الحادي عشر ( الجزء الثاني)

3.2K 162 23
                                    

لو سمحتم اقرأوا كل كلمة بكتبها في البارت علشان بترجعوا تسألوني في تفاصيل وأحداث اتذكرت وده بيدايقني لأني ذكرتها نصا وأنا جيباها ليكم وتعبت فيها مش علشان تعملوا ليها اسكيب!

ازيكم عاملين ايه

جاهزين؟؟

يلا نبدأ
جاهزين؟؟
يلا نبدأ



_ هو حضرتك متعرفش إنها حامل في الشهر التالت وماشية في الرابع؟

تحدث الطبيب في استغراب

_ كمان!! طب يلا يا دكتور مع السلامة أنت دلوقتي
_ هركبلها المحاليل بس و
_ بلا محاليل بلا زفت، يلا يا دكتور مع السلامة

يتحدث وهو يدفع الطبيب إلى خارج المنزل، وبالفعل أخرجه وغلق الباب في غضب شديد ثم صرخ في غضب أكبر:
_ جومانة!

ودخل الغرفة التي هي بها وهجم عليها متشبثًا بخصلات شعرها
صرخت المنهكة صراخ ضعيف وأمسكت بيدها المرتجفة يده محاولة أن تخلص شعرها منه، كان يشدد عليها المسكة وهو يردد صارخًا:
_ حامل من مين يا رخيصة يا سهلة اتكلمي يا بت اتكلمي سمحتي لمين يعمل كده يا قليلة الأدب والرباية


كانت تحاول بكل الطرق أن تبعده عنها وعن شعرها وصرخت بنبرة صوت مضطربة من أثر التوتر:
_ هفهمك والله هفهمك بس سيب شعري بالله عليك والله ما قادرة أطلّع حتى الصوت

صرخ غير متفهمًا:
_ هتقوليلي ايه! حبيته وضحك عليا!! يا زبالة يا حقيرة يا....

قاطعته صارخة:
_ أنا اتعرضت لاغتصاب


ترك شعرها وعقد حاجبيه في عدم استيعاب ولفظ:
_ إيه!

ازالة دموعها وردت:
_ هو ده اللي حصل
_ يعني انتي عايزة تقوليلي إنك اتعرضتي لاغتصاب من تلات شهور تقريبا وحامل وساكتة!

تحدث بعدم تصديق.

هزت رأسها مؤكدة ثم قالت والدموع حبيسة داخل عينيها:
_ آه، ومحدش يعرف حاجة ولا حتى مامي ولا بابي... بص على وشي أنا بقالي تلات شهور بنزف مش بعيط بس من ساعة اللي حصلي، ولسه أصلا مكتشفة من مدة صغيرة أوي إني حامل كنت فاكرة إن كل التعب ده نفسية بعد اللي حصل، بس...بس...بس

قاطعتها دموعها المنهمرة على خديها، ضمها إلى صدره وأخذ يربت على ظهرها وهو يقول:

_ بس يا ماما اهدي انتي بس قوليلي مواصفات الحقير ده علشان أخلي أمه تقرأ عليه الفاتحة


بكت بشدة داخل حضنه وتمنت للحظة أن تكون قد تعرضت للاغتصاب بدلًا من ذلك الكذب، لتصبح ضحية لا جانية.

أخذ يلمس بأطرافه شعرها وتحدث:
_ الموضوع ده حصل ازاي ومين وامتى قوليلي كل حاجة



ابتعدت عن حضنه وتطلعت إلى عينيه وأطرقت تبتكر موقفًا و تؤلف قصةً، فهي بارعة في ذلك، واستطاعت أن تجعله يصدقها بسهولة لأنها ممثلة جيدة بالإضافة إلى أنها تعاني بالفعل، وعقب مرور دقائق معدودة تكلمت:
_ كنت راجعة من الجامعة وفي عربية كبيرة سودا اعترضت طريقي وكنت في طريق مفيهوش حد وخرج شابين طول بعرض كده، واحد فيهم شدني على العربية والتاني حط أيده على بؤي علشان مصرخش.. وبعدها

ابتعلت ريقها و أخذت تزيل السائل الخارج من أنفها في المنديل الورقي وتابعت:
_ وبعدها ودوني مكان كده كله ضلمة وبعدها حصل اللي حصل.. أنا مش عارفة ليه عملوا كده ولا حتى قادرة أحدد ملامح وشهم


وضع وجهها بين كفيه وهتف في نبرة صوت تحمل في طياتها الحنان:
_ طب اهدي متزعليش نفسك كل حاجة هتتحل
_ إيه هيتحل؟
_ متخافيش أنا معاكي هفضل معاكي وهروح الشارع ده وهجبهم و
_ أسامة أنا مش عايزة شوشرة ولا عايزة أي حد من العيلة يعرف أرجوك


عقد حاجبيه في استغراب وهتف:
_ ليه يا جومانة؟ حبيبتي انتي ضحية انتي مظلومة محدش هيدينك

تحدثت في سخرية:
_ تفتكر عمو محرم باباك هينصفني؟ ولا هيقولي انتي اللي اديتي فرصة للشباب دي تبصلك؟ أصل أكيد لبسك كان ملفت أكيد كنتي راجعة في وقت متأخر لوحدك أكيد لو ماكنتيش نزلتي للعلم والجامعة ماكنش ده حصل و لازم في الآخر هطلع غلطانة

أطرق لأنه يعلم أن ذلك بالفعل رأي وتفكير والده، تابعت:
_ أنا مش عايزة فضايح للعيلة لأنك لو لاقتهم هتقتلهم وهتروح في داهية يا إما هتبلغ فيهم وفي الحالتين هتفضح وأنا مش عايزة كده لأن عارفة إن محدش من عيلة الحسيني هيقف معايا كله اللي هكسبه من الحوار فضيحة ونقد لتربية أهلي وبس

_ جومانة انتي بتقولي إيه! أنا مش مصدق إن جومانة المدافعة الأولى عن حقوق المرأة وطلب الحريات تتكلم كده! جومانة هما مسرقوش منك عشرة جنيه، دول سرقوا عرضك وشرفك وسعادتك وسُمعتك، وانتي عايزة تعدي الموضوع كده عادي!!


