالتلي مامة وليد الست المجنونة دي أنا هربيها، طبعا اتخضيت تحط خالتي في دماغها كفاية انت وهنا يعني، قعدت طول الطريق أهديها  من ناحيتكم، واقولها وليد طلق شاهستا علشان مش عايز مشاكل هو حاليا عايز استراحة وبتاع سيبه وميصحش إنك تحضنيه كل شوية كده لأنه بيستحرم وانتي مش مراته عشان كده خالتي شهد زعلت المهم فضلت اتكلم طول الطريق لحد أما وصلنا ووقفنا قصاد ڤيلتها ولقتها اتحولت مرة واحدة وقالتلي وهي مبتسمة قولي على مواقف حلوة ومضحكه وليد عملها قبل كده ارجوك. طبعا أنا جالي صدمة منقطعة النظير ولكن قلت خليك ورى العبيط يلا ورحت ذاكر كذا موقف وضحكت راحت فضلت تضحك جامد كأني قلت نكتة جامدة رغم إني حكيت موقف أشبه بالعادي

صمت وليد شاعرًا بالخجل من صديقة ومن ظنه به وهتف في استحياء: بجد يا أسر؟؟ أنا مش عارف اقولك ايه بس بجد منة دي شككتني في كل الناس وانا بقيت ماشي أتلفت حد بيعرفها سكتي وطريقي وخطواتي

نظر إليه أسر في ضيق.. ليقترب منه وليد وهو يهتف: حقك عليا إني ظنيت فيك كده لو للحظة مكنش ينفع اصلا اشك فيك حتى.. اتمنى تعذرني
_ أنا عارف إن ده مش تفكيرك لوحدك بل وليد، مراتك مسلطاك
نظر إليه وصمت..
_ سكت يعني؟!
_ لا هي ملهاش دعوة سيبك من اللي حصل، أنا أصلا مستحيل اصدق إنك ممكن تبص لمراتي والكلام ده
_ اه حلو أوي يعني هي فاكرة ومفهماك إني معجب بيها وعايزها وبوقع بينكم بقى؟؟ مراتك مسكينة اوي يا وليد
_ خلاص اقفل على الحوارات اللي ملهاش لازمة دي واعتبرني مقولتش حاجة يا أسر..
وما إن قالها، حتى اقترب من صديقه واحتضنه بقوة وهو يهتف: أنا بعد كده ممكن اكدب أي حد في الدنيا كلها إلا انت، سامحني يا حبيبي سامحني يا اخويا..

حكى وليد لها ما قد حدث بالتفصيل ولكنه لم يذكر الجزء الذي يخصها في الموضوع وذلك حتى لا تظل غاضبة من أسر وتظل المواضيع مفتحة للأبد ولما انتهى وليد من قص الحكاية عليها هتفت في غيظ: وانت خلاص صدقت ؟؟
_ وليه اكدبه يا شاهستا؟ وليه اظن فيه اصلا؟؟ اما شكينا فيه نفذت اللي قلتي عليه، وعملنا الخطة بالظبط وهو فعلا مقالش لمنة حاجة وحتى الآن منة متعرفش يبقى مش هو، بالنسبة لمعجب بيكي وبيوقع والكلام ده فأنا مظنش إن صاحبي كده ممكن تكوني اخطأتي الفهم أو ما شابه وفعلا كل اللي قاله عن منة حقيقي، شاهستا ارجوكي أسر لا وبعدين أنا كلها اسبوع ولا حاجه وبعد كده فرحنا مش عايزاه يشاركني فرحتي؟؟؟

زفرت في ملل واردفت: خلاص ادام واثق فيه أوي كده مليش دعوه انت أدرى بصاحبك
_ بالظبط كده، هروح عشان هموت وانام وهصحى اذاكر المادة اللي بعدها، وانتي حبيبي نامي بردو عشان تبقي فايقة
_ أنا نازلة بليل عشان اجيب الفستان
ابتسم واردف في فرحة وهو يغمز لها: وخلاص بقى هتبقي معايا وجمبي في نفس الاوضة؟؟ هانت أوي قريبا بما فيه الكفاية
ابتسمت في خجل ونظرت إلى الأرض واردفت: بس بقى يا ليدو متكسفنيش
_ يا بت، قال انتي وش كسوف يعني!!
اختفت ابتسامتها ونظرت إليه وهتفت في غيظ: والله!! أنا مش وش كسوف؟؟ ماشي أنا هوريك

ضحك وهو يضربها ضربة خفيفة على كتفها واردف: خلاص يا دلوعة بهزر معاكي، متعيطيش، هاتي الفستان وابقي فرجيني عليه
_ لا مفاجأة يوم الفرح، ومتنساش إننا لينا يوم ننزل فيه نكمل بقية حاجات الشقة
_ مش ناسي كل يوم بعد الامتحان أو بعد المذاكرة نلف لفة نكمل بقية الحاجة
_ اوكيه، يلا حبيبي أنا نمشي
_ تمام، كلميني أما توصلي
قالها ثم صافحها وذهب كلًا منهما في طريق، وما إن التفت وليد حتى يرحل، وجد منة أمام وجهة، تراجع إلى الخلف في خضة وهتف: انتي بتظهري فجأة زي الشياطين ليه كده؟!
عقدت ذراعيها أمام صدرها وهتفت في غضب: انت كنت واقف بتعمل ايه معاها؟؟
ظهر على ملامحه التوتر قليلًا واردف عقب تفكير قليل: مفيش حاجه عادي كنت بطمن عليها يعني عملت ايه في الامتحان وكده
نظرت إليه وهي ترفع أحد حاجبيها في خبث: لا والله!!
_ اه، انتي مالك بردو عايزة إيه ؟؟
_ هو إيه اللي أنا مالي! أنا مراتك المستقبلية بعد الامتحانات يعني كلها اسبوع ولا حاجه ونبقى مع بعض
_ انتي مين اللي قالك كده؟
_ والله؟! انت نسيت!! مش انت قلت لبابا كده؟ قولتله بعد الامتحانات هتجوز منة!
_ انا مقولتش كده، انا بقول بعد الامتحانات هقول اه ولا لا. هرد يعني لكن مقولتش موافق اصلا
_ ماهو مفيش اصلا مجال تقول لا، هو يا اه يا  اه
_ قلت بطلي الطريقة دي معايا
صمتت برهة واردفت كأنها تذكرت شيئًا ما: تعالى هنا قولى كده مش انت عامل نفسك فيها شيخ ومتدين، بتسلم عليها ليه قبل ما تمشي؟؟ الدين علمك كده؟؟
زفر في ضيق وهتف وهو يلتفت حوله في ملل: بصي هعلمك حاجة تاني للزمن، انا شاب متدين بس لكن مش بمثّل الدين نهائي بمعنى إني لو أخطأت فالخطأ ده يتنسب ليا أنا بس، الخطأ ده من عندي، الدين برئ منه لأبعد حد. الدين علم له ثوابت وأحكام ولا ينقصه شيء، اما انا إنسان ينقصني الكثير، لست مثالي ولا كامل، إنما بجتهد لأشرب من ذلك العلم و احصل على اكبر كم من المعلومات عنه، فإن حدث عني خطأ أو سهوت فلوموني انا ولا تلقوا اللوم والخطأ على الدين.. فهمتي ولا لسه؟؟
نظرت إليه وهتفت في سخرية: يعني أما ترمي كلام بالفصحى كده انت هتبان مثقف يعني؟؟
زفر في ملل واردف: لا أنا زهقت ده فيه فعلا ناس مينفعش نقعد نثبتلها وجهة نظرنا كتير مش مجرد كلام .
_ ما علينا من ده كله، أنا عمالة اعديلك اصلا حاجات مش داخلة دماغي خالص ولكن سماح مش هدقق..
قالتها وأخذت تفتح حقيبتها واخرجت هاتفها، وأخذت تقلب فيه ولم تمر ثوان حتى هتفت وهي تضع الهاتف أمام عينه: بص
نظر إلى الهاتف ليجد صور ملابس فضفاضة، رفع إليها عينه واردف في استغراب: إيه ده؟؟
_ ده الاستايل الجديد اللي هلبسه بعد جوازنا، انت اشتكتلي من اللبس الضيق قبل كده وعرفتني إنه هو اللي واقف عائق قصاد علاقتنا
عقد حاجبيه في اندهاش فاتحًا فمه في صدمة وأشار إلى نفسه وهتف: أنا ؟؟ انا اشتكتلك؟!
_ أيوه، بقيت بتنسى بسرعة كمان
_ يا منة انتي كلك على بعضك عائق بالنسبة ليا مينفعش
_ هبقى حد تاني خلاص سماح فرصة تانية إيه يعني!!

