الفصل العاشر من الجزء الثاني

3.6K 169 34
                                    

ازيكم عاملين ايه
لينك صفحتي على الفيس بوك بره في الوصف اللي مش عارف يوصل له يسيب كومنت وهبعتهوله، ده علشان كل شوية حد يسألني على صفحتي وإنه مش عارف يوصل لها

جاهزين؟؟
يلا نبدأ


وبعدما دخل وغلق الباب خلفه، صاح في غضب:
_ بقى أنا تعملي معايا كده؟؟ أنا تلعبي بمشاعري بالشكل ده وتوعديني إنك هتتجوزيني وتخليني أقعد استنى طلاقك واتذلل ليكي واعتذر ألف مرة وانتي أساسا مقررة تعيشي معاه ورجعتيله كمان بعد ما طلقك ورماكي؟!

خطى جهتها خطوات سريعة وهو يصيح بصوت أعلى:
_ أنا هوريكي أنا هخليه يكرهك ويمرمطك أنا هوريكي مين هو عمر المرشدي


تنظر إليه في خوف وبدأت في التراجع إلى الخلف في حذر، يقترب منها في خطواته السريعة ثم اردف:
_ لا وايه لبسة ومتهيأة ليه كمان! ده انتي ليلتك سودا


ركضت في سرعة مفاجئة جهة قبس الكهرباء وغلقت الأضواء، نظر حوله مندهشًا من تلك الحركة السريعة وتوقف مكانه حتى يخرج الهاتف من جيبه ليونير له.
ما إن فتح كشاف الهاتف حتى رآها قد فتحت باب الشقة وبدأت في أن تهرب، ركض خلفها على الدرج وقد لحقها وأمسك بذراعها وأخذ يجرها خلفه في عصبية وشدة، تصرخ محاولة أن تفلت ذراعها منه:
_ أوعى سيب دراعي يا حيوان سيب دراعي، الحقوني
_ مش هسيب يا شاهستا مش هسيب تاني وهنزلك باللبس الحلو ده قصاد الحي كله تحت

ازداد صراخها وهي تستنجد بأي من في منزل وليد، وقد أمسكت بيدها الأخرى في حجار الدرج حتى لا يأخذها معه في الخارج.
فتحت شهد باب شقتها في ذعر بعدما ايقظها كل ذلك الصراخ، وركضت على الدرج نحوهما ثم توقفت أمام عمر معترضة طريقه صارخة:
_ نهارك أسود ومنيل، واخد البت بالشكل ده على فين، أوعى سيب سيب

تتحدث وهي تشد شاهستا من بين يديه، صرخ عمر في وجهها:
_ أوعي يا ست انتي انتي ولية كبيرة متخلنيش اتغابى عليكي بقولك

لم تتوقف شهد عن ضربه أو عن محاولة تخليص الفتاة منه، ولما يأس منها، دفعها بعيدًا اصطدمت بالحائط وتأوهت بشدة..

صرخت شاهستا ما إن رأت السيدة واقعة على إحدى درجات السلم تتأوه من الألم:
_ طنط شهد يخربيتك الست الست

كان لا يسمعها ولا يرى ما يفعله بل استمر في جرّها من ذراعها غير آبه لصراخها أو لكلماتها..

وها قد وصل إلى آخر درجة من درجات السلم فدخلت آية المنزل وما إن رأت ذلك الموقف حتى دخلت في سرعة وغلقت الباب بالمفتاح حتى لا يستطيع عمر أن يخرج بصديقتها، صرخ عمر في وجهها:
_ افتحي الباب ده يا آية أحسن لك
صرخت هي الأخرى:
_لا مش هفتح يا عمر مش هفتح سيب شاهستا يا عمر سبها


جر شاهستا خلفه في شدة أكبر متجهًا إلى آية في غضب وجنون، فرفعت الفتاة حقيبتها في سرعة ثم ضربته بها فوق رأسه، مما جعله يترك شاهستا متأوهًا في ألم وذلك لأن داخل حقيبة آية زجاجة عطرها الخاص والتي آلمت رأسه للغاية.

ما إن أطلق سراحها، حتى ركضت إلى الأعلى وتبعتها آية والتي اختضت للغاية من رد فعلها المفاجئ.
يجلس عمر على درجة السلم واضعًا يده على رأسه يتألم ويشعر بالدوران
              ******
_ عملت ايه في الامتحان يا أسر؟

تحدث وليد بعدما خرج من لجنة الامتحانات، رد أسر وهو يشير إلى بطنه:
_ جعان يا وليد والله يلا نروح ناكل بعد أذنك

نظر إليه في برود ثم رد:
_ ده اللي أنت فالح فيه يا أسر، يلا نروح نطلب أكل من الكافتيريا مش هزعلك


ذهبا وطلبا الأكل ثم جلسا في أحدى الأركان في انتظار الطعام، وأثناء انتظارهما الأكل تحدث أسر:
_ وليد
_ نعم
_ بصراحة كده في حاجة كنت عايز أقولهالك
_ قول يا أسر، خير قلقتني!
_ لا لا خير إن شاء الله، أنا بس كنت عايز معاد منك وكده
_ ليه هتيجي تتقدم لي؟


نظر إليها في قرف وهتف:
_ أنا مش ناقص قرف يا وليد والله، هعمل إيه أنا بالشنب والدقن!!
ثم تغيرت نبرة صوته إلى الهدوء وتحدث في ابتسامة:
أنا عايز حد من الجنس الناعم بقى زهقت من الجنس الخشن اللي كل يوم بتعامل معاه ده!

_ طب وعايز معاد مننا إحنا ليه؟ ..

أطرق برهة ثم تابع في شك:
_ واد يا أسر أوعى يكون عينك من أمي؟!

زفر في ضيق وهتف:
_ طيب أنا هقول أنا علشان أنا بتشائم من الغباء
_ ياريت والله
_ أنا عايز معاد علشان كنت حابب أطلب أيد الآنسة عاليا بنت عمتك
_ لا معندناش بنات للجواز
_ المعاد أمتى؟ بكرة؟
_ بقولك معندناش بنات للجواز
_ تمام اتفقنا يبقى بكرة بما إنه الجمعة وإجازة من الامتحانات الساعة ٧ بليل إن شاء الله والله المستعان وعقبال كتب الكتاب..
              *****
اطمأنت شاهستا على ظهر شهد وتأكدت أنه ليس به أي كسور أو غيره، تجلس شهد على الكرسي تتألم من ظهرها نتيجة الاصطدام، تحدثت شاهستا في خجل شديد:
_ أنا آسفة أنا آسفة حقك عليا يا طنط بس والله والله أنا بحسبه وليد وفتحت الباب على أساس إنه وليد لأن وليد هو الوحيد اللي عارف بوجودي فوق