تمتمت في قهر:
_ هو فعلا سرق مني كل ده

ثم تحدثت بصوت مسموع:
_ أرجوك يا أسامة دي رغبتي أرجوك احترمها، أنا مش قادرة أسمع نقد ولا حاجة ولا قادرة أواجه، ومتخلنيش أندم إني قولتلك وكنت سبتك قتلتني يا عم


وضع إصبعه على شفتيها وتحدث:
_ هوش بس اسكتي أنا مش هخليكي تندمي إنك قولتيلي خالص والأزمة دي هنتخطاها مع بعض، الطفل ده لازم ينزل هقف جمبك لحد أما العملية تنجح وكله يبقى تمام

ابتسم ووضع وجهها بين كفيه وتابع بنظرات تظهر بها تلك اللمعة:
_ جومانة أنا بحبك، بحبك أوي مش ببطل تفكير فيكي كل يوم علشان كده كنت هتجنن أما عرفت إنك حامل، أنا معاكي في كل الخطوات والموضوع هيفضل سر بينا بس بردو مش هتنازل عن حقك حتى إن اتنازلتي انتي عنه لأن شرفك هو شرفي وعرضك هو عرضي أنا ابن عمك وانتي حبيبتي

أبعدت يداه عن وجهها وتحدثت:
_ ابعد عني يا أسامة بلاش تورط نفسك معايا وخلي ده سر بينا من بعيد
_ جومانة تقبليني مرة واحدة واديني فرصة ارجوكي أنا والله العظيم مهووس بيكي من زمان وكل يوم بتخليك معايا في بيتي أنا ماصدقت إن وليد بعد عنك، أنا كنت غيران إن هو اللي مرتبط بيكي وهياخدك وكنت بدعي كل يوم حاجة تحصل ومتكملوش وأهو ربنا استجاب لدعائي

_ أسامة أرجوك بلاش أنا مستحقكش
_ لا، تستحقيني وتستحقي أفضل راجل على الكوكب كمان، أنا مش عايزك تقرفي من نفسك انتي مغلطيش دي كانت حادثة انتي ملكيش أي ذنب فيها

ارتمت داخل حضنه تبكي في صوت عالي، يربت على ظهرها محاولًا أن يجعلها تهدأ...
             *******
انتهت مدة الاختبار وخرج الطلاب من اللجان ومن بينهم شاهستا والتي سرعان ما طلبت رقم وليد ووضعت الهاتف على أذنها تنتظر الرد وبجوارها آية تسير في صمت.
_ ألو
استجاب لمكالمتها، فردت:
_ ألو يا حبيبي، أنا أهو خلصت الامتحان ولسه خارجة حالا من اللجنة
_ ماشي يلا على البيت وهتابع معاكي وصلتي لفين
_ تمام يا روحي


أنهى المكالمة من عنده مما جعلها تتأفف، فنظرت إليها آية وتحدثت:
_ في إيه؟
_ مش عارفه أنا معاملة العبيد دي هتخلص امتى!
_ معلش يا شاهستا انتي غلطك ماكنش هين اتحملي شوية طريقته
_ مش متعودة على الطريقة دي أنا!
_ حصل حاجة بينكم امبارح؟

نظرت إليها في ضيق وهتفت:
_ اسكتي متفكرنيش باللي حصل امبارح
_ ليه؟
_ خسرت فرصتي، كان هيحصل وكنت هرجع ووليد كان ضعف وداب كمان، تقوم الزفتة أخته اللي معرفش جت منين تخبط وتقطع كل حاجة

_ عادي اللي خلاه يضعف مرة يخليه يضعف التانية، وبصراحة يا بنتي انتي متتقاوميش، جمال ودلال وحلاوة وايه

_ حياتي اللي مشجعاني ديما كل الحب والتقدير

_ طب أنا مش مروحة أنا هروح أقابل طارق

_ طب هطير أنا علشان وليد بقى يحاسبني ويكاتبني

_ طب يلا سلام


وشقت كل منهما طريقًا مختلفًا عن الأخرى وأثناء سير شاهستا اعترض طريقها فايز، توقفت ناظرة إليه تشبّه عليه وتحدثت:
_ أنا فاكرة إني شفتك قبل كده صح؟
_ صح، فايز الدكتور المعالج لمنة مصطفى
_ آه افتكرتك، آسفة مش هعرف اتكلم معاك لأن ورايا معاد
_ بس اللي أنا عايز أتكلم فيه مهم
_ أنا متأسفة بس ده ممكن يعمل مشكلة بيني وبين جوزي..
_ جوزك؟

ابتسمت وردت:
_ اه، فاكره! وليد شعبان قولتلك مرة مقدرش أفطر من غيره، كنا حتى في رمضان.. مريضتك حاولت توقع بينا وحصل سوء تفاهم بس أنا حاليا في بيته... أسمع يا دكتور فايز محدش هيقدر ياخد مني وليد، خاف على مريضتك منه لأنه بيعشقني عشق وبيضعف قصاد نظراتي ونبرة صوتي، وهو مش بيحبها خالص وهي كده هتتأذي أكتر.. شاهستا ووليد إلى ما لا نهاية علامة الانفنتي لو تعرفها


وبينما هي تتحدث مع فايز، كانت منة تقف على بعد ترميهما بنظرات ثاقبة حادة


ابتسمت شاهستا واردفت ناهية الحديث:
_ كان نفسي أقف معاك اكتر بس جوزي محتاجني جدا معاه، عن إذنك


انصرفت، أخذ يتبع أثرها وهو يتنهد من صعوبة ما ستواجهه الفتاة مع ذلك الثنائي الذي لا يُقهر وبالأخص تلك الفتاة العنيدة والتي تأبى بشدة ترك وليد، والتفت خلفه فوجد منة قد ظهرت فجأة أمامه، اختض شاهقًا وتكلم:
_ منة! انتي بتيجي من تحت الأرض ولا إيه؟!
              *******

وصل العريس وأمه برفقة وليد ووالده وكان في انتظارهم كلًا من محرم و سيد وتهاني.
رحب الجميع ببعضهم البعض ثم دخلوا غرفة استقبال الضيوف، وما إن جلس الجميع؛ تحدث محرم موجهًا حديثه إلى أسر ووالدته:
_ نورتونا يا جماعة والله

ابتسم له أسر ورد:
_ البيت منور بأصحابه يا عمي

فتدخلت تهاني والتي ارتمست على شفتيها ابتسامة عريضة منذ أن وصل العريس:
_ ده إحنا زارنا النبي

فحدق لها محرم بنظراته الثاقبة حتى تخرس، وبالفعل سكتت بعدما شعرت بالإحراج، وعليه عاد محرم إلى الحديث تارة أخرى:
_ عرفني على نفسك أكتر يا ابني... مثلا بتشتغل إيه والدك فين وهكذا..

