الفصل الرابع من الجزء الثاني

2.6K 149 8
                                    

ازيكم عاملين ايه

أي حد عنده مشكلة في الرواية مش بيظهرله فصل مثلا أو كده، تابع معايا على الفيس، أنا قبل كل فصل بقول فيه النهاردة فصل الساعة كذا وفي كمان جروب للرواية تحليل، مميز وهكذا سايبة لينكه هو ولينك صفحتي في الوصف بره.
جاهزين؟؟
يلا نبدأ



ولما أحس أنه يحدثه بلهجة حادة رد مستفسرًا:
_ إيه ده إيه ده؟ انت بتتكلم معايا كده ليه يا أستاذ شعبان؟

_ بتكلم معاك كده ليه؟ مش عارف ليه؟ انتوا عايزين مننا إيه تاني؟ مش كفاية اللي المحترمة بنتك عملته في ابني؟

صاح في غضب:
_ بنتي محترمة غصبن عن أي حد انت سامع؟

صاح في نبرة صوت أعلى غاضبًا:
_ مش هتجيبه من بره بنتك فعلا يا علي والله كلكم شكلكم كده، عيلة تقرف

_ لا، ده انت انسان مستفز وعدواني
صاح
_ وانت إنسان معندكش دم ومعرفتش تربي
رد صائحًا

أطلق علي زفيرًا طويلًا محاولًا أن يهدئ من غضبه لأجل أبنته ورد في صوت ليس بعالٍ ولا منخفض:

_ عموما أنا مش متصل علشان أتكلم معاك أنت، فين وليد؟

_ مالك ومال ابني؟ عايزين منه إيه تاني؟ ابني هيطلق بنتكم في أقرب وقت ممكن ومش عاوزين نعرفكم تاني بعدها

_ آه، الظاهر إنك مش عارف حاجة خالص يا مسيو شعبان
_ في إيه تاني معرفوش لسه؟ لسه بنتك مخبية لينا مفاجآت ولا إيه؟

تدخلت ريناد لما علمت باشتباك زوجها مع شعبان متحدثة:

_ قوله يديك وليد ويبطل زن علشان وليد تليفونه مغلق

وبالفعل تحدث علي مؤكدًا طلب زوجته:
_ بص، انا مش متصل اتخانق بس وليد تليفونه مغلق وأنا بحاول اتواصل معاه من بدري ومش عارف، فبعد اذنك أنا هقوله حاجة وبس كده هي جملة مش اكتر

صرخ شعبان في غضب:
_ عايزين إيه من ابني، عايزين إيه رد!!

صرخ علي مغتاظًا من نبرة صوت شعبان العالية:
_ عايزين نقوله إن شاهستا حامل وكنا عايزين نطلب منه يرجعها على ذمته تاني لحد ما تولد، لأجل أولادهم بس وبعد كده لو حابوا ينفصلوا اتس اوكيه

ابتسم شعبان عندما علم أن ابنه طلق تلك الفتاة مصيبة رؤوسهم وتمتم:
_ راجل ياض في عز انهيارك وطلقتها، أيوة كده هو انت كده تبقى ابني.
_ ألو! أنت سامعني؟

_ أيوة أيوة معاك، أسمع بقى يا مسيو علي يا سيستاني، ابني مش هيرجع بنتكم تاني إلا على جثتي، وبالنسبة للجنين ده، فهو مش ابننا ولا نعرفه

_ إيه؟ يعني إيه مش ابنكم ولا تعرفوه؟
_ يعني زي ما سمعت، بنتك خاينة ومتصورة وهي خارجة من شقة عشيقها، وأحنا بقى مش ضامنين إذا كان الطفل ده ابننا ولا لا

_ وهو بالعقل كده لو مش ابنكم هننسبه ليكم ليه؟ عمر يتمنى إنه يكون طفله أصلا. بس أنا واثق في بنتي ومتأكد إنها عمرها ما تعمل غلط زي ده، لما كانت لسه بنت عمرها ما عملت كده، هتعمل كده وهي زوجة لابنك؟

وكمان بنتي قالتلي إنه هما أولاد وليد، وهي مش هتكدب
_ أولاد وليد؟
_ أيوة بنتي حامل في تؤام

نظرت شهد إلى كلًا من علا وجومانة وتحدثت:
_ أولاد وليد؟ هي شاهستا حامل؟

هزت جومانة رأسها بعدم معرفة وتحدثت:
_ مش عارفه يا طنط حقيقي.