ردت شهد في أسف وخيبة أمل:
_ هو رجعك؟! ضرب بكلام العيلة وأبوه عرض الحائط ورجعك؟
_ لا احنا مرجعناش للأسف إحنا في العدة لسه، أنا هنا علشان بقضي العدة بس انا بحاول بكل الطرق أرجع و..
_ بس...أنا مش عايزة أسمع منك أي كلمة أنا كلامي مع ابني أما يرجع
_ علشان خاطر ربنا يا طنط بلاش تقوميه عليا أنا بعمل كل حاجة علشان أرجع له و ألم الشمل
_ أمشي أطلعي شقتك قبل ما أبو وليد يرجع ويجي يطربق الدنيا على دماغه ودماغك، وأنا أما ابني يجي لي

_ يلا يا شاهستا
هتفت آية

نظرت شاهستا إلى شهد في خيبة أمل ثم خرجت من الشقة بجوار صديقتها، تابعت أثرهما شهد وتمتمت:
_ ليه كده يا وليد! ليه كده يا ابني؟!
            ******
دخلت ريهام غرفة ابنتها جومانة والتي أضحت تدفن نفسها داخل الاكتئاب يومًا بعد يوم، فوجدتها راقدة على فراشها كالتي تحتضر.
جلست جوارها وأخذت تلمس بأطرافها شعرها وتحدثت في نبرة صوت تحمل في طياتها الحنان:
_ إيه يا قلب مامي، مالك بس؟! يا جومانة أحكي لي، يا روحي انتي مش تمام أنا متأكدة بقيت كل أما أدخل الاقيكي قاعدة كده شاردة وحزينة يا إما طول الوقت نايمة، لا بقيتي تخرجي ولا بقيتي تذاكري ولا أي حاجة، قولي يا جومانة مالك احكي اتكلمي

قامت الفتاة وهتفت وهي تفتح ذراعيها لوالدتها والتي سرعان ما بسطت هي الأخرى ذراعيها لفتتها:
_مامي... مامي

ارتمت داخل حضن أمها وأخذت تبكي في قهر بصوت عالي، تربت ريهام على ظهرها وهتفت في ذعر:
_ ليه ليه يا جومانة بتعيطي كده ليه يا قلبي؟

تواصل الفتاة بكاؤها شاعرة أن أنفاسها تنقبض من آن لآخر كلما تذكرت ما فعله أمير بها وكلما تذكرت فرحتها التي سُرقت ومستقبلها الذي تدمر و عملتها التي لا يعرف أحد عنها شيء و جنينها الذي يتنفس داخلها وقلبها الذي ينزف..
             ******
بعدما قصت شاهستا كل الحكاية على صديقتها منذ الحادثة، انصدمت آية بها وهتفت في ضيق:
_ حرام عليكي بجد يا شاهستا إيه اللي انتي عملتيه في وليد ده! مش وعدتيني إنك هتتغيري وهتتعدلي معاه؟!
_ يا آية بقى بالله عليكي مش كل أما أنسى تفكريني ما أنا قولتلك اللي فيها، قولتلك كنت رايحة لعمر ليه وكده
_ طب وبعدين هتعملي إيه ولا ناوية ولا إيه
_ يا آية أنا بحب وليد بجد ومقدرش أكمل من غيره أنا اتغيرت علشانه، مين كان يصدق إني هكون شاهستا الحالية دي! شاهستا اللي تابت عن الخروجات للديسكو واللبس القصير والخمرة وكل الحاجات دي! وليد غير فيا حاجات كتير بتعامله معايا وحببني في ديني اكتر وقدر يفهمني ويقدرني.. يا آية أنا لو سبت وليد هضيع هو بالنسبالي النجاة، مش هضيع في الدين لأني أنا مقتنعة بيه تماما بس هضيع في الدنيا وهبقى نسخة كئيبة تايهة مش عارفة أعمل إيه.. أنا بحبه اوي وربنا اللي يعلم أنا متعلقة بيه ازاي، وربنا اللي يعلم أنا ندمانة ازاي على اللي عملته ده كل يوم..
أنا هنا علشان مش عايزة وليد يضيع مني أنا هنا علشان أرجعه ليا، ساعديني يا آية قولي إنه هيسامحني، قولي أي حاجة تطمني.

أطلقت آية زفيرًا وردت:
_ صعبانة عليا أوي يا شاهي انتي ضيعتي فرصة من إيدك بجد، مش عارفه وليد إذا كان وليد هيقدر يسامحك ولا لا وحتى إن قدر مش عارفة إيه نظام أهله ودول شكلهم ناس صعبة ماشفتيش مامته كانت بتكلمك ازاي! كل اللي أقدر أقوله إن وجودك صح بالنسبة لشاب زي وليد بيستحرم أي حاجة حتى لو نظرة لبنت بشعرها عادي في فيديو فده لصالحك لأنه هيضعف قدامك بسرعة وبعد كده هيحاول بكل الطرق يقنع أهله يرجعك

صمتت برهة تفكر في الأمر ثم ردت عليها:
_ تفتكري؟
_ انتي عندك رأي تاني؟
_ من فترة قالي هتجوز.. خايفة يكون مش بيقول مجرد كلام ويتجوز فعلا و تكون مامته بدور ليه على عروسة الفترة دي علشان كده قالي بثقة أنا مش محتاجلك.. آية أنا خايفة.. خايفة يجي يوم ألاقيه داخل بواحدة عليا ويقولي انتي هنا لحد أما تخلصي عدتك أو ياخدها شقة تانية، بموت يا آية بموت كل أما بفكر في الموضوع ده والله

_ يا شاهستا يا حبيبي اهدي ممكن يكون بيقول كده وخلاص
_ لا وليد مش بيقول وخلاص للأسف وبعدين أنا أنا..

ابتلعت ريقها ونهضت فجأة من شدة الخوف الذي امتلكها وتابعت:
_ لازم نرجع لبعض النهاردة أنا هعمل ما في وسعي علشان نرجع

نهضت الأخرى وأخذت تقترب منها وهتفت:
_ أيوة اعملي كل اللي تقدري عليه علشان يرجعلك وكمان حنني قلبه من ناحية الأطفال افضلي قوليله عايزين نبقى مع ولادنا عايزين نربيهم مع بعض تربية ساوية وكلام من ده

وأثناء الحديث سمعتا صوت الباب يدق، ابتسمت شاهستا واردفت:
_ وليد

ثم نظرت آية وتحدثت:
_ شكلي حلو صح؟
_ اه يا قلبي مزة

اتجهت نحو الباب وهتفت:
_مين؟
_ أنا شهد

فتحت لها الباب وقالت:
_ اتفضلي يا طنط
_ لا أنا جاية اقول كلمتين وماشية
_ اتفضلي قولي
_ اوعي تجيبي سيرة لوليد إن عمر جيه واتهجم على البيت والكلام ده، ابني دمه هيفور وهيروح يولع فيه، والواد مش قليل ومش هيسكت وأنا خايفة على وليد
_ حاضر يا طنط مش هقول له حاجة