_ أنا يا عمي لسه طالب بس خلاص بمجرد ما هخلص امتحانات إن شاء الله هكون خريج، بشتغل شغل أونلاين حر ومرتبي منه كويس قادر أصرف منه على نفسي وعلى أمي وقدرت أجهز بيه نفسي، بالنسبة لوالدي فهو مات من زمان وأهلي كلهم بُعاد، في منهم بره مصر وفيه منهم في محافظات بعيدة والتعامل معاهم مش أحسن حاجة بمعنى أصح هما في حالهم واحنا في حالنا

_ فهمت، بس ليه التعامل مع عيلتك مش أحسن حاجة؟ هل في مشاكل عائلية كبيرة وكده؟

تدخلت سامية والدته هاتفة:
_ لا خالص ربنا ما يجيب مشاكل بس سالم والد أسر الله يرحمه كان متزوج من ست تانية غيري مراته الأولى يعني وهي كانت من البلد وحصل خلاف بينه وبينها راح طلقها وجيه القاهرة عاش فيها واتعرف عليا واتجوزنا، ومن ساعتها و جد وجدة أسر كانوا بيحاولوا يرجعوه ليها تاني لأجل عيالهم وكده ولكن هو مرضيش خالص ولا رضي يطلقني فغضبوا عليه وعليا أنا وابني وقاطعونا بس قبل ما سالم يموت صالحهم والدنيا هديت بس الأجواء مش أحسن حاجة بينا لكن فيه تعامل عادي


نظر إليها أسر في ضيق وهمس جانب أذنها:
_ لازم يعني تحكي قصة حياتنا للناس؟ إيه يا ماما اللي انتي قولتيه ده؟!
_ علشان نكون على نور من الأول
_ نور إيه بي! انتي ضلمتي الدنيا

ثم تنحنح وتابع بدلًا من أمه:
_ طبعا يا عمي عاليا ملهاش دعوة بكل الحوارات دي، أنا شقتي في القاهرة وحياتي كلها هناك وتعاملي مع عيلتي مش وحش والحمدلله الأوضاع مستقرة


ابتسم محرم ثم نظر إلى شعبان وقال:
_ بما إن أسر ابن حتتك زي ما بيقولوا فأنت أدرى واحد بيه، قولي كده إيه رأيك فيه يناسب بنتنا؟

ابتسم شعبان ورد وهو ينظر إلى أسر:
_ حقيقي أحنا عمرنا ما هنلاقي شاب يليق ويصون بنتنا زيه، أسر أخلاق وشهامة ورجولة..

ابتسم أسر وربت على صدره وهو يقول:
_ حبيبي يا عمي يا أبو وليد

تابع شعبان حديثه إلى محرم:
_ والله ومش لأجل إنه قاعد، أسر فعلا يعتبر تربيتنا وشبهنا كده وتحسه مننا


تدخلت تهاني في الحديث وهي لا تزال تبتسم:
_ جميل جميل ده شكلنا اتفقنا اهو الحمدلله

رمقها محرم تارة أخرى بنظراته الثاقبة فسكتت، ثم هتف:
_ روحي يا تهاني نادي للعروسة خلينا نتكلم في باقي التفاصيل وهي موجودة


نهضت في فرحة عارمة وخطت خطوات سريعة نحو الخارج وهي تقول د:
_ حاضر من عنيا


اقتربت سامية من أسر وهمست جانب أذنه:
_ هي الست أمها دي مالها فرحانة كده ليه؟ هي أول مرة تشوف عريس؟

_ مش عارف، سيبك منها




في غرفة عاليا والتي يبدو عليها الفوضى، ملابس موضوعة على السرير وأخرى على الكرسي وبالإضافة إلى أدواتها الملقية في كل مكان، وتحدثت ما إن انتهت من تجهيز نفسها ناظرة إلى أختها:
_ حلوة صح؟ بالله عليكي يا عاليا حلوة صح؟
_ يا قلبي والله زي القمر والله، يلا بقى يا عاليا بقالك خمس ساعات بتقيسي و مسحتي المكياج أكتر من مرة يلا بقى


ودخلت تهاني الغرفة قاطعة حديثهما وتحدثت:
_ يلا بقى يا عاليا يلا، والله كده زي الفل كمان

_ بجد يا ماما؟
_ بجد يا قلبي


ابتسمت عاليا واطلقت زفيرًا طويلًا تستجمع قواها، ثم خرجت من الغرفة وأعطتها أمها الصينية التي فوقها أكواب القهوة ودخلت قبلها بعدة خطوات، ابتسمت عاليا ونظرت إلى رضوى النظرة الأخيرة قبل أن تدخل فابتسمت لها رضوى الواقفة على بعد وأشارت إليها بيدها.
دخلت عاليا ملقية التحية على الجميع وهي تحمل الصينية والتي تشعر أنها على وشك أن تسقط من يديها من شدة التوتر، قام وليد في سرعة واقترب منها وهتف في ابتسامة وهو يمد لها يده حتى يأخذ عنها الصينية:

_ هاتي عنك

ابتسمت وأعطتها له، حملها عنها وقدم للجالسين، مشت على استحياء وجاورت والدتها، ينظر إليها أسر في ابتسامة عريضة مبديًا إعجابه بها، اقتربت منه سامية والتي كان لها رأيًا آخر في عاليا وهمست:
_ واد يا أسر، بقى هي دي اللي أنت اخترتها؟ بقى من زينة لدي؟
رد مخرجًا الأحرف من بين أسنانه:
_بس يا ماما بس
_ حاضر


تحدث محرم موجهًا حديثه إلى أسر:
_ بص يا ابني أنا كخالها و المسؤول الأكبر عن شؤون عيلة الحسيني معنديش مشكلة مادام أنت شاب كويس واخويا شكر فيك، بس ليا كلام تاني وده هأجله لحد أما أسمع رأي العروسة الأول في الموضوع


نظر محرم إلى عاليا وهتف في ابتسامة:
_ رأي بنتنا إيه؟


أحمر خديها للغاية من الخجل وألقت نظرها إلى الأرض، ومرت دقائق معدودة على صمتها ثم تحدثت في صوت خفيض مضطرب من أثر الخجل:
_ طالما حضرتك موافق يبقى أنا هرفض ليه؟ حضرتك أدرى يعني.. و...