لا يصدق ما تقوله، تكد تصيبه بالجنون ذات مرة هو الآخر اغمض عيناه يحاول أن يستوعب الموقف ثم افتحهما تارة أخرى وهتف: منة بعد الامتحانات يا منة، عن اذنك
_ استنى بس، اختار معايا احلى تقم فيهم ولا اشتريهم كلهم؟!
نظر إليها في تعجب وذهب دون أن يرد، تابعت أثره وتمتمت في ابتسامة: مش مصدق اني هتغير عشانه.. حبيبي أنا ممكن اعمل أي حاجة عشانك.
               *****
الشر يتدفق من عينيها والانتقام يشغل تفكيرها، لا تكل ولا تمل من محاولاتها الفاشلة لتبقى معه وتصبح زوجته، الشيطان جليسها الآن يوسوس لها، نفسها الإمارة بالسوء تشجعها على فعل ذلك، ومن يترك نفسه لنفسه وهواه فقد هلك.. ولكن حيثما تحضر الأفكار الشريرة فلا مفر من ارتكاب الذنب أو المعصية.. بالطبع خُلق الانسان ضعيفا. المؤمنين وحدهم قادرين على هزيمة نفسهم الإمارة بالسوء ولكن كم منا مؤمن لا تغلبه نفسه وافكاره الشيطانية؟؟! وعلى هذا النسق قد افتعلت حساب آخر على تطبيق (فيس بوك) وباسم مجهول وأخذت تتذكر كلام شهد والدة حبيبها عندما قصت عليها هي وأسر كل القصص. بحثت عن حساب منة على الفيس بوك ودخلت إلى المحادثة الخاصة، وبعد تفكير لم يدم لوقت طويل، كتبت لها" كل اللي انتي عرفاه كدب، وليد هيتجوز شاهستا بعد الامتحانات بتاعته، وهي حتى الآن مراته".. لا تعرف ما فعلته خطأ أم صحيح، ولكن الغيرة والحقد قد اعمتا قلبها وعيناها، لا تصدق أنه سيتزوج غيرها، حتى أنها لا تعرف الخطوة التالية ولا تعرف نتيجة فعلتها، وذلك لأن فعلتها تلك قد حدثت بشكل عشوائي وقبل أي تخطيط مسبق.. وبعدما ارسلت الرسالة تركت الهاتف جانبًا واخذت تسير في أركان الغرفة في توتر مصحوب بشر تجاه حبيبها الذي أضحت تؤذيه في المقام الأول لاهية لا تعرف عواقب فعلتها عليه.. وخرجت من غرفتها، هاربة من أفكارها تلك. تعلم جيدًا أنها إذا استمرت في ذلك التفكير ستذهب إلى بيته الآن وتصرخ هاتفة أحبك.. وما إن خرجت حتى تذكرت أن والدتها قد خرجت مع والدها منذ ساعة، ولم يبق سواها في البيت، لتكتمل الأفكار الشريرة و تصحبها لفعل شيء لم تكن تتوقعه أبدًا من قبل...

كان وليد عائدًا من جامعته، يسير في الحي متجهًا إلى منزله، منهك الجسد والتفكير، لا يتخيل أي شيء أمامه سوى السرير حتى ينام نومًا عميقًا، وبينما هو يسير، عرقلت طريقه وهتفت في خوف: معلش يا شيخ وليد إني وقفت في وشك كده فجأة، بس ماما عايزاك تعملها اللمبة بعد اذنك لأنها فرقعت فجأة واحنا مرعوبين فوق

رد في خوف: خير خير اهدي حصل إيه وفرقعت ازاي؟؟
_ مش عارفه بجد مش عارفه تعالى معايا شوفها، احنا مرعوبين فوق يكون ماس كهربي ولا حاجة
_ لا لا بإذن الله مفيش حاجه، أنا جاي معاكي اهو.. بس استني همشي أنا ادامك وتعالي ورايا
_ ماشي..

كان يصعد الدرج في سرعة حتى ينقذ ما يمكن إنقاذه، بينما هي تسير خلفه لا تدرك حتى الآن عملتها وما تفكر به، كل ما توده هو أن تلمسه أو تضحى قريبة منه مثلما حدث من قبل، تشتاق إلى حضنه عندما حملها وذهب بها إلى المستشفى..
دخل الشقة وهو يهتف في صوت عالي: أنا جيت يا خالة، بإذن الله مفيش قلق ولا حاجة
لترد زينة: تعالى، الاوضة دي هي اللي فيها اللمبة اللي ولعت

سار معها جهة الغرفة، تسير جانبه وحتى الآن هي مغمضة عمياء لا تسمع إلا صوت شيطانها، دخل الغرفة و اردف في استغراب: اومال فين أمك؟
_ جوا في اوضتها بتلبس وجاية
_ ماشي، هاتي كرسي ولا حاجة اقف عليها علشان اشوف اللمبة دي
_ حاضر، خلي بالك لتتكهرب
_ لا متخافيش متعود..