نظرت إليها من أعلى إلى أسفل في قرف وذهبت...
             *******
_ هروح أنا بقى يا أسر ماما رنت عليا وبتقولي عايزاك
_ طب استنى هروح أنا كمان معاك
_ طب يلا


وأثناء سيرهما تحدث أسر:
_ متنساش بقى بكرة الساعة ٧ جايين أنا وماما نطلب عاليا ونشوف الدنيا وكده
_ قولتلك معندناش بنات للجواز وأنت مش مصدق!
_ تمام وأبقى بلغ أمها بردو وكده علشان لو عايزة تعمل أكل حلو تعمل ولو عايزة تعمل كيكة بقى وبتاع


نظر إليه وليد في برود وصمت برهة ثم تحدث:
_ لو عمتي هتعمل أكل وحلو مش هيبقى ليك يا حبيبي ده هيبقى للخالة سامية حبيبتي
_ ما أنا ابن الخالة سامية يعني يا وليد
_ لا بردو
_ طب علشان خاطر عيالك يا شيخ

التفت إليه فجأة ثم هتف ساخرًا:
_ كنت ديما بتقولها لي من باب السخرية لكن دلوقتي أنا بقى ليا عيال بجد!
_ أيوة هتجيب جهاد ومحمود لوحدك يا غدار، إحنا مش اتفقنا انت البت وأنا الواد؟

ابتسم وليد ورد:
_ ياه هبقى أب! أنا مش مصدق يا جدع
_ لا هتبقى سيفن أب نيهانيها


والذي منع وليد من أن يبرحه ضربًا، هو قدوم منة والتي أتت عليهما في ثورة عارمة، ما إن رآها وليد تقترب منهما حتى تمتم:
_ يارب نيزك يقع على نفوخها دلوقتي يقسمها تلت تربع كل ربع لوحده.

ضحك أسر، واعترضت منة طريقهما وتحدثت موجهة كلامها إلى وليد وهي تعقد ذراعيها أمام صدرها:
_ هو أنت نسيت إن معاك مهلة يومين بس! وليد بلاش بجد بجد تخليني أزعل منك
_ ما تولعي يا منة
رد أسر في ارياحية
وتابع حديثه:
_ مفكرة إن شوية فيديوهات هما اللي هيثبتوا وليد معاكي؟ هما بقى اللي هيخلوه يحبك ويكمل معاكي؟
_ أطلع منها أنت يا أسر بدل ما والمصحف اطحنك أنت كمان

صاح في غضب:
_ تطحني مين يا تفّة انتي، فوقي لنفسك ياما انتي إبرة في كوم خرا، أنا مش شايفك أصلا!

ضحك وليد ورد معقبًا على كلام صديقه:
_ أهو جالك اللي هيقولك كل الألفاظ اللي تخطر على بالك، عشان أنا تعبت من التهزيق المهذب معاكي بجد

رفعت أحد حاجبيها في سخرية وردت:
_ والله يا أسر! أنت كده روش يعني؟ طب جرب تقف في وشي كده وأنا أطفحك الخرا بالإبرة اللي فيه وبردو هطحنك
_ هقف يا منة و...

قاطعه وليد متدخلًا وذلك نظرًا إلى خوفه على صاحبه منها:
_ بعد الامتحانات يا منة، اديكي شايفة أهو بعينك أنا بمتحن ومش فاضي للجواز أنا
_ اه، هو أنا كل أما أقولك يا جواز تقولي بعد الامتحانات؟!لا وفي الآخر الاقيك معاها صح؟ مش هغلط نفس الغلط تاني ومش هستنى
_ لا يا منة هتستني أما أخلص امتحانات وأروق وكمان أنا مش فاضي للتفاهة بتاعكم دي
_ طب و رحمة رامي اللي عمري ما حبيت قده يا وليد لو بعد الامتحانات متجوزتنيش لهكون فضحاك وعاملة مشكلة عمرها ما تخطر ببالك وخد بالك أنا حلفت برحمة الغالي


انصرفت بعدما أنهت كلامها معه بتلك الطريقة، تحدث أسر:
_ كل مرة بتثبت إنها عايزاك انتقام و حقد مش حب، دي قاعدة بتحلف برحمة حبيبها اللي مات قصاد الشاب اللي عايزة تتجوزه! حقيقي البت دي تعبانة في دماغها
_ والله العظيم لو وقعت تحت أيدي واتجوزتها ما هرحمها وهخليها تندم، بس تستناني شوية بنت مصطفى المرشدي اللي معرفش يربي..
             *****
_ عاليا يا عاليا يا عاليا

ذكرت أختها اسمها بذلك الشكل وهي تركض مهرولة إلى غرفتها، مما جعلها تختض فقامت في خوف شديد هاتفة:
_ ايه يا رضوى إيه؟

اقتربت منها أكثر وامسكتها من كتفيها وهتفت صارخة:
_ أسر أسر طلب يتقدم لك

صاحت في اندهاش:
_ إيه؟ قولي والله
_ والله العظيم، سمعت دلوقتي خالك شعبان رن على أمك وقالها أسر قال لوليد إنه عايز معاد بكرة وحقيقي أمك طايرة من الفرحة بره

تبتلع الفتاة ريقها مرارًا تفتح فمها في عدم تصديق، احتضنتها رضوى وصاحت في فرحة عارمة:
_ مبروك يا قلبي مبروك وأدي جالك نتيجة صبرك
ردت في نبرة صوت مضطربة من أثر الاندهاش:
_ جاي بكرة يا رضوى صح؟
_ اه يا قلبي
_ بكرة بكرة ده يعني اللي هو يوم الجمعة
_ أيوة يا حبيبتي بكرة بكرة اللي هو الجمعة


ركضت عاليا جهة المرآة وأخذت تنظر إلى نفسها وتكلمت:
_ حواجبي عايزة تتعمل ووو لازم أنزل لكوافيرة تظبط وشي ده وتحط مكياج حلو علشان تخفي أثر الحبوب دي.. وكمان البثور اللي في مناخيري دي لازم تختفي بردو...

ركضت أيضًا جهة الخزانة وفتحتها وأخذت تنظر إلى ثيابها وتابعت:
_الهدوم دي قديمة مش أحسن حاجة، أنا أنا هنزل أجيب فستان حلو، تفتكري اجيبه منفوش ولا صك؟ وانهي لون ممكن يليق عليا، اتكلمي يا رضوى شاركيني ماتفضليش ساكتة كده!