اطرقت... ابتسم محرم وتحدث:
_ يبقى على خيرة الله، يا ابني أنا هوافق بس على خطوبة مؤقتة وفي حين ما اطمن من ناحية عملك أبقى أكتب كتابك عليها، مقدرش اديك بنتي وأنت مش عندك وظيفة ثابتة أو على الأقل وظيفة راتبها مجزي، فانتوا هتبقوا مخطوبين بس لحين ما تتخرج أنت براحتك وتتوظف

_ تمام يا عمي حقك طبعا وحقها، وأنا شبكتي جاهزة وأي طلبات عندكم أنا معاكم وفي بس حاجة صغيرة كنت حابب اوضحها، أنا كنت كاتب كتابي على بنت قبلها بس كان مجرد كتب كتاب وانفصلنا يعني وطلقتها بس كده

_ تمام مفيش مشكلة، بالنسبة لشقتك كام اوضة وايه نظامها؟

_ أنا ساكن في عمارة قريب من حي الجمالية، عايش في الدور الرابع من العمارة واللي فيه شقتين قصاد بعض، شقة عايش فيها أنا ووالدتي والشقة التانية مقفولة علشان أما اتجوز، وتقريبا شقتي جاهزة من كله لأني زي ما وضحت لحضرتك قبل إني كنت كاتب كتابي على غيرها، ولو عاليا طبعا عايزة أي تعديلات على الشقة أنا معاها هي ليها كل الحق تختار الحاجات بتاعتها ولو معجبهاش الدهب بتاع مراتي الأولى فأنا هبدله بحاجات تانية تكون ذوقها


_ تمام مش مشكلة مش هنختلف على الحاجات البسيطة دي إن شاء الله

وهنا دخل رمضان وألقى التحية عليهم وجاور شعبان، وأثناء كل تلك الفوضى صدح صوت هاتف وليد، أخرجه من جيبه فوجد المتصل شاهستا ( رفيقة الدرب)، فقام من مكانه وخرج ووقف في الصالة واستجاب للمكالمة هاتفًا:
_ السلام عليكم
_ وعليكم السلام يا حبيبي، أنا وصلت البيت أهو حابب أصور لك؟
_ لا مفيش داعي ماما هتأكدلي

تنهدت وردت:
_ ماشي يا وليد، قدامك كتير وتيجي ؟
_ ملكيش دعوة سلام


أنهى المكالمة معها، نظرت إلى شاشة الهاتف و زفرت في ضيق ثم ألقت الهاتف بعيدًا وجلست على الأريكة وتحدثت مع نفسها:
_ نذاكر بقى شوية يا شاهستا علشان أما وليد يرجع تزهقيه في عيشته..


وبعدما أتفق الجميع على كل الشروط أخذوا يتلون سورة الفاتحة، تتلو عاليا الفاتحة وقلبها ينبض بالفرح والسرور شاكرة الله على أنعمه وفضله، و أمن الجميع وعليه تحدث أسر في قليل من الخجل:
_ بس تسمح لي يا عمي أقعد أنا وعاليا شوية مع بعض نتكلم؟


تضاربت نبضات قلبها ما إن سمعت طلبه وبدأ جسدها يرتعد من التوتر وأخذت تهدئ نفسها:
_ بس بس اهدي شش شش.. يارب خالي يرفض يارب يرفض

ابتسم محرم ورد:
_ معنديش مشكلة بس في حضورنا يعني هسمح لك بس تاخد جمب بعيد عنا لكن مش هتخلي بيها
_ اه طبعا اكيد فاهم

ضربه وليد بخفة على كتفه وتحدث:
_ مبروك ياض ربنا يجعلها آخر قراية فاتحة علشان أنا زهقت منك


احتضنه أسر في ابتسامة عريضة وتحدث:
_ الله يبارك فيك ويجعلها آخر طلقة إن شاء الله معاك ومعايا

ضحك وليد ثم قال:
_ بنت عمتي في عينك يالا وإلا بص هبهدلك
_ مقدرش يا عم دي هتبقى حياتي دي
_ احترم نفسك يا أسر أنا قاعد
_ طب قوم امشي يا وليد دورك خلص

نظر إليه وليد في برود ثم رد:
_ خيرًا تعمل شرًا تلقى صح!

             ******
ذهبت جومانة إلى مقر التصوير التابع لأمير حتى تطلب الطلاق وتفسح العقد كما أخبرتها شاهستا.
وأثناء دخلوها المقر سمعت أصوات صاخبة وضحكات عالية، توقفت لحظة وألقت بصرها عن بعد حتى ما يحدث، فوجدت أمير يجثو على إحدى ركبتيه و يسند جسده على الأخرى يبتسم ابتسامة عريضة وفي يده عبلة بها خاتم صنع من الألماس يقدمه إلى سها الواقفة أمامه تضع يدها على فمها في فرحة والجميع يصطف حولهما على شكل دائرة يصفقون لهما يلتقطون الفيديوهات والصور، وتحدث حبيبها الخائن طالبًا من عشيقته الزواج:
_ سها تقبلي تكوني مراتي، تقبلي تتجوزيني؟

هزت رأسها مؤكدة ثم صاحت في فرحة عارمة:
_ طبعا موافقة موافقة


استقام وجذبها إلى صدره فصفق الجميع وأخذوا يهتفون لهم، وبين الهتاف والصياح حملها من خصرها وطاف بها عدة مرات، تصل ضحكاتها بشكل جيد وواضح إلى تلك التي تقف في الخلفية تموت غيظًا ويكد قلبها أن ينفطر من شدة الحزن كلما تذكرت أنه فرّط بها، فشعرت بغصة في حلقها ونيران تأكل جسدها ونغزه قوية أصابت فجأة بطنها، ولكنها ابتلعت ريقها وحاولت أن تستجمع قواها حتى تذهب إليه وهي قوية لا يؤثر بها شيء ولكن قدميها خانتاها وأبتا أن تحملها إليه وأخذتا ترتعدا من هول الصدمة، فتراجعت إلى الخلف كما هي وشعرت بضعفها وقلة حيلتها للمرة الألف على التوالي.
ولما شعرت أنها ستبكي حاولت أن تمنع دموعها.. فأمطرت.