_ مسيو شعبان بليز، شاهستا محتاجة وليد جمبها في فترة حملها دي، شاهستا نفسيتها وحشة جدا بالأخص أما هو طلقها هي حاسه بالذنب و...

_ اسمعني انت بقى يا حاج علي، وليد مش هيرجع شاهستا وأطفال منها مش عايزين، وطريق لينا تاني انسوا بقى، انسوا

_ هو إيه اللي مش عايزين؟ دول أطفالكم والDNA يقدر يثبت ده بكل بساطة

_ بص اعملوا ما بدالكم، وحتى لو اتثبت إن دول عيالنا فاحنا مش هنعترف بيهم

_ هو انت بتتكلم بدل من ابنك ليه؟ إيه الديكتاتورية اللي انت بتتعامل بيها دي؟ وليد لوحده هو اللي يقدر يقول الكلام ده، ورغم حتى إن قاله، فأنا مش هسكت لأن دول عيالكم وجايين بشكل رسمي. بنتي كانت زوجة لابنك، مكنتش ماشية معاه ولا عملت غلط علشان تقولي مش هنعترف بيهم يا أخ!

_ والله اخبطوا راسكم في الحيطة، بردو العيال دي مش هننسبهم لينا، خليها بقى تنزلهم، تولع فيهم مايخصناش.
احنا ميشرفناش إن ست زي دي تبقى أم لعيالنا ولا عيلة زيكم تكون عيلة ليهم.

_ تصدق وتؤمن بالله، انت راجل منحط وقليل الأدب واحنا أصلا اللي ميشرفناش إن لمامة زيكم هيبقوا أهل لعيالنا

صرخ علي في غضب، ثم أنهى المكالمة غير معطي فرصة أخرى لشعبان حتى يرد عليه، وما إن أنهى المكالمة، حتى صاحت ريناد في غضب شديد:

_ قال حسالة المجتمع الفلاحين اللي من الحي دول هما اللي ميشرفهمش نسبنا إحنا!! بقينا في آخر الزمن باين كده
_ اهدي يا ريناد اهدي، انا مش ناقص مش كفاية المصيبة اللي احنا فيها؟!

_ مصيبة ليه؟ احنا مش في مصيبة، شاهستا فعلا مش هتكمل حمل، أنا اللي هاخد روح العيال دول بأيدي أنا..

قالتها وركضت إلى الأعلى.
_ ريناد.. ريناد لا لا
صاح علي
             *******
_ وليد.. وليد ... اصحى بقى كفاية نوم بقى يا عم انت
هتف أسر وهو يهز وليد حتى يوقظه من نومه

فتح وليد عيناه وتحدث في صوت خفيض:
_ صباح الخير يا أسر
_ صباح النور يا حبيبي، قوم يلا سامية عمللنا فطار حلو أهو

نهض وليد ودخل الخلاء، وعقب مرور دقائق عاد تارة أخرى وجلس جوار صديقه وأمسك بالخبز حتى يأكل، وأثناء الطعام تحدث أسر:

_ وليد أنا عندي ليك خبر وحش؟
_ اوحش من حياتي؟
رد مازحًا
_ اه الحقيقة اوحش من حياتك
_ قول قول هي جت على خبرك، الدنيا الفترة دي مش عايزة ترحمني أخبار جميلة

_ يعني الامتحانات بتاعت آخر السنة قربت أوي والجدول نزل، وانت قاعد كده مريح دماغك


ضرب وليد بيده على رأسه وتحدث:
_ أخ نسيت الامتحانات دي خالص، والله يا أسر عقلي ما فيا أصلا علشان أركز واحفظ، حاسس إني هجيب ملاحق ومقابيل كتير الترم ده

_ لا لا يا وليد يعني أنت طول عمرك بتجيب امتياز وجيد جدا وهتيجي آخر ترم تضيع تقديرك؟ يمكن كل حاجة ضاعت منك من وجهة نظرك يعني،بس مستقبلك هو اللي لسه باقي ليك، بلاش تضيعه منك.