_ اهدي يا قلبي اهدي انتي اتوترتي ووترتيني، براحة كده وكله هيبقى تمام، احنا لسه معانا النهاردة كله وبكرة كله، هو جاي بكرة بليل، هنلحق ننزل لكوافيرة ونجيب فستان وكله
_ طب وهو مستعجل ليه؟
_ هو اقترح بكرة من عنده وقال لو مش متاح بالنسبة لينا يبقى الجمعة اللي بعدها أو بعد امتحاناته لأنه بيمتحن، وطبعا أمك واقفت على بكرة علطول
_ جدعة والله... تفتكري هعجبه؟
تحدثت في قلة ثقة
_ اه يا قلبي تعجبيه وبعدين هو أصلا شافك مرة في اسوأ حالاتك، يعني أكيد مش فارق معاه الشكل أوي، أو يمكن انتي ذوقه، الجمال أذواق يا حبيبتي انتي مش وحشة والله زي ما انتي ما عمالة تقولي ومفيش بنت وحشة أصلا...
              *****
عاد وليد إلى منزله وصعد الدرج محددًا اتجاهه نحو شقة والده لا شقته، وما إن دخل حتى ألقى التحية على والدته والتي قد رآها تجلس على الأريكة واضعة يدها تحت ذقنها، عقد حاجبيه في استغراب وسار جهتها وجلس جوارها وتحدث:
_ مالك يا ست الكل؟

نظرت إليه وردت في ضيق:
_ والله واتعلمت تكدب وتخبي يا ابن بطني
_ ليه بتقولي كده بس يا أمي؟!
_ ليه بقول كده؟ شاهستا فوق في شقتك ليه وبتعمل إيه بعد اللي حصل يا وليد؟ أنت عايز ابوك يموتك يعني ولا عايز ايه قولي

ابتلع ريقه شاعرًا بالإحراج وتعسر موقفه

تابعت:
_ رد

تنحنح ورد:
_ صراحة يا أمي مش أنا اللي جبتها والله، هي اللي جت وقالتي أنا في العدة وهفضل هنا واستشهدت بآيات وهي فعلا صح المفروض مخرجهاش من بيتي وأمسكها حتى انقطاع العدة

_ وهي القذرة دي تعرف إيه عن الكلام ده؟ عدة ايه اللي تعرفها دي، دي رقاصة
_ معرفش...هي قالت كده وبعدين عمالة تقول أنا تبت ورجعت لربنا وفاهمة في الدين وندمانة وكده
_ وأنت ايه رأيك في الكلام ده؟ مصدقه؟ مصدق زانية؟
_ للأسف يا أمي أنا مقدرش أنسب ليها لقب زي ده لسببين أول سبب إن مفيش شهود عليها ولا هي اعترفت هي ديما بتنكر.
تاني سبب، أنا عارف إن مفيش غلط ارتكب بينها هي وعمر في الوقت ده بالذات، وهو ده الوقت اللي قابلته فيه ولو فيه غيرهم كانت منة هتجيبه يعني

_ إيه اللي أكد لك إن مفيش غلط حصل؟ دي واحدة قلعت الحجاب و راحت كباريه!
_ لسببين
الأول، شاهستا مرتبطة بعمر بقالها سنين ومفيش غلط حصل بينهم طول فترة الارتباط دي.
لأنها بنت بنوت وأنا مش هداري عليها حاجة زي كده

_ مش ديما بيبقى أكيد الموضوع ده
_ بس أنا متأكد إنه صح أنا عارف أنا بقول إيه دون دخول في تفاصيل
التاني، أنا.. أنا...
_ أنت إيه؟

رد مطأطأ الرأس:
_ مدخلتش عليها أول يوم جواز، جوازنا الحقيقي كان في رمضان تاني يوم باين، وكل خروجها ده كان قبل، وأما حصل جواز حقيقي أتأكدت بس كده


تنظر إليه في صدمة كبيرة

أردف:
_ عارف إنك مش مصدقة طبعا إني عملت كده، وإني سبتها طول الفترة دي، بس حقيقي كان غصبن عني هي قالت إن عندها ظروف تمنعها و بعد كده كدبت في كذا حاجة وأنا أكيد مش هعمل ده غصبن عنها أنا مش مقرف.
مش ببرر غلطها بس أنا خايف من عقوبة ربنا لو اتهمتها بالموضوع ده دون تأكد تام، في خيانة بقى وهي خانتني
خانت الثقة خانت العشرة وده اللي أنا أقدر اتهمها بيه و أدِنها كمان أما إني أؤكد على ارتكاب فاحشة فأنا لا مش هلحق بيها اتهام زي ده.

صاحت في غيظ:
_ القادرة الزبالة ال...

قاطعها متحدثًا:
_ بلاش يا أمي تشتميها متخليهاش تاخد منك حسنة واحدة
_ أنا هتجنن من جبروتها دي بت مريضة
_ اه هي مريضة فعلا

زفرت أمه في ضيق وهتفت:
_ أبوك لو عرف إنها فوق هيرتكب فيها جناية قتل
_ أنا مش عارف أعمل إيه!
_ كمان ولادك منها هو حتى الآن مش عايز يعترف بيهم ولا ينسبهم لينا
_ اعذريني يا أمي بس أنا هعترف بولادي وعمري ما هضغط عليها تزلهم، ده شيء مهين ويدني أنا كمان، أنا كنت متجوز شاهستا والعيال دي جاية من الحلال، ازاي انا اظلمهم واعمل كده؟
_ أمهم مش أمينة يا حبيبي
_ مش أمينة نثبت ده للمحكمة إن سلوكها غير سوي وإن ليها مشي بطال ومتابتش زي ما قالت وساعتها ناخد منها احنا العيال، لكن مين احنا علشان نحكم على حياة روح نفح الله فيها من روحه بالموت! يا الله يا أمي مقدرش أعمل كده بالله


ضربت أمه على فخذيها وتحدثت في قلق:
_ هي شكلها القيامة هتقوم قريب
_ لا بابا نفسه مش هيتحمل إثم كبير زي ده، هو قال كلام وقت عصيبة بس أما أُذكّره بحجم كبر الذنب وعظمته أكيد هيغير رأيه

صمتت وعادت واضعة يدها أسفل ذقنها تارة أخرى، وعقب مرور برهة من الوقت تحدثت:
_ وأنت هتعرف تسيطر على نفسك كتير قصادها، ولا شوية وهنلاقيك بتقول رجعتها علشان مقدرتش!

هز رأسه نافيًا وهو يقول:
_ لا عارف إني هضعف، وبالأخص هي مش ساكتة..اديني حل؟

_ متقعدش معاها خليها مرزوعة فوق لوحدها

_ لا أنا عايز أفضل معاها علشان أراقب تصرفاتها اخاف اسبها لوحدها تعمل كارثة وبابا وعمي يجوا يقول لي كنت فين تاني!