وفي سرعة أخذت تهرب من المكان كله وكلما سارت نحو الخروج، تذكرت المشهد الملعون الذي رأته قبل قليل، فيزداد بكاؤها و ارتعاد جسدها تهرب، تركض، تود أن تذهب من هنا فهي تكره أن يراها أحدهم في ذلك الوضع
والجدير بالذكر أن " أقسى أنواع الخيانة هي التي تأتي من شخص كنت تعتبره جزءً من روحك." وعليه شعرت بانسحاب روحها منها فجأةً.
كما أنها أيضًا "كالسهم الذي يخترق القلب فيقتل الحب ببطء ثم تقتل الروح قبل أن تقتل الجسد فتجعل الروح في أدنى صورها و أبشع حالتها".

وقد عرّفت جومانة الخيانة من خلال تجربتها بأنها " تجرح الروح بأقسى الطرق وتترك في القلب أثرًا لا يُمحى."، كما عرّفها وليد من قبل "خيانة الثقة هي طعنة في الظهر تستحق ألف جرح." وأضاف "كلما كانت الثقة أعمق، كلما كانت الخيانة أقسى."
كما أوضح  خطر آثار الخيانة وما يترتب عليها من وجع مؤكدًا "عندما يخونك أعز الناس، تصبح الثقة جريحة لا تندمل."
وأضاف أسر إلى القاموس واصفًا الخيانة على أنها" تجعل القلب يعيش في عالم من الشك والألم والحسرة"....

               *****
_ بردو مش هتقولي لي زعلانة مني ليه ومش عايزة تكلميني؟

تحدث فايز وهو يسير بجانب منة داخل الحرم الجامعي

اطرقت... ثم قررت أن تجيب وعليه تحدثت:
_ أنت كنت تعرفها من امتى؟
_ هي مين؟
_ والله؟!
_ منة أرجوكي وضحي كلامك أكتر

توقفت فجأة بينما كانت تسير، وصاحت في ضجر:
_ البنت اللي كانت واقفة بتكلمك قبل ما أتخلق أنا قدام وشك، تعرفها منين؟ كده فهمت ؟

_ ولا أي حاجة ولا أعرفها حتى، أنا لقتها خارجة من مبنى كلية الإعلام؛ كليتك فوقفتها اسألها خلصتوا الامتحانات ولا لا علشان أنا كنت جاي اطمن عليكي، وحتى سألتها الامتحان كان سهل ولا إيه وكده


رفعت أحد حاجبيها وهي تنظر إليه غير مصدقة ما يقوله وقالت:
_ اه وبعدين ؟
_ ولا قبلين خلاص كده قالت لي اه خلصنا والامتحان كان حلو بالنسبة لي، فشكرتها ومشيت، إيه بقى مشكلتك؟

توقف عن الحديث برهة ثم تابع بعد حين:
_ وبعدين انتي بتسأليني ليه؟ غيرة دي ولا إيه ؟

ردت في ثقة:
_ولا أي حاجة، أنا بس كنت بسأل عادي وبعدين أنت كمان احيانا كتير بتتدخل في حياتي الشخصية وبتسأل عادي صح؟

_ اه بالمناسبة عملتي إيه في حوار عريسك ده؟

_ هتجوزه بعد الامتحانات

نظر إليها في شفقة بعدما علم أنه قد عاد إلى شاهستا مرة أخرى فكلما أخبرها أنه سيتزوج بها عقب الامتحانات، خدعها وساءت حالتها تارة أخرى، زفر فايز في ضيق شاعرًا بتعسر موقفه وتحدث:
_ منة ارجوكي أبوس ايدك سيبك من وليد، علشان خاطر أي حاجة سيبك منه

عقدت ذراعيها أمام صدرها وهتفت:
_ هو أنت بتتكلم بثقة كده ليه كأنك تعرفه ؟؟
_ يكفي إني عارف أنه مش بيحبك.. يا منة افهميني أنا وانتي اتخدعنا قبل كده وعشنا أيام صعبة فاكرة أما كنا في فرنسا وحكينا لبعض حكايتنا؟! أنا وأنتي محتاجين اللي يعوضنا يحبنا بجد ياخد بأيدينا لأننا مش ناقصين صدمات تانية ووليد...

قاطعته هاتفة:
_ وليد أكتر شخص حنين شفته، وليد هو اكتر شخص يناسبني.. أنا عارفة إنه مش طايقني وإني عملت حاجات كتير تزعله بس لو بقيت مراته هكون حاجة تانية هتغير علشانه و هسمع كلامه

_ اتغيري لنفسك يا منة الأول قبل ما تتغيري علشان وليد، يعني لو مقتنعة بالحجاب ألبسيه لو شايفة إن تفكير ومعتقدات وليد صح اعتنقيها متقعديش مستنية وليد يتحوزك لأن انتي كده بتكدبي على نفسك أولًا، ولأن كده انتي مش عايزة تتغيري انتي كده بتلعبي وهتتعبي

زفرت في ضيق وتقدمت عدة خطوات سابقة إياه وصاحت:
_ قولتلك بقى أسكت ومتقعدش تتكلم في الحوار ده أنا هتجوزه وهعيش معاه وهخلف منه كمان


تنهدت ثم تمتمت:
" لازم أوصل لحاجة اتمنتها في يوم لازم أحقق حاجة في حياتي لازم أكون مع راجل حبه قلبي بجد ومتأكدة أنه عمره ما هيخوني... أنا مع وليد هحس بالأمان لأنه وفي لأبعد درجة وده اللي أنا نفسي فيه..."