خرجت زينة تبحث عن كرسي وهي تنظر إلى القهوة التي قد فعلتها له، وحملت الكرسي ودخلت إليه تارة أخرى، أخذه منها ووقف عليه ليرى حال المصباح الذي قد دمرته هي..
هتفت بصوت عالي تهيئ له أن والدتها في الخارج: حاضر يا ماما جاية هو
نظر إليها في تعحب، لم يسمع صوت ولكنه انتبه إلى عمله
خرجت.. دقائق وعادت إليه وهي تحمل القهوة وهتفت: خد ماما قالتلي خليه يشرب عشان انت بتحب القهوة من أيديها..
_ ماشي.. ثواني بس بشوف البتاعة دي الأول
_ خدلك بؤ منها بس الاول عشان تركز
قالتها وحملت الكوب حتى يأخذه منها.. ابتسم ومد يده ليأخذ الكوب واردف: شكرا
أخذه منها و أخذ رشفة والتالية ومد يده لها حتى تأخذ الكوب وتابع: اكمل بس اللي بعمله وبعدها اكمل الفنجان...
اخذت منه الكوب وظلت تنظر إليه وهو يعمل وتتخيل أنه مع غيرها نائمًا جوارها.. لا تستطيع أن تتقبل أن أخرى تسرق أحلامها التي باتت تتمناها لسنين.. بينما هو يعمل شعر بالدوار الشديد.. وضع يده على جبينه يشعر أنه سيسقط أرضًا الآن.. تركت الصينية على الطاولة وهتفت في خوف: انت كويس؟؟! انزل طيب انزل..
نزل في هدوء والغرفة تطوف بيه لا يرى سوى غمام.. وأخذ يتمتم: عشان مش بنام كويس باين حاسس إني هقع مش عارف مالي.. يا خالة يا خالة .
_ طب اقعد اقعد على الكنبة دي ارتاح
نظر إليها واردف وهو يشعر بفقدان الوعي: لا لا أنا هروح..
وما إن خطى خطوة واحدة، حتى سقط على الارض مغشيًا عليه.. شهقت في خوف وأخذت تحدث نفسها: أنا زودت الجرعة ولا إيه؟؟
قالتها ثم جلست جواره على الأرض ورفعت رأسه واضعة إياها على فخذيها وأخذت تتطلع إلى ملامح وجهه في حب وشغف، وأخذت تتحدث وهي تلمس شعره ووجهه ولحيته: تصدق إني حسيت دلوقتي باللي عملته زليخة في سيدنا يوسف!! هي حبته أوي وهو مش مكنش راضي يشوفها خالص، وهي أكيد كانت عايزاه معاها.. وليد انت مش عارف أنا بحبك أد ايه والله..
قالتها ثم أمسكت يده وأخذت تقبل باطن كفه.. استحوذ شيطانها عليها أكثر لتتجرأ أكثر ، وتفتح ذراعيه وتخفي رأسها داخل صدره وتحتضنه بقوة وهي تهتف: محدش هيقدر ياخدك مني...
مرت دقائق على هذا الوضع، دون حدوث أي شيء، ولم يعكر صفو ذهنها سوى صوت هاتفه عندما أخذ يصدح في جيب سرواله، ابتعدت عن ذراعيه في ضيق، واخرجت الهاتف لترى ( رفيقة الدرب) من تتصل.. ومن شدة غيظها ضغطت على زر إنهاء المكالمة.. ثم تركت الهاتف جانبًا واخذت تتمتم: كتك القرف يا شيخة يارب تموتي..
وأثناء عودتها إلى حضنه مرة أخرى، علقت دبلتها في قطعة من القميص الذي يرتديه.. ليستيقظ ضميرها لثوانٍ، يذكّرها بأنها تخص رجل آخر.. لتعقد حاجبيها في تأثر تتذكر إن هذه النسخة لم تكن هي.. حتى الصراع بين قلبها وعقلها قد حضر في الفرصة الوحيدة التي كانت تنتظرها.. ولكنها سرعان ما قامت بنزع الدبلة من سباباتها وأخذت تنظر إلى ملامحه في تأمل وشغف.. وخرجت عن أفكارها تلك وعادت إلى وعيها وشعرت بحجم المصيبة والذنب الذي ارتكبته عندما سمعت صوت جرس الباب يصدح.. انتفضت من جانبه واقفة كالألف، وركضت نحو الباب هاتفة: مين؟؟
لتأتيها الصدمة والكارثة عندما سمعت خطيبها يرد: انا يا زينة أسر
ازدادت دقات قلبها والذي كاد أن يتوقف من شدة الرعب، فإن جريمتها ملقية على الأرض في غرفة استقبال الضيوف.. أجابت في توتر وبنبرة صوت خفيضة: أسر مفيش حد في البيت مينفعش نفضل لوحدنا بعد اذنك روح دلوقت وأما ماما ترجع هكلمك تيجي
_ طب افتحي بس هقولك كلمة من على الباب وهمشي..