صمتت تفكر، ثم هتفت:
_ أختك هنا تطلع تعيش معاكم تاخد اوضة وتقعد تذاكر براحتها فوق وبكده هي متعرفش تستفرد بيك، ووقت النوم أنزل نام هنا انت ماتنمش فوق، لحد أما تبقى تخلص عدتها وتغور وأنا هحاول بكل الطرق مخليش أبوك يعرف بوجودها ونقعد نمهدله حاجة حاجة

أمسك بيدها وقبلها ثم هتف:
_ ربنا يبارك لي فيكِ يا ست الكل، حقيقي مش عارف أقولك إيه مفيش غيرك واقف معايا ومدعمني في العيلة دي غيرك..
             *********
قد اشترى أسر كل ما سيأخذه معه مساء الغد حتى يتقدم بطلب عاليا للزواج، ولم ينس باقة الورود الحمراء الجميلة وعبلة الشكولاتة الغنية بالبندق، وأثناء سيره وهو عائدًا إلى منزله، نادى عليه صاحب القهوة في صوت عالي، توقف أسر وانتبه للرجل، اقترب منه وتحدث في صوت خفيض:
_ ما تيجي يا باش مهندس أسر تسرب معايا قهوة ومتخافش أنا عازمك
_ والله يا عم سعد أنا ما فاضي بس لأجل إنك قلت لي يا باش مهندس بس فأنا جاي اهو معاك


ابتسم الرجل وذهبا الاثنان وجلس كل منهما على كراسي إحدى الطاولات وصاح سعد:
_ واد يا حِتة انت ياض يا حِتة

تقدم الفتى في سرعة ملبيًا نداء أستاذه وهتف:
_ نعمين يا معلمي
_ هات قهوة مظبوطة للشاب المتهندس
_ أوامرك يا معلم


ذهب الفتى بينما أسر كان مبتسمًا يعدل ياقة قميصه في ثقة فخورًا بنفسه، التفت له سعد وتحدث:
_ قولي يا باش مهندس
_ اتفضل
_ هو أنت عدم اللاموأخذة، سبت الآنسة بنت الحاج عبدو القماش ليه؟ الحارة كلها مستغربة بقى بعد ما حددتوا معاد الجواز تسيبوا بعض كده! بنات آخر زمن أكيد شفت عليها حاجة كده ولا كده لا سمح الله

ضرب أسر بيده الطاولة وهو يقول:
_ لا، هو أنت جايبني هنا علشان نقعد نخوض في الأعراض! بنت الحاج عبدو أشرف من الشرف وميعبهاش حاجة وكفاية كلام عن البنت، كل اللي حصل إن كان في خلافات بينا بالأخص بينها هي وماما وكنا كل مرة بنقول هتتحل وبردو مفيش فايدة المشاكل بتزيد، وعلشان كده كل واحد راح لنصيبه، أما أنا لا شفت ولا اتنيلت ولا أي حاجة من دي، اهدوا على البت وأي حد تقعد معاه قوله الكلام ده، وسيبوا الخلق للخالق بقى.

أطرق برهة، ثم نهض واقفًا وتابع:
_قهوتك مشروبة يا معلم ورايا أشغال

انصرف أسر، ويتبع أثره سعد وتمتم:
_ لا حول ولا قوة إلا بالله مديينك كام علشان تخبي عليها كده!!
              ********
تجلس كلًا من آية وشاهستا على كراسي السفرة في الصالة يذاكرا لامتحان الغد، وأثناء اندماجهما مع المذاكرة، سمعتا الباب يدق، قامت شاهستا لترد على الطارق وهي تقول:

_ أكيد ده بقى وليد

اقتربت من الباب، وامسكت بالمقبض وهتفت:
_ مين؟
_ وليد


ابتسمت وعدلت شعرها ثم فتحت الباب واستقبلته في ابتسامة عريضة، دخل ولم يبتسم لها، وما إن رأى آية حتى ابتسم ابتسامة ساخرة وتكلم:

_ ما شاء الله العصابة اتجمعت


وقفت آية شاعرة بالإحراج وقالت:
_ أزيك يا وليد


لم يرد عليها واتجه نحو غرفة النوم وغلق الباب، اقتربت آية من شاهستا وتحدثت:
_ طب أنا همشي أنا يا شاهستا
_ تمام

وأثناء سيرها جذبتها شاهستا من ذراعها وتابعت:
_ آية أوعي تكوني زعلتي من وليد!
_ لا لا أنا مقدرة إنه مش طايقني ده أقل واجب، يلا باي
_ باي


انصرفت آية، واتجهت الأخرى نحو باب الغرفة وأخذت تطرقه وهي تنادي عليه حتى يفتح لها، صاح في ضيق:
_ عايزة إيه؟
_ افتح عايزة أقولك حاجة مهمة بجد


فتح لها وخرج من الغرفة ثم جلس على الكرسي ووضع ساق على ساق وتحدث في نفس الضيق:
_ نعم عايزة إيه؟
_ وليد هو...

قاطعها متحدثًا في صوت عالي:
_ هو انتي هتفضلي لبسه القرف ده كتير! غيري بعد أذنك اللبس ده متقعديش بيه قدامي يعني، روحي ألبسي بجامة ولا عباية ولا نيلة زرقة على دماغك


عقدت حاجبيها في استغراب وهتفت:
_ نيلة زرقة على دماغي؟! وليد هو أنت بتكلمني كده ليه؟

_ أهو إذا كان عاجبك كلامي بقى، أمشي غيري القرف ده وإلا هقوم أمد أيدي عليكي


تنظر إليه نظرات مليئة بالاستغراب من طريقة تحدثه الغربية عليها كليًا وردت:
_ حاضر حاضر هغير الهدوم بس متتعصبش كده


وأثناء سيرها نحو الغرفة، نادى عليها، فتوقفت... قام من مكانه وأخذ يقترب منها وأمسك ذراعها وتحدث وهو يشير إليه:
_ إيه الاحمرار الرهيب اللي في دراعك ده؟

توترت للغاية وأخذت تبتلع ريقها في توتر وخوف.. واصل حديثه وهو يدقق النظر إلى ذلك الذي يراه في ذراعها:
_ دي آثار صوابع دي! أيوة صح دي آثار صوابع كأن حد كان غامس صوابعه جوا دراعك.. وليه ضوافر كمان


اكتشف الآثار التي تركها عمر على ذراعها بينما كان يجرها منه، وذلك لأنه كان يمسكها بقوة بالإضافة إلى أن بشرة شاهستا بيضاء لذلك ظهرت عليها الآثار بشكل ملفت، بعدما اكتشف الأمر، حدق عيناه في عينيها ووضع يده على شعرها وتحدث في هدوء:
_ انتي هتقولي من إيه ده وتقنعيني ولا أقطع لك شعرك دلوقتي؟