              ******

انفرد أسر بعاليا في أحد أركان الغرفة، وعقب مرور دقائق من الصمت تحدث في ابتسامة:
_ آنسة عاليا... يا آنسة

رفعت إليه رأسها في بطء واستحياء وردت في صوت خفيض:
_ نعم..

ابتسم بشكل أكبر ورد:
_ والله أحلى نعم سمعتها في حياتي

أمالت برأسها تارة أخرى جهة الأرض وأحمر خديها من شدة الخجل، تابع:
_ انتي عارفة أنا هنا النهاردة ليه صح؟
ابتسمت وهزت رأسها نافية، ابتسم وتابع:
_ يا سلام! بقى متعرفيش أنا هنا النهاردة ليه؟

هزت رأسها نافية للمرة الثانية، مما جعله يبتسم لأنها تمزح معه وقد علم ذلك وعليه أردف:
_ ماشي يا ستي أنا هقولك أنا هنا ليه

صمتت تنتظر ما سيقول، تابع:
_ بصراحة كده يعني يا آنسة عاليا أنا.. أنا.. كنت يعني

تبتسم ويشتعل الاحمرار من خديها بشكل أكبر وتتسارع نبضات قلبها أكثر، تابع هو في ابتسامة عريضة:
_ أنا كنت معجب بيكي وعايز و عايز...

رفعت له رأسها في استحياء حتى تسمع ما يريده وهي تبتسم، تابع ناظرًا إليها:
_ عايز يبقى ليكي مكان في مدافن العيلة، إيه رأيك ؟

اختفت معالم الابتسامة من على شفتيها ونظرت إليه في استغراب وتحدثت:
_ إيه!!
           *******
كانت شاهستا تذاكر بجد وتدون ما هو مهم وأثناء المذاكرة شردت بعيدًا في المستقبل، فابتسمت ووضعت يدها على بطنها وتحدثت:
" لو البيبي جيه ولد هسميه إيه يا ترى ؟ أنا محتارة بين اسمين أو لا دول طلعوا تلاته، يا ترى يا روح مامي هسميك إيه؟ مروان ولا يوسف ولا تَيم؟ "

وضعت اصبعها تحت ذقنها تفكر ثم تابعت حديثها:
" يلا نجرب الأسماء على اسم بابي كده؟
مروان وليد شعبان ولا يوسف وليد شعبان ولا تيم وليد شعبان؟

طب نسبنا من الاسم الكامل خلينا أما يبقى شاب ويكبر لو بقى اسمه مروان تحسه لايق على الأطفال أكتر كده، أما يوسف....

صمتت برهة ثم تابعت حديثها مع نفسها كأنها انتبهت إلى شيئًا ما فجأة:

" هو يوسف لأن الاسم ده هو اسم اكتر سورة بحبها أنا ووليد، سورة يوسف وكمان دي أول سورة يقرأها وليد عليا فهيكون تحفة وسكر ابننا وهو اسمه يوسف"

وقاطع حديثها مع نفسها دخول وليد الشقة، ابتسمت ونظرت إلى الساعة فوجدتها الحادية عشر قبل منتصف الليل.

قامت من مكانها كي تستقبله وتحدثت:
_ وحشتني موت على فكرة

تجاهلها واتجه نحو الغرفة كالعادة، دخلت له الغرفة وتحدثت في ابتسامة عريضة:
_ عندي ليك خبر وحش بالنسبة ليك وسكر بالنسبالي

زفر في ضيق وأخذ يخرج الملابس من الخزانة، تابعت:
_ هنا نامت، مش هي دي اللي أنت كنت جايبها تحميك مني؟
Thanks God    نامت

_ بت روحي نامي واصطبحي وقولي يا صبح

_ ماشي هنام بس في حضنك النهاردة

اتجه نحوها في سرعة مليئة بالغضب و أمسكها من ذراعها وهتف محدقًا في عينيها:
_ انتي ليه بتفهي من اللي عملتيه؟ ليه عايزة تعديه كأنه عادي؟ كأنك مخونتيش كإن شيئًا لم يكن ؟ ليه؟ شيفاني طرطور ولا إيه؟ اه الشرع أمرني إني اخليكي في بيتي طول فترة العدة آه هفضل أنفذ أوامر وأحكام ربنا حتى وإن الجميع بقى مش بيعمل كده أو بقى عادي بالنسبة للكل، وجودك هنا هو طاعة لله وتطبيق الشريعة ووجودي فهو لملاحظتك ورعاية اطفالك لو احتاجتي لده، فبلاش كل شوية الحركات بتاعتك دي علشان مش هي دي اللي هتخليني أرجعك.


أنهى كلامه معها بتلك الطريقة ثم اتجه نحو السرير وجلس عليه وأخذ يطلق زفيرًا مرات متتالية يهدأ تارة ويتحكم في غضبه تارة أخرى.

اتجهت نحوه في بطء ثم جثت على أرضية الغرفة أمامه، وأمسكت بكفي يديه و قبّلت اليمنى أولًا ثم اليسرى ثانية، وما إن انتهت من تقبيل يديه حتى ظلت ممسكة بهما وتحدثت بعينين يملأهما الحزن والندم:
_ يا وليد هو الغلطان ده يولع في نفسه؟ ملوش أي حلول تانية؟ أنا فهمتك يا حبيبي إني كنت جاهلة والله جاهلة وحقيرة ومنحطة ونسخة كرهت إني كنتها في يوم..
يا وليد أنا أما اتقهرت سنين بسبب منة وعمر بدون سبب فجأة خسرت حبيبي وصاحبة عمري ومعرفش السبب هل كل ده علشان كنت بقولها رامي بيخونك؟ طب والله ما بكدب ده كان حقير فعلا.
بالنسبة لواحدة زيي لا اتربت على الحلال ولا الحرام ولا اتربت على إن الحاجة اللي عايزاها متجلهاش، بابي كان محققي لي كل حاجة في الدنيا، واحدة فجأة أكتر اتنين قريبين من قلبها بعدوا وقرروا هما يرتبطوا، تخيل صاحبة عمري ترتبط بحبيبي والله كنت هموت من القهر أيام وليالي وأنت جيت في طريقي وأنا عامية مش شايفة حرفيا مش شايفة