نظرت إلى الغرفة وأخذت تلطم وجهها في خوف وتوتر واردفت بنبرة صوت مهزوزة وغير مستقرة: أسر معلش بقى مش هينفع افتح والله، أنا كمان قاعدة براحتي يعني، معقولة لسه هلبس بقى!!
_ انتي كويسة يا زينة؟!
_ اه اه أنا تمام، بس اصلي لسه خارجة من الحمام اخدت دوش ساقع وعايزة البس لأن الجو ساقعة عشان كده متكتكه ومش عارفه اجمع كلام
_ انتي بتقولي اي!! ماشي همشي هروح اقعد مع وليد شوية لحد أما امك ترجع ورني عليا.
وقعت عليها كالصاعقة وأخذت تحدق عيناها في صدمة يشوبها رعب واردفت: يا نهار اسود عليا وعلى سنيني السودا يا نهار اسود بيقول هيروح لوليد، أعمل أي ؟؟ اعمل ايه؟؟
ثم أخذت تناجي الله.. ومن منا لا يتذكره ويرفع يده طالبًا منه أن يستر عليه ويجعل له مخرجًا من ذنب ارتكبه في حقه وفي حق نفسه!!
_ يارب يارب والله آخر مرة أنا عارفة إني غلطت والله أنا مش هعمل كده تاني استر عليا يارب يارب الاقي حل أنا عارفة إني غلطانة مش عارفه ازاي عملت كده مش عارفة، كان عقلي فين!! كان تفكيري فين!! مني لله .. اعمل ايه
اخذت تكرر بمثل هذه الكلمات وركضت جهة الغرفة التي بها وليد وارتمت جانبه على الأرض هاتفة: أبوس ايدك اصحى بالله عليك يا شيخ..
قالتها ثم قامت من مكانها وركضت جهة المطبخ أحضرت الماء ورجعت به إلى وليد وأخذت تضعه على وجهه حتى يفيق وهي تردد: والنبي قوم بالله عليك قوم..
وبينما هي تحاول أن تجعله يستيقظ صدح هاتفه مرة أخرى لتنظر في سرعة إلى المتصل، فتجده خطيبها.. شهقت ضاربة صدرها بقوة وهي تبكي: يارب استرها عليا يارب بس المرة دي يارب.. فوق يا وليد فوق..
               *****
_ مش بيرد يا طنط
قالها أسر الواقف أمام شهد في منزل وليد..
_ يالهوي!! اومال هيكون راح فين؟! هو انتوا مجتوش مع بعض ليه؟
_ هو كان مروح وأنا قلت هعدي على خطبتي اقعد معاها شوية واما روحتلها قالتلي مفيش حد في البيت فقلت اجي اقعد معاه بدل ما اروح لحد أما أهلها يجوا
_ طب ما تكلم شاهستا يا بني تسألها عنه تلقاها عارفه
هتفت شهد في توتر
_ لا يا طنط اعذريني، أنا مليش كلام معاها
_ ليه؟؟
_حوار كبير..
_ خلاص هرن عليها أنا، هو فين تليفوني راح!!
وبينما هي تبحث عن هاتفها وجدت هنا تخرج من غرفتها وهي تهتف مع شخص ما تحدثه في الهاتف: ثواني خليكي معايا يا حبيبي.. ماما
_ إيه يا هنا؟
_ شاهستا معايا على التليفون وبتسألني فين وليد تعرفي؟!
صرخت شهد: يالهوي عليا وعلى سنيني ابني راح فين!!
لتسمعها شاهستا والتي قُذف الرعب إلى قلبها وتحدثت في صوت عالي: رنوا على أسر يا هنا كان معاه
أجابت هنا في خوف: أسر واقف اهو معانا وهو نفسه ميعرفش راح فين..
_ يعني ايه ؟؟ هيكون راح فين؟ انشقت الأرض وبلعته!!
             ******
طبيب منة يدون حالتها ضمن الحالات التي لابد من النظر فيها والاهتمام بها ومن ضمن ما دوّنه في كُتبه عن مرض منة هي متلازمة جوسكا واعراضها والأمراض النفسية المصاحبة لها حيث كتب" خلق محادثة يومية لا تشكل خطورة فإنا معظمنا يقوم بذلك، ولكن  الإفراط في ذلك يمكن أن يؤثر سلبًا على الفرد، إذ يمكن أن تؤدي متلازمة جوسكا إلى انغلاق الفرد على نفسه وخلق عالم افتراضي خاص به داخل عقله الباطني، وهذا ما يمكن أن يجعله غير قادر على البوح بمشاكله أو التعبير عن رأيه للآخرين، وبالتالي سيفضل العزلة وتجنب الاختلاط مع الآخرين.
أيضًا، يمكن أن تتسبب متلازمة جوسكا بخداع الذات، فكل ما تحدث به المرء من نفسه أو قام بتخيله يعد وهمًا ولم يحصل بعد أو لن يحصل أبدًا. وفي حال اعتمد الفرد على هذه الأوهام وجعلها أمرًا أساسيًا لتسيير حياته، فمن الممكن أن يؤدي ذلك إلى انفصال الفرد عن واقعه الحقيقي وبدئه بخداع نفسه دون أن يعي ذلك.
كما يمكن أن تنطوي متلازمة جوسكا على تفكير الفرد بأفكار سلبية وتخيلهم لأسوأ السيناريوهات الممكنة، وهذا ما يمكن أن يتسبب بزيادة قلقهم بشأن المستقبل والخوف الشديد من أحداث لم تحصل بعد أو حتى لن تحصل أبدًا له...
وبينما أن تسمع صوت الطبيب وهو يدون حالتها، تؤكد لك منة أنها بالفعل مصابة بتلك المتلازمة بدرجة كبيرة، حيث دخلت غرفتها في فرحة عارمة وقامت بإشعال الأغاني في الإرجاء وذلك بعدما خلقت محادثة وهمية تؤكد فيها لنفسها أن زفافها عقب الامتحانات مباشرة وتخليت نفسها عروس ترقص وسط أصحابها واحبابها لذلك همت بالرقص وأخذت تتخيله يرقص معها ويضحك لها، ترى والدها يلوح لها بيده في سعادة و ترى أهل وليد يبتسمون لها في سرور و حب..

لا تنسى ما ذكرته عنها، هي ترقص في غرفتها ولكنها ترى نفسها في قاعة الزفاف الآن.. ترى غرفتها بمثابة قاعة الزفاف تلك. الموضوع أكبر من التخيل، الأمر أصعب بكثير.. الفتاة توهمت أن هذا بالفعل يجب أن يحدث.. تابع صوت الطبيب وانصت له باهتمام لعلك تفهم حالتها بشكل أوضح " التعرض لضغوط نفسية كثيرة أو الصدمات العاطفية. شعور الفرد بالعجز والضعف وعدم قدرته على مواجهة مختلف المواقف في حياته. الانطوائية والانعزال فعدم اختلاط الفرد مع الناس من حوله سيجعله  يبحث عن طرق بديلة ليمضي وقته، وأنا كطبيب منة اذكر ما عانته منذ الصغر من تنمر ورهاب اجتماعي وضعف بالشخصية، جعلها تخلق ذلك العالم الافتراضي الذي نمى معها. ولم أنس أن اسلط الضوء على الوحدة و الاضطراب العاطفي ثم الصدمة العاطفية التي تالتها على منة مريضتي كل ذلك حدث في آن واحد، أو دهمها بقوة لمدة سنوات متتالية. اعراض جوسكا والتي هي واضحة على مريضتي بشكل كبير
مرض الاكتئاب.
انفصام الشخصية.
القلق.
اضطراب ما  بعد الصدمة
مرض الوسواس القهري، وغيرها والذي لم اكتشفه حتى الآن.. ولكن دعني أن أوضح أن انفصام الشخصية بدأ في أن يأخذ طابعه ويتغلغل داخل مريضتي بقوة..
يدوّن الطبيب كأنه يراها، وهي تفتح الخزانة الآن بعدما رقصت بما فيه الكفاية وتخرج فستان الزفاف الذي ذهبت لشرائه أمس خصيصًا ثم أخذت تضعه على جسدها أمام المرآة وتهتف في فرحة عارمة وابتسامة عريضة: وخلاص هبقى مراته كلها أيام وهبقى في حضنه، لقيت رامي تاني بعد ما ضاع مني لسنين.. اخدت حقي منها خلاص..