_ اذاكر ازاي بس يا أسر وأنا شايل الهم؟! اذاكر ازاي وأنا بقيت شخص ضئيل أوي قصاد نفسي، بعد ما كنت مرفوع لسابع سما نزلت على جدور رقبتي لسابع أرض! اذاكر ازاي واركز إزاي؟ أنا جرحي عميق أوي مفيش أي حد يقدر يلمه

_ ليه بس كده يا وليد؟! هو إيه اللي حصل لده كله؟

ابتسم وليد ساخرًا من نفسه ورد:
_ كنت فاكر إني أما أدي كامل ثقتي واحترامي ومشاعري ليها، هتحفظهم، اتاري مطلعش في أرخص من مشاعري عندها...

عارف يا أسر إيه هي أرخص حاجة دلوقتي في الزمن ده مع ارتفاع كل حاجة؟

_ إيه؟
_ الإنسان.. الإنسان ومشاعره هما أرخص حاجة موجودة دلوقتي. هما اكتر اتنين لا ليهم تقدير ولا سعر.
بقى سهل جدا إن أي حد يقتحم حياة التاني ويدمره ويهز ثقته في نفسه ويكرهه في حياته وفي المجتمع وبعد كده يسيبه لوحده يسأل نفسه ليه اتعمل معايا كده مرة، ويفضل يتعافى ويحاول يكون زي الأول مرة تانية.

ليه ها؟ ليه بقى من السهل التلاعب بالأشخاص ومشاعرهم؟ ليه بقى من السهل الكدب والغش والخداع والخيانة، ليه بقى من السهل إن الإنسان يشيل جواه كل الصفات الوحشة دي بدل ما يشيل جواه الود والحب والاحترام لأخوه الإنسان التاني؟!
عارف يا أسر، أهم حاجة استنتجتها من تجربتي دي، إنه الإنسان حقير بطبعه. أحقر كائن حي اتوجد على الأرض، كائن مليان بالحقد والكراهية والطمع، كائن مش عارف يوجه نفسه ولا يعمل كنترول على تصرفاته

_ يا وليد يا حبيبي أنا مش عايزك تفضل شايف الدنيا بالنظرة السوداوية دي، يعني فيه ناس كتير كويسة، زيك انت مثلا..

ابتسم وليد في سخرية ورد:
_ الكويسين دول جرب تيجي على مصالحهم وهما هيتقلبوا عليك في ثانية. وبالنسبة لضربك المثل بيا في الناس الكويسة، فأحب أقولك إن الكويسين اللي زيي مش قادرين يساووا السيئين اللي بقوا مالين المجتمع وبقوا يتعرضوا ليهم ويتأذوا زي مانت شايف ويفشلوا في إنهم يرجعوا كويسين زي ما كانوا.. عندك اللي هتلاقيه فقد الثقة في البني آدمين

عندك اللي هتلاقيه دخل في صدمة معينة ومبقاش عارف يرجع كويس تاني زي الأول، وكتير بقى مش هقعد اعد..

عندك أنا مثلا، هل هقدر أرجع وليد زي الأول؟ وليد اللي كان بيثق في أي كلمة يقولها أي شخص، ويبرر لنفسه أصله حلف بربنا، أصله هيكدب ليه؟

أكيد لا، أنا لو اتعافيت يا أسر عمري ما هعرف أكون وليد الاولاني. أنا اتحط عليا جامد يا أسر، جامد أوي

_ طب كفاية بقى كفاية يا وليد، كل، كل بقى الأكل برد، وبعد الأكل هنذاكر أنا وأنت، أنا هذاكر معاك علشان الهيك ويمكن ده يخليك تركز أكتر ويشتت انتباهك عن أي تفكير سلبي
انت محتاج تذاكر لأنك لازم تنحج ولازم تبقى أقوى. لازم في اسرع وقت ترجع وليد اللي كنا نعرفه..
              *****
فتحت باب غرفة ابنتها على مصراعيه في غضب شديد وصرخت:
_ شاهستا

كانت الفتاة تجلس على السرير تأكل بجانب أختها ندى، وما إن رأت أمها في تلك الحالة حتى التفتت إليها في خضة وردت:
_ خير يا مامي بتزعقي كده ليه؟