ابتلعت ريقها وأمتلكها الرعب، تكلمت في نبرة صوت مضطربة:
_ أنا هقول والله بس بس بالله عليك ما توترني
_ اه شكلك عملتي كارثة تانية وفكراني هعديها
_ لا لا والله ما عملت حاجة وحياة عيالي
_ ماشي انطقي يلا
_ طب طب ممكن بس بعد اذنك تسيب شعري؟
_ لا، وبعدين أنا مش ماسكك منه أنا حاطط ايدي بس، لسه مش هقطعه دلوقتي متخافيش
_ الله يطمنك.. كل اللي هقدر أقوله لك، أسأل مامتك وهي تقولك


عقد حاجبيه في استغراب ورد:
_ أمي! وأمي مالها ومال الاحمرار اللي على إيدك ده؟
_ لا اسألها بس قولها إيه الاحمرار اللي على أيد شاهستا ده هتقولك علطول


قالتها وانسحبت ببطء من بين يديه وركضت بعيدًا عنه، نظر إليها وهي تتوقف أمام الخزانة، وتحدثت ما إن رأته ينظر إليها في ضيق:
_ إيه هغير هدومي زي ما طلبت أنت!

تحدث في صوت مسموع:
_ ماشي يا شاهستا هسأل ماما وإياك تقولي معنديش علم، هاجي أكسر دماغك على كدبك ولفك و دورانك ده


أنهى كلامه معها بتلك الطريقة واتجه نحو الكرسي وأمسك بهاتفه وعقب مرور دقائق تحدث في صوت عالي:
_ عايز آكل


خرجت من الغرفة بعدما بدلت ملابسها كما طلب منها، وارتدت جلابية خفيفة تصل إلى ركبتيها ضيقة للغاية تجسد تفاصيل جسمه.
توقفت أمامه وهي تضع يدها على خصرها وهتفت:
_ إيه رأيك؟ غيرت أهو


أخذ يقلب كفيه في غيظ وهو يصيح:
_ استغفر الله العظيم يارب استغفر الله العظيم يارب


تنظر إليه وهو في تلك الحالة وتحدثت في ابتسامة:
_ إيه وحش؟ ده جميل خالص شوية وهتحبه


زفر في ضيق وأشار جهة المطبخ:
_ امشي هات لي آكل

أشارت إلى عينيها وهي تقول:
_ من العين دي قبل العين دي، أنت تؤمر بس


دخلت المطبخ و أمسك هو بالهاتف وطلب رقم أمه، استجابت له هاتفة:
_ إيه يا حبيبي حصل حاجة ولا إيه؟

تحدث وهو يضغط على أسنانه:
_ فين هنا يا ماما يا ماما فين هنا؟
_ يا حبيبي هنا في دروسها
_ طب اطلعي انتي أقعدي معانا
_ مقدرش والله اسيب الأكل يتحرق؟
_ لا يا ماما طبعا هو انتي عندك أهم من الأكل؟! أنا هنزل أنا أقعد معاكم
_ أنزل


وأثناء تحدثه مع أمه، خرجت هي من المطبخ وهي تحمل الطعام ووضعته على الطاولة أمامه وهي تقول:
_ الأكل يا باشا، ده أول أكل أعمله بأيدي يارب يعجبك بقى


أنهى المكالمة مع والدته، وأمسك الملعقة وسم الله، جلست على الكرسي الذي يقع أمام كرسيه وامسكت هي الأخرى بالملعقة وأخذت تأكل وأثناء الطعام تحدثت:
_ عملت ايه في امتحان النهاردة يا حبيبي
_ ملكيش دعوة
_ قول بقى يا وليد وبطل غباء

نظر إليها في قرف، وتابع أكله

ابتسمت وتحدثت:
_ طب أنت بس إيه اللي مزعلك، جيت لقتني جوا البيت عاملة الأكل وشكلي نضيف وشقتي نضيفة، إيه اللي مزعلك مني بقى؟!


تجاهلها كأنها لم تتكلم، تضايقت بشدة من تجاهله لها طوال الوقت... وعقب مرور دقائق ألقت الملعقة و وضعت يدها على بطنها وأخذت تتأوه في ألم، قام من مكانه واتجه نحوها واضعًا يديه على كتفها وتحدث:
_ إيه حصل إيه؟
_ مش عارفه بطني شددت عليا فجأة كده، الأولاد دول مش مرياحين خالص أنا حتى لسه كنت برجع اليوم كله
_ طب ننزل للدكتورة؟
_ كده كده الاستشارة بتاعتي عندها بعد بكرة، ممكن بس تناولني الدوا اللي جوا على الترابيزة؟
_ ماشي

دخل الغرفة، أحضر الحقيبة البلاستيكية التي بها الأدوية الخاصة بها، ثم أعطاها لها، وجلب لها الماء أيضًا، شكرته و تناولت دوائها

_ بالشفاء العاجل إن شاء الله
تحدث داعيًا لها
_ إن شاء الله، شكرا

نهضت متجهة نحو الطعام حتى تدخله المطبخ، أسرع هو هاتفًا:
_ لا لا عنك انتي أنا هدخله

ابتسمت له وجلست تارة أخرى بينما هو حمل الطعام واتجه نحو المطبخ.
             ******
عندما يصبح الإنسان قريبًا مما كان يتمناه طويلاً، ينبعث من داخله شعور بالسعادة الفائقة، يملأ كل خلية من جسده بالبهجة والرضا. تتجلى هذه السعادة في توهج عينيه، حيث ينعكس فيهما بريق الفرح والراحة النفسية. يصبح الوج مشرقًا بالابتسامة الواسعة التي تعبر عن الفرح الصافي والسرور العميق، وكأنه ينطق بكلمات الشكر والامتنان للحياة ولكل اللحظات الجميلة التي تُقدمها. ويتناسى حينها كل ما ذاقه من ألم وتعب. يتناغم القلب مع أنغام الفرح ويتراقص على إيقاع السعادة، وكل خواطره تملأها أفكار الإيجابية والتفاؤل، حيث يشعر بالرضا التام والسلام الداخلي. تتجسد السعادة في كل حركة وتصرف، حيث ينعكس التفاؤل والأمل في داخل عيناه ويظهرا في كل تفاصيل حياته، ويبدو كل شيء من حوله جميلًا ومشرقًا بنور الفرح والسرور.