يذكر الطبيب أن هناك الكثير مما يجب ذكره وتدوينه عن منة ولكنه اكتفى حاليًا بذكر ما دونه وذلك لعدة أسباب بعضها واضحة والأخرى خافية..
              *******
أخيرًا قد أفاق من غيبوبته وفتح عيناه في هدوء، لتصبح الرؤية مشوشة؛ أخذ يغمضهما تارة ويفتحهما تارة أخرى حتى يستطيع أن يرى بوضوح؛ وما إن فتح عينه حتى سمعها تناجي الله تحمده ثم تحدثت في فرحة: اخيرا اخيرا فقت خضتني ووقعت قلبي يا شيخ.
يشعر بالدوار الشديد وبخلل توازنه، ولكنه هتف رغم ذلك: انا فين؟! هو إيه اللي حصل؟
_ وانت بتصلح اللمبة دخت فجأة ونزلت من على الكرسي ووقعت مرة واحدة حتى ماما اتخضت ونزلت تشوفلك دكتور
يضع يده على جبينه محاولًا أن يزول ذلك الصداع عن رأسه وأخذ يتحدث في صوت خفيض: باين قلة النوم مع القهوة وطت ضغطي وعملت فيا كده
_ اه اكيد ده اللي حصل فعلا
_ بعتذر إني خضتكم كده
_ لا ولا يهمك المهم إنك كويس وبخير دلوقتي
_ جايز
قالها وأخذ يحاول أن ينهض اقتربت منه حتى تساعده على النهوض ولكنه هتف في سرعة مصحوبة بتحذير: لا لا اوعي أنا هسند نفسي بنفسي ارجوكي
ابتعدت عنه في ضيق وهتفت: تمام براحتك.
استند على الحائط محاولًا أن يحافظ على توازنه وظل هكذا يحاول حتى استطاع أن يقف بشكل مستقيم وهتف: خديلي طريق علشان امشي
_ مفيش حد هنا، ماما نزلت عشان تشوفلك دكتور
_ تمام أنا اسف غلبتها معايا بس مفيش داعي لأي دكاترة أنا تمام
يتحدث في تعب وينهج كلما يلفظ لسانه بحرف، هو لا يعرف ما الذي أصابه لم يشعر حتى بهذا الشعور من قبل. وقبل أن يمشي هتفت معرقلة طريقه: أما انت وقعت وماما نزلت تشوف دكتور، أسر جيه وانا مرضتش افتحله خفت يلاقيك هنا وتحصل مشكلة فقولتله محدش هنا وخلاص فأرجوك متعرفهوش بقى إنك كنت هنا عشان ميفهمش حاجة غلط
رد في غيظ: ليه؟؟ كنتي دخليه عادي وقوليله وليد وقع أما حصل كذا كذا وخلاص وهو كان هيسندني
_ معلش اتوترت وخفت وجايز أكون اتصرفت غلط بس ده اللي حصل فأرجوك متقلش حاجة بقى
_ خلاص ماشي مش هتكلم، همشي بقى علشان وقوفي معاكي كده غلط
قالها وقبل أن يسير وجد هاتفه على الطاولة نظر إليه وحمله ووضعه في جيبه وهو يهتف: التليفون ده كان في جيبي ازاي خرج منه؟؟
_ حد رن طلعت اشوف مين لقيت مراتك وأسر ومردتش على حد فيهم
_ طلعتيه ازاي يعني ؟؟
_ من جيبك
_ ولما انتي مش ناوية تردي بطلعيه ليه؟؟ وبعدين ليه مردتيش وقولتلي إني وقعت عندك؟
_ عشان محدش فيهم يقلق
يسمعها وهو ينظر إلى الأرض غير مقتنع بالمرة بما تقصه عليه، يشعر أن هناك خطب ما لا يفهمه..
تابعت: يلا روح بقى وطمنهم عليك

حتى أن نبرة صوتها لم تكن مريحة، كانت نبرة مليئة بالخوف والتوتر، ولكن حالته الصحية لم تسمح له بأن يفكر أكثر يشعر أنه سيسقط أرضًا الآن مرة أخرى لذلك تحدث: طيب حصل خير أنا لازم امشي..
قالها وذهب وهو يشعر بالدوار كما هو، تابعت أثره حتى خرج من شقتها، وارتمت على الكرسي تتنفس في راحة لا تصدق أنها تخلصت من تلك الجريمة قبل اكتشافها وتمتمت وهي واضعة يدها على قلبها: الحمدلله احمدك يارب، ده العقل زينة مش فاهمة انا كان فين عقلي أما عملت كده؟؟!
              ******
كان محرم يقود سيارته وبجانبه زوجته وفي الخلف أولاده جاسر واسامة وظل الصمت يعم السيارة، حتى كسرته سعاد زوجته هاتفة: يلا ادي وليد اللي لسه متمش ٢٢ سنة فرحه كمان اسبوعين وانتوا قاعدين كده زي ما انتوا
قالتها وهي تنظر إلى اولادها الجالسين على الأريكة الخلفية من المرآة.
ليرد جاسر: لا انا هكتب كتابي على هنا بعد فرح وليد عمي شعبان قال كده وهنا خلاص وافقت
_ طب مبروك، وانت يا سي أسامة، لسه عايز البت بنت ريهام التنكة؟؟
_ اه يا ماما لسه، أنا معجب بجومانة من زمان اصلا وما صدقت وليد سبها واتجوز غيرها وبعدين بابا قالي هناخدها.
نظرت سعاد إلى محرم وهتفت: إيه رأيك في جوازة وليد؟؟
_ تقرف الكلب ونسب يقرف ويعر شبهه بالظبط، خليه محدش هيشرب غيره هو وأبوه اللي مدلعه ده ومخلي طلباته أوامر
_ بس مراته وتكة يا بابا، أنا شفتها صور بس اومال في الحقيقة عاملة ازاي؟
هتف أسامة
ليحدق له والده من مرآة السيارة ويرد عليه بنبرة حادة: اخرس يا ولد احترم نفسك، اوعى تاني مرة تتكلم عن مرات ابن عمك بالشكل السوقي الزبالة ده سامع؟؟ دي من هنا ورايح مرات اخوك ايا كان بقى فهمت؟؟!
_ خلاص أنا آسف مش قصدي يعني وبعدين جومانة حلوة بردو واحلى منها
_ ناقص قلة أدب أنا هنا
تدخل جاسر في الحديث هاتفًا: بابا احنا مشينا ليه؟ يعني بما إن فرح وليد قرب كنا فضلنا لحد أما يخلص
_ عشان الشقة اللي كنا قاعدين فيها يا فالح هيجهزوها بقى التشطيب الاخير عشان وليد يتجوز فيها
_ اه فهمت..
وأثناء الحديث صدح صوت هاتف سعاد، لتخرجه من حقيبتها وترد: ألو ازيك يا عاليا يا حبيبتي عاملة إيه ؟!
ترد عاليا والدموع تنهمر من عينيها: ألو يا مرات خالي، انا مش كويسة مش كويسة خالص
_ ليه يا حبيبتي حصل ايه بس؟؟
_ ماما مصرة تجوزني غصبن عني لحد مش مناسب اطلاقا، انا مش هتجوز الراجل ده يعني مش هتجوزه وإلا اقتلوني بقى واخلصوا مني عشان تجوزوا رضوى
_ طب بس بس يا حبيبتي اهدي، احنا اهو راجعين وهنتكلم معاها متخافيش ومفيش حاجة هتحصل غصبن عنك يا قلبي اهدي كده اومال
_ ماشى يا مرات خالي، بس بالله عليكي ما تنسوني، اول ما توصلوا عدوا عليا
_ ماشي يا بنتي حاضر
أنهت المكالمة ليهتف محرم: هي لسه تهاني مجنونة زي ما هي؟!
_ معذورة بردو يا محرم كل البنات عمالة تتجوز والبت كبرت
_ أيوه بس الجواز بالشكل ده باطل
_ نحاول نقنعها ونفهم رافضة ليه
نظر إليها في استغراب وهتف: هو انتي نفس الحد اللي كان بيتكلم مع عاليا من شوية؟!
              ******
_ كنت فين يا وليد؟! هو كل شوية هتوقف قلب حد فينا كده؟؟
هتفت شهد في غيظ
نظر إليها الشاب المنهك واردف: كنت.. كنت .. كنت بصلي في المسجد ومن التعب روحت نمت مرة واحدة
_ لا والله!!
هتف أسر
نظر إليه وليد ثم نظر إلى أمه واتجه نحو الأريكة ونام..
تفتح شهد فمها في بلاهة لا تصدق أفعال ابنها وهتفت محدثة أسر: صاحبك هيجنني ده مش ابني، وليد في حاجة عمالة تحصله
_بالظبط كده يا طنط، وليد اصلا طول عمره مطبق وعمره ما نام عدل من ساعة الثانوية هو أنا هتوه عنه!! بس أول مرة يكون دايخ كده ومش قادر يرد حتى على حد
_ عامل زي اللي كأن حد مخدره، ربنا يستر يمكن أما يتجوز حاله يتبدل
نظر إليها أسر وصمت.. ثم اردف: طب هروح أنا يا طنط بقى بما إنه نام
_مانت قاعد يا بني
_ لا لا عشان أنام أنا كمان واصحى اذاكر شكل أهل زينة مطولين..
             ******
_ جيه يا هنا؟؟ طيب يا حبيبي شكرا، لا لا خليه  نايم أنا أما يصحى هكلمه سلام يا حبيبي
كانت تلك الجملة آخر ما قالته شاهستا ثم وضعت الهاتف جانبًا واخذت ترتدي حجابها أمام المرآة وهي تحدث نفسها في استغراب: مش عارفه أنا نام في الجامع ازاي!! إيه يا وليد انت بقيت بتنام في أي حتة؟!
دخلت عليها ندى واردفت في عجلة: انجزي يا شاهي عشان نلحق نشوف موديل الدريس اللي عايزاه
_ اوكيه اوكيه خلاص اهو خلصت..
            ******
وفي صباح اليوم التالي استيقظ وليد على صوت والدته والتي كانت تنادي عليه بصوت عالي وهي تردد: في ايه يا وليد؟! إيه نومة أهل الكهف دي؟؟ كل ده نوم؟ انت نايم من امبارح يا بني اصحى كل لقمة وذاكر شوية قبل ما ننزل نجيب اوضة النوم والانتريه مراتك من امبارح مش مبطلة رن رن عليك