اقتربت منها، وقبل أن تتكلم، دخل علي الغرفة مسرعًا وصاح:
_ لا يا ريناد لا أنا ما صدقت البنت رضيت تاكل بالله عليكي

نظرت إليه في غيظ وردت:
_ اسكت انت لو سمحت كل ده أصلا بسببك وبسبب دلعك ليها

_ في إيه يا مامي؟
تحدثت شاهستا

_ في إنك هتنزلي الأطفال دي، هنروح لأحسن مستشفى وهتعملي عملية إجهاض ومتخافيش كلنا هنبقى حواليكي

ألقت الفتاة المعلقة من يدها ونهضت في غضب وصاحت:
_ مامي، انتي سامعة نفسك بتقولي إيه ؟

_ اه سامعة، سامعة كويس أوي يا شاهستا

اقترب علي من شاهستا في توتر خائفًا من إساءة حالتها مرة أخرى ووضع وجهها بين كفيه وهتف:
_ حبيبتي، حبيبتي ده مش قررنا احنا انا ومامتك يعني تمام. ده قرار أهل جوزك هما اللي مش عايزين الأطفال دي ومامتك زعلانة لأنهم هزقونا وقللوا مننا ورفضوا الاعتراف بالأطفال

_ وليد هو اللي قالكم كده؟
_ لا لا ده والده

_ اه والده ولكن هو أكيد ده رأيه. هو يقدر يكسر كلام باباه؟ ده عيل اصلا وملوش قرار
تحدثت ريناد

_ لا يا مامي لا وليد مستحيل يقول كده، وليد عمره ما يقول مش عايز ولادي ومش هعترف بيهم والكلام ده
ردت في ثقة

صاحت والدتها بصوت أعلى:
_ بقولك إيه وليد قال اه وليد قال لا، أنا مش فارق معايا كل ده، تمام! العيال دي هتنزل احنا مش هيبقى لينا أي نسب ولا أطفال ولا أي رابط بالعيلة دي تاني، ولادك مش هيشيلوا لقب عيلة الجربوع الفلاح ده

عيلة السيستاني وعيلة الحسيني دي عمرهم ما هيتقابلوا تاني انسي انتي وباباكي الكلام ده انسي..

وضعت شاهستا يدها على بطنها وعقدت حاجبيها في ضيق وتحدثت في جدية وثقة:
_ محدش يقدر يلمس ولادي، ولا حد يقدر ياخدهم مني، ولا حد يقدر يحكم على حياتهم بالانتهاء والموت منكم كلكم.

وليد هيعترف بأطفاله مني وهنرجع أنا وهو لبعض وهنربيهم وأي حد هيقف قصاد سعادتي سواء من أهله أو من أهلي، أنا اللي هقف وهواجه

_ حلو أوي يا شاهستا حلو اوي كمان، افضلي اتحدي فينا واقفي ضدنا علشان ناس لا راحت ولا جت حسالة لمامة زبالة

صرخت ريناد وتوقفت لحظة عن الحديث حتى تعود صارخة تارة أخرى متوعدة لابنتها:
_ صدقيني يا شاهستا، صدقيني وأمني بيا العيال دول مش هيكملوا في بطنك تاني، والفلاح ده مش هترجعي ليه تاني، المرادي انا اللي هقف لك.

قالتها وانصرفت مغاضبة، صاحت شاهستا:
_ أمني بيا انتي يا مامي أنا مش هسمح لمخلوق يأذي أطفالي، مش هسمح، مش هسمح سامعة مش هسمح

_ اهدي يا شاهستا اهدي، مامتك متعصبة دلوقتي طبيعي، الكائن شعبان ده كان مستفز لأقصى درجة وشكك في أخلاقك وشرفك وقال إن الأطفال دول من عمر أصلا

هتف علي
حدقت عيناها في خوف وصاحت:
_ إيه؟ يا نهار اسود لو هيفهموا وليد كده، ألحق يا بابي ألحق ممكن أبوه ده يقوله كده
أنا أنا أنا لازم أقابل وليد لازم بقى يسمعني لازم ألحقه من أهله وكلامهم.