قررت ألعب عليك واللعبة دي كانت مؤقتة جدا بالنسبة لي كنت مخططة ومتفقة مع آية إني مش هخليك تلحق تحبني وتتعلق، صدقني أنت جيت في طريقي صدفة، مثلت علشان أقدر أوصل وأقسم بالله يا وليد أنا كل يوم كنت بحبك اكتر من اليوم اللي قبله، ولما منعتك عني مش علشان مخططة أرجع لعمر لا، علشان كنت عارفة إن كده كده هطلق مامي وبابي وكله قالي مش مناسب وهتسبيه وإلا، وآخر مرة قابلت فيها عمر كنت بحاول ارجع شاهستا القديمة شاهستا بتاعت الديسكو شاهستا اللي ماكنتش تعرف ربنا علشان اتأقلم

بس أنت كنت خلاص سبت أثرك عليا، وقفت في نص الساحة في أيدي الكاس لا عارفة أشرب ولا عارفة أرقص حتى هو استغرب وقالي تعالي معايا شقتي علشان نتكلم..


تنهد وليد واغمض عينيه ما إن ذكرته بذهابها إلى الشقة معه، تابعت وقد سقطت بعض من الدموع على خديها:
_ روحت بس بس حسيت لا دي مش أنا مش قادرة أنا شايفاك في كل حتة أنت حبيبي فعلا، بعدته عني ودخلت اوضة لوحدي قفلت عليا وفضلت اعيط صراع نفسي كبير هيموتني

أنا أنهي شاهستا فيهم! شاهستا مرات الشيخ وليد ولا شاهستا عديمة الاخلاق والدين ؟ شاهستا المقرفة اللي ديما الكاس في أيديها وبعد ما أخيرا ربنا بعتلها حد يحبها استمرت في القرف، وحقيقي نمت وصحيت على صوتك أما اتصلت بيا وكنت بكدب وأنا بموت جوايا واتخانقت معاه وكسرت ازازة البرفيوم بتاعي


_ أنا مش عايز أسمع أنا..

_ بالله عليك تسمعني حتى لو مستمرناش مع بعض حتى لو فضلت رافضني ورافض تعيش معايا فأكون بس ريحت نفسي وقلت كل اللي جوايا

أطرق....

تابعت:
_ فضلت أبعد عن عمر وأماطل في إني اطلب منك الطلاق مكنتش قادرة اقولها ماكنتش قادرة أقولك طلقني ولا كنت قادرة اشوفك مكسور وقررت أبعد بس صراعي كان هيموتني وحتى مامي كانت عليا وقالتلي لازم تطلقي وحتى أمير وكلهم، فزودوا تاني الصراع عليا...


وهنا انهالت دموعها على خديها بشكل أكبر وتابعت وفي نبرة صوتها تلك الحشرجة من أثر البكاء:
_ بس أقسم بالله يا وليد أقسم بالله ما خليته يقرب لي أو يلمسني هو حتى أما حضني بعدته عني بسرعة بعد ما شميت ريحتك فيه، ضميري وكل حاجة كانت معذباني يا وليد كل كل حاجة، اتصل هددني وأنا تليفوني مسجل تلقائي لو عايز حالا أسمعك، وهسمعك، قالي انزلي حالا وإلا هقول لوليد كل حاجة وأنا نزلت علشان كنت خايفة تعرف كنت عايزة أحافظ عليك ومش عايزاك تعرف الكدبه دي لأنك رفضت تسامح طارق يا وليد أنت رفضت بشدة تعمل كده، خوفتني أوي منك وخفت اقولك الحقيقة وأما نزلت اتخانقنا وهزقته ورجعت.

أزالت دموعها وتابعت:
_ أنا كل يوم كنت بحبك أكتر من الاول، كل يوم كنت بحس نفسي ضئيلة قدامك قصاد قذرتي وخيانتي اللي قدمتها.

وو.. و اختارتك بعد أول مرة مسكت فيها مصحف وقرأت..بعد أول مرة أحس إني ارتحت بعد عناء طويل.
لاقيتك في حضني صاحبك خذلك بتعيط ليا وبتحكيلي، صراعي اختفى وظهرت مشاعري ومشيت ورى قلبي سايبة أهلي وكله ورايا، قررت تبقى دي أول ليلة لينا لأني خلاص كنت واثقة إني عايزاك لاني حبيت اعملك حاجة كان نفسك فيها و...
كنا في رمضان بقيت واحدة تانية خالص واحدة انصدمت أصلا أما شافت مسجد والعالم اللي جواه واحدة ندمت أنها أفنت كل ده من عمرها في العك والقذارة والقرآن آياته لمست قلبي وفجأة صليت التراويح وواظبت عليها ثم التهجد ثم القرآن بقيت أقرأه انا بقيت حد تاني بقيت واحدة جديدة نسخة تانية خالص هو هو الاسم بس الشخصية مختلفة تماما.


عادت تارة أخرى وقد ضمت ملامح وجهها إلى وضعية البكاء وتحدثت قبل أن تبكي:
_ هتسامحني؟ بالله عليك سامحني علشان خاطر ولادك اللي بطني أعمل كده حتى لو مش عايزني تاني أنا موافقة بس بالله عليك ما تسبني إلا أما أولد علشان لو سبتني دلوقتي هنتكس أوي وهتعب وهتقهر وده هيأثر على روحين ملهمش ذنب....