التفت إليها وهو يشعر بالإرهاق الشديد والخمول، واردف وهو يتثاوب: مش عارف مالي كده يا ماما حاسس إني ولا كأني متبنج ولا متخدر مش عارف افوق
_ متخدر؟ متخدر ازاي يعني؟ تعالى طيب نشوف دكتور
_ لا مش للدرجادي يا ماما هما بس شوية خمول وهيروحوا لحالهم، اهو خلاص هحاول افوق وهقوم اغسل وشي
قالها وجلس على الأريكة حتى يستوعب العالم، وبينما والدته تضع الطعام على السفرة، صدح صوت جرس الباب، هتفت شهد في صوت عالي: افتحي يا هنا بسرعة
خرجت هنا من الغرفة في ملل واتجهت وهي تؤفف وهتفت: مين؟
_ أنا علا يا هنا افتحي
فتحت هنا الباب، لتجد علا تقف وهي تحمل ابنها
_ تعالي يا علا خشي
دخلت علا وهتفت في سرعة: فين وليد؟
هتف الجالس على الأريكة: أنا هنا اهو يا علا خير في إيه؟؟
               *****
_ جبت بدلتك يا عمر ؟
هتفت منة وهي تحدث عمر في غرفته
_ بدلة إيه؟
_ يوه عليك يا عمر، انت ناسي إن فرحي بعد الامتحانات علطول؟!
عقد حاجبيه في استغراب وهتف: بجد والله؟! وليد وافق خلاص؟
_ اه ماهو هيعمل ايه يعني؟! وبعدين أنا قلتله إني هحترم نفسي وهسمع كلامه، هو بس زعلان مني معاه حق أنا عملت حاجات كتير وحشة معاه فهو واخد على خاطره لكن أنا هتغير وهبقى حد تاني عشان يرضى عني
_ طب والله زي الفل، عقبال ما ارجع لشاهي أنا كمان بقى
_ هترجع عادي مانا خلاص اخدت وليد منها، قال تقولي هيرجعلي راكع، ضحكتني اوي، نفسي اشوف ايموشن وشها وهي شيفاني جمبه على الكوشة
نظر إليها في خيبة أمل وتمتم: ربنا يستر ومتقعدش هي تضحك علينا كلنا
جاء مصطفى من الخارج وهتف متدخلًا في الحديث: إيه يا ولاد متجمعين خير؟!
_ كنت بقول لعمر يا دادي يجهز بدلته وانت كمان يا دادي جهزت البدلة يا ترى؟!