قالتها وركضت جهة الخزانة حتى تخرج ملابسها. ينظر إليها والدها غير مطمئن لما سيحدث أبدًا.
               *****
قصت علا على جومانة كل ما حدث بين وليد وأبيها وعمها وذلك بعدما اخذتها وجلستا وحدهما في غرفة وليد القديمة وبعدما انتهت علا من قص الحكاية، تحدثت جومانة:
_ ياربي كل ده حصل!!
_ أيوة يا جومانة، وبجد بهدلوه خالص يا عيني ووليد مايستحقش كل ده منهم ولا من حد وليد اطيب خلق الله أصلا وملوش في حاجة

_ ودلوقتي عمي مش عايز يعترف بأطفال شاهستا صح؟
_ اه الباقي بقى انتي سمعتيه أما جيتي أما عمي كان بيزعق مع أبوها

ابتسمت جومانة شاردة الذهن تتحدث بينها وبين نفسها:
_ ياه الدنيا صغيرة أوي فعلا والحقوق بتتخلص بسرعة.


_ طب مش يمكن هما ولادنا فعلا يا شعبان؟
تحدثت شهد الجالسة بجوار زوجها في الصالة

_ جايز الله أعلم بس أنا عمري ما هقبل إن ست زانية زي دي تبقى أم لأولادنا، بكرة أما يجوا على وش الدنيا ويلاقوا التناقض والعبث بين أفكار العلتين ده  هيتشتتوا وهيكرهوا حياتهم، فهو الأفضل إنهم ينزلوا فعلا. وإلا تروح تشوف لهم أب تاني يتبناهم غير ابني، عمر المهزأ ده يتبناهم، هيوافق عادي.

نظرت إليه وسكتت، ثم أخذت تتمتم متحسرة على حظهم:
_ يعني يوم ما يجلنا الحفيد اللي نفسنا فيه من سنين وبدل الحفيد جاي اتنين وفي الآخر تطلع أمهم ست مش كويسة وهينزلوا!! ياعيني على حظك يا ابني يا عيني عليك وعلى بختك وعلى حالك يا حبيبي

_ شهد

خرجت عن شرودها وردت في سرعة:
_ نعم يا حاج

_ دوري على عروسة لوليد في أقرب وقت، بنت زينا من الحي شبهنا ومن توبنا، وأظن المرادي بقى هو ملوش أي حق يرفض أو يعترض على البنت اللي هتختاريها لأننا ببساطة سبناه لاختياره قبل كده وادينا كلنا شفنا النتيجة..
           *****
_ تعالى يا عمر ادخل

هتفت ريناد وهي تستقبل عمر داخل منزلها

يخطو عمر خطوات سريعة نحو الداخل حتى التقى مع ريناد في نقطة واحدة في منتصف بهو الڤيلا وتحدث ما إن وقف أمامها بالضبط:
_ خير يا طنط؟ اتصلتي بيا يعني؟!
_ ايه يا عمر هو انت خلاص مبقاش ليك أي تأثير تاني على شاهستا؟ دي كانت هتتجنن عليك ازاي دلوقتي مبقتش بتتكلم عنك زي الأول ولا بقى فارق معاها؟

_ ماتقلقيش انتي يا طنط، شاهستا بتحبني بس هي زعلانة مني، وبما إن وليد خلاص طلقها يبقى دوري ده بقى.
دي فرصتي علشان أرجع شاهستا تاني ليا

_ ياريت يا عمر ياريت علشان أنا خلاص هطق وهموت من العيلة دي بجد

وأثناء الحديث، سمعا الاثنان صوت شاهستا وهي تقف على الدرج عاقدة ذراعيها أمام صدرها:
_ لسه ليك عين تيجي لحد هنا؟

التفتا الاثنان ناحيتها، أخذت هي تنزل الدرج في ثقة، وما إن انتهت من النزول حتى أخذت تخطو خطواتها تجاههما في ثقة أكبر وما إن وصلت ناحيتهما حتى وجهت حديثها إلى عمر في نبرة صوت حادة:
_ مش عايزاك تفرح كتير يا عمر أنا اه أطلقت من وليد وانت ومنة اه قدرتوا تهزموني وتفضحوني قدمها بس صدقني مفيش قوة في الدنيا، شوف قوة هتقدر تاخد وليد مني مش انت ومنة!!
_ شاهستا، أنا مش عايز حرب أنا عايزك انا عملت كده علشان بحبك عملت كده أما حسيت إنك بتضيعي مني وبتختاريه هو، عملت كده لأنك ماطلتيني وأنا كل ده كنت قاعد مستني طلاقك