وعلى هذا النسق لم تشعر بتعب قدميها أو حتى ظهرها من كثرة البحث عن الفستان الذي يليق بها ويقنعها إقناع تام حتى تختاره لترتديه في أحد أهم الأيام في حياتها، فمن الضروري بالنسبة لها أن يراها أسر في أبهى صورة لتنال إعجابه، وعقب مرور وقت كثير من البحث في جميع المحلات، توقفت رضوى فجأة واتجهت نحو أحد الأرصفة وجلست عليه وهي تتأوه من ألم ساقيها، زفرت عاليا في ضيق وعقدت ذراعيها أمام صدرها وهتفت:

_ قومي يا رضوى بقى ورانا لسه لف كتير يا بنتي
_ مش قادرة يا عاليا مش قادرة خلي عندك دم أنا رجلي هتموتني والله إحنا بنلف بقالنا كتير حرام عليكي
_ بجد والله! تصدقي ماحستش برجلي ولا حسيت بالوقت! علشان أنا فرحانة فرحانة أوي يا رضوى بجد
_ ماشي يا قلبي ماهو كلنا فرحانين بس مش كده، أنا رجلي وجعاني أوي بجد أنا بنلف من بدري وانتي مفيش حاجة عجباكي خالص!
_ خلاص والله آخر محلين ولو معجبنيش حاجة بردو هنرجع للمحل اللي سبناه في الأول ده


تأوهت رضوى في صوت عالي، بعدما علمت بأنها ستعود مرة أخرى إلى المحل الأول، وعليه تحدثت عاليا:
_ يلا يا رضوتي علشان تخلصي مني وتتجوزي هاني انتي كمان بقى ونفرح احنا الاتنين

ابتسمت رضوى، بينما تابعت عاليا:
_ وكمان لسه هنشوف الطرحة والروج والجذمة و الاكسسوارات

عبست رضوى ونظرت إليها في برود...
               *******
كان الصمت قد حل بينهما لمدة طويلة من الوقت حيث التزم كل منهما بمذاكرته.

كان وليد يذاكر على السفرة بينما شاهستا كانت تذاكر على المكتب المتواجد داخل غرفة النوم.

شعرت هي بالملل لذا قررت أن تأخذ راحة وعليه خرجت إلى الصالة، فوجدته يترك القلم ويتراجع إلى الخلف يسند رأسه إلى خشبة الكرسي في شاعرًا بألم في مؤخرة رأسه.

اقتربت منه ووقفت خلفه وأخذت تدلك رقبته وكتفيه بأصابعها في رفق ولين وتحدثت وهي مستمرة في التدليك:

_ عارفة انهم أكيد وجعوك من كتر الوقت اللي بتقضيه على المكتب.

مرت دقائق على هذا الحال دون أن يضيف هو أي كلمة ودون أن تتكلم هي بعد جملتها الأخيرة، فكل ما كانت تفعله هو التدليك.
ابتسمت وحدها وتكلمت كاسرة الصمت:
_ تحب اعملك ماساج كامل؟ شامل ضهرك وكده؟
_ شكرا، وكفاية عليكي كده أنا هكمل مذاكرة بقى مفيش وقت

توقفت عن فعلها، ثم جلست على حجره دون مقدمات وتحدثت:
_ سامح بقى والله تعبت من الجفا ده، أعمل إيه يرضيك؟
_ قومي من هنا يلا بسرعة
_ لا
تحدث في عصبية:
_شاهستا قومي
_ لا مش هقوم

صاح في غضب:
_ انتي عايزة إيه؟

وضعت يدها خلف مؤخرة رأسه وتحدثت وهي تنظر إلى عينيه تتواصل معهما دونه:

_ عايزة أرجع، عايزاك تتعامل معايا حلو، عايزة نربي ولادنا ونوحد شملنا.. وليد أسمح لنا نكون زوج وزوجة و لو مقدرتش تسامحني ولو أهلك فضلوا مصرين على فرقنا وكل محاولاتنا فشلت يبقى نطلق، بس على الأقل بقى أخدت فرصة تانية، وأنت كمان متبقاش حارم نفسك من حاجة مهمة بالنسبالك وأنا عارفة هي ازاي مسببة ضغط عليك


ينظر إلى عينيها التي ارتسم الحب والاشتياق داخلهما، ليخطف عدة نظرات أرسلتها إليه، فكانت الأولى هي نظرة الإعجاب المتأججة، والثانية نظرة مغمضة مليئة بالحب، والثالثة النظرة الحالمة التي تعبر عن الشغف العارم، والرابعة هي النظرة الدافئة التي تحمل في طياتها وعدًا بالولاء والحب الأبدي والأخيرة هي النظرة التي تعكس وجود عالم مليء بالعاطفة والإثارة خلفها...

وكيف له أن يقاوم كل تلك النظرات! وكيف له أن يتصدى وحده لعينيها التي تنطق بالحنين والشوق دون أن يلفظ لسانها حرفًا! فهو دائمًا ما يهزم أمام عينيها ونظراتها..
وقد لمعت أعينهما بالحب والشغف عندما ألتقيا ببعضهما البعض، وعليه احتضنها دافنًا رأسه بين رقبتها وكتفها، ابتسمت شاعرة بتحسن الأوضاع أخيرًا..
طرق أحدهم باب الشقة، انتفض مبتعدًا عنه كأنه كان سيرتكب إثما عظيمًا وأفاق من غفلته وتحدث في ضيق:
_ قومي قومي

قامت من على حجره والدموع تملأ عيناها متحسرة على ضياع فرصتها والتي جاءت بصعوبة.

اتجه نحو الباب وتحدث في صوت مسموع:
_ مين؟
_ أنا هنا يا وليد


فتح لها الباب، دخلت الفتاة وهي تحمل الكتب على ذراعيها وتحدثت:
_ ماما قالتلي اطلعي لوليد علشان هتقعدي معاه مش عارفه ليه

_ أزيك يا هنا
هتفت شاهستا، وقد ردت عليها هنا في ضيق:
_ كويسة
_ ماشي يا هنا ادخلي الأوضة ذاكري فيها وخلي الباب مفتوح
_ حاضر

دخلت الفتاة ملبية طلبه.
عقدت شاهستا ذراعيها أمام صدرها وهتفت:
_ وليد أنا ضروري أخرج بكرة
_ ليه؟
_ عندي امتحان أول مادة بكرة


اتجه نحو الكرسي وجلس عليه ورد:
_ وريني جدولك
_ حاضر

اتجهت نحو الغرفة، غابت لمدة دقائق قليلة ثم عادت إليه تارة أخرى تحمل في يدها الهاتف وأعطته له وقالت:
_ أهو جبتلك الصورة ده صورة الجدول نزله ادمن الدفعة على جروب الدفعة

ينظر إلى شاشة الهاتف ثم تحدث:
_ حلو مكتوب الامتحان من الساعة ٢ لحد ٣ ونص يعني ساعة ونص.
نحسب بقى الطريق من هنا للجامعة ياخد ساعة ونص بالكتير ولو في زحمة جامدة بياخد ساعتين، ملكيش دعوة انتي بزحمة المواصلات، كده كده انتي معاكي عربية، الامتحان هيخلص ٣ ونص خمسة بالدقيقة تكوني هنا في البيت، تخلصي الامتحان ولا كلام ولا سلام ولا أي حاجة طيران على البيت