اطرق لا يصدق ما تقوله، من قال أنها سَتُزف إلى وليد عقب الامتحانات؟! الشاب كل ما قاله أنه سيقرر عقب الامتحانات ولكنه لم يقل نعم، ومنذ ومتى ويتم دعوة العريس إلى زفافه؟! العريس نفسه لا يعرف..
_ حبيبة قلبي بعد الامتحانات لسه هنقرر الفرح هيكون امتى
_ طب ما تجيبه يا دادي وتقرر هو حضرتك مستني ايه؟!
_ مستنيه يخلص يا بنتي
_ لا مش هستنى عليه كتير وحشني اصلا
_ طب يا منة اهدي بس كده حتى نعرفه وبعد كده كل حاجة تحصل زي ما انتي عايزة.. المهم مش يلا ننزل النادي شوية؟؟
_ لا مش هروح في حتة، يا دادي مش فاضيه مش شايفني مشغولة؟ ورايا مذاكرة وتجهيز فرح نادي ايه دلوقتي!! عن اذنك رايحة اخلص اللي ورايا
قالتها وذهبت، تابع والدها أثرها وتمتم: مش عارف اخلي فايز يقابلك ازاي أما انتي من ساعة ما الامتحانات بدأت وانتي في البيت!!
           ******
_ ها يا علا أدينا فطرنا اهو وجيت عشان نتكلم لوحدنا زي ما طلبتي سامعك..
هتف وليد وهو يجلس مع علا في أحد أركان الصالة وحدهما، لترفع إليه عيناها وتهتف: اولا كده محدش عارف إني هنا يعني أنا ضاق بيا الحال وشلت ابني وجيت اغضب عندكم، عشان مش قادرة اعيش ولا ابص في وش سيد، وبيت أبويا مبقاش فيه مكان ليا، من ساعة ما خرجت منه وهو مبقاش مكاني زي الأول و مبقاش المكان اللي مفتحولي..
_ ايه اللي حصل من سيد؟؟
قامت من مكانها واقتربت منه حتى يري علامات الضرب التي تكسو ملامح وجهها وادرفت: طبعا هي اختفت عن الأول كتير الاول اصلا مكنتش هطيق تبص في وشي
_ لا حول ولا قوه الا بالله، استغفر الله العظيم يارب من كل ذنب عظيم، إيه ده؟؟ هو الخسيس الرخيص اللي اسمه جوزك ده هو اللي عمل في وشك كده؟!
_ ولو ينفع اوريك جسمي كمان كنت عملت كده، وعارف ده كله ليه؟
_ مش مهم اصلا اعرف، لأنه تحت أي بند لا يحق له أن يضربك بالشكل ده نهائي، الدين نهى عن الضرب نهيًا قطعا، عمر ما حث الدين على ضرب الزوجة كعقاب مهما حدث، هو متخلف ده ولا ايه؟!

انهالت بالدموع لم تستطع أن تتماسك أكثر وأخذت تشهق بصوت عالي، ليغضب وليد من ذلك ويقول: والله لا فرق بينه وبين الحيوان شوية أشباه رجال عايشين معانا، متزعليش يا علا أنا هتكلم معاه وهبهدلهولك هنا بس الصبر
ردت بصوت متهدج: ترضى هنا هيحصل فيها كده؟؟
_ اطلاقا لو جوز هنا عمل فيها كده هروح اخلي وشه بدل قفاه
اردفت في حسرة على نفسها: أنا بقى معنديش حد يروح يجيب وشه بدل قفاه، كل شوية يضرب فيا ودي مش أول مرة
_ ليه يا ماما واحنا روحنا فين؟؟ قولتلك سيبي الموضوع عليا اعتبريه خلص اصلا، وبعدين عمي محرم فين من ده كله؟! ماهو اكيد مش هيسمح بردو بالعبط ده يعني
_ هيقوله شفتها مع راجل تاني وبتاع وبابا هيغلطني انا كالعادة
_ راجل تاني؟ راجل تاني ازاي؟
_ هقولك..
بدأت في سرد القصة عليه بالتفصيل من أول ما سرق ذهبها حتى موقف زوج هالة، وما إن انتهت من كلامها حتى تحدث هو: بصي فيه عندك غلط وهو سبتي بيتك يبقى على بيت اهلك مش جارتك، وبالأخص أنها عندها زوج وكمان محدش عارف انتي روحتي فين عملتي قلق للجميع خليتي جوزك يشك فيكي و ضيعتي حقك لأن فعلا عمي كان مش عارف انتي روحتي فين كان من الأولى ملاقتيش حد في البيت تركبي عربية وتيجي على عندنا هنا اهلك ابوكي وامك وعمك محدش غريب أما جارتك دي فده أمر لا يصح بالمرة، بالنسبة لنقطة إنه ياخد حقه الشرعي منك بالغصب والاقتدار فده بردو مرفوض ومخالف للسنة النبوية احنا مش بهايم احنا بني ادمين ولكن لازم تعرفي احتياجات زوجك وإلا هو ممكن يقع في معصية فهماني؟!
_ مكنتش طيقاه واكيد مش عايزاه يقرب مني ولا اشوف وشه كان ضاربني وسرقني وابويا مجبليش حقي بالعكس وقف في صفه هو ينفع أعمل حاجة زي كده وانا مش طيقاه؟!
_ لا وجب عليه يصالحك ويعتذر ويقدر حقك قبل ما ياخد حقه
_ عشان كده رفضت لأنه خدني بالقوة وطول عمره بيعاملني بالقوة
_ بصي أنا بعرفك النقط اللي غلطتي فيها عشان ابينلك أنها متنفعش وبس وعشان متتكررش لكن أنا عمري ما هبرر الضرب ده بأي حاجة لأنه مرفوض من كل الجوانب وعشان كده أنا هتكلم معاه وأعرفه غلطه ويجي لحد عندك يبوس راسك ويصالحك، رغم إنه حتى إن عمل كده مش هيكفي حقك ولكن خلينا بس نتكلم معاه الأول...
             ******
وفي مساء اليوم نفسه؛ كانت شاهستا تقف أمام مرآتها، تتجهز حتى تذهب لشراء بقية اثاث شقتها، وبينما هي تعد نفسها، صدح صوت هاتفها، اقتربت منه واستقبلت المكالمة هاتفة : ايه يا ليدو.. اه خلاص يا حبيبي جهزت.. متخافش مش ناسية إني متراقبة هتوه أي عربيات تمشي ورايا، روح انت بقى علطول على المحل اللي بعتلك اللوكيشن بتاعه هنشوف عنده اول حاجة لقيت الموبيليا عنده حلوه، مامي اه جايه معانا هي ودادي بس ميدو ونودي مش جايين، اوكيه يا حبيبي باي..
أنهت مكالمته ووضعت ملمع الشفاه وتعطرت..
               ****
_ إيه يا زينة مش بتردي عليا ليه؟؟
هتف أسر وهو يحدث زينة عبر الهاتف
_ كنت نايمة بس ومش سامعة التليفون
_ حصل خير، المهم هشوفك امتى؟ قبل بس كمان ما انشغل في المذاكرة؟
_ تعالى دلوقتي لو حابب
_ ماشي حتى بالمرة اخد رأيك في البدلة اللي هلبسها في فرح وليد
أطرقت، غارقة في صدمتها
_ يا بنتي؟؟
_ ماشي يا أسر تعالى بس وربنا يسهل، سلام..
وما إن أنهت مكالمته، حتى صرخت في صمت ( صراخ أو انهيار داخلي) وأخذت تضرب صدرها عدة مرات وهي تهتف في صوت خفيض حتى لا تسمع والدتها: انت إيه يا زفت انت؟! عمال تدق لواحد مش عايزك ليه؟ متمسك بواحد متجوز ليه؟! إيه مفيش كرامة خالص!! يارب تقف بقى واخلص منك بدل العذاب ده...
قالتها وارتمت على الأرض تبكي في صمت وهي تضع يدها على فمها حتى لا يسمع أحد شهقاتها وانهيارها.. وظلت كما هي ملقية على الأرض تبكي وتحترق في نيران عجزها وصمتها..
               *****
وصل وليد وعائلته إلى المكان الذي اختارته شاهستا، وقد جلب وليد معه أمه وأبيه. دقائق وتوقفت سيارة والد شاهستا، ليخرج منها هو و زوجته وابنته ودخلوا المحل أيضًا وصافح الجميع بعضهم البعض، اقتربت شاهستا من وليد وهمست جانب أذنه: ماما جايه النهارده تعتذرلك على كل اللي حصل منها وتبدأ معاك صفحة جديدة وعمرها ما هتعاملك بالأسلوب ده تاني خلاص
عقد حاجبيه في استغراب وهتف: عملتي ايه ؟
_ عيب عليك دي مامتي وانا أعرف أقنعها كويس