_ أنا الحرب ذات نفسها يا عمر يا مرشدي، ولو انت بتحبني فأنا مش شايلة جوايا لسه أي ذرة حب ليك، أنا مانفعكش تاني خالص يا عمر يا مرشدي
وهدمرك زي ما دمرتني مرتين، مرة أما سبتني ومرة أما عايز ترجع بمزاجك وسلبت مني حياتي وجوزي وفرحتي وبيتي اللي أسسته

_ شاهستا ..
_ اخرس، ولا كلمة، اعمل ما بدالك أنا راجعة، راجعة بقوة ارجع بيتي وجوزي ومش هرحم أي حد.

قالتها والتفتت حتى تمشي، وعندما خطت خطوة واحدة حتى ترحل، امسك ذراعها وقبل أن يتحدث، افلتت ذراعها عنه في قوة والتفتت له صارخة:
_ اوعى ايدك الحقيرة تلمسني مرة تانية.
قالتها واقتربت منه وتحدثت في ثبات وقوة وهي تنظر إلي عيناه:
_ بعد كده، الحاجة الوحيدة اللي هتقدر تلمسها تاني تخصني، هو اسمي... أما حروفه تلامس شفايفك وانت بتنطقه، ومش لاقيني..
أنا ضعت منك خلاص يا عمر وأنت اللي ضيعتني.

قالتها وابتسمت ابتسامة صغيرة استفزازية وطالعته من أعلى إلى أسفل في قرف ورحلت في ثقة رافعة رأسها إلى الأعلى مستقيمة الظهر لا يكسرها شيء

يتبع أثرها في غيظ ونظر إلى ريناد وتحدث في غيظ وضيق:
_ شفتي، شفتي يا طنط بتتكلم معايا ازاي؟ دي اتجننت خالص

_ معلش يا عمر انت لسه عامل فيها حركة صعبة انت وبنت عمك اللي ياما قولتلك ماتمشيش وراها يا عمر علشان هتكون سبب فراقك انت وشاهستا بس انت ماسمعتنيش
_ يا طنط صدقيني ضغطوا عليا جامد من ناحية فلوسي وأنا من غير فلوسي ماكنتش هعرف بردو اتجوز شاهستا، ماهو منين كنت هوفرلها احتياجاتها واعيشها في أعلى مكانة!!

_ ما علينا مش هنعيد في الماضي المهم دلوقتي خلينا في اللي إحنا فيه، شاهستا لازم تنسى وليد خالص لازم تبعد عنه ساعدني
_ اوعدك يا طنط هيحصل، هيحصل قريب أوي كمان..
            *******
وأخيرًا استمع إلى صديقه وأخذ يذاكر بجانبه والجدير بالذكر أنه كان يجاهد نفسه في كل الحالات حتى يستطيع أن يجمع شتاته ويركز حول مستقبله المتبقي له، وأثناء المذاكرة، ترك وليد القلم فجأة وذلك عندما اسقطته على المكتب وغنى في صوت عالي متأثرًا:
ولرب نازلةِ، يضيق لها الفتى ذرعًا..
_ الله
هتف أسر مشجعًا له

يتابع وليد غناؤه:
_ وعند الله، منها المَخْرَجُ..

_ يا سلام
يهتف أسر في صوت عالي

يتابع وليد:
_ ضآقت فلما استحكمت حلقاتها..
_ يا عيني
هتف أسر متأثرًا بكلمات وليد

تابع وليد متأثرًا بشكل أكبر:
_ فُرِجَتْ، وكنت أظنها لا تُفْرَجُ.

ألقى أسر القلم من يده وأخذ يصفق في حرارة لصديقه وصاح:
_الله، إيه يا مان كل ده جمدان! صوتك أجمد وأحلى بجد من اللي غناها

_ بحاول اصبرني أو اطلعني من المود الوحش اللي أنا فيه
_ هايل يا فنان، ما تشتغل مغني في الساحة وهتاخد فلوس أد كده وسيبك من حوار الترجمة ده

زفر في ضيق وهتف:
_ أسر نفسي تاخد الدنيا على محمل الجد شوية
_ كان نفسي يا بني، بس حبل محمل الجد دايب عندي ولو خدت الدنيا عليه هياخدها ويقع

ضربه بخفة على كتفه ثم أخذ يدفعه بعيدًا وهو يقول:
_ قوم ياض من جمبي قوم ياض أنا مش طايق نفسي
_ الله! براحة يا عم انت كتفي وجعني خلقة
_ طب قوم من جمبي
_ لا ده مكتبي ودي اوضتي، لو مش عاجبك أنت قوم روح يلا عند أمك

_يوه ما قولتلك مطرود يا حيوان
_ يبقى احترم نفسك.