_ حاضر بس لو حصل أي ظرف والطريق كان واقف مثلا كده؟
_ اطلعي من اللجنة ترني عليا أيوة أنا خلصت أهو، أيوة أنا في العربية أنا في الشارع الفلاني أنا في الطريق الفلاني قولتلك ابعتي صورة تصوري وهكذا لحد أما توصلي، مفهوم؟

_ مفهوم، حاضر هعمل كل ده، هروح أكمل مذاكرة أنا

أشار لها بيده قاصدًا من تلك الحركة اذهبي..
دخلت الغرفة واتجه هو نحو السفرة كي يكمل مذاكرته...
              *******
وفي اليوم التالي استيقظ أسر مبكرًا لأنه يعلم جيدًا أن يومه طويل اليوم ولكنه على أي حال كان سعيدًا للغاية واتصل بوليد عبر الهاتف حتى يشاركه فرحته ويخبره عن بعض من طباع عاليا ليكون التعامل معها أسهل من اليوم الأول، واستجاب وليد لاتصاله وأخبره أن يلتقي به بعد صلاة الجمعة حتى يخبره بكل ما يريده ثم يذهبوا جميعهم إلى منزل العروس حتى يصلوا في المعاد المحدد وذلك لأن المسافة بين القاهرة والشرقية تحتاج إلى الوقت.
أنهى وليد المكالمة مع صديقه ودخل الغرفة حتى يخرج ملابسه ليستحم قبل أن يذهب إلى الصلاة، فوجد شاهستا قد تجهزت حتى تذهب إلى الجامعة، رمقها من أعلى إلى أسفل وتحدث:
_ إيه اللي انتي حطاه على شفايفك ده؟
_ ده ليب جلاس
_ أفندم؟
_ ليب جلاس
_ اه فاكرة بقى أما تقولي كلمة مش فاهمها هخليكي تنزلي بيه؟! بلا ليب جلاس بلا لب سوبر امسحي الهباب ده

_ حاضر هشيله
_ وايه البلوزة دي؟
_ مالها؟
_ ضيقة تتغير حالا وكمان قصيرة
_ مانا لبسة جيبة!
_ بلا جيبة بلا زفت روحي ألبسي فستان واسع من فوق ومن تحت، ميبقاش ماسك عليكي كده والطرحة تطول تغطي كل منطقة صدرك

ابتسمت وردت عليه في رضا:
_ حاضر، أي أوامر تانية؟


أخرج ملابسه وأخذ المنشفة واتجه نحو الخلاء، وتحدث وهو يمشي:
_ إياك الأقيكي راجعة البيت من غير ما تكوني لبسه الحاجات اللي قلت تلبسيها
_ لا متخافش هغير حالا اطمن أنت وخد دوشك براحتك وراك صلاة

ذهب.. تمتمت في ضيق:
_ منك لله يا وليد، بعد ما ظبطت الاوتفيت!
             *******
دخلت ريهام غرفة جومانة فوجدتها لا تزال غارقة في نومها، غلقت باب الغرفة تارة أخرى وخرجت إلى زوجها رمضان والذي تجهز حتى يذهب، تحدثت:
_ روح أنت بقى صلي وبعدها روح مع اخواتك الشرقية زي ما قلت، لأن جومانة لسه نايمة مش هتيجي معاك كده
_ ماشي همشي أنا علشان ألحق أروح
_ وأنا كنت رايحة زيارة كده لرحمة
_ ليه مالها؟
_ ولدت وهي حاليا في المستشفى كانت ولادتها متعسرة وانا وكل أصحابي قررنا نعمل لها زيارة في المستشفى
_ ماشي وحاولي متتأخريش
_ اوكيه


ذهب رمضان، وعقب مرور ساعات من الوقت تجهزت ريهام وذهبت الأخرى إلى زيارتها، أما جومانة في لا تزال نائمة وحدها في غرفتها وفي المنزل وحدها.
وعقب مرور الوقت بدأت أن تستيقظ وما إن فتحت عيناها حتى شعرت بدوران شديد وصداع قوي، شعرت وكأن الغرفة تطوف بها..
سمعت صوت جرس الباب يصدح مرارًا ولا رد، لذا قامت هي و الرؤية لديها مشوشة وأخذت تستند إلى الحائط وهي تنادي في صوت خفيض:
_ مامي.. مامي...مامي

تحاول بكل الطرق أن تصل إلى الباب حتى يساعدها الطارق فهي لا تعلم ما ذلك الذي أصابها ولماذا تشعر بذلك الدوران!

وبالفعل توصلت أخيرًا إلى الباب وفتحته، فابتسم الطارق وكان أسامة وتحدث:
_ مساء الخير

نظرت إليه ولم تتحمل أكثر وعليه سقطت على الأرض فاقدة الوعي، اختض وركض جهتها لا يفهم ما الذي أصابها فجأة، وحملها بين ذراعيه ودخل إحدي الغرف ووضعها على السرير وأخذ ينطق اسمها وهو يضربها بخفه على خديها، ولكن بلا فائدة.
أخذ ينادي عمه و زوجة عمه فلم يرد عليه أيًا منهما لذا تأكد أنهما في الخارج وعليه قرر أن يتصل بالطبيب على الفور حتى يطمئن على حبيبته فاقدة الوعي..

وعقب مرور نصف ساعة وهو يحاول أن يوقظها، جاء الطيب، ركض وفتح له وتحدث في قلق:
_ من هنا يا دكتور من هنا، بص هي وقعت فجأة وأنا مش عارف ليه كده أنا مخضوض أوي عليها مش بترد عليا خالص
_ أهدى يا أستاذ إن شاء الله خير

دخل لها وأخذ وقته في فحصها جيدًا و القلق والتوتر يأكل قلب أسامة المنتظر في الخارج..
خرج الطبيب وسأله الشاب في لهفة عن حال الفتاة فأجاب:
_اهدى مفيش أي حاجة تستدعي القلق ده طبيعي واحدة مش بتاخد علاجها ولا بتاكل كويس وهي حامل لازم ضغطها يوطى بالشكل ده، أنا عمتا هركب لها محاليل..

انصدم الشاب وصاح في عدم استيعاب:
_ إيه! حامل! هي مين دي اللي حامل يا دكتور؟!
               ******
بس كده متنساش تقول رايك وتوقعاتك واتفاعل وشارك برأيك
دمتم بخير
لقاؤنا يوم الجمعة
سلمى خالد احمد



      












الجعة يشوبها الأخلاق حيث تعيش القصص. اكتشف الآن