اخذ الجميع يتفتل داخل المحل ليجدوا ما يناسبهم، حتى هتفت شاهستا: أنا عايزة اوضة النوم دي يا وليد
نظر إلى ما اختارته جيدًا وهتف: ماشي يا حبيبي مفيش مشكلة.
لتتدخل شهد: لا يا وليد طبعا في حد يشتري اوضة نوم سودا؟؟
_ وايه يعني يا طنط شياكة، الأسود فخامة وأنا بعشقه
_ لا يا حبيبتي اختاري لون تاني غير لون التشاؤم ده

غضبت شاهستا ونظرت إلى وليد في ضيق، لتسرع أمها بإلقاء نظرة شماتة إليها كأنها تقول لها في تلك النظرة" انظري ها هي نتيجة اختيارك من البداية.." تدخل وليد هامسًا جانب أذن أمه: معلش يا ماما خليها عليكي انتي المرادي، هي اللي هتنام في الاوضة خليها تختارها على ذوقها كفاية مخترتش لون البياض ولا نوع السيراميك
_ يا بني الناس تقول علينا إيه باللون ده؟؟!
همست هي الأخرى..
_ يا ماما ناس مين دول!! انا مش هدخل حد اوضة نومي، مش بازار سياحي هو، الضيوف تقعد في اوضة الضيوف ومتتحركش منها..
_ انت حر، مانت طول عمرك دماغك ناشفة هو انت بتريح!!
قبل رأسها واردف: معلش يا ست الكل هي العروسة ومش عايزين نزعلها..
قالها وهتف في صوت عالي حتى يسمعه الجميع: ها يا روحي كله تمام؟! خلاص اخترتي الاوضة دي؟؟
_ اه يا حبيبي عجباني أوي، هروح ابص على الانتريه
_ ماشي يا حبيبي خدي راحتك

نظرت إلى والدتها في انتصار وابتسمت.. واردفت وهي تسير جوارها: مشالي كلامي عشان حبيبي مش بيعرف يقولي لا
نظرت إليها والدتها في غيظ وهتفت: طب يلا يا حبيبي اختاري خلينا نمشي عشان حاسة الأكسجين بيخلص من المكان وهتخنق..

اشتروا كل ما ينقصهم من أثاث وذلك لأنه لم يبق الكثير على الزفاف والجدير بالذكر أنهم قد اختاروا كل ما ارادته شاهستا بالضبط، وحمل الأثاث على عربة كبيرة حتى منزل وليد ولم ينس وليد أنه تحت المراقبة لذلك جعل سائق العربة يسير من اتجاه آخر غير الاتجاه المعروف لمنزله و عادوا جميعهم إلى منازلهم مع الثانية صباحًا، وما إن وصلوا حتى تركوا الاثاث وكل شيء في مدخل البيت حتى تشرق الشمس، لينقلوها إلى شقة وليد في الطابق الثالث..

وفي اليوم التالي كان وليد لديه امتحان أما شاهستا لم يكن لديها أي امتحانات في ذلك اليوم، أخذ يستعد حتى يذهب إلى امتحانه، تاركًا والده والصبية ينقلون اثاثه... استغلت شاهستا أنها لم يكن لديها امتحان في ذلك اليوم لذلك قامت بأخذ اختها وذهبا إلى عيادة التجميل حتى تقوم شاهستا بآخر جلسات الليزر وتنظيف البشرة وغيرها من تلك الأشياء التي تقوم بها العروس قبل زفافها ثم بعدها سيشتران ما ينقصها من مكملات..
وبعدما أنهى وليد امتحانه وكان يسير جانب أسر وتحدث: تعالى معايا بليل عشان اشوف البدلة يخربيت الزنقة بجد، مزنوق في تجهيزات فرحي ومزنوق في المنهج، مش عارف أنا إيه ده!!
_ ما انت اللي اتسرعت يا وليد أوي يعني كنت خليك بعد الامتحانات باسبوع كده مش نخلص الأربع والفرح الخميس!! إيه كله ضرب ضرب
_ خلينا نخلص من الزنقه كلها دفعة واحدة وبعد كده نرتاح بقى
_ اللي تشوفه، هتعمل فرح إسلامي؟؟
_ اكيد
_ مش جاي فرحك
_ احسن
_ يا وليد عاوزين نرقص،
_ هرقصك على الطبلة
_ لا شكرا عايز ارقص على شاكوش
_ بسيطة شاكوشك معاك وتعالى ارقص عليه في نص القاعة محدش هيقولك حاجة
_ ظريف ياض ظريف
_ بجد والله! إيه شاكوش ده؟ عته في فرحي مش عايز
_ يوه دا انت رخم
قاطع حديثهما صوت هاتف وليد الذي أخذ يصدح، أخرجه ونظر ليرى من، وجدها زوجته استقبل المكالمة وهتف: إيه يا روحي؟!
هتفت وهي واضعة أحد الماسكات الطبيعية: عملت ايه في امتحانك يا قلبي؟!
_ الحمدلله كان اسهل من اللي فات بكتير حليت حلو
_ طب يا حبيبي كويس، هقفل عشان مشغولة قلت بس اطمن عملت ايه
_ ماشي يا حبيبي خلصيى ورني عليا سلام
ما إن أنهى المكالمة، حتى وجد آية تقف أمامه وعلامات الغضب تظهر على وجهها، تعجب من تعبيرات وجهها واردف في استغراب: مالك يا آية انتي كويسة؟ طارق كويس؟؟
_ عايزاك شوية لوحدنا ممكن
_ طب همشي أنا يا وليد
ذهب أسر، وما إن ذهب حتى أردف وليد: خير يا آية بقينا لوحدنا اهو في إيه؟؟
_فرحك انت و شاهستا امتى؟؟
_ بعد خمس تيام بقالي مادتين وهي مادة
_ حلو..
_ جايه تقوليلي مبروك؟؟
_ لا جاية اقولك حقيقة عن شاهستا...
            *******
بس كده متنساش تقول رايك وتوقعاتك واتفاعل عشان بفقد الشغف منكم
دمتم بخير
# سلمى خالد احمد









الجعة يشوبها الأخلاق حيث تعيش القصص. اكتشف الآن