نظر إليه في ضيق ثم تجاهله ولم يرد عليه وأمسك بالقلم تارة أخرى ونظر في أوراقه، تحدث أسر في ابتسامة عريضة:
_ وليد تيجي ننتقم من شاهستا وزينة على اللي عملوه فينا، ونكون أشرار لأول مرة؟!
_ عايزنا نعمل إيه يعني يا عبيط انت؟
_ نروح ندفع اشتراك  چيم ونعمل فورما حلوة وندمهم لأنهم سابوا شابين جامدين زينا مزز وبعضلات وفورما كمان.

_ واو إيه يالا الانتقام الجاحد ده!!
_ شفت، احذروا من المظلوم يا شوية ظلمة
_ إلا قولي يا أسر
_ قول يا قلبي

_ جبت الفكرة الشريرة دي منين؟
_ والله يا بني كل أما ألاقي اتنين سابوا بعض، ابص ألاقيهم راحوا نزلوا چيم واتصوروا قدام المرايا فيه ويكتبوا كابشن بص لقدام وماتبصش ورا وركز على طموحاتك وبتاع، وشوف نفسك وكده، بس فقلت نجرب يعني

ابتسم وليد وصمت، تابع أسر:
_ لا بجد عايزين ننزل يا وليد بجد، يعني هنطلع طاقتنا في الالعاب اللي هناك والكبت اللي جوانا ماهو انت لازم تتسحل الفترة الجاية علشان تقدر تواصل حياتك..
فمن النهاردة يا وليد چيم ومذاكرة ومذاكرة وچيم. انت ماينفعش تتساب لدماغك ولا لتفكيرك علشان هيشردوك وانت محتاج تركز وتجيب تقدير.
             *****
_ جيتي يعني؟ طبعا مش هتقدري تدفعي الشرط الجزائي علشان كده جيتي
تحدث أمير، الواقف في منتصف موقع التصوير قبل انطلاق الإعلان الأول للفيلم، اقتربت منه ووقفت أمامه بالضبط وعلقت عيناها إلى عيناه وتحدثت:
_ كما تدين، تدان فعلا يا أمير
_ Excuse me?

ردت في ابتسامة تحمل في طياتها الشماتة :
_ انت رفضت تعترف بطفلي، وأهلي رفضوا يعترفوا بأطفال أختك، رغم إنهم ميعرفوش حاجة عن موضوعي أصلا،

بص على قهرة اختك وهي بتسمع بودانها أهل جوزها وهما بيرفضوا أطفالها وقريبا جوزها نفسه هيعمل نفس الشيء، وانت تحس بيا وبقهرتي وباللي عملته فيا، ده طبعا إذا كنت بتحس زينا وكده يعني.

ابتسم بنفس شكل ابتسامتها ورد:

_ مش هتعاطف معاكي، لأني مش مؤمن باللي انتي لسه قيلاه ده. العدالة الإلهية عمر ما هيكون ده حكمها، أنا اللي عملت كده ولو فيه تخليص حق زي ما انتي ما بتقولي يبقى المفروض مني أنا مش من اختي اللي ملهاش ذنب.

أنا اللي من وجهة نظرك إني ظلمتك، يبقى العدالة الإلهية مش هتاخدلك حقك من أختي لأن ده مش هيكون عدل.
وبالنسبة لكما تدين تدان، فهي صح أنا اللي دنت، وأنا اللي هأُدان مش أختي.

وده طبعا بجانب إنك لازم ماتنسيش حاجة مهمة جدا، انتي مش زي أختي في نقطة مهمة، انتي جوازك مني عرفي محدش عارف عنه حاجة يعني حقوقك ضايعة أصلا، أما جواز أختي من ابن عمك، فهو جواز رسمي وأطفالها، أطفال رسميين جايين قصاد النور والعيلة وكله.