قاطعتها الأمطار الغزيرة المندفعة من عينيها وتلك الشهقات التي مصدرها نبرات صوتها وتابعت في صوت متحشرج:
_ أنا هقولك على عقابي الوحيد، عقابي الوحيد إني أبعد عنك وانك تسبني وأنا موافقة اخده حتى لو هتقهر أربع سنين كمان، بس طلبي الوحيد منك وده طلب إنساني قبل ما يكون أي حاجة تانية، أنا روحي فيك فبلاش تطلع روحي وأنا لسه عايشة، وخليني معاك لحد اما أولد وبعدها لو قررت البعد فأنا هبعد أوعدك.. وطلبي التاني تسامحني وتغفر ذنبي ده علشان أما أواجه رب كريم ميكونش في مظالم لسه متردتش


ينظر إليها في شفقة على ما توصلت إليه وأخذ يحاول ألا تسقط دموعه فقد فتحت جرحه الذي يعمل جاهدًا على ضمده، تابعت:
_ ولو اتجوزت زي ما قلت لأنك مش مضطر تغضب ربنا طول الفترة اللي أنت عايش فيها معايا، بالله عليك يبقى من ورايا بالله عليك، علشان والله ممكن اتجلط فيها.. وأخيرا حاضر هلبس لبس واسع ولو عايزاني ألبس الحجاب هعمل كده، بس بالله عليك ما تبعد عني أنا محتاجالك أوي الفترة دي أنا حامل وهرموناتي متقلبة وعايزاك أنت جمبي عايزة أفضل أشوفك بس مش عايزة اكتر

أمسك بيديها حتى يرفعها عن الأرض، فساعدته وقامت معه ثم وضعها جواره فجلست، أخذ يمسح دموعها في حنان وهو يقول:
_ هوني على نفسك انتي حامل، الأطفال دول ليهم حق إنك تعامليهم برفق وتراعيهم حتى موعد الولادة، متشليش هم حاجة كل المهم دلوقتي إنك تقومي بالسلامة انتي و الولاد ومتفكريش في غير كده حاليا..


أنهى كلامه وابتسم لها، ثم قام من مكانه واتجه نحو الأريكة بعدما جذب غطاؤه الخاص و الوسادة ثم وضعهما على الأريكة ونام...

تتبع خطواته جيدًا وما إن رأته أبتعد عنها ولا يزال مصرًا على النوم وحده دونها تركته وشأنه و ألقت بنفسها فوق السرير تكتم صرخاتها وانهيارها داخل الوسادة بعدما شعرت أنه أختار أن يبعد عنها ويكمل حياته مع غيرها...

            *******

وفي صباح اليوم التالي، ارتدت علا عباءتها وحملت ابنها، وأثناء تجهيز أغراضها، استيقظ سيد من نومه بسبب الازعاج ونظر إلى ما تفعله بعين مفتوحة وأخرى مغلقة وتحدث:
_ انتي رايحة على فين كده؟
_ رايحة لأمي

زفر في ضيق ورد:
_ ليه خير؟

_علشان تأكلني هي وخليك أنت زي ما أنت نايم اسم الله عليك

_ اترزعي يا علا وقولي يا صبح
_ لا ياخويا أنا هقول يا ضهر هقول يا عصر أما الصبح ده أنت تعرف عنه إيه ؟ نام نام يا سيد


تقلب على الجانب الآخر وتحدث:
_ طب بالسلامة يا علا بس أوعي تنسي تجبيلي أكل أنا كمان، شيلي لي طبق كده وإلا مش هدخلك البيت

زفرت في ضيق وحملت الصبي وتمتمت في غيظ:
_ عليك وعلى شكلك راجل نطع، خسارة فيك لقب راجل ده والله

             ******
استيقظت شاهستا وخرجت من الغرفة فوجدت هنا تعد اغراضها كي تذهب إلى دروسها فقالت لها:
_ صباح الخير يا هنون

نظرت إليها ولم ترد، تابعت شاهستا:
_ استني ماتمشيش من غير أكل كلي الأول، هعملك أكل بسيط على السريع تاخديه معاكي



دخلت شاهستا المطبخ، بينما خرج وليد من الغرفة وتحدث في ابتسامة لأخته:
_ صباح الخير يا قلبي
_ صباح الخير يا حبيبي


وأثناء سيره نحو الخلاء تحدثت هي:
_وليد..

توقف والتفت إليها، ابتلعت ريقها وتابعت:
_ مش احنا أصحاب ؟
_ اه طبعا يا قلبي ليه؟
_ في موضوع لازم اتكلم معاك فيه

عقد حاجبيه في استغراب وهتف:
_ خير يا هنا خضتيني
_ فاضي امتى بس؟
_ ثواني هغسل وشي وراجع لك
_ ماشي


دخل هو وأخذت هي تنتظره في تردد وخوف...
             *****
وفي إحدى الحارات الضيقة والتي لا يعبر بها أحد، كان يقف هاني وهو يتحدث مع رضوى وأثناء الحديث كانا يلتفتا حولهما حتى إذا جاء أحدهم ومن ضمن ما كانوا يتحدثون عنه، أنها كانت تخبره أن يأتي أخيرًا ويتقدم لخطبتها فقالت:

_ عمالة ارن عليك وانت ولا بترد علشان كده قررت أنزل اطب عليك
_ مش أنا قولتلك خلاص يا بنت الحلال ؟
_ هو أنت لاقيني في كيس شيبسي ولا ايه الاستبياع بتاعك ده يا هاني؟
_ مش هستنى أكتر يا رضوى
_ خلاص يا هاني مفيش انتظار ولا مماطلة تاني، عاليا يعتبر اتخطبت وكمان معاد خطوبتها اتحدد، تعالى بقى يا سيدي في الوقت اللي تحبه


ابتسم ابتسامة عريضة وتحدث:
_ بجد يا بت؟ يعني خلاص كده هنتجوز؟
_ بجد ياض
_ طب ما تجيبي بوسة لزوم الكلام الحلو ده؟!


عبست وردت عليه في جدية:
_ احترم نفسك يا هاني علشان مدكش على وشك

_ ليه بس ده أنا حتى...


وقاطع كلامه صوت أحدهما وهو ينادي في نبرة صوت حادة قوية:
_ رضوى!!

نظرت في سرعة جهة الصوت ضاربة صدرها وصرخت:
_ خالي!
              ********
بس كده متنساش تقول رايك  وتوقعاتك واتفاعل وشارك
دمتم بخير
سلمى خالد احمد


















      






































الجعة يشوبها الأخلاق Where stories live. Discover now