جاهزة للتصوير ولا لسه عايزة تسمعي أكتر؟!
             ******
لقد انتصرت وحققت مرادها أخيرًا، وها هي أضحت تضحك وشاهستا تبكي، وها هي دمرت فرحتها وسعادتها وانتقمت لنفسها بعدما باتت ليالي وسنين تبكي وحدها متألمة لا يشعر بجرحها العميق سوى روحها المتأذية، تنفست، وتنفست كأن حجرًا قد تحرك أخيرًا من فوق صدرها وتركها وشأنها.
أشعلت الأغاني في الغرفة وأخذت تغني وتردد مع المؤدي، وبينما هي تغني وتندلع ضحكاتها في الإرجاء، اتجهت نحو الخزانة وأخرجت صورة لشاهستا تبدو أنها قديمة بعض الشيء أخذت تنظر إلى الصورة وهي لا تتوقف عن الغناء والضحك، وتحدثت مع الصورة في ابتسامة عريضة:
_ وانتصرت، انتصرت يا شاهستا وقهرتك، وخليته طلقك، وخليت أهله مش طايقينك، وخليت نسبة رجوعك ليه معدومة..

قالتها وصمتت برهة، ثم واصلت حديثها وهي تضع أصابعها على عيني شاهستا في الصورة:
_ جمالك المرادي مش هيرجع شاب زي وليد عنده كرامة وعزة نفس، ده الشاب الوحيد اللي هيبعد عنك ومش هيفرق له جمالك
ده الوحيد اللي جيه علشان ياخد حقي منك، ويعرفك أن مش كل حاجة ومش أي راجل تقدري تاخديه بس لانك جميلة.

انا أخدت حق رامي يا شاهستا منك قبل كده وده أما اخدت منك عمر، بس دلوقتي أنا هاخد منك وليد مش انتقام ولا غيره، لا.. أنا عايزاه علشان استقر زي ما كنت بتمنى أول مرة شفته فيها.

قبل ما تعملي لعبتك عليه وتبعديه عني وتكرهيه فيا، وتحسسيه إني وحشة ومش مناسبة لرجل دين زيه، رغم إنك مش مناسبة اكتر مني، رغم إنك إنسانة حقيرة أكتر مني.
اساليبك ديما هي اللي بتمشي وتنفع وعلشان كده قررت اقلدها وهو إني اخطط واكدب علشان أوصل لمرادي زيك.

وهو ده اللي اتعلمته من صديقتي المفضلة والاقرب لقلبي.

صمتت لحظة تفكر في أمر ما، ثم واصلت حديثها في فرحة عارمة:
_ أنا ووليد فرحنا قريب أوي. قريب أوي هكون مكانك وفي سريرك في حضن حبيبك.
وهعملهالك مفاجأة، زي بالظبط المفاجأة اللي عملتيها لي وقت جوازك منه. بحبك موت يا شاهي.

قالتها ثم اختفت ابتسامتها وتحولت إلى عبس يملأه انتقام، وقطعت الصورة إلى مئة قطعة ثم ألقتها في سلة المهملات الموجودة في غرفتها الخاصة، وتحدثت وهي تغلق غطاء السلة:
_ باي باي شاهي دورك في حياتي أنا ووليد حبيبي خلص..
              *****
وفي المساء، صريخ عالي يملأ ڤيلا السيد علي السيستاني، استيقظ الجميع من نومه في صرعة لا يدركون ما يحدث حولهم، وفتحت ندى الباب أولًا فوجدت أختها شاهستا تلك التي تقف غارقة في الدماء التي تنزل من تحتها تلطم وجهها صارخة:
_ ولادي ولادي، ولادي راحوا أملي الوحيد راح..
               ******
اتفاعلوا وقولوا رأيكم وتوقعاتكم علشان التفاعل محبط جدا وأنا بفقد الشغف وماكنتش هنزل النهاردة بسبب كده، بما إن الرواية عجباكم مفيش مانع إنك تعرفني ده سواء تسيب كومنت تفاعلي أو تعمل فوت.
دمتم بخير
لقاؤنا الخميس القادم
سلمى خالد احمد










الجعة يشوبها الأخلاق Where stories live. Discover now